سيرة الأمام الصدر (حوار 13 ) جزء 1
الموضوع : حوار صحفي ـ حاولوا اغتيالي بست وثمانين طلقة رشاش ثقيل لكن الله أنقذني.
المكـان : مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية ـ 27/12/1976
المناسبـة : تأليف حكومة جديدة وبدأ السعي لإيجاد قوة عسكرية تحفظ الأمن في الجنوب.
المقدمـة : كتب فؤاد دعبول:
"... القول بأن "تيار الإمام" انحسر، سابق لأوانه.
لان حركة المحرومين. أي انطلاق الإنسان المحروم لمعالجة حرمانه، هي أكبر من الإمام. ومن الأحداث كلها.."
والشيعة أيضاً، في رأي سماحة الإمام موسى الصدر انتصروا على المحنة لسقوط مخطط تحويل لبنان إلى دولة شيوعية، وخيبة أمل إسرائيل باقتطاع جزء من جنوب لبنان ...
وكشف الإمام الصدر في حوار مع "الأنوار" أن التهديد لا يفارقه منذ عشر سنوات، وان محاولة جرت لاغتياله، فيما كان خلال الأزمة، متوجها بطائرة هليكوبتر من مطار بيروت الدولي إلى صبرا وقال : لقد تعرضت لست وثمانين طلقة رشاش ثقيل، لكن الله أنقذني.
وشمل الحديث مع الإمام الصدر الحكومة الجديدة، واللامركزية. بالنسبة للأولى قال أن أبناء الشيعة كانوا يتوقعون وضعا آخر لتمثيلهم في الوزارة وانهم أحسوا بالمرارة بالنسبة إلى عدد الوزراء والحقائب لكنه استدرك: "الحكومة منسجمة برئيسها وأعضائها وبعيدة عن عقدة التعالي".
أما اللامركزية فإن الإمام الصدر يرفضها حتى ولو كانت إدارية. واقترح أيضاً إنشاء مؤسسة للحوار بديلاً عن الطاولة المستديرة أو المستطيلة.. وقال: خلال شهر واحد تنقل قوات الردع إلى الجنوب أو يكون قد تشكل جيش لبناني، ليأخذ مكانه على الحدود.
بادرني الإمام:
ـ الــنـــص ـ
هل انعقدت جلست الثقة؟
نعم
وفي غياب الأقطاب؟
نعم، لكن نوابهم حضروا.
وكعادته. يستفسر الأمام عن الأسئلة، ليعرضها في ذهنه قبل الإجابة.
قلت: لا أسئلة جاهزة. هناك نقاط للحوار، وبعد ان ذكرتها له.
قال: أنا حاضر. تفضل.
الإمام والتمثيل الشيعي في الحكومة:
س ـ الحكومة شكلت في غيابكم. ما هو موقفكم من التمثيل الشيعي في الحكومة الجديدة؟
وبهدوئه المعهود بدأ الإمام يتكلم:
ج ـ عندما ننظر إلى الوطن ونتذكر محنته التي كانت مستمرة حتى قبل أسابيع، وعندما ننظر إلى المستقبل القريب وشؤون الإغاثة وعودة المهجرين، وإلى المستقبل البعيد وشؤون التنمية والتطوير الاجتماعي السياسي، عندما ننظر إلى هذا وذاك نحس أن المواقف التقليدية تجاه تشكيل الوزارة، ومختلف شؤون المؤسسات، بشكلها الذي هو استمرار للماضي الفاشل، نحس أن المواقف التقليدية هذه هي دون مستوى المسؤوليات الوطنية بكثير، حتى يمكن أن نسميها غباء وتقصيرا في حق الوطن والمواطن. لذلك فان انطباعي أمام الوزارة التي تشكلت يختلف او يوجب ان يختلف عن الانطباعات السابقة.
حكومة بعيدة عن عقدة التعالي:
ويتابع: لقد نظرت إلى الوزارة من زاوية إمكاناتها على تحمل الأعباء ومن زاوية رؤيتها للمستقبل اللبناني واستيعابها للتطورات الهائلة التي تنتظر الشرق الأوسط خلال السنة المقبلة. ولا شك أن الذي يلفت النظر في الوزارة هو انسجامها وانسجام عناصرها مع رئيسها ومع الرئيس سركيس. بالإضافة إلى بعد عناصرها عن عقدة التعالي والاكتفاء بالنفس. ذلك لأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى تضافر الجهود، وبخاصة إلى مشاركة جميع المواطنين بأيديهم أو بألسنتهم أو بأفكارهم في مجابهة المسؤوليات فالعناصر التي تستجيب وتحاور وتتطور هي المناسبة للمرحلة المصيرية الحالية.
