30/4/2014
* خارجية سوريا توجه رسالة لبان كي مون ورئيس مجلس الأمن حول استهداف الإرهابيين الأحياء السكنية
أكدت وزارة الخارجية في رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن أن السياسة الممنهجة للمجموعات الإرهابية فى استهداف المدنيين فى سورية لم تكن لتتفاقم لولا الدعم المادى والعسكري واللوجستي والسياسي الكبير الذى تتلقاه من بلدان فى المنطقة وخارجها وهو ما يدفعها إلى الاستهتار بالضوابط الأخلاقية والقوانين ويكرس قناعة لديها بانها ستبقى بمنأى عن المحاسبة على أفعالها في ظل إزدواجية المعايير التي تمارسها بعض الدول في تعاملها مع التزاماتها بمكافحة الإرهاب الدولي.
وجاء في الرسالة التي تلقت سانا نسخة منها يستمر الإرهاب الذي يستهدف سورية شعبا ودولة في التصاعد حيث بلغ مؤخرا حدودا غير مسبوقة في الاستهداف المتعمد للأحياء السكنية وللمدارس والمستشفيات والبنى التحتية ودور العبادة الإسلامية والمسيحية بقذائف الهاون العشوائية والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والتي أودت خلال الأيام القليلة الماضية بحياة مئات من المدنيين الأبرياء جلهم من الأطفال والنساء بهدف إرهاب الشعب السوري في محاولة واهمة من معتنقي الوهابية والفكر التكفيري وداعميهم من دول وأطراف إقليمية وأخرى من خارج المنطقة لإعادة المجتمع السوري إلى عصور الجاهلية والظلام.
وقالت الخارجية إنه وفي إطار هذا الإجرام المنظم ارتكبت المجموعات الإرهابية المسلحة مجازر مروعة استهدفت المدارس في مدينة دمشق بقذائف صاروخية أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات من طلبة المدارس من الأطفال الأبرياء حيث أدت قذائف الهاون التي أطلقتها المجموعات الإرهابية المسلحة على معهد بدر الدين الحسني للعلوم الشرعية في حي الشاغور يوم أمس الثلاثاء 29 نيسان إلى استشهاد 14 طالبا وإصابة 86 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة كما قامت المجموعات الإرهابية بعد ظهر ذات اليوم بإطلاق عدة قذائف هاون على مركز الإقامة المؤقت في إحدى المدارس بمنطقة عدرا البلد ما أدى إلى استشهاد ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و14 سنة واحد المواطنين وإصابة 19 آخرين موضحة أن المركز يضم العديد من الأسر التي تم تهجيرها من منازلها بفعل الاعتداءات الإرهابية للمجموعات المسلحة وقد سبق ذلك ارتكاب المجموعات الإرهابية المسلحة مجزرة أخرى عندما استهدفت مدرسة المنار بقذائف الهاون ما أدى إلى استشهاد طفلين وجرح 60 آخرين عدد منهم إصابته خطيرة.
وأشارت الخارجية في رسالتها إلى أنه لوحظ مؤخرا أن هناك نمطا ممنهجا يقوم على استهداف كل من المشافي والمدارس في تزامن واضح بهدف إجبار الطواقم الطبية على إخلاء المشافي المستهدفة لافتعال ضغط على المشافي الأخرى وخلق حالة من الهلع والفوضى تهدف للتأثير على قدرات الكوادر الطبية في تقديم الخدمات الإسعافية للمصابين وتستمر المجموعات الإرهابية باستهداف أحياء معينة في مدينة دمشق وريفها بشكل يومي بقذائف الهاون العشوائية ومن ذلك استهداف منطقتي العباسيين والزبلطاني يوم أمس 29 الجاري بتسع قذائف هاون ما أدى إلى إصابة ثمانية مواطنين واستهداف مدينة جرمانا السكنية بعدد من قذائف الهاون ما أدى إلى استشهاد ستة مواطنين بينهم ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10 و14 سنة وامرأة وإصابة 32 آخرين وإلحاق أضرار كبيرة بالممتلكات.
وبينت وزارة الخارجية والمغتربين أنه وفي مدينة حلب وتحت سمع وبصر فريق الأمم المتحدة الذي كان يزور المدينة مؤخرا استهدفت العصابات الإرهابية عددا من أحياء المدينة السكنية بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية وطلقات القنص ما أدى إلى استشهاد عشرات المواطنين الآمنين 20 منهم كانوا ينتظرون الدور لشراء الخبز من أحد الأفران كما تواصل العصابات الإرهابية تنفيذ أعمالها الإرهابية بحق تراث المدينة وابنيتها التاريخية إذ تم تفجير عدة أنفاق حفرتها هذه المجموعات وفخختها بمئات الأطنان من المتفجرات تحت عدد من الأبنية التاريخية والأثرية وفجرت محطة تحويل الكهرباء بهدف حرمان المواطنين من الخدمات الأساسية التي توفرها الحكومة السورية لهم.
