إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سيرة الإمام الصدر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    سيرة الأمام الصدر (حوار صحفي 7 )

    الموضوع : حوار صحفي ـ أيها الجنوب! لما أنت تهمنا؟
    المكـان : بيروت ـ 12/3/1972
    المناسبـة : تكاثر الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب خاصة منطقة العرقوب وليس من يبدي الاهتمام الكافي على صعيد الدولة والهيئات والمواطنين .
    المقدمـة : كتبت أنيسة طبارة
    الجنوب، حديث الصحف، هو حديث ثانوي بالنسبة إلى بعض الفئات في لبنان.
    من هي هذه الفئات؟
    إنها سكان المدينة. فخلال إحتلال إسرائيل لأرضنا لم يتوقف العمل في الملاهي ولا السينمات ولا المقاهي، إبن المدينة الذي تعود إرتياد هذه الأماكن لم يغير عادته خلال العدوان، ومارس هواياته كأن لا شيء يحدث على الحدود. ما سبب ردة الفعل الباردة هذه عند معظم سكان المدينة؟
    يمر أسبوع وينسى الناس ما جرى ويرتاح المسؤولون.. ولكن لماذا ينسى الناس بسرعة؟ هل لأنهم تعبوا من الكلام؟ أم أن إحساسهم تبلد؟ أم أنهم سلموا أمرهم "لله" وحده لأن تسليم أمرهم للمسؤولين يعيدهم دائماً إلى نقطة البداية؟
    أسئلة حملتها إلى بعض المهتمين. الأسئلة هي:
    1 ـ ما هو تفسيرك لردة الفعل الباردة عند أغلب اللبنانيين تجاه أي عدوان يحصل على الحدود وتجاه العدوان الأخير على العرقوب خاصة؟
    2 ـ ما هو رأيك واجب السلطة لتهيئة اللبناني كي يصبح مواطناً يشعر بمعني الأرض ومعنى الوطن؟
    3 ـ هل تعتقد أن كون الجنوب منطقة فقيرة لعب دوراً في اللامبالاة العامة حياله؟
    وكانت هذه هي الأجوبة:
    ـ الــنـــص ـ
    1 ـ إنني أحب أن أنفي هذا السؤال لأنه إذا كان الجواب إيجابياً فهو يدل على أثار خطيرة وسلبية وعلى ضعف الروح الوطنية عند اللبنانيين، الأمر الذي لا أقره. إنما يكون العدوان على الجار فيحدث في نفس المواطن ألف حساب فيكف إذا حصل العدوان على منطقة عزيزة؟
    لا شك أن الطائفية والأقليمية والحزبية بأشكالها المختلفة أثرت في التماسك والتحسس السريع عند اللبنانيين ولكني أعتقد أن الشعب اللبناني ينقصه في هذه الفترة وفي كل فترة عنصر التحسس.
    والذي أراه أن المواطن العادي تحسس بالمحنة لكنه لم يتمكن من التعبير عن إحساسه، ولم يعرف واجبه تجاه هذه المشكلة، فكان على القادة أن يطلبوا خدمة معينة من المواطن.
    إن المشكلة عندنا في منتهى التعقيد تتضافر عليها عناصر متنوعة وتتأثر بالسياسات الوطنية والمحلية والعالمية لذلك فالمواطن إذا لم يعرف واجبه التفصيلي فهو على حق. والذي يؤكد ما قلت هو أن المواطنين في الإعتداء السابق عندما أدى إلى كثافة النزوح سنة 1970 فطلب إليهم الإضراب العام لبوا الطلب بعفوية وشمول لا مثيل لهما. وهذا يدل على أن المواطن اللبناني عندما يدعى لتحمل مسؤولياته لا يقصر إطلاقاً.
    2 ـ لقد سبق وذكرت في مناسبات عدة أننا في لبنان في حاجة إلى التجنيد الإجباري وخلق مجتمع جد لا مجتمع الترف واللهو، وهذا يحتاج إلى تدابير ثقافية وإعلامية وأخلاقية.
    أما الشعور بمعنى الأرض والوطن فأنه موجود يحتاج إلى تنمية وإبراز، وهذا يحصل عن طريق العدالة الإجتماعية وإشعار المواطن بأنه متمتع بوطنه عزيز في أرضه وليس مواطناً من الدرجة الثانية.
    وقد تستغربين إذا قلت أنني ناديت في بعض المحاضرات بإلغاء الطائفية مع العلم أنني أؤمن بأن تعدد الطوائف خير للبنان، بل هو ميزة لبنان الأولى، ومع ذلك فأني أعتقد أن النظام الطائفي فشل في تأمين العدالة الإجتماعية.
    إن المواطن اللبناني لا يطلب من المسؤولين إبداع المعجزات فهو شاعر بالصعوبات ولكنه يرفض التمييز بين المناطق والفئات والمواطنين.
    فإذا تأمن له ذلك ثم أخرجناه بخدمة العلم من حياة اللهو والإهمال والترف، فقد صنعنا مواطناً يستأهل أن يكون بلده لبنان، وطن الجمال والجلال، بلد السيف والعلم.
    3 ـ إن الجنوب، بعكس ما ورد في السؤال، أغني مناطق لبنان من الناحية الزراعية (أرض و مياه) ومن الناحية السياحية والأثرية، وحتى من الناحية البشرية لا ينقص الجنوب شيء.
    ولعلك تقصدين بفقر المنطقة عدم العمران. هذا حق. ولكن ألا ترين أن المنطقة التي تقدم أكبر قسط للخزينة اللبنانية وللدخل القومي لا تكلفها ما تكلف المناطق الأخرى.
    إن الألم في نفس الجنوبيين أعمق مما يتصور ولكنهم لا يملكون في الوقت الحاضر عنصر التغيير. أرجو أن تتوافر خدمات ومساعٍ رسمية لكي يكون التغيير إيجابياً يزيد في نشاطات المواطنين وغزة الوطن.

    تعليق


    • #47
      سيرة الأمام الصدر (نداء 1 ) جزء 1

      الموضوع : نداء ـ إن سلوك المواطنين والمرشحين هو النافذة التي يقرأ من خلالها المستقبل .
      المكـان : مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ـ 14/4/1972.
      المناسبـة : حلول الانتخابات النيابية في لبنان.
      المقدمـة: أعلن سماحته هذا النداء طارحا المواضيع والأفكار الواردة فيه على المرشحين والناخبين، ومثيرا المشكلات اللبنانية: مشكلة الطابع الطائفي في النظام.
      وأقترح سماحته في هذا النداء برامج معالجة هذه المشكلات.
      ـ الــنـــص ـ
      لقد حاولت تأجيل هذا النداء الموجه الى ضمائر اللبنانيين الى ما بعد هذه الفترة والتي تطغى فيها الانتخابات النيابية ومقدماتها. وأصداؤها على كل شيء، وذلك لإعتبارات أهمها:
      1ـ إن ظروف هذه الفترة تطبع النشاطات والنداءات بطابعها، وتعطي لها في الخيال اللبناني الواسع التأويلات الانتخابية.
      2ـ إن إفساح المجال من جهة ثانية، أمام الناخب، ليمارس كامل صلاحياته ينمي عنده الإحساس الكامل بالمسؤوليات.
      3- إن واجبي، كرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يحتم عليّ الإصرار على الحياد الكامل، وتجنب كل ما من شأنه أن يفسر بالتدخل، لمصلحة شخص أو فئة لكي يبقي هذا البيت ملتقى الجميع على اختلاف مسالكهم وآرائهم.
      ولكن الذي دعاني الى التحدث هو أن الشعب اللبناني يقف اليوم أمام فرصة دقيقة لعلها من أدق اللحظات الحاسمة في تاريخ لبنان، فرصة لا يمكن ولا يجوز إهمالها لكثرة القضايا المطروحة والصعوبات التي تتطلب الوعي والتجرد والجرأة.
      فلبنان الجنوبي، هذا الجزء العزيز الذي قدم منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، للبنان وللعالم أشرف الخدمات وأرفع الأمجاد وأغلى المساهمات، يعيش اليوم في مأساة مؤلمة لا توصف وسكانه يحسون بآلام وبمشاعر رهيبة ومحزنة.
      "هرعت فتاة في عيناتا الى أبيها الجليل عندما هاجم البلدة الكوماندوس الإسرائيلي وقالت له مذعورة: إسمح لي أن أموت مستورة تحت ردائك، إنها حادثة خاصة ولكنها تعطي صورة واضحة عن شعور المواطن اللبناني في الجنوب، ذلك الشعور الذي بدأ يتحول الى اليأس وباشر المستغلون بتحويله الى أفكار سلبية".
      المشكلة الإجتماعية العامة، ومشكلات الشباب والطلاب بوجه خاص تبرز اليوم وكأنها في ذروة التعقيد والخطورة.
      المناطق المتخلفة والفئات المحرومة بلغت مرحلة نفاذ الصبر ومن الضروري وضع حل سريع لمشكلاتها.
      الهجرة اللبنانية الكريمة، هذا الحقل الخير الكادح، هذا الجناح العظيم من أجنحة الوطن بدأت تتعرض لصعوبات بالغة تهددها بالأنهيار، وهذه هجرة نيجيريا على أبواب حدوث الكارثة الأخلاق تسير بسرعة هائلة نحو الانحطاط والتدهور.
      وأخيرا النظام القائم في لبنان أصبح مسألة مطروحة لدى المواطن بحيث أخذ الكثيرون من اللبنانيين يشكون في كون هذا النظام هو الأفضل للبنان ولسلامته وازدهاره، هذه المسائل وغيرها تجعل المواطن اللبناني أمام مسؤوليات جسام تحرم عليه اللامبالاة والمسايرة وتفرض عليه الاهتمام الواعي واليقظة لكي يشترك في تقرير مصير بلده وصيانته وعزته وتنميته عن طريق انتخاب ممثلين صالحين للمجلس النيابي القادم. إنه اليوم مدعو لأن يتخطى جميع الاعتبارات ولا يكتفي مثلاً بالخدمات الخاصة، أو الثقة الشخصية فيطالب المرشحين بإلحاح، أن يعلنوا بصراحة برامج عملهم، والحلول التي يرتأونها لهذه المشكلات وغيرها، يؤكدون التزامهم بتنفيذها، ضمن ميثاق يرسم مواقفهم ونشاطاتهم في المجلس المقبل.
      ولذا، فإني بكل إخلاص وتواضع أقدم في هذا اللقاء بعض النماذج عن الحلول، التي هيأتها اللجان المختصة في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لبعض هذه المشاكل وأعلنت عنها خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة وذلك تسهيلا على المرشحين والناخبين وتأكيدا لضرورة تبنيها أو تقديم بديل عنها قبل عملية الاقتراع.
      1 ـ مشكلة لبنان الجنوبي:
      إن هذه المشكلة المستعصية لها أبعاد محلية وعربية وعالمية تحتاج الى نشاطات متعددة الجوانب، مستمرة، مخلصة والى إمكانات هائلة تعادل أو تفوق إمكانات العدو الإسرائيلي الذي يطمع في أرضنا دون ريب. وبموجب مواثيق لا يرقى إليها الشك.
      ومن فضل الله على لبنان أنه يملك طاقات حضارية وبشرية تفوق إمكانات الكثير من البلدان الكبيرة في العالم، وبإمكان اللبنانيين، فيما لو أرادوا أن يستثمروا هذه الإمكانات ويحركوا هذه الطاقات فيجعلوا من بلدهم قلعة منيعة لا يأمل فيها العدو ولا يطمع، ويستعين بها الصديق والشقيق.
      إن هذه الإمكانات الهائلة مجمدة في الوقت الحاضر، وهذا التجميد في منطق الحضارات هو احتكار ظالم، وإهمال قاس. ومصداق للمثل المعروف كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والمـاء فوق ظهورها محمـول.
      فهل يجوز أن نقف مذعورين مضطربين أمام الاعتداءات الإسرائيلية ونحن نملك سلاحاً رادعاً وقوة ترغم العدو على التراجع.
      فإلى جانب التنفيذ الفوري للخطة الدفاعية الموضوعة وتحضير المواطن بالتجنيد الإجباري والتسلح بأحدث الأسلحة، والاستعداد لتأمين المال اللازم لذلك مهما كلفنا من التضحيات. علينا أن نحرك طاقاتنا المعنوية، في العالم فنؤسس مجلساً وطنياً يضم كافة العناصر اللبنانية التي يمكنها تقديم خدمات فعالة لإجتذاب الرأي العام العالمي عن طريق صداقاتها الشخصية واحترام الأشخاص والمؤسسات العالمية لها.
      إن كل واحد منا يعرف مدى تأثير المهاجر اللبناني على مهجره ويعرف لبنانيين تربطهم علاقات أخوية برؤساء الدول العربية ومؤسساتها العامة والخاصة. ولعلكم تعرفون معي فرداً لبنانياً يدخل الولايات المتحدة فتفتح له الأبواب والقلوب والقصور فيستمعون إليه باحترام ويقيمون برعايته الصلاة في كل مكان حتى في القصر الأبيض.
      وعائلة لبنانية تستقبل وزير خارجية بريطانيا كصديق حميم. ولبنانياً آخر يساهم في مؤسسة كبرى كان رئيس جمهورية بلد كبير محامياً لها.
      وآخر يدق باب رئيس جمهورية فرنسا ساعة يشاء.
      وآخر يستشار في مهام قضايا الشرق الأوسط من قِبل الاتحاد السوفياتي.
      وآخر يحرك بورصة لندن بسهولة، فترتفع الأسعار وتهبط حسب رأيه.
      وآخر كان الوسيط الوحيد بين نيجيريا الاتحادية وبيافرا قبيل الحرب الأهلية.
      ولبنانيين آخرين يحتلون مراكز حساسة في كثير من الدول.
      ولبنانيين يمارسون المصالح الخاصة لرؤساء الجمهوريات الأفريقية وكبار شخصياتها وبعض أمراء الخليج ورؤساء بعض الدول الأخرى.
      ومؤسسات لبنانية لها دور واسع في الإعلام العالمي وفي التجارة العالمية. هذا والجميع يعرف مدى العلاقات الحميمة التي تربط المؤسسات الدينية اللبنانية مع مئات الملايين من المؤمنين في العالم ومقدار عطفهم وتفاعلهم معها واحترامهم لها.
      إن المجلس الوطني الذي يضم هذه العناصر، يضع بإشراف الدولة، برامج شاملة لتغطية العالم كله فيبعث كل عنصر، على نفقته الخاصة، الى القطر المناسب لكي يشرح الموقف بصورة منطقية وعلى ضوء الأرقام والوثائق.
      يشرح ميزات لبنان الحضارية وضع لبنان الجنوبي أطماع إسرائيل التوسعية فيه المستندة الى الأدلة والوثائق والخرائط، تأثير الاعتداءات المستمرة على حياة المواطنين، حقيقة المحنة الفلسطينية، مزاعم اليهود وادعاءاتهم في فلسطين، الواقع البشري والديني والتاريخي، قرارات الأمم المتحدة، تشرد الشعب الفلسطيني وانتظارهم في ظروف حياتية قاسية عشرين عاماً لكي يعاد إليهم حقهم في أرضهم بواسطة الأمم المتحدة أو الدول الكبرى أو الدول العربية وأنهم حملوا السلاح بعد يأسهم المطلق من الجميع، التأكيد على أن المقاومة ليست مجموعة عصابات مخربة يستعملهم لبنان لإزعاج إسرائيل، بل إنهم أصحاب حق ومظلومون، الأزمة العربية الإسرائيلية وحقيقة المواقف.
      هذا التحرك الإعلامي الشامل يساهم مساهمة فعالة في صيانة لبنان ويخدم العرب والقضية الفلسطينية خدمة لا مثيل لها.
      ويساعد بدوره أيضاً في رفع شأن لبنان وإبراز معالمه الحضارية ودوره التاريخي في الثقافة العالمية وحفظ السلام.
      وعلى الصعيد الوطني، علينا أن نؤكد بصورة دائمة وفعالة لأهالي لبنان الجنوبي أن الوطن وجميع المواطنين فيه يعيشون محنتهم وذلك بأن تعطى الأولوية للجنوب في وسائل الإعلام الرسمية والصحف والمجلات فتنقل دائماً في طلائعها أخباره والتقارير عنه مشاريعه وحاجاته. وأن تهيأ رحلات كثيرة بأعداد كبيرة للمواطنين من المناطق المختلفة كي يتنقلوا في الجنوب وفي المناطق الحدودية خاصة.
      ومن الضروري جدا في هذه الأجواء المشحونة بالألم والأسى أن نتجنب مظاهر اللهو والترف والحفلات التي تثير المشاعر المصدومة وتبرزنا بمظهر اللامبالي.
      2 ـ المسألة الإجتماعية:
      وأما على صعيد المسألة الإجتماعية والمناطق المتخلفة، والهجرة اللبنانية، هذه المسائل الفنية التي تحتاج الى دراسات واسعة والتي أعتقد أن لها حلولاً جاهزة وخططاً مدروسة لدى المسؤولين ففي هذه المسائل لي موقف ورأي يمكن أن يصاغ بمشروع يرمي الى اعتماد الهجرة اللبنانية حلاً مدروساً لبعض المشكلات الإجتماعية ولمنع هروب الكفاءات ولتصحيح أوضاع الهجرة.
      هذا المشروع يعتبر أن الهجرة ضرورة لا مفر منها حيث أن الرقعة اللبنانية أصغر من استيعاب طموح أهلها الطامحين مهما بذل من جهد وتدابير ولذلك فالهجرة قديمة قدم التاريخ اللبناني.
      فالأفضل وضع دراسة عن الحاجات الوطنية وتحضير معلومات عن الحاجات العالمية للخبرات والطاقات.
      ثم يصار الى توجيه الطلاب نحو تأمين الحاجات المذكورة وبعد تغطية الحاجات المحلية تصدر الطاقات والخبرات الى مراكز الحاجات العالمية ضمن اتفاقيات دولية تحدد الرواتب والمدة وتفاصيل أخرى.
      ومن جهة أخرى عندما تتوفر للمهاجر ولرجال الأعمال وسائل الإرتباط الحديثة بحيث يصبح بإمكانهم إدارة مصالحهم وأعمالهم من مكاتبهم في لبنان يصبح لبنان مفرا لمكاتب عالمية ويتمكن المهاجر من تمضية أكثر أوقاته في ربوع وطنه وبين أهله وأولاده.
      إن الهجرة ركن من اقتصاد لبنان ومن حضارته ولا يجوز أن نتركها تجري بصورة عفوية فتتحول الى مأساة إنسانية. إن الهجرة اللبنانية خدمت لبنان خدمات جلّى، وليس من الوفاء إهمالها.
      = يتبع =