الشيعة صدمتهم الحكومة الجديدة:
ويطرق الإمام هنيهة ثم يقول: لا أخفيك أن الأكثرية الساحقة من أبناء طائفتي كانوا يتوقعون وضعا آخر لتمثيلهم في الوزارة، وأنهم أحسوا بمرارة بالنسبة إلى عدد الوزراء والوزارات ونوعيتها. وقد حملت مشاعرهم إلى فخامة الرئيس وزاد من مرارة الإحساس العام أن المنتظر في لبنان بعد الأحداث التي مهد لها غياب العدالة، وبعد استلام رجل القضية الاجتماعية الأستاذ الياس سركيس لمسؤوليات الحكم، إن المنتظر كان تصحيح المعادلات السياسية، سيما وان الحكومات في بعض الأحيان أخذت بعين الإعتبار المتغيرات الديموقراطية في البلاد، ثم أنني اعتبر أبناء الطائفة الاسلامية الشيعية في لبنان، وقياداتهم كانوا في طليعة القوى التي أحبطت المؤامرة الدولية التي اجتاحت لبنان، وانهم اصبحوا سياج الوطن وعموده الفقري في موقعه الحقيقي، الذي يحتفظ للوطن باستقلاله، ووحدته وتمايزه الحضاري، بالإضافة إلى انتمائه القومي وواقعه الجغرافي.
إنني متأكد بأن عهد الرئيس سركيس سيكون عهد العدالة ورعاية الكفاءات ومحاولة إزالة الشعور بالحرمان. لقد عرفته كذلك وأكدت لي لقاءاتي المعدودة معه، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية وهذه الصفة المميزة فيه.
توزير كامل علي احمد ليس تحديا لي :
س ـ كانت مراسيم تشكيل الحكومة تحمل اسم السيد كامل علي احمد، لو تم ذلك، هل كنتم وجدتم فيه تحديا لكم؟
ج ـ إطلاقا، فقد عرفت الأستاذ كامل عل احمد وأخاه المهندس محمد، وغيرهما من شباب هذه العائلة الكريمة، شأنهم شأن شباب النبطية الموهوبين. كما عرفت الكفاءات الهائلة المنتشرة بين أبناء هذه الطائفة والتي ترفع بعض مستوى العبقرية.
ولا يمكن أن يعتبر اختبار أحد شباب هذه الطائفة تحديا لي. فالكل أبنائي وإخواني. إنني لا أؤمن بتصنيف الناس إطلاقا ولا أتصرف على ضوء الانتماءات السياسية ما لم تتعرض القيم الأساسية في حياة المواطن وفي سلوكه للخطر من جراء انتماءاته.
كنت ضد الاتجاه الذي مثله احمد :
س ـ هل يشكل هذا الموقف تطوراً جديداً في تفكيركم ومواقفكم، لقد وقفتم في معركة الانتخابات الفرعية الأخيرة في النبطية إلى جانب الدكتور رفيق شاهين ضد كامل علي احمد؟
ج ـ لا اعتبر هذا تطوراً في الموقف السياسي، فقد كنت وسأبقى لجميع أبناء طائفتي، بل وللبنانيين جميعا، رغم تواضع قدراتي. أما موضوع انتخابات النبطية الفرعية وغيرها، فلا تعني في مفهوم السياسة، تصنيفا وانحيازا وتفضيلا لشخص على آخر. بل إنها كانت تُعبر عن خطة سياسية منهجية كنت اعتبر الجنوب بحاجة إليها في ذلك الوقت. فقد تمثل على الساحة أشخاص مثل كل منهم اتجاه وقد حصل صراع بين تلك الاتجاهات لا الأشخاص، وكان موقف الناس تعبيراً عن إرادتهم القاطعة في التغيير مع الاحتفاظ بالقيم، والالتزام بالتراث.
