إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سيرة الإمام الصدر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    الموضوع : حوار صحفي ـ على لبنان أن يكون مجتمع حرب
    المكـان : بيروت ـ 22/5/1970
    المناسبـة : بتاريخ 12/5/1970 قامت القوات الإسرائيلية باعتداء عنيف وواسع على القرى الحدودية سبب موجة نزوح كبيرة بلغت في بعض القرى نسبة 100% وهي : بنت جبيل عيترون كفرشوبا راشيا الفخار كفرحمام وفي هذه الظروف أجرت صحيفة "المحرر" هذا الحوار مع الإمام الصدر .
    المقدمـة :
    كتب أسعد المقدم:
    هذا ليس مجرد حديث عادي!
    إنه نداء من القلب… لمن بقي في أعماقه ذرة شعور…
    إنه إنذار أخير إلى أصحاب جلود التماسيح في دولة اللامبالاة بأن يخلعوا جلودهم عن أرواحهم لعلهم يدركون حقيقة الوضع في الجنوب!
    إن هتاف من اختنقت في حلقه الكلمات مع غصات الألم يوجه إلى كلّ من قال أنا من لبنان، ولبنان وطني، ولكل لبناني حق ذمة هذا الوطن بقدر ما للوطن علي من واجب وله من حقوق في ذمتي وضميري.
    انه دعوة إلى مواجهتها طويلاً فكادت تضيع منهم رجولتهم وما بقي لهم من دنياهم سوى خداع أنفسهم دون كل شعوب العالم.
    و… الحديث هو مع رجل غير عادي. وقد عاهدناه في يوم أننا معه بقدر ما هو مع معركة المصير وأبناء هذه المعركة. وها هو معنا بقدر ما نحن معه. فالمعركة معركة وجود وصمود إيمان، ونحن وإياه من هذه المعركة ولها.. ولنا رفقة طويلة على درب العطاء والفداء حتى نكون، ويكون لبنان كما يجب أن يكون، أو لا نكون على الإطلاق.
    وفي مقره الذي سيتركه بعد حين.. لينزح إلى دنيا النازحين.. كان لقاؤنا مع الساعات الأخيرة قبل الغروب.
    وجدته كما لم أجده في أمس قريب أو بعيد. الابتسامة الحلوة التي توحي بالأمل الكبير حلت مكانها مسحة من الألم العميق.
    الوجه الهادئ هدوء البحر في تموز امتدت إليه أمواج الغضب الحزين. والعينان اللتان لهما مع صفاء عين الديك أكثر من شبه أو مودة عابرة باتت كلّ واحدة منها تروي حكايات القلق المرير الممزوج مع السهر الطويل.
    وامتدت يده ترحب بيدي وكأنها بشوق لك يد تمتد إليها هذه الأيام.
    وهمس قبل أن نجلس، الجنوب بحاجة ليد كلّ مخلص يعي أبعاد المعركة.. لكل يد تريد أن تبني.. لكل يدر تريد أن تصمد.. لكل يد تريد أن تدافع وتقاتل دفاعاً عن الأرض والشرف والكرامة. لك يد وطنية تريد أن تحمي الوطن وأهله.
    ـ الــنـــص ـ
    وهمس قبل أن نجلس، الجنوب بحاجة ليد كلّ مخلص يعي أبعاد المعركة.. لكل يد تريد أن تبني .. لكل يد تريد أن تصمد.. لكل يد تريد أن تدافع وتقاتل دفاعاً عن الأرض والشرف والكرامة .. لكل يد وطنية تريد أن تحمي الوطن أهله.
    قلت: الجنوب.. كيف الوضع في الجنوب؟
    قال فوراً: جوع!
    قلت: كيف..
    قال: اذهب إلى الجنوب تراهم على جوانب الطرقات.. في العراء.. وتشاهد الجوع القائم على حقيقته.
    قلت: ولماذا كان الذي تتحدث عنه؟
    قال: لأن الدولة لم تتصرف على أساس أننا مجتمع حرب.. حتى ولا مجتمع دفاع، فالمجتمع اللبناني بحاجة لأن يصبح مجتمع حرب لمواجهة المعركة المصيرية التي تواجه. على الأقل دعوا الجنوب الذي يواجه الحرب أن يكون هذا المجتمع ليتمكن من مواجهة العدو على الوجه الذي تفرضه المصلحة القومية وواقع المعركة.
    قلت : كيف؟
    أجاب: يجب تأمين سلامة الأطفال والنساء وتأمين وسائل العيش.. ابسط الوسائل على الأقل.. في نفس الوقت الذي نسلِّح فيه الرجال وندربهم عليه لمواجهة المعركة كما يجب ضد العدو.
    قلت: ولماذا لم يحصل ذلك؟
    قال: إنني منذ سنتين، وخلال اجتماعي مع كبار المسؤولين وأنا أنادي أناشد وانذر أحذر بمختلف وسائل الإقناع لمواجهة حقيقة المعركة في الجنوب بجرأة وواقعية.
    وتابع: قلت لهم إن هناك حقيقة يتفق عليها جميع اللبنانيين وهي انه يجب إيجاد لبنان المسالم القوي. فالسلام بلا قوة، في عالم السباع ضعف واستسلام وأمامنا نماذج طالما نتغنى بها كسويسرا مثلاً. وقلت فيما قلت، إن لبنان بلد الجمال ولكنه بلد الجبال، والتاريخ شاهد على ذلك. بل إن النشيد الوطني يهتف دائماً بنا كل يوم سيفنا والقلم.. فأين السيف.. أين؟
    قلت: أو لم تشعر بالاستجابة من..
    وقاطعني قائلاً: إن واقع الجنوب يكذبني إذا قلت لك إنني شعرت بالاستجابة الفعلية لكل تلك المناشدات.
    قلت: وكيف تفسر ذلك؟
    أردف: لقد حاولت طوال هذه المدة أن أعطى تفسيراً معقولاً لكل الإهمال الذي كان فما وجدت أيّ تفسير معقول.
    ويشعل سيجارة.. وتحترق الكلمات على شفتيه وهو يقول:
    اجل كان لي في موقف السلطة من الجنوب تفسير واحد وهو عدم تحسس الشعب اللبناني في مختلف المناطق لواقع مأساة الجنوب.. وان هذا يعود في الأصل إلى نقص في التوجيه من قبل السلطة نفسها.. فالسلطة هي المسؤولة عن توجيه الشعب بكل ما يتعلق بشؤون الوطن وقضاياه.
    ولكني بعد أن لمست مؤخراً بأن الشعب اللبناني قد بدأ يتحسس ويتألم ويدرك أبعاد الأخطار المحدقة به والمصير المظلم الذي ينتظره.. بعد ذلك لم اعد أرى أي مبرر لاستمرار السلطة في سياسة الإهمال واللامبالاة.
    لذلك فإني اعتبر نفسي خلال هذا الأسبوع، في المناشدة الأخيرة التي تشبه صرخات المختصر، أما بعد ذلك فإني لن اتمكن من تصور موقف الجنوبيين مني وموقفي منهم ومن السلطات إلاّ بأن اذكر بموقف ارميا النبي مع شعبه بعد فوات الأوان.. مع الفارق إنني سوف لن أكون في البئر وانما مع إخواني في الجنوب!!
    قلت: والحل؟
    أجاب: الحل ليس في مليوني ليرة تدفع بالتقسيط مع كل كارثة تقوم وكل عدوان يقع.
    ويصمت لحظة قبل أن يكمل بحدة: هناك أخبار عن اعتداءات مرتقبة على بنت جبيل ورأس الناقورة والعديسة ومركبا وبني حيان والحولة.. فهل جهزوا المليوني ليرة كدفعة جديدة عندما تقع الكارثة الجديدة؟
    قلت : الحل؟
    قال: هناك الجانب العسكري.. وهناك الجانب المالي..
    قلت: الناحية العسكرية؟
    قال: من الناحية العسكرية لدينا في الجنوب مناطق جبارة وممتازة من الناحية العسكرية. بإمكانك أن تضع المدافع في قلب الصخور ولا تقدر أن تصلها بالقنابل لأن هناك مناعة دفاعية طبيعية.
    ولقد دخل الجيش اللبناني المعركة وأكبر دليل على ذلك معارك العرقوب الأخيرة. إذ يجب أن تعلن الحقيقة على الملأ وهي أن الجيش اللبناني حارب في المعارك الأخيرة بأسلحة لا توازي أسلحة العدو.
    يجب توفير الأسلحة اللازمة للجيش لمواجهة العدو وعلى اكمل وجه، فلدى إسرائيل أسلحة أقوى وتصل في قصفها إلى مدى ابعد، لذلك يجب على الأقل تعزيز مدفعية الجيش اللبناني سواء الثابتة أو المتحركة التي تحملها الدبابات وغيرها من الآليات إذا لم يكن بالإمكان تعزيز الطيران في الوقت الحاضر.
    إن هذا واجب قومي تفرضه المعركة. ولست أذيع سراً عسكرياً إذا قلت أن سبب تأخر مدفعية الجيش بقصف العدو يعود إلى المدى الذي يصل إليه قصف هذه المدافع. من هنا فقد انتظر الجيش اللبناني تقدم قوات العدو حتى باتت في مرمى تصل إليه مدفعيته ولكن العدو عاد يتراجع حتى ابتعد عن مرمى مدفعية الجيش واخذ هو يقصف من مدفعيته التي تصل إلى أهداف لا تصلها مدفعية جيشنا ومع ذلك فان المناعة الطبيعية للأرض كانت خير ردعٍ ضد قوات العدو وقصفه.
    هذا على صعيد الجيش. وهناك كما ذكرت تسليح الشعب وتدريبه ليكون القوة التي تدعم القوة النظامية وتساعدها في المعركة.
    المعركة من الناحية العسكرية تفرض أن يكون لدينا الجيش المجهز والشعب المجهز.. ولا مفر لنا إذا أردنا حماية هذا الوطن حقيقة من تحقيق هذا الهدف الكبير.
    قلت: والناحية المالية؟
    قال: المعركة تفرض عملية تعبئة عامة تنصب على ا لجنوب.
    وأشعل سيكارة جديدة ثم أردف: سجل عندك..
    هناك 30 مليون ليرة في مجلس الإسكان من اجل المساكن الشعبية. لماذا لا نبني قرى محصنة ومسلحة في الخطوط الخلفية تدعم الخطوط الأمامية في مواجهة أي عدوان؟ لماذا لا تحول هذه الثلاثين مليون ليرة إلى تحقيق هذا الهدف ؟
    القسم الأعظم من الموازنة العامة فيما يعود إلى المشاريع في مختلف المناطق اللبنانية لا يزال حراً.. فالمشاريع لم تلزم بعد ولم تصبح عليها حقوق مكتسبة.
    من هنا فإني أسأل هل هناك ضمان لبقاء لبنان بوضعه العادي لكي نعرف هذا القسم بعد حلول الكارثة؟
    أنا أقول حوّلوا هذا القسم من الاعتمادات لمعركة الصمود في الجنوب.. إنها معركة صمود لبنان كله.. وان يكون أو لا يكون على الإطلاق.
    الموازنة المدورة في عام 1968 وعام 1969 بسبب عدم تنفيذ بعض المشاريع بحجة عدم وجود ملتزمين تكسب الجنوب حقا ثابتا لصرف المبالغ فيه.
    صندوق التعمير لمواجهة آثار كارثة الزلزال.. ترى هل نعرف زلزالا اعنف من "زلزال" الجنوب وأكبر كارثة منه؟
    وبصمت سماحة الإمام لحظة … قبل أن يردف قائلاً :
    هناك إمكانيات ووسائل مالية عديدة يمكن تسخيرها من اجل المعركة، هذا إذا كنا مؤمنين حقاً بالمعركة التي يخوضها الجنوب. إن أية حركة عمرانية من تحصين وبناء وتنمية سوف تحدث حركة اقتصادية في الجنوب تضع حد لمأساة الجوع المسيطر على أبناء المنطقة وبالتالي تعطيهم الأمل وتشدد عزيمتهم من اجل البقاء والصمود في وجه أي عدوان.
    أما أن يستمر الحال على ما هو عليه من الإهمال واللامبالاة.. وأما أن يبقى كل مسؤول غير مسؤول ولا يتحمل مسئوليته التاريخية التي تفرضها معركة المصير التي يخوضها الجنوب.
    وأما أن نترك المأساة لأبناء المأساة وكأنهم ليسوا من الوطن أبناء وحماة..
    أما.. إنني أحذر وانذر بالعواقب وبالمصير المظلم..
    لقد ناشدنا طويلاً جميع المسؤولين … وهذا هو ندائي الأخير قبل أن انتقل لأكون إلى جانب إخواني في الجنوب!
    وبعد..
    فهذا هو نداء الجنوب..
    و.. مرة أخرى نقول: لبوا النداء قبل فوات الأوان!!

