سيرة الأمام الصدر (حوار صحفي 7 )
الموضوع : حوار صحفي ـ أيها الجنوب! لما أنت تهمنا؟
المكـان : بيروت ـ 12/3/1972
المناسبـة : تكاثر الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب خاصة منطقة العرقوب وليس من يبدي الاهتمام الكافي على صعيد الدولة والهيئات والمواطنين .
المقدمـة : كتبت أنيسة طبارة
الجنوب، حديث الصحف، هو حديث ثانوي بالنسبة إلى بعض الفئات في لبنان.
من هي هذه الفئات؟
إنها سكان المدينة. فخلال إحتلال إسرائيل لأرضنا لم يتوقف العمل في الملاهي ولا السينمات ولا المقاهي، إبن المدينة الذي تعود إرتياد هذه الأماكن لم يغير عادته خلال العدوان، ومارس هواياته كأن لا شيء يحدث على الحدود. ما سبب ردة الفعل الباردة هذه عند معظم سكان المدينة؟
يمر أسبوع وينسى الناس ما جرى ويرتاح المسؤولون.. ولكن لماذا ينسى الناس بسرعة؟ هل لأنهم تعبوا من الكلام؟ أم أن إحساسهم تبلد؟ أم أنهم سلموا أمرهم "لله" وحده لأن تسليم أمرهم للمسؤولين يعيدهم دائماً إلى نقطة البداية؟
أسئلة حملتها إلى بعض المهتمين. الأسئلة هي:
1 ـ ما هو تفسيرك لردة الفعل الباردة عند أغلب اللبنانيين تجاه أي عدوان يحصل على الحدود وتجاه العدوان الأخير على العرقوب خاصة؟
2 ـ ما هو رأيك واجب السلطة لتهيئة اللبناني كي يصبح مواطناً يشعر بمعني الأرض ومعنى الوطن؟
3 ـ هل تعتقد أن كون الجنوب منطقة فقيرة لعب دوراً في اللامبالاة العامة حياله؟
وكانت هذه هي الأجوبة:
ـ الــنـــص ـ
1 ـ إنني أحب أن أنفي هذا السؤال لأنه إذا كان الجواب إيجابياً فهو يدل على أثار خطيرة وسلبية وعلى ضعف الروح الوطنية عند اللبنانيين، الأمر الذي لا أقره. إنما يكون العدوان على الجار فيحدث في نفس المواطن ألف حساب فيكف إذا حصل العدوان على منطقة عزيزة؟
لا شك أن الطائفية والأقليمية والحزبية بأشكالها المختلفة أثرت في التماسك والتحسس السريع عند اللبنانيين ولكني أعتقد أن الشعب اللبناني ينقصه في هذه الفترة وفي كل فترة عنصر التحسس.
والذي أراه أن المواطن العادي تحسس بالمحنة لكنه لم يتمكن من التعبير عن إحساسه، ولم يعرف واجبه تجاه هذه المشكلة، فكان على القادة أن يطلبوا خدمة معينة من المواطن.
إن المشكلة عندنا في منتهى التعقيد تتضافر عليها عناصر متنوعة وتتأثر بالسياسات الوطنية والمحلية والعالمية لذلك فالمواطن إذا لم يعرف واجبه التفصيلي فهو على حق. والذي يؤكد ما قلت هو أن المواطنين في الإعتداء السابق عندما أدى إلى كثافة النزوح سنة 1970 فطلب إليهم الإضراب العام لبوا الطلب بعفوية وشمول لا مثيل لهما. وهذا يدل على أن المواطن اللبناني عندما يدعى لتحمل مسؤولياته لا يقصر إطلاقاً.
2 ـ لقد سبق وذكرت في مناسبات عدة أننا في لبنان في حاجة إلى التجنيد الإجباري وخلق مجتمع جد لا مجتمع الترف واللهو، وهذا يحتاج إلى تدابير ثقافية وإعلامية وأخلاقية.
