حمّلت القوى الثوريّة المعارضة في البحرين “الإدارتين الأمريكية والبريطانية” مسؤولية ما تقوم به السلطات الخليفية من “قمع وإرهاب”.
وفي بيان لها اليوم الاثنين، 4 أبريل، نعت القوى الشهيد علي عبد الغني، بعد إصابات تسببت بها قوات النظام نتيجة ملاحقته في بلدة شهركان، الخميس 31 مارس، خلال حملات المداهمة التي تقوم بها لملاحقة النشطاء الرافضين لسباقات الفورملا واحد في البلاد.
ورأت القوى في بيانها بأن الأمريكيين والبريطانيين يتحملون مسؤولية ذلك “نتيجة طبيعيّة للحماية والدّعم السياسيّ والعسكريّ والاستخباراتيّ اللّامحدود الذي تُقدّمه هاتان الإدارتان لكيان تمرّس في الإرهاب والقتل”.
وجدّدت القوى الدعوة لإعلان الرفض لزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى البحرين الخميس المقبل، وبكل وسائل الاحتجاج.
ومن جانب آخر، دعت القوى أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة إلى احتضان “الشباب المطاردين، وإيوائهم وحمايتهم من بطش” النظام الخليفي ومخابراته، وقالت بأن حادثة استشهاد الشهيد علي تُعيد التذكير بما وصفتها بمأساة “المطاردين” والمعاناة التي “يكابدونها كلّ يوم من حياتهم الحافلة بالمقاومة والتضحية”.
منامة بوست (خاص): أفرجت السلطات الأمنيّة، ظهر يوم الإثنين 4 أبريل/ نيسان 2016، عن رئيس جمعيّة المعلّمين الأستاذ مهدي أبوديب، بعد 5 أعوام قضاها خلف قضبان السجون بسبب تعبيره عن رأيه السلميّ.
وكانت منظّمة العفو الدوليّة قد اعتبرت أبو ديب أحد سجناء الرأي في البحرين، حيث زُجّ به في السجن لا لشيء سوى قيامه بممارسة حقوقه في حريّة التعبير عن الرأي، وتشكيل الجمعيّات والتجمّع.
وسبق أن حُكم في سبتمبر/ أيلول 2011 على كلّ من رئيس جمعيّة المعلّمين البحرينيّة مهدي أبو ديب بالسجن 10 سنوات، ونائبته جليلة السلمان بالسجن 3 سنوات على خلفيّة قضايا سياسيّة، حيث أُسندت إليهما تهم «عرقلة العمليّة التربويّة، والتحريض على كراهيّة النظام، ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوّة»، وبعدها تم تخفيض حكمَي السجن الصادرَين بحقّهما في أعقاب الاستئناف، حيث يقضي حكمًا بالسجن خمس سنوات، في أعقاب إلقاء القبض عليه بتاريخ 6 أبريل/ نيسان 2011».
تظاهرات تعمّ أرجاء البحرين غضبًا للشهيد «علي عبد الغني»
منامة بوست (خاص): خرج عشرات المواطنين من بلدات «أبوصيبع، كرباباد، مقابة، السهلة الشماليّة، المالكيّة، باربار، عالي، بوري، الشاخورة، النويدرات» وغيرها من القرى، في تظاهرات غضبًا ووفاءً لدم الشهيد علي عبدالغني، الذي استشهد يوم الإثنين 4 أبريل/ نيسان 2016، متأثرًا بالإصابات التي تعرّض لها يوم الخميس 31 مارس/ آذار الماضي، أثناء مطاردته من قبل عناصر المرتزقة.
المواطنون حملوا صور الشهيد علي عبد الغني، مؤكّدين التضامن مع عائلته، ومطالبين بالقصاص لحقّ الشهداء، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم قتلهم، وتقديمهم لمحاكمات عادلة ومستقلة، كما رفعوا الرايات المندّدة باغتيال الشهيد، والمكتوب عليها «يا لثارات الشهيد»، مردّدين الهتافات الثوريّة.
على الصعيد نفسه، قام عدد من الشباب الثائر بإشعال النيران في إطارات وسط الحيّ التجاريّ بالعاصمة المنامة، وإغلاق تقاطع دلمون وفاءً للشهيد علي عبد الغني.
