إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

إياكم والتفكر في الله فتتيهوا ! وتتحيروا ! وتضلوا ! وتهلكوا !

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الأخ عراق العراقي
    لا يتسع المجال للخوض فيمن سألت عنهم حالياً.

    الأخ أنوار الملكوت
    - جوابنا حول إشكال الدور كان واضحاً، إذ قلنا أن العقل يدلّ أولاً على وجود خالق ومدبر متصف بصفات الكمال منزّه عن صفات النقص، لا تحيطه المخلوقات ولا تبلغ كنهه أو تضبطه العقول ولا تحيط به الأوهام، ثم يوصلنا هذا العقل إلى الإيمان بالحجج الإلهية بعد الإيمان بالخالق عز وجل.
    وبعبارة أخرى أن أصل إثبات التوحيد عقلي، وهذا لا يتعارض مع الأخذ عن الحجج الإلهية بعد ثبوت حجيتهم ولا يلزم من ذلك دور كما هو واضح.

    - نعم يأتي إشكال الدور فيما لو أردنا إثبات وحدانية الله تعالى (أي أصل الاعتقاد بالتوحيد) بكلام الحجج الإلهيين، فيتوقف إثبات وجوده على كلامهم ويتوقف الأخذ بكلامهم على ثبوت أنهم حجج الخالق الذي تجب طاعته، فيلزم حينها الدور، وهذا ما لا يقول به قائل كما لا يخفى !
    - وأما أن لازم كلامنا هو رد أو رفض المنطق فغريب !

    - وبما أن ما ذهبنا إليه من أن العقول لا تحيط به تعالى ولا تدرك كنه معرفته، ومن أن التفكر في ذاته موجب للحيرة والتيه والضلال قد قامت الأدلة القطعية عليه، فإذا ما جاءنا نص يخالف هذه الأدلة بظاهره نحمله على ما يتوافق معها بلا شك، و قد تبينت بعض النماذج فيما ذكرنا سابقاً وسنذكر.

    - أما من تاه لمّا أمعن في التفكر في ذات الله أو قاس ربه بعقله فهم على أنواع، فمنهم المشبّهة، ومنهم المعطلة، ومنهم من جعل نفسه ذات الله تعالى!

    - وأمّا ما ذكرناه لبيان أدنى مراتب المعرفة وأعلاها فحاجته أوضح من أن تخفى إذ هو غاية إيمان المؤمنين! النجاة من العذاب أو الفوز بالنعيم أو الرضوان الأكبر ! كل بحسبه.

    - وأما معنى التفكر في ذات الله فنرى السؤال عنه أخفى منه! إذ كلّما امعن أحد فكره في ذات الله كان مدار فكره في غير الله لأنه تعالى لا تحيطه العقول ولا الأوهام ! وسيأتي مزيد بيان حول معنى فهمنا لما نثبته لله عز وجلّ.

    - وأما ما ذكرناه من قوله صلى الله عليه وآله (معرفة الله حق معرفته) وما لم نذكره هنا أيضاً من قوله (ص) لعلي عليه السلام : (يا علي، ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك) فوجهه واضح من أن المعرفة هنا هي أقصى ما يمكن للمخلوق أن يعرف الخالق به بقرينة قوله الآخر صلى الله عليه وآله: (وما عرفناك حق معرفتك) وقوله (ص) : (ولا يبلغ أحد كنه معرفته... ولا أنا، الله أعلى و أجل أن يطلع أحد على كنه معرفته) كما ذكرنا سابقاً.

    فمقتضى الجمع بين كلامهم حمل ما أثبت معرفته على المعرفة الممكنة بالمخلوقين لا على الاطلاع على كنه معرفته ! فإنه أعلى وأجل من ذلك !

    - وأما ما ذكرتم من أن في كلام النبي (ص) إشارة لمن وعى، فإن قصدتم بها عدم إمكانية المعرفة الحقة له تعالى بالتفكير الذهني أي بالعقل وإمكانية معرفته بالكشف والشهود ! فهذا كلام باطل لمخالفته الادلة القطعية بل والبديهية كما أسلفنا !

    - أما كلام المجلسي في الموضعين (اعرفوه بنور الله) (من كان نور ذاته دليلا) فيمكنكم إدراكه إن راجعتم كلام أمير المؤمنين عليه السلام : (...متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك...) ومن إشارتنا السابقة إلى أن الأحاديث المذكورة أجنبية عن إثبات إمكانية معرفة حقيقة ذاته تعالى وناظرة إلى طرق الوصول إليه.

    - هذا ونختم كلامنا بحديث عن إمامنا الرضا عليه السلام يقول فيه: إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن- و متشابها كمتشابه القرآن- فردوا متشابهها إلى محكمها و لا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا. (وسائل الشيعة ج27 ص115)
    فالحذر الحذر من التمسّك بالمتشابهات في الأحاديث بعد الكتاب، فإن مآل ذلك إلى الضلال.

    شعيب العاملي

    تعليق


    • #32
      ]الأخ (عراق العراقي)
      سؤالك في محله، و ننتظر الجواب. كما أن النص الذي نقلتموه جميل جدا يرتقي بروح الإنسان لتطلب مقامات أعلى و يدل بوضوح على ما أردتم. و اعلم أن النصوص الدالة عليه بلغت حد التواتر المعنوي! و سنتعرض لها عن قريب إن شاء الله.
      الاخ الفاضل انوار الملكوت

      وفقك الله ورعاك وحفظك
      الاخ شعيب العاملي رعاك الله وحفظك
      انتظرك من حضرتك الاجابة
      ووحفظك الله لكل خير
      [/SIZE]
      التعديل الأخير تم بواسطة عراق العراقي; الساعة 16-03-2012, 07:09 PM.

