12/1/2014
* اوجلان: على تركيا التحرك من اجل "عملية السلام" مع الاكراد

حذر زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله اوجلان السبت من ان "عملية السلام" الحالية مع تركيا لا يمكن ان تظل "عالقة الى الابد" وحث انقرة على التدخل سريعا من خلال تبني الاجراءات التي طالب بها الاكراد.
وصرح اوجلان في رسالة نشرها نواب مؤيدون للاكراد قاموا بزيارته في الجزيرة حيث يسجن "رغم كل التداعيات فان رغبتنا في السلام لا تزال بالقوة نفسها كما في البداية لكن يجب ان نعلم ان عملية السلام لا يمكن ان تظل عالقة الى الابد"، مضيفا انه "اذا كانت الحرب جحيما فان السلام هو الجنة".
واعلن اوجلان في اذار/مارس وقفا لاطلاق نار بعد اشهر من المفاوضات السرية مع اجهزة الاستخبارات التركية.
وفي ايلول/سبتمبر، اعلن حزب العمال الكردستاني تعليق انسحاب مقاتليه من الاراضي التركية الى قواعد المتمردين في شمال العراق، متهما السلطات التركية بعدم تطبيق الاصلاحات الموعودة.
وفي مقابل الانسحاب، يطلب حزب العمال الكردستاني اصلاحات في النظام الانتخابي والحق بالتعلم باللغة الكردية وشكل من اشكال الحكم الذاتي الاقليمي.
***
* (مزمار الثورة) أردوغان والمسمار الأخير في نعش نهايته!
عبد الزهرة الركابي- "المدى" العراقية
كان رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي ، يعوّل منذ ثلاث سنوات خلت ، على أن تكون منطقة الشرق الأوسط بعمقها العربي ، اتجاها" رئيسا" للسياسة التركية ، بعدما يئست أنقرة من الانضمام للاتحاد الأوروبي ، و من أجل هذا الاتجاه ، راح أردوغان و وزير خارجيته أحمد داوود أوغلو ، يروجان لسياسة أو مشروع ( صفر مشاكل ) إقليميا" ، حتى و صل بهما الحال ، إلى التفاخر ، تصريحا" و تلميحا" ، في نجاح هذه السياسة ، بيد أن ثورات ما يسمى ( الربيع العربي ) ، كانت بداية لقيام المشاكل في وجه السياسة التركية ، حيث تأزمت العلاقات التركية مع أكثر من بلد عربي
اندفعت السياسة التركية ضمن منطلقات ( حزب العدالة و التنمية ) ، وهو النسخة التركية من التنظيم العالمي لجماعة ( الإخوان المسلمين ) ، نحو التدخل في شؤون بلدان المنطقة ، بغرض حرف مسار الأحداث والثورات التي اندلعت في أكثر من بلد عربي ، وقد تكللت هذه الاندفاعة، عندما استحوذت جماعة ( الإخوان المسلمين ) على الحكم في مصر، وكذلك جماعة ( النهضة الإسلامية ) في تونس ، لكن انتكاسة السياسة التركية بدأت ، عندما أُطيح بحكم ( الإخوان المسلمين ) في مصر، وكذلك إخفاق الجهود التركية في الإطاحة بنظام الحكم في سوريا
النموذج التركي
كانت أنقرة تعتقد أن الحراك الشعبي السلمي في البلد الأخير ( سوريا ) ، كفيل بتوصيل ( الإخوان المسلمين ) السوريين إلى الحكم ، غير أن تطورات الثورة السورية عبر ( عسكرة ) حراكها السلمي ، التي لا يُخفى الدور التركي في هذه التطورات عن أنظار المراقبين ، بل إن هذا الدور ، دق المسمار الأخير في نعش السياسة التركية المندفعة لتحقيق أغراضها في سوريا ، و بالتالي أضاف هذا الإخفاق معضلة أخرى في علاقاتها العربية ، إذا ما أخذنا في الاعتبار العلاقات المتوترة بين أنقرة من جانب ، والقاهرة وبغداد من جانب آخر ، بل إن العلاقات التركية اللبنانية ، هي الأخرى شهدت توترا "من جراء خطف الزوار اللبنانيين من قبل جماعة سورية معارضة لها علاقة وثيقة مع الاستخبارات التركية"
