* سوريا... معركة الجبهات العشر

حسن عليق - الاخبار
للمرة الأولى منذ بداية الحرب، يشنّ الجيش السوري حملات هجومية على أكثر من 10 جبهات، دفعة واحدة. الهدف الأوّلي: جسر الشغور، وطريق دمشق ــ حماه ــ حلب. ليست الطائرات الروسية وحدها ما أمّن هذه الاندفاعة. ثمة إعداد برّي بدأ من «الصمود الاستراتيجي» في الجنوب، وتأسيس «الفيلق الرابع».
في حزيران الماضي، خسر الجيش السوري السيطرة على مقر «اللواء 52» في ريف درعا الشمالي الشرقي. هذا التقدم الناجح لمقاتلي المعارضة في الجبهة الجنوبية، توّج سلسلة من الخسائر مُني بها الجيش والقوى الرديفة له في بصرى الشام وتدمر، وفي محافظة إدلب. حينذاك، باتت المعارضة تتصرّف كما لو أنها تقترب من حسم الحرب، من خلال الإطباق على العاصمة دمشق، وعلى محافظات حماه واللاذقية وطرطوس.
بعض مؤيدي المعارضين السوريين كانوا يتندّرون بالترويج لتسيير رحلات جوية من مطار الثعلة (شمال شرق درعا) إلى مطار دمشق الدولي. كانت الجماعات المسلحة تهاجم مطار الثعلة، المحاذي لمحافظة السويداء. لكن قادة الجيش السوري والقوى الرديفة له، في الجنوب السوري، كانوا يفاجئون سائليهم عن الاوضاع في ميدان معركتهم. ففي أجوبتهم، أظهروا في ذلك الحين طمأنينة إلى نتيجة المعارك، تُربك المتلقي، وتخيفه أحياناً، إذ يحسبها ثقة مبالغاً بها. كان أحد أبرز هؤلاء القادة يقول إن «معركتنا اليوم في الجنوب دفاعية. والمسلحون تلقّوا دعماً كبيراً من غرفة عمليات الـ«موك» (الأميركية ــ الفرنسية ــ البريطانية ــ السعودية ــ الأردنية... في عمّان)، ليشنوا هجمات كبرى على مختلف محاور القتال. وكان الهدفان الرئيسيان المرسومان للمسلحين، السيطرة على مدينة درعا وعلى الطريق الذي يصلها بدمشق». وكان القائد العسكري البارز يقول بثقة: «خطوطنا الدفاعية متينة ولن يتمكنوا من اختراقها، لا في درعا، ولا على طول الأوتوستراد». وكان يضيف رداً على أسئلة صحافيين: «في هذه المرحلة، لن نُهاجم. آخر عملياتنا الهجومية في الجنوب كانت في شباط، وحققنا حينذاك الهدف المطلوب، أي إقامة «خط مانع» يحول دون تقدّم المسلحين نحو الريف الجنوبي للعاصمة. أما اليوم، فليس المطلوب سوى الصمود، وامتصاص هجمات المسلحين. وبعد أن يفشل المسلحون، يمكننا الهجوم من جديد».
بالفعل، مضت الأشهر الثلاثة التي شنّ مسلحو الجبهة الجنوبية خلالها خمس هجمات على مدينة درعا، وخاضوا عدداً من المعارك في مناطق متفرقة من الجنوب السوري، من دون أن يتمكنوا من إحراز أي تقدم يُذكر. فشلت الهجمات جميعها، وكانت نتيجتها القضاء على جزء كبير من قوة الاقتحام الرئيسية في المجموعات المعارضة. وخلال الأيام الماضية، شنّ الجيش هجمات أدّت إلى سيطرته على حي المنشية، جنوبي مدينة درعا، وأقرب أحيائها إلى الحدود الأردنية. ثم تقدّم في محيط مدينة الشيخ مسكين (شمالي درعا) القريبة من طريق دمشق ــ عمّان.
وفي القنيطرة، كان الأمر مشابهاً. حقق المسلحون خروقات خلال الأشهر الماضية، لكن جنود الجيش والقوى الرديفة له صمدوا، واستعادوا معظم ما خسروه.
حال المنطقة الجنوبية لا تشبه ما جرى في الشمال. حصل انهيار في محافظة إدلب، من دون أن يعني ذلك أن القادة العسكريين فقدوا الثقة بما يجري إعداده للأيام الآتية. كانوا يقرّون بصعوبة الأوضاع، وقلة العديد. لكنهم كانوا في الوقت عينه يؤكدون أن ما حققه المسلحون ابتداءً من آذار الماضي لن يستمر، وأن ثمة ما يجري الإعداد له، كمفاجأة ستؤدي إلى قلب الطاولة في وجه المسلحين وداعميهم. لم يكن أحد يلمّح إلى فكرة التدخل الروسي المباشر. تبيّن لاحقاً أن المفاوضات بين دمشق وموسكو وطهران كانت تجرى بسرية تامة، في موازاة قيام الجيش السوري بعمليات تجنيد واسعة لمجموعات خاصة من المقاتلين، حملت لاحقاً تسمية «الفيلق الرابع اقتحام». الفارون من الجيش، والمتخلفون عن الخدمة، ومن يرغبون في القتال حصراً في مدنهم وقراهم، والراغبون في أن يتطوعوا للقتال في صفوف الجيش في الصفوف الأمامية، جميعهم تم وضع آليات لاستيعابهم. وأضيف إلى ذلك حلّ عدد من المشكلات التي عانى منها الجيش، في أحيان متفرقة من الحرب، كانخفاض مخزون أنواع محددة من الذخائر والأسلحة. أتت الطائرات الروسية لتحمل جزءاً من العبء غير المسبوق الذي ألقي على عاتق الطيارين السوريين وطائراتهم وأطقم صيانتها، مع ما تحتاج إليه من قطع غيار وتكاليف صيانة ووقود. هذا قبل الحديث عن الفارق الكبير في مستوى التطور بين طائرات سلاح الجو السوري ومثيلاتها لدى سلاح الجو الروسي.
الغارات الروسية أمّنت سلاح جو نوعياً للجيش السوري الذي كان يعدّ، برّاً، لعمليات بأساليب جديدة. وهنا يجدر التوقف عند أمرين:
أولاً، أن الجيش السوري والقوى الرديفة له، وبعد «الصمود الاستراتيجي» في الجنوب، تمكنوا من استعادة المبادرة الهجومية، في محافظتي درعا والقنيطرة، حيث لا طائرات روسية تغطي لهم الاجواء.
الثاني، أن جبهة الشمال، الأوسع من تلك الجنوبية، وحيث ثقل جماعات تنظيم «القاعدة» وحلفائه، احتاجت إلى غطاء جوي لعملية ينفذها الجيش وحلفاؤه بصورة لم يعتدها المسلحون. فالعمليات العسكرية الهجومية تشمل اليوم أكثر من 10 محاور قتال رئيسية:
اللاذقية؛ سهل الغاب؛ محور مورك ــ كفرزيتا ــ خان شيخون وكفرنبودة في ريف حماه الشمالي؛ ريف حلب الجنوبي الغربي؛ ريف حلب الشمالي؛ ريف حلب الشرقي، محور السفيرة ــ كويرس في مواجهة «داعش». وللمرة الأولى،
يخوض الجيش هذا العدد الكبير من المعارك دفعة واحدة، مضافاً إليها شنّه لهجمات في ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية، إضافة إلى محاور القتال الثلاثة في درعا والقنيطرة. يجري ذلك في ظل استمرار المعركة الدفاعية التي تُفشل غزوات «داعش» على مطار دير الزور ومحيطه.
في شباط الماضي، سعى الجيش إلى فتح عدد من الجبهات في آن واحد، في اللاذقية وريف حلب الشمالي وعند مثلث القنيطرة ــ درعا ريف ــ دمشق، مضيفاً إليها جبهة إشغال قرب سهل الروج في إدلب. حقّق تقدماً جزئياً في الجبهتين الاولى والثانية، ونفّذ مخططه كاملاً في الثالثة. لكن مستوى جاهزية القوات، وعدم القدرة على فتح جبهات إضافية، لم يسمحا بتحقيق المزيد من التقدم. وبعد امتصاص زخم المسلحين في الجنوب، والتراجع في تدمر وإدلب، عاد الجيش إلى العمل وفق أسلوب الجبهات المتعددة، على نطاق أوسع، وبصورة أكثر فعالية. ويؤدي هذا الأسلوب إلى تشتيت قوات المسلحين، وخاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهها سلاح الجو الروسي لمخازن أسلحتهم ومعسكراتهم ومقارهم وطرق إمدادهم.
عمليات الشمال ترمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف في المرحلة الاولى: استعادة السيطرة على جسر الشغور، استعادة طريق حماه ــ حلب، وتوسيع رقعة سيطرة الجيش في ريف حلب الشرقي على حساب تنظيم «داعش» (بما في ذلك فك الحصار عن مطار كويرس المحاصر من قبل التنظيم). وتحقيق هذه الأهداف سيتم مع مقدماته الميدانية، ومع ما يستتبعه (مثلاً، يجري العمل لتحرير مناطق في ريفي اللاذقية وحماه تمهيداً للوصول إلى جسر الشغور. وفي حال تحقيق هذا الهدف، سيضطر الجيش إلى تأمين مناطق محيطة بالجسر لمنع تكرار سيطرة المسلحين عليها).
في أرض المعركة، تتفاوت قدرات المسلحين الدفاعية. في بعض المواقع، انهارت مجموعات مسلحة وفرّت من أرض المعركة، بحسب مصادر عسكرية ميدانية. أما بعض المجموعات، فتقاتل بشراسة، آخذة في عين الاعتبار أنها ستخسر مناطق لن يكون في مقدورها استعادتها، وأن للمعارك نتائج سياسية مباشرة، يعي خطورَتها رعاةُ المسلحين.
في المقلب السوري الرسمي، لم يكن فتح هذه الجبهات مغامرة غير محسوبة العواقب. تؤكد مصادر مطلعة على ما يدور في دمشق ومع القوى الحليفة، أن الروس والسوريين والإيرانيين وحلفاءهم، يتوقعون أن تقدم الدول الراعية للمسلحين كل الدعم الممكن لهم. لكن الجيش وحلفاءه يأخذون هذا الأمر في الحسبان، ويرون أنه لن يشكل عائقاً يحول دون التقدم في إدلب وحلب. كذلك فإن بعض دوائر القرار تراهن على ما سينتجه التقدم، من دفع للمصالحات، وخاصة في أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة. وبحسب مصادر سورية، وأخرى أممية، جرى تنشيط قنوات التواصل بين وجهاء عدد من البلدات ولجان المصالحة في ريفي دمشق ودرعا خلال الأيام الماضية، من دون أن يعني ذلك حتمية تحقيق التسويات المطلوبة سريعاً.
خلاصة الأمر أن المعارك الدائرة في الشمال السوري أظهرت جيشاً سورياً بدماء جديدة، قادراً على الخروج من المراوحة الدفاعية في الجنوب، ومن حالة التراجع في الشمال، لخوض أكثر من 10 هجمات كبرى دفعة واحدة.
***
* "عاصفة السوخوي" تفرض معادلة جديدة على المسلحين