      تعليق


      • #33
        السلام عليكم
        احسنتم اخ شعيب
        تسجيل متابعة

        تعليق


        • #34

          لا بد من تشخيص الوسيلة الحقيقية للمعرفة
          ففي كلمات الحكماء يوجد سبيلين.. العقل وهو مختص بالفلاسفة
          والقلب هو مختص بأهل الباطن
          لكل من هذين السبيلين وسائل معينة للمعرفة
          لكن للعقل حدود يتوقف عندها على عكس القلب الذي له القدرة على الغوص في أعماق المعرفة
          وكشف الإسرار
          ومن هنا فان النهي عن التفكر لا يعني النهي عن المعرفة ( معرفة الله تعالى )
          وانأ اتفق مع من يقول بذلك ويؤيد ما يذهب أليه بالدليل والبرهان القائم عليه أصلا
          لكن لا نريد أن نعمم منطوق الدليل إلى اكبر من استدلاله
          لاحظ قول المعصوم من عرف نفسه عرف ربه.. لم يقل من عرف عقلة بل قال نفسه والنفس وان كانت جامع لكل قوى الإنسان آلا أنها في تعريف الحكماء تعرف بالروح أو القلب ..ويقولون أن هذه الأسماء مترادفات لحقيقة الروح


          ورد في الكافي
          قال الامام الصادق ( عليه السلام )جاء حبر إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته ؟
          قال عليه السلام : ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره
          قال : وكيف رأيته ؟
          قال عليه السلام : ويلك لاتدركه العيون في مشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان
          في الكافي والتوحيد ..عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال
          أن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها
          ويوجد مئات أن لم نقل الألف من الأحاديث التي تؤكد هذه الحقيقة
          العقل قاصر عن أدراك الحقائق الإلهية وحتى وان أدركها فإنها مدارك صورية لا ربط فيها مع الحقائق
          ولذلك ارجوا آن يكون البحث واسعا وشاملا حتى لا يفهم منه محاولة النهي عن التفكر في الله تعالى أطلاقا

          تعليق


          • #35
            بسم الله الرحمن الرحيم

            الأخ (شعيب العاملي)
            لا أملك إلا أن أشكرك أخي الكريم على هذا الجواب الذي أوضح بعض الغوامض في رأيكم. لقد أفرحتني كثيراً حيث أننا على الأقل وصلنا إلى بعض نقاط الاتفاق، و بقي بعض نقاط الاختلاف التي سأذكرها بعد قليل.

            نقاط الاتّفاق:
            1- نحن نقبل الدليل العقلي المحكم حجة بيننا، و الضابط لهذا الدليل هو القواعد المنطقية.
            2- نحن نقبل الأدلة النقلية (القرآن و السنة) القطعية الصدور القطعية الدلالة.
            3- و اما الأدلة النقلية التي تكون دلالتها ظاهرة (يعني أنها تدل على المعنى دلالة قوية و لكنها ليست قطعية بل تحتمل أوجهاً أخرى) فإننا نحمل الدليل على المعنى الظاهر و لا نحمله على المعنى الضعيف المخالف للظاهر إلا إذا كان مخالفاً لدليل قطعي (يعني واحد من الدليلين المتقدم ذكرهما سابقاً).
            مثلاً لو أراد أحد الاستدلال بقوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) على أن الله تعالى ذو جسم وله عرش مادي يجلس عليه كما يجلس الملك على كرسيه (و العياذ بالله)، فإن جوابنا سيكون: صحيح أن ظاهر لفظ الآية هو ما قلتم و لكن نحن عندنا دليل عقلي و نقلي قطعي بأن الله ليس بجسم، و بالتالي فيستحيل أن يكون معنى الآية هو هذا فلا بد أن نؤولها إلى معنى ينسجم مع العلم القطعي الذي عندنا.
            4- إن مجموعة الروايات التي ذكرتَها في مشاركتك الأولى تدلّ بمجموعها على النهي عن التفكرّ في ذات الله، بل إن الدليل العقلي قائم على ذلك أيضا و اسمح لي أن أضم رواية أخرى جميلة في المقام:
            يقول الإمام محمّد الباقر عليه السلام:
            "كُلُّ مَا مَيَّزتُمُوهُ بِأوْهَامِكُمْ فِي أَدَقِّ مَعَانِيهِ فَهُو مَخْلُوقٌ مِثْلُكُمْ، مَرْدُودٌ إلَيْكُمْ فَلَعَلَّ النَّمْلَ الصِّغَارَ تَتَوَهَّمُ أنَّ لِلَهِ زبَانِيَتَيْن فَإِنَّ ذَلِكَ كَمَالُهَا، وَ تَتَوَهَّمُ أنَّ عَدَمَهُمَا نُقْصَانٌ لِمَنْ لا يَتَّصِفُ بِهِمَا وَهَكَذَا حَالُ الْعُقَلاءِ فِيمَا يَصِفُونَ اللَهَ تَعَالَى بِهِ"
            5- المنهي عنه في هذه الروايات ليس البحوث التوحيدية المستندة على العقل القطعي و النقل عن أهل بيت النبوة لأنها تثبت أحكاما عامة في التوحيد بل المنهي عنه هو التفكر في نفس ذات الله و كنهه سبحانه و تعالى أن تناله العقول مهما بلغت.

            و أما نقطة الاختلاف حتّى الآن فهي:
            أنتم تدّعون بأن هذه الأدلة ظاهرة بأن معرفة الله مستحيلة سواء بالعقول و الأذهان أو بالشهود و الوجدان. و نحن نقول ليس في هذه الروايات ما يدل على استحالة المعرفة الشهودية بل هي تنهى عن التفكر الذهني و العقلي فقط، و أما المعرفة القلبية فهي ساكتة عنها.
            و نحن ندّعي أنّ هناك من الآيات و الروايات الكثير الكثير مما يدل على إمكان ذلك (المعرفة الشهودية) بل على أنه هو الغاية القصوى التي يمكن أن يصلها الإنسان، و لكن ليس الآن هو أوان البحث في هذه الروايات المثبتة. بل كلامنا الآن في طائفة الروايات التي نقلتموها في النهي عن التفكر في ذات الله.

            دليلنا على ما نقول (و هو أن الروايات المذكورة لا تنهى إلا عن إعمال الذهن في التفكر في ذات الله):
            إن المنهي عنه هو "التفكر" في ذات الله تعالى، و التفكر هو فعل العقل و الذهن و هو الذي وُضعَت له القواعد المنطقية. و قد عبّرت الروايات عن هذا الأمر بتعابير واضحة جدا من قبيل النهي عن الكلام (يعني البحوث العقائدية) أو النهي عن إعمال النظر، و كذلك ما قاله باقر علوم النبيين : " كُلُّ مَا مَيَّزتُمُوهُ بِأوْهَامِكُمْ". و مما يؤكد ذلك ورود لفظة العقل و العقلاء في بعض هذه الروايات.