خلال احتدام صفحات أحداث الثورات العربية ، شاعت ترويجات في أوساط القوى الإسلامية ، مفادها أن الأحزاب والقوى الإسلامية إذا ما وصلت إلى الحكم من الممكن أن تتبنى ( النموذج التركي ) المتجسد في نظام حزب ( العدالة والتنمية ) في تركيا ، لكن جماعة ( الإخوان المسلمين ) في مصر وقبل أن تستلم الحكم ، رفضت هذا النموذج عبر تصريحات مسؤوليها ، واعتبرت أن لها تجربتها الحزبية التي تتيح لها أن تقدم النموذج المناسب ، واللافت في هذا الجانب ، أن تركيا ساءت علاقاتها مع مصر ، على إثر الإطاحة بنظام الإخوان ، وما انفك رئيس الوزراء التركي أردوغان عن توجيه الانتقادات اللاذعة للنظام الذي تسلم الحكم في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين القاهرة وأنقرة على النحو السائد 0
وقد صاحب تدهور علاقات تركيا الخارجية ، ترديات داخلية موجعة لرئيس الوزراء التركي وحزبه ( العدالة و التنمية ) ، حيث تسببت هذه الأحداث الداخلية ، بمعضلة وإحراج شخصيين ، قبل أن تكون هذه المعضلة وهذا الإحراج ، يسببان صداعا" لحكومته التي طالما تشدق رئيسها ( أردوغان ) ، بأنها نموذج لحكم الإسلام ( الديمقراطي المعتدل ) ، بيد أن ( مزمار الثورة ) وهو اللقب أو الصفة التي أطلقها بعض المحللين على رئيس الحكومة التركية من جراء كثرة التصريحات التي كان يطلقها ليلا" و نهارا" و من دون حساب ، بشأن أحداث المنطقة أو ما تسمى ( الربيع العربي ) ،ارتد صوته إلى عكس الاتجاه ، بعدما تصاعدت الاحتجاجات و الاعتصامات في ميدان ( تقسيم ) في مدينة أسطنبول ، وكأن هذه الأحداث تذكرنا بأحداث ميدان التحرير في القاهرة ، وهي الأحداث التي اضطرت أردوغان إلى استخدام نفس عبارات القذافي في توصيف شعبه إن لم نقل تفوق عليه في هذا الجانب0
ثورة على العقلية الأردوغانية
الواضح من تلك الأحداث، أن الأمر لا يتعلق بقلع أشجار (حديقة غازي) في ميدان أو ساحة ( تقسيم ) ، وإنما هناك غضب ورفض متراكمان لدى الأوساط الشعبية والشبابية من جراء سياسات أردوغان في تركيا والمنطقة ، وقد برهنت التظاهرات واتساعها وتحولها إلى احتجاج عام ضد سياسة رئيس الوزراء التركي وحزب العدالة والتنمية الحاكم ذي النزعة الإسلامية ، الذي يتهمه المتظاهرون بالميل إلى الديكتاتورية و(أسلمة) المجتمع التركي ، على أن جزءا"مهما" من الشعب التركي وخصوصا" في فئاته الشبابية والشعبية ، يرفض ويعارض (الحكم الأردوغاني) بمختلف تسمياته ونماذجه ، وفي نفس الوقت يرفض أيضا" تدخلات هذا الحكم في المنطقة ، بعدما راحت هذه التدخلات تضر بالمصالح التركية في أكثر من بلد في المنطقة ، ويكفي في هذا الجانب أن نشير إلى العلاقات المتردية بين أنقرة من جهة ، والقاهرة ودمشق وبغداد من جهة أخرى مثلما أسلفنا.