«وعد» تطالب بالتحقيق في حادثة استشهاد للكشف «علي عبد الغني»
منامة بوست: طالبت جمعيّة العمل الوطنيّ الديمقراطيّ «وعد» بتشكيل لجنة تحقيق مستقلّة للكشف عن حقيقة الحادث الذي تعرّض له الشهيد الشاب «علي عبد الغني» في منطقة شهركان، موضحةً أنّ الصور التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعيّ تفيد بأنّه تعرض لعملية دهس عقب مطاردته من قبل دوريّات أمنيّة، يوم الخميس 31 مارس/ آذار 2016.
وعد قدّمت في بيانها الصادر يوم العزاء لأسرة الشهيد، مؤكّدةً عدم جدوى استمرار الحلّ الأمنيّ الذي بات يشكّل عبئًا كبيرًا على الوطن والمواطنين ويستنزف ثروات البلاد، مطالبةً بحلٍّ سياسيٍّ جامعٍ قادرٍ على إخراج البلاد من الوضع الذي تعاني منه.
لتحميل الملف http://mirror.no-ip.org/media/files/...1462614294.pdf
مرآة البحرين (خاص): هكذا تدحرج كل شيء في حياة ريحانة الموسوي فجأة. لم يكن أكثر من قرار اتخذته هي ورفيقتها نفيسة العصفور لتسجيل احتجاج سلمي ضد القمع الدموي في البحرين أمام جمهور الفورمولا 1. لم يكن أكثر من هذا.
لم تكونا تحملان أكثر من لافتات. بقدرة قادر تحولت اللافتات في غضون أيام قليلة إلى قنابل ومتفجرات. ومن قضية تجمهر سلمي إلى تنظيم إرهابي. هكذا أرادت وزارة داخلية البحرين.
كانت المفاجأة عندما شاهدت ريحانة صورتها منشورة في الجرائد الصباحية التي كانت تجلب إلى السجن مع هذا العنوان الصادم الذي يقول: "الداخلية" تحدد هوية تنظيم "14 فبراير" والقبض على عدد من القياديين الميدانيين والمنفذين.
ثلاث سنوات كاملة قضتها ريحانة في طامورة مظلمة سوداء كئيبة على جريمة ملفقة لم ترتكبها، ورغم كل ما عانته من انتهاكات بشعة وتجربة مريرة، ها هي تقول لنا بعد كل هذا: أنا اليوم أقوى
السنابس: فى مثل هذا اليوم استشهدت عائلة بسبب فبركات النظام وافتعال الفوضى لاتهام شعب سلمي بالإرهاب
راح ضحية هذا الانفجار رب الاسره الشهيد سلمان التيتون و زوجته الشهيده فضيلة المتغوي وطفلهما الصغير علي كانوا فى سبات نائمين مطمئنين فى ظهيرة السابع من شهر مايو عام ستة وتسعون جاءت المخابرات وأغلقت محل كافتريا أسفل المنزل بعد ما أخرجت العمال منه
وكان من المشهور أن المحل لم يغلق أبوابه ظهرا يوما إلا أن فى ذلك اليوم أغلق أبوابه لفبركة قصة انفجار سلندرات أو سلندر غاز أدى لسقوط المبني
لم نسمع فى حياتنا سلندر يسقط منزلا مجرد فبركة المخابرات لإشعال الرأي العام وتغير توجهاته وإنقاذ نفسه من المأزق السياسي والهروب من المطالب الشعبية الوطنية رحمة الله على الشهداء فهل منكم من نسى هذا اليوم ؟ يا منتقم
الغارديان: البحرين تواجه ضغطًا أمريكيًا نادرًا بشأن سجن زينب الخواجة
إيان بلاك، صحيفة الغارديان
ترجمة مرآة البحرين: ما تزال النّاشطة السّياسية البحرينية، زينب الخواجة، تقبع في السّجن بعد شهر من وعد -تم تقديمه تحت ضغط دولي نادر من نوعه- بإطلاق سراحها. الدّولة الخليجية، وهي شريك اقتصادي وعسكري وثيق للحكومات الغربية، تتجاهل دعوة مباشرة من الولايات المتحدة للإفراج عنها.
