عن تركيا ، لنتحدث بصراحة
أحمد الحباسى تونس
في تاريخ الشعوب و الدول هناك ما يسمى “ببطاقة السوابق” و ما يسميه أهلنا في مصر “بالفيش و التشبيه” ، و عندما نتحدث عن ألمانيا مثلا ، لا نغفل صحيفة سوابقها المخجلة زمن الحقبة النازية ، و لو أن ألمانيا ما زالت رغم ذلك التاريخ الأسود تحاول أن تقوم بأدوار مسيئة لسوريا ، و تسخير عملاء المخابرات و بعض الأجهزة الأخرى إضافة لما يقوم به وزير خارجيتها من ضغوط و سياسات ملتبسة تخدم المؤامرة على سوريا ، و عندما نتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية ، تخجل العبارات و الألفاظ من نفسها لأنها لا تقدر على وصف الجرائم الأمريكية ضد الإنسانية و ضد التاريخ و ضد المعالم الإنسانية ، لذلك لا تلاقى أفكار المتأمركين عندي قبولا ، و بطبيعتي المنحازة إلى عروبتي رغم مواطن ضعفها ، فأنا ضد كل ما هو أمريكي.
“التاريخ ” التركي مشوب بكثير من العلل و مواطن الخجل ، و مجازر الأرمن و عمليات قتل الأقلية الكردية و السطو على تاريخ المنطقة العربية هي مجرد تفاصيل مرعبة من بين تفاصيل كثيرة تلطخ التاريخ التركي ، بالمقابل هناك محاولة من بعض المثقفين و السياسيين إضافة إلى بعض الإعلاميين من الدولة العميقة التركية لتلميع صورة تركيا كدولة راعية للحريات و منارة حضارية في جوار عربي يلفه الظلام السياسي و الاستبداد السلطوي ، و هناك محاولات متواصلة للدفع بحزب الحرية و العدالة كشعار للمرحلة القادمة و كأنموذج باهر لقدرة الإسلام السياسي على الجمع بين الحداثة و الشريعة ، هذه المحاولات و غيرها تريد أن تغطى بغطاء النسيان ما حصل في تركيا من جرائم ضد الإنسانية و ما يحصل من محاولات دنيئة لتحويل العالم الإسلامي و الدول العربية إلى شطرين شطر مع الإخوان و شطر ضد الإخوان.
من الممكن أن يكون حزب العدالة و التنمية التركي ، أو لنقل حكومة الحزب القابضة على السلطة ، قد حقق بعض المكاسب الاقتصادية التي حسنت من وضع المواطن التركي بعد سنوات عجاف تحرك فيها حزب العمال الكردي منهكا هذا الاقتصاد في حين وضع الحزب البندقية بمجرد صعود أوردغان للحكم و وعوده بحل للمشكلة الكردية ، لكن كل المتابعين اليوم يدركون فشل هذه التجربة و يعلمون أن تركيا خاصة بخسارتها البوابة السورية مقبلة على أيام اقتصادية ستعطى للمعارضة أسبابا قوية لمهاجمة سياسة حزب العدالة و التنمية لإسقاطه في الانتخابات القادمة ، و للشعب التركي الذي رأينا إحباطه و غضبه في الأحداث الأخيرة مزيدا من الأسباب لرفض استمرار الإسلام السياسي في الحكم .
كما لم يكن السيد أوردغان صادقا في تحالفه الاقتصادي و السياسي مع سوريا ، صادقا في مؤازرة الشعب و القضية الفلسطينية ، صادقا في رؤيته السياسية تجاه الشعوب العربية ، فقد نكث الرجل كل وعوده الانتخابية و ما جاء في أطروحات وزيره للخارجية أحمد داوود أوغلو حول كيفية حل القضية الكردية ، و عندما نضيف لهذه النكسات الأخلاقية السياسية فشله في دخول النادي المسيحي رغم ما قدمه لصهيونية و للدول الأوروبية من “خدمات” مهينة للشعب التركي و آخرها مشاركته القذرة في المؤامرة على الشعب السوري ، فانه من الواضح أن سياسة الصفر مشاكل قد فشلت هي الأخرى لتصبح مجرد شعار أجوف يأتيه سفيه من سفهاء السياسة التركية تحدث البعض أنه المنظر الحقيقى لحزب العدالة الحاكم.