            و أعتقد أن كل شخص دقق النظر في الروايات سيجد هذا المعنى واضحاً. و مع ذلك سننقل لكم بعض ما ذكره اللغوييون في معنى الفكر و التفكّر:

            المعنى اللغوي للفكر:
            (الْفِكْرُ) تَرْتِيبُ أُمُورٍ فِي الذِّهْنِ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مَطْلُوبٍ يَكُونُ عِلْماً أَوْ ظَنًّا.
            الْفِكْرُ: بِالْكَسْرِ تَرَدُّدُ الْقَلْبِ بِالنَّظَرِ و التَّدَبُّرِ لِطَلَبِ الْمَعَانِي.
            و لي (فِكْرٌ) أَيْ نَظَرٌ وَ رَوِيَّة
            و الفكر: إِعمال الخاطر في الشي‏ء.
            الفرق بين النظر و الفكر: أنّ النظر يكون فكرا و يكون بديهة.

            و أما المعنى اللغوي للتفكّر:
            الْفِكْرَةُ: قوّة مطرقة للعلم إلى المعلوم، و التَّفَكُّرُ: جولان تلك القوّة بحسب نظر العقل، و ذلك للإنسان دون الحيوان‏.
            و التفكّر: التأمّل‏.
            و منه ما ورد في الحديث: "تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة"

            يقول الشاعر:
            فيك يا أعجوبة الكون غدا الفكر كليلا أنت حيرت ذوي اللب و بلبلت العقولا
            كلما قدم فكري فيك شبرا فرّ ميلا ناكصا يخبط في عمياء لا تهدي السبيلا
            انتهى كلام اللغويين.

            حسنا، بعد أن اتّضح معنى التفكّر المنهي عنه نقول: إنّ مقتضى القاعدة هو ألا نتجاوز مدلول الروايات إلى غيره. و الروايات نهت عن إعمال الفكر و الذهن و الأوهام و العقول ، وأما المعرفة القلبية و الشهودية فلم تنه الروايات عنه بل نزعم أنها متضافرة في إثباته.

            و على هذا: إذا ثبت أن الروايات لا تدل أبدا على استحالة المعرفة الشهودية القلبية، فما هو المسوّغ لنا لكي نحرف الأدلة التي تدل على إمكان المعرفة عن ظاهرها و نحملها على معنى بعيد جدا؟! يعني لماذا نلجأ إلى التأويل و الحمل على معاني بعيدة إذا لم يكن عندنا دليل قطعي يجبرنا على ذلك؟ و بأي حجة سنحرف كلام الأئمة عن ظاهره الواضح؟

            أخي الحبيب، لطالما نصحتنا بالتمسّك بأهل البيت و كلامهم النيّر، و نحن هنا ندعوك أن تتذكر ذلك، و أنا أدعو نفسي و أدعوك إلى التجرّد عن العاطفة، و أن نشهد أمام الله و أمام صاحب الزمان بما تعلّمناه من علومهم. فإقرار الإنسان بالحق أثمن عند الله من الفوز في مناظرة.

            إذا قبلتم ذلك أتيناكم بالآيات و الروايات المثبتة لإمكانية المعرفة الشهودية والقلبية لفيفاً، وهي في الواقع متواترة معنوياً، بحيث لو أردنا أن نؤول كل هذه الآيات و الروايات لجاز لنا أن نؤول كل شيء!!

            المشكلة يا أخي الكريم هي أننا كلما قلنا لك أن العرفاء يقولون إن المعرفة التي يقصدونها هي المعرفة القلبية الشهودية قلت إن بطلانها واضح !! و لا أدري من أين تأتي بهذا الوضوح. أرجو أن تقدم أدلتك على هذا الادعاء الأساسي.

            حسناً، دعني أساعدك قليلا... ابدأ بتعريف المعرفة الشهودية و بين لنا خصائصها و كيف تتمّ؟ و ما هو الطريق إليها؟ فربما كنتَ تعني شيئا آخر من المعرفة الشهودية غير الذي نريده! (و إذا وجدت ذلك ثقيلا فليس عليك إلا أن تأمرنا بتوضيح ما نقصد منها لنطيع إن شاء الله، و سترى أنك أنت أيضا لا خلاف لك في ما ندعيه)
            ثمّ بعد ذلك قدّم لنا البرهان القطعي الدال على أن معرفة ذات الله من خلال هذا الطريق مستحيل أيضاً.

            الأخ (عراق العراقي)
            ما ذكرته من روايات يُعد من ضمن الأدلة المثبتة للمعرفة القلبية، و يوجد غيرها الكثير كما ذكرتم، بل إن نفس الأخ شعيب قد نقل بعضها.
            و لكن المشكلة أننا لو جئنا له بألف دليل فإنه سيؤوّله و سيحمله على خلاف الظاهر. لماذا يفعل ذلك؟ ليس ذلك تعصّبا منه برأيي!!! بل سببه أنه يرتكز على قاعدة قطعية بالنسبة له و هي استحالة معرفة الله بأي طريق كان!! و بالتالي فهو يتعامل مع الأدلة الدالة على إمكان معرفة الله كما يتعامل مع الأدلة التي ظاهرها أن الله جسم، و نحن جميعا نؤوّلها و نحملها على خلاف الظاهر.
            و ما لم نتفق على هذه المسألة الأصلية فلن نصل إلى نتيجة حسب الظاهر. أعتقد أن جميع الإخوة يتفقون معي على هذا.


            تعليق


            • #36
              بسم الله الرحمن الرحيم

              الأخ عراق العراقي
              أما سؤالك عن الأشخاص والمدارس فذكرنا أن لا مجال للخوض فيه الآن.
              وأما مشاركتك الأخرى فسيتضح الجواب عليها مما سيأتي.

              الأخ ناصر فلاق الهام
              أحسن الله إليك، وأهلاً وسهلاً بك.

              الأخ أنوار الملكوت
              - سلّمتم وسلّمنا (من ضمن ما نتفق عليه) أن العقول لا تنال ذات الباري عزّ وجل، وأن النهي عن التفكّر في ذات الله تعالى مسلم كما ورد في الروايات.

