والآن مع كلمة للذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء - الجزء الرابع - عند ترجمته للحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فقد ذكر الآتي :
عن حسن بن حسن بن علي أنه رأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له ويصلي عليه فقال للرجل لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا بيتي عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني - هذا مرسل - وما استدل حسن في فتواه باطل من الدلالة فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلا مسلما مصليا على نبيه فيا طوبى له فقد أحسن الزيارة وأجمل في التذلل والحب وقد أتى بعبادة زائدة على من صلى عليه في أرضه أو في صلاته إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط فمن صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشرا ولكن من زاره صلوات الله عليه وأساء أدب الزيارة أو سجد للقبر أو فعل ما لايشرع فهذا فعل حسنا وسيئا فيعلم برفق والله غفور رحيم فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء إلا وهو محب لله ولرسوله فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار فزيارة قبره من أفضل القرب وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء لئن سلمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فشد الرحال إلى نبيناصلى الله عليه وسلم مستلزم لشد الرحل إلى مسجده وذلك مشروع بلا نزاع إذ لا وصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده فليبدأ بتحية المسجد ثم بتحية صاحب المسجد رزقنا الله وإياكم ذلك آمين
التعليق :
1. أنه حتى عند الذهبي وهو مشهور بتشدده ، فإنه يرى جواز الزيارة ، ويرى أن يشد الرحال إلى مسجد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بلا خلاف ، ويرى أن شد الرحال إلى المسجد يعني شد الرحال إلى القبر .
2. أنه يرى أن حديث لا تتخذوا بيتي عيدا وأن نصلي على الرسول حيث كنا ، حديث مرسل ، وأن الدلالة به باطلة
3. يرى أن زيارة قبر الرسول – صلى الله عليه وآله – من أفضل القرب .
4. أفضل ما في الموضوع أنه يرى أن من تجاوز في الزيارة وأخطأ في أن سجد للقبر مثلا أو فعل فعلا منهي عنه ، فإنه يُعلم برفق وهدوء ، أي أنه لم يعد ذلك شركا يستوجب التكفير والضرب والسب كما يحدث ، بل إنه يرى أن المعيار هو حب رسول الله – صلى الله عليه وآله - وأن من يفعل ذلك يفعله حبًا في رسول الله ، وان هذا الحب هو الفارق بين الجنة والنار ، أي أن الأعمال بالنيات فنية هذا الرجل هي حب رسول الله – صلى الله عليه وآله – وليس عبادته .
والخلاصة : أنه حتى لو كان في المسالة خلاف ، فهذا الخلاف لا يستوجب الاتهام بالتكفير والشرك وما شابه كما يحدث من سلفيي هذه الأيام .
وأختم بحثي بنقل من الموسوعة الفقهية فهي شاملة لمعظم أقول العلماء .
من الموسوعة الفقهية - حرف التاء – توسل
[ التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ بَعْدَ وَفَاتِهِ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَشْرُوعِيَّةِ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَبَعْدَ وَفَاتِهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنَبِيِّكأَوْ بِجَاهِنَبِيَّك أَوْ بِحَقِّ نَبِيَّك ، عَلَى أَقْوَالٍ : الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ ) الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَمُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (إلَىجَوَازِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّوَسُّلِ سَوَاءٌ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ . قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ : وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَالِكًا لَمَّا سَأَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍالْمَنْصُورُ الْعَبَّاسِيُّ - ثَانِي خُلَفَاء بَنِي الْعَبَّاسِ - يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَأَسْتَقْبِلُرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُالْقِبْلَةَ وَأَدْعُو ؟ فَقَالَ لَهُمَالِكٌ : وَلِمَتَصْرِفْ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ عَلَيْهِالسَّلَامُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ بَلْ اسْتَقْبِلْهُوَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ . وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ فِهْرٍ فِي كِتَابِهِ " فَضَائِلِ مَالِكٍ " بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَأَخْرَجَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيالشِّفَاءِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْشُيُوخٍ عِدَّةٍ مِنْ ثِقَاتِمَشَايِخِهِ . وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي بَيَانِ آدَابِ زِيَارَةِ قَبْرِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ثُمَّ يَرْجِعُ الزَّائِرُ إلَىمَوْقِفٍ قُبَالَةَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِصَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَوَسَّلُ بِهِ وَيَسْتَشْفِعُ بِهِ إلَى رَبِّهِ ، وَمِنْأَحْسَنِ مَا يَقُولُ ( الزَّائِرُ ) مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِيأَبُو الطَّيِّبِ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا عَنْالْعُتْبِيِّمُسْتَحْسِنِينَ لَهُ قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكيَا رَسُولَ اللَّهِ . سَمِعْت اللَّهَ تَعَالَىيَقُولُ : {وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَوَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } وَقَدْجِئْتُك مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذَنْبِي مُسْتَشْفِعًابِك إلَىرَبِّي . ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ :
يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُوَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٌ أَنْتَسَاكِنُهُ فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُوَالْكَرْمُ
وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : يَنْبَغِي كَوْنُ هَذَا مَقْصُورًاعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِآدَمَ ، وَأَنْ لَا يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِهِ مِنْالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ الْأَوْلِيَاءِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِيدَرَجَتِهِ ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا خُصَّ بِهِ تَنْبِيهًا عَلَى عُلُوِّرُتْبَتِهِ . وَقَالَ السُّبْكِيّ : وَيَحْسُنُ التَّوَسُّلُ وَالِاسْتِغَاثَةُوَالتَّشَفُّعُ بِالنَّبِيِّ إلَى رَبِّهِ .