الخواجة، التي أُدينت بإهانة مسؤول وتمزيق صورة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، نزيلة في الزّنزانة 19، في سجن مدينة عيسى للنّساء، مع ابنها الرّضيع. قضيتها جذبت الانتباه العالمي بسبب سمعتها الخاصة، ولكَون والدها، عبد الهادي الخواجة، يقضي حكمًا بالسّجن مدى الحياة، على خلفية دعوته للإطاحة بالنّظام الملكي السّني.
أعلنتها منظمة العفو الدّولية "سجينة رأي". وقد وافق الآلاف من أنصارها على ذلك. وكتبت الخواجة في رسالة تم تسريبها من السّجن مؤخرًا أن "قضيتي هي قضية شعبي, وإن لم يتغير أي شيء بالنّسبة لشعب البحرين، عندها لن يكون لبقائي في السّجن أو الإفراج عني أي نتيجة مؤثرة".
وليست المتاعب أمرًا غريبًا بالنّسبة لزينب الخواجة، فلقد اعتُقِلت آخر مرة في فبراير/شباط في الذّكرى الخامسة لحملة قمع الاحتجاجات في "ثورة اللّؤلؤ" في العام 2011. هذا الفصل المبكر من الرّبيع العربي استدعى تدخلًا عسكريًا من قبل قوات قادتها السّعودية، وترك البحرين في حالة شلل سياسي.
المعارَضة البحرينية ممثلة جيدًا في الخارج -وذلك جزئيًا بسبب سحب جنسية بعض النّاشطين. المؤيدون ماهرون في حملات المناصرة في الولايات المتحدة وبريطانيا وبلدان أخرى ترى في الدّولة الجزيرة حليفًا استراتيجيًا وسوقًا مُربِحًا للعمل والاستثمار.
واشنطن ولندن تهتمان أيضًا بشأن مقر الأسطول الخامس الأمريكي، وقاعدة جديدة تُبنى لصالح البحرية الملكية. وهما تكافحان لمعالجة الاتهامات بالتّمييز ضد الأغلبية الشّيعية في البحرين. لدى الحكومة البريطانية والنّواب والنّشطاء كل ما يلزم للشكوى لكنهم التزموا الصّمت.
وقال سيد أحمد الوداعي من معهد البحرين للحقوق والدّيمقراطية إن "وزارة الخارجية البريطانية تقول إنها تدعم حقوق الإنسان، لكنها أحبطت آمال المدافعين في البحرين. نريد أن نراهم يبدأون بالمطالبة بالإفراج عن زينب".
إذًا، إنّه لأمر بالغ الأهمية أن تُثار قضية الخواجة -واسمها على تويتر @AngryArabiya - من قبل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عند زيارته المنامة الشهر الماضي عشية قمة خليجية كان باراك أوباما سيشارك فيها. وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة قال إنه سيتم الإفراج عنها، على الرّغم من أنه ستتم متابعة القضية.
وانتقد البعض إشارة كيري إلى "احترام حقوق الإنسان ونظام سياسي شامل" بأنها "فاترة". لكنها لم تمر من دون ملاحظة في بلد صغير يوجد فيه على الأقل 3000 شخص في السّجن على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات ويتم وسمهم عادة بـ "الإرهابيين".
وقد أتت مداخلته في أعقاب لقاء غير مسبوق مع خمسة شخصيات كبيرة في المعارضة - وهو "حدث كبير" وفقًا لتعبير أحد مراقبي المنامة.وقد بعثت الولايات المتحدة إشارة واضحة لا التباس بشأنها هذا الأسبوع عندما "حثّت" وزارة خارجيتها علنًا البحرين على الوفاء بوعدها والإفراج عن الخواجة.
الخواجة ليست وحدها. الشّيخ علي سلمان من جمعية الوفاق، وهي أكبر حركة سياسية معارضة، وراء القصبان أيضًا. وكذلك السّني ابراهيم شريف من حركة وعد اليسارية. نبيل رجب، النّاشط في مجال حقوق الإنسان، تم إسكاته فعليًا من خلال حظر سفره وقوانين تجرم التعليقات السّياسية على وسائل التّواصل الاجتماعي.
