السلام عليكم
بعد طلب من زميلنا مسلم بن علي إتفقنا على فتح موضوع حول الصفات و أود أن نتحدث إبتداءا عن الصفات الخبرية فعلى بركة الله
مذهب الأشاعرة في الصفات :
وقال الشيخ الإمام محمود بن خطاب السبكي - رحمه الله تعالى - (إتحاف الكائنات ببيان مذهب السلف والخلف في المتشابهات ص/ 167):
(المراد به - يعني المتشابه - هنا كل ما ورد في الكتاب أو السنة الصحيحة موهماً مماثلته تعالى للحوادث في شيء ما،وقامت الدلائل القاطعة على امتناع ظاهره في حق الله تعالى، ولذا أجمع السلف والخلف على تأويله تأويلاً إجمالياً بصرف اللفظ عن ظاهره المحال على الله تعالى، لقيام الأدلة القاطعة على أنه تعالى ليس كمثله شيء، ثم إن السلف لا يعينون المعنى المراد من ذلك النص بل يفوضون علمه إلى الله تعـالى بناء على أن الوقف على قوله تعالى : ( وما يعلم تأويله إلا الله ) والخلف يؤولونه تأويلاً تفصيلياً بتعيين المعنى المراد منه لاضطرارهم إلى ذلك ردّاً على المبتدعين الذين كثروا في زمانهم، بناء على أن الوقف على قوله تعالى والراسخون فى العلم ) اهـ.
- قال الإمـام النووي - رحمه الله تعالى - أثنـاء شرحـه لحديـث مـن أحاديـث الصفـات (شرح مسلم 6 / 36):
(هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان، ومختصرهما أن أحدهما: وهو مذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين، أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق، والثاني: مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي عن مالك والأوزاعي أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها) اهـ.
فاقتصر رحمه الله تعالى على ذكر هذين المذهبين، ونص على أن مذهب التأويل منقول أيضاً عن السلف رضوان الله تعالى عليهم، وهذا ليعلم من ينحى على الأشاعرة والماتريدية باللوائم ويصفهم بالابتداع لكونهم سوّغوا مسلك التأويل بشروطه أنه على السلف يعيب وإياهم ينتقص.
- وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في مثل هـذه النصـوص (فتح الباري 13 / 466): (إما تفويض وإما تأويل) اهـ.
فيتبين لك أن أهل السنة الأشاعرة لهم طريقتان: التفويض والتأويل .
وقد ذهب الإمام أبو الحسن الأشعري إلى طريقة التأويل في معظم كتبه , وذهب إلى التفويض في بعضها .
ومن الكتب التي اختار فيها التفويض هو كتاب الإبانة ,حيث قال الإمام ابن حجر في لسان الميزان : " قلت: وقد ذكره العبادي في الفقهاء الشافعية مختصراً فقال عبد الله بن سعيد بنكلاب القطان ونقل الحاكم في تاريخه عن ابن خزيمة أنه كان يعيب مذهبالكلابية ويذكر عن أحمد بن حنبل أنه كان أشد الناس على عبد الله بن سعيدوأصحابه ويقال إنه قيل له ابن كلاب لأنه كان يخطف الذي يناظره وهو بضمالكاف تشديد اللام وقول الضياء إنه كان أخا يحيى بن سعيد القطان غلط وإنماهو من توافق الإسمين والنسبة وقول النديم إنه من الحشوية يريد من يكون علىطريق السلف في ترك التأويل للآيات والأحاديث المتعلقة بالصفات ويقال لهمالمفوضة وعلى طريقته مشى الأشعري في كتاب الإبانة" اهـ
فالذين يقولون أن الأشاعرة الآن مخالفون لما كان عليه الإمام الأشعري , فهذا يدل على جهلهم الكثيف وقلة اطلاعهم على كلام الأئمة , وسبب خلطهم وخبطهم هو أن الإمام الأشعري اختار طريقة التفويض في الإبانة .