وَفِيإعَانَةِ الطَّالِبِينَ : . . . وَقَدْ جِئْتُك مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذَنْبِيمُسْتَشْفِعًا بِك إلَى رَبِّي . مَا تَقَدَّمَ أَقْوَالُ الْمَالِكِيَّةِوَالشَّافِعِيَّةِ .
وَأَمَّاالْحَنَابِلَةُ فَقَدْ قَالَابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي بَعْدَ أَنْ نَقَلَ قِصَّةَ الْعُتْبِيِّ مَعَالْأَعْرَابِيِّ : وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يُقَدِّمَرِجْلَهُ الْيُمْنَى . . . إلَى أَنْ قَالَ : ثُمَّتَأْتِيَ الْقَبْرَ فَتَقُولَ . . . وَقَدْأَتَيْتُك مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذُنُوبِي مُسْتَشْفِعًا بِك إلَى رَبِّي . . . " . وَمِثْلُهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ . وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحَمُتَأَخِّرُوهُمْأَيْضًا بِجَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِالْقَدِيرِ : ثُمَّ يَقُولُ فِي مَوْقِفِهِ : السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَاللَّهِ . . . وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى حَاجَتَهُ مُتَوَسِّلًاإلَى اللَّهِ بِحَضْرَةِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . وَقَالَصَاحِبُ الِاخْتِيَارِ فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ زِيَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . . جِئْنَاك مِنْ بِلَادٍ شَاسِعَةٍ . . . وَالِاسْتِشْفَاعُ بِك إلَى رَبِّنَا . . . ثُمَّ يَقُول : مُسْتَشْفِعِينَبِنَبِيِّك إلَيْك . وَمِثْلُهُ فِي مَرَاقِي الْفَلَاحِ وَالطَّحَاوِيُّ عَلَىالدُّرّ الْمُخْتَارِ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ . وَنَصُّ هَؤُلَاءِ : عِنْدَ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ اللَّهُمَّ . . . وَقَدْ جِئْنَاك سَامِعِينَ قَوْلَك طَائِعِينَ أَمْرَكمُسْتَشْفِعِينَبِنَبِيِّك إلَيْك . وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَيَتَوَسَّلُ إلَى اللَّهِ بِأَنْبِيَائِهِ وَالصَّالِحِينَ . وَقَدْاسْتَدَلُّوا لِمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ بِمَا يَأْتِي :
أ - قَوْله تَعَالَى : وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ
ب - حَدِيثُ الْأَعْمَى الْمُتَقَدِّمِ وَفِيهِ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّالرَّحْمَةِ . فَقَدْ تَوَجَّهَ الْأَعْمَى فِي دُعَائِهِ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِالصَّلَاةُوَالسَّلَامُ أَيْ بِذَاتِهِ .
ج - قَوْلُهُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ : اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا بِحَقِّنَبِيِّكوَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي فَإِنَّكأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } .
د - تَوَسُّلُ آدَمَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلَائِلِالنُّبُوَّةِ " وَالْحَاكِمُوَصَحَّحَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِالْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ{لَمَّا اقْتَرَفَ آدَم الْخَطِيئَةَ قَالَ : يَا رَبِّ أَسْأَلُك بِحَقِّ مُحَمَّدٍلَمَا غَفَرْت لِيفَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَم كَيْفَ عَرَفْتمُحَمَّدًا وَلَمْ أَخْلُقْهُ ؟ قَالَ : يَا رَبِّ إنَّك لَمَّا خَلَقْتنِي رَفَعْترَأْسِي فَرَأَيْت عَلَى قَوَائِمِ الْعَرْشِ مَكْتُوبًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَعَلِمْت أَنَّك لَمْ تُضِفْ إلَىاسْمِك إلَّا أَحَبَّ الْخَلْقِ إلَيْك ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : صَدَقْت يَاآدَم ، إنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إلَيَّ ، وَإِذْ سَأَلْتنِي بِحَقِّهِ فَقَدْغَفَرْت لَك ، وَلَوْلَا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُك } .
