المشاركة الأصلية بواسطة montasir
هنا الخطاب قد خفت وتيرته، لسبب يعلمه المنتصر جيدا ذلك أن الرازي أوضح بأن هناك قولين معتبرين في تفسير الآية الكريمة، وأنه لم يرد الشبهة لقوة كليهما، وهذا هو تصريحه في تفسير الآية الكريمة :
قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلإثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلْبِرّ وَٱلتَّقْوَىٰ }.
اعلم أن المخاطبين بقوله: { يا أيها الذين آمنوا } قولين، وذلك لأنا إن حملنا قوله فيما تقدم:
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ }
[المجادلة: 8] على اليهود حملنا في هذه الآية قوله: { يا أيها الذين آمنوا } على المنافقين، أي يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم، وإن حملنا ذلك على جميع الكفار من اليهود والمنافقين، حملنا هذا على المؤمنين، وذلك لأنه تعالى لما ذم اليهود والمنافقين على التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، أتبعه بأن نهى أصحابه المؤمنين أن يسلكوا مثل طريقتهم، فقال: { فَلاَ تَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلإثْمِ } وهو ما يقبح مما يخصهم { وَٱلْعُدْوَانِ } وهو يؤدي إلى ظلم الغير { ومعصية الرسول } وهو ما يكون خلافاً عليه، وأمرهم أن يتناجوا بالبر الذي يضاد العدوان وبالتقوى وهو ما يتقي به من النار من فعل الطاعات وترك المعاصي، واعلم أن القوم متى تناجوا بما هذه صفته قلت: مناجاتهم، لأن ما يدعو إلى مثل هذا الكلام يدعو إظهاره، وذلك يقرب من قوله:
{ لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ }
[النساء: 114] وأيضاً فمتى عرفت طريقة الرجل في هذه المناجاة لم يتأذ من مناجاته أحد.
طبعا سيلاحظ القارئ الكريم بأن نقاش الرازي يحمل الكثير من الحكمة بخلاف ما وجه إليه.
إذا كان الرازي يقوي كليهما، فلماذا نتهم مولانا الجمري باعتماد قوله، فالرازي لم ينقض إحداهما بل أبقاهما معا بشروطها وأشراطها.
للموضوع بقية.
تعليق