عبد الله سليمان علي / السفير
لا يزال أداء الفصائل المسلحة، على اختلاف انتماءاتها وارتباطاتها، ضد "عاصفة السوخوي" الروسية، يتسم بالتلقائية والعشوائية وبالافتقار إلى إستراتيجية محددة، واضحة المعالم.
والسبب الرئيس لذلك، هو أن هذه الفصائل باتت ضائعة بين ضرورة الاستجابة للتحديات الميدانية التي يفرضها الجيش السوري عبر إشعاله المتتالي لجبهات قتالية واسعة، والتعاطي يوماً فيوم مع ما يستجد جراء ذلك من تطورات متلاحقة بحسب إمكاناتها المتاحة، وبين الأوامر والتوجيهات التي ترسلها جهات إقليمية فاعلة، وضعت كل ثقلها لإفشال التدخل الروسي ومنعه من تحقيق أهدافه من دون أن تأخذ بالاعتبار طبيعة التحديات الميدانية اليومية، ولا حجم التناقضات بين الفصائل التي تراكمت على مدى العامين المنصرمين لتتحول إلى جبل ضخم ليس من السهل تجاوزه.
وما زالت الخلافات بين الفصائل تعرقل إطلاق «غزوة حماه» التي توعّد بها «جيش الفتح»، الأسبوع الماضي، مهدداً باقتحام المحافظة الآمنة ردّاً على «الغزو الروسي». ومن الواضح أن حلّ هذه الخلافات ليس من السهولة بمكان. فمن جهة هناك عدد من الفصائل، وبطبيعة الحال دول داعمة تقف وراءها، ترفض التوجه نحو حماه بذريعة وجود عشرات الآلاف من المدنيين والمهجّرين فيها، وتدفع نحو التوجه إلى حلب باعتبارها عاصمة الشمال ومركز ثقل اقتصادي وسياسي مهم. ومن جهة ثانية، برز موقف «جند الأقصى»، وهو أحد مكونات «جيش الفتح»، الرافض لما جاء في بيان الإعلان عن «غزوة حماه» لجهة محاربة كل من يعترض طريق «الغزوة» بما فيهم تنظيم «داعش»، لأن «جند الأقصى» لا تزال متمسكة بموقفها المبدئي الرافض للدخول في أي قتال مع الأخير. وفي هذا السياق، علمت «السفير» بوجود مفاوضات يقودها الشيخ السعودي عبدالله المحيسني تهدف إلى إقناع «جند الأقصى» بالمشاركة في «غزوة حماه» وفق صيغ مقبولة. ومن الصيغ التي عُرضت لحل المشكلة، أن تشارك «جند الأقصى» في العملية من دون أن تكون ملزمة بقتال «داعش» حتى لو اعترض الطريق، أو أن تتولى القتال في قطاع بعيد عن متناول «داعش» مثل سهل الغاب. ولم تصل هذه المفاوضات إلى أي نتيجة حتى الآن.
وفي غمرة الانهماك للتحضير استعداداً لـ «غزوة حماه»، تسربت أنباء عن ضغوط تمارسها جهات إقليمية فاعلة، على رأسها السعودية وتركيا وقطر، لدفع الفصائل الكبرى إلى التوحد في ما بينها وتشكيل «جسم سياسي وعسكري موحد» تحت مسمى «هيئة التحرير الوطنية»، يتولى مهمة مواجهة التدخل الروسي والتصدي لتداعياته العسكرية والسياسية.
وتحدثت مصادر إعلامية معارضة عن «اجتماعات مُكثَّفة بين ممثلي الفصائل ودول إقليمية جرت في تركيا من أجل تبادل الآراء بخصوص هيئة التحرير الوطنية» والتي تضع في أولوياتها مجابهة ما أسمته «العدوان الروسي والإيراني». وشارك في هذه الاجتماعات ممثلون عن «أحرار الشام» و «جيش الإسلام» و «فيلق الشام» وفصائل أخرى باستثناء «جبهة النصرة». ومن الواضح أن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة خلق «الجبهة الإسلامية» التي تعرضت للتفكك، منتصف العام الماضي، نتيجة الخلافات بين «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» واختلاف أجندة الدول الداعمة لكل منهما.
وثمة تحديات كبيرة من شأنها أن تجهض مثل هذه المحاولة، حتى ولو كانت تقف وراءها أبرز الدول الداعمة والمؤثرة. وقد انعكست هذه التحديات في التحفّظ الذي أبدته «حركة أحرار الشام» على التشكيل الجديد، وإبداء عدم رغبتها في الانخراط مرة ثانية بمثل هذه التجارب الفاشلة، كما قال لـ «السفير» مصدر مقرب من الحركة. ويتخوّف بعض قادة «أحرار الشام» أن يؤدي التشكيل الجديد إلى إطاحة تجربة «جيش الفتح» الناجحة مقابل تجربة غير محسوبة النتائج، وأن يؤدي كذلك إلى تصعيد الخلاف بين حركتهم وبين «جبهة النصرة».
وتشهد أوساط «أحرار الشام» انقساماً واسعاً حول الفكرة، فبينما يؤيدها الجناح السياسي، فإن الجناح العسكري، بقيادة أبو صالح طحان المحسوب على التيار «القاعدي»، يرفضها بشدة. كما أن «لواء الحق» المعروف بمواقفه المتشددة تجاه أي مسعى سياسي، أبلغ قيادة الحركة اعتراضه على الفكرة وعدم موافقته على المشاركة فيها. ويُعتبر «لواء الحق» من الألوية الكبيرة والمؤسسة لـ «أحرار الشام».
وبحسب مصدر إعلامي مقرب من «جيش الإسلام» فإنه من الممكن أن يتم الاكتفاء بتشكيل «غرفة عمليات موحدة» في حال قبلت «أحرار الشام» بذلك، مع تذكيره بأن الحركة سبق لها الانسحاب من «غرفة عمليات دمشق الكبرى» منتصف العام 2013، بعد أسبوع واحد من تشكيلها فقط، وكان من أسباب هذا الانسحاب عدم موافقة «أحرار الشام» على ما أسمته «إملاءات بعض الداعمين الكويتيين».
في غضون ذلك، تستمر المنافسة بين الفصائل الإسلامية على اكتساب المزيد من «البيعات» لتقوية نفوذها وتأمين الغلبة لنفسها في أي تحالف قد يُفرض من الخارج، حيث جرى الإعلان عن الاندماج بين «ألوية توحيد العاصمة» وبين «أحرار الشام» الأمر الذي يعطي الأخيرة زخماً جديداً في ريف العاصمة بعد أن كادت تفقد أي تواجد لها بعد خسارة الزبداني. ولكن تعرضت الحركة لنكسة تمثلت بتراجع «جيش المسلمين» في القابون عن «بيعته» لها قبل حوالي شهرين.
في المقابل، أعلن عن الاندماج بين «جيش الاسلام» وبين «فيلق الرحمن» بقيادة عبدالناصر شمير. ويعتبر «فيلق الرحمن» أحد أكبر الفصائل في الغوطة الشرقية، وقد يكون تصاعد الخلافات بينه وبين «جبهة النصرة» مؤخراً من الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ خطوة الاندماج.
«أحرار الشام»: تجنيس المهاجرين
في سياق منفصل، وفي خطوة قد لا تبدو بعيدة عن تأثيرات التدخل الروسي، غازلت «حركة أحرار الشام» «المقاتلين الأجانب» وعرضت عليهم مجموعة من الإغراءات، فيما يبدو وكأنه محاولة من الحركة لجذب هؤلاء إليها، أو على الأقل لتشجيعهم على القتال ضد الروس مقابل تأمين بعض الامتيازات لهم. وذلك بعد بيان صدر، الشهر الماضي، أكدت فيه الحركة على هويتها «السورية».
وقال عضو مجلس شورى «أحرار الشام» أبو عزام الأنصاري في مغازلة واضحة لمن أسماهم «المهاجرين»، وذلك في تغريدات له على حسابه الرسمي على «تويتر»، إن «المهاجر الصادق بضعة من جسدنا وقطعة من روحنا. نصرونا وما زالوا، وكانوا في الخطوط الأولى ولم يقيلوا، فلله درهم».
وللمرة الأولى يطرح قيادي في الحركة خطة متكاملة لمعالجة «ملف المهاجرين» بعد سقوط النظام. وتتضمن هذه الخطة بحسب الأنصاري عدة بنود أهمها: تجنيس المهاجرين ممن أراد البقاء في سوريا، والدمج داخل المجتمع السوري، سواء بالمجتمع المدني أو المؤسسات العسكرية. علماً أن الحركة قالت سابقاً إنها بصدد تشكيل «جيش وطني» فهل يستقيم ذلك مع تجنيد أجانب فيه؟. وكذلك منح هؤلاء تعويضات ورواتب خاصة لـ «الشهداء» والمصابين. وفي محاولة لتحصين هؤلاء من أي ملاحقة قضائية في الدول الأخرى، تضمنت الخطة بنداً يشترط «منع المحاكمة لأي مهاجر إلا داخل الأراضي السورية، شأنه شأن المجاهد السوري، ولا تكون المحاكمة إلا على أمر محرم في شرعنا الحنيف». بحسب تعبير الواضعين للخطة.
***
* ريف القنيطرة.. أرض طاهرة تلفظ التكفيريين
علي حسن - خاص العهد
انقلبت مجريات الحرب على سورية وتغيرت معادلاتها الميدانية بعد أن دخل الحليف الروسي. قواعد الاشتباك في ريف القنيطرة تبدلت بعد إبلاغ موسكو العدو الاسرائيلي بإيقاف اعتداءاته على مواقع الجيش السوري بالقرب من الحدود، فيما يستأنف الجيش السوري غاراته الجوية بالقرب من الشريط الحدودي على أهم معاقل إرهابيي جبهة النصرة.
مزارع الأمل واقعة تحت الإشراف الجغرافي لـ تل القبع او ما يسمى تل الـ UN وتل الأحمر، هذه التلال الاستراتيجية التي سيطرت الجماعات المسلحة عليها منذ مدة، نجح الجيش السوري بمؤازرة فوج الجولان من الدفاع الوطني في بسط سيطرته على جزء كبير منها.
وفاء لدماء الأطهار
مزارع الأمل.. البلدة التي احتضنت دماء ثلة من المقاومين اللبنانيين في مقدمتهم الشهيد جهاد مغنية إضافة لضابط إيراني رفيع باعتداء صهيوني قبل أشهر، وصارت فيما بعد مسرحاً لوجود التنظيمات المتطرفة التي احتلتها، عادت اليوم إلى قبضة الجيش السوري. كيف لا وهو المكان الذي روي بدماء الأطهار. ويعتبر استرجاع مزارع الأمل في ريف القنيطرة خطوة استراتيجية مهمة لعدة جهات ومحاور منها تهيئة الطريق نحو فك حصار بلدة حضر التي تقاوم منذ عدة أسابيع وأفشلت هجمات كثيرة شنها مئات الإرهابيين من تنظيمات متنوعة أبرزها جبهة النصرة.
أهمية السيطرة على المزارع
يتحدث قائد ميداني من اللواء 90 في الجيش السوري لموقع "العهد الإخباري"، موضحاً أن السيطرة على مزارع الأمل ستساعد في السيطرة على المزيد من التلال الاستراتيجية الحاكمة، وأن المناطق السهلية تشكل قاعدة خلفية بالنسبة للقوات المتقدمة حيث تستند اليها قوات الجيش العربي السوري والقوات المرافقة له كـ"قوات الدفاع الشعبي"، وهي ايضا ستستند الى هذه البلدات وأبرزها بلدات مزارع الأمل لتنطلق نحو التلال الاستراتيجية التي تسيطر عليها التنظيمات التكفيرية في مقدمتها جبهة النصرة والتي هي في طبيعة الحال مدعومة من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي.