هـ - حَدِيثُ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّرَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَاللَّهُ عَنْهُ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ ، فَكَانَ لَا يَلْتَفِتُ وَلَا يَنْظُرُإلَيْهِ فِي حَاجَتِهِ ، فَشَكَا ذَلِكَ لِعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ ، فَقَالَلَهُ : ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ ائْتِالْمَسْجِدَ فَصَلِّ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُإلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ إنِّي أَتَوَجَّهُبِك إلَى رَبِّكفَيَقْضِي لِي حَاجَتِي ، وَتَذْكُرُ حَاجَتَك، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ بْنِعَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَجَاءَ الْبَوَّابُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ ،فَأَدْخَلَهُ عَلَىعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُفَأَجْلَسَهُ مَعَهُ وَقَالَ لَهُ : اُذْكُرْ حَاجَتَك ، فَذَكَرَ حَاجَتَهُفَقَضَاهَا لَهُ ، ثُمَّ قَالَ : مَا لَك مِنْ حَاجَةٍ فَاذْكُرْهَا ثُمَّ خَرَجَمِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ ابْنَحُنَيْفٍ فَقَالَ لَهُ : جَزَاكاللَّهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ لِحَاجَتِي حَتَّى كَلَّمْته لِي ، فَقَالَابْنُ حُنَيْفٍ ، وَاَللَّهِ مَا كَلَّمْته وَلَكِنْ { شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ وَأَتَاهُ ضَرِيرٌ فَشَكَاإلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ } . إلَى آخِرِ حَدِيثِ الْأَعْمَى الْمُتَقَدِّمِ .
قَالَ المباركفوري : قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي إنْجَاحِ الْحَاجَةِ : ذَكَرَشَيْخُنَا عَابِدٌ السِّنْدِيُّ فِي رِسَالَتِهِوَالْحَدِيثُ - حَدِيثُ الْأَعْمَى - يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِوَالِاسْتِشْفَاعِ بِذَاتِهِ الْمُكَرَّمِ فِي حَيَاتِهِ ، وَأَمَّا بَعْدَمَمَاتِهِ فَقَدْ رَوَىالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إلَى عُثْمَانَ . . إلَىآخِرِ الْحَدِيثِ . وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي تُحْفَةِ الذَّاكِرِينَ : وَفِيالْحَدِيثِدَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِرَسُولِاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَاعْتِقَادِ أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّهُالْمُعْطِي الْمَانِعُ مَاشَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْيَكُنْ . ]
التعليق :
لاحظ أن في الموسوعة الفقهية تجد أربعة أقول في التوسل.
القول الأول: في جواز التوسل وهذا ما نقلناه ، وهو أكبر جزء وعليه معظم علماء الإسلام .
والثاني: في الكراهة ، وهو منقول فقط عن أبي حنيفة ، أما متأخرو الأحناف فإنهم يقولون بجواز التوسل كما مر . أي أن هذا قول أبي حنيفة وحده ، وهو شاذ عن الباقي .
والقول الثالث: وهو قول ابن تيمية وبعض متأخري الحنابلة - ومتأخري الحنابلة هؤلاء هم أتباع ابن تيمية أساسا- فهو الرأي الوحيد الشاذ القائل بتحريم التوسل . وحتى في هذا فإنه لم يحرم كل التوسل ولكن نهى فقط عن التوسل بالرسول بعد موته ، وهو محل البحث .
أما القول الرابع: فهو القول في التوسل ببقية الأولياء والصالحين ، وقد ذُكر في الموسوعة إن نفس الاختلاف في جواز التوسل بالرسول هو نفسه الاختلاف في جواز التوسل بالصالحين وهو واضح بالطبع ، لأن من يقول بجواز التوسل بالنبي فإنه تلقائيا يجيز التوسل بالصالحين والعكس صحيح .
فبالله عليكم أنترك قول كل هؤلاء العلماء وأدلتهم لنتبع رأي عالم واحد وهو ابن تيمية ، و من تبع نهجه .
ثم أن حتى لو كان الأمر كذلك ، فكل ما هنالك هو أن المسألة مسألة خلافية فقط ، لا تستدعي كل هذا التكفير.