لا يمكن النظر لما يحدث في مصر دون إسقاط ذلك على تركيا أو الدول الذي ثبت فشل تجربة حكم الإسلام السياسي فيها ، و بالمفهوم السياسي فان سقوط فكر جماعة الإخوان المسلمين في قيادة أكبر دولة عربية في منطقة الشرق الأوسط ، هو تعبير أكيد عن فشل مفهوم الأنظمة التي تحكم عبر واجهة ” إسلامية” ، لان التيارات الملتحفة بالغطاء الديني هي تيارات قمعية تسعى إلى الإلغاء و الاستبداد و نشر ثقافة التكفير و الكراهية ، فسعى حكومة السيد أوردغان مثلا إلى هدم ميدان تقسيم بحجة إعادة هيكلته إنما هو سعى إلى إعلان الانتصار على فترة حكم كمال أتاتورك ، تماما كما سعى حزب النهضة الحاكم في تونس إلى تفجير ضريح الزعيم بورقيبة منذ يومين نكاية في الفكر التنويري الحداثى البورقيبى ، و عندما يسقط حزب ما في جدلية صراع مع التاريخ و مع الماضي فحتما هو حزب استبدادي يريد فرض أسلوب تفكير و حياة على المجتمع لا يتلاءم مع طبيعة الشعوب العربية الإسلامية التي تعودت على الوسطية و الانفتاح على الآخر و لن تعود إلى فكر الجاهلية تحت أي عنوان أو مسمى”ديني ” .
إذا كان السيد أوردغان و حزبه يعيشون في كوكب آخر و في أحلام و خيالات أخرى ، فالشعب التركي هو شعب في جوار تاريخي مع الشعب السوري و بقية شعوب المنطقة ، و في هذا المجال الشعوب ، على عكس حكامها ، تملك الوجدان و الإحساس الذي لا يخطى ، لذلك كانت هناك معارضة شعبية واسعة ضد المشاركة بأي شكل في المؤامرة على سوريا ، بل أنه عندما يدعم النظام التركي المشروع الصهيوني في المنطقة في خطوطه العريضة ، مع ما يدعيه نفاقا و بهتانا من وقوف مع القضايا العربية ، فان الشعب التركي لا تنطلي عليه الحيلة الشيطانية لحزب العدالة الحاكم ، لأنه يستشعر بفضل معرفته التاريخية للشعب السوري أن ما يحاك ليس إلا مؤامرة قذرة تشارك فيها حكومة الإخوان ، ليبقى السؤال ، من سقط أولا في هذه الحرب ؟ … السيد أوردغان الذي وعد بالصلاة في المسجد الأموي مع حليفه الدموي حمد بن خليفة ؟ .. أم الرئيس الأسد الذي أعترف جون كيري بكون الحديث عن رحيله هي نزهة فكرية سوقها أصدقاء سوريا أصبحت بلا معنى ، ليبقى السؤال من سقط أولا فكر جماعة الإخوان المسلمين الذي سوقت المنظومة الإعلامية الكاذبة أنه فكر التغيير القادم الذي سينقل الناس من عصر إلى عصر ، أم فكر المقاومة و القومية العربية الذي أثبت أنه يترنح أحيانا و لكنه لا يسقط ؟ .
خاص بانوراما الشرق الاوسط
أحمد الحباسى تونس
في تاريخ الشعوب و الدول هناك ما يسمى “ببطاقة السوابق” و ما يسميه أهلنا في مصر “بالفيش و التشبيه” ، و عندما نتحدث عن ألمانيا مثلا ، لا نغفل صحيفة سوابقها المخجلة زمن الحقبة النازية ، و لو أن ألمانيا ما زالت رغم ذلك التاريخ الأسود تحاول أن تقوم بأدوار مسيئة لسوريا ، و تسخير عملاء المخابرات و بعض الأجهزة الأخرى إضافة لما يقوم به وزير خارجيتها من ضغوط و سياسات ملتبسة تخدم المؤامرة على سوريا ، و عندما نتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية ، تخجل العبارات و الألفاظ من نفسها لأنها لا تقدر على وصف الجرائم الأمريكية ضد الإنسانية و ضد التاريخ و ضد المعالم الإنسانية ، لذلك لا تلاقى أفكار المتأمركين عندي قبولا ، و بطبيعتي المنحازة إلى عروبتي رغم مواطن ضعفها ، فأنا ضد كل ما هو أمريكي.
“التاريخ ” التركي مشوب بكثير من العلل و مواطن الخجل ، و مجازر الأرمن و عمليات قتل الأقلية الكردية و السطو على تاريخ المنطقة العربية هي مجرد تفاصيل مرعبة من بين تفاصيل كثيرة تلطخ التاريخ التركي ، بالمقابل هناك محاولة من بعض المثقفين و السياسيين إضافة إلى بعض الإعلاميين من الدولة العميقة التركية لتلميع صورة تركيا كدولة راعية للحريات و منارة حضارية في جوار عربي يلفه الظلام السياسي و الاستبداد السلطوي ، و هناك محاولات متواصلة للدفع بحزب الحرية و العدالة كشعار للمرحلة القادمة و كأنموذج باهر لقدرة الإسلام السياسي على الجمع بين الحداثة و الشريعة ، هذه المحاولات و غيرها تريد أن تغطى بغطاء النسيان ما حصل في تركيا من جرائم ضد الإنسانية و ما يحصل من محاولات دنيئة لتحويل العالم الإسلامي و الدول العربية إلى شطرين شطر مع الإخوان و شطر ضد الإخوان.