س ـ هل تعملون الآن، صاحب السماحة، لوحدة الطائفة الشيعية بعد المحنة التي أصابتها خلال الأحداث، حتى مع الذين لهم منطلقات مغايرة لمنطلقاتكم؟
ج ـ من وجهة نظري ليست الطائفة الشيعية في محنة حلت بها دون غيرها من الطوائف اللبنانية الشقيقة، إذا لم تكن في حالة افضل من غيرها. فقد خرجت الشيعة من المحنة منتصرة بانتصار لبنان الواحد وبعدم نجاح منطق التصنيف بين الناس ولا السعي لتحويل لبنان كله أو بعضه إلى دولة شيوعية. كما أنها انتصرت بخيبة إسرائيل في رغبتها بدفن المقاومة الفلسطينية في لبنان وفي تحقيق مطامعها لاقتطاع جزء من لبنان وضمه إليها أو إبقائه بعيداً عن جسم الوطن. لا أقول أن هذه الأهداف كانت خاصة ومحتكرة للطائفة الشيعية، ولكني أقول أن أبناء هذه الطائفة في تضحياتهم الكبيرة الكثيرة كانوا شهداء لبنان، هذا فقط. ولم يكن لديهم أي مكسب أو هدف عنصري أو طائفي أو إقليمي. لقد خاضوا المعارك دفاعاً عن أهداف مقدسة ولم يتجاوزا في إطار توجيه قياداتهم "حتى القسم الذي قادته الأحزاب" السلوك الشريف والصراط المستقيم. وكانوا ينادون الجميع ويناشدونهم من اجل السلام واللقاء والحوار والانتباه للأخطار الآتية من استمرار الحرب. إن معركة الشيعة كانت معركة حسينية، وكانوا شموعا لوطنهم ولأمتهم. وأمام ضحاياهم نقف خاشعين، يملأ الحزن قلوبنا، ولكن لا نشعر بالندم إطلاقا ولا نحس بتوبيخ الضمير.
أما قضية توحيد الطائفة، ففي رأيي كانت هذه الطائفة تحتاج إلى تنسيق بين جميع أبنائها وطاقاتهم. ولا شك أن اليوم ومع جرح الوطن العميق، وبخاصة مع محنة الجنوب القاسية، نشعر بمزيد الحاجة إلى مثل هذا التنسيق.
=يتبع =
الموضوع : حوار صحفي ـ حاولوا اغتيالي بست وثمانين طلقة رشاش ثقيل لكن الله أنقذني.
المكـان : مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية ـ 27/12/1976
المناسبـة : تأليف حكومة جديدة وبدأ السعي لإيجاد قوة عسكرية تحفظ الأمن في الجنوب.
المقدمـة : كتب فؤاد دعبول:
"... القول بأن "تيار الإمام" انحسر، سابق لأوانه.
لان حركة المحرومين. أي انطلاق الإنسان المحروم لمعالجة حرمانه، هي أكبر من الإمام. ومن الأحداث كلها.."
والشيعة أيضاً، في رأي سماحة الإمام موسى الصدر انتصروا على المحنة لسقوط مخطط تحويل لبنان إلى دولة شيوعية، وخيبة أمل إسرائيل باقتطاع جزء من جنوب لبنان ...
وكشف الإمام الصدر في حوار مع "الأنوار" أن التهديد لا يفارقه منذ عشر سنوات، وان محاولة جرت لاغتياله، فيما كان خلال الأزمة، متوجها بطائرة هليكوبتر من مطار بيروت الدولي إلى صبرا وقال : لقد تعرضت لست وثمانين طلقة رشاش ثقيل، لكن الله أنقذني.
وشمل الحديث مع الإمام الصدر الحكومة الجديدة، واللامركزية. بالنسبة للأولى قال أن أبناء الشيعة كانوا يتوقعون وضعا آخر لتمثيلهم في الوزارة وانهم أحسوا بالمرارة بالنسبة إلى عدد الوزراء والحقائب لكنه استدرك: "الحكومة منسجمة برئيسها وأعضائها وبعيدة عن عقدة التعالي".
أما اللامركزية فإن الإمام الصدر يرفضها حتى ولو كانت إدارية. واقترح أيضاً إنشاء مؤسسة للحوار بديلاً عن الطاولة المستديرة أو المستطيلة.. وقال: خلال شهر واحد تنقل قوات الردع إلى الجنوب أو يكون قد تشكل جيش لبناني، ليأخذ مكانه على الحدود.