      تعليق


      • #48
        سيرة الأمام الصدر (نداء 1) جزء 2

        3 ـ موضوع الأخلاق:
        أما موضوع الأخلاق، وهي دعامة الوطن الأولى وأساس إنسانية المواطن وضمانة لالتزاماته الوطنية. فقد عرضت رأيي فيها لفخامة الرئيس يوم عيد المولد في هذا المكان فأغتنم الآن فرصة اللقاء لكي أؤكد على ضرورة إعطائها عناية كبرى قبل فوات الأوان.
        ولا يبعد أن يكون هذا العصر هو الأساس في معالجة مشكلة الشباب عندما يقترن بتدابير أخرى اجتماعية وتربوية وثقافية.
        4 ـ النظام في لبنان:
        أما النظام في لبنان، النظام الديموقراطي البرلماني ذو الطابع الطائفي، هذا النظام الذي ارتضاه اللبنانيون ولم يقبلوا عنه بديلا هو في نظرنا يحتاج إلى تطوير كي يلبي الحاجات المتزايدة وتبعد عنه النقائص الموجودة.
        إن الطابع الطائفي في نظامنا قد حال دون وصول الكفاءات إلى مواقع الاستفادة منها ويحدد بالتالي الطموح الإنساني ويخلق عقدا في نفوس قسم كبير من المواطنين.
        ثم انه يصنف المواطنين منذ ولادتهم إلى أصناف وفوق كل هذا تمكن من تفريغ التعاليم الدينية من محتوياتها السامية وجعل أثماناً أرضية متفاوتة للانتماءات السماوية.
        وعلى الرغم من كل هذا فان التجربة اللبنانية في النظام الطائفي تعد افضل تجربة لمنع الصعوبات التي تعيشها البلاد الأخرى والتي انفجرت في ايرلندا مثلا.
        ولقد اعتبر مشرعو الدستور اللبناني أن الطائفية في النظام تكبح جماح الأقوياء في السباق المعاش، ضمن الديموقراطية وتضمن فرصاً شبه متكافئة للمواطنين حيث تحفظ للفئات المحرومة حصصها في الوظائف والموازنة، ومختلف الحقول والامتيازات.
        إن التجربة أثبتت عدم صوابية هذا الاعتبار، والأرقام تكشف عن التفاوت الكبير بين الطوائف اللبنانية في كل شيء وسجل الغبن اللاحق ببعضها حتى أن الحرمان سرى إلى بعض المناطق الخصبة والجميلة بسبب سكانها.
        ويعود سبب الفشل إلى أن الحوار وتوزيع المنافع كانا يجريان بين الأشخاص فأصبحت العدالة المنشودة محصورة بينهم ولم ينل منها الشعب شيئا إلا بمقدار مطالبته ونسبة إدراكه لحقوقه عليهم. وهذا الفرق في المطالبة والدرك بين المناطق أبقى التفاوت والاختلاف في المسؤوليات في حالته الأولى ومرت عشرات السنين وتغير كل شيء وبقي التمايز بين المواطنين وكأنه القدر المحتوم.
        أما الآن وبعد التجارب المتواصلة علينا أن نحتفظ بمكاسب هذا النظام وميزاته ونحذف منه نقائصه وشوائبه وبهذا الصدد اقدم اقتراحاً مبنياً على اصلين:
        الأول: اعتماد مبدأ الكفاءات في الوظائف والمراكز بمعزل عن الانتماءات الطائفية.
        الثاني: إنشاء مجلس واحد يضم ممثلين عن كافة الطوائف اللبنانية يجتمع في أواخر كل سنة. يدرس بدقة نتائج تنفيذ الأصل الأول والحيف الذي قد يلحق ببعض الفئات من جراء ذلك وبسبب الفرص المتفاوتة التي تنشأ من السباق الديموقراطي بين المواطنين.
        إن المجلس هذا عندما يدرس الوضع العام لدى كافة الطوائف يختلف تماماً عن الدراسات الموضوعة من قبل المجالس الطائفية التي تؤكد حرمان الجميع.
        ولعل من اشرف نتائج هذا المشروع هو تنزيه رجال الدين والمؤسسات المذهبية عن الانغماس في مراقبة الشؤون الوظيفية وعن الاضطرار إلى تصنيف خلق الله والتمييز بين المواطنين.
        وبإمكان هذا المجلس أن يضم ممثلين عن القطاعات الاجتماعية المختلفة لكي يصون حقوق المغبونين منهم.
        أيها الاخوة الأعزاء:
        لقد بذلت جهدي المتواضع لتقديم الأفكار والبرامج التي قد تصح أن تكون مخططات عمل. ولا يمكن إهمال الجانب الشخصي في مسألة الانتخاب. حيث أن الإنسان هو ضمانة التنفيذ وهو الميثاق الأول في العلاقات النيابية.
        وقبل هذا وذاك فان سلوك المواطنين والمرشحين وقت الانتخاب هو النافدة التي يقرأ من خلالها المستقبل. مستقبل النائب والمجلس والأمة كلها.
        إن العلاقات الفكرية والعاطفية المهذبة بين الناخب والمرشح وبين المتنافسين وأنصارهم أو الصلاة التي تعتمد على التملق أو الرشوة أو الخدمات الخاصة أو تلك التي تتلوث بالدماء وإزهاق الأرواح وتكسب الخصومات والأحقاد.
        هذه الأنواع من السلوك تحالف الشعوب والأمم وتفتح لها أبواب مستقبلها وتزرع بذور غدها وتلازمها طوال عمرها عندما تهدأ الأعصاب ويعود الإنسان إلى تفكيره الحقيقي لكي يرى واقعا بناه هو بيده ويتحمل وحده مسؤولية خلقه مع اخلص أدعيتي واصدق تمنياتي.
        وبعد أن انتهى الإمام الصدر من تلاوة بيانه أجاب عن أحد الأسئلة بأنه أعلن بيانه قبل الانتخابات بقصد إحراج الناخبين والمرشحين من اجل تبني الأفكار الواردة في البيان أو تقديم بديل عنها. وقال إن أمامنا مشاكل عديدة وهذا هو أوان حلها.
        وأجاب عن سؤال آخر بقوله انه سيدعو بعد الانتخابات نواب الطائفة الاسلامية الشيعية لتقديم بيانه لهم ومطالبتهم بتبنيه في المجلس النيابي.

        تعليق


        • #49
          سيرة الأمام الصدر (محاضرة 5)