    تعليق


    • #32
      سيرة الأمام الصدر (حوار صحفي 3)

      الموضوع : حوار صحفي ـ على لبنان أن يكون مجتمع حرب
      المكـان : بيروت ـ 22/5/1970
      المناسبـة : بتاريخ 12/5/1970 قامت القوات الإسرائيلية باعتداء عنيف وواسع على القرى الحدودية سبب موجة نزوح كبيرة بلغت في بعض القرى نسبة 100% وهي : بنت جبيل عيترون كفرشوبا راشيا الفخار كفرحمام وفي هذه الظروف أجرت صحيفة "المحرر" هذا الحوار مع الإمام الصدر .
      المقدمـة :
      كتب أسعد المقدم:
      هذا ليس مجرد حديث عادي!
      إنه نداء من القلب… لمن بقي في أعماقه ذرة شعور…
      إنه إنذار أخير إلى أصحاب جلود التماسيح في دولة اللامبالاة بأن يخلعوا جلودهم عن أرواحهم لعلهم يدركون حقيقة الوضع في الجنوب!
      إن هتاف من اختنقت في حلقه الكلمات مع غصات الألم يوجه إلى كلّ من قال أنا من لبنان، ولبنان وطني، ولكل لبناني حق ذمة هذا الوطن بقدر ما للوطن علي من واجب وله من حقوق في ذمتي وضميري.
      انه دعوة إلى مواجهتها طويلاً فكادت تضيع منهم رجولتهم وما بقي لهم من دنياهم سوى خداع أنفسهم دون كل شعوب العالم.
      و… الحديث هو مع رجل غير عادي. وقد عاهدناه في يوم أننا معه بقدر ما هو مع معركة المصير وأبناء هذه المعركة. وها هو معنا بقدر ما نحن معه. فالمعركة معركة وجود وصمود إيمان، ونحن وإياه من هذه المعركة ولها.. ولنا رفقة طويلة على درب العطاء والفداء حتى نكون، ويكون لبنان كما يجب أن يكون، أو لا نكون على الإطلاق.
      وفي مقره الذي سيتركه بعد حين.. لينزح إلى دنيا النازحين.. كان لقاؤنا مع الساعات الأخيرة قبل الغروب.
      وجدته كما لم أجده في أمس قريب أو بعيد. الابتسامة الحلوة التي توحي بالأمل الكبير حلت مكانها مسحة من الألم العميق.
      الوجه الهادئ هدوء البحر في تموز امتدت إليه أمواج الغضب الحزين. والعينان اللتان لهما مع صفاء عين الديك أكثر من شبه أو مودة عابرة باتت كلّ واحدة منها تروي حكايات القلق المرير الممزوج مع السهر الطويل.
      وامتدت يده ترحب بيدي وكأنها بشوق لك يد تمتد إليها هذه الأيام.
      وهمس قبل أن نجلس، الجنوب بحاجة ليد كلّ مخلص يعي أبعاد المعركة.. لكل يد تريد أن تبني.. لكل يدر تريد أن تصمد.. لكل يد تريد أن تدافع وتقاتل دفاعاً عن الأرض والشرف والكرامة. لك يد وطنية تريد أن تحمي الوطن وأهله.
      ـ الــنـــص ـ
      وهمس قبل أن نجلس، الجنوب بحاجة ليد كلّ مخلص يعي أبعاد المعركة.. لكل يد تريد أن تبني .. لكل يد تريد أن تصمد.. لكل يد تريد أن تدافع وتقاتل دفاعاً عن الأرض والشرف والكرامة .. لكل يد وطنية تريد أن تحمي الوطن أهله.
      قلت: الجنوب.. كيف الوضع في الجنوب؟
      قال فوراً: جوع!
      قلت: كيف..
      قال: اذهب إلى الجنوب تراهم على جوانب الطرقات.. في العراء.. وتشاهد الجوع القائم على حقيقته.
      قلت: ولماذا كان الذي تتحدث عنه؟
      قال: لأن الدولة لم تتصرف على أساس أننا مجتمع حرب.. حتى ولا مجتمع دفاع، فالمجتمع اللبناني بحاجة لأن يصبح مجتمع حرب لمواجهة المعركة المصيرية التي تواجه. على الأقل دعوا الجنوب الذي يواجه الحرب أن يكون هذا المجتمع ليتمكن من مواجهة العدو على الوجه الذي تفرضه المصلحة القومية وواقع المعركة.
      قلت : كيف؟
      أجاب: يجب تأمين سلامة الأطفال والنساء وتأمين وسائل العيش.. ابسط الوسائل على الأقل.. في نفس الوقت الذي نسلِّح فيه الرجال وندربهم عليه لمواجهة المعركة كما يجب ضد العدو.
      قلت: ولماذا لم يحصل ذلك؟
      قال: إنني منذ سنتين، وخلال اجتماعي مع كبار المسؤولين وأنا أنادي أناشد وانذر أحذر بمختلف وسائل الإقناع لمواجهة حقيقة المعركة في الجنوب بجرأة وواقعية.
      وتابع: قلت لهم إن هناك حقيقة يتفق عليها جميع اللبنانيين وهي انه يجب إيجاد لبنان المسالم القوي. فالسلام بلا قوة، في عالم السباع ضعف واستسلام وأمامنا نماذج طالما نتغنى بها كسويسرا مثلاً. وقلت فيما قلت، إن لبنان بلد الجمال ولكنه بلد الجبال، والتاريخ شاهد على ذلك. بل إن النشيد الوطني يهتف دائماً بنا كل يوم سيفنا والقلم.. فأين السيف.. أين؟
      قلت: أو لم تشعر بالاستجابة من..
      وقاطعني قائلاً: إن واقع الجنوب يكذبني إذا قلت لك إنني شعرت بالاستجابة الفعلية لكل تلك المناشدات.
      قلت: وكيف تفسر ذلك؟
      أردف: لقد حاولت طوال هذه المدة أن أعطى تفسيراً معقولاً لكل الإهمال الذي كان فما وجدت أيّ تفسير معقول.
      ويشعل سيجارة.. وتحترق الكلمات على شفتيه وهو يقول:
      اجل كان لي في موقف السلطة من الجنوب تفسير واحد وهو عدم تحسس الشعب اللبناني في مختلف المناطق لواقع مأساة الجنوب.. وان هذا يعود في الأصل إلى نقص في التوجيه من قبل السلطة نفسها.. فالسلطة هي المسؤولة عن توجيه الشعب بكل ما يتعلق بشؤون الوطن وقضاياه.
      ولكني بعد أن لمست مؤخراً بأن الشعب اللبناني قد بدأ يتحسس ويتألم ويدرك أبعاد الأخطار المحدقة به والمصير المظلم الذي ينتظره.. بعد ذلك لم اعد أرى أي مبرر لاستمرار السلطة في سياسة الإهمال واللامبالاة.
      لذلك فإني اعتبر نفسي خلال هذا الأسبوع، في المناشدة الأخيرة التي تشبه صرخات المختصر، أما بعد ذلك فإني لن اتمكن من تصور موقف الجنوبيين مني وموقفي منهم ومن السلطات إلاّ بأن اذكر بموقف ارميا النبي مع شعبه بعد فوات الأوان.. مع الفارق إنني سوف لن أكون في البئر وانما مع إخواني في الجنوب!!
      قلت: والحل؟
      أجاب: الحل ليس في مليوني ليرة تدفع بالتقسيط مع كل كارثة تقوم وكل عدوان يقع.
      ويصمت لحظة قبل أن يكمل بحدة: هناك أخبار عن اعتداءات مرتقبة على بنت جبيل ورأس الناقورة والعديسة ومركبا وبني حيان والحولة.. فهل جهزوا المليوني ليرة كدفعة جديدة عندما تقع الكارثة الجديدة؟
      قلت : الحل؟
      قال: هناك الجانب العسكري.. وهناك الجانب المالي..
      قلت: الناحية العسكرية؟
      قال: من الناحية العسكرية لدينا في الجنوب مناطق جبارة وممتازة من الناحية العسكرية. بإمكانك أن تضع المدافع في قلب الصخور ولا تقدر أن تصلها بالقنابل لأن هناك مناعة دفاعية طبيعية.
      ولقد دخل الجيش اللبناني المعركة وأكبر دليل على ذلك معارك العرقوب الأخيرة. إذ يجب أن تعلن الحقيقة على الملأ وهي أن الجيش اللبناني حارب في المعارك الأخيرة بأسلحة لا توازي أسلحة العدو.
      يجب توفير الأسلحة اللازمة للجيش لمواجهة العدو وعلى اكمل وجه، فلدى إسرائيل أسلحة أقوى وتصل في قصفها إلى مدى ابعد، لذلك يجب على الأقل تعزيز مدفعية الجيش اللبناني سواء الثابتة أو المتحركة التي تحملها الدبابات وغيرها من الآليات إذا لم يكن بالإمكان تعزيز الطيران في الوقت الحاضر.
      إن هذا واجب قومي تفرضه المعركة. ولست أذيع سراً عسكرياً إذا قلت أن سبب تأخر مدفعية الجيش بقصف العدو يعود إلى المدى الذي يصل إليه قصف هذه المدافع. من هنا فقد انتظر الجيش اللبناني تقدم قوات العدو حتى باتت في مرمى تصل إليه مدفعيته ولكن العدو عاد يتراجع حتى ابتعد عن مرمى مدفعية الجيش واخذ هو يقصف من مدفعيته التي تصل إلى أهداف لا تصلها مدفعية جيشنا ومع ذلك فان المناعة الطبيعية للأرض كانت خير ردعٍ ضد قوات العدو وقصفه.
      هذا على صعيد الجيش. وهناك كما ذكرت تسليح الشعب وتدريبه ليكون القوة التي تدعم القوة النظامية وتساعدها في المعركة.
      المعركة من الناحية العسكرية تفرض أن يكون لدينا الجيش المجهز والشعب المجهز.. ولا مفر لنا إذا أردنا حماية هذا الوطن حقيقة من تحقيق هذا الهدف الكبير.
      قلت: والناحية المالية؟
      قال: المعركة تفرض عملية تعبئة عامة تنصب على ا لجنوب.
      وأشعل سيكارة جديدة ثم أردف: سجل عندك..
      هناك 30 مليون ليرة في مجلس الإسكان من اجل المساكن الشعبية. لماذا لا نبني قرى محصنة ومسلحة في الخطوط الخلفية تدعم الخطوط الأمامية في مواجهة أي عدوان؟ لماذا لا تحول هذه الثلاثين مليون ليرة إلى تحقيق هذا الهدف ؟
      القسم الأعظم من الموازنة العامة فيما يعود إلى المشاريع في مختلف المناطق اللبنانية لا يزال حراً.. فالمشاريع لم تلزم بعد ولم تصبح عليها حقوق مكتسبة.
      من هنا فإني أسأل هل هناك ضمان لبقاء لبنان بوضعه العادي لكي نعرف هذا القسم بعد حلول الكارثة؟
      أنا أقول حوّلوا هذا القسم من الاعتمادات لمعركة الصمود في الجنوب.. إنها معركة صمود لبنان كله.. وان يكون أو لا يكون على الإطلاق.
      الموازنة المدورة في عام 1968 وعام 1969 بسبب عدم تنفيذ بعض المشاريع بحجة عدم وجود ملتزمين تكسب الجنوب حقا ثابتا لصرف المبالغ فيه.
      صندوق التعمير لمواجهة آثار كارثة الزلزال.. ترى هل نعرف زلزالا اعنف من "زلزال" الجنوب وأكبر كارثة منه؟
      وبصمت سماحة الإمام لحظة … قبل أن يردف قائلاً :
      هناك إمكانيات ووسائل مالية عديدة يمكن تسخيرها من اجل المعركة، هذا إذا كنا مؤمنين حقاً بالمعركة التي يخوضها الجنوب. إن أية حركة عمرانية من تحصين وبناء وتنمية سوف تحدث حركة اقتصادية في الجنوب تضع حد لمأساة الجوع المسيطر على أبناء المنطقة وبالتالي تعطيهم الأمل وتشدد عزيمتهم من اجل البقاء والصمود في وجه أي عدوان.
      أما أن يستمر الحال على ما هو عليه من الإهمال واللامبالاة.. وأما أن يبقى كل مسؤول غير مسؤول ولا يتحمل مسئوليته التاريخية التي تفرضها معركة المصير التي يخوضها الجنوب.
      وأما أن نترك المأساة لأبناء المأساة وكأنهم ليسوا من الوطن أبناء وحماة..
      أما.. إنني أحذر وانذر بالعواقب وبالمصير المظلم..
      لقد ناشدنا طويلاً جميع المسؤولين … وهذا هو ندائي الأخير قبل أن انتقل لأكون إلى جانب إخواني في الجنوب!
      وبعد..
      فهذا هو نداء الجنوب..
      و.. مرة أخرى نقول: لبوا النداء قبل فوات الأوان!!