بادرني الإمام:
ـ الــنـــص ـ
هل انعقدت جلست الثقة؟
نعم
وفي غياب الأقطاب؟
نعم، لكن نوابهم حضروا.
وكعادته. يستفسر الأمام عن الأسئلة، ليعرضها في ذهنه قبل الإجابة.
قلت: لا أسئلة جاهزة. هناك نقاط للحوار، وبعد ان ذكرتها له.
قال: أنا حاضر. تفضل.
الإمام والتمثيل الشيعي في الحكومة:
س ـ الحكومة شكلت في غيابكم. ما هو موقفكم من التمثيل الشيعي في الحكومة الجديدة؟
وبهدوئه المعهود بدأ الإمام يتكلم:
ج ـ عندما ننظر إلى الوطن ونتذكر محنته التي كانت مستمرة حتى قبل أسابيع، وعندما ننظر إلى المستقبل القريب وشؤون الإغاثة وعودة المهجرين، وإلى المستقبل البعيد وشؤون التنمية والتطوير الاجتماعي السياسي، عندما ننظر إلى هذا وذاك نحس أن المواقف التقليدية تجاه تشكيل الوزارة، ومختلف شؤون المؤسسات، بشكلها الذي هو استمرار للماضي الفاشل، نحس أن المواقف التقليدية هذه هي دون مستوى المسؤوليات الوطنية بكثير، حتى يمكن أن نسميها غباء وتقصيرا في حق الوطن والمواطن. لذلك فان انطباعي أمام الوزارة التي تشكلت يختلف او يوجب ان يختلف عن الانطباعات السابقة.
حكومة بعيدة عن عقدة التعالي:
ويتابع: لقد نظرت إلى الوزارة من زاوية إمكاناتها على تحمل الأعباء ومن زاوية رؤيتها للمستقبل اللبناني واستيعابها للتطورات الهائلة التي تنتظر الشرق الأوسط خلال السنة المقبلة. ولا شك أن الذي يلفت النظر في الوزارة هو انسجامها وانسجام عناصرها مع رئيسها ومع الرئيس سركيس. بالإضافة إلى بعد عناصرها عن عقدة التعالي والاكتفاء بالنفس. ذلك لأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى تضافر الجهود، وبخاصة إلى مشاركة جميع المواطنين بأيديهم أو بألسنتهم أو بأفكارهم في مجابهة المسؤوليات فالعناصر التي تستجيب وتحاور وتتطور هي المناسبة للمرحلة المصيرية الحالية.
الشيعة صدمتهم الحكومة الجديدة:
ويطرق الإمام هنيهة ثم يقول: لا أخفيك أن الأكثرية الساحقة من أبناء طائفتي كانوا يتوقعون وضعا آخر لتمثيلهم في الوزارة، وأنهم أحسوا بمرارة بالنسبة إلى عدد الوزراء والوزارات ونوعيتها. وقد حملت مشاعرهم إلى فخامة الرئيس وزاد من مرارة الإحساس العام أن المنتظر في لبنان بعد الأحداث التي مهد لها غياب العدالة، وبعد استلام رجل القضية الاجتماعية الأستاذ الياس سركيس لمسؤوليات الحكم، إن المنتظر كان تصحيح المعادلات السياسية، سيما وان الحكومات في بعض الأحيان أخذت بعين الإعتبار المتغيرات الديموقراطية في البلاد، ثم أنني اعتبر أبناء الطائفة الاسلامية الشيعية في لبنان، وقياداتهم كانوا في طليعة القوى التي أحبطت المؤامرة الدولية التي اجتاحت لبنان، وانهم اصبحوا سياج الوطن وعموده الفقري في موقعه الحقيقي، الذي يحتفظ للوطن باستقلاله، ووحدته وتمايزه الحضاري، بالإضافة إلى انتمائه القومي وواقعه الجغرافي.
إنني متأكد بأن عهد الرئيس سركيس سيكون عهد العدالة ورعاية الكفاءات ومحاولة إزالة الشعور بالحرمان. لقد عرفته كذلك وأكدت لي لقاءاتي المعدودة معه، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية وهذه الصفة المميزة فيه.