والفرق بين طريقة التفويض التي اختارها الأشعري في الإبانة وكذلك الإمام أحمد في اعتقاده , وبين ما يعتقده السلفية المعاصرون , هو أن السلف (كالإمام الأشعري وأحمد بن حنبل وغيرهما) يثبتون الصفات وينفون أن تكون حقيقية أو أجزاء وأعضاء وآلات , والسلفية المعاصرة يثبتون الصفات ويشبهون الله تعالى بخلقه عندما يثبتونها حقيقة وأجزاء وآلات .
قال الإمام أحمد في اعتقاده :
(إن لله تعالى يدين، وهما صفة له في ذاته، ليستا بجارحتين وليستا بمركبتين ولا جسم، ولا من جنس الأجسام، ولا من جنس المحدود والتركيب، ولا الأبعاض والجوارح، ولا يقاس على ذلك، ولا له مرفق ولا عضد، ولا فيما يقتضي ذلك من إطلاق قولهم: يد، إلا ما نطق به القرآن الكريم أو صحَّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة فيه) اهـ.
وقال الإمام الأشعري في الإبانة :
( وكذلكيقال لهم: لم تجدوا مدبرا حكيما إلا إنسانا ثم أثبتم أن للدنيا مدبراحكيما ليس كالإنسان، وخالفتم الشاهد ونقضتم اعتلالكم فلا تمنعوا من إثباتيدين ليستا نعمتينولا جارحتينمن أجل أن ذلك خلاف الشاهد)اهـ .
وقال الإمام الباقلاني الأشعري في الإنصاف :
قال الباقلاني: [وأخبر أنه ذو الوجه الباقي ، .. واليدين اللتين نطق بإثباتهما له القرآن ، ... وأنهما ليستا بجارحتين ولا ذَوَيْ صورة وهيئة ، والعينين اللتين أفصح بإثباتهما من صفاته القرآن ، .. وأن عينه ليست بحاسة من الحواس ، ولا تشبه الجوارح والأجناس]
قال الإمام الطحاوي رحمه الله :
( تعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات )
فها هم ينفون أن تكون الصفات أجزاءً وأعضاء أو جوارح .
إلا أن السلفيين يثبتون الأجزاء والأعضاء , وإليك المثال التالي :
يقول محمد خليل هراس السلفي في تعليقه على توحيد ابن خزيمة ط1403هـ بدار الكتب العلمية ص63 :
(( القبض إنما يكون باليد حقيقة لا بالنعمة . فإن قالوا : إن الباء هنا للسببية أي بسبب إرادته الإنعام . قلنا لهم : وبماذا قبض ؟؟ فإن القبض محتاج إلى آلة فلا مناص لهم لو أنصفوا أنفسهم .. )) اهـ !! . هنا يصرح في هذا النص بكلمة ((محتاج)) وكلمة ((آلة)) !!.
وهذا ما نفاه ائمة السلف , من كون الصفات آلات وأن الله تعالى محتاج إليها , فالله تعالى غني لا يحتاج شيئاً .
ويقول 89 : (( ومن أثبت الأصابع لله فكيف ينفي عنه اليد والأصابع جزء من اليد ؟؟!! )) اهـ . يصرح هنا بكلمة (( جزء ))!! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
والنصوص في إثبات السلفية الجوارح والأعضاء كثيرة .
وفي الحقيقة ما ذهب إليه السلفيون هو مذهب المجسمة والمشبهة , وقد نقلت لنا كتب الفرق والمذاهب مذهب المجسمة , فجاء في المِلَل والنِّحل أن المشبهة يقولون عن معبودهم : ( له جوارح وأعضاء من: يد ورجل..الخ) . تعالى الله عن ذلك وتقدّس .
وجاء في الفَرق بين الفِرَق عن المشبهة : ( ومنهم المغيرية اتباع المغيرة بن سعيد العجلى الذى زعم ان معبوده ذو اعضاء...) .
فيتبين بعد هذا أن الأشاعرة اليوم على طريقة السلف الصالح , إذ يثبتون الصفات وينفون أن تكون جوارح وأجزاء وأعضاء , أو يؤولونها ويفسرونها حسب السياق كما ورد حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس -ر- .
ويتبن كذلك أن السلفية ليسوا على طريقة السلف الصالح , وإنما هم على طريقة المشبهة والمجسمة .