      تعليق


      • #33
        سيرة الأمام الصدر (بيان 2)

        الموضوع : بيان ـ إن وقوفكم مع أبناء الجنوب، ينقذ وطنكم ويثبت وحدتكم
        التاريـخ : 26/5/1970
        المناسبـة : دعى الإمام الصدر في وقت سابق إلى إضراب عام يتم بتاريخ 26 أيار 1970 وقد وجه هذا البيان صبيحة يوم الإضراب .
        ـ الــنـــص ـ
        أبنائي الطلاب، إخواني العمال، أيها المثقفون.
        يا أصحاب الضمائر الحية والمهن الحرة،يا أبناء الجنوب المهدد الممتحن،
        أيها المسلمون الذي ليس منهم من لا يهتم بأمر الناس،أيها المسيحيون الحاملون صليب المعذبين،أيتها الأحزاب والنقابات في لبنان،أيها اللبنانيون الأعزاء.
        منذ سنة ونيف، وفي مئات من الاجتماعات والدراسات والبيانات والمقابلات الرسمية، وعبر ما لا يحصى من المحاضرات والتصريحات، طالبنا باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وباسم الأمن المهدد والحق المتآمر عليه في الجنوب، كما طالب غيرنا من المخلصين الواعين، بضرورة الاهتمام بوضع الجنوب والعمل الجدي لتأمين سلامته بتحصينه وتدريب أبنائه وزيادة طاقاته الدفاعية وتقويتها.
        وكان هذا كله يجري وأطماع العدو واضحة متكشفة، وتهديداته مستمرة ومتكررة، والكارثة متوقعة، كارثة تبدأ بالجنوب، وتعصف بالوطن كله، ونصح الناصحين المخلصين يزداد، والأبحاث الدقيقة والخطط العملية المدروسة توضع بين أيدي المسؤولين، ومنها التجارب الحية في البلاد العربية المعرّضة للعدوان.
        ثم بدأت الكارثة تزحف في فراغ مدهش بمرأى من الجميع ومسمع، تقتل وتهدم وتشرد وتهدد الوطن كله..
        بعد هذا ماذا يتوقع المسؤولون؟
        هل يريدون من الجنوبيين أن يسكتوا على كلّ هذا الإهمال واللامبالاة، ويتحملوا المصائب والموت والدمار، وهم يشعرون ويلمسون أنهم لا يتمتعون بأبسط حقوق المواطنية وأولاها، خاصة بعدما أدوا في جميع المراحل والأوقات واجباتهم كاملة تجاه الوطن والمواطنين؟
        أم ينتظر الجنوبيين الإسعافات والتبرعات من خيم وشوادر وأدوية ومعلبات تشعرهم أنهم مشردون غرباء دون كرامة، يستجدون المأوى أو الملبس وبقية وسائل العيش الضرورية؟
        أم يعودون إلى المناشدات والبيانات والاحتجاجات لتحرق قلوبهم وعود فارغة، وتعصر أفئتدتهم مواقف اللامبالاة؟
        لا.. لن يقبل أحد من اللبنانيين فضلاً عن الجنوبيين، ولا الله سبحانه وتعالى، هذه الوسائل والأساليب التي تتجاهل حق المواطنين والحياة.
        الاضراب هو الحد الأدنى.. هو بداية خط التعبير عن الاستياء والاستنكار.. هو الخطوة الأولى التي نرجوا أن يستفيق معها المسؤولون فيتصرفون بروح المسؤولية وبوعي وطني سليم.
        إن تحويل الأموال المجمدة في المصالح المستقلة، وفي مجلس الاسكان ومصلحة التعمير، إلى قرى محصنة في المناطق المعرضة للعدوان.
        إن تعزيز وسائل الدفاع الوطني،إن تأهيل المواطن للدفاع عن نفسه وأرضه، وتأمين أسباب سلامته، هذه المطالب الملحة وأمثالها من التدابير العاجلة المقترحة على المسؤولين، والتي يفرض تنفيذها واجب الدفاع عن الوطن وتأمين سلامته وسلامة أبنائه، هي الخطوط الرئيسية التي تهدف إلى تحقيقها إضراب يوم الثلاثاء 26/أيار/1970.
        أيها اللبنانيون :
        إن وقوفكم مع أبناء الجنوب في محنته، ينقذ وطنكم ويثبت وحدتكم ويسجل وقفاً رائعاً ومثالاً أمام المحن التي تتعرض لها المناطق الأخرى.
        إن المطلوب لنجاح الاضراب و تحقيق غاياته، الالتزام بالهدوء والانضباط وعم القيام بالتجمعات والتظاهرات.
        أيها الأعزاء: كونوا مع الحق، ليكون الحق معكم، وانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.
        موسى الصدر

        تعليق


        • #34
          سيرة الأمام اصدر (حوار 4)

          الموضوع : حوار ـ الطائفية في لبنان سياسة وليست ديناً
          المكـان : بيروت ـ 10/6/1970
          المناسبـة : تفشي ظاهرة الانفلات في لبنان
          المقدمـة : "إن هناك قضية مستعصية اتفق على ضرورة معالجتها جميع اللبنانيين من دون إستثناء وأعطوا أصواتهم فيها في أروع استفتاء عفوي. أنها قضية الأخلاق في لبنان".
          بهذه الكلمات خاطب سماحة السيد موسى الصدر فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية يوم زاره مهنئاً بعيد المولد النبوي الشريف، وبعدما رأي أن أمواج الفساد والميوعة تحول الوضع الإجتماعي إلى طوفان مجنون.. رآها تتجاوز كلّ سد، فشملت كلّ شيء حتى وسائل الإعلام.
          وقد أخذ فخامة الرئيس المبادرة وشكل لجنة مختصة مهمتها تأمين حماية الناشئة والحفاظ على الأخلاق.. ولقد برز نشاطها جلياً هذا الأسبوع بالذات في مراقبتها للأفلام والكتب والنشرات، وحتى أماكن اللهو.. فعمّ الارتياح جميع الأوساط الدينية والشعبية.
          وصوت الخليج تستضيف اليوم سماحة الإمام الصدر ليعطي رأيه بصراحة حول مشكلة الأخلاق؟
          بعد أن أجاب على السؤال سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد وسماحة شيخ العقل لدي الطائفة الدرزية الشيخ محمد أبو شقرا.
          ـ الــنـــص ـ
          السؤال: لبنان يعيش في عصر الانفلات من كلّ القيود الأخلاقية، والاجتماعية؛ إلى أين تؤدي هذه النزعة عند الإنسان اللبناني، من هو المسؤول؟ وكيف نتمكن من علاجها، وبالتالي تلافيها؟
          قال سماحة الإمام: لبنان يعيش عصر الانفلات هذا هو التعبير الصحيح عن المشكلة؟ عصر الانفلات هو عصرنا الحاضر ولبنان مثل البلدان الأخرى مع شيء من التفاوت يعيش هذا العصر.
          إن الانفلات، ظاهرة هذا العصر وثمرة هذه الحضارة، ليس مختصاً ببلد دون بلد ولا يعد مفاجأة إطلاقاً.
          إن تأثر البلاد بهذا الانفلات يختلف حسب قربها من المصدر وبعدها عنه، والحريات وعدمها، والأنظمة المسؤولة وغيرها، ومستوى المعيشة، وأمثال ذلك، تقرب المشكلة وتبعدها، أما المشكلة الأساسية فهي كلمة: انها عصر الانفلات كما عبرت عنها في سؤالك.
          وفي الأساس، إذا أردنا أن ندرس المشكلة بتعمق، بدأت الحضارة الغربية في أعقاب أيام اسكولاستيك، وبعد انتهاء القرون الوسطى، بدأت على أساس عدم الاعتراف بتأثير ما وراء الطبيعة في الحياة الإنسانية، ووضعت أسس الحضارة مع التنكر لله لا مع إنكاره، ومع عزله عن التأثير بعد الاعتراف بوجوده وبالمصطلح القرآني قال: "يد الله مغلولة".
          فبدأت الحضارة تنمو دون أن تكون لها قاعدة وإطار أخلاقي معنوي وهذه الصفة جعلت الحضارة تتغذى من التنافس الحر ومن الطموح البشري، جعلتها تتحرك دون لجام كالفرس الشارد.
          ويضيف سماحته قائلاً: ولذلك بدأت دواليب الحضارة تتحرك في كلّ جهة بصورة مرعبة، وبتعبير أدق بصورة غير منسجمة مع مختلف الجوانب الوجودية للإنسان.
          فالمال كان هدفاً للإنسان، ولكنه في إطار الحضارة المادية بدأ يطغى فوُجِدَت الرأسمالية ووجدت الرغبة في تحصيله بأي سبب وبأي صورة وبأي حد دون قيد أو شرط.
          فجاء الاستثمار والاحتكار والطغيان والاستعمار وكسب الأسواق والحروب وغيرها.
          وحب الذات كان يحرك الإنسان دائماً ولكنه في ظلال الحضارة تحول إلى الأنانيات الضيقة والواسعة فجاءت محنة التمييز العنصري واحتقار الشعوب والنازية والكراهيات والصراع بين الطبقات والفئات وجاءت الانفجارات الاجتماعية والثورات وما نتجت عنه.
          وهكذا مختلف الشؤون الإنسانية انحرفت في خضم الحضارة المادية. وأوجدت الصعوبات والمحن والويلات للإنسان.
          ويستطرد سماحته: والجنس.. الجنس الذي كان في حدوده مقدساً في الإسلام ونعمة من الله وسبباً للإنجاب والسكن والراحة في حياة الإنسان في منطق القرآن.. وهذا الجنس قد بالغت الحضارة المادية فيه واستعملت في خدمته جميع وسائل الإعلام والتجارب والأسباب السمعية والبصرية، واستغلته التجارة من خلال الأزياء والإعلانات والأفلام ووسائل الاجتذاب للبيع والنشر وغيره، حتى اصبح ينمو باستمرار على حساب كفاءات الإنسان الأخرى ومشاعره.
          إن وضع الانفلات في عصرنا مرحلة من مراحل النمو الحضاري المادي، وستزداد المشكلة عنفاً ومحنة، فالأساس المنحرف لا يبنى عليه إلاّ الانحراف، والمستقبل لن يكون إلاّ الميوعة والتخنث وفقدان الإرادة والقوة وانهيار كافة الطاقات البشرية في حفر الجنس الملتهب.
          والمسؤول لا يمكن حصره على الصعيد اللبناني، بل المسؤولية عالمية، ولكن الأجيال الأخيرة في لبنان قد ساهمت بانحرافها واجتذابها للحضارة المادية هذه المشكلة..
          فالآباء والأمهات عندما يتخلون عن اتزانهم واعتدالهم ويصلون إلى ما وصلت إليه الأجيال السابقة عند ذلك لا بد للجيل الصاعد أن يستمر في الطريق المرسوم.
          ويضيف سماحته: أمّا العلاج في لبنان، وفي كلّ بلد يقصد العلاج، فإنه يكون نتيجة دراسة وتخطيط ودقة. وقد عرضت على المسؤولين في لبنان مقترحات تشكل الخطوط العريضة للعلاج وهي:
          أولاً: توضع مشاريع مدروسة للتربية الدينية في المدارس وللتدريب الإجباري العام ولتنشيط الحركة الرياضية والكشفية ولإيجاد بديل عن الفساد الإعلامي بوضع أفلام وقصص ومسرحيات ووسائل تسلية مهذبة واخيراً لإيجاد عمل تطوعي لجميع المواطنين بما لا يقل عن يوم في أسبوع.
          ثانياً: تخصيص أسبوع للأخلاق، تبدأ الحملة برعاية رئيس الدولة وبالتعاون مع جميع العناصر المسؤولة تباشر بتنفيذ المشاريع التي ذكرناها في البند الأول وتضاف إليها محاضرات وأحاديث في الصحف والإذاعة والتلفزيون والمساجد والكنائس والنوادي والأندية.
          ثالثاً: وخلال ذلك تتخذ تدابير زجرية بالنسبة للمنحرفين في حدود معقولة.
          رابعاً: يتشكل مجلس وطني لمتابعة مطلب الأسبوع المذكور باسم مجلس الأخلاق لمراقبة التدابير واتخاذها يجب أن يكون فيما بعد.. هذه التدابير تخلق في لبنان جواً خاصاً وتياراً معاكساً للتيار العالمي يصون لبنان من الانهيار الخلقي الدائم.
          المجتمع المحارب يجب أن يكون مجتمع حرب لا مجتمع تراخي وترف.