          الموضوع : محاضرة ـ المجتمع الأفضل
          المكـان : دار الفن والأدب ـ 11/5/1972
          المقدمـة : الأفكار الإنسانية كالبذور ينشرها المزارع في الأرض. منها الطيب ينبت زرعاً ولو بعد حين، ومنها الخبيث ينبت شوكا يحصده منجل الإهمال، فتذروه الرياح نسياً منسياً.
          الأفكار القيمة كائنات حية، تتفاعل مع الآخرين لتتبلور في لحظة ما، في يوم ما، في زمن ما، خبراً يأخذ به المجتمع في سبيل إصلاح ذاته.
          ميعاد تلك اللحظة، وذلك اليوم، في ذلك الزمن، رهن بعوامل عديدة ليس المجال هنا لعرضها، ولكنها جميعها أمراً محتماً يفرض منطق الحقيقة. فكم من أفكار جديدة حوربت نتيجة العوامل إياها، لتعود من جديد رغم كافة المعوقات، لتفرض نفسها معتمدة على الصلاح فيما تحمله وتقول به.
          لعل من المتفق عليه أن قضية الفرد وقضية المجتمع هما الوحدة التي تنعكس منها وعليها قضية الإنسان في سرائه وضرائه.
          من هنا انبرى المفكرون والمعلمون ورجال السياسة، ورجال، في مختلف الأمكنة والأزمنة محاولين الوصول من خلال أفكارهم وأعمالهم إلى المجتمع الأفضل.
          ها هو الإمام المفكر السيد موسى الصدر في آخر محاضرة له في دار الفن والأدب عن "المجتمع الأفضل".
          ـ مقتطف من النص ـ
          بدأ الإمام محاضرته متسائلاً:
          "ما هو مفهوم المجتمع؟ ما هو المجتمع المطلوب؟ كيف نبني مجتمعا؟ ما هو العامل لبناء المجتمع؟ هل في لبنان ظروف تؤثر في المجتمع المطلوب"؟
          ثم أجاب: "أن مفهوم المجتمع بمعزل عن التفاسير العلمية المعاصرة أو التفاسير المنطقية القديمة، هو الإنسان زائد العمل المتبادل. ليس هناك مجتمع من فرد أو أفراد غير متفاعلين. المجتمع يتم بأفراد يجمعهم عمل متبادل. إنه مرحلة من حياة الإنسان.
          الإنسان يعيش في مرحلتين: "المرحلة الفردية والمرحلة الجماعية. والمجتمع يبني بواسطة الإنسان، ولأجل الإنسان".
          وتساءل الإمام الصدر: "كيف يمكن أن نعطي المجتمع شكلاً إنسانياً؟ الإنسان موجود، وحرّ التصرف ولو نسبياً. وبهذا يختلف عن باقي المخلوقات. إنه يتصرف عن إرادة وتفكير.
          البعد الآخر للإنسان هو المجتمع. الإنسان يتكون من الغير وهو منذ البداية بحاجة للآخرين لبني نوعه وثقافته مرتبطة ارتباطاً كلياً بوجود الغير.
          وكذلك المستقبل فإنه يؤثر فيه، وفي وضعه، وفي حركته. فالإنسان رغم حريته في التصرف فهو ذو بعد آخر ألا وهو المجتمع.
          وحتى نتمكن من تكوين مجتمع منبثق عن واقع الإنسان، علينا أن نحافظ على البعدين. فإذا اعتبرنا أن المجتمع هو الأصل، وأن الفرد جزء منه وليس هو الأصل، فأنا نكون قد ظلمنا الإنسان بتجاهلنا حريته الفردية وتصرفه الناتج عن الإرادة المنبثقة عن التفكير.
          وهناك بالمقابل المدرسة التي تعتمد على الفرد باعتباره هو الأصل وبذلك فهو يتملك، وتصبح مصلحة الجماعة مصانة عندما تصان مصلحته. ومن هنا نكون قد تجاهلنا البعد الثاني للإنسان.
          ونحن بين هذا وذاك. نكتشف أن الأصل هو الإنسان بعبديه. إذاً لكي نبني المجتمع، فإننا بحاجة الى الإنسان زائد العمل المتبادل. فالركن الأساسي للمجتمع هو العمل.
          ما هو العمل؟ العمل نوعان: عمل مقابل عوض (مال، جاه، خوف، تهديد....) وعمل وراءه دافع.
          إذا كان العمل مستنداً إلى جذر عقائدي (دافع واحد)، كان منسقاً. وأن كان مقابل أجر فهو غير منسق.
          العمل الصادر عن الدافع يختلف في صفته عن العمل الصادر لقاء اجر. لذا فإن العمل الفني هو العمل الذي يكون هادفاً.
          إن العمل جزء من الإنسان. الإنسان يكتمل بالعمل، لأنه ينمي فيه النزعة والشعور والصفة. ذلك عندما يصبح العمل عبادة الإنسان، خليفة الله على الأرض أي أنه يكمل الخلق، الروابط التي هي الأعمال المتبادلة بين الأفراد كمال للإنسان. بينما العمل المأجور ينمي الاعتماد على الأجر. فيتحول الإنسان إطاراً مطلقاً للمصلحة المادية التي تتحكم اليوم بالعالم. ويصبح الإنسان غريباً وحيداً لا يشاركه أحد. وبذا يتحول المجتمع الى شركة مساهمة، تتجسد فيها الخلافات على كل مستويات.
          وهنا نصل الى واقع لبنان! إن المجتمع كالفرد، منه الملحد ومنه المؤمن ومنه المتعصب.
          النظام الطائفي ليس نظاماً مؤمناً بل هو نظام متعصب. إذا ألغيناه واعتمدنا نظام الكفاءات، فهذا لا يعني اعتماد علمنة الدولة. بل اعتماد النظام المتدين. بإخضاع علاقاتنا الإجتماعية للإيمان والأخلاق والإلتزام. بذا يصبح العمل الرسالي ضمانة لعدم الطغيان.
          إنني اقترح إلغاء النظام الطائفي، وتشكيل مجلس آخر غير مجلس النواب يكون ممثلاً لكل الطوائف بالتساوي، ينعقد قبل نهاية كل عام ليدرس نتائج اعتماد نظام الكفاءات ومن ثم يتدارك النقص.

          تعليق


          • #50
            سيرة ألأمام الصدر ( خطاب 3)

            الموضوع : خطاب ـ صناعة السجاد العجمي.. تؤمن العيش الكريم للعائلات العاملة وهي داخل منزلها.
            المكـان : مدرسة جبل عامل المهنية ـ 6/8/1972
            المناسبـة : احتفال بالإعلان عن بدء صناعة السجاد في المؤسسة بحضور وفود المغتربين الجنوبيين.
            المقدمـة :
            تكلم الإمام السيد موسى الصدر في وفود المغتربين التي زارته أول أمس الأحد في "مدرسة جبل عامل المهنية التابعة لجمعية البر والإحسان في صور" والتي أنشأها في برج الشمالي قرب مدينة صور فأعلن عن بدء صناعة السجاد العجمي في لبنان.
            وهذه المؤسسة تتألف من مجموعة أبنية ضخمة وقد أسسها الإمام الصدر بأموال مجموعة من المغتربين ومساهمة بعض أجهزة الدولة (مصلحة الإنعاش ومجلس الجنوب) بالإضافة الى مساعدات فنية من فرنسا وإيطاليا.
            ـ مقتطف من النص ـ
            بعد شكر الحضور وخاصة وفود المغتربين الجنوبيين الذين ساهموا بتبرعاتهم في بناء صرح مدرسة جبل عامل المهنية أعلن سماحة الإمام السيد موسى الصدر بدء صناعة السجاد العجمي في لبنان وقال: "إن هذه الصناعة ستساهم الى حد بعيد في تأمين العيش الكريم لعدد كبير من العائلات التي تمارسها كما ستساهم في إنماء المناطق المختلفة، وهي من الصناعات التي تؤمن دخلا وطنيا ممتازاً".
            وقال الإمام الصدر: "انه استقدم خبراء اختصاصيين في هذه الصناعة من إيران لتعليم اللبنانيين على ممارستها ونجحت التجربة نجاحاً باهراً".
            وقال الإمام الصدر: " إن الفتاة اللبنانية في الجنوب اثبت إنها على درجة من الذكاء بحيث أن مرحلة تدريبها على حياكة السجاد العجمي كانت تترواح بين 15 و 30 يوماً فقط".
            وتحدث الإمام الصدر عن فائدة هذه الصناعة فقال: "أنها كصندوق توفير للعائلة لأن العمل فيها سيكون في البيوت وفي منازل العائلة التي كثيراً ما يكون لديها الوقت للعمل في قلب المنزل ويذهب هذا الوقت هدرا بفعل عوامل طبيعية وغيرها".
            ولفت سماحة الإمام: "إلى أن العمود الفقري لاقتصاد الجنوب هو زراعة الدخان، وان دراسة بدائية لدخل الفرد من هذه الزراعة أثبتت أن العامل فيها يشتغل 13 شهراً في السنة أي أنه في شهر من أشهر السنة أل 12 يجب عليه أن يضاعف عمله، ونتيجة دخل الفرد من جراء هذا العمل هو حوالي 80 ليرة لبنانية في الشهر، بينما الدراسة عن صناعة السجاد العجمي تقول ان دخل الفرد يبلغ حوالي 200 ليرة في الشهر وان مدة العمل أقل بكثير من مدة العمل في زراعة الدخان".
            وقال: أن هذه الصناعة لا تمتص اليد العاملة وحسب بل أنها تؤمن للعائلة العاملة فيها دخلا محترما من مصنع بسيط يقوم في قلب منزلها.
            وصناعة السجاد في صور تتناول مختلف انواع العجمي من اصفهاني وكاشاني وتبريزي وسواه.
            وشرح الإمام الصدر لوفود المغتربين أوضاع الجنوب فقال: "أن هذه المنطقة الغنية بمناخها وأرضها ومياهها بل وتاريخها وإنسانها ابتليت منذ فترة طويلة بالاستعمار وازدادت المشكلة على اثر التهديدات الإسرائيلية وإنكم تشاهدون الى جانب ذلك مواضع القوة والعلاج فترون سعياً حثيثاً من قبل عدد من أبناء هذه المنطقة (جمعية البرّ والإحسان)، فلبي المغتربون في أفريقيا الغربية نداءهم وتجاوبت الحكومة فكان هذا الصرح هو مدرسة مهنية تهتم بالمهنة الآلية واليدوية ومن جملتها السجاد العجمي ومشتقاته. وحسب الدراسات لو تمكنت المدرسة هذه من استيفاء كامل العدد المطلوب وتأمين الوضع اللازم لها، لاستطاعت خلال اثنتي عشرة سنة معالجة مشكلة الفقر في المنطقة".
            وقد أهدى الإمام الصدر رئيس الجمهورية أول إنتاج السجاد العجمي في لبنان وكان سجادة صغيرة عليها رسم الأرزة وعبارة الرئيس فرنجية المشهورة "وطني دائماً على حق"....

            تعليق


            • #51
              سيرة ألأمام الصدر (حوار 8)

              الموضوع : حوار صحفي ـ إن قادة المقاومة أكدوا خروجها من القرى والمدن اللبنانية .
              المكـان : بيروت ـ 1/11/1972
              المناسبـة : بعد لقاء الإمام الصدر مع قادة المقاومة الفلسطينية.
              ـ الــنـــص ـ
              س ـ ماذا كان موضوع الحديث مع قادة المقاومة الفلسطينية:
              ج ـ الحقيقة أني تحدثت معهم في كل شيء، في واقع العلاقات بين المقاومة وأبناء الجنوب والمؤثرات المختلفة فيها ولاحظت أن لدى المقاومة تفهماً كاملاً لهذا الأمر، وقد أكدوا أنهم يهتمون في الدرجة الأولى بالعلاقات الأخوية الحسنة مع أبناء الجنوب خصوصاً ومع اللبنانيين عموماً، وان لبنان الذي اخترع افضل وسيلة لتنظيم العلاقات بين الطوائف المختلفة لا يعوزه السبيل لتنظيم العلاقات وتحسينها بين الفلسطيني وبين الشعب اللبناني.
              س ـ هل بحثتم في خروج المقاومة من القرى الجنوبية؟
              ج ـ إن قادة المقاومة أكدوا خروج المقاومة نهائياً من القرى والمدن اللبنانية، وقالوا أنهم على استعداد لمراعاة ظروف لبنان وأوضاع المنطقة.
              وأنا أكدت لهم إيمان لبنان بجميع أبنائه وإيمان الجنوبيين بقداسة الجهاد في سبيل تحرير فلسطين، وان الهدف الذي تحمله المقاومة هو اكثر الأهداف التاريخية مسؤولية وصعوبة، حيث ان الصهيونية اخطر قوة عرفها العالم وأكثرها تجهيزاً. وان المسؤولية الكبرى تحتاج الى عمليات تصحيح داخلية وتطوير دائم للعمل وسرعة في التحرك والانتقال من حقل الى حقل ومن مجال الى آخر، وان المقاومة في سبيل تحمل هذه الأعباء ليست وحدها وان لها في العالم أنصاراً والمدافعون عن القضية في أقطار العرب وكلما زاد إخلاصها للمقاومة وتجردها في سبيل تحقيق هدفها المقدس زاد تأييد الله ونصرته لها.
              س ـ هل بحثتم في علاقة المقاومة بالسلطة اللبنانية؟
              ج ـ إن قادة المقاومة ابدوا ارتياحاً الى موقف السلطة.
              س ـ الانسحاب من القرى والمدن في الجنوب هل يشمل كل المنظمات؟
              ج ـ نعم إن ذلك يشمل كل المنظمات والأفراد وسيتم بالاتفاق مع قيادة الجيش والسلطة.
              س ـ ما هو رأي المقاومة في موقف أهالي الجنوب منها؟
              ج ـ إن المقومة مهتمة جداً بتحسين علاقاتها مع الناس في الجنوب وهي على استعداد للقيام بكل جهد ممكن لذلك، ولا ترى أبناء الجنوب هم اخصامها.
              س ـ هل تعتقدون أن الصدام أو الاحتكاك بين السلطة والمقاومة استبعد نهائياً؟
              ج ـ إن الاصطدام بين المقاومة والسلطة ليس لمصلحة أحد، لا لمصلحة اللبنانيين ولا لمصلحة الفدائيين.
              س ـ هل لاحظتم أن عند الاخوة تذمراً من أمر معين؟
              ج ـ عندهم تذمر من حالة الطوارئ، ولكن ليسوا متشائمين بالنسبة الى نية السلطة (...) إن ما لمسته عند قادة يوحي ان الاتفاق بين هذه وبين السلطة سيدوم وانه ليس معرضا للنقض لأنه ليس أمام لبنان وأمام المقاومة طريق آخر غير التفاهم.
              س ـ هل تطرقتم الى بنود اتفاق القاهرة؟
              ج ـ لا لم نبحث في التفاصيل بل كان حديثنا منصبا في الدرجة الأولى على صيانة لبنان والمقاومة.
              س ـ لقد زرتم الرئيس فرنجية صباح أول من أمس فهل كانت هذه الزيارة مناسبة لعرض الأوضاع بين السلطة ولمقاومة؟
              ج ـ عن زيارتي لفخامة الرئيس كانت لعرض أوضاع الجنوب ولتوديعه لمناسبة سفري الى اسوج اليوم.
              س ـ من خلال حديثكم مع الرئيس فرنجية عن أوضاع الجنوب، هل كونتم انطباعاً عن موقفه بالنسبة الى إزالة التوتر بين السلطة والمقاومة؟
              ج ـ ان فخامة الرئيس مصر على تحسين العلاقات وعلى تنفيذ ما يحصل من التزامات من خلال الحوار بين السلطة والمقاومة.

