المشاركة الأصلية بواسطة 6 laith
اذا لم يفهموا لما
وطفق القوم يهنئون أمير المؤمنين عليه السلام بعد خطبة النبي صلى الله
عليه وآله ، ويبايعونه بالامامة ، وقد كان في مقدمهم الشيخان أبوبكر وعمر ، كل
يقول : " بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن
ومؤمنة " وقال ابن عباس : " وجبت والله في أعناق القوم " ، وقال حسان أبياته
المشهورة بحضور النبي وبمشهد ومسمع من القوم ، ثم كان ذلك اليوم عيدا ،
وموسما لجميع المسلمين منذ ذلك العهد .
خطبة الغدير
إن القدر المسلم به ، والمتواتر بين عموم المسلمين ، هو هذا القسم من
كلامه صلى الله عليه وآله ، وفيه غنى وكفاية في الدلالة على الامامة
والخلافة .
ولكن المستفاد من تتبع ألفاظ حديث الغدير في كتب أهل السنة - ويساعده
الاعتبار وشواهد الاحوال - هو أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد خطبهم ، ففي
مسند أحمد : " فخطبنا "
وفي المستدرك : " قام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر ووعظ ، فقال
ما شاء الله أن يقول "
وفي مجمع الزوائد : " فوالله ما من شئ يكون إلى يوم الساعة إلا قد أخبرنا
به يومئذ ، ثم قال : أيها الناس . . . "
فأين النص الكامل لتلك الخطبة ؟ ولماذا لم يرووا مواعظ الرسول
وإرشاداته ؟ وإذا كان قد أخبر بكل شئ يكون إلى يوم الساعة ، فما الذي حملهم
على إخفائه عن الامة ؟
إن الذي منعهم من نقل خطبة النبي كاملة هو نفس ما منعهم من أن
يقربوا إليه دواة وقرطاسا ، ليكتب للامة كتابا لن يضلوا بعده ! وإن الذي حملهم
على كتم خطبة النبي هذه هو ما حملهم على كتم كثير من الحقائق ! !
لقد كان غرض القوم أن يحرموا الامة من هدي رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وتعاليمه وإرشاداته ، فضلا عن أن يكونوا دعاة إليها وناشرين لها ، ذلك
لانهم لم يكونوا معتقدين بها حقا ، إذ لم يدخل الايمان في قلوبهم ، ولانهم كانوا
يعلمون بأنهم إذا بلغوا تعاليم النبي إلى الامة كما هي ، لجرت الامور في مجاريها ،
وهذا يعني أن لا يكون لهم أي موقع في المجتمع الاسلامي فضلا عن الرئاسة
والحكم .
فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وآله في الناس : ألا إن رسول
الله يريد الحج ، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم ،
ويوقفكم من ذاك على ما أوقفكم عليه من غيره . فخرج رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وخرج معه الناس ، وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله ، فحج
بهم ، وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الاطراف والاعراب
سبعين ألف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف
الذين أخذ عليهم بيعة هارون ، فنكثوا واتبعوا العجل والسامري ، وكذلك أخذ
رسول الله صلى الله عليه وآله البيعة لعلي بالخلافة على عدد أصحاب
موسى ، فنكثوا البيعة واتبعوا العجل والسامري سنة بسنة ومثلا بمثل ، واتصلت
التلبية ما بين مكة والمدينة .
ويفيد التتبع في ألفاظ حديث الغدير المروية في كتب أهل السنة ، وجود
الدواعي المختلفة عندهم على كتم حديث الغدير ، أو ترك سماعه ، أو تحريفه ، أو
نقله بصورة ناقصة ، حتى بعد شهرته وذيوعه ، فأنت ترى الراوي يقول : " فقلت
للزهري : لا تحدث بهذا بالشام وأنت ملء أذنيك سب علي ، فقال : والله عندي
من فضائل علي ما لو حدثت لقتلت "
ويقول آخر : " رأيت ابن أبي أوفى - وهو في دهليز له بعد ما ذهب بصره -
فسألته عن حديث ، فقال : إنكم يا أهل الكوفة فيكم ما فيكم . قال : قلت
أصلحك الله إني لست منهم ، ليس عليك مني عار . قال : أي حديث ؟ قال
قلت : حديث علي يوم غدير خم "المناقب لأبن المغازلي ص16.
وثالث يقول : " أتيت زيد بن أرقم فقلت له : إن ختنا لي حدثني عنك
بحديث في شأن علي يوم غدير خم ، فأنا أحب أن أسمعه منك . فقال : إنكم
معاشر أهل العراق فيكم ما فيكم . فقلت له : ليس عليك مني بأس ، فقال : نعم
كنا بالجحفة . . . قال : فقلت له : هل قال صلى الله عليه وآله : أللهم وال
من والاه وعاد من عاداه ؟ قال : إنما أخبرك بما سمعت
ومن هنا ترى ابن عبد البر يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه . وبعضهم لا يزيد عن : من كنت مولاه فعلي مولاه " ( الاستيعاب ج3ص1099) .
أي لا يروي ذيل الحديث .
وترى بعضهم لا يروي صدره : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " .
وطائفة منهم لم يرووا معه حديث الثقلين : " إني تارك فيكم . . . " المقترن
به .
تعليق