من الممكن أن يكون حزب العدالة و التنمية التركي ، أو لنقل حكومة الحزب القابضة على السلطة ، قد حقق بعض المكاسب الاقتصادية التي حسنت من وضع المواطن التركي بعد سنوات عجاف تحرك فيها حزب العمال الكردي منهكا هذا الاقتصاد في حين وضع الحزب البندقية بمجرد صعود أوردغان للحكم و وعوده بحل للمشكلة الكردية ، لكن كل المتابعين اليوم يدركون فشل هذه التجربة و يعلمون أن تركيا خاصة بخسارتها البوابة السورية مقبلة على أيام اقتصادية ستعطى للمعارضة أسبابا قوية لمهاجمة سياسة حزب العدالة و التنمية لإسقاطه في الانتخابات القادمة ، و للشعب التركي الذي رأينا إحباطه و غضبه في الأحداث الأخيرة مزيدا من الأسباب لرفض استمرار الإسلام السياسي في الحكم .
كما لم يكن السيد أوردغان صادقا في تحالفه الاقتصادي و السياسي مع سوريا ، صادقا في مؤازرة الشعب و القضية الفلسطينية ، صادقا في رؤيته السياسية تجاه الشعوب العربية ، فقد نكث الرجل كل وعوده الانتخابية و ما جاء في أطروحات وزيره للخارجية أحمد داوود أوغلو حول كيفية حل القضية الكردية ، و عندما نضيف لهذه النكسات الأخلاقية السياسية فشله في دخول النادي المسيحي رغم ما قدمه لصهيونية و للدول الأوروبية من “خدمات” مهينة للشعب التركي و آخرها مشاركته القذرة في المؤامرة على الشعب السوري ، فانه من الواضح أن سياسة الصفر مشاكل قد فشلت هي الأخرى لتصبح مجرد شعار أجوف يأتيه سفيه من سفهاء السياسة التركية تحدث البعض أنه المنظر الحقيقى لحزب العدالة الحاكم.
لا يمكن النظر لما يحدث في مصر دون إسقاط ذلك على تركيا أو الدول الذي ثبت فشل تجربة حكم الإسلام السياسي فيها ، و بالمفهوم السياسي فان سقوط فكر جماعة الإخوان المسلمين في قيادة أكبر دولة عربية في منطقة الشرق الأوسط ، هو تعبير أكيد عن فشل مفهوم الأنظمة التي تحكم عبر واجهة ” إسلامية” ، لان التيارات الملتحفة بالغطاء الديني هي تيارات قمعية تسعى إلى الإلغاء و الاستبداد و نشر ثقافة التكفير و الكراهية ، فسعى حكومة السيد أوردغان مثلا إلى هدم ميدان تقسيم بحجة إعادة هيكلته إنما هو سعى إلى إعلان الانتصار على فترة حكم كمال أتاتورك ، تماما كما سعى حزب النهضة الحاكم في تونس إلى تفجير ضريح الزعيم بورقيبة منذ يومين نكاية في الفكر التنويري الحداثى البورقيبى ، و عندما يسقط حزب ما في جدلية صراع مع التاريخ و مع الماضي فحتما هو حزب استبدادي يريد فرض أسلوب تفكير و حياة على المجتمع لا يتلاءم مع طبيعة الشعوب العربية الإسلامية التي تعودت على الوسطية و الانفتاح على الآخر و لن تعود إلى فكر الجاهلية تحت أي عنوان أو مسمى”ديني ” .
إذا كان السيد أوردغان و حزبه يعيشون في كوكب آخر و في أحلام و خيالات أخرى ، فالشعب التركي هو شعب في جوار تاريخي مع الشعب السوري و بقية شعوب المنطقة ، و في هذا المجال الشعوب ، على عكس حكامها ، تملك الوجدان و الإحساس الذي لا يخطى ، لذلك كانت هناك معارضة شعبية واسعة ضد المشاركة بأي شكل في المؤامرة على سوريا ، بل أنه عندما يدعم النظام التركي المشروع الصهيوني في المنطقة في خطوطه العريضة ، مع ما يدعيه نفاقا و بهتانا من وقوف مع القضايا العربية ، فان الشعب التركي لا تنطلي عليه الحيلة الشيطانية لحزب العدالة الحاكم ، لأنه يستشعر بفضل معرفته التاريخية للشعب السوري أن ما يحاك ليس إلا مؤامرة قذرة تشارك فيها حكومة الإخوان ، ليبقى السؤال ، من سقط أولا في هذه الحرب ؟ … السيد أوردغان الذي وعد بالصلاة في المسجد الأموي مع حليفه الدموي حمد بن خليفة ؟ .. أم الرئيس الأسد الذي أعترف جون كيري بكون الحديث عن رحيله هي نزهة فكرية سوقها أصدقاء سوريا أصبحت بلا معنى ، ليبقى السؤال من سقط أولا فكر جماعة الإخوان المسلمين الذي سوقت المنظومة الإعلامية الكاذبة أنه فكر التغيير القادم الذي سينقل الناس من عصر إلى عصر ، أم فكر المقاومة و القومية العربية الذي أثبت أنه يترنح أحيانا و لكنه لا يسقط ؟ .
خاص بانوراما الشرق الاوسط
تعليق