يؤكد الضابط الميداني أن الهجمات التي شنتها قوات الجيش السوري كانت دقيقة ومركزة ومن أهم ما ميز هذه الهجمات أنها كانت قد حصلت باشتباك قريب جدا وجها لوجه حيث اشتبكت قوات الجيش مع التكفيريين من مسافة أمتار قليلة استطاعت خلالها السيطرة على مزارع الأمل وتل أحمر وعلى تلال أخرى. والآن الجيش السوري بصدد استعادة السرية الرابعة وهي سرية تتبع للواء 90 كانت التنظيمات الإرهابية قد تسللت اليها مستعينة بدعم الكيان الصهيوني، وقد استرجع الجيش السوري بعد رميات دقيقة على معاقل الإرهابيين ما يقارب نصف هذه السرية التي باتت أقرب ما يكون الى أن تصبح بعهدة الجيش السوري .
تهجير السكان
وخلال جولة ميدانية لموقع "العهد" وجدنا ان معظم المنازل قد تحولت الى دشم ومتاريس وحفر وخنادق وفجوات في جدران هذه المنازل التي هي للمزارعين الآمنين ونستطيع القول أن جبهة النصرة حققت جزءا من غايتها وهي افراغ المكون البشري من تلك البلدات لذلك لم نجد أي مدني داخل تلك المناطق السهلية لأنهم خرجوا على وقع دخول الجماعات التكفيرية التي تترك خلفها بشكل دائم الخراب والدمار.