              تعليق


              • #52
                سيرة الأمام الصدر (نداء 2)

                الموضوع : نداء ـ لقد اختلفوا على احتكار الجنة وصنفوا السماء على ضوء مصالحهم.
                المكـان : دار الندوة اللبنانية 10/1/1973
                المناسبـة :
                المناقشة الخماسية للأب يواكيم مبارك حول المسيحية والإسلام.
                المقدمـة : بتاريخ 10/1/73 جرت في قاعة محاضرات وزارة "التربية الوطنية" الندوة اللبنانية مناقشة خماسية الأب يواكيم مبارك في عملية الحوار المسيحي الإسلامي.
                اشترك في هذه المناقشة سماحة الإمام الصدر الذي ترأس الحفل، وسيادة المطران جورج خضر، والأب دوبره لا تور، والدكتور يوسف أبش والسيدة خالدة سعيد.
                وتأتي هذه المناقشة إحياء للحوار "المسيحي الإسلامي" الذي بدأ سنة 1965. وقد عرض المحاضرون وجهات نظرهم في ما يتعلق بمنطلقات جديدة يمكن أن تهيأ لإعادة الحوار المسيحي الإسلامي.
                افتتح الندوة الأستاذ ميشال اسمر فأعلن عن بداية مرحلة جديدة من عمل الندوة، ثم تلاه الأب مبارك فحدد مهمة الخماسية ودورها في عملية الحوار المسيحي الإسلامي طالبا من المحاضرين إعطاء وجهة نظرهم من القضايا العديدة التي عالجها.
                ـ موجز كلمة الإمام الصدر ـ
                قال سماحة الإمام: "لقد شاهد العالم أنواعا من اللقاء بين أبناء المذاهب، لقاءات أكثرها مآسٍ. لقد اختلفوا على تقسيم السماوات وعلى احتكار الجنة وصنفوا السماء على ضوء مصالحهم الأرضية وكانت الحروب وكانت المشاحنات الكلامية وكان الاحتقار وعدم الثقة أعطوا الخالق صفة المخلوق مع أن المخلوق لم يكن محترما لديهم يوما.
                وبدأ نفر منذ سالف الأيام بلقاء معتمد على الحوار:
                فوضع بعضهم كتب الملل والنحل، خدموا فيها الثقافة ولكنهم لم يخدموا الإنسانية، حاكموا الناس في بعض مذاهبهم غيابيا وحكموا عليهم.
                وجعل الكثيرون منهم، التبشير، رسالة لهم فاضعفوا إيمان الناس بأديانهم ولم يعطوا لهم بديلا. وخلقوا أجواء التشكيك والتخوف وفرضوا على الآخرين التعصب والانكماش ووضع حواجز قاسية حول فئات من الناس لكي تصونهم عن الذوبان وتحول دون ارتدادهم".
                أضاف: "وعلى الرغم من استمرار هذين الأسلوبين من الحوار لا سيما الثاني منهما حتى اليوم، وعلى الرغم من النتائج المأساوية التي يتركانها على صعيد الحضارة والقيم المعاصرة، وعلى الرغم من تجميد كثير من الطاقات الخيرة و عدم انفتاح الكثير من الخيرين. على الرغم من كل هذا برز مؤخرا أسلوب آخر من الحوار يشرفني أن اسميه الأسلوب اللبناني من الحوار أو قل أسلوب الندوة اللبنانية.
                نحترم الإنسان فنحترم رأيه ومشاعره وعمله. ولا نجعل من أنفسنا قيمين على التعبير عنه، ولا نسمح للطغاة آلهة الأرض أن يفرضوا إرادتهم عليه، فيصنفوه حسب مصالحهم الذاتية ويستعملونه آلة لتنفيذ هذه المصالح أو سلعة لكسب أو لمجد للخلود العادي".

                تعليق


                • #53
                  السلام على من اتبع الهدى

                  مشكور يا أخي صدر على الجهود المتواصلة ،،،

                  وجعلها الله في ميزان حسناتك

                  تعليق


                  • #54
                    السلام عليكم

                    اخي ابن الحسين مشكور لمتابعتك الموضوم وااله يوفقنا ويساعدنا لتقديم المزيد ومهما قدمنا للأمام القائد نبقى مقصرين في حقه تحياتي.

                    تعليق


                    • #55
                      سيرة الأمام الصدر (خطاب 4 )جزء1

                      الموضوع : خطبة الجمعة ـ المؤمنون ومسؤوليتهم .
                      المكـان : مسجد صور الجديد ـ 20/5/1973 .
                      المناسبـة : صلاة الجمعة .
                      المقدمـة : الكلمة المؤمنة الواعية الهادفة، انطلقت من سماحة الإمام السيد موسى الصدر، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في مسجد صور الجديد يوم الجمعة الماضي. تحدث الإمام عن دور المواطن في الأزمات، ودور المواطن في التصدي لأعداء البلاد ورسم الخطوط الكبرى للمسؤولية التي يجب أن يتحلى بها كل مواطن مؤمن بربه ومثله ووطنه.
                      ـ الــنـــص ـ
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      والحمد الله رب العالمين قاصم الجبارين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى أله الطيبين الطاهرين ومن إئتم بهم الى يوم يبعثون. والسلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون.
                      أما بعد:
                      فان الحديث في هذا اليوم، حسب الموضوع المناسب للوقت كان عن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه. هذه السيدة الجليلة التي مثلت بحياتها الإسلام، في الجانب الآخر. دور المرأة ومشاركة المرأة وتفكير المرأة في حياة الأمة.
                      هذه السيدة الجليلة، التي اعتبرها رسول الله قطعة منه وريحانته من الدنيا، وأنها منه، من آذاها فقد آذاه، ومن أغضبها فقد أغضبه، هذه السيدة الجليلة التي اكتسبت احترام النبي وإكرامه فكان يزورها قبل كل أحد ويودعها بعد كل أحد.
                      وقد وصلت إلى هذه المرتبة الشامخة بسعيها وجهدها وعملها لا بمجرد انتسابها لرسول الله، وكونها بنت الرسول. وقد صرح الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم عندما قال "يا فاطمة اعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئا".
                      وهكذا كنا نود أن نتحدث في هذه القمة الشامخة من قمم المسلمين والمؤمنين، التي تمثلها امرأة، تأكيداً لمساواتها ودورها وتأثيرها في حياة الأمم. إلا أن الظروف التي مرت جعلتنا نبحث في حديث أشمل والحديث هذا في الحقيقة هو الحديث عن فاطمة وعن أبيها، وعن بعلها وبنيها. فهؤلاء هم الذين وضعوا أسس المسؤولية، وأكدوا بسلوكهم انهم لا يعتمدون على إنتسابهم وعلى تراثهم، وعلى مكاسب الآخرين في حياتهم وعلى الأمجاد التي اكتسبتها الأجيال من قبلهم. هؤلاء بدءوا من الصفر وتحملوا المسؤوليات وهكذا وضعوا أمامنا، رجالا ونساء كباراً وصغاراً، أسس المسؤولية وطريق التحرك والعمل في هذه الحياة.
                      أيها الأخوة المؤمنون: لقد شاهدنا خلال هذه الفترة القريبة التي سبقت، والتي نرجو ألا تتكرر في حياتنا في لبنان وفي حياة أمتنا، ولقد شاهدنا الضعف في تحمل المسؤوليات لدى المواطن. ولقد شاهدنا اهتزازاً كثيراً من الناس ووقوعهم على مقربة من الانهيار. وهذا يؤكد عدم ترسيخ الإيمان في القلوب.
                      فالإيمان يعرف عند الهزات وعند المصائب وعند المتاعب، وعند الغضب وعند النصر. الحديث الشريف يقول "كن كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف" المؤمن كالجبل الراسخ لأن الإيمان ليس فكرة في النفوس وحالة في القلوب والعقول، بل إن الإيمان ارتباط متين بالله رب العالمين وصلة قوية تمنع الإنسان من الاهتزاز والضعف ومن الانجراف والسلوك العفوي اللامسؤول.
                      الإيمان ليس مجرد كلمة تقال، ولا صلاة تصلى ولا صياما، ولا مظهراً، بل الإيمان الحقيقي هو وقفة الإنسان في ساعات الحرج، في ساعات المصالح المتضاربة في ساعات المحنة والكوارث. عندها يكون الإنسان المؤمن ذا تربية صالحة لا يحتاج في ساعات المحنة أو في ساعات المنفعة أو في ساعات المصيبة أن يقول له المربي افعل كذا ولا تفعل كذا بل هو عند ذلك يتصرف بمقتضى ضميره، بمقتضى إمكانه يتخطى المنافع ويتجاوز المحن ويتعالى على الأحداث الصغيرة والشحناء والبغضاء، وأمثال ذلك من العوامل النفسية الصغيرة التي تحيط بالإنسان في ساعات المحنة. وإذا لم نكن من المؤمنين الذين هم كالجبال الراسخة، فلا ندري مصيرنا ولا مستقبلنا.
                      لقد حفظ الله في هذه الأيام بلدنا ومنع وقوع الكوارث والمحن والتوتر، بهمة أناس طيبين وبسعي أناس مخلصين من مسؤولين وغير مسؤولين وكلكم مسؤول عن رعيته. ولكن هل يجوز بعد ذلك أن ننظر إلى المستقبل نظرة متفرج نترقب الأحداث ونتجنبها ونتفاءل بالمصير أو نتشاءم عليه ؟ كلا ما هكذا أرادنا الله. انه أرادنا أن نكوّن بأيدينا وبمساعينا وبوعينا وبإيماننا، أن نكون بذلك مستقبلنا وأن نكون الحاكمين في مصير التاريخ. فالذين يقولون ويتحدثون عن جبر التاريخ في الحقيقة يتحدثون عن دور الإنسان في التاريخ. فلا محرّك للتاريخ غير الإنسان ولا باني المستقبل غير الإنسان.
                      فالإنسان هو الذي يبني مستقبله خيرا أو شرا، ولا يمكن أن نقبل من أبناء أمة أننا لسنا مسؤولين عن المستقبل. فالعدو يتلاعب بنا، والأيادي المخربة اشتغلت في ما بيننا. هذا كلام لا يصدر عن المواطن الواعي، فالمواطن الواعي هو الذي يقطع الأيادي المخربة، ويمنع العدو من التلاعب في المصير. فالبلد بلدنا وبلد أجيالنا القادمة، وكرامة أبنائنا واستمرار تاريخنا المستمر. ولذلك لن نقبل ولا الله يقبل منا أن نكون من المتفرجين على المستقبل فنضع أيدينا على قلوبنا. ماذا سيحدث؟ كلا لن نسمح أن يحدث غير ما نشاء، وان يكون غير ما نريد، من صميم مصلحة وطننا ومصلحة أمتنا، هكذا يريدنا الإيمان.
                      فعلينا أن نقف عند هذه النقطة في وقت الصلاة وأمام الله، لكي نبحث ما الذي يهزنا في ساعات المحنة؟ ما الذي يجعلنا نتخبط في التصرف فنجزع ونفزع هنا وهناك، من غير أن نكون قادرين مستقلين صابرين.
                      أيها الأخوة المؤمنون . الإيمان لا يظهر في ساعات الراحة فحسب، بل الإيمان صلة ورابطة قوية تحفظ الإنسان في ساعات المحنة وفي ساعات المصيبة وفي ساعات الانتصار، وفي ساعات الخوف وفي ساعات القلق عندما يفقد الإنسان حالته الطبيعية، لو كان مؤمناً بقضيته لا يفقد صوابه. لأن الإيمان راسخ في قلبه فهو يتصرف على ضوء وجوده العميق وإيمانه في نفسه. ولذلك يؤكد القرآن الكريم على نقاط معينة فيقول في ساعة المصيبة ان المؤمنين هم الذين يقفون صابرين في وقت المصيبة {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } (البقرة:155-156).
                      يقف في ساعة المحنة فيؤكد أن الإيمان يعرف عندما يصاب الإنسان بمصيبة. وهكذا يعرف المؤمن في ساعة الخوف وفي ساعة الخوف من الخسارة، والشيطان يعظكم بالمكر ويأمركم بالفحشاء.
                      وفي ساعة المحنة وفي ساعة الغضب، وفي ساعة النصر، قال تعالى في كتابه الكريم: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (سورة النصر). الإنسان المؤمن عندما ينتصر لا يفقد أعصابه، ولا يشعر بسكرة الانتصار، ولا يتصرف كالسكران يتخبط، فيغبط فينتقم ويتصرف بغير عدالة. الإنسان المؤمن في ساعة الحرج، في ساعة ظلم الآخرين في ساعة غضبه لا يرد الكيل كيلين، ولا يهدم البلد لمجرد غضبه من هذا أو ذاك الإنسان المؤمن في الحالات الحرجة يتصرف بمقتضى إيمانه.
                      نحن في لبنان أيها الأخوة المؤمنون كلنا مؤمن، كل منا يؤمن بطريقة. كل منا يعبد الله على طريقته. كل منا يؤمن بأن خالق الأرض ومقدر الكون ومحاسب الإنسان يوم الحساب هو الله رب العالمين، فنحن نعرف أن حركة العالم وسير التاريخ وأعمال الإنسان كلها محسوب ومحاسب. وقد أرادنا الله أن نتخلق بأخلاقه ونسلك سبيله ونقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
                      = يتبع =