أما الشعور بمعنى الأرض والوطن فأنه موجود يحتاج إلى تنمية وإبراز، وهذا يحصل عن طريق العدالة الإجتماعية وإشعار المواطن بأنه متمتع بوطنه عزيز في أرضه وليس مواطناً من الدرجة الثانية.
وقد تستغربين إذا قلت أنني ناديت في بعض المحاضرات بإلغاء الطائفية مع العلم أنني أؤمن بأن تعدد الطوائف خير للبنان، بل هو ميزة لبنان الأولى، ومع ذلك فأني أعتقد أن النظام الطائفي فشل في تأمين العدالة الإجتماعية.
إن المواطن اللبناني لا يطلب من المسؤولين إبداع المعجزات فهو شاعر بالصعوبات ولكنه يرفض التمييز بين المناطق والفئات والمواطنين.
فإذا تأمن له ذلك ثم أخرجناه بخدمة العلم من حياة اللهو والإهمال والترف، فقد صنعنا مواطناً يستأهل أن يكون بلده لبنان، وطن الجمال والجلال، بلد السيف والعلم.
3 ـ إن الجنوب، بعكس ما ورد في السؤال، أغني مناطق لبنان من الناحية الزراعية (أرض و مياه) ومن الناحية السياحية والأثرية، وحتى من الناحية البشرية لا ينقص الجنوب شيء.
ولعلك تقصدين بفقر المنطقة عدم العمران. هذا حق. ولكن ألا ترين أن المنطقة التي تقدم أكبر قسط للخزينة اللبنانية وللدخل القومي لا تكلفها ما تكلف المناطق الأخرى.
إن الألم في نفس الجنوبيين أعمق مما يتصور ولكنهم لا يملكون في الوقت الحاضر عنصر التغيير. أرجو أن تتوافر خدمات ومساعٍ رسمية لكي يكون التغيير إيجابياً يزيد في نشاطات المواطنين وغزة الوطن.
الموضوع : حوار صحفي ـ أيها الجنوب! لما أنت تهمنا؟
المكـان : بيروت ـ 12/3/1972
المناسبـة : تكاثر الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب خاصة منطقة العرقوب وليس من يبدي الاهتمام الكافي على صعيد الدولة والهيئات والمواطنين .
المقدمـة : كتبت أنيسة طبارة
الجنوب، حديث الصحف، هو حديث ثانوي بالنسبة إلى بعض الفئات في لبنان.
من هي هذه الفئات؟
إنها سكان المدينة. فخلال إحتلال إسرائيل لأرضنا لم يتوقف العمل في الملاهي ولا السينمات ولا المقاهي، إبن المدينة الذي تعود إرتياد هذه الأماكن لم يغير عادته خلال العدوان، ومارس هواياته كأن لا شيء يحدث على الحدود. ما سبب ردة الفعل الباردة هذه عند معظم سكان المدينة؟
يمر أسبوع وينسى الناس ما جرى ويرتاح المسؤولون.. ولكن لماذا ينسى الناس بسرعة؟ هل لأنهم تعبوا من الكلام؟ أم أن إحساسهم تبلد؟ أم أنهم سلموا أمرهم "لله" وحده لأن تسليم أمرهم للمسؤولين يعيدهم دائماً إلى نقطة البداية؟
أسئلة حملتها إلى بعض المهتمين. الأسئلة هي:
1 ـ ما هو تفسيرك لردة الفعل الباردة عند أغلب اللبنانيين تجاه أي عدوان يحصل على الحدود وتجاه العدوان الأخير على العرقوب خاصة؟
2 ـ ما هو رأيك واجب السلطة لتهيئة اللبناني كي يصبح مواطناً يشعر بمعني الأرض ومعنى الوطن؟
3 ـ هل تعتقد أن كون الجنوب منطقة فقيرة لعب دوراً في اللامبالاة العامة حياله؟
وكانت هذه هي الأجوبة:
ـ الــنـــص ـ
1 ـ إنني أحب أن أنفي هذا السؤال لأنه إذا كان الجواب إيجابياً فهو يدل على أثار خطيرة وسلبية وعلى ضعف الروح الوطنية عند اللبنانيين، الأمر الذي لا أقره. إنما يكون العدوان على الجار فيحدث في نفس المواطن ألف حساب فيكف إذا حصل العدوان على منطقة عزيزة؟
لا شك أن الطائفية والأقليمية والحزبية بأشكالها المختلفة أثرت في التماسك والتحسس السريع عند اللبنانيين ولكني أعتقد أن الشعب اللبناني ينقصه في هذه الفترة وفي كل فترة عنصر التحسس.