القائد الميداني يقول أن معارك ريف القنيطرة تتسم بصعوبة خاصة لكون قوات الكيان الإسرائيلي تدعم بشكل مباشر التنظيمات الإرهابية بالمعلومات والتسريبات والمعطيات على الأرض ومن خلال مراصد الاحتلال الإسرائيلي على جزء من جبل الشيخ تراقب تحركات قوات الجيش السوري، وعلى الرغم من ذلك تتمكن قواتنا المسلحة من تحقيق انتصارات في غاية الأهمية وبالتالي تحقق ضربات في عمق انتشار الجماعات الإرهابية.

غرفة عمليات موك
يذكر أن مسلحي التنظيمات الإرهابية الذين يحاربون الجيش السوري في جبهة ريف القنيطرة هم بمعظمهم تسللوا من مناطق ريف درعا، مدعومين سابقا من غرفة عمليات "الموك" الموجودة في الأردن, انتقلت عدة كتائب هي اسمياً تتبع لما يعرف بـ "الجيش الحر" لكنها عملياً تتبع لجبهة النصرة على مستوى الأيدولوجية والعقيدة وعلى مستوى الأهداف واستقرت في ريف القنيطرة وهي التي تقوم بمهاجمة قوات الجيش السوري الذي يحسن التعامل معها ويسدد لها ضربات كبيرة موجعة ومؤلمة.
تل أحمر.. أهمية الموقع

تل الأحمر هو من التلال الاستراتيجية التي من المهم استعادة السيطرة عليها بالنسبة للجيش السوري، وذلك بسبب ارتفاعه وإشرافه على عدة قرى تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية مثل أفونيه وجباتا الخشب وغيرها من البلدات التي تشكل معقلا للتنظيمات الإرهابية , بالإضافة الى أن مساحة هذا التل كبيرة , ويمكن أن يشكل هذا التل بمساحته الواسعة قاعدة عمليات عسكرية بالنسبة للجيش السوري حيث يستطيع أن يركز في هذا التل منصات اطلاق للصواريخ والمدفعية ولانطلاق العمليات، ولكل تلك الأسباب عندما يسيطر الجيش السوري على تل أحمر فإنه يحرز تقدما استراتيجيا ما يؤثر في سياق العمليات العسكرية الجارية في ريف القنيطرة.
***
* الصحف الاجنبية: الجيش السوري أقوى جيوش المنطقة.. وروسيا تقلب الموازين
خاص العهد
توقع الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك، أن يصبح الجيش السوري أقوى جيوش المنطقة في حال خروجه متماسكًا من الحرب، لافتاً الى أن التدخل الروسي ربما يعزز حصول هذا السيناريو، في وقت تعززت قناعة لدى حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط بأن ادارة اوباما تنسحب من المنطقة لصالح ايران وروسيا.

صحيفة الاندبندنت البريطانية، نشرت مقالة للصحفي البريطاني روبرت فيسك ركز فيها على الهجوم الذي يشنه الجيش السوري على المسلحين في الوقت الذي تستعرض فيه روسيا صواريخها، وذكّر بالتكهنات التي توقعت انهيار الجيش والحكومة السورية في وقت سابق من هذا العام.
الكاتب رأى ان تدخل الرئيس الروسي فلادمير بوتين قد قلب مسار الاحداث في سوريا، لافتاً الى ان الهجوم الذي يشنه الجيش السوري ضد جبهة النصرة في محيط حلب وغيره من المناطق لا يلقى اي اهتمام. ولفت إلى أن القادة العسكريين السوريين يقومون بتنسيق كل الضربات الجوية الروسية تقريباً، فبعد ان كان ينسق ما بين مئتين واربعمئة ضربة جوية كل ليلة أصبح يصل هذا العدد يصل الى ثمانمئة.
وقال: إن العملية التي تقوم بها روسيا هي طويلة الامد وتشكل البداية فقط لمغامرة السيد بوتين"، على حد تعبيره، مشددا على ان "الجيش السوري في حال تماسكه والحفاظ على قوته البشرية سيخرج من هذه الحرب وهو اقوى جيوش المنطقة وويل لاي دولة مجاورة تنسى ذلك".
بوتين لاعب ريادي

من جهة ثانية، مجلة "فورين بوليسي" نشرت مقالة رأت فيها أن الزيارة التي قام بها وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى مدينة سوتشي للقاء بوتين لبحث الملف السوري، انما تدل على مدى تغيير الديناميكيات في الشرق الاوسط "خلال بضعة اسابيع فقط"، وعلى مساعي بوتين للعب الدور الريادي في المنطقة.
المقالة اعتبرت ان موسكو "اخذت زمام المبادرة عسكرياً ودبلوماسيا" جراء قصفها لاعداء الرئيس السوري بشار الاسد و"عدم استعداد الولايات المتحدة مواجهة النظام في دمشق"، الامر الذي ادى بوفود رفيعة المستوى من السعودية ودول خليجية اخرى الى "طرق باب بوتين" بدلاً من البيت الابيض. وأشارت الى ان زيارة محمد بن سلمان الى روسيا اثارت التخمينات بان الرياض تبحث في عقد صفقة "تسمح للاسد بالبقاء في السلطة مقابل تنسيق الجهود المشتركة ضد داعش".
كما رأت المقالة أن اوباما يواجه اختبارا حاسما للقوة والنفوذ الاميركي في الشرق الاوسط على ضوء التدخل العسكري الروسي في سوريا. واعتبرت ان روسيا قلبت المشهد الاستراتيجي في سوريا وباتت تشكل "تحدياً غير مسبوق لادارة اوباما"، ما ادى بكثير من اقرب حلفاء واشنطن الى الاستنتاج بان الاخيرة تسعى الى الانسحاب من المنطقة وبانها "مستعدة للقبول بان النفوذ الروسي والايراني المتزايد سيسد الفراغ".
ولفتت المقالة الى المؤشرات التي تفيد بان الدول العربية التي كانت تطالب بالاطاحة بالاسد لم تعد تعطي هذا الموضوع (الاطاحة بالاسد) اولوية قصوى. وأضافت ان هذا التحول جزء من ديناميكية اكبر في الشرق الاوسط، إذ تتعزز القناعة لدى حلفاء واشنطن الاساسيين بان اوباما يخسر النفوذ والدور البارز فيما يخص قضايا مثل الحرب في سوريا والمعركة ضد داعش.
وتحدثت المقالة عن حالة "الاحراج" لدى واشنطن على ضوء ترحيب الحكومة العراقية بالحراك العسكري الروسي في سوريا وانضمامها الى اتفاق على مشاركة المعلومات الاستخبارية مع موسكو، ودعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي روسيا الى توسيع حملتها الجوية لتشمل العراق ايضاً. وتناولت المقالة تحسن العلاقات بين مصر و روسيا، مشيرة الى ان الرئيس عبدالفتاح السيسي قام باربع زيارات الى موسكو منذ توليه السلطة عام 2013، الى جانب الزيارة التي قام بها بوتين الى القاهرة في شهر شباط /فبراير الماضي، فيما لفتت الى ان السيسي زار الولايات المتحدة مرتين منذ توليه الرئاسة، وانه لم يعقد اي اجتماع في البيت الابيض حتى الآن.