          تعليق


          • #35
            سيرة الأمام الصدر (حوار صحفي4 ) جزء 1

            الموضوع : حوار صحفي ـ العلاقة مع ألمانيا وأسس القضية الفلسطينية
            المكـان : مكتب الجامعة العربية في "بون" ألمانيا الاتحادية ـ 10/8/1970
            المناسبـة: أثناء زيارة الإمام السيد موسى الصدر إلى ألمانيا دعي من قبل مكتب الجامعة العربية في بون لهذا اللقاء الصحفي.
            المقدمـة : بعد الترحيب بالصحفيين الألمان وبالحضور والشكر لصاحب الدعوة قال سماحة الإمام السيد موسى الصدر:
            ـ الــنـــص ـ
            أولاً: أتمنى أن تحقق رحلتي هذه غايتها، وتكون خطوة واسعة في سبيل تحسين العلاقات و التعاون بين الشعبين الألماني واللبناني بصورة خاصة وبين الشعب الألماني والعرب بصورة عامة. تلك العلاقات والتعاون المفيدين جداً للجانبين، كما والمساهمة في خدمة السلام وفي تحسين حياة الإنسان في كلّ مكان.
            ولا أشك أنني كرجل دين، يخدم الله؛ ويعتقد أن أفضل العبادات خدمة خلق الله؛ يتمكن من الإسهام في تحقيق هذه الغاية لإخلاص نيته وشرف غايته وطهارة مساعيه.
            ثانيا: إن الشعب الألماني له مكانة كبيرة في نفوسنا، وقد بلغ قمة الحضارة الحديثة كماً وكيفاً. واعتقد أن سبب هذا النمو السريع هو صفاته الثلاث: والتخطيط والعمل الجاد.
            والشرق العربي بتاريخه الزاخر بالرسالات السماوية وبانتشار العلوم، وبأرضه الواسعة الغنية المعتدلة، وبشعبه الكبير الأمين على القيم الروحية والتجارب الحضارية الإنسانية، وبإنسانه الذي يجسد آلاف السنين من التجارب الإنسانية في حقول العلم والأخلاق والتصرف والفلسفة.
            هذان الجناحان من الإنسانية يتمكنان من مبادلة الكفاءات، ومن السير في خط الكمال في خدمة أنفسهم وخدمة العالم، خاصة أننا نؤمن أن في هذا التفاعل تحقيق للغاية من الخلق، حسب قوله تعالى في القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (الحجرات:13)، أيّ ليعرف كلّ شعب ما عند الآخرين من كفاءات فيأخذ منها ويعطي ما عنده.
            ولبنان بصورة خاصة حيث يلتقي أبناء الديانات ويعيشون اخوة مواطنين وتجتمع ألوان من الثقافة والحضارة والتيارات الفكرية من الماضي والحاضر ومن الشرق والغرب، هذا البلد الذي يعد ضرورة حضارية لخلق الحوار بين أعضاء الجسد الإنساني الكبير، ويعد ضرورة دينية يرفع عن الأديان تهمة التعصب وتقسيم البشرية و تجزئتها، وضرورة ثقافية يسهل عليه أن يكون لساناً وسمعاً للاستماع والمخاطبة بين الشرق والغرب وبين القارات. هذا البلد، لبنان له تجارب إنسانية فنية يمكن الاستفادة منها، ولا يعرف في تاريخه اضطهاداً لا ليهود ولا لغيرهم.
            إن التفاعل بيننا يعالج كثيراً من مشاكلنا ومشاكلكم، ويدفع عنا أخطاراً تعرضنا لها مرات، ويخدم الإنسان والسلام معاً.
            ثالثاً: أن هذا التفاعل تعثر سابقاً لسببين:
            أ ـ عد م معرفة الشعب الألماني وجميع الشعوب الغربية لحقيقة العرب وكفاء اتهم وامكاناتهم الواسعة لأجل رفع مستواهم ولأجل الاسهام في بناء حضارة إنسانية شاملة.
            ب ـ محاولة التشويه وخلق صورة كريهة عن كلّ جانب للجانب الآخر، وهي محاولة مستمرة وما تزال قائمة وتحول دون المعرفة الحقيقية وبالتالي التعاون الشامل الصحيح.
            إنني أحاول في هذا اللقاء إعطاء صورة صحيحة عن الوضع في لبنان وفي الشرق الأوسط، خدمة للحق وتسهيلاً لمهمة التعاون بين الشعبين، وسوف أنقل أيضا لإخواني من هنا صورة صحيحة لما أشاهد.
            رابعاً: إن منطقة جنوب لبنان تتعرض بصورة مستمرة للقصف الإسرائيلي، وتدخل إليها الدوريات الإسرائيلية وتُهَدد من قبل المسؤولين الإسرائيليين بشكل مستمر تقريبا. وتتذرع السلطات الإسرائيلية لتبرير اعتداءاتها التي خلقت من الجنوب منطقة مهجورة ووضعاً مأساوياً تتذرع بوجود المقاومة الفلسطينية وبنشاطها في هذه المنطقة.
            إن هذه الذريعة ليست صحيحة ولا تخفي نوايا وأعمال إسرائيل العدوانية ضد لبنان وذلك للأسباب التالية :
            1 ـ إنّ الدول العربية المجاورة ليست مكلفة بحماية حدود إسرائيل، انه ليست بوليساً لإسرائيل، بل المسؤول قانوناً وضميرياً عن سلامة حدود إسرائيل هو إسرائيل نفسها.
            2 ـ إنّ وجود الفلسطينيين وبينهم قوات المقاومة على أراضي لبنان بنسبة 1/6، وقد حصل هذا بفعل إسرائيل التي شردتهم عام 1948 ولا يمكن اعتبار لبنان مسؤولاً عن هذا.
            3 ـ إننا نملك مواثيق تؤكد أن إسرائيل تطمع في جنوب لبنان، وذلك حسب الخرائط المطبوعة من قبل السلطات الإسرائيلية وحسب تصريحات المسؤولين وبموجب تصرفات الإسرائيليين أنفسهم.
            يقول وزير الدفاع الإسرائيلي : إذا كان هناك شعب التوراة فان هناك أرض التوراة.
            ونحن نعتقد أن مفهوم أرض التوراة عند السياسيين الإسرائيليين مفهوم خاطئ، كما سنبينه، ولكنها حسب زعمهم أرض تشمل جنوب لبنان ومناطق كثيرة أخرى من العالم العربي.
            ويقول وزير الدفاع الإسرائيلي في 15/7/1968: أن آباءنا توصلوا إلى حدود مشروع التقسيم. وجيلنا وصل إلى حدود 1948. أما جيل الأيام الستة فقد وصل إلى السويس والأردن وهضبة الجولان. وهذه ليست النهاية، فبعد خطوط وقف إطلاق النار الحالي ستأتي خطوط جديدة ستمتد عبر الأردن وربما إلى سوريا الوسطى.
            ثم إننا عرفنا أن طلاباً إسرائيليين يدرسون مشاريع مخططة على مياه جنوب لبنان وغيرها.
            4 ـ إنّ قضية المقاومة الفلسطينية قضية شعب كامل تشرد من أرضه التي عاش عليها آلاف السنين، لا يملك اليوم شيئاً سوى أمل العودة إلى أرضه بعد أن كانت قيمة ممتلكاته الشخصية تبلغ مليارى دولار.
            انتظر هذا الشعب عشرين سنة فما أنصفه أحد في العالم. بل نسيه الكل حتى المؤسسات الدولية التي أصدرت مئات القرارات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وفي مجلس الأمن وفي الفروع الأخرى التابعة لها، ولكنها لم تنفذ قراراً واحداً منها، فاضطر إلى استلام قضيته، ووضع ثمنا لعودته غاليا، هو التضحية بجيل كامل..
            إنه لا يملك أرضا كي يجند جيشاً نظامياً.. انه لا يشكل دولة معترفاً بها لكي يدخل هيئة الأمم المتحدة أو يدخل حوارا مع أحد لأجل الحل السلمي.
            إنه لا يملك قاعدة انطلاق إلاّ الأرض العربية المجاورة ومنها جنوب لبنان.. انه لا يجد مجالاً للعمل وتأمين حياته ولا الإسهام في السلام العالمي وفي حضارة الإنسان.
            خامساً: إن وجود لبنان كدولة تشمل مذاهب مختلفة وعناصر متنوعة تعيش بنظام ديمقراطي مسالم لا يروق لدولة تقوم على أساس عنصري ومذهبي.
            وهذا الاستيلاء ظاهر في تصريحات وتفسيرات صحفية تصدر دائماً، وخاصة بعد حادثة مطار بيروت حيث تناولت الصحف الإسرائيلية في الداخل وفي الخارج خلق فتنة طائفية بين اللبنانيين.
            سادساً: لأجل إلقاء الأضواء على حقيقة ارتباط الشعب الفلسطيني بأرضه علينا أن نستمع إلى بعض الحقائق :
            أ ـ العنصر الأول: في سنة 1918 وبعد الحرب العالمية الأولى كان عدد سكان فلسطين /700000/ نسمة، منهم /644000/ عربي (574000 مسلم و 70000 مسيحي) والباقي /56000 يهودي أيّ ما نسبته 8% من السكان تملك 2% من الأراضي.
            وفي سنة 1946 وبنتيجة وعد بلفور وتطبيقه من الحكومة البريطانية كسلطة منتدبة على فلسطين، بلغ عدد اليهود /608000/ نسمة وكان عدد السكان العرب /1293000/ نسمة.
            في سنة 1947 قررت هيئة الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بحيث يكون : للدولة اليهودية: 14000/كم2 للدولة العربية: 11000/كم2.
            وعلى اثر انسحاب القوات البريطانية من فلسطين في 15 أيار 1948 هجمت القوات الصهيونية، من نظامية وغير نظامية، واحتلت القسم الوارد في مشروع التقسيم، واحتلت فوقه ما مساحته 6300/كم2 اشتملت على حيفا وعكا والقدس الجديدة وغيرها.
            = يتبع =

