رواية عائشة أم المؤمنين
طبعا عائشة !
خبر طويل للبخاري أنّ أبا بكر رضي الله عنه خرج مهاجراً إلى الحبشة أسوة بكثير من المسلمين هرباً بدينهم من طغيان قريش، فلمّا وصل ( برك الغماد ) ـ1 على ساحل البحر يركب منه في البحر إلى ساحل ا لحبشة ــ لقيه إبن الدغنة ، فسأله عن مقصده فأخبره أبو بكر أنّه يريد السياحة في الأرض حيث لا يستطيع البقاء مع قومه، فأستكثر إبن الدغنة الخبر، ذلك لما لأبي بكر من منزلة إ جتماعية معروفة لدى قريش وغيرها من عشائر العرب، فأقنعه بالرجوع، مُتكفِّلاً حمايته والدفاع عنه... وتمضي الرواية لتقول ما معناه أن أبا الدغنة هذا أقنع أشراف قريش بعودة أبي بكر،
أليس عثمان ابن عفان من الأشراف ؟
لماذا يهاجر مع زوجته و يتحمل مشقة السفر
لماذا لم يمكث تلك الفترة العصيبة ويتعبد ربه في منزله ويقرأ كلام الله ويسمع أهل مكة ونساءها ؟!
فهل تقصد عائشة بروايتها أن ابيها ذو شأن رفيع و شجاع لا يهاب من الكفار ؟!
بالاضافة الى أن من المهاجرين الى الحبشة فيهم من أكرم العوائل
غالبية المهاجرين، منهم جعفر بن أبي طالب، وكان أبوه ـ أبو طالب ـ وفتيان من بني هاشم معه يحمون النبي r، ومنهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة المخزومي، وعثمان بن عفان الأموي، ..وهاجرت نساء كذلك من أشرف بيوتات مكة ماكان الأذى لينالهن أبداً، وربما كان وراء هذه الهجرة أسباب أخرى كإثارة هزة في أوساط البيوت الكبيرة في قريـش، وأبناؤها الكرام المكرمون يهاجرون بعقيدتهم، فراراً من الجاهلية، تاركين وراءهم كل وشائج القربى، في بيئة قبلية تهزها هذه الهجرة هزاً عنيفاً، وخاصة حين يكون من بين المهاجرين مثل أم حبيبة بنت أبي سفيان، زعيم الجاهلية يومذاك، وأكبر المتصدين لحرب العقيدة الجديدة وصاحبها، يقول الغضبان :
( والملاحظ في هذه الطليعة الأولى من المهاجرين أنها من أكرم البيوتات المكية وأعرقها، ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يرتاد المكان هناك، ويعرف إمكانية الإقامة لجنده في الحبشة، ومن أجل هذا كان بينهم خيرة أصحابه، فثلاثة من المبشرين بالجنة كانوا بين هؤلاء العشرة، وهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم ، وليس فيهم من الموالي أو العبيد أو المغمورين أحد )
فعلاما هذا التميز الوهمي لابي بكر دون سواه ؟!
و الأعجب أنه قيل عنه يوم تولى الحكم أنه من أرذل البيوتات فمن أين له الشرف ؟
حيث أشترط الأشراف في الوقت نفسه، ان يعبد أبو بكر ربّه في بيته إ ذا أراد، وقد إستجاب أبو بكر للشرط، ولكن أبا بكر سرعان ما بنى مسجداً في فناء داره، فأخذ يصلي ويقرأ القرأن في الفناء جهاراً وعلناً، الأمر الذي راح يؤثر على نساء المشركين وأبنائهم، لما لصوته من تأثير ولصلاته من إ يحاء، فأعترض القرشيون ع لى إبن الدغنة لأنّ صاحبه لم يلتزم الشرط، فجاء هذا إلى أبي بكر يحدّثه عن الشرط، وقد خيِّر بين إ لتزام الدار أوالرحيل، لأنَّ إبن الدغنة كان قد تكفّل جوار أبي بكر ضمن شرط قريش
و أين كانت شجاعة ابوبكر هذه في المعارك والغزوات ؟
و من أين لأبي بكر هذه الثقة وقد كان بصحبة عمر لا زالا يشككان في نبوة محمد بقولهما أنه ساحر حتى دخولهما المدينة المنورة ؟!