كانت الحكومة البحرينية تحاول تحسين صورتها من خلال توجيه أصابع الاتهام إلى إيران. ليس هناك شك بأن الجمهورية الإسلامية عدائية، حيث تربط بين آل خليفة وحلفائهم السّعوديين. دعايتها لا هوادة فيها، مع أنها غير دقيقة. تكلم حمد عن "أدلة دامغة على التّدخل (الإيراني) الصّارخ" في شؤون بلاده الدّاخلية. ولكنه لم يجهر علنًا أبدًا بذلك.
الاشتباكات اللّيلية في القرى الشّيعية المحيطة بالمنامة، حيث يحرق شبان ملثمون الإطارات، ويضعون الحواجز، ويرمون الحجارة على سيارات الشّرطة، أمر لا يحتاج إلى دعم خارجي متطور. وقد سخر بحريني مستقل من الأمر بالقول إن "لوم إيران هو أمر تصرح به الحكومة للأجانب. لكن لا أحد هنا يعتقد ذلك".
ينتهج المسؤولون والمعلقون البحرينيون إشاعة العداء للولايات المتحدة ذات طريقة السّعوديين في القيام بذلك -إذ يرون في أوباما رئيسًا "مال" إلى طهران العدائية بشأن برنامجها النّووي وفشل في التّدخل بشكل حاسم في الأزمة السّورية. انعدام الاستقرار في العراق والحرب اليمنية، الأكثر قربًا من البلاد، زادا أيضًا من حدة التّوترات الطّائفية الإقليمية.
تبعت المنامة الرّياض بإخلاص، وقطعت علاقاتها الدّبلوماسية مع إيران عقب الهجمات على المراكز الدبلوماسية السّعودية، بعد إعدام عالم الدّين الشّيعي نمر النّمر في يناير/كانون الثّاني.
وقال علي الأسود، وهو نائب سابق عن الوفاق، إن "البحرين تحاول كسب الوقت. لا يريدون إغضاب الموالاة. ولست متفائلًا بشأن الإفراج عن زينب الخواجة قريبًا. هي تشكل ضغطًا فعليًا على الحكومة. ولست أكيدًا من أنّهم سيُنَفّذون ما قاله كيري".
إذاً، مصير الخواجة مراقب بعناية -كدليل صغير، ربما، على الاتجاه الذي تهب فيه رياح الخليج.
التّاريخ: 6 مايو/أيار 2016
ريحانة الموسوي تفتح ملفات السجن لـ"مرآة البحرين": ضباط إماراتيون حققوا معي وشرطيات أجلسنني عارية أمام كاميرا "1-2"
لا أريد وطنا
يربطني بالخيط
ويجرني خلفه مثل كلب صغير...
أريد وطنا جادا كموتي،
لا ينازعني أحد حقي فيه كموتي...
أريد وطنا أعاشر فيه الحرية بالحلال،
لا مهرجانا دمويا قضبان سجنه من أصابع الديناميت...
لا أريد وطنا يذوي أطفاله، ووحدها الطحالب تنمو فيه،
* من قصيدة "ذاكرة الانهيار" لغادة السمان
مرآة البحرين (خاص): هادئة بما يكفي لأن تعتقد أنها خجولة وسريعة الانهيار، قوية بما يكفي لأن تصدم توقعك الأول. عندما أُخذت إلى مركز شرطة مدينة عيسى قالت لها إحدى الشرطيات: "كنا نسمع اسمك وتهمتك ونظن أنهم سيحضرون لنا امرأة ذات جسم ضخم وصوت عالٍ، وعندما دخلوا بك لم نصدّق أن هذه أنت".
قضت ريحانة الموسوي في السجن 3 سنوات كاملة، تهمتها ما عرف بـ(تنظيم 14 فبراير)، لتسجل بذلك أطول مدة قضتها امرأة بحرينية في السجن بشكل متواصل منذ أحداث 2011.