بعد طلب من زميلنا مسلم بن علي إتفقنا على فتح موضوع حول الصفات و أود أن نتحدث إبتداءا عن الصفات الخبرية فعلى بركة الله
مذهب الأشاعرة في الصفات :
وقال الشيخ الإمام محمود بن خطاب السبكي - رحمه الله تعالى - (إتحاف الكائنات ببيان مذهب السلف والخلف في المتشابهات ص/ 167):
(المراد به - يعني المتشابه - هنا كل ما ورد في الكتاب أو السنة الصحيحة موهماً مماثلته تعالى للحوادث في شيء ما،وقامت الدلائل القاطعة على امتناع ظاهره في حق الله تعالى، ولذا أجمع السلف والخلف على تأويله تأويلاً إجمالياً بصرف اللفظ عن ظاهره المحال على الله تعالى، لقيام الأدلة القاطعة على أنه تعالى ليس كمثله شيء، ثم إن السلف لا يعينون المعنى المراد من ذلك النص بل يفوضون علمه إلى الله تعـالى بناء على أن الوقف على قوله تعالى : ( وما يعلم تأويله إلا الله ) والخلف يؤولونه تأويلاً تفصيلياً بتعيين المعنى المراد منه لاضطرارهم إلى ذلك ردّاً على المبتدعين الذين كثروا في زمانهم، بناء على أن الوقف على قوله تعالى والراسخون فى العلم ) اهـ.
- قال الإمـام النووي - رحمه الله تعالى - أثنـاء شرحـه لحديـث مـن أحاديـث الصفـات (شرح مسلم 6 / 36):
(هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان، ومختصرهما أن أحدهما: وهو مذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين، أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق، والثاني: مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي عن مالك والأوزاعي أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها) اهـ.
فاقتصر رحمه الله تعالى على ذكر هذين المذهبين، ونص على أن مذهب التأويل منقول أيضاً عن السلف رضوان الله تعالى عليهم، وهذا ليعلم من ينحى على الأشاعرة والماتريدية باللوائم ويصفهم بالابتداع لكونهم سوّغوا مسلك التأويل بشروطه أنه على السلف يعيب وإياهم ينتقص.
- وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في مثل هـذه النصـوص (فتح الباري 13 / 466): (إما تفويض وإما تأويل) اهـ.
فيتبين لك أن أهل السنة الأشاعرة لهم طريقتان: التفويض والتأويل .
وقد ذهب الإمام أبو الحسن الأشعري إلى طريقة التأويل في معظم كتبه , وذهب إلى التفويض في بعضها .
ومن الكتب التي اختار فيها التفويض هو كتاب الإبانة ,حيث قال الإمام ابن حجر في لسان الميزان : " قلت: وقد ذكره العبادي في الفقهاء الشافعية مختصراً فقال عبد الله بن سعيد بنكلاب القطان ونقل الحاكم في تاريخه عن ابن خزيمة أنه كان يعيب مذهبالكلابية ويذكر عن أحمد بن حنبل أنه كان أشد الناس على عبد الله بن سعيدوأصحابه ويقال إنه قيل له ابن كلاب لأنه كان يخطف الذي يناظره وهو بضمالكاف تشديد اللام وقول الضياء إنه كان أخا يحيى بن سعيد القطان غلط وإنماهو من توافق الإسمين والنسبة وقول النديم إنه من الحشوية يريد من يكون علىطريق السلف في ترك التأويل للآيات والأحاديث المتعلقة بالصفات ويقال لهمالمفوضة وعلى طريقته مشى الأشعري في كتاب الإبانة" اهـ
فالذين يقولون أن الأشاعرة الآن مخالفون لما كان عليه الإمام الأشعري , فهذا يدل على جهلهم الكثيف وقلة اطلاعهم على كلام الأئمة , وسبب خلطهم وخبطهم هو أن الإمام الأشعري اختار طريقة التفويض في الإبانة .