إن ما حدث حينذاك ، هو ثورة على العقلية الأردوغانية مثلما قال أحد معارضي أردوغان ، هي ثورة تستمد استمرارها من سياسة منع كل شيء حسبما قال جورسال تكين نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري ، أكبر أحزاب المعارضة التركية ، فهو منع تطبيق نظام التعليم 4+4 و تشبيهه مُعدّي الدستور القديم بأنهم اثنين من المخمورين و تطاوله على المذاهب الأخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، و تحويل الحكم البرلماني في تركيا إلى حكم الرجل الواحد ومحاولة جمع كل الصلاحيات بيده ، وجميع هذه السلبيات ، والكلام لنائب رئيس الحزب التركي المعارض ، أدت إلى انفجار الوضع في جميع أنحاء البلاد.
إذاً ، إن السبب الرئيس في اندلاع تلك الاحتجاجات والتظاهرات في تركيا ، -كما ذكرنا - يعود إلى سياسة المنع التي مارسها أردوغان وحزبه الإسلامي (حزب العدالة و التنمية) ، ناهيك عن النقطة المهيمنة في هذه الانتفاضة الأهلية اليائسة المدوِّرة للرؤوس ، هو أن قطاعا" واسعا" من المجتمع يرفض كل أشكال الأبوية الخانقة التي يعتنقها أردوغان!
المستقبل المجهول
ومنذ أحداث ميدان (تقسيم) على الصعيد الداخلي ، لم يتنفس أردوغان الصعداء ، بعدما راحت المشاكل و المصاعب و الأزمات ، تلاحقه باستمرار وتواصل ، حتى تلقى الضربة الموجعة الأخيرة (فضيحة الفساد) ، وهي الفضيحة التي هزت بعنف (النظام الأردوغاني) ، الذي من جرائها ، حددت مستقبل (حزب العدالة و التنمية) و كذلك مستقبل أردوغان ، بالنسبة للاستمرار في حكم تركيا ، وفي مواجهة هذه الفضيحة، اتبع رئيس الوزراء من جديد واحدة من ستراتيجياته المفضلة ، وهي ستراتيجية دور الضحية التي سبق أن اتبعها خلال تظاهرات ميدان تقسيم في حزيران الماضي.
هكذا بدأ أردوغان منذ أيام يجوب البلاد طولا وعرضا لينفي عن نفسه بشدة تهم الفساد التي تواجه المقربين منه ، وليندد بـ ( مؤامرة ) تحوكها (مجموعات إجرامية) من اجل إسقاط تركيا، ويقول جنكيز أكتر أستاذ العلوم السياسية في جامعة صبانجي إسطنبول الخاصة (انه ليس من الأشخاص الذين يقولون نعم أخطأت ، وأسلوب دفاعه المفضل هو الهجوم).
وكان أردوغان قال أمام حشد في إقليم مانيسا في غرب تركيا في معرض دفاعه عن حكومته مؤخرا" ( قالوا غازي وحطموا الواجهات ، والآن يقولون فساد ويحطمون الواجهات ، لن تنجح هذه المؤامرات).
لا شك أن فضيحة الفساد الأخيرة ، قد أثرت على شعبية أردوغان وحزبه ( العدالة و التنمية ) ، وأن هذا التأثير السلبي، سوف تظهر نتائجه في الانتخابات القادمة ، في حال بقائه صامدا" حتى موعد الانتخابات ، بيد أن خط الزلازل الذي أصاب أردوغان وحزبه، لن يترك لهما مجالا" للعودة إلى الحكم من جديد ، وقد يكون الذي تواجهه تركيا في هذا الوقت، مقدمة لحكومة رجب طيب أردوغان في الانحدار إلى السقوط ، استكمالا" لسقوط مشروعها (صفر مشاكل) ، ويبقى على أردوغان أن ينسحب من الحكم مبكرا" وواقفا" في آن، قبل أن تتضاعف الضربات الموجعة والموجهة إليه ، وهي ضربات قد تطيح به إلى خارج المشهد السياسي التركي على نحو أبدي!