              - ولكنكم ذهبتم إلى أن معرفة كنه الباري عزّ وجل ممكن عن طريق الكشف والشهود بالمعرفة القلبية، وادّعيتم دلالة العديد من الآيات والروايات على هذا المعنى.
              ومن ثم لم تجدوا لما ذهبتم إليه معارضاً إذ قلتم أن الروايات الناهية عن التفكر في ذات الله ساكتة عن المعرفة الشهودية.

              - ولكن غاب عنكم أن الدليل على عدم إمكانية معرفة كنه ذاته تعالى (مطلقاً بالعقل أو بالقلب أو الحواس او غير ذلك) ليس منحصراً في روايات النهي عن التفكر في ذات الله، بل دلّت على ذلك الآيات والروايات صريحاً، وقد ذكرنا قسماً منها في المشاركات السابقة وسنعيد هنا بعض ما ذكرناه سابقاً مع ضم مجموعة جديدة من الروايات إليها، ليتّضح أنها أدلّة قطعية لا تقبل التأويل.

              أما من الكتاب العزيز فقوله تعالى:
              ولا يحيطون به علما ( طه 110 )
              وما قدروا الله حق قدره (الأنعام 91)

              وورد في تفسيرها :
              - عن الإمام الصادق عليه السلام: و لا يحيطون به علما لا يحيط الخلائق بالله عز و جل علما إذ هو تبارك و تعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء فلا فهم يناله بالكيف و لا قلب يثبته بالحدود- فلا يصفه إلا كما وصف نفسه- (التوحيد للصدوق ص263)

              - يقول عبد الله علي بن موسى الرضا: ...و ما قدروا الله حق قدره‏ يقول ما عرفوا الله حق‏ معرفته‏ (فقه الرضا ص65)

              - وأما من السنة فهي على طوائف، فمنها ما دلّ على عدم إمكانية معرفة كنهه تعالى أو صفاته عز وجل (وهي عين ذاته) مطلقاً، ومنها ما دلّ على عدم إدراك العقول والحواس والقلوب والأوهام والخواطر لكنهه، ومنها ما دلّ على عدم إدراك أحد من الخلق حتى أفضلهم وساداتهم محمد وآل بيته كنه معرفته تعالى. ويظهر من عدة منها ان عدم امكان معرفة كنهه لامتناع ذلك لا مجرد قصور عقولنا أو قلوبنا أو غيرها من أدواتنا.

              - فعن النبي (ص) : ... و لا يبلغ أحد كنه معرفته.
              فقيل: و لا أنت يا رسول الله؟
              قال: و لا أنا، الله أعلى و أجل أن يطلع أحد على كنه معرفته (عوالي‏ اللآلي ج : 4 ص : 132)

              - وعنه (ص) : ما عبدناك حق عبادتك، وما عرفناك حق معرفتك (بحار الأنوارج68 ص32)

              - عن أبي عبد الله ع قال: إن الله تبارك و تعالى لا تقدر قدرته و لا يقدر العباد على صفته و لا يبلغون كنه‏ علمه‏ و لا مبلغ عظمته‏ (التوحيد للصدوق ص128)

              - وعن أبي الحسن موسى بن جعفر ع : ان الله أعلى و أجل و أعظم من أن يبلغ‏ كنه‏ صفته‏ فصفوه بما وصف به نفسه و كفوا عما سوى ذلك.(الكافي ج1 ص102)

              - وعن الإمام الصادق عليه السلام : ... و بالذات‏ التي‏ لا يعلمها إلا هو ... (توحيد الصدوق ص50)

              - وعن أمير المؤمنين عليه السلام : يا من لا يعلم ما هو الا هو (مصباح الكفعمي ص264)

              - وفي دعاء يوم عرفة : يا من لا يعلم كيف هو إلا هو (إقبال الأعمال ج2 ص80)

              - وعن الإمام الصادق عليه السلام : سبحان من لا يعلم‏ كيف‏ هو إلا هو (بحار الأنوار ج3 ص301)

              - عن أمير المؤمنين : و ممتنع‏ عن‏ الإدراك‏ بما ابتدع من تصريف الذوات‏ (التوحيد للصدوق ص70)

              - وعن الإمام العسكري عليه السلام : سألت عن التوحيد و هذا عنكم معزول‏ ... (الكافي ج‏1 ص103)

              - وعن أمير المؤمنين عليه السلام : و امتنع على عين البصير فلا عين من لم يره تنكره و لا قلب من أثبته يبصره ... لم يطلع العقول على تحديد صفته و لم يحجبها عن‏ واجب‏ معرفته‏ ... (نهج البلاغة ص87)

              - عن أمير المؤمنين : و لا إياه أراد من توهمه و لا له وحد من‏ اكتنهه (تحف العقول ص62)
              وفيه أيضاً : و أخطأه من‏ اكتنهه‏ (ص63)

              - وعن الصادق عليه السلام في حديث المفضل: و ما قاله من عرفه كنه‏ معرفته‏ (بحار الأنوار ج3 ص165)

              - وعن أمير المؤمنين عليه السلام : الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه‏ معرفته‏ (نهج البلاغة ص216)

              - وعن الإمام الكاظم عليه السلام : ان الله أعلا وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته ، فصفوه بما وصف به نفسه ، وكفوا عما سوى ذلك .(الكافي ج1 ص102)

              - عن أمير المؤمنين عليه السلام : البعيد من حدس القلوب (بحار الأنوار ج4 ص294)

              - عن ابي جعفر الثاني : محرم على القلوب ان تحتمله.(الاحتجاج ج2 ص443)

              - وعن الإمام الحسين عليه السلام : و لا يقدر الواصفون كنه عظمته و لا يخطر على القلوب مبلغ جبروته (تحف العقول ص244)

              - عن أمير المؤمنين عليه السلام : ليس بإله من عرف بنفسه.(الاحتجاج ج1 ص201)
              وعن الإمام الرضا عليه السلام : كل معروف بنفسه مصنوع. (توحيد الصدوق ص35)، وفيهما إشارة إلى ما أوردنا في الحديث الشريف (اعرفوا الله بالله)

              - قال أبو الحسن ع: ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته و نحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا و أنه شي‏ء بخلاف الأشياء (الكافي ج1 ص78)