وقالت الوزارة إنه لمن المستهجن أن هذه المجموعات الإرهابية لم تكتف في مدينة حلب باستخدام الأسلحة القاتلة التي تزودها بها دول مثل قطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بل تعمد إلى استخدام صواريخ محلية الصنع تهدف إلى إحداث أكبر تخريب ممكن وأقصى درجة من الأذى ومن ذلك ما يسمى بـ “مدفع جهنم” الذي يتم فيه قذف اسطوانات الغاز المنزلي المحشوة بالكرات الحديدية والمسامير والقطع المعدنية الحادة ومواد شديدة الانفجار على الأحياء السكنية والتي لا يقتصر أذاها على قتل الأبرياء والتدمير الكبير للبنى التحتية بل تترك أعدادا كبيرة من المدنيين وأغلبهم من الأطفال وقد بترت أطرافهم أو تعرضوا لأذيات مستدامة.
وأضافت الخارجية والمغتربين إن مدينة حمص لم تسلم من إجرام هذه المجموعات عبر الاستهداف اليومي للأحياء السكنية بقذائف الهاون فقد قامت المجموعات الإرهابية بمجزرة مروعة يوم أمس 29-4-2014 بتفجيرين بواسطة سيارتين مفخختين في حي سكني ما أسفر عن استشهاد 40 مواطنا معظمهم من الأطفال والنساء وإصابة 116 آخرين بطريقة تطابق الأسلوب الذي يتبعه تنظيم القاعدة بالقيام بتفجيرات متتابعة بهدف إلحاق الأذى بأكبر عدد ممكن من المدنيين والطواقم الطبية المسعفة.
وأكدت في رسالتها أن هذه الاعتداءات المذكورة أعلاه ما هي إلا أمثلة عن الحقد والإرهاب الذي يطال الأحياء السكنية والمدنيين في جميع المدن السورية من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة بهدف ترويع المدنيين وعرقلة الحياة اليومية للمواطن السوري ومنع الطلبة من الذهاب إلى مدارسهم ومتابعة تحصيلهم العلمي مبينة أن هذه السياسة الممنهجة للمجموعات الإرهابية في استهداف المدنيين لم تكن لتتفاقم لولا الدعم المادي والعسكري واللوجستي والسياسي الكبير الذي تتلقاه من بلدان في المنطقة وخارجها وهو ما يدفعها إلى استهتار بالضوابط الأخلاقية والقوانين ويكرس قناعة لديها بانها ستبقى بمنأى عن المحاسبة عن أفعالها في ظل إزدواجية المعايير التي تمارسها بعض الدول في تعاملها مع التزاماتها بمكافحة الإرهاب الدولي.
وقالت الخارجية إن حكومة الجمهورية العربية السورية إذا تضع أمامكم هذه الحقائق فانها تلفت الانتباه إلى تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين السوريين خلال الفترة الحالية لأسباب سياسية واضحة وتتطلع إلى قيام الأمين العام ومجلس الأمن بإدانة هذه الأعمال الإجرامية بشكل لا لبس فيه مؤكدة أن استمرار بعض الدول في المنطقة وخارجها بتقديم الدعم المباشر والعلني للإرهاب في سورية من خلال توفير التمويل والتسليح والتدريب والإيواء للمجموعات الإرهابية المسلحة هو المسؤول عن سفك دماء السوريين الأبرياء ويشكل انتهاكا فاضحا لقرارات مجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب.
وطالبت وزارة الخارجية والمغتربين في ختام رسالتها مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات المناسبة والفورية بحق الدول الراعية للمجموعات الإرهابية في سورية تنفيذا لقراراته ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
***
* تشوركين: الدول الغربية تنوي إعداد مشروع قرار حول سورية تحت الفصل السابع

أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين يوم الأربعاء 30 أبريل/نيسان أن الدول الغربية تنوي إعداد مشروع قرار حول سورية في مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع.
وقال تشوركين للصحفيين في أعقاب جلسة مجلس الأمن حول الوضع الانساني في سورية: “هم يقولون إنهم سيعدون مشروع قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”.