* اوجلان: على تركيا التحرك من اجل "عملية السلام" مع الاكراد

حذر زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله اوجلان السبت من ان "عملية السلام" الحالية مع تركيا لا يمكن ان تظل "عالقة الى الابد" وحث انقرة على التدخل سريعا من خلال تبني الاجراءات التي طالب بها الاكراد.
وصرح اوجلان في رسالة نشرها نواب مؤيدون للاكراد قاموا بزيارته في الجزيرة حيث يسجن "رغم كل التداعيات فان رغبتنا في السلام لا تزال بالقوة نفسها كما في البداية لكن يجب ان نعلم ان عملية السلام لا يمكن ان تظل عالقة الى الابد"، مضيفا انه "اذا كانت الحرب جحيما فان السلام هو الجنة".
واعلن اوجلان في اذار/مارس وقفا لاطلاق نار بعد اشهر من المفاوضات السرية مع اجهزة الاستخبارات التركية.
وفي ايلول/سبتمبر، اعلن حزب العمال الكردستاني تعليق انسحاب مقاتليه من الاراضي التركية الى قواعد المتمردين في شمال العراق، متهما السلطات التركية بعدم تطبيق الاصلاحات الموعودة.
وفي مقابل الانسحاب، يطلب حزب العمال الكردستاني اصلاحات في النظام الانتخابي والحق بالتعلم باللغة الكردية وشكل من اشكال الحكم الذاتي الاقليمي.
***
* (مزمار الثورة) أردوغان والمسمار الأخير في نعش نهايته!
عبد الزهرة الركابي- "المدى" العراقية
كان رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي ، يعوّل منذ ثلاث سنوات خلت ، على أن تكون منطقة الشرق الأوسط بعمقها العربي ، اتجاها" رئيسا" للسياسة التركية ، بعدما يئست أنقرة من الانضمام للاتحاد الأوروبي ، و من أجل هذا الاتجاه ، راح أردوغان و وزير خارجيته أحمد داوود أوغلو ، يروجان لسياسة أو مشروع ( صفر مشاكل ) إقليميا" ، حتى و صل بهما الحال ، إلى التفاخر ، تصريحا" و تلميحا" ، في نجاح هذه السياسة ، بيد أن ثورات ما يسمى ( الربيع العربي ) ، كانت بداية لقيام المشاكل في وجه السياسة التركية ، حيث تأزمت العلاقات التركية مع أكثر من بلد عربي
اندفعت السياسة التركية ضمن منطلقات ( حزب العدالة و التنمية ) ، وهو النسخة التركية من التنظيم العالمي لجماعة ( الإخوان المسلمين ) ، نحو التدخل في شؤون بلدان المنطقة ، بغرض حرف مسار الأحداث والثورات التي اندلعت في أكثر من بلد عربي ، وقد تكللت هذه الاندفاعة، عندما استحوذت جماعة ( الإخوان المسلمين ) على الحكم في مصر، وكذلك جماعة ( النهضة الإسلامية ) في تونس ، لكن انتكاسة السياسة التركية بدأت ، عندما أُطيح بحكم ( الإخوان المسلمين ) في مصر، وكذلك إخفاق الجهود التركية في الإطاحة بنظام الحكم في سوريا
النموذج التركي
كانت أنقرة تعتقد أن الحراك الشعبي السلمي في البلد الأخير ( سوريا ) ، كفيل بتوصيل ( الإخوان المسلمين ) السوريين إلى الحكم ، غير أن تطورات الثورة السورية عبر ( عسكرة ) حراكها السلمي ، التي لا يُخفى الدور التركي في هذه التطورات عن أنظار المراقبين ، بل إن هذا الدور ، دق المسمار الأخير في نعش السياسة التركية المندفعة لتحقيق أغراضها في سوريا ، و بالتالي أضاف هذا الإخفاق معضلة أخرى في علاقاتها العربية ، إذا ما أخذنا في الاعتبار العلاقات المتوترة بين أنقرة من جانب ، والقاهرة وبغداد من جانب آخر ، بل إن العلاقات التركية اللبنانية ، هي الأخرى شهدت توترا "من جراء خطف الزوار اللبنانيين من قبل جماعة سورية معارضة لها علاقة وثيقة مع الاستخبارات التركية"