إنها المرة الأولى التي تفتح فيها ريحانة الموسوي ذاكرة انهياراتها وجرحها ودموعها وألمها، الذاكرة التي صيرها السجن والتعذيب مشتتة وسريعة النسيان كما تقول، لكنها ما تزال قادرة على أن تستحضر كل التفاصيل الموجعة، الذاكرة التي لم تستطع استيعاب ما حدث لها حتى الآن رغم ما استنفذها من الايذاء النفسي والجسدي. ريحانة الموسوي تروي لـ «مرآة البحرين» سلسلة انهياراتها منذ اليوم الأول لاعتقالها حتى خروجها من السجن، وكيف حافظت على نفسها من التزحلق إلى طرف الاكتئاب، وتفتل كل الخيوط التي رُبطت بها طوال 3 سنوات، لكنها في نهاية الأمر تقول: كنت قد هيأت نفسي للسجن لمدة 10 سنوات، وأنا الآن أقوى، وسوف لن نعجز.
الانهيار الأول: عارية أمام كاميرا
لا يمكن إلا أن أبدأ من الأصعب، ذلك الذي تعرفونه جميعكم، لكن لا يمكن أن يستوعبه أحد. لم تكن مرة واحدة بل مرتين خلال يوم واحد تلك التي تمت تعريتي فيها. نعم مرتين. كان ذلك في مركز شرطة الرفاع الغربي، المكان الذي عوملت فيه أسوأ معاملة مخلة بالكرامة والانسانية والأخلاق والدين، وسمعت من عبارات السب والشتم والاستهزاء بمذهبي وطائفتي ما لم أتخيل أن أسمعه يوماً. لم يكن الهدف من تجريدي من ملابسي هو تفتيشي لأنهن قمن بتفتيشي بالكامل، ولا تسألوني عن السبب. في المرة الأولى أدخلتني الشرطيات الحمام وتركن الباب مفتوحاً وأمرنني بخلع ثيابي كاملة وكان كل من يمر يمكنه أن يراني، وكنت أطلب منهن غلق الباب دون جدوى. أبقوني في هذا الوضع ما يقارب ساعة كاملة ثم أرجعوا لي ملابسي، ارتديتها وأجلسوني في مكتب الشرطيات. بعد قرابة ساعتين أخذوني إلى مكتب صغير: طاولة ملتصقة بالجدار يقابلها في الطرف المقابل كرسي (صوفا)، وعلى السقف ثمة كاميرا معلّقة. جاءت الشرطية وأمرتني بخلع ملابسي مرة أخرى فرفضت. قلت لها: للتو خلعت ملابسي وأرجعتوها لي لماذا مرة أخرى أيضاً؟ قالت لي: ستخلعينها كاملة غصب عنك. أُبقيت في المرة الثانية لمدة عشر دقائق تقريباً قبل أن يعيدوا ملابسي من جديد. لقد تم تعريتي بالكامل أمام إںِ0C7ميرا تحدّق بي في أعلى السقف. لم أكن أعرف حينها أن تلك كاميرا فلا خبرة لي في هذه الأمور، عرفت ذلك فيما أثناء التوقيف عندما رأيت واحدة مثلها تحدّق بي وسألت الشرطية: ما هذه؟ أجابت: كاميرا، لماذا تسألين؟ قلت لها: لا شيء مجرد سؤال. كان ذلك كافياً لانهياري بالكامل: ماذا ينتظرني!!
عندما وقفت أمام القاضي (علي خليفة الظهراني) في جلسة محاكمتي الأولى ضمن خلية 14 فبراير، ظللت أرفع يدي طلباً للكلام وكان يشير لي بالانتظار. كنت أعرف أنه لم يكن لديهم ما يدينوني به، وأن ضمي إلى هذه الخلية هو بهدف سجني، وكان الحكم بالسجن المؤبد غير مستبعد لدي. لقد فكرت في داخلي: لا يمكنني أن أعمل شيئا أمام ما سيقررونه لي من تهمة وحكم ظالمين، لكن يمكنني أن أسجل موقفاً. لقد منعوني في الفورمولا من أن أسجل موقفاً ولن أفوته هذه المرة، لا أعرف القادم الذي ينتظرني داخل المعتقل، ولا أعرف كم من المعتقلات قبلي قد تعرضن لما تعرضت له وربما منعهن الحياء من إعلان ذلك، وعلي الآن أن أُطلع العالم بما يجري في التوقيف، إنها ليست قضية ريحانة بل قضية شعب مظلوم. لقد كانت القاعة ممتلئة بالمتهمين معي في القضية ذاتها والمحامين، كنت المرأة الوحيدة بين المتهمين. رفعت يدي أطلب السماح لي بالكلام، بقيت أكرر رفع يدي لمرات ومرات قبل أن يسمح القاضي لي. تطلّب الأمر مني جهداً نفسياً لأعلن ذلك، وما إن أكملت كلامي حتى عمّ القاعة وجوم مطبق، كان الجميع في حالة من الذهول، رأيت وجه القاضي الظهراني مرتبكاً متورطاً، سرعان ما تم سحبي إلى الخارج ولا أعرف ما حدث بعدها.