حسن عليق - الاخبار
للمرة الأولى منذ بداية الحرب، يشنّ الجيش السوري حملات هجومية على أكثر من 10 جبهات، دفعة واحدة. الهدف الأوّلي: جسر الشغور، وطريق دمشق ــ حماه ــ حلب. ليست الطائرات الروسية وحدها ما أمّن هذه الاندفاعة. ثمة إعداد برّي بدأ من «الصمود الاستراتيجي» في الجنوب، وتأسيس «الفيلق الرابع».
في حزيران الماضي، خسر الجيش السوري السيطرة على مقر «اللواء 52» في ريف درعا الشمالي الشرقي. هذا التقدم الناجح لمقاتلي المعارضة في الجبهة الجنوبية، توّج سلسلة من الخسائر مُني بها الجيش والقوى الرديفة له في بصرى الشام وتدمر، وفي محافظة إدلب. حينذاك، باتت المعارضة تتصرّف كما لو أنها تقترب من حسم الحرب، من خلال الإطباق على العاصمة دمشق، وعلى محافظات حماه واللاذقية وطرطوس.
بعض مؤيدي المعارضين السوريين كانوا يتندّرون بالترويج لتسيير رحلات جوية من مطار الثعلة (شمال شرق درعا) إلى مطار دمشق الدولي. كانت الجماعات المسلحة تهاجم مطار الثعلة، المحاذي لمحافظة السويداء. لكن قادة الجيش السوري والقوى الرديفة له، في الجنوب السوري، كانوا يفاجئون سائليهم عن الاوضاع في ميدان معركتهم. ففي أجوبتهم، أظهروا في ذلك الحين طمأنينة إلى نتيجة المعارك، تُربك المتلقي، وتخيفه أحياناً، إذ يحسبها ثقة مبالغاً بها. كان أحد أبرز هؤلاء القادة يقول إن «معركتنا اليوم في الجنوب دفاعية. والمسلحون تلقّوا دعماً كبيراً من غرفة عمليات الـ«موك» (الأميركية ــ الفرنسية ــ البريطانية ــ السعودية ــ الأردنية... في عمّان)، ليشنوا هجمات كبرى على مختلف محاور القتال. وكان الهدفان الرئيسيان المرسومان للمسلحين، السيطرة على مدينة درعا وعلى الطريق الذي يصلها بدمشق». وكان القائد العسكري البارز يقول بثقة: «خطوطنا الدفاعية متينة ولن يتمكنوا من اختراقها، لا في درعا، ولا على طول الأوتوستراد». وكان يضيف رداً على أسئلة صحافيين: «في هذه المرحلة، لن نُهاجم. آخر عملياتنا الهجومية في الجنوب كانت في شباط، وحققنا حينذاك الهدف المطلوب، أي إقامة «خط مانع» يحول دون تقدّم المسلحين نحو الريف الجنوبي للعاصمة. أما اليوم، فليس المطلوب سوى الصمود، وامتصاص هجمات المسلحين. وبعد أن يفشل المسلحون، يمكننا الهجوم من جديد».
بالفعل، مضت الأشهر الثلاثة التي شنّ مسلحو الجبهة الجنوبية خلالها خمس هجمات على مدينة درعا، وخاضوا عدداً من المعارك في مناطق متفرقة من الجنوب السوري، من دون أن يتمكنوا من إحراز أي تقدم يُذكر. فشلت الهجمات جميعها، وكانت نتيجتها القضاء على جزء كبير من قوة الاقتحام الرئيسية في المجموعات المعارضة. وخلال الأيام الماضية، شنّ الجيش هجمات أدّت إلى سيطرته على حي المنشية، جنوبي مدينة درعا، وأقرب أحيائها إلى الحدود الأردنية. ثم تقدّم في محيط مدينة الشيخ مسكين (شمالي درعا) القريبة من طريق دمشق ــ عمّان.
وفي القنيطرة، كان الأمر مشابهاً. حقق المسلحون خروقات خلال الأشهر الماضية، لكن جنود الجيش والقوى الرديفة له صمدوا، واستعادوا معظم ما خسروه.
حال المنطقة الجنوبية لا تشبه ما جرى في الشمال. حصل انهيار في محافظة إدلب، من دون أن يعني ذلك أن القادة العسكريين فقدوا الثقة بما يجري إعداده للأيام الآتية. كانوا يقرّون بصعوبة الأوضاع، وقلة العديد. لكنهم كانوا في الوقت عينه يؤكدون أن ما حققه المسلحون ابتداءً من آذار الماضي لن يستمر، وأن ثمة ما يجري الإعداد له، كمفاجأة ستؤدي إلى قلب الطاولة في وجه المسلحين وداعميهم. لم يكن أحد يلمّح إلى فكرة التدخل الروسي المباشر. تبيّن لاحقاً أن المفاوضات بين دمشق وموسكو وطهران كانت تجرى بسرية تامة، في موازاة قيام الجيش السوري بعمليات تجنيد واسعة لمجموعات خاصة من المقاتلين، حملت لاحقاً تسمية «الفيلق الرابع اقتحام». الفارون من الجيش، والمتخلفون عن الخدمة، ومن يرغبون في القتال حصراً في مدنهم وقراهم، والراغبون في أن يتطوعوا للقتال في صفوف الجيش في الصفوف الأمامية، جميعهم تم وضع آليات لاستيعابهم. وأضيف إلى ذلك حلّ عدد من المشكلات التي عانى منها الجيش، في أحيان متفرقة من الحرب، كانخفاض مخزون أنواع محددة من الذخائر والأسلحة. أتت الطائرات الروسية لتحمل جزءاً من العبء غير المسبوق الذي ألقي على عاتق الطيارين السوريين وطائراتهم وأطقم صيانتها، مع ما تحتاج إليه من قطع غيار وتكاليف صيانة ووقود. هذا قبل الحديث عن الفارق الكبير في مستوى التطور بين طائرات سلاح الجو السوري ومثيلاتها لدى سلاح الجو الروسي.
الغارات الروسية أمّنت سلاح جو نوعياً للجيش السوري الذي كان يعدّ، برّاً، لعمليات بأساليب جديدة. وهنا يجدر التوقف عند أمرين:
أولاً، أن الجيش السوري والقوى الرديفة له، وبعد «الصمود الاستراتيجي» في الجنوب، تمكنوا من استعادة المبادرة الهجومية، في محافظتي درعا والقنيطرة، حيث لا طائرات روسية تغطي لهم الاجواء.
الثاني، أن جبهة الشمال، الأوسع من تلك الجنوبية، وحيث ثقل جماعات تنظيم «القاعدة» وحلفائه، احتاجت إلى غطاء جوي لعملية ينفذها الجيش وحلفاؤه بصورة لم يعتدها المسلحون. فالعمليات العسكرية الهجومية تشمل اليوم أكثر من 10 محاور قتال رئيسية:
اللاذقية؛ سهل الغاب؛ محور مورك ــ كفرزيتا ــ خان شيخون وكفرنبودة في ريف حماه الشمالي؛ ريف حلب الجنوبي الغربي؛ ريف حلب الشمالي؛ ريف حلب الشرقي، محور السفيرة ــ كويرس في مواجهة «داعش». وللمرة الأولى،
يخوض الجيش هذا العدد الكبير من المعارك دفعة واحدة، مضافاً إليها شنّه لهجمات في ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية، إضافة إلى محاور القتال الثلاثة في درعا والقنيطرة. يجري ذلك في ظل استمرار المعركة الدفاعية التي تُفشل غزوات «داعش» على مطار دير الزور ومحيطه.
في شباط الماضي، سعى الجيش إلى فتح عدد من الجبهات في آن واحد، في اللاذقية وريف حلب الشمالي وعند مثلث القنيطرة ــ درعا ريف ــ دمشق، مضيفاً إليها جبهة إشغال قرب سهل الروج في إدلب. حقّق تقدماً جزئياً في الجبهتين الاولى والثانية، ونفّذ مخططه كاملاً في الثالثة. لكن مستوى جاهزية القوات، وعدم القدرة على فتح جبهات إضافية، لم يسمحا بتحقيق المزيد من التقدم. وبعد امتصاص زخم المسلحين في الجنوب، والتراجع في تدمر وإدلب، عاد الجيش إلى العمل وفق أسلوب الجبهات المتعددة، على نطاق أوسع، وبصورة أكثر فعالية. ويؤدي هذا الأسلوب إلى تشتيت قوات المسلحين، وخاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهها سلاح الجو الروسي لمخازن أسلحتهم ومعسكراتهم ومقارهم وطرق إمدادهم.
عمليات الشمال ترمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف في المرحلة الاولى: استعادة السيطرة على جسر الشغور، استعادة طريق حماه ــ حلب، وتوسيع رقعة سيطرة الجيش في ريف حلب الشرقي على حساب تنظيم «داعش» (بما في ذلك فك الحصار عن مطار كويرس المحاصر من قبل التنظيم). وتحقيق هذه الأهداف سيتم مع مقدماته الميدانية، ومع ما يستتبعه (مثلاً، يجري العمل لتحرير مناطق في ريفي اللاذقية وحماه تمهيداً للوصول إلى جسر الشغور. وفي حال تحقيق هذا الهدف، سيضطر الجيش إلى تأمين مناطق محيطة بالجسر لمنع تكرار سيطرة المسلحين عليها).
في أرض المعركة، تتفاوت قدرات المسلحين الدفاعية. في بعض المواقع، انهارت مجموعات مسلحة وفرّت من أرض المعركة، بحسب مصادر عسكرية ميدانية. أما بعض المجموعات، فتقاتل بشراسة، آخذة في عين الاعتبار أنها ستخسر مناطق لن يكون في مقدورها استعادتها، وأن للمعارك نتائج سياسية مباشرة، يعي خطورَتها رعاةُ المسلحين.
في المقلب السوري الرسمي، لم يكن فتح هذه الجبهات مغامرة غير محسوبة العواقب. تؤكد مصادر مطلعة على ما يدور في دمشق ومع القوى الحليفة، أن الروس والسوريين والإيرانيين وحلفاءهم، يتوقعون أن تقدم الدول الراعية للمسلحين كل الدعم الممكن لهم. لكن الجيش وحلفاءه يأخذون هذا الأمر في الحسبان، ويرون أنه لن يشكل عائقاً يحول دون التقدم في إدلب وحلب. كذلك فإن بعض دوائر القرار تراهن على ما سينتجه التقدم، من دفع للمصالحات، وخاصة في أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة. وبحسب مصادر سورية، وأخرى أممية، جرى تنشيط قنوات التواصل بين وجهاء عدد من البلدات ولجان المصالحة في ريفي دمشق ودرعا خلال الأيام الماضية، من دون أن يعني ذلك حتمية تحقيق التسويات المطلوبة سريعاً.
خلاصة الأمر أن المعارك الدائرة في الشمال السوري أظهرت جيشاً سورياً بدماء جديدة، قادراً على الخروج من المراوحة الدفاعية في الجنوب، ومن حالة التراجع في الشمال، لخوض أكثر من 10 هجمات كبرى دفعة واحدة.
***
* "عاصفة السوخوي" تفرض معادلة جديدة على المسلحين