            تعليق


            • #36
              سيرة الأمام الصدر (حوار صخفي4)جزء2

              وقد نتج عن هذا:
              من أصل 000،300،1 عربي فلسطيني، أكثر من مليون أصبحوا لاجئين في البلاد المجاورة على أعتاب أرضهم وبيوتهم وممتلكاتهم. وحصلت هذه الهجرة هرباً من الإرهاب الوحشي الصهيوني الذي تشهد عليه العشرات من الحوادث والمذابح، وخاصة مذبحة دير ياسين التي حصلت في 5 نيسان سنة 1948، وهدم وقتل جماعيين لقرية عمواس، والجرائم الأخرى المكتشفة بواسطة هيئات دولية.
              وألفت النظر هنا لنقطة مهمة وهي أن الدولة اليهودية كما حددها مشروع التقسيم المشار إليه هنا كان يجب أن تحتوى على /510000/ عربي أيّ أكثر من العدد الملحوظ لليهود فيها وهو /499000/ نسمة، بحيث أن الدولة الملحوظة تلك لم يكن بإمكانها أن تكون دولة يهودية في مفهوم العقيدة الصهيونية، الاّ إذا صارت تصفية العنصر العربي منها.
              وبعد حرب حزيران 1967 واحتلال إسرائيل أراضٍ عربية أخرى أصبح عدد اللاجئين العرب يتجاوز مليون وثلاثمائة ألف لاجئ.
              ب ـ العنصر الثاني: هو أن هذا الشعب الذي شرد وطرد من أرضه، كان يعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين. بحيث يكون خاطئاً هذا الزعم الذي يقول بأن فلسطين لم يسكنها العرب إلا في القرن السابع ميلادي بعد الفتح الإسلامي. فعرب فلسطين ليسوا فقط أحفاد الفاتحين الذين كانوا قليلين نسبياً، بل هم أهل فلسطين الأصليين وكل من استوطن هذه الأرض وسكن عليها، وكانت الأكثرية الساحقة من العرب الساميين، والعموريين والكنعانيين والعبرانيين والاراميين وغيرهم من الذين كانوا في فلسطين قبل الفتح الإسلامي العربي في القرن السابع الميلادي. وبعد القرن السابع الميلادي استعربت جميع الاقليات من سكان فلسطين غير العرب وكان هذا الاستعراب ذا طابع حضاري وثقافي على الأغلب ودينياً بنسبة ما، ولكنه لم يكن على الإطلاق عنصرياً. وهكذا يكون من حق عرب فلسطين كما يحق لشعب أي بلد أن يطالب بأرضه وموطنه وهذا الحق لا يمكن الاّ ان يكون شاملاً كاملاً.
              ج ـ العنصر الثالث: الذي يستوقفنا هو أن حرمان عرب فلسطين من حقوقهم القومية الطبيعية، يشكل نقضاً مباشراً للمبدأ العام المسلم به وهو حق الشعوب بتقرير مصيرها بصورة ذاتية.
              وجميع ما اتخذ من تدابير كانت ضد إرادة هذا الشعب التي أعلنها منذ زمن طويل.
              وخلال الانتداب البريطاني كانت إرادة شعب فلسطين العربي تبدو ظاهرة للعيان في مواقف عديدة ومتكررة كالاحتجاجات والمظاهرات والإضرابات، وبنوع من الثورة الدائمة التي تظهر أن هذا الشعب مصمم على الحفاظ على هويته وحقوقه وتراثه.
              وعلى الرغم من ذلك، ارتكبت الجرائم ضد شعب فلسطين واستهترت الدول بحقوقه ورفضت الاستماع إليه. وهذا الواقع والكثير غيره من الأحداث، يدل دلالة واضحة أنّ هناك في العالم جهازاً صهيونياً قوياً وقادراً وغنياً ومنظماً وممتلكا لشبكات واسعة من وسائل الإعلام متحالفاً مع قوى استعمارية ذات طموح استراتيجي يشكل في الحقيقة عدوانا مستمرا.
              وانه لمهزلة تاريخية وظاهرة مرض في مجتمعنا الحديث، أن يتخذ هذا العدوان منطلقاً استعماريا محضاً في هذه الفترة التي ينادى فيها العالم بالتحرر من الاستعمار.
              اكثر من هذا ان أبشع أنواع الاستعمار كانت تشجع الشعوب المستعمرة على البقاء في أرضها. أما شعب فلسطين فلم يسلبوه حقه وأرضه، فحسب، بل انتزعوه من أرضه والقوا به خارجها لاجئا تحت الخيم.
              وقد سمح العالم لهذا الانتهاك الفاضح ان يحصل ولا يزال يسمح به حتى اليوم.
              د ـ ومن الناحية التاريخية فلنتذكر ان العبرانيين قد غزوا أرض كنعان في القرن الثاني عشر قبل الميلاد واحتلوا قسما منها، وان احتلالهم هذا لم يكتمل إطلاقاً لان قبائل الفيلستين (Philestens) الذين سموا بلادهم باسمهم بقوا مسيطرين على كافة السهول البحرية الهامة. ثم قامت دولة إسرائيل للمرة الأولى في سنة 722 ق. م. وللمرة الثانية سنة 586 ق. م. ولمدد قصيرة.
              فإذا كان الذين تركوا فلسطين منذ تلك العصور الغابرة يدعون حق العود ة إليها، فكيف بعرب فلسطين الذين طردوا طرداً من بلادهم منذ بضعة سنوات فقط، وهل يمكن إنكار حقهم بممارسة حقوقهم بالعودة إلى أرضهم وأرض أجدادهم ؟
              هـ ـ وفيما يعود إلى الجانب الديني ومفهوم أرض الميعاد، علينا أن ننظر إلى الإيضاحات التالية:
              إنّ إبراهيم أب لجميع المؤمنين اليهود والنصارى والمسلمين، ولا يمكن اختصاص وعد الله لأبناء إبراهيم باليهود، وبالتالي اختصاص الأرض المقدسة بهم، بل انها لجميع المشردين.
              أما المنحرف والظالم، فقال له المسيح بلسان يهوه (ان اباكم هو الشيطان) وهذا يؤكد رفض وراثة الدم والجسد.
              الإرث الحقيقي هو الرسالة والتعاليم. يقول المسيح "تعاليمك يا رب للأبد إرثي" فلا يمكن احتكار الميراث واختصاص أرض الميعاد بعنصر واحد.
              لا يمكن أن تكون مملكة الله إلاّ بلاد النور والرحمة لا إمبراطورية زمنية وعنفاً دائماً.
              إنّ سيطرة الصهيونيين على القدس وتهويد المدينة المقدسة هي إنكار للرسالة المسيحية التي علمت الناس انهم اخوة متحابون.
              إن تنفيذ وعد الله ونبوءات رسله بالسلاح والقنابل والنابالم في أواخر القرن العشرين، تشويه لصفات الله، وإهانة لليهود والمسيحيين والمسلمين، وظلم للعرب والفلسطينيين المسيحيين والمسلمين.
              إن الاضطهاد والتشريد اللذين يمارسهما رجال إسرائيل ضد العرب ليس علاجاً للاضطهاد والتشريد اللذين عانوهما خارج العالم العربي.
              إنّ تأسيس دولة يهودية هو ضد إيمان اليهود حتماً: إنّ كلّ يهودي يردد في صلاته اليومية: ما ترجمته "لا ملك لنا سواك وخارجك أيها الأبدي" (En Lanou Melé hela atta) .
              ويقول كتاب صموئيل:"اليوم ترفضون ربكم الذي خلصكم من كلّ الامكم وكل شروركم وتقولون له نصب علينا ملكاً ان الأبدي ربكم هو ملككم.
              اعلموا إذاً وانظروا كم انتم مخطئين في نظر الخالق حينما تطلبون ملكاً لكم". " اننا أضفنا إلى خطايانا خطيئة جديدة هي أن نطلب ملكا سواه علينا".
              "إن الأبدي حسبنا، الأبدي شريعتنا الأبدي ملكنا وهو الذي يخلصنا".
              "لقد نصبوا على أنفسهم ملوكاً دون أمري ورؤساء دون إرادتي. لقد صنعوا الهة من ذهب وفضة ولذلك كتبنا عليهم الفناء".
              إنّ الدولة اليهودية هي أبعد ما تكون عن مبادئ الدين اليهودي. إنها تشكل حادثا طارئا في تاريخ الدين اليهودي. "وسفر الملوك الأول 8/10 18 يؤكد أيضاً أن ملكية الإنسان للأرض تتنافى مع ملكية الله لها".
              ورأى تأسيس الدولة هو رأى الحاخام الصهيوني (EISEMBERG)، ولكن أكثر اليهود ورجال الدين، خاصة الحاخام الكبير ( SATMAR ) كانوا يرفضون ذ لك ويعتبرون ان دولة يهودية ذات طبيعة مجوسيّة انها مملكة قيصر التي تتناقض مع مملكة الله.
              ونختتم هذه النقطة بما ورد في (LEV 24- 22) مخاطباً أولاد إسرائيل قديماً وحديثاً: "أنتم الذين تنحرون العدالة وتحرقون كلّ مستقيم، وأنتم الذين تبنون صهيون بالدم والقدس بالجريمة".
              و أمّا من الناحية الاسلامية فالقدس ترمز إلى تلاقي الإسلام مع الأديان الأخرى (الإسراء)، وتفاعل الدين مع الثقافات والحضارات، وشمول الإسلام لجميع الشعوب وتجاوزه العرب.
              وهذا يعني ان تهويد القدس واهانة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وانتشار الفساد والسياسات في القدس، تتعارض مع الإسلام في اعماقه، وتستلزم دائهاً السعي المستميت، وبذلك لا يمكن إحلال السلام في العالم طالما يوجد مسلم ملتزم واحد.
              سابعاً: وأحب في ختام هذا الحديث ان أضع تحت تصرفكم بعض المعلومات التي لا تتناسب مع العدالة والحياد المطلوبين من الشعب الألماني والحكومة الألمانية.
              إنّ الحكومة الألمانية ملتزمة حسب البيان الوزاري أن تعامل دول الشرق الأوسط بالمساواة وبصورة عادلة، ومع ذلك فلا بد لنا من توجيه هذه الأسئلة:
              أ ـ تقدم حكومة ألمانيا الاتحادية سنوياً مائة وأربعين مليوناً من الماركات لإسرائيل كمساعدة اقتصادية، وقد استلمت خلال سنوات 49 - 67 سبع مليارات دولار أي ما يعادل الدخل القومي لمصر والأردن وسوريا ولبنان مجتمعة سنة 66. مجموع ما تستلم الدول العربية الأربعة عشرة من ألمانيا لا يبلغ مائة وأربعين مليوناً، مع أنها جميعها من الدول النامية ويبلغ عدد نفوسها مائة وعشرين مليونا من البشر.
              ب ـ تقدم إسرائيل شكوى للمحاكم الألمانية وتطلب /72/ ملياراً من الماركات غرامة للعمل المجاني الذي قام به اليهود الأسرى أثناء الحرب في 500 شركة ألمانية.
              فهل حكومة إسرائيل وريثة اليهود في العالم ؟
              وهل أسرى الحرب كانوا حصراً من اليهود، ولم يكن هناك أسرى حرب من جنسيات أخرى كالعرب والألمان المعارضين للحكم النازي؟ ألم يحصل مثل هذه المآسي في التاريخ للشعوب الأخرى؟ علما بأن الدراسات أثبتت انه كانت توجد لجان صهيونية نازية مشتركة تمارس الاضطهاد العام لجميع المعارضين.
              ثم هناك مساعدات كبيرة تتراوح قيمتها بين مائة مليون ومائتي مليون من الماركات تجمعها منظمات صهيونية من الشعب الألماني سنوياً.
              هذه المساعدات الشعبية والحكومية، وصفقات الأسلحة حصلت جميعها في الأيام التي لم تكن فيها بين ألمانيا وإسرائيل علاقات دبلوماسية، أيّ قبل سنة 1965.
              وبعد هذا، نطالب الشعب الألماني والحكومة الألمانية بمزيد من العدالة مع أن العلاقات بيننا دائماً كانت ودية للغاية ولم يكن أيّ أثر للاستعمار أو الصراع في تاريخ علاقاتنا.
              والسلام عليكم

              تعليق


              • #37
                سيرة ألأمام الصدر (حوار صحفي5)

                الموضوع : حوار صحفي ـ لبنان ضرورة دينية وحضارة وإسرائيل دولة عنصرية وتوسعية .
                التاريـخ : باريس ـ 30/8/1970
                المناسبـة : حوار مع جريدة "لاكروا" أثناء زيارة الإمام إلى باريس .
                المقدمـة : نشر الحوار باللغة الفرنسية وتم تعريبه من قبل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
                ـ الــنـــص ـ
                س ـ ما هو دوركم الشخصي في المجتمع السياسي اللبناني وما هي العلاقات بين الدين والدولة في لبنان؟
                ج ـ إنّ دوري هو دور كلّ رئيس طائفة في لبنان لا سيما الطوائف الثلاث الكبرى: المارونية، السنية والشيعية. بالإضافة الى أن أكثرية سكان الجنوب من أبناء طائفتي، وهذا يزيد في مسؤولياتي بالطبع في هذه الظروف القاسية التي تمر على جنوب لبنان.
                فـإسرائيل، كما نعرف تعتدي على منطقة جنوب لبنان بالقصف والتجاوز وقتل المواطنين وتشريدهم، وهذه الاعتداءات تتكرر يومياً، مما خلق مشكلات انسانية واجتماعية وسياسية.
                وهذا الوضع يزيد من مهماتي أمام وطني، وأمام أبناء طائفتي، بحيث يأخذ أكثر أوقاتي. وقد حاولت في رحلتي لالمانيا، وأحاول في فرنسا توضيح الحقيقة المرة أمام الرأي العام.
                وعليّ أيضاً بالإضافة الى هذه المسؤوليات، واجب آخر هو مهمة تنظيم الطائفة الإسلامية الشيعية التي كانت آخر الطوائف من حيث التنظيم الداخلي.
                وقد انعكس عدم التنظيم على وضع أبناء طائفتي، مما يفرض نشاطات اجتماعية وثقافية وتربوية واسعة النطاق.
                وفي خصوص العلاقات بين الدين والدولة، فلبنان يضم طوائف متعددة، وقد وضع مبدأ المشاركة في الحقوق والواجبات بين مختلف الطوائف في أساس النظام، والطوائف اللبنانية تساهم في كثير من الحقول الإجتماعية والثقافية والاستشفاء؛ والحكومة اللبنانية تحترم الطوائف المختلفة وتتعاون معها تعاوناً وثيقاً.
                وقد وجد في لبنان، نتيجة لهذا الوضع، نظام فريد في العالم، ومجتمع متنوع الطوائف منفتح على العالم، يمكن اعتباره ضرورة دينية تثبت امكان تعايش الأديان والمذاهب بعضها مع بعض في مجتمع واحد، وفي الوقت نفسه ضرورة حضارية حيث أن العلاقات الدينية بين الطوائف المختلفة وبين أبناء مذهبهم في الخارج، تجعل الطوائف نوافذ حضارية على جميع العالم وحضاراته وثقافاته ويصبح لبنان بذلك مكاناً للتلاقي وصلة للتفاهم.
                إن الدولة في لبنان ليست علمانية، بل إنها تمثل جميع الطوائف المختلفة وتعتمد القيم الروحية التي هي مشتركة بين جميع الأديان.
                س ـ أي دور تعطون لشعب فلسطين؟
                ج ـ إن هذا الشعب قد طرد من وطنه بالقوة، وسلبت منه جميع أمواله وحقوقه في الحياة. ثم انتظر عشرين عاماً لكي يؤخذ حقه من الذين جاؤوا من أقطار الأرض ومن أوطان مختلفة لكي يؤخذ حقه منهم بالطرق الدولية. وقد خاب ظنه، فاضطر لحمل السلاح من أجل الدفاع عن كرامته وحياته والعودة لوطنه.
                إن قضية الشعب الفلسطيني قضية حق وعدالة، ومأساة فلسطين لطخة سوداء في الضمير العالمي.
                ولذلك، فلا يتمكن أيّ إنسان إلاّ أن يقدّر نضال هذا الشعب، وأن يتأكد من أنّ تجاهل حقه يؤدي الى صعوبات بالغة ومشكلات غير متصورة.
                إنّ نضال الشعب الفلسطيني تصحيح لحدث تاريخي خطير، فهو يتعدى نطاق فلسطين، بل هو دفاع عن الأديان، وعن قداسة القدس، وعن تشويه لوعد الله الذي تدعي إسرائيل اختصاصه بها وتريد تنفيذه بـ"النابالم".
                س ـ ما رأيكم في مشروع روجرز والمفاوضات الحالية في نيويورك، هل تعتقد أنها ستؤدي الى نتيجة؟
                ج ـ إنّ مقترحات روجرز كما نعرف، تختص بمشكلة الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل في حزيران 1967 ولا تبحث في مشكلة فلسطين وحق شعبها.
                والدول العربية صاحبة العلاقة حاولت تأكيد حُسن نيّتها بقبولها قرار مجلس الأمن منذ صدوره، في حين أن إسرائيل رفضته.
                أما الفلسطينيون فمن الطبيعي رفضهم له، حيث أنه يتجاهل حقهم. والنتيجة منوطة بأمرين أساسيين: الأول: ضغط الدول الكبرى والولايات المتحدة بصورة خاصة على إسرائيل التي تستمر في الاعتداء اعتماداً عليها.
                والثاني: رعاية حقوق شعب فلسطين في وطنه.
                س ـ ما هو مستقبل العلاقات بين إسرائيل والدول العربية؟
                ج ـ إنني بشديد الأسف متشائم، حيث أنّ تشكيل دولة عنصرية دينية تعتمد:
                أولاً: على تفوق العنصر الإسرائيلي على سائر الناس.
                وثانياً: على النبوءات التي تحدد لهم أراضيهم من الفرات الى النيل كما ورد في تصريحات كبار مسؤوليهم.
                وثالثاً: على تشريد ثلثي سكان فلسطين، الذين كانوا يملكون 70% من أراضي فلسطين.
                ورابعاً: توسع الحدود، خلال عشرين سنة ثلاث مرات بالقوة .
                إنّ تشكيل هذه الدولة لا يدعو للتفاؤل، ولا يبشر بحصول علاقات طبيعية مع أيّ دولة في العالم من قريب أو من بعيد.