خلال احتدام صفحات أحداث الثورات العربية ، شاعت ترويجات في أوساط القوى الإسلامية ، مفادها أن الأحزاب والقوى الإسلامية إذا ما وصلت إلى الحكم من الممكن أن تتبنى ( النموذج التركي ) المتجسد في نظام حزب ( العدالة والتنمية ) في تركيا ، لكن جماعة ( الإخوان المسلمين ) في مصر وقبل أن تستلم الحكم ، رفضت هذا النموذج عبر تصريحات مسؤوليها ، واعتبرت أن لها تجربتها الحزبية التي تتيح لها أن تقدم النموذج المناسب ، واللافت في هذا الجانب ، أن تركيا ساءت علاقاتها مع مصر ، على إثر الإطاحة بنظام الإخوان ، وما انفك رئيس الوزراء التركي أردوغان عن توجيه الانتقادات اللاذعة للنظام الذي تسلم الحكم في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين القاهرة وأنقرة على النحو السائد 0
وقد صاحب تدهور علاقات تركيا الخارجية ، ترديات داخلية موجعة لرئيس الوزراء التركي وحزبه ( العدالة و التنمية ) ، حيث تسببت هذه الأحداث الداخلية ، بمعضلة وإحراج شخصيين ، قبل أن تكون هذه المعضلة وهذا الإحراج ، يسببان صداعا" لحكومته التي طالما تشدق رئيسها ( أردوغان ) ، بأنها نموذج لحكم الإسلام ( الديمقراطي المعتدل ) ، بيد أن ( مزمار الثورة ) وهو اللقب أو الصفة التي أطلقها بعض المحللين على رئيس الحكومة التركية من جراء كثرة التصريحات التي كان يطلقها ليلا" و نهارا" و من دون حساب ، بشأن أحداث المنطقة أو ما تسمى ( الربيع العربي ) ،ارتد صوته إلى عكس الاتجاه ، بعدما تصاعدت الاحتجاجات و الاعتصامات في ميدان ( تقسيم ) في مدينة أسطنبول ، وكأن هذه الأحداث تذكرنا بأحداث ميدان التحرير في القاهرة ، وهي الأحداث التي اضطرت أردوغان إلى استخدام نفس عبارات القذافي في توصيف شعبه إن لم نقل تفوق عليه في هذا الجانب0
ثورة على العقلية الأردوغانية
الواضح من تلك الأحداث، أن الأمر لا يتعلق بقلع أشجار (حديقة غازي) في ميدان أو ساحة ( تقسيم ) ، وإنما هناك غضب ورفض متراكمان لدى الأوساط الشعبية والشبابية من جراء سياسات أردوغان في تركيا والمنطقة ، وقد برهنت التظاهرات واتساعها وتحولها إلى احتجاج عام ضد سياسة رئيس الوزراء التركي وحزب العدالة والتنمية الحاكم ذي النزعة الإسلامية ، الذي يتهمه المتظاهرون بالميل إلى الديكتاتورية و(أسلمة) المجتمع التركي ، على أن جزءا"مهما" من الشعب التركي وخصوصا" في فئاته الشبابية والشعبية ، يرفض ويعارض (الحكم الأردوغاني) بمختلف تسمياته ونماذجه ، وفي نفس الوقت يرفض أيضا" تدخلات هذا الحكم في المنطقة ، بعدما راحت هذه التدخلات تضر بالمصالح التركية في أكثر من بلد في المنطقة ، ويكفي في هذا الجانب أن نشير إلى العلاقات المتردية بين أنقرة من جهة ، والقاهرة ودمشق وبغداد من جهة أخرى مثلما أسلفنا.