توزير كامل علي احمد ليس تحديا لي :
س ـ كانت مراسيم تشكيل الحكومة تحمل اسم السيد كامل علي احمد، لو تم ذلك، هل كنتم وجدتم فيه تحديا لكم؟
ج ـ إطلاقا، فقد عرفت الأستاذ كامل عل احمد وأخاه المهندس محمد، وغيرهما من شباب هذه العائلة الكريمة، شأنهم شأن شباب النبطية الموهوبين. كما عرفت الكفاءات الهائلة المنتشرة بين أبناء هذه الطائفة والتي ترفع بعض مستوى العبقرية.
ولا يمكن أن يعتبر اختبار أحد شباب هذه الطائفة تحديا لي. فالكل أبنائي وإخواني. إنني لا أؤمن بتصنيف الناس إطلاقا ولا أتصرف على ضوء الانتماءات السياسية ما لم تتعرض القيم الأساسية في حياة المواطن وفي سلوكه للخطر من جراء انتماءاته.
كنت ضد الاتجاه الذي مثله احمد :
س ـ هل يشكل هذا الموقف تطوراً جديداً في تفكيركم ومواقفكم، لقد وقفتم في معركة الانتخابات الفرعية الأخيرة في النبطية إلى جانب الدكتور رفيق شاهين ضد كامل علي احمد؟
ج ـ لا اعتبر هذا تطوراً في الموقف السياسي، فقد كنت وسأبقى لجميع أبناء طائفتي، بل وللبنانيين جميعا، رغم تواضع قدراتي. أما موضوع انتخابات النبطية الفرعية وغيرها، فلا تعني في مفهوم السياسة، تصنيفا وانحيازا وتفضيلا لشخص على آخر. بل إنها كانت تُعبر عن خطة سياسية منهجية كنت اعتبر الجنوب بحاجة إليها في ذلك الوقت. فقد تمثل على الساحة أشخاص مثل كل منهم اتجاه وقد حصل صراع بين تلك الاتجاهات لا الأشخاص، وكان موقف الناس تعبيراً عن إرادتهم القاطعة في التغيير مع الاحتفاظ بالقيم، والالتزام بالتراث.
س ـ هل تعملون الآن، صاحب السماحة، لوحدة الطائفة الشيعية بعد المحنة التي أصابتها خلال الأحداث، حتى مع الذين لهم منطلقات مغايرة لمنطلقاتكم؟
ج ـ من وجهة نظري ليست الطائفة الشيعية في محنة حلت بها دون غيرها من الطوائف اللبنانية الشقيقة، إذا لم تكن في حالة افضل من غيرها. فقد خرجت الشيعة من المحنة منتصرة بانتصار لبنان الواحد وبعدم نجاح منطق التصنيف بين الناس ولا السعي لتحويل لبنان كله أو بعضه إلى دولة شيوعية. كما أنها انتصرت بخيبة إسرائيل في رغبتها بدفن المقاومة الفلسطينية في لبنان وفي تحقيق مطامعها لاقتطاع جزء من لبنان وضمه إليها أو إبقائه بعيداً عن جسم الوطن. لا أقول أن هذه الأهداف كانت خاصة ومحتكرة للطائفة الشيعية، ولكني أقول أن أبناء هذه الطائفة في تضحياتهم الكبيرة الكثيرة كانوا شهداء لبنان، هذا فقط. ولم يكن لديهم أي مكسب أو هدف عنصري أو طائفي أو إقليمي. لقد خاضوا المعارك دفاعاً عن أهداف مقدسة ولم يتجاوزا في إطار توجيه قياداتهم "حتى القسم الذي قادته الأحزاب" السلوك الشريف والصراط المستقيم. وكانوا ينادون الجميع ويناشدونهم من اجل السلام واللقاء والحوار والانتباه للأخطار الآتية من استمرار الحرب. إن معركة الشيعة كانت معركة حسينية، وكانوا شموعا لوطنهم ولأمتهم. وأمام ضحاياهم نقف خاشعين، يملأ الحزن قلوبنا، ولكن لا نشعر بالندم إطلاقا ولا نحس بتوبيخ الضمير.
أما قضية توحيد الطائفة، ففي رأيي كانت هذه الطائفة تحتاج إلى تنسيق بين جميع أبنائها وطاقاتهم. ولا شك أن اليوم ومع جرح الوطن العميق، وبخاصة مع محنة الجنوب القاسية، نشعر بمزيد الحاجة إلى مثل هذا التنسيق.
=يتبع =
تعليق