عبد الله سليمان علي / السفير
لا يزال أداء الفصائل المسلحة، على اختلاف انتماءاتها وارتباطاتها، ضد "عاصفة السوخوي" الروسية، يتسم بالتلقائية والعشوائية وبالافتقار إلى إستراتيجية محددة، واضحة المعالم.
والسبب الرئيس لذلك، هو أن هذه الفصائل باتت ضائعة بين ضرورة الاستجابة للتحديات الميدانية التي يفرضها الجيش السوري عبر إشعاله المتتالي لجبهات قتالية واسعة، والتعاطي يوماً فيوم مع ما يستجد جراء ذلك من تطورات متلاحقة بحسب إمكاناتها المتاحة، وبين الأوامر والتوجيهات التي ترسلها جهات إقليمية فاعلة، وضعت كل ثقلها لإفشال التدخل الروسي ومنعه من تحقيق أهدافه من دون أن تأخذ بالاعتبار طبيعة التحديات الميدانية اليومية، ولا حجم التناقضات بين الفصائل التي تراكمت على مدى العامين المنصرمين لتتحول إلى جبل ضخم ليس من السهل تجاوزه.
وما زالت الخلافات بين الفصائل تعرقل إطلاق «غزوة حماه» التي توعّد بها «جيش الفتح»، الأسبوع الماضي، مهدداً باقتحام المحافظة الآمنة ردّاً على «الغزو الروسي». ومن الواضح أن حلّ هذه الخلافات ليس من السهولة بمكان. فمن جهة هناك عدد من الفصائل، وبطبيعة الحال دول داعمة تقف وراءها، ترفض التوجه نحو حماه بذريعة وجود عشرات الآلاف من المدنيين والمهجّرين فيها، وتدفع نحو التوجه إلى حلب باعتبارها عاصمة الشمال ومركز ثقل اقتصادي وسياسي مهم. ومن جهة ثانية، برز موقف «جند الأقصى»، وهو أحد مكونات «جيش الفتح»، الرافض لما جاء في بيان الإعلان عن «غزوة حماه» لجهة محاربة كل من يعترض طريق «الغزوة» بما فيهم تنظيم «داعش»، لأن «جند الأقصى» لا تزال متمسكة بموقفها المبدئي الرافض للدخول في أي قتال مع الأخير. وفي هذا السياق، علمت «السفير» بوجود مفاوضات يقودها الشيخ السعودي عبدالله المحيسني تهدف إلى إقناع «جند الأقصى» بالمشاركة في «غزوة حماه» وفق صيغ مقبولة. ومن الصيغ التي عُرضت لحل المشكلة، أن تشارك «جند الأقصى» في العملية من دون أن تكون ملزمة بقتال «داعش» حتى لو اعترض الطريق، أو أن تتولى القتال في قطاع بعيد عن متناول «داعش» مثل سهل الغاب. ولم تصل هذه المفاوضات إلى أي نتيجة حتى الآن.
وفي غمرة الانهماك للتحضير استعداداً لـ «غزوة حماه»، تسربت أنباء عن ضغوط تمارسها جهات إقليمية فاعلة، على رأسها السعودية وتركيا وقطر، لدفع الفصائل الكبرى إلى التوحد في ما بينها وتشكيل «جسم سياسي وعسكري موحد» تحت مسمى «هيئة التحرير الوطنية»، يتولى مهمة مواجهة التدخل الروسي والتصدي لتداعياته العسكرية والسياسية.
وتحدثت مصادر إعلامية معارضة عن «اجتماعات مُكثَّفة بين ممثلي الفصائل ودول إقليمية جرت في تركيا من أجل تبادل الآراء بخصوص هيئة التحرير الوطنية» والتي تضع في أولوياتها مجابهة ما أسمته «العدوان الروسي والإيراني». وشارك في هذه الاجتماعات ممثلون عن «أحرار الشام» و «جيش الإسلام» و «فيلق الشام» وفصائل أخرى باستثناء «جبهة النصرة». ومن الواضح أن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة خلق «الجبهة الإسلامية» التي تعرضت للتفكك، منتصف العام الماضي، نتيجة الخلافات بين «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» واختلاف أجندة الدول الداعمة لكل منهما.
وثمة تحديات كبيرة من شأنها أن تجهض مثل هذه المحاولة، حتى ولو كانت تقف وراءها أبرز الدول الداعمة والمؤثرة. وقد انعكست هذه التحديات في التحفّظ الذي أبدته «حركة أحرار الشام» على التشكيل الجديد، وإبداء عدم رغبتها في الانخراط مرة ثانية بمثل هذه التجارب الفاشلة، كما قال لـ «السفير» مصدر مقرب من الحركة. ويتخوّف بعض قادة «أحرار الشام» أن يؤدي التشكيل الجديد إلى إطاحة تجربة «جيش الفتح» الناجحة مقابل تجربة غير محسوبة النتائج، وأن يؤدي كذلك إلى تصعيد الخلاف بين حركتهم وبين «جبهة النصرة».
وتشهد أوساط «أحرار الشام» انقساماً واسعاً حول الفكرة، فبينما يؤيدها الجناح السياسي، فإن الجناح العسكري، بقيادة أبو صالح طحان المحسوب على التيار «القاعدي»، يرفضها بشدة. كما أن «لواء الحق» المعروف بمواقفه المتشددة تجاه أي مسعى سياسي، أبلغ قيادة الحركة اعتراضه على الفكرة وعدم موافقته على المشاركة فيها. ويُعتبر «لواء الحق» من الألوية الكبيرة والمؤسسة لـ «أحرار الشام».
وبحسب مصدر إعلامي مقرب من «جيش الإسلام» فإنه من الممكن أن يتم الاكتفاء بتشكيل «غرفة عمليات موحدة» في حال قبلت «أحرار الشام» بذلك، مع تذكيره بأن الحركة سبق لها الانسحاب من «غرفة عمليات دمشق الكبرى» منتصف العام 2013، بعد أسبوع واحد من تشكيلها فقط، وكان من أسباب هذا الانسحاب عدم موافقة «أحرار الشام» على ما أسمته «إملاءات بعض الداعمين الكويتيين».
في غضون ذلك، تستمر المنافسة بين الفصائل الإسلامية على اكتساب المزيد من «البيعات» لتقوية نفوذها وتأمين الغلبة لنفسها في أي تحالف قد يُفرض من الخارج، حيث جرى الإعلان عن الاندماج بين «ألوية توحيد العاصمة» وبين «أحرار الشام» الأمر الذي يعطي الأخيرة زخماً جديداً في ريف العاصمة بعد أن كادت تفقد أي تواجد لها بعد خسارة الزبداني. ولكن تعرضت الحركة لنكسة تمثلت بتراجع «جيش المسلمين» في القابون عن «بيعته» لها قبل حوالي شهرين.
في المقابل، أعلن عن الاندماج بين «جيش الاسلام» وبين «فيلق الرحمن» بقيادة عبدالناصر شمير. ويعتبر «فيلق الرحمن» أحد أكبر الفصائل في الغوطة الشرقية، وقد يكون تصاعد الخلافات بينه وبين «جبهة النصرة» مؤخراً من الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ خطوة الاندماج.
«أحرار الشام»: تجنيس المهاجرين
في سياق منفصل، وفي خطوة قد لا تبدو بعيدة عن تأثيرات التدخل الروسي، غازلت «حركة أحرار الشام» «المقاتلين الأجانب» وعرضت عليهم مجموعة من الإغراءات، فيما يبدو وكأنه محاولة من الحركة لجذب هؤلاء إليها، أو على الأقل لتشجيعهم على القتال ضد الروس مقابل تأمين بعض الامتيازات لهم. وذلك بعد بيان صدر، الشهر الماضي، أكدت فيه الحركة على هويتها «السورية».
وقال عضو مجلس شورى «أحرار الشام» أبو عزام الأنصاري في مغازلة واضحة لمن أسماهم «المهاجرين»، وذلك في تغريدات له على حسابه الرسمي على «تويتر»، إن «المهاجر الصادق بضعة من جسدنا وقطعة من روحنا. نصرونا وما زالوا، وكانوا في الخطوط الأولى ولم يقيلوا، فلله درهم».
وللمرة الأولى يطرح قيادي في الحركة خطة متكاملة لمعالجة «ملف المهاجرين» بعد سقوط النظام. وتتضمن هذه الخطة بحسب الأنصاري عدة بنود أهمها: تجنيس المهاجرين ممن أراد البقاء في سوريا، والدمج داخل المجتمع السوري، سواء بالمجتمع المدني أو المؤسسات العسكرية. علماً أن الحركة قالت سابقاً إنها بصدد تشكيل «جيش وطني» فهل يستقيم ذلك مع تجنيد أجانب فيه؟. وكذلك منح هؤلاء تعويضات ورواتب خاصة لـ «الشهداء» والمصابين. وفي محاولة لتحصين هؤلاء من أي ملاحقة قضائية في الدول الأخرى، تضمنت الخطة بنداً يشترط «منع المحاكمة لأي مهاجر إلا داخل الأراضي السورية، شأنه شأن المجاهد السوري، ولا تكون المحاكمة إلا على أمر محرم في شرعنا الحنيف». بحسب تعبير الواضعين للخطة.
***
* ريف القنيطرة.. أرض طاهرة تلفظ التكفيريين
علي حسن - خاص العهد
انقلبت مجريات الحرب على سورية وتغيرت معادلاتها الميدانية بعد أن دخل الحليف الروسي. قواعد الاشتباك في ريف القنيطرة تبدلت بعد إبلاغ موسكو العدو الاسرائيلي بإيقاف اعتداءاته على مواقع الجيش السوري بالقرب من الحدود، فيما يستأنف الجيش السوري غاراته الجوية بالقرب من الشريط الحدودي على أهم معاقل إرهابيي جبهة النصرة.
مزارع الأمل واقعة تحت الإشراف الجغرافي لـ تل القبع او ما يسمى تل الـ UN وتل الأحمر، هذه التلال الاستراتيجية التي سيطرت الجماعات المسلحة عليها منذ مدة، نجح الجيش السوري بمؤازرة فوج الجولان من الدفاع الوطني في بسط سيطرته على جزء كبير منها.
وفاء لدماء الأطهار
مزارع الأمل.. البلدة التي احتضنت دماء ثلة من المقاومين اللبنانيين في مقدمتهم الشهيد جهاد مغنية إضافة لضابط إيراني رفيع باعتداء صهيوني قبل أشهر، وصارت فيما بعد مسرحاً لوجود التنظيمات المتطرفة التي احتلتها، عادت اليوم إلى قبضة الجيش السوري. كيف لا وهو المكان الذي روي بدماء الأطهار. ويعتبر استرجاع مزارع الأمل في ريف القنيطرة خطوة استراتيجية مهمة لعدة جهات ومحاور منها تهيئة الطريق نحو فك حصار بلدة حضر التي تقاوم منذ عدة أسابيع وأفشلت هجمات كثيرة شنها مئات الإرهابيين من تنظيمات متنوعة أبرزها جبهة النصرة.
أهمية السيطرة على المزارع
يتحدث قائد ميداني من اللواء 90 في الجيش السوري لموقع "العهد الإخباري"، موضحاً أن السيطرة على مزارع الأمل ستساعد في السيطرة على المزيد من التلال الاستراتيجية الحاكمة، وأن المناطق السهلية تشكل قاعدة خلفية بالنسبة للقوات المتقدمة حيث تستند اليها قوات الجيش العربي السوري والقوات المرافقة له كـ"قوات الدفاع الشعبي"، وهي ايضا ستستند الى هذه البلدات وأبرزها بلدات مزارع الأمل لتنطلق نحو التلال الاستراتيجية التي تسيطر عليها التنظيمات التكفيرية في مقدمتها جبهة النصرة والتي هي في طبيعة الحال مدعومة من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي.

