المشاركة الأصلية بواسطة زهر الشوق
غير انك لا تعرفي معنى اللعن ومثلك مثل غيرك تعتقدين ان اللعن يعني السب والشتم ..
اليس كذلك .. ؟ هذا ما رشح من مداخلاتكم .. عليكم أولا ان تعرفي ما هو اللعن ولمن ومتى يكون .. ولا بأس من توضيح ما أشكل عليكم في هذه المسأله ..
وسأستشهد فقط بأقوال أئمتكم المعصومين عليهم السلام هؤلاء الغر الميامين الذين ابتلو بمن يزعم محبتهم وولائهم ولا يتأسى بهم ولا يقتدي ..
فلم يزل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يربي أولاده وأهل بيته وأصحابه على أعلى مكارم الأخلاق وحميد الصفات ويحذرهم من مساوئ الأخلاق وأن يتعالوا عن هذه السقطات التي لا تتناسب مع المؤمنين وتثير الأحقاد في المجتمع وتفكك عرى الوحدة فيه ..
وللتوضيح وأرجو ان يقرأ أخونا صندوق العمل بتمعن ..
1- اللعن من الله فهو الطرد عن رحمته . وهذا مختص به سبحانه .
2- اللعن من الناس : فهو السب ، والشتم ، والدعاء على الشخص .
فالنسبة بين السب واللعن العموم والخصوص من وجه .
وعليكم التفريق بين اللعن من الله :
فإن كان اللعن من الله فهو الطرد من رحمته وهو في حد ذاته عذاب .
وإذا كان من الناس فيكون من باب الدعاء على الغير ممن يستحق العذاب وطلب الطرد من رحمة الله بأن يبعده الله من الرحمة وينزل عليه عقابه .
فاللعن من الله كما في الآيه ..
{وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ} (البقرة:88).
ومن ناحية البشر كما في الآيه ..
ولعن الناس الدعاء عليهم كما سوف يأتي فاللعن من الله يختلف عن اللعن من الناس .
3- قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً} (النساء:46)
فاللعن في هذه الآيات بمعنى العذاب من الله لمن يستحقه من الكافرين أو الظالمين أو الكاذبين وليس للإنسان في هذا العذاب أي شأن أو ممارسة بل هو فعل الله. ما عدى الآية المتقدمة تحت رقم 2 فإنها اشتملت على لعنين : من الله ومن اللاعنين وسوف يأتي
- كقوله: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} فإن المتلاعنين كل واحد يلعن الآخر فاللعنة تنزل على من يستحق منهما.
2- قوله تعالى : { رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } (الأحزاب:68)
3- قوله تعالى : { أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } (هود:18)
4- قوله تعالى : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } (المائدة:78) .
5- قوله تعالى : { وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } (الأعراف:44) فهذه الآيات كلها في إطار الدعاء على من يستحق الطرد من رحمة الله سبحانه. هذا في اللعن بمعنى الدعاء.
أما اللعن بمعنى السب والشتم - كما ذكر في المعنى اللغوي - الذي يتعارف عليه أكثر الناس ويستعملونه في محاوراتهم ومجادلاتهم وفي الفتن الدائرة بينهم، فمثل هذا اللعن لا وجود له في القرآن الكريم.
ولا يجوز التعميم ولا يصح شتم مسلم بجريرة غيره على فرض صحة وقوع الفعل وثبوته فكيف اذا كان دليلكم الظن ؟؟
سأنقل روايات أهل البيت في كراهيتهم السب واللعن وقبل هذا قوله تعالى :
{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ..
فاذا منعنا الله من سب الكافرين فالمسلمين أولى
فقد رَوَى نَصْرٌ بن مزاحم : عن عمر بن سعد [ الأسدي ] ، عن عبد الرحمن ، عن الحارث بن حصيرة ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ :
خَرَجَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يُظْهِرَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ [ عليه السلام ] أَنْ كُفَّا عَمَّا يَبْلُغُنِي عَنْكُمَا
فَأَتَيَاهُ فَقَالَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَسْنَا مُحِقِّينَ ؟!
قَالَ : بَلَى .
[ قالا : أو ليسوا مبطلين ؟.