              - و كان علي بن الحسين ع إذا قرأ هذه الآية (و إن تعدوا نعمت الله لا تحصوها) يقول ع: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم بأنه لا يدركه فشكر عز و جل معرفة العارفين بالتقصير عن‏ معرفته‏ و جعل معرفتهم بالتقصير شكرا كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه إيمانا علما منه أنه قدر وسع العباد فلا يجاوزون ذلك. (تحف العقول ص283)

              - وعن أمير المؤمنين عليه السلام واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما . وسمي تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا . فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين .(نهج البلاغة ص161)

              - عن الإمام الصادق عليه السلام : .. إن العقل يعرف الخالق من جهة توجب عليه الإقرار و لا يعرفه بما يوجب له الإحاطة بصفته، فإن قالوا فكيف يكلف العبد الضعيف معرفته بالعقل اللطيف و لا يحيط به قيل لهم إنما كلف العباد من ذلك ما في طاقتهم أن يبلغوه و هو أن يوقنوا به و يقفوا عند أمره و نهيه و لم يكلفوا الإحاطة بصفته.
              كما أن الملك لا يكلف رعيته أن يعلموا أ طويل هو أم قصير و أبيض هو أم أسمر و إنما يكلفهم الإذعان لسلطانه و الانتهاء إلى أمره أ لا ترى أن رجلا لو أتى باب الملك فقال اعرض علي نفسك حتى أتقصى معرفتك و إلا لم أسمع لك كان قد أحل نفسه بالعقوبة فكذا القائل إنه لا يقر بالخالق سبحانه حتى يحيط بكنهه‏ متعرضا لسخطه (توحيد المفضل ص177)

              - عن الإمام الصادق عليه السلام : ... و كيف يكون من لا يقدر قدره مقدرا في رويات الأوهام و قد ضلت في إدراك كنهه هواجس الأحلام لأنه أجل من أن يحده ألباب البشر بالتفكير أو يحيط به الملائكة على قربهم من ملكوت عزته بتقدير، تعالى عن أن يكون له كفو فيشبه به لأنه اللطيف الذي إذا أرادت الأوهام أن تقع عليه في عميقات غيوب ملكه و حاولت الفكر المبرأة من خطر الوسواس إدراك علم ذاته‏ و تولهت القلوب إليه لتحوي منه مكيفا في صفاته‏ و غمضت مداخل العقول من حيث لا تبلغه الصفات لتنال علم إلهيته‏، ردعت خاسئة و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه، رجعت إذ جبهت‏ معترفة بأنه لا ينال بجوب الاعتساف كنه معرفته‏ و لا يخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته، لبعده من أن يكون في‏ قوى‏ المحدودين‏...(التوحيد للصدوق ص51-52)

              وعنه عليه السلام من حديثه مع المفضل :
              فإن قالوا كيف يعقل أن يكون مباينا لكل شي‏ء متعاليا عن كل شي‏ء قيل لهم الحق الذي تُطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه:
              فأولها أن ينظر أموجود هو أم ليس بموجود؟
              و الثاني أن يعرف‏ ما هو في‏ ذاته‏ و جوهره؟
              و الثالث أن يعرف كيف هو و ما صفته؟
              و الرابع أن يعلم لما ذا هو و لأي علة؟
              فليس من هذه الوجوه شي‏ء يمكن للمخلوق أن يعرفه من الخالق حق معرفته غير أنه موجود فقط.
              فإذا قلنا و كيف و ما هو فممتنع علم كنهه و كمال المعرفة به.
              و أما لما ذا هو فساقط في صفة الخالق لأنه جل ثناؤه علة كل شي‏ء و ليس شي‏ء بعلة له.
              ثم ليس علم الإنسان بأنه موجود يوجب له أن يعلم ما هو و كيف هو كما أن علمه بوجود النفس لا يوجب أن يعلم ما هي و كيف هي و كذلك الأمور الروحانية اللطيفة.
              فإن قالوا فأنتم الآن تصفون من قصور العلم عنه وصفا حتى كأنه غير معلوم قيل لهم هو كذلك من جهة إذا رام العقل معرفة كنهه و الإحاطة به و هو من جهة أخرى أقرب من كل قريب إذا استدل عليه بالدلائل الشافية فهو من جهة كالواضح لا يخفى على أحد و هو من جهة كالغامض لا يدركه أحد و كذلك العقل أيضا ظاهر بشواهده و مستور بذاته‏(ص179)

              هذه بعض الآيات والروايات الدالة على هذا المعنى، ومن أراد المزيد فليراجع. وبذا يتّضح أن كل ما يخالفها بظاهره محمول على المعرفة الممكنة من المخلوقين كما أشارت إلى ذلك الروايات.
              فمن سمع كلام أهل البيت عليهم السلام وأخذ عنهم وصدّقهم تيقّن بعد شكه أن الله سبحانه وتعالى أعزّ وأجلّ من أن يدرك كنه ذاته، لا بالحواس ولا بالعقل ولا بالقلب ولا بشيء من أدوات الإنسان المحدود، بل ولا بأي طريق يمكن أن تخطر بالبال.

              والحمد لله رب العالمين

              شعيب العاملي
              التعديل الأخير تم بواسطة شعيب العاملي; الساعة 17-03-2012, 12:52 AM.

              تعليق


              • #37
                الأخ الفاضل شعيب العاملي
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                أذا ممكن رواية واحدة نهت عن معرفة الله تعالى ..حتى ننهي هذا النقاش ونسلم لحضرتك بكل ما تقول به
                رواية واحدة فقط نهت عن المعرفة لا أكثر!
                نقول الدليل واضح عن قصور العقل عن المعرفة وهذا ثابت على كل مستويات الدليل ومن البديهيات
                الوجدانية !
                لكن نقول معرفة الله تعالى ممكنه بغير العقل ...العقل يوصلك إلى مرحلة ويتوقف لأنه غير قادر
                لاحظ ردك آخي العزيز الأخير..تدور في حلقة واحدة لا تستطيع الخروج منها ( حسب ما اعتقد بعقلي القاصر )
                المهم رواية واحدة نهت عن السعي إلى معرفة الله حتى لا يمتد النقاش إلى بديهيات الدين الإسلامي وضرورياته
                و تقبل مني كل الاحترام والتقدير

                تعليق


                • #38
                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الأخ عراق العراقي
                  ما عليك سوى الرجوع إلى ما أوردناه من روايات والتأمل فيها لتجد مبتغاك إن شاء الله