والفرق بين طريقة التفويض التي اختارها الأشعري في الإبانة وكذلك الإمام أحمد في اعتقاده , وبين ما يعتقده السلفية المعاصرون , هو أن السلف (كالإمام الأشعري وأحمد بن حنبل وغيرهما) يثبتون الصفات وينفون أن تكون حقيقية أو أجزاء وأعضاء وآلات , والسلفية المعاصرة يثبتون الصفات ويشبهون الله تعالى بخلقه عندما يثبتونها حقيقة وأجزاء وآلات .
قال الإمام أحمد في اعتقاده :
(إن لله تعالى يدين، وهما صفة له في ذاته، ليستا بجارحتين وليستا بمركبتين ولا جسم، ولا من جنس الأجسام، ولا من جنس المحدود والتركيب، ولا الأبعاض والجوارح، ولا يقاس على ذلك، ولا له مرفق ولا عضد، ولا فيما يقتضي ذلك من إطلاق قولهم: يد، إلا ما نطق به القرآن الكريم أو صحَّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة فيه) اهـ.
وقال الإمام الأشعري في الإبانة :
( وكذلكيقال لهم: لم تجدوا مدبرا حكيما إلا إنسانا ثم أثبتم أن للدنيا مدبراحكيما ليس كالإنسان، وخالفتم الشاهد ونقضتم اعتلالكم فلا تمنعوا من إثباتيدين ليستا نعمتينولا جارحتينمن أجل أن ذلك خلاف الشاهد)اهـ .
وقال الإمام الباقلاني الأشعري في الإنصاف :
قال الباقلاني: [وأخبر أنه ذو الوجه الباقي ، .. واليدين اللتين نطق بإثباتهما له القرآن ، ... وأنهما ليستا بجارحتين ولا ذَوَيْ صورة وهيئة ، والعينين اللتين أفصح بإثباتهما من صفاته القرآن ، .. وأن عينه ليست بحاسة من الحواس ، ولا تشبه الجوارح والأجناس]
قال الإمام الطحاوي رحمه الله :
( تعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات )
فها هم ينفون أن تكون الصفات أجزاءً وأعضاء أو جوارح .
إلا أن السلفيين يثبتون الأجزاء والأعضاء , وإليك المثال التالي :
يقول محمد خليل هراس السلفي في تعليقه على توحيد ابن خزيمة ط1403هـ بدار الكتب العلمية ص63 :
(( القبض إنما يكون باليد حقيقة لا بالنعمة . فإن قالوا : إن الباء هنا للسببية أي بسبب إرادته الإنعام . قلنا لهم : وبماذا قبض ؟؟ فإن القبض محتاج إلى آلة فلا مناص لهم لو أنصفوا أنفسهم .. )) اهـ !! . هنا يصرح في هذا النص بكلمة ((محتاج)) وكلمة ((آلة)) !!.
وهذا ما نفاه ائمة السلف , من كون الصفات آلات وأن الله تعالى محتاج إليها , فالله تعالى غني لا يحتاج شيئاً .
ويقول 89 : (( ومن أثبت الأصابع لله فكيف ينفي عنه اليد والأصابع جزء من اليد ؟؟!! )) اهـ . يصرح هنا بكلمة (( جزء ))!! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
والنصوص في إثبات السلفية الجوارح والأعضاء كثيرة .
وفي الحقيقة ما ذهب إليه السلفيون هو مذهب المجسمة والمشبهة , وقد نقلت لنا كتب الفرق والمذاهب مذهب المجسمة , فجاء في المِلَل والنِّحل أن المشبهة يقولون عن معبودهم : ( له جوارح وأعضاء من: يد ورجل..الخ) . تعالى الله عن ذلك وتقدّس .
وجاء في الفَرق بين الفِرَق عن المشبهة : ( ومنهم المغيرية اتباع المغيرة بن سعيد العجلى الذى زعم ان معبوده ذو اعضاء...) .
فيتبين بعد هذا أن الأشاعرة اليوم على طريقة السلف الصالح , إذ يثبتون الصفات وينفون أن تكون جوارح وأجزاء وأعضاء , أو يؤولونها ويفسرونها حسب السياق كما ورد حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس -ر- .
ويتبن كذلك أن السلفية ليسوا على طريقة السلف الصالح , وإنما هم على طريقة المشبهة والمجسمة .
تعليق