(... فقال أبو بكر: فأنّي أرد إ ليك جوارك وأرضى بجوار الله عزّ وجل ) ــ 2 البخاري 3 / 68 ــ وفي هذه الأثناء كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مكّة المكرّمة حيث أعلن للمسلمين (... إنّي رأيت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين وهما الحرّتان ) ـ 3 المصدر 3 / 69 ــ فهاجر بعضهم إ لى المدينة ورجع من هاجر إلى الحبشة ليلحق بالمدينة أيضاً، فتجهّز أبو بكر قبل المدينة (... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك، فإنّي أرجو ان يؤذن لي، فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمّي ؟
قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده أربعة أشهر، قال إبن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: فينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنّعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلاّ أمر، قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستاذن فأذن له، فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر: أَخرج من عندك، فقال أبو بكر: إنّما هم أهلك بابي أنت وأمي يا رسول الله، قال: فأني قد أُذن لي في الخروج، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم،
والغريب أنها زيارة غريبة حتى على عائشة التي استنكرت حضور رسول الله الى بيت ابيها في ذاك الوقت ؟
فكيف بالكفار لو رأوه تلك اللحظة في زيارته الغريبة وهم يدبرون للقضاء عليه ؟
ألا تكون تلك الزيارة الغريبة وقت الظهيرة سببا للكشف عن الهجرة ؟
قال أبو بكر: فخذ بأي أنت يا رسول الله راحلتيّ هاتين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن، قالت عائشة: فجهّزناهما أحثّ الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به فمّ الجراب، فبذلك سُميّت ذات النطاق،
و أسماء ذات النطاق والنطاقين هل سميت بذلك لأنها جهزت الطعام في الراحلة أم لأنها ذهبت بالطعام الى الغار ؟!
ثمّ لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر بغار في جبل ثور، فكمنا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لَقِن،
و ما الحاجة لمبيته في الغار لحماية ابيه مثلا ؟ و أي أخبار هذه التي سيأتيهم بها ورسول الله يأتيه الوحي ؟! ألم تكن الهجرة بنزول الوحي بأمر الله ؟!
من عندها بسحر فيُصبح مع قريش بمكان كبائت، فلا يسمح أمرا يكتادان به إلاّ وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام،
الغريب أنه لا يمكث فيا لغار بل يذهب الى مكة ويعود ليلا بالأخبار !! و كل هذا ورسول الله مطلوب من قبل الكفار !
ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليها حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في تلك الليالي الثلاث،
و كل هذا مع انتشار المطاردون لنبي الله ؟
وأستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الدّيل وهو من بني عد عدي هاديا
وهنا أيضا ذكر ابوبكر في استئجار الرجل فقد شارك ابوبكر مع رسول الله في كل خطوة من خطوات الهجرة الا دخول المدينة !
الرواية المتناقضة !
نقرأ في الطبري: ( قال أبو جعفر: زاد بعضهم في هذه القصة ـ المؤامرة والمبيت ــ في هذا الموضع، قال له ـ اي النبي لعلي ــ أن أتاك إبن أبي قحافة فأخبره أني توجّهت إلى ثور، فمره ليلحق بي ، وأرسل إليّ بطعام واستأجر لي دليلاً يدلّني على طريق المدينة... ) ــ 5 الطبري 2 / 450 ـ وفي الطبري أيضا ( فقد زعم بعضهم أنّ أبا بكر أتى عليّاً فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنّه لحق بالغار من ثور، وقا ل: إنْ كان لك فيه حاجة فالحقه، فخرج أبو بكر مسرعا، فلحق النبيّ صلى الله عليه وسلم في الطريق فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم جرس أبو بكر في ظلمة الليل فحسبه من ا لمشركين فاسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي فانقطع قبال نعله ففلق إبهامه حجر فكثر دمها فأسرع السعي، فخاف أبو بكر أن يشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع صوته وتكلّم، فعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام حتى أتاه فانطلقا... حتى أنتهى إلى الغار مع الصبح فدخلاه ) ــالطبري 6/ 452 ــ
ابوبكر ذهب الى بيت رسول الله ! كيف وهو محاصر بفرسان قبائل قريش ؟
في حين الرواية الأولى تذكر ان النبي هو من ذهب الى ابي بكر !