الانهيار الثاني: جحيم التحقيقات
خلال فترة التوقيف في التحقيقات تعرضت لقاموس بذاءة كامل، قاموس لا يمكن لأحد أن يتخيل بشاعته مهما سمع عنه. لقد سمعت كثيراً عما يجري في التحقيقات وكنت أقول في داخلي وكأني غير مستوعبة: هل يمكن أن يصل الأمر إلى هذا الحد؟ الآن أقول: لا أحد يمكنه أن يستوعب مدى التعذيب الجسدي والنفسي داخل التحقيقات حتى يعيشه.
ثلاثة أيام لم أعرف ليلي من نهاري، منذ 21 -23 ابريل 2013. طوال وجودي في التحقيقات كانوا يغطون عيني بعصابة مكونة من طبقتين من القماش، يرصونها على عيني بشدة حتى أشعر بهما تغوران للداخل. لقد ضعف نظري مباشرة بعد خروجي من التحقيقات، لم تكن لدي أي مشاكل صحية ولم أكن أعاني من ضعف النظر. صارت عيني تؤلمني وكذلك رأسي وأرى كل شيء حولي محاط بغشاوة، صرت لا أتمكن من القراءة ولا أرى الأشياء على بعد مسافة مني، وها أنا اليوم لا يمكنني الرؤية إلا باستخدام النظارة الطبية.
في التحقيقات وُضعت في غرفة ضيقة جداً، عندما أستلقي للنوم ليلاً تصطدم رجلي بالحائط. لم أنم طوال هذه الأيام. المكان برد صقيع يجمد الدم. كانت الأسئلة قاسية جداً والتهديدات لا حد لها. أبسط هذه التهديدات: "لن تخرجي من هنا إلا وأنت حامل"، "سنقوم بجلب أم زوجك هنا ونعتدي عليك أمامها"، "سنقتحم مدرسة ابنك حسين كما فعلنا في مدرسة الجابرية وسنأخذ ابنك". كانوا يريدون مني الاعتراف على أناس لا اعرفهم بالمرة، ذكروا لي أسماء لأشخاص لا أعرفهم، كانوا يفتحون عيني ويضعون أمامي هاتف به بعض الصور لأشخاص، ثم يطلبون مني أن أقول بأني أعرفهم: قولي أعرفه، قولي أني عملت كذا، قولي إنك وضعت إطارات سيارات في هذا المكان، قولي إنك اعتديت على مركز شرطة، قولي إنك وضعت قنبلة وهمية في هذا المكان، قولي أنا مع هذه المجموعة.
سألوني عن جماعة "سرايا"، ويقصدون ما عرفت لاحقاً بـ"سرايا الأشتر"، وأنا لم أكن قد سمعت بهم ولم يكن الاسم متداولاً حينها. قلت لهم: أعرف مشروع سرايا سار. قالوا لي: هل تسخرين منا؟ قلت لهم: لا أسخر من أحد. هذا ما أعرفه. وبالفعل لم أكن أعرف شيئاً آخر.
كانوا يفركون أحذيتهم على رجلي وجسمي، تعرضت للركل والضرب، صعقوني بالكهرباء، الصفعات على الوجه حدث ولا حرج. وصلت إلى مرحلة من الإعياء والانهيار وأصبت بحالات إغماء متكرر، أجبروني على شرب ماء لم أكن مطمئنة إلى ما فيه. لم أعد أقوى على الإجابة على أسئلتهم. فقدت قدرتي على التركيز، حين أسمع السؤال أحتاج إلى وقت لاستيعابه، أطلب تكراره وأحاول تكراره في داخلي كي أستوعبه. وكثيراً ما كان يغمى علي قبل أن أتمكن من الإجابة. كانو يظنونني أفكر في الإجابة ويقولون أن تأخرك في الإجابة دليل على أنك لا تقولين الحقيقة، والحقيقة أنني كنت أفكر في السؤال وأحاول استيعابه. عندما تأخذني الشرطية تسحبني من مبنى إلى آخر كأني كفيفة، يأخذني التعب فأقع على الأرض فتصرخ في وجهي.