ووصف تشوركين هذه الخطوة بأنها تأتي في وقت غير مناسب، وأنه يجب بدلا من ذلك التركيز على التسوية السياسية للوضع في سورية. يذكر أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ينص على امكانية فرض عقوبات واستخدام القوة العسكرية ضد الدول التي لا ترضخ للقرار المتخذ تحت هذا الفصل.
***
* صادقُ هذا الزمان!

مريم ابراهيم – فلسطين
بانوراما الشرق الاوسط
أردت أن أقول فيه كلمة حق في وجه من يرجمونه بألفاظ و أفعال هو منها براء ، لكني تراجعت و قلت لنفسي لن يصدقني ولن يكترث لقولي أناس امتلأت نفوسهم بالحقد و عميت عيونهم عن رؤية الصواب وطفح كيانهم بطائفية مقيتة تسيل من مساماتهم كما يسيل اللعاب من فم كائن أثخنه المرض .
ثم فكرت …….. لعلي أقوم باستدراج هؤلاء – و هؤلاء هم الكثيرون من أبناء لغتي و ديانتي – باستخدام المنطق و الحكمة و التعقل إلى رؤية حقيقة هذا القائد المخلص الشجاع الأمين ، لكني تراجعت مرة أخرى لأني تذكرت بأن أناس هذا الزمان ما عاد يسيّرهم المنطق و العقل ، بل أصبحوا يسيرون خلف الأهواء و المصالح و العواطف و خلف أحزاب طائفية و سياسية كالإمعة- قال (ص):لا يكن أحدكم إمعة ….”- و خلف الدعاية الكاذبة ، و لقد انقسم أبناء البلد الواحد إلى فرق متنافرة متناحرة كل فريق يهيم في واد ،يعادي إخوة له في اللغة و الدين و الوطن.
ثم خطرت لي فكرة … قلت سأتحاشى ذكر إسمه بصريح الكلمة ، و أكتفي بعرض خصاله أمام الملأ، و لتكن تلك الخصال هي من يقود إلى معرفة شخصه ، فإن عرفه هؤلاء من خصاله تكون الرسالة قد وصلت ، و تكون المهمة قد نجحت .
سيكون بمثابة اختبار ذاتي يقوم به كل شخص منفردا ، ثم يحكم على نفسه بنفسه ، و يعلم إلى أي فئة من الفئتين ينتمي .
أسطر هنا بعضا من خصاله :
- هو قائد عربي مسلم ، نعيش – لحسن حظنا- الآن في عصره .
- يلقب بصادق هذا العصر بشهادة من أعدائه قبل أصدقاءه.
- جعل من القدس – بؤرة الصراع العربي الغربي- قبلة جهاده و ربط توقيته بتوقيتها في إشارة عميقة، و لم يزح ناظريه عنها يوما .
- اتبع قوله تعالى ” و أعدوا لهم ما استطعتم….” بالعمل لا بالشعارات!!!
- يرهب أعداء الأمة و يحسبون له ألف حساب ، يذهلهم بحكمته و بأسه ، و لا يغيب عن دراساتهم و تحليلاتهم.
- قاد انتصارا على المحتل لأرضه فحررها و أخرجهم منها خروج الذليل برغم عدتهم و عتادهم ، فأسقط نظرية الجيش الذي لا يهزم و هيبة الدولة النووية !!
- ابنه كان في ساحات الجهاد مثل غيره ، و عندما استشهد رفض أن يعامل جثمانه بقيمة أعلى من جثمان غيره من الشهداء في مساومات العدو و كان من أقواله بعد استشهاد ابنه: ” الآن أستطيع أن أنظر في عيون آباء و أمهات الشهداء دون خجل”.
- تشن عليه منذ سنوات – للدقة منذ لحظة انتصاره على الإسرائيلي – حرب إعلامية و غير إعلامية شرسة ، مدعومة بمال نفطي لتشويهه ووصمه بالطائفية ، و لكن الحقيقة أنه ما سمعت منه أذن و لا رأت منه عين أي كلمة أو فعل يدل على ذلك بل بالعكس كان دائما يدعو للوحدة الإسلامية ، و يحذر من خطر الفتنة ، و الحق يقال بأن متهميه أنفسهم هم الغارقون في مستنقع الطائفية ، و لا نسمع هذه اللغة البغيضة الا من أفواههم .