إن ما حدث حينذاك ، هو ثورة على العقلية الأردوغانية مثلما قال أحد معارضي أردوغان ، هي ثورة تستمد استمرارها من سياسة منع كل شيء حسبما قال جورسال تكين نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري ، أكبر أحزاب المعارضة التركية ، فهو منع تطبيق نظام التعليم 4+4 و تشبيهه مُعدّي الدستور القديم بأنهم اثنين من المخمورين و تطاوله على المذاهب الأخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، و تحويل الحكم البرلماني في تركيا إلى حكم الرجل الواحد ومحاولة جمع كل الصلاحيات بيده ، وجميع هذه السلبيات ، والكلام لنائب رئيس الحزب التركي المعارض ، أدت إلى انفجار الوضع في جميع أنحاء البلاد.
إذاً ، إن السبب الرئيس في اندلاع تلك الاحتجاجات والتظاهرات في تركيا ، -كما ذكرنا - يعود إلى سياسة المنع التي مارسها أردوغان وحزبه الإسلامي (حزب العدالة و التنمية) ، ناهيك عن النقطة المهيمنة في هذه الانتفاضة الأهلية اليائسة المدوِّرة للرؤوس ، هو أن قطاعا" واسعا" من المجتمع يرفض كل أشكال الأبوية الخانقة التي يعتنقها أردوغان!
المستقبل المجهول
ومنذ أحداث ميدان (تقسيم) على الصعيد الداخلي ، لم يتنفس أردوغان الصعداء ، بعدما راحت المشاكل و المصاعب و الأزمات ، تلاحقه باستمرار وتواصل ، حتى تلقى الضربة الموجعة الأخيرة (فضيحة الفساد) ، وهي الفضيحة التي هزت بعنف (النظام الأردوغاني) ، الذي من جرائها ، حددت مستقبل (حزب العدالة و التنمية) و كذلك مستقبل أردوغان ، بالنسبة للاستمرار في حكم تركيا ، وفي مواجهة هذه الفضيحة، اتبع رئيس الوزراء من جديد واحدة من ستراتيجياته المفضلة ، وهي ستراتيجية دور الضحية التي سبق أن اتبعها خلال تظاهرات ميدان تقسيم في حزيران الماضي.
هكذا بدأ أردوغان منذ أيام يجوب البلاد طولا وعرضا لينفي عن نفسه بشدة تهم الفساد التي تواجه المقربين منه ، وليندد بـ ( مؤامرة ) تحوكها (مجموعات إجرامية) من اجل إسقاط تركيا، ويقول جنكيز أكتر أستاذ العلوم السياسية في جامعة صبانجي إسطنبول الخاصة (انه ليس من الأشخاص الذين يقولون نعم أخطأت ، وأسلوب دفاعه المفضل هو الهجوم).
وكان أردوغان قال أمام حشد في إقليم مانيسا في غرب تركيا في معرض دفاعه عن حكومته مؤخرا" ( قالوا غازي وحطموا الواجهات ، والآن يقولون فساد ويحطمون الواجهات ، لن تنجح هذه المؤامرات).
لا شك أن فضيحة الفساد الأخيرة ، قد أثرت على شعبية أردوغان وحزبه ( العدالة و التنمية ) ، وأن هذا التأثير السلبي، سوف تظهر نتائجه في الانتخابات القادمة ، في حال بقائه صامدا" حتى موعد الانتخابات ، بيد أن خط الزلازل الذي أصاب أردوغان وحزبه، لن يترك لهما مجالا" للعودة إلى الحكم من جديد ، وقد يكون الذي تواجهه تركيا في هذا الوقت، مقدمة لحكومة رجب طيب أردوغان في الانحدار إلى السقوط ، استكمالا" لسقوط مشروعها (صفر مشاكل) ، ويبقى على أردوغان أن ينسحب من الحكم مبكرا" وواقفا" في آن، قبل أن تتضاعف الضربات الموجعة والموجهة إليه ، وهي ضربات قد تطيح به إلى خارج المشهد السياسي التركي على نحو أبدي!
تعليق