                تعليق


                • #38
                  أشكرك أخي صدر على هذه المعلومات التي وضعت مرتبة وسيقت حسب تناسق وتنظيم للأحداث ففي كل مرة يجب تذكر هذا الرجل ا لألمعي الفطن هذا الجهبذ العظيم الله يفك قيده وأسره ويهلك معمر القذافي بقذيفة الهلاك وأعوانه والمناصرين إليه ومن تبعه اللهم فت عضدهم ولا تبقي منهم أحدا .

                  تعليق


                  • #39
                    سيرةالأمام الصدر(محاضرة3)

                    الموضوع : محاضرة ـ لبنان بين الطائفية و العلمنة
                    المكـان : معهد الآداب الشرقية بجامعة القديس يوسف ـ 22/12/ 1970
                    المناسبـة : دعوة من رابطة معهد الآداب الشرقية قي جامعة القديس يوسف.
                    ـ الــنـــص ـ
                    حدّد سماحة الإمام السيد موسى الصدر، العلمنة "إطاراً اجتماعياً وليس نظاماً".
                    وقد استهل السيد الصدر محاضرته التي كانت حول "لبنان بين الطائفية والعلمنة" بنظرة تحليلية في هاتين الصفتين فقال إنّ الطائفية والعلمنة صفتان يتصف بهما المجتمع، كما يتصف بهما الفرد.
                    وقسم الإمام المجتمع إلى ثلاثة أقسام "المجتمع الطائفي الذي نعيشه وهو الذي يتحكم بعلاقات الأفراد فيولد عندهم الانعزال، والمجتمع العلماني والمجتمع المتدين".
                    وقال الإمام الصدر إنه يمكن أن يكون أيّ نظام ديموقراطي نظاماً طائفياً أو علمانياً أو متديناً.
                    وانتقل السيد الصدر من العموميات إلى داخل البيت فقال: "إنّ الطائفية اختيرت رفيقة للنظام اللبناني، ولكن بدلاً من أن تكون طائفية بإيجابية يكون هدفها تجاوب كلّ طائفة وتفاعلها مع الأخرى تعطي لبنان طابعاً حضارياً، تحولت هذه الطائفية إلى مدلول سلبي أوجد تفاوتاً ثقافياً وعلمياً واقتصادياً في المجتمع".
                    وتساءل السيد الصدر: النظام الطائفي لماذا وجد؟
                    وأجاب قائلاً: قد يكون الذين اختاروا النظام الطائفي للبنان كان اختيارهم في سبيل خير لبنان وقد يكون هرباً من أخطار النظام الديموقراطي المطلق الذي لا يوجد حماية للضعيف من القوي فتزداد قوة القوي ويزداد ضعف الضعيف. ولكن هذا النظام بدّل الوجه الإيجابي للطائفية وكرس العقل الطائفي السلبي وحول الحوار المفروض ان يقوم بين قواعد الطوائف إلى حوار منحصر في وجوهها، وصان امتيازات خاصة لطوائف معينة.
                    وهنا يتساءل الإمام الصدر: هل العلمنة تحل المشكلة؟
                    ويجيب على هذا السؤال جازماً بأن العلمنة بحد ذاتها لا تشكل نظاماً، وقد تكون صفة للنظام الديموقراطي ويمكن جداً ان تكون صفة لشخص ديكتاتور ما.
                    وأضاف السيد الصدر قائلاً: ان العلمنة لا تعالج مشكلة تغلب القويّ على الضعيف، كما أنها تفقد أيّ مجتمع الرصيد الروحي الذي يملكه وتشكل إطاراً اجتماعياً لا بد وأنّ يتمكن من التغلب، في النهاية على الصفة الإنسانية في الإنسان.
                    وانتقل السيد الصدر بعد ان رفض مداورة المجتمع العلماني، إلى المجتمع المتدين الذي قال انه يمكن ان يكون الحل، لكونه لا يعطي شكلاً مطلقاً لأي نظام.
                    وطرح الإمام الصدر موضوع الزواج المدني فقال أن المطروح اليوم بالنسبة إلى الزواج المدني هو مسألة التزاوج بين الطوائف وأنه يخـيّل إلى البعض أنّ التغلب على الطائفية يمكن أن يتم عن طريق الزواج المدني، وحدد هذا الزواج بأنه عبارة عن معاملة أو عقد أو "كونتراتو" بين فريقين ليس له الطابع الديني. وقال أن هذا الزواج مقبول في الإسلام لأن الزواج في الإسلام هو عقد بين طرفين. ولكنه استدرك قائلاً أنّ عدة تجارب حصلت عن طريق الزواج المدني أكدت أن المشكلة الطائفية هي مشكلة مستعصية واكبر من أن يحلها الزواج المدني.
                    وأنهى السيد الصدر محاضرته بالدعوة إلى تغيير النظام "لأن النظام هو المسؤول، فلا علاج لمشكلتنا إلاّ بإلغائه وتشكيل نظام سياسي واحد على الصعيد العام ".
                    وبعد انتهاء المحاضرة أجاب السيد الصدر على بعض الأسئلة المطروحة:
                    س ـ هل تحل الأحزاب المشكلة الطائفية؟
                    ج ـ نعم إذا كان الحزب صورة عن المجتمع المطلوب، وبما أن أهم عامل في تكريس الانقسام هو النظام، فكلما استطاع أيّ حزب إضعاف هذا النظام يكون هذا الإضعاف نصراً للوصول إلى المجتمع المطلوب.
                    س ـ أليس الزواج المدني تكريساً لحرية الفرد؟
                    ج ـ التهرب من الزواج الديني إلى الزواج المدني ليس سببه الطقوس الدينية التي هي جميلة جداً ويحبها كلّ شخص، ولكن السبب بصراحة، عدم وجود طلاق في بعض الطوائف. وإني أتصور أنّ المحاولات الموجودة في الكنيسة الآن لإيجاد صورة للطلاق، في بعض الحالات، ستحول من دون هذا الإلحاح المستمر على الزواج المدني. وفي اعتقادي أنّ مجتمع لبنان الطائفي السلبي لا يزول عن طريق وحدة الأحوال الشخصية عند اللبنانيين وإلغاء قانون الأحوال الشخصية.
                    س ـ قال أحدهم كلنا مسلم، وفصل الدين عن الدولة، فما رأيكم؟
                    ج ـ القرآن أعطى صفة الإسلام لكل من أسلم لله قلبه وعقله، أما فصل الدين عن الدولة فان الإسلام يرفضه كما ترفضه المسيحية، لأن هذا الفصل هو محاولة لفرض نوع من العلمنة وما قول السيد المسيح:"ما لله لله، وما لقيصر لقيصر" إلاّ رفض لتحويل كلّ شيء للقيصر.
                    التعديل الأخير تم بواسطة صدر; الساعة 05-12-2002, 07:04 PM.

                    تعليق


                    • #40
                      سيرة الأمام الصدر (محاضرة 4)

                      الموضوع : محاضرة ـ لا طبقات في المجتمع بل تمايز كفاءات .
                      المكـان : مقر جمعية مار منصور ـ 4/2/1971
                      المناسبـة : دعت جمعية مار منصور إلى لقاء في مقرها حول موضوع "القضايا الراهنة".
                      ـ الــنـــص ـ
                      بدأ الإمام السيد موسى الصدر حديثه بتحديد هذه القضايا التي وصفها بالمشاكل على النحو التالي:
                      ـ مشكلة الشباب، والطلاب خاصة، وهي التي إنفجرت بشكل عنيف عام 1969 في كل من أميركا وأوروبا، وأنتقلت عدواها إلى لبنان.
                      ـ المشكلة العمالية، التي هي أحدى زوايا المشكلة الطبقية.
                      ـ مشكلة اليهود الصهيونية العالمية
                      ـ مشكلة الشباب:
                      وتناول السيد موسى الصدر هذه المشاكل بالتفصيل فقال: "إن مشكلة الشباب تفجرت تعبيراً عن إرادة حب التغيير في نوعية الحياة، وجاءت نتيجة فقدان الإرتباط الفكري والثقافي بين الأجيال الطالعة والأجيال السابقة. وقال أن حب التغيير يخفي رغبة بإبراز شخصيته، حيث يبدأ بإيجاد مفاهيم لم يمارسها الجيل السابق". كما ذكر سبباً آخر وهو فقدان الرابط العائلي: "فغياب المرأة عن أولادها وتفرغ الأب لعلمه أضعف الرابط العائلي الذي تفجر أخيراً بثورة من أجل التجديد ورفض الماضي".
                      ـ المشكلة العمالية:
                      وانتقل السيد الصدر إلى المشكلة العمالية فرفض الإعتراف بوجود طبقات في المجتمع "فهذه الطبقات هي من إختراع الفلاسفة الماديين أمثال كارل ماركس. وكان يمكن أن نسمع بها لو لم تتناولها الأقلام والألسن". وقال السيد الصدر: "أن التعبير الصحيح الذي يجب إطلاقه هو التمايز بالكفاءات في المجتمع".
                      ـ أما المشكلة الثالثة وهي مشكلة اليهود والصهيونية العالمية:
                      فقد وعد السيد الصدر ببحثها في لقاء آخر.
                      ويبدأ النقاش بين السيد الصدر والحضور على شكل أسئلة وأجوبة كانت كما يلي:
                      س ـ ما رأيكم بقضية الطلاب في لبنان وقضية التعريب؟
                      ج ـ حان لنا أن نخرج من إزدواجية التعليم في لبنان، يجب علينا أن ندرس باللغة الأم التي تربطنا بالتاريخ. ولكن هذا لا يمنع التأكيد من أن تعلم اللغات ضرورة عصرية وإنسانية.
                      س ـ هل تعتقدون أن وراء التظاهرات الطلابية في لبنان تغيير النظام السياسي في لبنان وفرض نظام غيره؟
                      ج ـ الطلاب أطهر المواطنين وأكثرهم إخلاصاً للوطن، والطالب بريء وهو أقرب إلى المثالية أكثر من غيره، ولا يجوز إتهام أية حركة طلابية بإنتماءات سياسية، فالطالب يستغل وعلى المسؤولين الإستماع إليه. أما المظاهرات الطلابية فمنبعها يرجع إلى عدم صلاحية الوضع العام، حيث أن المجتمع الحاضر لا يرضي أي مواطن.
                      س ـ ما هو العلاج المناسب لإرجاع مجد الأسرة؟
                      ج ـ أن من تحدى العالم بأسره بإيجاده للأبجدية، قادر على أن يضع العلاج الذي يمكن تخليصه بالآتي:
                      1 ـ إيجاد الضمان العائلي على نسق الضمان الإجتماعي والضمان الصحي.
                      2 ـ تقوية الإيمان المطلق.
                      س ـ ما هو دور رجال الدين في خلق المجتمع المطلوب؟
                      ج ـ على رجل الدين أن يكون بمعزل عن المادية ليخدم وطنه ومجتمعه فالدين الحقيقي لا يعترف بالطائفة والمادية. ورجال الدين في لبنان يمكنهم أن يقدموا بالشيء الكثير إذا كانت لديهم الرغبة المخلصة في الإصلاح.