                  الإخوة الكرام
                  نعود لاستكمال ما تعرضنا له سابقاً، فنقول والله المستعان
                  من جملة ما تعرض له الإخوة المشاركون في الموضوع التالي:
                  http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=165733
                  في مقام الذبّ عن مقولة الفناء في ذات الله وصيرورة السالك ذات الله تعالى، دعوى أن مقصود القوم من الفناء في ذات الله والاندكاك فيها هو عبارة أخرى عما ورد في الروايات بحق أهل البيت عليهم السلام من كونهم (وجه الله وعين الله ويد الله) وأمثاله.
                  ورتب بعض الإخوة على ذلك أن لا فرق في قولنا أن علياً هو (وجه الله) و (عين الله) و (يد الله) وبين قولهم أن علياً هو (ذات الله) ! أو أنه فانٍ في (ذات الله) أو فان في الله !
                  عدا عن استدلال القائلين بالوحدة والفناء بآيات (وجه الله)!

                  وقد لفتنا في الموضوع المذكور إلى أن هذا الكلام بيّن البطلان! إذ المقصود بوجه الله وعين الله ويد الله وجنب الله وما إلى ذلك من تعابير واضحٌ في روايات أهل البيت عليهم السلام ! ووعدنا بالتعرض لهذه المعاني والروايات.

                  وفيما يلي نتعرّض لنموذج منها وهو (وجه الله) في كتاب الله وأحاديث أهل البيت عليهم السلام، ونعرّج على كلام أهل اللغة والعلماء.

                  ورد (وجه الله) أو (وجه ربك) وأمثاله في عدة آيات في كتاب الله تعالى منها:
                  وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ‏ اللَّهِ‏ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَليمٌ (البقرة 115)
                  وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَ ما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ‏ اللَّه‏ (البقرة 272)
                  وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُريدُونَ وَجْهَ‏ اللَّهِ‏ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (الروم39)
                  وَ لا تَطْرُدِ الَّذينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ‏ (الأنعام 52)
                  يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَه‏ (الكهف 28)
                  وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ‏ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص88)
                  كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (26) وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ (الرحمن27)

                  ومن الواضح أن الوجه هنا على معانٍ مختلفة، وقبل التعرّض لما ورد في روايات أهل البيت عليهم السلام نعرّج على بعض كلمات أهل اللغة ومن ذلك:
                  الوَجْهُ‏: مستقبل كل شي‏ء (كتاب العين ج‏4 ص66)
                  و وَجْهُ‏ كُلِّ شي‏ء: مُسْتَقْبَلُه، و في التنزيل العزيز: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَ‏ وَجْهُ‏ اللَّهِ‏. (لسان العرب ج‏13 ص555)
                  (الْوَجْهُ‏) مُسْتَقْبَلُ كُلِّ شَى‏ءٍ وَ رُبَّمَا عُبِّر (بِالْوَجْهِ‏) عَنِ الذَّات‏ (المصباح المنير ج‏2 ص649)
                  وفي مجمع البحرين ج‏6 ص365:
                  قوله‏ وَ ما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ‏ اللَّهِ‏ [2/ 272] ... المراد بِالْوَجْهِ‏ هنا: الرضا. و إنما حسن الكناية به عن الرضا لأن الشخص إذا أراد شيئا أقبل بوجهه عليه، و إذا كرهه أعرض بوجهه عنه، فكأن الفعل إذا أقبل عليه بالوجه حصل الرضا به فكان إطلاقه عليه من باب إطلاق السبب على المسبب...
                  قوله‏ أَقِمْ‏ وَجْهَكَ‏* [10/ 105] أي قصدك.
                  و وَجَّهْتُ‏ وَجْهِيَ‏ أي قصدت بعبادتي.
                  قوله‏ فَثَمَ‏ وَجْهُ‏ اللَّهِ‏ [2/ 115] أي جهته التي أمر الله بها.
                  قوله‏ كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ‏ [28/ 88] أي إلا إياه.

                  فقسم من الآيات أجنبيّ عن بحثنا وهو ما قصد منه الرضا أو القصد وأمثال ذلك، وما يبقى هو الآيات الأخيرة ومنها قوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) و(يبقى وجه ربك) وقد تضاف إليها الآية الأولى من بعض الجهات (فثم وجه الله)

                  فمن فسّر (الوجه) بـ (الذات) كان معنى بقاء وجه الله هو بقاء الله وفناء الأشياء كلها، وهذا مما لا اشكال على ظاهره.
                  ومن فسّر (الوجه) بـ (ما يستقبل به الشيء) أو (الجهة التي يؤتى منها الشيء) كما في الروايات الشريفة كان الأنبياء والأئمة هم وجه الله تعالى الذي منه يؤتى، وكان معنى عدم هلاكهم يوم القيامة من حيث أن الله أمر بطاعتهم كما سيتبين في الحديث الشريف، أو بحيث لا يهلك من أتى الله مؤتمراً بما أمره من طاعتهم كما ورد في الحديث أيضاً، أو كان معناه كل شيء هالك إلا دينه كما في روايات أخرى، وسيتبين لك ذلك مما سنعرضه دون أن يكون في ذلك أدنى لبس لما ذهب إليه المبلسون.

                  - سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك و تعالى(كل شي‏ء هالك إلا وجهه‏)، فقال: ما يقولون فيه؟
                  قلت يقولون يهلك كل شي‏ء إلا وجه الله.
                  فقال: سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه.(الكافي ج‏1 ص143)

                  - وعن الحرث بن المغيرة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن قول الله تعالى‏ (كل شي‏ء هالك إلا وجهه)، فقال: ما يقولون؟
                  قلت: يقولون هلك‏ كل شي‏ء إلا وجهه.
                  فقال سبحان الله لقد قالوا عظيما إنما عنى كل شي‏ء هالك إلا وجهه الذي يؤتى منه و نحن وجهه الذي يؤتى منه.(بصائر الدرجات ج‏1 ص65)

                  - وعنه عليه السلام: ..يهلك‏ كل‏ شي‏ء إلا وجهه‏ الذي‏ يؤتى منه و نحن وجه الله الذي يؤتى منه.(بصائر الدرجات ج‏1 ص66)