من الموسوعة الفقهية أيضا – حرف الزاي
زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ زِيَارَةُ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْأَهَمِّ الْقُرُبَاتِ وَأَفْضَلِ الْمَنْدُوبَاتِ ، وَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ فَتْحِالْقَدِيرِ عَنْمَنَاسِكِ الْفَارِسِيِّ وَشَرْحِالْمُخْتَارِ : أَنَّ زِيَارَةَ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَقَرِيبَةٌ مِنْ الْوُجُوبِ . وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ : { مَنْ زَارَ قَبْرِيوَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي}، وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ جَاءَنِي زَائِرًالَا يَعْلَمُ لَهُ حَاجَةً إلَّا زِيَارَتِي ، كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَلَهُ شَفِيعًا يَوْمَالْقِيَامَةِ} ]
زِيَارَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1 - الزِّيَارَةُ : اسْمٌ مِنْ زَارَهُ يَزُورُهُ زُورًا وَزِيَارَةً ، قَصَدَهُ مُكْرِمًا لَهُ . وَزِيَارَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ تَتَحَقَّقُ بِزِيَارَةِ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ :
2 - أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ سَلَفًا وَخَلَفًا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ زِيَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى فِي الْمَذَاهِبِ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ : هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، تَقْرُبُ مِنْ دَرَجَةِ الْوَاجِبَاتِ ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ . وَذَهَبَ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِيسَى الْفَاسِيُّ إلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ .
دَلِيلُ مَشْرُوعِيَّةِ الزِّيَارَةِ :
3 - مِنْ أَدِلَّةِ مَشْرُوعِيَّةِ زِيَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، كَمَا أَنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ، وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ } ، وَإِنَّمَا قَالَ : هُمْ أَحْيَاءٌ أَيْ لِأَنَّهُمْ كَالشُّهَدَاءِ بَلْ أَفْضَلُ ، وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْعِنْدِيَّةِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ حَيَاتَهُمْ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ عِنْدَنَا وَهِيَ كَحَيَاةِ الْمَلَائِكَةِ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَرَرْت عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ } . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَزُورُوا الْقُبُورَ ، فَإِنَّهَا تَذْكُرُ الْمَوْتَ } فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ عَامَّةً ، وَزِيَارَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مَا يُمْتَثَلُ بِهِ هَذَا الْأَمْرُ ، فَتَكُونُ زِيَارَتُهُ دَاخِلَةً فِي هَذَا الْأَمْرِ النَّبَوِيِّ الْكَرِيمِ . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي } . وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ : { مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي } . فَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِ زِيَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى مِنْ الْحَضِّ أَيْضًا . وَحَمَلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ، وَلَعَلَّ مَلْحَظَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ تُرَغِّبُ بِتَحْصِيلِ ثَوَابٍ أَوْ مَغْفِرَةٍ أَوْ فَضِيلَةٍ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِوَسَائِلَ أُخَرَ ، فَلَا تُفِيدُ هَذِهِ الْأَدِلَّةُ الْوُجُوبَ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الشِّفَاءِ : وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْمُسْلِمِينَ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا ، وَفَضِيلَةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا .
فَضْلُ زِيَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
4 - دَلَّتْ الدَّلَائِلُ السَّابِقَةُ عَلَى عَظَمَةِ فَضْلِ زِيَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَزِيلِ مَثُوبَتِهَا فَإِنَّهَا مِنْ أَهَمِّ الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ وَالْقُرُبَاتِ النَّافِعَةِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَبِهَا يَرْجُو الْمُؤْمِنُ مَغْفِرَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتَهُ وَتَوْبَتَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ ، وَبِهَا يَحْصُلُ الزَّائِرُ عَلَى شَفَاعَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ فَوْزٍ . وَعَلَى ذَلِكَ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فِي كَافَّةِ الْعُصُورِ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَالسِّنْدِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : إنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَجَلِّ الْقُرُبَاتِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى ذِي الْجَلَالِ ، وَإِنَّ مَشْرُوعِيَّتَهَا مَحَلُّ إجْمَاعٍ بِلَا نِزَاعٍ . وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ زِيَارَةَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَأَرْجَى الطَّاعَاتِ ، وَالسَّبِيلُ إلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ . انتهى .....
أعتقد أن فيما ذكرناه كفاية، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، وأحب الخلق إلى الله أجمعين ، عليك الصلاة والسلام يا رسول الله وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين الأئمة الميامين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
والسلام ...
تعليق