                      تعليق


                      • #56
                        سيرة الأمام الصدر (خطاب 4 )جزء 2

                        نعتبر أنفسنا راجعين إليه. ففي ساعات المحنة يتمكن الإنسان أن يتصرف بملء تفكيره ووعيه. يجب علينا نحن في هذا البلد أن لا ننسى أن أمامنا إلى جانب عدونا، أعداء كثيرين. أمام عدو رأسماله الأول هو الدس والتفرقة والفتنة وخلق المحن الداخلية. فعلينا أن نصون أنفسنا وأن تكون لنا حصانة ضد الشائعات والأكاذيب والأحاديث الباطلة، وبالاستفزازات، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان. هنا يبرز المؤمن من المؤمن. أنا لا أرى الذي يغضب فيدعي أنه يدافع عن كرامة طائفته، لا أراه مؤمنا بل أرى المؤمن هو الذي يفكر في مصلحة المؤمنين وفي مصلحة طائفته وفي مصلحة إخوانه وجيرانه ولا يدع الآخرين يستفزونه فيتحرك بعفوية وبلا وعي فيزيد المشكلة ويفجر المحنة.
                        لا يمكن أن نعتبر أن الإيمان والغيرة الدينية تظهر بالمظاهر التي شاهدناها مع الأسف. ليست هذه المظاهر من مظاهر الإيمان. هذه مظاهر العنصرية، هذه مظاهر التفرقة البشرية، هذه المظاهر التي تؤكد الخفة في التصرف وعدم رسوخ الإيمان في القلوب. المؤمن يعرف بثباته في مثل هذه الأحداث.
                        هكذا نفكر في المستقبل، فالحمد لله الأجواء طيبة وهادئة والمشكلات انحلت والظروف تحسنت. ولكن هل يمكننا أن نفكر أن مصير بلدنا متروك للأقدار، متروك لتلاعب العدو، متروك لجهل الصديق، متروك للأيادي المخربة ؟ كلا علينا أن نفكر في بناء المستقبل ولا بناء إلا بإيماننا، إلا بسيطرتنا على مشاعرنا الخاصة.
                        هكذا علمنا رسول الله، وهكذا سلك علي ولي الله، وهكذا مثلت فاطمة الزهراء صاحبة هذا اليوم الأغر حياتها وسلوكها. فأمام المحن التي مرت عليها وأمام الظروف التي عاشتها ما وجدناها يوما خرجت عن اتزانها ولا اعتزالها وكانت صابرة ومحتسبة، وكانت في جميع الحالات تحافظ على الغاية ولا تلتهي بمشاكل الطريق أو بصعوباتها أو بمغرياتها.
                        هكذا يريدنا الإسلام، هكذا تريدنا صلاة الجمعة، هكذا يريدنا الله سبحانه وتعالى. فأبناؤنا في المستقبل لا يسمعون اعتذارنا إذا اعتذرنا فقلنا في الأمر خارج من أيدينا. الأمر بيد من، إن لم يكن بأيدي المواطنين؟ الأمر في يد من يترك إذا لم يتمسك به المواطن المسؤول الواعي؟ لا يسمع هذا العذر.
                        فعلينا من الآن، ولكي لا تتجدد الأزمات ولا تتكرر المحن، علينا أن نقوي إيماننا وان نوثق صلتنا بربنا، وان نعرف أن للمؤمن في كل حالة وقفة، إن له في كل مصيبة موقفاً، يتصرف من خلال إيمانه، ولا يترك المجال للانفعالات والاستفزازات والتصرفات العابرة الخاطئة. لا خلاف في المبادئ، هنا وهناك، لا يطلب أحد منا في لبنان أن لا نكون متمسكين بسيادتنا وسلامة أراضينا وبكرامة مواطنينا. لا يطلب أحد في العالم منا ذلك، ولا يحق لأحد أن يطلب منا ذلك. والمبدأ الثاني أيضاً متفق عليه يعلنه كل لبناني، يعلنه كل مسؤول، يعلنه كل مواطن: قداسة السعي والجهاد في سبيل تحرير فلسطين. هذه القداسة لا تحتاج شهادتنا، كما أن السيادة ما احتاجت شهادة من غيرنا. فالسعي لتحرير فلسطين سعي لإنقاذ المقدسات الاسلامية و المسيحية، سعي لتحرير الإنسان، سعي لعدم تشويه سمعة الله في الأرض.
                        الصهيونية بتصرفاتها تشوه سمعة الله وسلوك الله. يقولون أرض الميعاد ويريدون العودة لها. ويعتبرون عودتهم إلى أرض الميعاد وعدا من الله، ونفذ الوعد بالقنابل، ونفذ الوعد بالاغتصاب،ونفذ بالاحتيال والإرهاب وقتل الأنفس.
                        هذه هي الصورة التي رسمتها الصهيونية عن الله أمام الكون وأمام العالم. حتى جعل هذا المؤمنين الضعفاء، في شك من إيمانهم. فتحرير فلسطين وإصلاح هذه المجموعة البشرية، إذا قبلت لإصلاح، إنقاذ لسمعة الله وواجب كل مؤمن دون استثناء.إذاً، فالسعي لتحرير فلسطين ودعم المجاهدين ومساندتهم ومساعدتهم بكل ما نملك من القوة، ليس مبدأ يشك فيه أحد.
                        إذا على ماذا الخلاف؟ على أية صورة من الصور أتت الصعوبات والمحن؟ هل يتمكن العدو لطرقه غير المباشر أن يستفز وأن يحرك أخاً ضد أخيه وابنا ضد أبيه وإنسانا ضد جاره؟ حاشى المؤمنون أن يتحملوا ذلك. وان يقبلوا أن يكونوا منفذين لتخطيطات عدوهم وأعدائهم. هل تتمكن الأيادي المخربة أن تبعدنا عن الطريق؟ نعم تتمكن من الإنسان الضعيف، ومن تحريك الإنسان الفارغ الخاوي الذي يشبهه أحد الشعراء بالمكان الذي يكثر فيه القصب أو ما نسميه بالأجمة. يقول الإنسان غير المؤمن خاو كالاجمة. فالريح الخفيفة تجعل الاجمة تصيح وتعربد وتصرخ ويرتفع الصوت إلى عنان السماء أمام هبة خفيفة من الرياح.
                        ولكن الإنسان المؤمن الذي يصفه الحديث بأنه: كالجبل الراسخ مهما كانت العواصف الغريبة لا يتحرك. الخطة واضحة، السلوك واضح. والواجب صريح، والمسؤولية واضحة. هل مجرد الدس والشائعات واليد الغريبة والتشويه والغموض، هل يمكن كل ذلك أن يؤثر على مصير المؤمن وعلى سعي المؤمن ؟ حاشى اللبنانيون أن يقبلوا ذلك، وحاشى المجاهدون أن يتحملوا ذلك. لقد كفى. ليس الإيمان بالدعوة، ولا بالحضور في المساجد والكنائس، ولا بالتسجيل بالهويات الدين هو الموقف، الإيمان هو الحزم في الوقفة، والإرادة، والوعي في السلوك والتصرف. الإيمان صلة عميقة في النفس تحرك الإنسان في ساعات مختلفة، في ساعات حاسمة يتصرف الإنسان فيها بملء مسئوليته.
                        أيها الأخوة المؤمنون في هذه اللحظات، وفي هذه الأيام التي نتنفس الصعداء، ونشعر بارتياح وننظر إلى المستقبل بتفاؤل، علينا أن نصون أنفسنا، وأن نحافظ على مكاسبنا، وان نمسك بيد قوية متينة مؤمنة وطننا وسيادة بلدنا، وأن ندعم إخواننا ومجاهدينا في كل مكان، وأن لا نتحرك بالتحرك الغريب، وأن لا نتأثر بالشائعات السخيفة الغريبة.
                        لقد سمعت في يوم من الأيام خبراً عني، يسألني أحدهم: هل انك تعرضت للاغتيال؟ قلت له: أنا المتكلم معك، فكيف تسألني؟ فمثلك مثل الذي ينادي نائماً وعندما يجيبه النائم يقول له هل أنت نائم. بعدما أجاب لا مجال للسؤال. الضعف في هذه الحالات يسيطر على غير المؤمن أما المؤمن الواعي فهو يحس ويشعر دائما بأنه مع الله، وأن طريقه مضاءة بنور الله وان خطواته ثابتة ومركزة بإرادة الله وأن مستقبله مبني بأمر من الله وأن ظهره مسنود بحماية الله، وعند ذلك لا يخاف من أي شيء. مسئوليته واضحة، سلوكه واضح ويتصرف دون قلق.
                        هذا هو المطلوب من اللبنانيين في هذه الظروف. وهذا هو خط رسمه رسول الإسلام والسيد المسيح، وسلكه علي وأصحاب رسول الله ووضعت فاطمة له خطوات ومعالم وأسسا مختلفة. علينا أن نسلكها ونتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لمتابعة الطريق لتحمل المسؤولية. ورحمة الله.
                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        {وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (سورة العصر).
                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبي الرحمة وسيد الأمة خاتم الأنبياءوالمرسلين وعلى آل بيته وصحبه ومن سلك طريقه ووقف معهم واهتدى بهداهم وركب سفينة ولائهم إلى يوم الدين.
                        اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آل بيته وعلى أنبياء الله المرسلين وعلى الملائكة المقربين وعلى من جاهد في طريق الدين وعلى الشهداء والصديقين وعلى عباد الله المخلصين.
                        نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً أحداً فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً واشهد أن محمداً عبده المنتجب ورسوله المرتضى أرسله بالهدى ودين الحق وأشهد أن مولانا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ووصي رسول العالمين عبده ووليه إمام الهدى وقائد الخير والتقى جاهد في سبيل الله بنفسه وماله وجميع طاقاته وساهم في تركيز دعائم هذا الدين ورفع كلمة الإسلام بين العالمين ونشهد أن الأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم الأحد عشر من ذريته هؤلاء أئمة الهدى ومصابيح الدجى نهتدي بهم ونسلك سبيلهم ونسعى لتطبيق مناهجهم وأفكارهم...
                        ... نرجو الله أن ينصرهم ويوفقهم ويأخذ بيدهم ويحمي ظهرهم وينير دربهم ويقوي قلوبهم وأن يربط على قلوبهم لكي يستمروا بخطوات ثابته في هذه الطرق الشائكة المشرقة وان يجعلنا الله من المجاهدين في هذه المحن الكبيرة ومن السعي في سبيل إنقاذ البقية الباقية من كرامة هذه الأمة.
                        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                        تعليق