يؤكد الضابط الميداني أن الهجمات التي شنتها قوات الجيش السوري كانت دقيقة ومركزة ومن أهم ما ميز هذه الهجمات أنها كانت قد حصلت باشتباك قريب جدا وجها لوجه حيث اشتبكت قوات الجيش مع التكفيريين من مسافة أمتار قليلة استطاعت خلالها السيطرة على مزارع الأمل وتل أحمر وعلى تلال أخرى. والآن الجيش السوري بصدد استعادة السرية الرابعة وهي سرية تتبع للواء 90 كانت التنظيمات الإرهابية قد تسللت اليها مستعينة بدعم الكيان الصهيوني، وقد استرجع الجيش السوري بعد رميات دقيقة على معاقل الإرهابيين ما يقارب نصف هذه السرية التي باتت أقرب ما يكون الى أن تصبح بعهدة الجيش السوري .
تهجير السكان
وخلال جولة ميدانية لموقع "العهد" وجدنا ان معظم المنازل قد تحولت الى دشم ومتاريس وحفر وخنادق وفجوات في جدران هذه المنازل التي هي للمزارعين الآمنين ونستطيع القول أن جبهة النصرة حققت جزءا من غايتها وهي افراغ المكون البشري من تلك البلدات لذلك لم نجد أي مدني داخل تلك المناطق السهلية لأنهم خرجوا على وقع دخول الجماعات التكفيرية التي تترك خلفها بشكل دائم الخراب والدمار.