طوال مدة توقيفي في التحقيقات وأنا في الغرفة الصغيرة، كنت أسمع صوت ضرب وتعذيب في الغرفة المجاورة، صراخ شباب يهز الجدران كما يهزّ كياني كاملاً. كانت أصوات تعذبيهم وصراخهم مثل سكاكين تقطعني من الداخل، وكنت انتظر دوري الذي سيليهم. كيف يمكن وصف هذه اللحظات التي تمر وكأنها أعوام؟ لا يمكن روايتها أبداً، ولا تمحى من الذاكرة أبداً، ولا تروح آثارها مهما مرّ الزمن.
من حققوا معي ليسوا بحرينيين فقط، هناك أمارتيون وباكستانيون ويمنيون، من حققوا معي كلهم رجال ومن ضربوني في التحقيقات كلهم رجال، لطموني بأيديهم، ركلوني كالكرة، تضرر سمعي كما تضرر بصري، أصبحت لا أسمع من أذني اليسرى. أُخذت بعدها للطب الشرعي، الدكتورة شاهدت آثار الضرب، لكن الطب الشرعي تابع لوزارة الداخلية.
نشاطي في الشارع لم يتجاوز التصوير والتوثيق والعلاج، وقد كانوا يعرفون كل شيء عن تحركاتي، حتى إن أحد المخبرين في التحقيقات أخبرني وأنا معصوبة العينين: لو فتحت عينيك لعرفت من أنا، نعرف أنك تقومين بالتصوير وعلاج المصابين، وأستطيع إخراجك من بين ألف امرأة مهما لبست من براقع أو تخفيت".
لقد قاموا بتلاوة الرواية التي علي أن أقدمها أمام النيابة العامة وطلبوا مني حفظها عن ظهر قلب. وقبل أن يتم أخذي إلى النيابة العامة أدخلوني على شخص مقنع. وراح يوجه لي الأسئلة، وكان علي أن أجيب حرفياً وفق روايتهم، وكلما أخطأت في جزئية أخرجني من الغرفة لمدة 5 دقائق ثم يعيدني ليعيد توجيه الأسئلة ذاتها وعليّ أن ألقي الإجابات ذاتها. تكرر إخراجي وإعادتي حوالي 6 مرات. كيف يريدوني أن أحفظ رواية لم أعشها؟
لقد استخرجوا من جواز سفري عدد مرات سفري إلى إيران والسعودية وسوريا، وصاغوا منها روايتهم التي تقول إنني في سفراتي المتكررة لإيران التقيت بشخصيات من الحرس الثوري الإيراني وتدربت على يدهم كما التقيت السيد الخامنئي. وأنني ذهبت من سوريا إلى لبنان بدون ختم للجواز، والتقيت هناك السيد حسن نصر الله ونائبه الشيخ نعيم قاسم، وأنني تدربت على أعمال إرهابية بهدف التفجير!
ريحانة
الانهيار الثالث: اعترافات النيابة العامة
عندما أخبروني أنهم سيأخذوني إلى النيابة العامة فرحت، توقعت أنهم سينصفوني هناك، وأنني سأتمكن من قول ما حدث لي ولن أعود إلى التحقيقات. لكني صدمت بالعكس تماماً. كان رئيس النيابة يصرخ في وجهي، ومعاملته لم تفرق عن معاملة ضباط التوقيف والتحقيقات، وصل الأمر لدرجة أنه كان يريد أن يحذف أشياء تجاهي. كنت أجيبه على قدر السؤال بالحقيقة ولم أكترث لرواية التحقيقات، لكنه قال لي لا حاجة لإجابتك فالأجوبة جميعها جاهزة. لم يسمحوا بدخول المحامي رغم أنه كان موجوداً في المبنى وينتظر الدخول. كنت أسمع الموثق يسأل رئيس النيابة بأن المحامي في الأسفل وينتظر لكنه نهره "بلا محامي بلا خرابيط".