                  - وعن الإمام الرضا عليه السلام: ..يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر و لكن وجه الله أنبياؤه و رسله و حججه ص هم الذين بهم يتوجه إلى الله و إلى دينه و معرفته و قال الله عز و جل‏ كل من عليها فان و يبقى وجه ربك‏ و قال عز و جل‏ كل شي‏ء هالك إلا وجهه‏ فالنظر إلى أنبياء الله و رسله و حججه ع‏ في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة (الأمالي للصدوق ص460)

                  - و عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفر ع عن قول الله عز و جل‏ كل شي‏ء هالك إلا وجهه‏ قال: نحن و الله وجهه الذي قال و لن‏ نهلك‏ إلى يوم القيامة بما أمر الله به من طاعتنا و موالاتنا فذلك و الله الوجه الذي هو قال‏ كل شي‏ء هالك إلا وجهه‏ و ليس منا ميت يموت إلا و خلفه عاقبة منه إلى يوم القيامة (بحار الأنوار ج‏24 ص193)

                  - عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفر ع عن قول الله تعالى‏ كل شي‏ء هالك‏ إلا وجهه‏ قال‏ نحن‏ و الله وجهه الذي قال و لن يهلك يوم القيامة من أتى الله بما أمر به من طاعتنا و موالاتنا ذاك الوجه الذي كل شي‏ء هالك إلا وجهه ليس منا ميت يموت إلا خلفه عقبه منه إلى يوم القيامة. (بصائر الدرجات ج‏1 ص65)

                  - عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر ع جعلني الله فداك أخبرني عن قول الله تبارك و تعالى‏ (كل شي‏ء هالك إلا وجهه).‏
                  قال: يا فلان فهلك‏ كل شي‏ء و يبقى الوجه الله أعظم من أن يوصف و لكن معناها كل شي‏ء هالك إلا دينه نحن الوجه الذي يؤتى الله منه لم نزل في عباد لله ما دام لله فيهم روية قلت و ما الروية جعلني الله فداك قال حاجة فإذا لم يكن له فيهم حاجة رفعنا إليه فيصنع بنا ما أحب.(بصائر الدرجات ج‏1 ص65)

                  - عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر ع فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله: نحن حجة الله و نحن باب الله و نحن لسان الله و نحن وجه الله و نحن عين الله في خلقه و نحن ولاة أمر الله في عباده.(الكافي ج‏1 ص145)

                  - قال أبو عبد الله ع‏ إن الله خلقنا فأحسن خلقنا و صورنا فأحسن صورنا و جعلنا عينه في عباده و لسانه الناطق‏ في خلقه و يده المبسوطة على عباده بالرأفة و الرحمة و وجهه الذي يؤتى منه و بابه الذي يدل عليه و خزانه في سمائه و أرضه‏ بنا أثمرت الأشجار و أينعت الثمار و جرت الأنهار و بنا ينزل غيث السماء و ينبت عشب الأرض و بعبادتنا عبد الله و لو لا نحن ما عبد الله.(الكافي ج‏1 ص144)

                  وأمثاله الكثير من الروايات التي لا تخرج عن هذا المعنى البيّن، والتي تقطع شك الشاكين بيقين العارفين من أن هذه العبارات لا تشبه القول بمعرفة الذات أو الفناء فيها أو الاندكاك من قريب أو بعيد، ونكتفي بهذا خوف الإطالة ومن أراد فليراجع.

                  وعلى هذا النسق يفهم كونهم (باب الله) و(حجة الله) و(عين الله) و(ولاة أمر الله) و(يد الله) وأمثال ذلك.

                  وقد نتعرّض في المشاركات القادمة لبعض أقوال العلماء في معنى (وجه الله) كنموذج أيضاً، فيزداد الواضح من العبارات الأخرى وضوحاً.

                  ولله الحمد من قبل ومن بعد..

                  شعيب العاملي

                  تعليق


                  • #39
                    لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
                    رواية واحدة لا اكثر

                    تعليق


                    • #40
                      لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
                      التغكر شيئ
                      والمعرفة شيئ اخر تماما
                      وهذا واضح
                      ولا حول ولا قوة الابالله العلي العظيم

                      تعليق


                      • #41
                        [................

                        تعليق


                        • #42
                          المشاركة الأصلية بواسطة عراق العراقي
                          لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
                          التغكر شيئ
                          والمعرفة شيئ اخر تماما
                          وهذا واضح
                          ولا حول ولا قوة الابالله العلي العظيم

                          يا شعيب لماذا تكتب بالغة التركية وعراق العراقي بده لغة عربية حتى يفهم .

                          عراق العراقي بالله عليك هل اطلعت على الموضوع .
                          واذا اطلعت عليه هل كنت نائم ام مستيقظ اثناء القراءة
                          التعديل الأخير تم بواسطة وائل علي; الساعة 17-03-2012, 08:26 PM.

                          تعليق


                          • #43
                            المشاركة الأصلية بواسطة وائل علي

                            يا شعيب لماذا تكتب بالغة التركية وعراق العراقي بده لغة عربية حتى يفهم .

                            عراق العراقي بالله عليك هل اطلعت على الموضوع .
                            واذا اطلعت عليه هل كنت نائم ام مستيقظ اثناء القراءة
                            شكرا اخي العزيز
                            لقد جعلتني اعيد قراءة الموضوع
                            واغير رائي
                            وفق الله الجميع

                            تعليق


                            • #44
                              السلام عليكم


                              الأخ "عراق العراقي" ، لو تتأمل بالأحاديث التي ذكرها الأخ "شعيب العاملي" يتضح من مجموعة منها أن إدراك الله ممتنع ، كما في الرواية التالية مثلا
                              عن أمير المؤمنين : و ممتنع‏ عن‏ الإدراك‏ بما ابتدع من تصريف الذوات‏ (التوحيد للصدوق ص70)


                              وكذلك أنه لا يمكن ان نبلغ كنه صفته ، وأن نكتفي بوصفه كما وصف نفسه
                              وعن الإمام الكاظم عليه السلام : ان الله أعلا وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته ، فصفوه بما وصف به نفسه ، وكفوا عما سوى ذلك .(الكافي ج1 ص102)