                        • #57
                          سيرة الأمام الصدر (حوار صحفي9)جزء1

                          الموضوع : حوار صحفي ـ لا أحد يقدر أن يحدد لي دورا.. دوري محدد من الله ومن تاريخ وطني وديني ومذهبي.
                          المكـان : بيروت ـ 30/6/1973 .
                          المناسبـة : اثر الأصطدام بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية وإقفال السلطة السورية حدودها مع لبنان، بذل الإمام موسى الصدر جهوداً مضنية لتلطيف الأجواء. وكان هذا الحوار.
                          المقدمـة : كتب وليد زهر الدين المحرر في مجلة "كل شيء":
                          كان اللقاء بالإمام موسى الصدر صعبا خلال الأحداث الأخيرة، وبعدها خلال سعيه لتطويق ذيول الأحداث ومضاعفاتها، بسبب سرعة تنقله بين الجنوب، وبيروت، ودمشق، وبعبدا.. في محاولة لإخماد النيران المتأججة.
                          وعودة الإمام الصدر الى ساحة الأحداث المصيرية فاجأت الكثيرين من الذين كانوا يعتقدون بأن دوره قد انتهى بانتهاء العهد الماضي، وأولئك الذين حاولوا، ويحاولون عبثا، خنق دوره وإبعاده عن مسرح السياسة المحلية، ومسرح الطائفة الشيعية!.
                          ـ الــنـــص ـ
                          كان السؤال الأول:
                          خلال الأحداث الأخيرة، وبعدها، قمت بمساعٍ حميدة لوقف الإقتتال وإزالة مسبباته على عدة أصعدة: على صعيد الدولة، وصعيد المقاومة، وصعيد الاتصال بالسلطات السورية لفتح الحدود.. ماذا كانت حصيلة الاتصال على كل صعيد، وماذا تقترحون لاستكمال عقد هذه الاتصالات بعد أن هدأت الأجواء؟
                          قبل الإجابة، يفّرق سماحته بين المقاومة والثورة، فيقول:
                          لعلكم تستغربون أنه، خلال الجولة التي قمت بها مع بعض الزملاء للاتصال بالأطراف المعنية في الأحداث الأخيرة، تأكدت مما كنت أفكر فيه بصورة تجريدية.. فقد كنت أرى أنه ليس هنالك أي سبب للاصطدام بين السلطات اللبنانية وبين المقاومة، وليس هناك أي تعارض بين السيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان وأهليه، وبين دعم المقامة وحمايتها.. ثم.. كانت الأحداث الدامية، وبالحجم الذي نعرفه جميعاً، مما أدخل في ذهني بعض الشكوك بأني ربما كنت متفائلاً أكثر من اللزوم، أو ربما كنت موهوماً بالصورة التي أتصورها. ولكن خلال الأحداث تأكدت بأن الفكرة الأولى هي الصحيحة، إذ لا يمكن أن يكون هناك تعارض بين السيادة التامة والوحدة الوطنية وسلامة أراضي لبنان وأهله، وبين دعم المقاومة وقيامها بواجباتها، إذا كان هناك من حوار دائم لتحديد المسؤوليات والواجبات والحقوق وحل العقد العابرة..
                          وأضاف الإمام الصدر:
                          بدون شك، إن المقاومة حركة ثورية، وهنا يبدو الفرق بين المقاومة الفلسطينية وبين الحركات التي حصلت أثناء الحرب العالمية الثانية، وقبل ذلك وبعده.. فعدد المقاومة محدود، وعملها سري، وتحركها غير واضح أمام الناس، بعدا وتفصيلا، وهي مؤلفة عادة من نفر قليل، إنما الجماهير الفلسطينية لا يمكن إبعادها، كقوة سياسية واجتماعية، عن معركة تحرير فلسطين، ولا يمكن إدخالها في عمل المقاومة التقليدية بشكل علني.. هذه الظروف فرضت على الفلسطينيين أن يعبروا ويسموا مقاومتهم ثورة، فكانوا، وهم أعضاء وجماهير هذه الثورة، يدعمونها ويقفون الى جانبها.. والعمل الثوري عمل تام، وهو عمل قائم على الكر والفر، وقوانين الثورة تختلف عن قوانين أخرى.. وهنا تأتي الصعوبة في وضع اتفاقية تحدد العلاقات بين المقاومة وبين السلطات في أي بلد كان، ليس في لبنان فحسب، بل حتى في سوريا ومصر والأردن والسودان، وحتى في ليبيا، وفي أي بلد آخر.. من هنا تأتي ضرورة الحوار الذي يعتبر اتفاقاً مستمراً، واتفاق النصوص هو اتفاق جامد لا ينفع إلا بين دولتين نظاميتين، أو شركتين تجاريتين.. أما بين سلطات نظامية وحركة مقاومة فلا يمكن للنصوص الجامدة أن تحدد وتنظم، ولذلك فإنهما بحاجة الى حوار دائم، وتجدد، وكرّ وفرّ، وتأخير وتقديم، حتى يمكن للتفاهم أن يستمر.. وبالنتيجة، ذلك هو قدر لبنان..
                          ثم يروي الإمام الصدر مسلسل الأحداث الأخيرة كما عاشها عن كثب فيقول:
                          بعد هذه المقدمة، على صعيد الدولة، بإمكاني أن أقول إننا كنا نسمع بوجود محاولات تصفية، وكنا نسمع أن هناك شعوراً بالانزعاج الشديد لدى السلطات.. لكن بعد الاتصال بالمسؤولين، أثناء المحنة، شعرنا أن نية التصفية هي أبعد ما تكون عن السلطات اللبنانية. لأن موقف الرئيس، والجيش، والمسؤولين الآخرين، حتى موقف الفئات الشعبية التي كان يظن أنها لا تؤيد المقاومة والفئات التي اصطدمت سابقاً، وفي عدة أماكن من جملتها "الكحالة" مع المقاومة.. تبين في الفترة الأخيرة، وبعد اللقاء والحوار، أنهم جميعاً على تفهم تام.. ولذلك، بإمكاني القول أن لدى السلطات اللبنانية حُسن نية ورغبة في التفاهم، ولكن هذا التفاهم كان مفقودا لعدم وجود حوار مستمر، مما جعل العلاقات اللبنانية الفلسطينية، تسير بصورة عشائرية.
                          وعلى صعيد المقاومة يقول سماحته:
                          لقد وجدت نفس الإحساس تماماً لدى المقاومة.. ففي لقاءاتنا، تحدثنا عن كافة الموضوعات، وتبين لي أن المقاومة تهتم بصيانة لبنان وسيادته، لمصلحته ولمصلحتها، كما أنها مقتنعة بضرورة عدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، إبتداءاً من اختيار المختار ورئيس البلدية، وانتهاءاً بالنظام. المقاومة، بقيادتها الحالية، مقتنعة بضرورة عدم التدخل في هذه الشؤون، لكن هناك فئات من المقاومة، لها قواعد عقائدية تتنافى مع النظام الحالي في لبنان.. وقد قلت لأحد قادة هذه الفئات، وبحضور القيادة العامة: "لك أن تعتقد ما تشاء، ولكن ليس لك أن تنفذ ما تعتقده على الأرض اللبنانية، وإنما تنفذ ذلك في أرض فلسطين".
                          ويتابع سماحته:
                          وبعد النقاش، قلت بأني أعتقد أنّ أية حركة تلهي الجماهير الفلسطينية والقادة الفلسطينيين عن تحرير فلسطين تتنافى مع روح المقاومة، وروح الثورة.. وهذا الحوار ساهم الى حدٍ ما، الى جانب المساهمات الفعالة وأقول المساهمات الأكثر فعالية من نشاطاتنا في خلق الحوار الذي تأكد وأرجو أن يستمر بعد أن تقدر كل فئة موقف الفئة الأخرى. إن دعم المقاومة ليس فقط قدر لبنان، ورسالته، وواجبه، حتى على صعيد الحرب الباردة في العالم، بل يمكن القول إن مصلحة لبنان أن يملك ورقة اسمها ورقة المقاومة.
                          وفيما يختص بالجانب السوري، أوضح الإمام الصدر حقيقة زيارته المفاجئة الى دمشق، فقال:
                          أما على صعيد السلطات السورية، فأنا، في الحقيقة، لم أبذل نشاطاً لفتح الحدود، رغم أني أتمنى ذلك.. فسفري الى سوريا كان رحلة واحدة، (قام سماحته بزيارة ثانية لدمشق في مطلع الأسبوع الماضي) وقد جاءت في وقت الالتهاب وانتقال الجيش اللبناني من الجنوب الى الشرق والشمال وبيروت، وبرز بعض شباب المقاومة في الحواجز والمخافر وأماكن في جنوب لبنان، مما جعلني أتصور أن "إسرائيل" ستستغل غياب السلطات اللبنانية، وستحاول احتلال الجنوب.. وقد وجدت بعض "القرائن" على ذلك، وبدون أي تأخير سافرت الى سوريا، وتمكنت من تلطيف الأجواء من الناحية العسكرية، وبالتالي صدور الاتفاقية، وسحب الحشود الفلسطينية من الحدود الشرقية والشمالية وعودة الجيش الى جنوب لبنان، مما أفقد إسرائيل ذريعة القيام بأي عمل عسكري بهدف احتلال جنوب لبنان..
                          وتستوقفني كلمة "القرائن" في جواب سماحته، فأسأله:
                          سماحة الإمام، هل بالإمكان إلقاء بعض الضوء على تلك "القرائن" والتي توفرت لكم حول نية "إسرائيل" في استغلال الوضع اللبناني الداخلي واحتلال الجنوب؟
                          وقال:
                          هناك قرائن ثابتة، مثل الخرائط المكتشفة والتصريحات التي صدرت في أعقاب حرب 67، بأن الحدود في كل مكان مثالية إلا على الجبهة اللبنانية.. أما القرائن التي حدثت مؤخرا، فقد نقلها الكثير من شبابنا الذين يدرسون في أميركا، إذ اكتشفوا بأنّ الطلاب اليهود هناك يدرسون مشاريع مائية وكهربائية وجغرافية وزراعية على ساحة جنوب لبنان... ومن المعلوم أن هذه السنة هي سنة جفاف، فقد قرأت في بعض الصحف الأجنبية أن بعض قادة إسرائيل يتحدثون عن ضرورة فتح الحوار مع السلطات اللبنانية حول المياه في جنوب لبنان... وغير ذلك من القرائن..
                          واسأله:
                          لقد رافقتم مواقف الدولة والمقاومة منذ بدء الأحداث حتى نهايتها.. هل كانت هنالك مواقف متطرفة في البداية، ثم لانت عند الطرفين؟.
                          بدون شك.. إن التطرف في المواقف هو الذي أدى الى الإنفجار، واستعمال السلاح كان ناتجا عن تصورات غير حقيقية لدى الجانبين.. فكان في ذهن بعض قادة المقاومة أن هناك نوايا تصفوية للمقاومة، وكانوا يربطون هذه النوايا بما يقال عن اقتراب موعد الحل السلمي وهذا الحل برأيي بعيد جداً ويقولون إن المشكلة الوحيدة أمام تطبيق ذلك الحل هي مشكلة المقاومة.. وبما أنها أي المقاومة مجمدة في مختلف البلاد العربية، فهناك نية لإنهائها في لبنان.. هكذا كان يفكر الكثير من قادة المقاومة… ومن ناحية أخرى، كان هناك تخوف عند السلطات اللبنانية، نتيجة المنشورات والشعارات وأحاديث بعض قادة المقاومة في المحاضرات، والاستدراج السياسي اللبناني من قبل الأحزاب وبعض الشخصيات، ونحن نعرف أن اللبنانيين خبراء في الاستدراج، وكل ذلك نتج عن شكوك ساورت أذهان كبار المسؤولين اللبنانيين حول وجود نوايا ضد النظام وضد سلامة لبنان..
                          ويقول سماحته:
                          لقد تبين، بعد الحوار، وبعد الاتصالات، أن هذه الأفكار غير صحيحة عند الطرفين، وأن المواقف اعتدلت جداً، وإني متأكد بأنها ستكون أكثر اعتدالاً الى درجة أن اعتدال موقف المقاومة سيكون بشكل لا تتصوره السلطات اللبنانية والفئات والأحزاب اللبنانية، وسترى المقاومة أن دعم الفئات التي كان الاعتقاد أنها في الصف المعادي لها سيكون بشكل لا يتصوره قادة المقاومة أيضا.
                          قلنا:
                          هل زالت مسببات الأحداث الأخيرة؟؟ وهل يمكن اعتبار استمرار العمل باتفاق القاهرة هو صيغة التفهم والتفاهم المطلوبة؟
                          وقال الإمام الصدر:
                          إن اتفاقية القاهرة تشكل نوعا من النواة للحوار الجديد، وهنالك تفاوت كبير بين ظروف اليوم والظروف التي أدت الى تلك الاتفاقية التي تشكل حدا أدنى أو إطارا للحوار المثمر الذي تم من خلال الاتفاقية غير المكتوبة في فندق "ملكارت"... ورغم كل ما يقال بأنه ليست هناك اتفاقية، لكني أعرف أن هناك تفاهما وتدابير اطلعت عليها، وهي مرضية جداً لمصلحة الطرفين.
                          =يتبع =

                          تعليق


                          • #58
                            سيرة الأمام الصدر(حوار صحفي9)جزء2

                            يقال بأن النظام اللبناني بدأ يتحول الى نظام رئاسي، فما رأيك؟ وهل تؤيد بالتالي تعديل الدستور وفق مستلزمات هذا التحول؟
                            ويجيب الإمام الصدر بقوله:
                            إني أستبعد ذلك التحول، لأني لا أجد في الأفق أي أمر يلائم ويناسب تعديل الدستور الذي يحتاج الى اتفاق جميع أبناء الشعب على ذلك، أو الى ثورة عنيفة في لبنان، لا سمح الله. ليست هناك بوادر وإرهاصات لتعديل الدستور أساسا، وأتصور أن ما يشكى منه اليوم على صعيد وضع رئيس الوزراء وعدم مشاركته الفعلية ناتج، في جانب من جوانبه، عن عدم تحديد مدة لولاية رئيس الوزراء، وبالتالي منافسة الزعماء السنة على مركز رئيس الوزراء، بينما منصب رئيس الجمهورية ثابت لمدة ست سنوات، فعندما يأتي رئيس الوزراء الى الحكم، تسعى المعارضة لتدعيم وضعها، وتنمية قواها، وتنسيق مواقفها مع مختلف الفئات المعارضة، وتؤدي هذه النشاطات بالتالي الى إسقاط الحكومة ومجيء حكومة أخرى... وهذا يضعف موقف رئيس الوزراء.
                            ويضيف قائلاً:
                            لقد أبلغت بعض المسؤولين المعنيين، بأن علاج المشاركة يكون بتكوين جبهة سياسية تحدد إطار الصراع بين الزعماء الذين يتصارعون على رئاسة الحكومة، حتى لا يكون هذا الصراع على حساب ضعف مركزهم السياسي.
                            وبالنسبة للنظام اللبناني ككل، فيما يحق لي أن أتحدث عنه، وأنا رجل دين لا أتدخل بالسياسة رغم كل ما قيل ويقال، لأني أعتبر أن ما أقوم به كان على أساس مبادئ، فلم أسع أي يوم في سبيل انتخاب نائب أو عزل آخر، ومجيء حكومة أو ذهاب أخرى، إني لا أشتغل في هذا.. بالنسبة للنظام كانت لي أمنية، قبل انتخابات هذه السنة، وهي تحويل النظام الطائفي الى نظام ديمقراطي يعتمد على الكفاءات، ولا أقول نظاماً علمانياً، لأنّ بين الطائفية والعلمنة حلاً ثالثاً، هو النظام المتدين غير المتعسف.
                            وتابع يقول:
                            إن مشكلة النظام الديمقراطي هي أنه يُحدث تفاوتاً في الفرص المؤمنة للمواطنين، لأنه عندما تترك الحرية دون حماية، يصبح المتقدم أكثر، والمتأخر يتأخر أكثر.. لا بد من لجم هذه الليبرالية التي تحملها الديمقراطية.. ولمعالجة هذا الأمر اقترحت إنشاء مجلس آخر يضم ممثلين عن كل الطوائف وعن المناطق، وعن القطاعات المتعرضة للحرمان، مثل القطاعات العمالية والطلابية، على أن يعقد المجلس جلسات في أواخر كل سنة لمدة شهر أو شهرين، يدرس خلالها ما أصاب كل طائفة، وكل فئة، وكل منطقة من حرمان، لتدارك هذا الأمر حتى لا نبتلي بالديمقراطية الموجهة التي ترفضها أكثرية الشعب اللبناني.. ولا أرغب الدخول في التفاصيل أكثر من ذلك، باعتبار أن الأمر ليس من صميم مسؤوليتي.
                            ماذا كانت ردة فعل الدولة إزاء ذلك المشروع؟
                            ـ لا شيء!
                            هل ستقوم باتصالات لتعزيز ذلك المشروع وإعادة إحيائه؟
                            ـ الوقت غير مؤات الآن لطرح المسألة، والظروف غير مناسبة..
                            لكن ظروف النظام القائم، هل هي قادرة على هضم ذلك المشروع؟
                            ذلك ممكن إذا أدركت الفئات اللبنانية جميعاً أن صيانة كرامتها وحقوقها وأوضاعها وحريتها أمر ممكن من خلال نظام معدل للنظام القائم.. الإنسان يحب النظام كوسيلة للراحة والكرامة، وليس هناك في العالم من يعبد النظام ويعتبره مطلقاً لا يمكن التغيير فيه.. نريد النظام من أجل الخير، وعندما يتأمن الخير بتعديل النظام فليكن التعديل.
                            وقلنا لسماحته:
                            هل تعتقدون أن هناك تعارضاً بين الخير والنظام القائم؟
                            وأجاب على الفور:
                            أعتقد أن اعتماد نظام الكفاءات، ووجود المجلس الثاني الذي ذكرته، يقدمان للبنان نظاماً أفضل من النظام الحالي.. ولا بد من القول بـ"الخير النسبي" كي نصحح السؤال..
                            حقوقنا مهضومة.. أيضاً..
                            سؤال: ما رأي سماحتكم بالمشاركة في الحكم، وهل تعتقدون بأنّ حقوق الطائفة الشيعية مهضومة في إدارات ومؤسسات الدولة؟ ومَن هو المسؤول عن هضم هذه الحقوق، إذا كانت كذلك؟
                            فيجيب بهدوء موضحاً صعوبة الحديث عن المشاركة:
                            بالنسبة لقضية المشاركة أقرّ مجلس لرؤساء الطوائف تشكيل لجنة للاتصال بمختلف الفئات ودرس مطالبها ومحنتها.. إننا من الذين فرض الله عليهم، والوطن كذلك، القيام بتعميم العدالة، والوقوف الى جانب المظلوم. لكن.. مسائل المشاركة دقيقة، وعسى أن نتعاون مع مختلف المسؤولين لمعالجة أساسية لها.
                            ثم يضيف سماحته بلهجة اكثر اعتدالاً:
                            على صعيد حقوق الطائفة الشيعية، المعروف أنها أكثر الطوائف في لبنان حرماناً على صعيد الحقوق والوظائف، لكن من المسؤول عن ذلك؟ هذا يحتاج الى بحث طويل، وربما كان السبب أن النظام الطائفي في لبنان، الذي وضع لمساعدة جميع الفئات والطوائف، لم يحقق المساواة، فمنذ بدء الاستقلال فكروا في صيانة حقوق الطوائف المتخلفة، لكن الذي حصل آنذاك أنه كان هناك نوع من الحوار بين الزعماء وليس بين أبناء الشعب.. ففي كان الشعب أكثر تقدماً، وشكل قوة ضاغطة على الزعماء، فتحسنت أوضاعه… وفي أمكنة أخرى، تمتع الزعماء بمغانم ومكاسب، وبقي الشعب محروماً.. لم يعط النظام الطائفي المفعول المطلوب منه خلال هذه الفترة، لأن الحوار كان لا يتعدى الزعامة.. يعني كان الزعماء يتوزعون المغانم على موائد الاجتماعات، وأحياناً على موائد الطعام!
                            الزعيم الشيعي غير موجود!.
                            وكان لابد من طرح هذا السؤال:
                            في أوساط المثقفين والمتعلمين الشيعة اعتقاد بأنّ هناك فراغاً في الزعامة الشيعية، وهؤلاء يعتقدون بأن الطائفة الشيعية بحاجة الى من يقودها نحو تحقيق مطالبها في الإدارة وفي الحكم وفي السياسة، فما رأيك في ذلك؟
                            أنت تسألني عن أوساط المثقفين؟ أتصور أن المثقفين لا يؤمنون بالزعامات التقليدية والقيادات الجماهيرية إلا من خلال العمل والتفاعل بين القمة والقاعدة، أو ما يسمى بالحركات العقائدية المتجسدة في الأحزاب والصحف والقوى الضاغطة.. لذلك فإن فكرة القيادة الشاملة للطائفة الشيعية لا يمكن أن تطرح بالشكل التالي: أنه يمكن أن يأتي النبي في صورة إنسان، فيجعل من الطائفة الشيعية طائفة محظوظة دفعة واحدة، فهذه فكرة أسطورية، وهي تكريس لفكرة الغيبية.
                            ويتابع سماحته قائلاً:
                            ليس من شك بأن المسؤول عن حرمان الطائفة الإسلامية الشيعية هم قادة الشيعة في لبنان، سياسياً ودينياً واجتماعياً، كما أن لمستوى الوعي الشعبي دوراً كبيراً في هذا الحرمان.. الطائفة الشيعية بحاجة الى المزيد من الوعي، والتعلم، والثقافة، وتحمل المسؤوليات. أما حرمان الطائفة من الحقوق والوظائف في المراكز فهذا من مسؤوليات النواب في مناطقهم ومن مسؤوليات المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على صعيد عام..
                            ويوجه الإمام نقدا ذاتياً للمجلس فيقول:
                            هذا المجلس، خلال أربع سنوات من تأسيسه، ورغم الضغوط التي مارسها لإيصال الطائفة الى حقوقها، لم ينجح أبداً، باستثناء بعض النشاطات التي بذلناها ونجحنا فيها من نشاطات ثقافية واجتماعية وخدمات مختلفة للجنوب ومن جملتها إنشاء مجلس الجنوب.. لقد بذلنا جهداً ونجحنا فيه ولكن على صعيد الوظائف لم ننجح مع الأسف، لأنه لم تكن هناك تشكيلات عامة خلال هذه الفترة، إلا بصورة جزئية.. الحقيقة أني غير راض عن مجهودنا في هذا الحقل، ولكن أملي أن نصل في المستقبل الى حقوقنا.
                            ويضيف قائلاً:
                            إن القيادة الإجتماعية التي ترفع مستوى الطائفة بصورة عامة، من خلال حركة ثقافية وتربوية عامة، لا يمكن أن تأتي عن طريق أشخاص وأفراد معينين ومحدودين.. لا بد من التحرك والتفهم والوعي، وخلق قوى ضاغطة وتفاعلات اجتماعية واسعة للوصول الى الحق، وإني متفائل جداً في المستقبل، فالطائفة الشيعية خلال العامين الدراسيين 65 1966 و66 1967، تضاعف عدد طلابها بنسبة 30 بالمئة، وهذا دليل على أن هذه الطائفة تقفز نحو التقدم والثقافة العامة، لكنها بحاجة الى توسيع المدارس والنوادي والتوعية بصورة عامة، ونرجو من المثقفين، كما تسميهم، والذين سيكونون القادة، أن يتعاونوا ونتعاون كلنا في تحسين أوضاع الطائفة..
                            =يتبع =