القائد الميداني يقول أن معارك ريف القنيطرة تتسم بصعوبة خاصة لكون قوات الكيان الإسرائيلي تدعم بشكل مباشر التنظيمات الإرهابية بالمعلومات والتسريبات والمعطيات على الأرض ومن خلال مراصد الاحتلال الإسرائيلي على جزء من جبل الشيخ تراقب تحركات قوات الجيش السوري، وعلى الرغم من ذلك تتمكن قواتنا المسلحة من تحقيق انتصارات في غاية الأهمية وبالتالي تحقق ضربات في عمق انتشار الجماعات الإرهابية.

غرفة عمليات موك
يذكر أن مسلحي التنظيمات الإرهابية الذين يحاربون الجيش السوري في جبهة ريف القنيطرة هم بمعظمهم تسللوا من مناطق ريف درعا، مدعومين سابقا من غرفة عمليات "الموك" الموجودة في الأردن, انتقلت عدة كتائب هي اسمياً تتبع لما يعرف بـ "الجيش الحر" لكنها عملياً تتبع لجبهة النصرة على مستوى الأيدولوجية والعقيدة وعلى مستوى الأهداف واستقرت في ريف القنيطرة وهي التي تقوم بمهاجمة قوات الجيش السوري الذي يحسن التعامل معها ويسدد لها ضربات كبيرة موجعة ومؤلمة.
تل أحمر.. أهمية الموقع

تل الأحمر هو من التلال الاستراتيجية التي من المهم استعادة السيطرة عليها بالنسبة للجيش السوري، وذلك بسبب ارتفاعه وإشرافه على عدة قرى تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية مثل أفونيه وجباتا الخشب وغيرها من البلدات التي تشكل معقلا للتنظيمات الإرهابية , بالإضافة الى أن مساحة هذا التل كبيرة , ويمكن أن يشكل هذا التل بمساحته الواسعة قاعدة عمليات عسكرية بالنسبة للجيش السوري حيث يستطيع أن يركز في هذا التل منصات اطلاق للصواريخ والمدفعية ولانطلاق العمليات، ولكل تلك الأسباب عندما يسيطر الجيش السوري على تل أحمر فإنه يحرز تقدما استراتيجيا ما يؤثر في سياق العمليات العسكرية الجارية في ريف القنيطرة.
***
* الصحف الاجنبية: الجيش السوري أقوى جيوش المنطقة.. وروسيا تقلب الموازين
خاص العهد
توقع الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك، أن يصبح الجيش السوري أقوى جيوش المنطقة في حال خروجه متماسكًا من الحرب، لافتاً الى أن التدخل الروسي ربما يعزز حصول هذا السيناريو، في وقت تعززت قناعة لدى حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط بأن ادارة اوباما تنسحب من المنطقة لصالح ايران وروسيا.

صحيفة الاندبندنت البريطانية، نشرت مقالة للصحفي البريطاني روبرت فيسك ركز فيها على الهجوم الذي يشنه الجيش السوري على المسلحين في الوقت الذي تستعرض فيه روسيا صواريخها، وذكّر بالتكهنات التي توقعت انهيار الجيش والحكومة السورية في وقت سابق من هذا العام.
الكاتب رأى ان تدخل الرئيس الروسي فلادمير بوتين قد قلب مسار الاحداث في سوريا، لافتاً الى ان الهجوم الذي يشنه الجيش السوري ضد جبهة النصرة في محيط حلب وغيره من المناطق لا يلقى اي اهتمام. ولفت إلى أن القادة العسكريين السوريين يقومون بتنسيق كل الضربات الجوية الروسية تقريباً، فبعد ان كان ينسق ما بين مئتين واربعمئة ضربة جوية كل ليلة أصبح يصل هذا العدد يصل الى ثمانمئة.
وقال: إن العملية التي تقوم بها روسيا هي طويلة الامد وتشكل البداية فقط لمغامرة السيد بوتين"، على حد تعبيره، مشددا على ان "الجيش السوري في حال تماسكه والحفاظ على قوته البشرية سيخرج من هذه الحرب وهو اقوى جيوش المنطقة وويل لاي دولة مجاورة تنسى ذلك".
بوتين لاعب ريادي

من جهة ثانية، مجلة "فورين بوليسي" نشرت مقالة رأت فيها أن الزيارة التي قام بها وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى مدينة سوتشي للقاء بوتين لبحث الملف السوري، انما تدل على مدى تغيير الديناميكيات في الشرق الاوسط "خلال بضعة اسابيع فقط"، وعلى مساعي بوتين للعب الدور الريادي في المنطقة.
المقالة اعتبرت ان موسكو "اخذت زمام المبادرة عسكرياً ودبلوماسيا" جراء قصفها لاعداء الرئيس السوري بشار الاسد و"عدم استعداد الولايات المتحدة مواجهة النظام في دمشق"، الامر الذي ادى بوفود رفيعة المستوى من السعودية ودول خليجية اخرى الى "طرق باب بوتين" بدلاً من البيت الابيض. وأشارت الى ان زيارة محمد بن سلمان الى روسيا اثارت التخمينات بان الرياض تبحث في عقد صفقة "تسمح للاسد بالبقاء في السلطة مقابل تنسيق الجهود المشتركة ضد داعش".
كما رأت المقالة أن اوباما يواجه اختبارا حاسما للقوة والنفوذ الاميركي في الشرق الاوسط على ضوء التدخل العسكري الروسي في سوريا. واعتبرت ان روسيا قلبت المشهد الاستراتيجي في سوريا وباتت تشكل "تحدياً غير مسبوق لادارة اوباما"، ما ادى بكثير من اقرب حلفاء واشنطن الى الاستنتاج بان الاخيرة تسعى الى الانسحاب من المنطقة وبانها "مستعدة للقبول بان النفوذ الروسي والايراني المتزايد سيسد الفراغ".
ولفتت المقالة الى المؤشرات التي تفيد بان الدول العربية التي كانت تطالب بالاطاحة بالاسد لم تعد تعطي هذا الموضوع (الاطاحة بالاسد) اولوية قصوى. وأضافت ان هذا التحول جزء من ديناميكية اكبر في الشرق الاوسط، إذ تتعزز القناعة لدى حلفاء واشنطن الاساسيين بان اوباما يخسر النفوذ والدور البارز فيما يخص قضايا مثل الحرب في سوريا والمعركة ضد داعش.
وتحدثت المقالة عن حالة "الاحراج" لدى واشنطن على ضوء ترحيب الحكومة العراقية بالحراك العسكري الروسي في سوريا وانضمامها الى اتفاق على مشاركة المعلومات الاستخبارية مع موسكو، ودعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي روسيا الى توسيع حملتها الجوية لتشمل العراق ايضاً. وتناولت المقالة تحسن العلاقات بين مصر و روسيا، مشيرة الى ان الرئيس عبدالفتاح السيسي قام باربع زيارات الى موسكو منذ توليه السلطة عام 2013، الى جانب الزيارة التي قام بها بوتين الى القاهرة في شهر شباط /فبراير الماضي، فيما لفتت الى ان السيسي زار الولايات المتحدة مرتين منذ توليه الرئاسة، وانه لم يعقد اي اجتماع في البيت الابيض حتى الآن.
تعليق