في وقت غريب على عائشة وهو وقت الظهيرة ؟
و خرجا معا بينما هنا يذكر الكبري ان ابابكر لحق برسول الله
القصة جدا غريب لأنها تسعى الى الصاق ابوبكر بالهجرة بالقوة لهذا يظهر فيه الكثير من التناقض
قال أحمد بن حنبل في الفضائل بسنده عن عمر بن ميمون قال: إني لجالس إلى إبن عباس قال: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس علي ثوبه ونام على فراشه، فكان المشركون يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر وهو نائم فحسبه رسول الله فصاح: يا نبيّ الله، فقال له علي: إنّ رسول الله إنطلق نحو بئر ميمون فأدركه، فانطلق أبو بكر حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبات الكفار يرمون عليّا بالحجارة وهو يتضوّر )
كيف استطاع ابوبكر محادثة الامام علي وهو في بيت رسول الله محاط برجال تسعى لقتله ؟
و كيف استطاع الامام علي الرد عليه واخباره مكان النبي و هو محاصر بمن يريد القضاء على رسول الله ؟
و الغريب أن الكفار حين رحل ابوبكر أخذوا بضرب الباب بالاحجار ! وتركوا ابوبكر يذهب الى بئر ميمونة !
نقرأ في الدر المنثور: ( أخرج بن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن إبن عباس قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل بغار ثور قال: وتبعه أبو بكر، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسّه خلفه، خاف أن يكون الطلب، فلمّا رأى ذلك أبو بكر تنحنح فلمّا سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفه فقام حتى تبعه فأتيا الغار
كيف علم ابوبكر بخروج رسول الله وكيف علم عن جهة ذهابه لكي يلحق به ؟
مستدرك الحاكم: (... حدّثنا عمرو بن ميمون قال: أبن عباس... وشري عليّ نفسه فلبس ثوب النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم نام مكانه، قال إبن عباس: وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ف فجاء أبو بكر رضي الله عنه وعلي نائم، قال: وأبو بكر يحسب أنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيّ الله، فقال عليّ: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد إنطلق نحو بئر ميمون ـــ
هنا اشكال آخر أن ابوبكر حضر و الامام قد دخل فراش النبي و أخذ ينادي رسول الله فرد الامام أنا علي !
أي أنه قد كشف عن شخصه للفرسان الذي يحاصرون بيت رسول الله فأين عنصر المفاجأة بعد هذا ؟ ولماذا يجلسون خارج البيت و ينتظرون الصباح وقد جاء ابوبكر وكشف سر الهجرة و مكان رسول الله ؟
السيرة الهشاميّة نقرأ ( وكان أبو بكر رضي الله عنه رَجلاً ذا مال، فكان حين إستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعجل، لعلّ الله يجعل لك صاحباً، قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّما يعني نفسه حين قال ذلك، فأبتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعداداً لذلك )
ولما كل هذا وقد جاء أمر الهجرة بشكل سريع و سري ؟
و كيف يتكلم رسول الله عن الهجرة ولم يأتي أمر الله ؟
وان كان هناك علم عند رسول الله بالهجرة الى المدينة فلماذا يأمر المسلمون بالهجرة الى الحبشة وهي أرض بعيدة عليهم والمدينة مكان أقرب ؟!
الروايات متضاربة جدا ولا تثبت احداها الأخرى بل على العكس كل رواية تطعن في سابقتها !
تعليق