                            تعليق


                            • #59
                              سيرة الأمام الصدر(حوار صحفي 9)جزء3

                              قال وقلنا: بالنسبة للقسم الذي لم ترض عنه سماحة الإمام خلال الأربع سنوات من ولاية المجلس الشيعي الأعلى، هل افتقد المجلس الى مبادرة سياسية من رجال السياسة الشيعيين لمساعدته في جانب من جوانب مشاريعه؟
                              قال:
                              إن سبب عدم نجاح المجلس في الوصول الى الوظائف لم يكن ناتجاً عن تخلف بعض السياسيين عن تأييد المجلس، بل نتج عن الظروف الإجتماعية الصعبة والاعتبارات العديدة التي تتحكم بالوضع مع كل فترة تحضير لإصدار تشكيلات.. وتذكر أنه خلال الخمس سنوات الماضية لم تصدر تشكيلات عامة، بل تشكيلات جزئية.. إننا ندرس الآن ما إذا كانت قضية الوصول الى الحقوق والوظائف تستدعي تشكيل ضغط مثل الذي مارسناه من خلال الإضراب لحماية الجنوب.
                              وأسارع الى القول هنا إنني أعتقد أن ظروف البلاد الآن لا تتحمل الضغط الشديد حول هذا الموضوع، خاصة وأني أشعر بوجود تفهم بضرورة إعطاء الطوائف حقوقها كاملة..
                              قلنا:
                              بالنسبة للإضراب من أجل حماية الجنوب، هددتم في العام 1970 بالعصيان المدني، فهل مواقف سماحة الإمام في الأزمة الأخيرة ودعوته الى الاعتدال وعدم التطرف هي تغيير نوعي بالنسبة لما حدث في ذلك العالم؟
                              ويجيب الأمام الصدر بابتسامة عريضة مرة أخرى فيقول:
                              يوم طلبت الإضراب من المواطنين عام 1970 وهددت بالعنف، كنت أجد إهمالاً بالنسبة للقضية الجنوبية يعرض الوطن للاحتلال وللانقسام الداخلي، وربما للانفجار من الداخل.. إن استعمال بعض العنف يفيد في بعض المواقف أكثر من الحكمة ومن الاعتدال.. أما اليوم، فالظروف مختلفة جداً، خاصة بعد الإنفجار بين السلطات اللبنانية والمقاومة.. إن الخطر الإسرائيلي اليوم لا ينتج عن النشاطات الفدائية في الجنوب، ولا عن مسألة وجود قوة دفاعية أو عدم وجودها. الخطر الإسرائيلي اليوم ناتج عن التطورات الداخلية، يعني عندما يتطور الوضع الداخلي، فسوف تتذرع إسرائيل ببعض الأحداث لتقوم بتصرف أرعن في الجنوب.. مثلا لو افترضنا أن الجيش اللبناني انتقل الى بيروت والى الشرق والشمال لمواجهة الحشود التي كانت، وبرز بعض شباب المقاومة على المسرح في الجنوب، في الطرق والمخافر والحواجز، مثلما حصل خلال الأزمة الأخيرة، فهذا كاف للاحتلال بالنسبة لإسرائيل.. كما أن الانفجارات الداخلية تجعل لبنانبنظر أصدقائه العالميين، بلداً مهزوزاً، وبالتالي تقل قيمة استقرار نظامه لدى مختلف الدول، وهذا يسهل مهمة إسرائيل في الإحتلال.. لذلك، ورغم إصراري ووقوفي مع أي شخص يطلب العدالة، لا أؤيد ولا أريد خلق موقف صعب وعنيف قد يؤدي الى انفجارات معاكسة تهدد بمخاطر وطنية..
                              لست الرئيس الدائم
                              ونعود إلى الزعامة الشيعية فأسأل:
                              في عصرنا الحالي، لم يعد بالإمكان الفصل بين الدين والسياسة، فبصفتك رجل دين ومارست أدواراً سياسية من خلال منصبك، ألا تعتقد بأنّ منصب رئاسة المجلس الشيعي الأعلى هو السبيل الى ملء الفراغ الذي يشكو منه شباب الشيعة؟
                              ويجيب الإمام الصدر قائلا:
                              أولا، منصبي ليس دائماً.. إن مدة رئاستي هي ست سنوات، وقد مر عليها أربع سنوات... ثانياً، كما ذكرت، أن لنا تفسيراً في القضية السياسية.. إن العمل على أساس المبادئ العامة لا يعتبر سياسة وأعتبره من صميم مسؤولياتي، ولكن أن نسعى لانتخاب شخص، أو ترئيس أو توزير شخص، فهذا عمل سياسي.. إني أعتبر أن على المجلس أن يكون للجميع، وليس لفئة دون أخرى، كي يتمكن من أداء دوره العام الشامل..
                              وعن الزعامة، يعود سماحته للقول:
                              الزعامة السياسية للطائفة لا يمكن أن تتأمن من خلال أطر، كإطار المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وإطار النيابة، وإطار الرئاسة.. إن الزعامة في هذا العصر هي زعامة شعبية، وفكرية، فهي لا ترتبط بالتالي بالإطار الذي يبعد الجماهير عن الانقياد الفكري والاجتماعي للأشخاص، وهذا ما أعانيه شخصياً، لأن وجودي في مركز رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يجعلني مسؤولاً عن شؤون إدارية مختلفة، ويفرض علي نوعاً من التحرك الرسمي، وهذان الأمران يبعداني عن إمكانية القيادة الفكرية للناس.. وربما قبل استلامي الرئاسة كنت أقدر على القيادة، وما أعانيه يعانيه كذلك كل رجال السياسة والشخصيات، لهذا أتصور أن رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أو أي مركز مدني أو سياسي آخر، يمكن صاحبه من قيادة جماهيرية للطائفة الشيعية، إنما هو يساعد على خلق إطار المساهمة في التحضير لهذه القيادة..
                              ونسأل سماحته:
                              بالنسبة لتحديد مدة رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أعتقد أن هناك مشروعاً في مجلس النواب بتحديدها بست سنوات، لكن هذا المشروع لم يصبح بعد قانوناً نافذاً، وربما جمد.. فلماذا استبقت سماحتك إقرار القانون؟
                              يقول الإمام الصدر مجيباً وموضحاً:
                              هناك قانون يعدل مواد تنظيم المجلس الإسلامي الشيعي، وقد أعد بصورة مستعجلة وفي ظروف صعبة، وداخل مجلس النواب أيضا، ونتيجة لتيارات مختلفة عدل القانون.. كانت هناك نواقص كثيرة فيه، فعدل، وأقر في لجنة الإدارة والعدل، لكنه لم يطرح بعد إمام مجلس النواب، ونرجو طرحه في المستقبل. إن المركز الدائم هو لأعمال التشريفات والمجاملات، ولست مستعداً لأن تكون المجاملة عملي، ولأن أبرز في المواسم.. إن العمل الجدي لا يمكن أن يكون دائماً، فطاقات الإنسان محدودة، وصحته لا تساعده على التحرك والاستمرار.. يمكن وضع مدة طويلة لرئاسة المجلس الإسلامي الشيعي، وربما ينفّذ هذا في المستقبل.
                              ويضيف سماحته:
                              لكن بالنسبة لمركز الرئاسة، لم أكن بحاجة الى قانون يجدد لي.. لقد بذلت مع أصدقائي جهداً كبيراً في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وفي وضع قانون له، لا أتصور، إذا استمر الوضع على الشكل الحالي، أننا بحاجة لقانون لهذا الموضوع.. لكن هل يصح بأن أمارس العمل الذي أقوم به باستمرار، إذ أعمل أكثر من 16 ساعة في اليوم، حتى في أيام الجمعة والسبت والأحد وغيرها من الأيام؟ لهذا لا أعتقد أن إمكانياتي الصحية والفكرية تساعدني على الدوام في منصب الرئاسة!
                              ونتابع الأسئلة:
                              يقولون، يا سماحة الإمام، بأنك جئت في العهد الماضي لتقوم بدور معين، أي لتحتل مكان بعض الزعامات الشيعية التقليدية، وبانتهاء العهد الماضي يقال بأن دورك قد انتهى.. فما رأيك بذلك؟
                              في الكلمة الأولى التي ألقيتها بعد استلامي مركز رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي، بحضور الرئيس حلو، قلت أن المجلس لم يوجد ليكون بديلا عن شخص، أو عن مؤسسة، أو مركز.. وفي هذا الإطار، مارست عملي، وأدعو للقول أنى لا أمارس العمل السياسي، مهما قيل ومهما فسر.. ولا اعتقد ان طموحي يتجه لأن أكون في مركز زعامة معين.. كانت هناك عناصر غير مؤيدة، وغير محبة لي، تتهمني بالتعاون مع العهد السابق، خاصة مع عهد الرئيس شهاب، وإني أؤكد الآن، ودائما، ان الرئيس شهاب كنت احترمه أقدره جيدا واحمل له كل احترام وتقدير، واعتبره من بناة الدولة الحديثة، ولكني لم اكن في يوم من الأيام من المتعاونين مع أحد، حسب المفهوم السياسي للتعاون.. والذين كانوا يتهمون، كانوا يتجاهلون أن العلاقات التي كانت بيني وبين الناس في لبنان نتجت عن جهود مضنية.. عن السير مئة ألف كيلومتر في السنة في كل مناطق لبنان، وعن اكثر من 67 محاضرة في السنة.. إن صورتي وأحاديثي ولقاءاتي كانت مع كل بيت.. مع كل جامعة.. مع كل مدرسة.. تجاهلوا هذه المسائل لأنهم لا يعرفونها، وكانوا يقولون بأن بروزي السريع ناتج عن رغبة سياسية شاملة!!
                              ويبتسم سماحة الإمام وهو يقول:
                              في بعض التساؤلات إننا كنا نقوم في العهد السابق بأعمال عنيفة، فكيف ندعو الآن للأعتدال؟ هذا يدحض في الحقيقة ذلك الاتهام حول دور معين كنا سنقوم به في العهد الماضي.. لقد كشفت الأيام ان دورنا لم ينته.. وفي الأحداث الأخيرة تبين انه، مهما حاولنا تجاهل رجال الدين، فلهم دور كبير في تصحيح الأوضاع.. نعم، ليس لهم دور في تقسيم الغنائم، فعندما تهدأ الحالة، يرجع رجل الدين الى محرابه، ومكتبه، وعمله، ويترك المغانم تتوزع على الآخرين.. صحتان على قلوب أصحاب المغانم!.
                              ويختتم الإمام موسى الصدر حديثه بلهجة لا تخلو من الشدة والعزم، فيقول:
                              أيام المستقبل ستكشف انه ليس هناك في لبنان أحد يقدر أن يحدد لي دورا.. أنا دوري محدد من الله سبحانه وتعالى، ومن تاريخ وطني وديني و مذهبي، وسيبقى.. ان الذي يحدد لي دوري هو أكبر بكثير من العهد، والأوطان، والذين يفكرون بهذه العقلية ربما ينظرون الى الأمور بمقياس أفكارهم الضيقة التي نرجو أن تكون أوسع أفقا!.
                              وينتهي الحديث عند هذا الحّد.. لكن الأسئلة لم تنته بعد.. ففي كل يوم سؤال يطرح على سماحة الإمام الصدر، وفي كل جواب سؤال آخر!.
                              =انتهى الحوار=

