الإكمال في أسماء الرجال - الخطيب التبريزي - ص 19
فصل في الصحابة
* أبو بكر الصديق
هو أبو بكر الصديق ، اسمه عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة ، بضم القاف ابن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة ، وصل بالأب السابع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما سمي عتيقا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أراد أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر ) . ( وله ترجمة في ) ( الطبقات الكبرى ) ( 3 / 169 ) و ( الإستيعاب ) ( 4 / 18 ) ، و ( أسد الغابة ) ( 3 / 309 ) و ( الإصابة ) ( 2 / 333 ) برقم / 4817 و ( تذكرة الحفاظ ) ( 1 / 2 ) و ( العبر ) ( 1 / 16 ) و ( تهذيب التهذيب ) ( 5 / 315 ) برقم / 537 . وله في البخاري اثنان وعشرون حديثا ، وفي مسند أحمد ثمانون حديثا ، وفي ( مشكاة المصابيح ) خمسة عشر حديثا . ما جاء في صنعة إيمانه ، وفي الباب آثار كثيرة فمنها : فما رواه وقد رواه البخاري والمروزي والموصلي وقال الموصلي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ( شركاء خلقوا كخلقه ) أخبرني ليث بن أبي سليم ، عن أبي محمد ، عن حذيفة ، عن أبي بكر أما حضر ذلك من النبي وأما أخبره أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ) قال : قلنا : يا رسول الله ! وهل الشرك إلا ما عبد من دون الله أو ما دعي مع الله ؟ شك عبد الملك قال : ( ثكلتك أمك يا صديق ! الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ) . أخرجه البخاري في ( الأدب المفرد ) ص / 105 باب فضل الدعاء وأبو بكر المروزي في ( مسند أبي بكر ) ص / برقم / 17 - 18 وأبو يعلى في ( المسند ) ( 1 / 61 ) وقد صححه المحقق ناصر الدين الألباني وأخرجه في ( صحيح الجامع الصغير ) ( 1 / 694 ) ح / 3731 وله شاهد من حديث أبي هريرة قال : اجتمع المهاجرون والأنصار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : وعيشك يا رسول الله ! إني لم أسجد لصنم قط فغضب عمر بن الخطاب وقال : تقول : وعيشك يا رسول الله ! إني لم أسجد لصنم قط . وكنت في الجاهلية كذا وكذا ؟ رواه القسطلاني في ( إرشاد الساري ) ( 6 / 187 ) وقال أبو حنيفة النعمان بن ثابت : إيمان إبليس وإيمان أبي بكر الصديق واحد : إسناد صحيح وكذا في ( كتاب السنة ) ( 1 / 219 ) رقم / 371 . وقد روى مالك في ( الموطأ ) ( 2 / 461 ) في الجهاد عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لشهداء أحد : ( هؤلاء أشهد عليهم ) فقال أبو بكر الصديق : ألسنا يا رسول الله ! بإخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا ؟ فقال رسول الله ( ص ) : ( بلى ولكن لا أدر ما تحدثون بعدي ؟ ) وقد جاء في الأحاديث المتواترة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليردن الحوض علي رجال ممن صاحبني ورآني حتى إذا رفعوا إلي رأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولن رب أصحابي أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ؟ إنهم ارتدوا بعدك على القهقري . ( شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها ، ولم يفارقه في جاهلية ولا في الإسلام ، ( ) وهو أول الرجال إسلاما ( ) كان أبيض نحيفا خفيف العارضين معروق الوجه ، غائر العينين ناتئ الجبهة عاري الأشاجع الخضيب بالحناء والكتم . له وولده وولد ولده صحبة ، ولم يجتمع هذا لأحد من الصحابة ) . * ( قول المصنف ) : شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها . وفي هذا الباب أحاديث كثيرة منها : وقال أبو داود الطيالسي وأبو بكر البزار في مسانيدهما ، حدثنا الفضل بن سهل قال : نا شبابة بن سوار ، قال : نا إسحاق بن يحيى بن طلحة ، قال : حدثني عيسى بن طلحة ، عن عائشة قالت : حدث أبي قال : ( لما انصرف الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كنت أو من فاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية : ( كنت أول من جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . ( مسند الطيالسي ) ص / ح / و ( البحر الزخار المعروف بمسند البزار ) ( 1 / 132 ، 186 ) والحافظ ابن كثير في ( تفسير القرآن ) ( 1 / 410 ) .
وقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم والطبراني وغيرهم - وقال ابن أبي شيبة : حدثنا علي بن هاشم ، قال : حدثنا ابن أبي ليلى ، عن المنهال والحكم و عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال علي كرم الله وجهه : ما كنت معنا يا أبا ليلى بخيبر ؟ قلت : بلى والله لقد كنت معكم ، قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتى رجع إليه وبعث عمر فانهزم بالناس حتى انتهى إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله له وليس بفرار ) . وكذا في ( المصنف ) ( 14 / 464 ، 469 ) ح / 18729 - وأخرجه الحاكم في ( المستدرك ) ( 3 / 37 ) وصححه الحاكم والذهبي أيضا . قوله : هو أول الرجال إسلاما ، وفيه نظر : وقال الحافظ ابن عبد البر في ( الإستيعاب ) ( 3 / 31 ) : ولا شك أن عليا كرم الله وجهه عندنا أولهما إسلاما ، وقال الحافظ ابن حجر : في ( الإصابة ) ( 2 / 501 ) : ( أول الناس إسلاما علي في قول كثير من أهل العلم ) وفي هذا الباب جماعة من الصحابة ، منهم سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد وجابر بن عبد الله وابن عباس وأبو سعيد الخدري وزيد بن أرقم وأنس بن مالك وسعد بن أبي وقاص وعلي بن أبي طالب وأم سلمة ، وفي حديث علي كرم الله وجهه يقول : ( أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر ) أخرجه الدينوري وابن جرير ، وقد أخرج أبو جعفر الطبري : حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا كنانة بن جبلة ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج ابن حجاج ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن محمد بن سعد قال : قلت لأبي : أكان أبو بكر أولكم إسلاما ؟ فقال : لا ، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين . قاله في ( تاريخه ) ( 1 / 540 ) وسيأتي بيانه في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إن شاء الله . ما ورد في حلمه ، وفي هذا الباب أحاديث كثيرة منها ما رواه الحافظ ابن كثير في ( تفسير القرآن ) ( 2 / 102 ) قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا
أبو نعيم الفضل بن وكين ، حدثنا ابن برقان ، عن ميمون بن مهران أن أعرابيا أتى أبا بكر فقال : قتلت صيدا وأنا محرم فما ترى علي من الجزاء ؟ فقال أبو
بكر لأبي بن كعب وهو جالس عنده : ما ترى فيها ؟ فقال الأعرابي : ( أتيتك وأنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسألك فإذا أنت تسأل غيرك ؟ فقال
( كان مولده بمكة بعد الفيل بسنتين وأربعة أشهر إلا أياما ، ومات بالمدينة ليلة الثلاثاء لثمان بقين من
جمادي الأخرى سنة ثلاث عشرة بين المغرب والعشاء ، وله ثلاث وستون سنة .
وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس ، فغسلته وصلى عليه عمر بن الخطاب ، وكانت خلافته سنتين ، و أربعة أشهر ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين ، ولم يرو عنه من الحديث إلا القليل لقلة مدته بعد النبي صلى الله عليه وسلم ) .
فقال أبو بكر : وما تنكر ) ( إسناده جيد مع انقطاعه والحديث صحيح لشواهده منها ما رواه مالك وأحمد والترمذي وغيرهم عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال :
جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها فقال لها أبو بكر : مالك في كتاب الله شئ وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ؟ فارجعي حتى أسأل الناس
سأل الناس فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس . . . واللفظ لمالك أخرجه في ( الموطأ ) ( 2 / 513 )
وقد أخرج ابن أبي شيبة في ( المصنف ) ( 14 / 568 ) ح / 8892 ، حدثنا عبد الله بن نمير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن أبا بكر وعمر لم يشهدا
دفن النبي صلى الله عليه وسلم وكانا في الأنصار فدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرجعا ) والخبر صحيح مع إرساله وله شاهد من حديث أبي ذؤيب وعلي بن أبي طالب
ما قال عند وفاته :
وأخرج ابن جرير الطبري والطبراني عن عبد الرحمن بن عوف قال أبو بكر في مرضه الذي توفي فيه : أجل إني لا آسى على شئ من الدنيا
إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن ، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما الثلاث اللاتي
وددت أني تركتهن ، ( فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شئ ؤ ) وإن كانوا قد غلقوه على الحرب
والخبر صحيح ، وصححه ، وقال الطرابلسي في فضائل الصحابة : أنه حديث حسن . كذا في ( منتخب كنز العمال ) ( 2 / 172)...انتهى
تعليق