                      تعليق


                      • #41
                        سيرة الأمام الصدر (رسالة الى اللبنانين)الأضحى المبارك

                        الموضوع : رسالة العيد ـ لماذا سلمتم راية الطموح و التضحية الى عدوكم واتخذتم من عجله إلهاً دون الإله الواحد.
                        المكان : بيروت ـ 6/2/1971
                        المناسبـة : وجه الإمام الصدر هذه الرسالة بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
                        ـ الــنـــص ـ
                        أيها اللبنانيون :
                        كنت أحب أن أتحدث إليكم عن العيد، فشعرت بحيرة في الأمر عن أي عيد أتحدث؟ عن العيد (المرهم) أو عن العيد الجرح؟ عن العيد الأمل، أم عن العيد اليأس؟ عن العيد الذي كان من فرص الملحمة لتكتب فصار فرصتها لتقرأ.
                        هل أتحدث عن العيد الذي هو توق الى الخالق أم عن ذلك الذي هو تزلف الى المخلوق؟ ثم إني كنت أفتش عن جذوره في الزمان فرأيت إبراهيم أب الأنبياء، وقائد الموحدين يحمل إيمانه بربه متوكئاً على شيخوخته وابنه قطعة قلبه، ليقدمه في المذبح قرباناً، يقول الله: هذا في رضاك.. ويقبل الرحيم الكريم القربة.. ويبعث من عنده الفدية ويجعل منه إماماً للخلق أجمعين.
                        وخاتم النبيين صنع من العيد هجرة خالصة لله ترجمها في الحج الى بيت الله لكل من استطاع إليه سبيلاً.
                        فما الحج إلا هذا السفر عن "الأنا" للقاء الـ"هو"، لنفرغ "الأنا" فيها ونملأها بـ"هو". نسافر إليه، أي نترك الدار والعقار ونهجر الراحة.
                        وفي الميقات على خطوات هناك نحرم.. أي نضحي باللباس العرض ونهجر مباهج الجسد. ثم نطوف حول البيت العتيق وبين الصفا والمروة نهرول.. أي نضحي بالوقار والزهو.. وهل هو إلا سفح المال في سبيله تعالى، أجل كان ذلك هو صراط خاتم الأنبياء.. اختطه في العيد لأمته، حتى تعرف مكانها الأسمى، في معراج الحياة. هكذا نقرأ الصفحة الأولى ثم ننتقل الى الصفحة الأخرى لنقرأ..
                        وقضى موسى ثلاثين ليلة على الجبل، وأخر عودته عشرا أخر، فيستغل السامري في بني إسرائيل غياب النور وتأخير عودته، فيدعوهم الى عبادة عجل من ذهب كان صنعه لبهر العيون والنفوس، فتركوا عبادة الله، وركعوا أمام المال، جاعلين من متاع الدنيا وشهوات النفس، قدس اقداسهم، ومطرح أقدامهم وأحلامهم.
                        ويقلب الزمان من سفره صفحة.. فإذا الطرف الآخر.. صاحب العجل الذهبي، يسرق العيد، وبه يفتح مداس التضحيات، لينصب من نفسه السيد، بين المهد والصخرة، ويمسك بهذه المنطقة الرائدة من قلب الأرض، يفعل بها ما يشاء، وإذا نحن أساتذة الفداء.. نغرق في عجول الذهب ومداميك الحجر وأشبار العقار، نعيش على هامش المنطقة، ونحن أهلها، ننظر إليها كما ينظر الأيتام الى أكف اللئام.
                        وماذا بعد العيد، أيها الاخوة المؤمنون؟
                        يخيل إليّ، أنها ليست صدفة، أن جعل الله أضحى هذه السنة، يتربع على صدر الخامس من شباط... فهل نمعن النظر، ونتأمل في معاني هذا اليوم، وفي مدلولاته؟
                        تحدد الصورة في نفسي خطوطاً أربعة… عدو متجبر، وصديق متحفظ، وعالم مساير، ونحن نزحف، وعجولنا الذهبية الى قاعة المسلخ...
                        أيها الاخوة :
                        فليكن العيد مناسبة لنا فنتأمل في معانيه، ونمتص منها مناخاً ملائماً لعمل آخر بعد أن اتضح فساد ما نحن فيه.
                        في تاريخ الأمم نهضات.. وفي تاريخ الأمم يقظات، فمتى تقرع الأجراس، ويصفو صوت المؤذن؟
                        إن الأمة التي لا تعرف كيف تصرف كل طاقاتها، في وجودها، لا يمكن لها أن تستمر في الوجود لأن من بسائط علم الحياة، أن تلفظ الدخيل عليها. والشعب الذي لا يعرف كيف يخلق فرصته بنفسه أو يترك الفرص تهدر، ليس عليه أن يعتب على الآخرين، الذين يخططون فرصة الموت.
                        أيها الاخوة :
                        إن معركة التحدي المستمر التي جند لها العدو، كافة طاقاته وجند معها كل قوى الشر لخدمته، حتى ينفذ بها أساطيره الدينية، ويجعل منه عنصراً فوق البشر، تلك المعركة لم نواجهها بسوى الطاقات المبعثرة وأحلام اليقظة المريضة، وإن المعركة الأخرى، معركة الدخول في حضارة القرن العشرين، ومواكبة العالم الجديد، لم نهيئ لها إلا ما نشهد من الأصباغ الناصلة، والهامشيات الكسيحة، والشكليات العارية من أي عمق إنساني.
                        وبين المعركتين ينخر سوس التفتت، من خلافات داخلية، وانقطاع عن تراث غني وفقر بأي رؤيا كبيرة أو طموح شريف.
                        ويجيء العيد مناسبة صاعقة للتأمل في المصير...
                        أيام العيد تشحذ هممنا، تنذرنا، تصرخ بنا، لماذا سلمتم راية الطموح والتضحية الى عدوكم واتخذتم من عجله إلهاً من دون الإله الواحد؟
                        أيها اللبنانيون :
                        إن العيد أن تكدسوا أفكاركم فيه وتتأملوا فيها، تلك التحديات التاريخية الكبرى التي اجترحها أسلافكم العظام، وقابلوا بها العالم دفاعاً عن الوجود الكبير، تلك التحديات التي ما كان لها أن تكون لولا التضحيات الجسام النابعة من همم رجال يزيحون الجبال.
                        فلنستلهم في العيد تلك الهمم، نداوي بها جراحاتنا، ولننظر في عملية تقييم شاملة، لهذه الأوضاع، تقييماً مقترناً بقسوة القاضي، وبأمل المؤمن، وبالاعتزاز الأصيل من ماضينا وحاضرنا، لا بقديم صار كالصنم أو دخيل كالطرح.
                        فلننصرف عن التلهي والإلهاء والفساد والإفساد والتصرفات اللامسؤولة والبعثرات المجنونة، ولنصرف على بناء وطن لمجابهة الحق، ما يذهب في دور اللهو والمجون والمجلة الفاسقة، والقلم الداعر، ومائدة القمار التي لا تشبع، والزي المتهتك، ولنضع حداً حاسماً لهذه الموجات المهددة جذور أمتنا والتي تنشر وتشجع باسم الحرية، والحرية الصحيحة بريئة من هذا النفاق، أنها اختلاف العدوى.
                        ولنواسِ مئات الألوف من إخواننا القابعين في خنادقهم ومخابئهم، هناك على الحدود خيراً من أن نرقص على قبر ضحية فادٍ، أو نتزين بدم جندي باسل، سقط لأنه يعرف لماذا يحمل السلاح، ولنأخذ بأيدي أولادنا وفلذ أكبادنا الى المذبح الإلهي المقدس، مذبح الإعداد للدفاع عن الشرف والحرية والبناء، وحتى تسلم لنا وحدة الوطن وصلابته ومنعته وانصهاره، وهل تسلم هذه إلا بإقرار وإنفاذ مشروع خدمة العلم؟
                        ونسلك دروب العلم والتقنية الصحيحة، فقد أصبح واضحاً أن العلم الناقص لا يعادله إلا الجهل الكسيح.
                        ونسلك طريق إله واحد، فرد أحد، نسلك عندئذ طريق الوحدة الحق، والقيمة المثلى حيث لا غوغائية ولا حتمية، ولا هياكل محنطة، ولا غايات، ولا مصالح شخصية.
                        عند ذلك نكون قد أعدنا العيد الذي سرقوه منا، وأخرجنا من بيننا العيد الذي ألهونا به، وعندئذٍ يبارك الله بكم وبأعيادكم وبكل أيامكم، والسلام عليكم.

                        تعليق


                        • #42
                          سيرة الأمام الصدر (كلمة6)

                          الموضوع : كلمة ـ نصون لبنان بأرواحنا ودمائنا ونؤكد إصرارنا على بقائه حراً كريماً مؤمناً عربياً .
                          المكـان : مبنى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية ـ
                          7/5/1971
                          المناسبـة : إحتفال المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بذكرى المولد النبوي الشريف.
                          المقدمـة :
                          بحضور رئيس الجمهورية اللبنانية وكبار المسؤولين ورجال الدين من مختلف الطوائف وحشد من المواطنين اللبنانيين، ألقى سماحة الإمام الصدر الكلمة التالية:
                          ـ الــنـــص ـ
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          فخامة الرئيس...
                          أيها السادة الأعزاء ...
                          إن الرسول الأكرم قد ولد في هذا اليوم مرتين: مرة بجسمه ومن بطن أمه في مكة المكرمة وثانية خلال هجرته التي هي الولادة الكاملة للإسلام، رسالة النبي وجوهر وجوده. وهذه الولادة كانت من مكة وفي المدينة المنورة وكانت بداية تاريخ الإسلام.
                          وفي احتفالنا هذا بيوم المولد الشريف، محاولات لولادته الثالثة، الولادة المتجددة في القلوب وفي المجتمع. محاولات إنسانية رسالية لتكوين الميلاد المحمدي في يوم أتم الله ميلاد محمد ورسالته.
                          ومشاركة لبنان رئيساً وحكماً وشعباً، ومشاركة العالم بممثيله في الاحتفال، هي مساعي منا جميعاً لخلق لبنان افضل ولميلاد مجتمع افضل.
                          الرئيس يجتمع بشعبه في ظروف زمنية ومكانية طاهرة يتحدث إليهم ويسمعهم يتحدثون إليه، يتعاون معهم ويتعاونون معه لخلق لبنان افضل ولمولد مجتمع جديد. والعالم أجمع يشارك ويبارك محاولة لبنان، البلد الصغير الكبير لخدمة الإنسان.
                          هكذا نرحب بك يا فخامة الرئيس وبمعاونيك الكبار وبممثلي العالم لأول احتفال في هذا البيت الإسلامي اللبناني بقلوب ملؤها الأمل والإيمان وفي أروقة ملؤها الترحيب والتكريم.
                          وهكذا نطرح قضايانا المستعصية معك بألم وأمل، قضايا نرجو أن تكون مخاضاً لميلاد لبناننا الجديد ولخلق المجتمع الجديد. ذلك وفاء لأمانة هذا اليوم وسعياً لصيانة مضمون حقيقي له لا يصبح طقساً تافهاً وشعاراً عابراً وصنماً يضاف إلى أصنامنا التي ملأت حياتنا وقيدت أفكارنا وربطت أيدينا وجمدت حركتنا.
                          ولقد شجعتنا أنت بمواقفك النبيلة والجريئة، بل بمغامراتك الناجحة على صعيد السياسة الخارجية وعلى الصعيد العربي، وفي العدالة الاجتماعية التي تنشدها وتصر عليها وبصورة خاصة في تنفيذ الضمان الصحي.
                          لقد شجعتنا بهذا وذاك على طرح القضايا المستعصية بواقعية وبأمل وألم. وتشجعنا أمانة الله وأمانة لبنان على التحدث عنه في هذا اليوم المبارك.
                          فخامة الرئيس: إن زيارتك هذه جاءت في تسلسل زمني شاركت خلاله في احتفالات دينية متعددة مع مختلف العائلات الروحية اللبنانية وقد سمعت لهم جميعاً، فاسمح لي أن أبرز هنا قضية مستعصية أتفق على ضرورة معالجتها جميع اللبنانيين دون استثناء وأعطوا أصواتهم جميعاً فيها في أروع استفتاء عفوي إنها قضية الأخلاق في لبنان.
                          إن كل أم لبنانية وكل أب لبناني، وأنت أولهم، ينظر إلى مستقبل أولاده وإلى مستقبل بلده بألم وقلق بالغين، ويرى أمواج الفساد وظلمات الميوعة واللامبالاة تحول الوضع الاجتماعي إلى طوفان مجنون لا يبقي ولا يذر، إنها تجاوزت وضعاً خاصاً في معهد بل شملت جميع وسائل الإعلام وتنشطت في الأفلام والإعلانات وانتشرت خلال الليل والنهار في أماكن اللهو وفي البيوت والشوارع والتي كادت أن تتحول جميعها إلى أماكن للهو.
                          إنها ويا للأسف، تقدس من قبل السنة السوء وأقلام السوء باسم الحرية، ولكنها استعمال لجميع وسائل الضغط الروحي، واستفادة من جميع الأدوات والأسباب السمعية والبصرية، واستغلال لجميع المكاسب العلمية الحديثة لتنميه جانب من جوانب الوجود البشري على حساب الجوانب الأخرى، وتشويه معالم الإنسان وكفاءاته، وبالتالي للتجارة البشعة الرخيصة وإرضائهم أعداء الإنسانية.
                          فرق كبير بين حرية التعبير وبين التضليل وإعطاء الأمور أحجاماً أكبر من حقائقها. إنها لا تقل إطلاقاً عن محنتنا بإسرائيل، بل أنها ترتبط بها وبالصهيونية العالمية بصورة واضحة، وعلاجها ليس اسهل من علاج محنتنا الوطنية والقومية والدينية بإسرائيل.
                          فيا أبا اللبنانيين جميعاً، ترى عيون الآباء والأمهات القلقة المرهقة تنظر إلى ثمار وجودهم وفلذات أكبادهم وحبات قلوبهم تمشي وسط النار الملتهبة في كل مكان. إنها تطالبك وقد سمعت صراخها أيها الفارس المؤمن بالعلاج، بالنجدة بمؤتمر يضم رجال لبنان المفكرين تدرس معهم المشكلة وأبعادها وطرق علاجها وتنفيذها فوراً. واسمح لي أن أقول لك باسمي وباسم أبناء مذهبي وباسم المسلمين وباسم اللبنانيين جميعاً، انهم على استعداد لتقديم كل خدمة فكرية وعملية ومادية في هذا الشأن.
                          التربية الدينية في المدارس أو التجنيد الإجباري أو الرقابة الأخلاقية أو الرقابة الذاتية أو تنشيط الرياضة وكل ما يملأ فراغ الشباب أو توفير العمل الجاد الواجب للجميع. أو جميع ذلك أو غير ذلك، طرق تدرس وتناقش وسوف تقدم بذلك خدمة تاريخية للبنان وللعالم المبتلى.
                          فخامة الرئيس، لقد آمنت بالعدالة، وعبرت في رسالتك عن الجنوب بالابن المريض، واستقبلت بمشاعر مرهفة أبناء الهرمل، وسمعتك تتحدث بألم في عكار...
                          وها أنا أؤكد لك أن المطالبات المستمرة التي أصبحت كالمعزوفة بحقوق المناطق المتخلفة وبحقوق الطوائف المحرومة، إن هي إلا نداء العدالة التي تعمر قلوب الواعيين من أبنائك. إنها خدمة وطنية صادقة تقوم بها فئات من اخلص اللبنانيين لوطنهم ومن اكثر اللبنانيين مشاركة في بناء لبنان التاريخي والجغرافي إنها ليست استجداء ولا طلباً خاصاً ولا كسباً للجاه، إنها نصائح صدق لصيانة لبنان ولحفظ لبنانية المحرومين وإبعادهم عن الكفر بوطنهم والانجراف في التيارات المضللة.
                          ا نملك يا فخامة الرئيس ويا أصحاب الدولة والعطوفة والسماحة والسيادة كلمة تعبير عن شكرنا. وان مشاركتكم أبناءكم في احتفالهم، هي تعبير عن أحاسيسكم وأيمانكم، وان شكرنا الحقيقي، هو استعدادنا للمشاركة، لصيانة لبنان بأرواحنا ودمائنا، وهو تأكيد إصرارنا على بقاء لبنان حراً كريماً مؤمناً عربياً.