                              تعليق


                              • #60
                                سيرة الأمام الصدر (حوار صحفي 10)

                                الموضوع : حوار صحفي ـ على كل مخلص للإسلام أن يدعو الى تقريب المذاهب.
                                المكـان : الجزائر بين 10و12 تموز 1973 .
                                المناسبـة : شارك الإمام الصدر في الملتقى السابع للتعرف على الفكر الإسلامي والذي إنعقد في الجزائر بين 10و12تموز 1973.
                                المقدمـة : كان الإمام موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في طليعة العلماء الذين نالوا تقدير وإعجاب المشاركين في الملتقى السابع للتعرف على الفكر الإسلامي، وذلك عائد إلى عقليته المتفتحة المرنة، ورؤيته الواقعية المتطورة كما من خلال عروضه ومناقشاته.
                                وقد رأينا أن نقدم لقرائنا الأعزاء بعض آراء السيد الصدر في العديد من القضايا العربية والإسلامية، فأجرينا معه الحديث التالي:
                                ـ الــنـــص ـ
                                س ـ قلتم بأن تعدد المذاهب في الإسلام ثراء له، لكن المناقشات التي أعقبت محاضرتكم أوحت بأن هذا التعدد ربما كان مصدر شقاق وخلاف حاد، فما قولكم؟ وما مصير الجهود التي بذلت لتوحيد المذاهب؟
                                ج ـ إن البحث في هذا اليوم (ثاني أيام الملتقى) والنقاش الذي جرى في أعقابه لم يكونا مذهبيين إطلاقاً، بل كانا إسلاميين.
                                أما حديث المذاهب الإسلامية، ففي الحقيقة إنها تشتمل على وجهين:
                                أولهما: الشعائر الإسلامية، ونقصد بها الأحكام التي تنعكس على مظاهر الفرد والجماعة. وبما أن الإختلاف في الشعائر يبرز الأمة الواحدة بصورة مختلفة، ويشتت الأمة ويضعف كيانها، خاصة وأن حملة الشعائر في الأغلب هم عامة الناس الذين يتأثرون تأثرا بالغا بالخلافات الشكلية.. فلا شك أن الواجب الإسلامي يتطلب بذل الجهد لتوحيد هذه الشعائر، رغم تفاوت الآراء الفقهية. وإنني أؤكد أن توحيد هذه الشعائر أمر ممكن. وقد قدمت بشأنه اقتراحاً مدروساً في مؤتمر "مجمع البحوث الإسلامية" بالقاهرة، كما أن الكثير من العلماء قاموا، ويقومون بجهد مشكور في هذا السبيل.
                                أما الوجه الثاني وهو الفقه الإسلامي والأفكار الإسلامية، وسائر تعاليم الإسلام، فإن هذا التراث الكبير نتيجة جهد مضنٍ، قرين بالمنافسة المجندة للطاقات، بذله آلاف من فقهاء الإسلام وعلمائه، خلال التاريخ، ولا يمكن تجاهل هذا التراث الغني الكبير، أو القضاء عليه لمجرد شعار توحيد المذاهب.
                                لا سيما وأن التفاوت في الرأي على هذا الصعيد، وهو الصعيد اللاجماهيري إذا صح التعبير ليس مضراً ولا مفرقاً، بل لقد كان ولم يزل يزيد في إغناء الفكر.
                                وبإمكاني أن أؤكد أن هذا التفاوت في الآراء يخدم التطور، ويسهل الإجتهاد، وبالتالي يوفر الإقتباس المناسب حاجات العصر من الإسلام، ذلك لأنّ الحكم الديني بطبيعة كونه غيبياً مقدساً، يحمل طابع الإطلاق، أو ما اصطلحوا عليه (بالدوغماتيزم) وإذا كان هذا الحكم واحداً، متفقاً عليه بين الجميع، فإنه يصعب على الفقيه أو العالم أن يتجرأ في محاولة التطوير، ولكن مع وجود آراء مختلفة ومتصادمة، يسهل التطوير وإقتباس الحاجات من الحكم، وقد ورد عن الرسول (ص): "اختلاف أمتي رحمة".
                                أما بالنسبة للمساعي التي بُذلت لأجل توحيد المذاهب، أو بتعبير أدق، لأجل تقريب المذاهب، فهي مستمرة ناشطة، يدعو إليها كل مخلص للإسلام، وإن كانت ظروف المسلمين ومحنتهم بـإسرائيل تفرض على الفقيه التفكير فيما يتفق عليه المسلمون، لا فيما يختلفون فيه.
                                ولعلكم تشاهدون في الملتقى السابع إجتماعاً لسبعة على الأقل من المذاهب الفقهية الإسلامية، يتعاون علماؤها في الإجابة على الأسئلة الخمسة المطروحة.
                                س ـ طالبتم في محاضرتكم بأن تتلاءم الشريعة الإسلامية مع الواقع وروح العصر، فكيف يمكن تحقيق ذلك؟
                                ج ـ لقد كان طلبنا، بالضبط، هو أن يتحول التشريع في العالم الإسلامي تدريجياً الى الشريعة الإسلامية المتطورة.
                                وأعتقد أن في المحاضرة جواباً مفصلاً لهذا السؤال، أختصره بكلمة واحدة، هي أن في الإسلام بذوراً للتطوير، وجعل الأحكام منسجمة مع حاجات الإنسان في كل زمان ومكان. وهذه البذور تجدها في موضوعات الأحكام والمبادئ المطورة وفي العناوين الثانوية.
                                ويمكن للمجتمع الإسلامي أن يجد ضالته ومعالجة مشكلاته من خلال هذه النقاط الثلاث، ضمن الشريعة الإسلامية، على أن الأهم في الموضوع هو أن تتقدم مؤسسة أو دولة إسلامية فتضع هذه النظريات والآراء كلها أو بعضها موضع تجربة في حقول محدودة، حتى إذا نجحت التجربة أو إحتاجت الى إدخال بعض التعديلات، قدمت بعد إكتمالها الى المجتمعات الإسلامية للتنفيذ.
                                إن المشكلة الكبرى في قضايا الشريعة الإسلامية أنها بقيت قروناً طويلة معزولة عن الحياة العامة، ولذلك فهي محتاجة الى تجارب قبل التنفيذ.
                                س ـ ألا يمكن الإستفادة من التجارب الإنسانية في هذا الصدد؟
                                ج ـ إن التجارب البشرية متى حصلت وأينما حصلت، هي ثروة إنسانية عزيزة يجب الإستفادة منها.
                                ولكن عندما نريد أن نستفيد من هذه التجارب، لا بد من عملية "أسلمة" التجربة، وجعلها جزءاً منسجماً مع الإطار الإسلامي العام فالشريعة وحدة لا تتجزأ، ولا يمكن أن تقبل في ضمنها شيئاً غريباً، غير منسجم معها.
                                وقد حصل في أواخر القرن الهجري الأول، وأوائل القرن الثاني شيء من ذلك، عندما التقى المجتمع الإسلامي الحديث، بالمجتمعات العالمية التي كانت وريثة الحضارات اليونانية والإسكندرانية والكلدانية والفارسية والهندية وغيرها، حيث ترجمت معطيات تلك الحضارات، وأدخلها العلماء المسلمون بدقة متناهية ضمن الهيكل الإسلامي العام، ثم طوروها وأثروها، وقدموها بدورهم للعالم.
                                س ـ ما هو تصوركم لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الثورة الفلسطينية ودول المواجهة مع العدو.
                                ج ـ إنني في هذا الموضوع أتمكن من إعطائك الخبر اليقين، لأنني أعيش هذه العلاقات يومياً.
                                ولا أبالغ إذا قلت: إنني بعد التجربة متأكد من أنه ليس هنالك ما يبرر ألا تكون علاقة الدول المحيطة بإسرائيل مع المقاومة الفلسطينية حسنة.
                                لقد شاهدنا في العالم تجارب المقاومة وانطلاق المقاومة من الأراضي المجاورة للوطن المحتل. لقد شاهدنا ذلك كثيراً. وفي الجزائر بالذات، حيث كانت المقاومة الجزائرية تعيش في المغرب، وفي تونس، وفي بعض مدن أوروبا، ولم تكن هناك أية مشكلة للمقاومة الجزائرية أو للدول التي كانت المقاومة تسكن في أراضيها. لذلك فإنني لا أجد دليلاً على أن يكون الأمر في موضوع السؤال مختلفاً عن غيره.
                                لقد قالوا في لبنان: إن السلطات اللبنانية تحاول تصفية العمل الفدائي، بل الوجود الفلسطيني كله. وقالوا أيضاً أن المقاومة الفلسطينية تحاول قلب نظام الحكم في لبنان والتدخل في مختلف شؤونه، لقد قالوا هذا وذاك.
                                وانفجر الموقف. وأريقت الدماء. ثم تبين أنه ليس هناك ما يؤكد صدق هذه الإدعاءات. فقد أثبتت المقاومة احترامها للبنان شعباً وأرضاً ونظاماً، وثبت أيضاً أن وجودها في لبنان يعزز مكانة لبنان الدولية في تصفية نتائج الحرب الباردة. ومن جانب آخر فقد صرحت السلطات اللبنانية أنها حريصة على احترامها ودعمها للمقاومة.
                                وظهر مؤخراً أن عدم وضوح العلاقات ووجود بعض العناصر اللامسؤولة أو ذات النيات غير الحسنة، قد خلقا هذا الجو المتوتر، وأديا الى حصول تلك المحنة المحزنة، وفي أيام احتفال العدو بعيده الخامس والعشرين.
                                ولقد تدخلت العناصر المسؤولة والمخلصة، ووضعت أسساً لصيانة هذه العلاقات بسهولة متناهية، ونحن نرجو عدم حصول أية مشكلة في المستقبل.
                                أما الآن فيجب السعي المتواصل في تحسين هذه العلاقات، من خلال الحوار المستمر الشامل، وهذا ما نمارسه فعلاً في لبنان، فقد تشكلت لجان مشتركة بين المقاومة وبين رجال الدين، وبينها وبين الأحزاب، وبينها وبين مجلس النواب، وبينها وبين الساسة والعسكريين، والحوار مستمر. هذا بالإضافة إلى أن هناك مساعي لتحسين أوضاع المقاومة من جهة، وتمتين الوضع اللبناني وصيانته من جهة أخرى. وهذه المساعي ستستمر بإذن الله.
                                س ـ في ظل استمرار الإحتلال الصهيوني للأراضي العربية، هل يرضى الإسلام عن التفاوض مع إسرائيل، أو الإعتراف بها؟
                                ج ـ إنني كمسلم لا يمكن أن أقبل ببقاء الإحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، فكيف بالقدس؟
                                وكعالم ديني يجب علي أن أعلن ذلك، ولا أريد به إحراج السياسيين في العالم العربي نتيجة لالتزاماتهم الدولية وظروفهم الخاصة والعامة. لأنني لا أقبل أن يحدد الزعماء العرب مسؤولياتنا الدينية من خلال ما يرتؤون من حلول سياسية. وليست هذه أول مرة تصطدم فيها الإيديولوجية أو الدين، أو العقيدة، مع الأساليب السياسية، ومع تصرفات المسؤولين.
                                فإن الإسلام الذي هو عقيدتنا لا يمكن أن يقبل ببقاء شبر من أرض فلسطين تحت الإحتلال الصهيوني، ولا يمكن لمسلم أن يقبل ذلك بإرادته.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X