والذي أراه أن المواطن العادي تحسس بالمحنة لكنه لم يتمكن من التعبير عن إحساسه، ولم يعرف واجبه تجاه هذه المشكلة، فكان على القادة أن يطلبوا خدمة معينة من المواطن.
إن المشكلة عندنا في منتهى التعقيد تتضافر عليها عناصر متنوعة وتتأثر بالسياسات الوطنية والمحلية والعالمية لذلك فالمواطن إذا لم يعرف واجبه التفصيلي فهو على حق. والذي يؤكد ما قلت هو أن المواطنين في الإعتداء السابق عندما أدى إلى كثافة النزوح سنة 1970 فطلب إليهم الإضراب العام لبوا الطلب بعفوية وشمول لا مثيل لهما. وهذا يدل على أن المواطن اللبناني عندما يدعى لتحمل مسؤولياته لا يقصر إطلاقاً.
2 ـ لقد سبق وذكرت في مناسبات عدة أننا في لبنان في حاجة إلى التجنيد الإجباري وخلق مجتمع جد لا مجتمع الترف واللهو، وهذا يحتاج إلى تدابير ثقافية وإعلامية وأخلاقية.
أما الشعور بمعنى الأرض والوطن فأنه موجود يحتاج إلى تنمية وإبراز، وهذا يحصل عن طريق العدالة الإجتماعية وإشعار المواطن بأنه متمتع بوطنه عزيز في أرضه وليس مواطناً من الدرجة الثانية.
وقد تستغربين إذا قلت أنني ناديت في بعض المحاضرات بإلغاء الطائفية مع العلم أنني أؤمن بأن تعدد الطوائف خير للبنان، بل هو ميزة لبنان الأولى، ومع ذلك فأني أعتقد أن النظام الطائفي فشل في تأمين العدالة الإجتماعية.
إن المواطن اللبناني لا يطلب من المسؤولين إبداع المعجزات فهو شاعر بالصعوبات ولكنه يرفض التمييز بين المناطق والفئات والمواطنين.
فإذا تأمن له ذلك ثم أخرجناه بخدمة العلم من حياة اللهو والإهمال والترف، فقد صنعنا مواطناً يستأهل أن يكون بلده لبنان، وطن الجمال والجلال، بلد السيف والعلم.
3 ـ إن الجنوب، بعكس ما ورد في السؤال، أغني مناطق لبنان من الناحية الزراعية (أرض و مياه) ومن الناحية السياحية والأثرية، وحتى من الناحية البشرية لا ينقص الجنوب شيء.
ولعلك تقصدين بفقر المنطقة عدم العمران. هذا حق. ولكن ألا ترين أن المنطقة التي تقدم أكبر قسط للخزينة اللبنانية وللدخل القومي لا تكلفها ما تكلف المناطق الأخرى.
إن الألم في نفس الجنوبيين أعمق مما يتصور ولكنهم لا يملكون في الوقت الحاضر عنصر التغيير. أرجو أن تتوافر خدمات ومساعٍ رسمية لكي يكون التغيير إيجابياً يزيد في نشاطات المواطنين وغزة الوطن.
تعليق