                              ويكفي تفصيلا ما ذكر في هذه الرواية
                              وعنه عليه السلام من حديثه مع المفضل :
                              فإن قالوا كيف يعقل أن يكون مباينا لكل شي‏ء متعاليا عن كل شي‏ء قيل لهم الحق الذي تُطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه:
                              فأولها أن ينظر أموجود هو أم ليس بموجود؟
                              و الثاني أن يعرف‏ ما هو في‏ ذاته‏ و جوهره؟
                              و الثالث أن يعرف كيف هو و ما صفته؟
                              و الرابع أن يعلم لما ذا هو و لأي علة؟
                              فليس من هذه الوجوه شي‏ء يمكن للمخلوق أن يعرفه من الخالق حق معرفته غير أنه موجود فقط.
                              فإذا قلنا و كيف و ما هو فممتنع علم كنهه و كمال المعرفة به.
                              و أما لما ذا هو فساقط في صفة الخالق لأنه جل ثناؤه علة كل شي‏ء و ليس شي‏ء بعلة له.
                              ثم ليس علم الإنسان بأنه موجود يوجب له أن يعلم ما هو و كيف هو كما أن علمه بوجود النفس لا يوجب أن يعلم ما هي و كيف هي و كذلك الأمور الروحانية اللطيفة.
                              فإن قالوا فأنتم الآن تصفون من قصور العلم عنه وصفا حتى كأنه غير معلوم قيل لهم هو كذلك من جهة إذا رام العقل معرفة كنهه و الإحاطة به و هو من جهة أخرى أقرب من كل قريب إذا استدل عليه بالدلائل الشافية فهو من جهة كالواضح لا يخفى على أحد و هو من جهة كالغامض لا يدركه أحد و كذلك العقل أيضا ظاهر بشواهده و مستور بذاته‏(ص179)




                              وبعد إعادة كتابة هذه الروايات ، فإن من أبسط البديهيات (بما أنه ليس ممكنا إدراك الله ، وأقصى ما هو ممكن هو معرفة وجود الله) هو عدم التفكر في موضوع لا يمكن ان نصل به إلى نتيجة
                              فإن التفكير بما لا نتيجة له سيكون بأحسن الأحوال مضيعة للوقت ، إن لم يؤدي إلى الإنحراف .. وحاشا لله ان يريد بنا هذا

                              وأما الكلام عن معرفة الله بالقلب وليس بالعقل .. فهذا كلام لا قيمة له علميا ، عدى عن أن الروايات تشير إلى إطلاع عدم المعرفة وليس حصرها بالعقل
                              ولسنا ممن يتبع هواه .. بل إننا ابناء مدرسة أهل البيت ، ونتبع الدليل ، فنميل حيثما يميل

                              والسلام عليكم
                              التعديل الأخير تم بواسطة عاشق الحسين; الساعة 18-03-2012, 09:43 AM.

                              تعليق


                              • #45
                                المشاركة الأصلية بواسطة عاشق الحسين
                                السلام عليكم


                                الأخ "عراق العراقي" ، لو تتأمل بالأحاديث التي ذكرها الأخ "شعيب العاملي" يتضح من مجموعة منها أن إدراك الله ممتنع ، كما في الرواية التالية مثلا
                                عن أمير المؤمنين : و ممتنع‏ عن‏ الإدراك‏ بما ابتدع من تصريف الذوات‏ (التوحيد للصدوق ص70)


                                وكذلك أنه لا يمكن ان نبلغ كنه صفته ، وأن نكتفي بوصفه كما وصف نفسه
                                وعن الإمام الكاظم عليه السلام : ان الله أعلا وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته ، فصفوه بما وصف به نفسه ، وكفوا عما سوى ذلك .(الكافي ج1 ص102)


                                ويكفي تفصيلا ما ذكر في هذه الرواية
                                وعنه عليه السلام من حديثه مع المفضل :
                                فإن قالوا كيف يعقل أن يكون مباينا لكل شي‏ء متعاليا عن كل شي‏ء قيل لهم الحق الذي تُطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه:
                                فأولها أن ينظر أموجود هو أم ليس بموجود؟
                                و الثاني أن يعرف‏ ما هو في‏ ذاته‏ و جوهره؟
                                و الثالث أن يعرف كيف هو و ما صفته؟
                                و الرابع أن يعلم لما ذا هو و لأي علة؟
                                فليس من هذه الوجوه شي‏ء يمكن للمخلوق أن يعرفه من الخالق حق معرفته غير أنه موجود فقط.
                                فإذا قلنا و كيف و ما هو فممتنع علم كنهه و كمال المعرفة به.
                                و أما لما ذا هو فساقط في صفة الخالق لأنه جل ثناؤه علة كل شي‏ء و ليس شي‏ء بعلة له.
                                ثم ليس علم الإنسان بأنه موجود يوجب له أن يعلم ما هو و كيف هو كما أن علمه بوجود النفس لا يوجب أن يعلم ما هي و كيف هي و كذلك الأمور الروحانية اللطيفة.
                                فإن قالوا فأنتم الآن تصفون من قصور العلم عنه وصفا حتى كأنه غير معلوم قيل لهم هو كذلك من جهة إذا رام العقل معرفة كنهه و الإحاطة به و هو من جهة أخرى أقرب من كل قريب إذا استدل عليه بالدلائل الشافية فهو من جهة كالواضح لا يخفى على أحد و هو من جهة كالغامض لا يدركه أحد و كذلك العقل أيضا ظاهر بشواهده و مستور بذاته‏(ص179)




                                وبعد إعادة كتابة هذه الروايات ، فإن من أبسط البديهيات (بما أنه ليس ممكنا إدراك الله ، وأقصى ما هو ممكن هو معرفة وجود الله) هو عدم التفكر في موضوع لا يمكن ان نصل به إلى نتيجة
                                فإن التفكير بما لا نتيجة له سيكون بأحسن الأحوال مضيعة للوقت ، إن لم يؤدي إلى الإنحراف .. وحاشا لله ان يريد بنا هذا

                                وأما الكلام عن معرفة الله بالقلب وليس بالعقل .. فهذا كلام لا قيمة له علميا ، عدى عن أن الروايات تشير إلى إطلاع عدم المعرفة وليس حصرها بالعقل
                                ولسنا ممن يتبع هواه .. بل إننا ابناء مدرسة أهل البيت ، ونتبع الدليل ، فنميل حيثما يميل

                                والسلام عليكم
                                الله يبارك اخي الفاضل
                                بحق محمد وال محمد

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X