عند هذا الحد شعرت بانهيار كامل، من يراني يوقن أني لن أعيش إلى اليوم التالي. صرت أبكي دون توقف من شدّة الانهيار، كان بكاءاً هستيرياً، فقدت السيطرة على نفسي بالكامل، أخذني شخص يلبس ثوب ولون شعره أبيض وجاء معه ثلاثة آخرين وهددوني "اسكتِ وإلا...."، لم أكن مستوعبة لما يحدث لي، كنت أرتجف، أخذوني أسفل الدرج وضربوني وركلوني بأحذيتهم وأنا لا أتوقف عن البكاء والصراخ.
لم أكن أعرف أنه بعد النيابة العامة ستتم إعادتي مرة أخرى للتحقيقات، حسبت أن بعدها إما أن يخلى سبيلي أو أُحال إلى التوقيف، لهذا لم أُجب على أسئلة النيابة وفق رواية التحقيقات التي أملوها علي، لكني دفعت ثمن ذلك أقساط أخرى من التعذيب بعد إعادتي لهم، رغم أنني وقعت على الاعترافات المكتوبة الجاهزة التي نسبوها لي.
الانهيار الرابع: تهمة تنظيم 14 فبراير
في 24 أبريل تم نقلي إلى مركز مدينة عيسى، ورغم الفارق الكبير في الوضع هنا عن هناك إلا أني بقيت في حالة نفسية سيئة جداً. في الزنزانة كنا ثمان نساء عربيات وأجانب، عند بداية توقيفنا كنت أنا ونفيسة فقط ثم أضافوا لنا بعض السجينات.
عشت صدمة تهمتى بخلية 14 فبراير لوحدي، لم أر عائلتي لمدة 20 يوماً، كنت أعاني كل ما مرّ علي لوحدي، ولا أحد من عائلتي يعرف عن أخباري شيئاً. عرفت بخبر (ضمي) لخلية 14 فبراير عن طريق الصحف. كنت أداوم على قراءة الصحف اليومية التي يتم إدخالها في السجن. بعد أسبوع من وجودي بالمركز وأذكر أنه يوم خميس (13 يونيو 2013) تفاجأت أن جرائد اليوم غير موجودة، سألت عنها فأخبروني أن الصحف لم تصل اليوم، لكني كنت قد رأيت العامل يدخلهم إلى المبنى، فأنا لا أنام تقريباً وكان جلوسي دائماً عند النافذة في الطابق العلوي، لذا رأيت العامل وهو يدخل الصحف، تلكئوا وفي النهاية أخبروني أنها عند النقيب وليست موجودة الآن وأن مكتبها مقفل.
في يوم الجمعة جاؤوا بالصحف المحلية وكان من بينها صحف اليوم الفائت، كنت واقفة وأنا أشاهد السجينات يتصفحن الصحف، لفت نظري صوة تشبهني، قلت سبحان الله هذه الصورة التي في الجريدة تشبهني تماما، دققت وقلت أوه.. هذه أنا في الجريدة، دققت أكثر وقلت أوه.. هذا اسمي مكتوب في الجريدة، لم ألتفت للعنوان فقط صورتي، ثم صدمت بالعنوان: «الداخلية»: تحديد هوية تنظيم «14 فبراير» والقبض على عدد من القياديين الميدانيين والمنفذين !!
فتحت حدقتي عيني إلى حدهما الأقصى ولم أستوعب: ما هذا؟!!!! أنا؟!!! 14 فبراير؟!!!! كيف؟!!! لماذا؟!!! كيف يمكن أن تتحول حركة احتجاجية هدفها لفت الانتباه، وأقصى ما فيها حمل لافتات احتجاجية، إلى قضية تفجير وانضمام لخلية (إرهابية)؟!!! من أين جاؤوا بكل هؤلاء الأشخاص وكيف جمعوهم مع بعضهم البعض وكيف لفقوا وفبركوا كل هذا في هذا الوقت القصير؟!! صرت أمشي وأكلم نفسي 14 فبراير؟!!! 14 فبراير؟!!! لا أعرف كيف خطر في بالهم أن يضعوني ضمن خلية 14 فبراير. حقيقة لا أعلم. قررت من فوري الاضراب عن الطعام احتجاجاً.
تعليق