                          تعليق


                          • #43
                            سيرة الأمام الصدر(حوار6)

                            الموضوع : حوار صحفي ـ وجود الطوائف في لبنان خير مطلق، أما النظام الطائفي فشر مطلق.
                            المكـان : بيروت ـ 23/7/1971
                            المقدمـة :
                            كتبت عادة سلهب:
                            سمعت عنه قبل أن أراه. وعرفته قبل أن أتعّرف إليه؟ عرفته من خلال كلماته الصحفية.. من خلال تصريحاته التلفزيونية.. من خلال معارفه والمقربين إليه.
                            وسعيت إليه بأسئلتي اللهفى، وكلي ثقة من أنني مهما حاولت تضخيم الأسئلة او تحميلها بعض الحرج والإحراج، فسماحة الإمام الصدر ليس قادراً على الإجابة ببساطة فحسب بل لديه القدرة الكافية على تحوير مفهوم السؤال كيفما يشاء أو تحويله عن هدفه الى هدف آخر يرتضيه.
                            دخلت عليه "معممة" الرأس بوشاح احتياطي إجباري.. مقره دائماً وأبداً في أحد أدراج مكتب مسؤول الطائفة الشيعية، لا بد لمن يريد لقاء الإمام من المرور به، وعبور حدوده.
                            وحين وقف سماحته مرحباً، اضطررت ان اشرئب برأسي عالياً كي تستطيع نظرتي الوصول الى وجهه وردّ الترحيب بمثله، بالرغم من أنني اعتبر من الحجم الثقيل والطويل..
                            وتكلم العملاق ببشاشة، فجلس "الصقر" براحة‍‍! وشعرت على الفور ان إنطباعاتي "الغيبية" عن سماحته صحيحة مئة في المئة، ولكنها بعض بعضه.
                            ـ الــنـــص ـ
                            بادرت سماحته قائلة:
                            ـ سماحة الإمام. يوصم لبنان بالتخلف بسبب تسليمه بالطائفية كأمر لا مفر منه، فما هو رأيكم في ذلك؟
                            ـ أعتقد أن وصم لبنان بالتخلف فيه شيء من الواقعية، ولكن فيه أيضاً الكثير من القسوة، خاصة بالنسبة للطائفية بالذات. قبل كل شيء أودّ أن أعطى رأي بالطائفية، وطبعاً. أعني الطائفية السياسية، أي النظام الطائفي القائم. أنا اعتقد أن الأشخاص الذين وضعوا النظام الطائفي في لبنان لم يكونوا سيئي النية، بل كان عندهم شيء من حسن النية بالنسبة لوضع لبنان، والسبب في ذلك أن لبنان في أبواب استقلاله، كان مؤلفاً من مناطق وفئات مختلفة جداً، فهناك مثلاً منطقة جبل لبنان، فطبيعة استقلالها الداخلي في أيام الأتراك تختلف عن بقية المناطق، كما أن طبيعة علاقاتها الواسعة مع الدول الأوربية وانسجامها الكلي مع الحضارة الأوربية جعلتها من المناطق المزدهرة بالمدارس والمستشفيات والمثقفين والعمران، بينما كان هناك مناطق أخرى مثل الجنوب أو عكار أو البقاع تفتقر كل الافتقار الى ما كانت تتمتع به وقتها المنطقة الأولى، وعليه، كان تخلفها واختلافها، أي اختلاف المناطق بطبيعة الحال، ينعكسان على الطوائف اللبنانية أو على المذاهب اللبنانية حسب تعبيري.
                            فالإنسان المتمكن المثقف يتمكن من وضع أولاده في المدارس والجامعات، وإعطائهم كفاءات اكثر وثقافة اكثر، وهذا يعني أن أولادهم سيتقدمون ثقافة وعلماً وحضارة. والغني بطبيعة علاقاته ووجود رأس ماله واتصالاته العالمية سيصبح أغنى. والفقير سيصبح أفقر وعليه، وجدوا أن الديمقراطية المطلقة "الليبرالية" تؤدي الى بقاء الفئات المتخلفة والمناطق المحرومة في لبنان بشكل أقوى حرمانا واكثر تخلفاً، فوضعوا قانون "6 ـ 6" مكرر، حتى يعطوا إمكانية العمل للجميع، ويوفروا الفرص المناسبة للفئات والمناطق المتخلفة.
                            هذه النية الى جوار الكفاءات الشخصية طبعاً، كان تكريساً للميزات التي تتمتع بها بعض الفئات اللبنانية. ولكن عملياً هذه الغاية لم تحصل، والسبب في ذلك أن طرف الحوار في تقسيم المنافع وفي توزيع المكاسب لم يكن للشعب اللبناني في المناطق المتخلفة أو في المذاهب المتخلفة، وانما كان للقادة والرجال البارزين الزعماء، فهؤلاء اخذوا مكاسب الطبقات والفئات والمناطق المتخلفة لأنفسهم ولأصدقائهم ولن يعرفوا ويتعرفوا عليه بطبيعة عملهم.
                            ففي الفئات المتخلفة المتخلفة منذ القديم وحتى الآن، نجد أنفسنا أمام أرقام بالنسبة للأمي في المناطق اللبنانية حسب إحصاءات الأونيسكو، وبالنسبة لعدد الموظفين في الدوائر، نجد أنفسنا أمام أرقام مذهلة تؤكد ان تخلف الفئات النسبي بالنسبة للفئات الناجحة او المحظوظة لم يتغير عن السابق أبداً، بل على العكس، ربما صارت الفروق اكثر. فالنظام الطائفي لم يعطي مفعوله، ولذلك أنا الآن مقتنع في ذاتي بأن النظام ليس من مصلحة لبنان في شيء، بل يحول دون وصول الكفاءات الى المراكز المناسبة. وهذا "تخلف" بطبيعة الحال. ان من المقتنعين بأن وجود الطوائف والمذاهب في لبنان خير مطلق للبنان، ولكن النظام الطائفي شر مطلق على لبنان!
                            ولست ادري متى يجب ان نثير هذا الموضوع ونطالب بالتحرك على هذا الصعيد، إنني التصور أن إثارة هذا الموضوع تخضع الى حدّ كبير لظروف المنطقة وللأوضاع العالمية، وللوقت المناسب الذي يرتئيه اللبنانيون المخلصون من أجل الاتفاق على إلغاء هذا النظام.
                            فإذا تخطينا قضية النظام الطائفي في لبنان، لا يبقى أي مظهر من مظاهر التخلف النسبي فيه. أنا أعرف أن النظام الطائفي هو الذي كرّس الإقطاع في لبنان، الإقطاع السياسي، إذ انه يعطي لهذا الإقطاع لون القداسة.
                            ان نسبة المثقفين في لبنان كبيرة جداً، وعليه فلا تخلف إذا ألغيت الطائفية.
                            أتدرين؟ حسب الإحصاءات الأخيرة نسبة الأميين لا تتجاوز 20 ونسبة الجامعات هنا نسبة كبيرة جداً، والشعب اللبناني كأفراد، اعتقد انه من أغنى الشعوب في العالم.

                            تعليق


                            • #44
                              سيرة الأمام الصدر (رسالة الى قس بريطاني)

                              الموضوع : رسالة ـ إلى القس البريطاني، هيربرت و. آدامز
                              المكـان :المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ـ 1/12/1971
                              المناسبـة : نشر عظة القس البريطاني في صحيفة المحرر
                              المقدمـة :
                              نشرت صحيفة "المحرر" في عددها بتاريخ 30/11/1971 نص العظة التي ألقاها القس البريطاني هيربرت و. آدامز في كنيسة عن مأساة الفلسطينيين منددا بأعمال الصهاينة وداعيا لتحرير القدس.
                              وبهذه المناسبة وجه الإمام الصدر كتابا الى القس البريطاني، نشر في الصحف البيروتية .
                              ـ الــنـــص ـ
                              سيادة الأب الجليل هيربرت و. آدامز :
                              كاتدرائية كانتربري إنكلترا.
                              لقد اطلعنا على عظتكم البليغه التي ألقيتموها في الكاتدرائية حول محنة فلسطين ومشكلة القدس وموقف المسيحيين في الغرب منها.
                              ولا أخفيكم يا صاحب السيادة، إننا هنا جميعا مسلمين ومسيحيين شعرنا ان صوت المسيح بدأ يرتفع لإيقاظ ضمائر المسيحيين في الغرب وان صرخته بدأت تتعالى في وجه الصهيونية التي جعلت ثانية مدينة العبادة مغارة للصوص.
                              لقد وقفنا بإمعان وارتياح كبيرين عندما تحدثتم عن موقف الغرب الغريب عندما حاول إنصاف اليهود بعد اضطهادهم الطويل، فأخذ وطن الشعب الفلسطيني وقدمه تعويضا لهم، مع العلم أننا في الشرق ما اضطهدنا اليهود يوما.
                              وعندما تؤكدون ان إسرائيل هي ثمرة اجيال من الخيانة والضغط من جانب الصهاينة.
                              وعندما تشيرون الى واجب المسيحيين البريطانيين بصورة خاصة حيث اشتركت دولتهم السابقة في تكوين إسرائيل فعلى الشعب البريطاني ان يتحمل قبل الآخرين مسؤولية مأساة اللاجئين المروعة لأنها كانت نتيجة مباشرة للانسحاب البريطاني.
                              وتبلغ عظتكم الروحية ذروتها عندما تحذرون من خديعة النبوءات وكأن الله يريد تحقيق إرادته والوفاء بوعده عن طريق سفك الدماء واغتصاب الأرض، واستعمال قنابل النابالم.
                              ولقد ختمتم بيانكم بالمسك حيث دعوتم المسيحيين في العالم الى اسعمال نفوذهم لتحقيق وضع افضل في هذه المنطقة الملتهبة التي قد تشعل العالم في يوم ما.
                              صاحب السيادة،
                              إننا في الشرق لا نستغرب صدور مثل هذا البيان من خلفاء المسيح بل الغريب أن يمر ربع قرن على محنة الشرق الأوسط في الأراضي المقدسة وفي شعبها دون أن يسعى أحد رجال الدين في بريطانيا وفي كثير من بلاد العالم لاكتشاف الحقائق بل الجميع يكتفون بالاستماع الى أخبار تنقل وجهة نظر إسرائيل.
                              أليس المسيح هو الذي كان يفتش عن الكنز في الخربة وكان يكتشف القديسين والمقدسات في صفوف أهل المعاصي؟ إننا نجد رجال السياسة ممثلي الدول يسافرون الى الشرق الأوسط لتقصي الحقائق فيرونها ضمن إطار مصالحهم السياسية. ولذلك فقد كنا ننتظر ان نجد يوما أحد رجالات الدين بيننا لكي يرى بعينه الحقيقة المرة على ارض المحنة ولكي يعيش ساعات مع المشردين ولا يكتفي بمعلومات تنقل إليه من المسجونين في سجن السياسية.
                              إننا نستغرب كيف ان الغرب لا يحاول اكتشاف حقيقة الإنسان في الشرق الأوسط ولكنه يسعى لمعرفة جنس تراب القمر وواقع الحضاره البائدة في جزر الباسفيك.
                              صاحب السيادة،
                              إننا في لبنان نعتبر عظتكم الرائعة هي الإطلالة الأولى لفجر الحقيقة سوف تتسع وتنمو حتى يطلع الصبح وحتى يكشف النهار الحقائق لدى مسيحيي الغرب الذين يعرفون أن خسارتهم اكثر واعمق.
                              ولذلك فأننا على استعداد تام للتعاون معكم والاجتماع بكم هنا وهناك ونضع طاقاتنا في خدمة الحقائق لكي نستعجل فعلا الى تحويل الصلوات الى الأعمال لإنقاذ مدينة الله ووضع حد للمأساة الإنسانية التي لا مثيل لها في التاريخ.
                              وتقبلوا يا صاحب السيادة تحيات جميع المؤمنين هنا رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
                              موسى الصدر

                              تعليق


                              • #45
                                السلام عليكم

                                الف شكر اخي صدر لطرح السيره لامامنا موسى الصدر


                                تحياتي وشكري لك.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X