قال : بلى ]
قَالَا : فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ ؟! .
قَالَ : كَرِهْتُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا : لَعَّانِينَ ، شَتَّامِينَ تَشْتِمُونَ ، وَتَتَبْرَءُونَ ، وَلَكِنْ لَوْ وَصَفْتُمْ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمْ فَقُلْتُمْ مِنْ سِيرَتِهِمْ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ كَذَا وَكَذَا ، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ ، وَ [ لَوْ ] قُلْتُمْ مَكَانَ لَعْنِكُمْ إِيَّاهُمْ ، وَبَرَاءَتِكُمْ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ احْقُنْ دِمَاءَهُمْ ، وَدِمَاءَنَا ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَبَيْنِنَا ، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ ، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَخَيْراً لَكُمْ .
فَقَالَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَنَتَأَدَّبُ بِأَدَبِك[6].
الرواية الثانية :
التي رواها ابن أعثم الكوفي في كتابه ( الفتوح ) بعد كلام طويل لأصحاب أمير المؤمنين عليه السلام :
قال : فعندها خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي ، فجعلا يظهران البراءة من أهل الشام واللعنة لهم ، فأرسل إليهما علي أن ( كفا عما يبلغني عنكما ) .
فأقبلا إلى علي وقالا : يا أمير المؤمنين ! ألسنا على الحق ؟ .
قال : بلى ! .
قالا : فَلِمَ تمنعنا عن شتمهم ولعنهم ؟ .
فقال : لأني أكره لكم أن تكونوا لعَّانين شتَّامين ، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم كذا لكان ذلك أصوب في القول وأبلغ في الرأي ، ولو قلتم : اللهم ! احقن دماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، وأهدهم من ضلالتهم[7]، لكان ذلك أحب إليَّ[8] لكم .
فقالا : يا أمير المؤمنين ! فإننا نقبل عظتك ونتأدب بأدبك[9].
الرواية الثالثة :
التي رواها الدينوري في كتابه ( الأخبار الطوال ) فقال : قالوا : وبلغ عليا أن حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران شتم معاوية ، ولعن أهل الشام ، فأرسل إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما .
فأتياه ، فقالا : ( يا أمير المؤمنين ، ألسنا على الحق ، وهم على الباطل ؟ ) .
قال : ( بلى ، ورب الكعبة المسدنة ) .
قالوا : ( فلم تمنعنا من شتمهم ولعنهم ؟ ) .
قال : ( كرهت لكم أن تكونوا شتَّامين لعَّانين ، ولكن قولوا : اللهم أحقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، وأهدهم من ضلالتهم ، حتى يعرف الحق من جهله ، ويرعوي عن الغي من لجج به )[10] .
أن الإمام عليه السلام عندما منع من الشتم واللعن واللذان هما من مساوئ الأخلاق طرح عملا آخر أكثر مفعولية منهما ألا وهو شرح أفعال الطرف الآخر لجماهير الأمة بعدلٍ وإنصاف دون الكذب والبهتان
فأين هذه الروحية والثقافة التي يريدها علي بن أبي طالب عليه السلام حتى لمن سل سيفه عليه يقاتله ، وبين ثقافة السب والشتم واللعن ؟؟؟
ان التأسي بآل البيت عليهم السلام وتجنب السب والشتم واللعن من أهم أسباب سفك الدماء في الأمة فيحرمان ولو بالعنوان الثانوي إذا لم يحرما بالعنوان الأولي. النتيجة الحسنة : بالالتزام بعدم السب والشتم واللعن فهو الخير للأمة لمحافظتها على كرامتها بل ووحدتها وقد يحصل الوئام بين المتنازعين كما قال عليه السلام ( لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَخَيْراً لَكُمْ ) .
ولا أخالكم تجهلون ان السب والشتم هو وسيلة العاجز وقد قال علي كما أورده - علي بن زيد البيهقي الأنصاري المتوفى 565 هـ [15] في كتابه ( معارج نهج البلاغة ) في شرحه لهذه الخطبة في قوله :( إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ ):
فهلا تأسيتم وتأدبتم بأدب أهل البيت ..؟؟
رد مع اقتباس
تعليق