- هوجم في عقر داره ممن يدعون انتمائهم الى الإسلام ! ووصلت الى درجة تفجيرات انتحارية في رجال و نساء و أطفال- اثنتان من تلك التفجيرات كانت بأمكنة فيها أطفال أيتام – و مع ذلك عض على جراحه و كتم أساه و أبى أن ينزلق إلى ما أرادوه له من الفتنة و الاقتتال و ارتفع بحكمته و حُلُمه عن كل ذلك و ظل معتصما بحبل الله وحده .
- المأخذ أو الإشكالية الوحيدة التي حاربوه و حاصروه بها ، و التي كانت حجتهم في الهجوم عليه هو ادعائهم بأنه دعم ” ديكتاتورا ” ضد إرادة شعب ، لكن الحقيقة التي رأيناها بأم أعيننا أنه في بداية الأحداث صمت و تروى حتى تيقن بأن يدا خفية – هي ذات اليد التي تنخر في جسد الأمة العربية منذ عقود- تتسلل إلى تلك الدولة العربية بنية مبيتة لتفتيتها و إضعافها و القضاء على جيشها لتلحقها بشقيقاتها من بعض الدول العربية ، فتقسمها و تزرع فيها فتنة كما فعلت في سابقاتها فيقضى بذلك عليها ، ثم لتتسلل منها بعد ذلك إلى الهدف الأكبر لها و هو القضاء على آخر الحصون المقاومة الحرة الشريفة. هنا فقط تحرك ذلك القائد ليحمي ذلك الحصن العربي المقاوم الأخير !
لم و لن يخفى على أحد شخص هذا القائد ، و لكن هنالك فئتان و معرفتان !!
فئة ستعرفه لأن الله أنار قلبها و فتح على فؤادها فرأت الحق و أقرت به و اتبعته.
أما الفئة الثانية و هي التي تثير الحفيظة فهي أيضا ستعرفه و لكن بقلب امتلأ بالحقد و الجهل ، و النكران.
لمن وجد نفسه من الفئة الثانية أقول :
حين تدلك تلك الخصال الحميدة النادرة على شخص واحد فقط لا غير، فأنت تعترف و تقر بأن هذا الشخص هو سيد هذه الخصال الوحيد و سيد رجال هذا العصر و خيرة الزعماء ، و اعترافك هذا يستلزم منك أن تقف وقفة شجاعة في مواجهة نفسك و تسألها عن منشأ أفكارها الحقيقي و عن الأسباب التي قادتها الى الإنحراف عن طريق الحق ، عليك أن تراجع موقفك و فكرك ، عليك أن تحاسب نفسك و تسألها قبل أن يأتي عليك يوم تُسأل فيه و لا تَسأل .
***
1/5/2014
* هجوم تركي ـ خليجي لاستكمال غزو حلب

خليل حرب/السفير
لم تبلغ اندفاعة الهجوم التركي على حلب، منتهاها. أغراضها العسكرية لم تتحقق بعد، لكن الأكثر أهمية أن الهدف السياسي لم يُنجز حتى الآن، ما يثير مخاوف من ان موجات المسلحين، المتعددي الولاءات والانتماءات والمجتمعين بخيط المصالح العليا لتركيا، لن تتوقف قريبا على المدينة المنكوبة بالموت منذ أكثر من 600 يوم.
وهي ليست المرة الاولى التي تترابط فيها التطورات الميدانية، أو تتحرك فيها خطوط الجبهات، مع الرهانات السياسية، بل يتكاملان أحيانا، مثلما جرى خلال جولات التفاوض في جنيف الاول والثاني. وبهذا المعنى، فإن السؤال يصبح مشروعاً عن الهدف من سلسلة الهجمات التي تشهدها حلب بشكل لافت ودموي خلال الأسابيع الماضية.
ماذا لتركيا في حلب؟ ولماذا، برغم الأكلاف العالية في صفوف المسلحين المهاجمين ـ والمدنيين طبعاً ـ هذه الرغبة الحثيثة في محاولة الاستيلاء عليها في هذا التوقيت؟ صحيح أن الهجمة التركية على سوريا، لم تتبدل منذ بدايات الحرب، سوى من خلال ما تتطلبه المعركة ذاتها، إلا ان الصحيح ايضا أن ما بدا وكأنه انكفاء في نهاية العام 2013، اتضح أنه مؤقت، ومرتبط على ما يبدو بثلاثة أمور أساسية: اولا تعثر حسابات البيدر السوري، وثانيا حسابات الحكومة الأردوغانية داخليا، وثالثا مراجعة الحسابات الاقليمية وتبدلاتها.
ويبدو أن تزامن موعد الهجومين الكبيرين، على حلب وكسب (في ريف اللاذقية)، مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية التركية، دفع الكثيرين وقتها الى ربطهما بحسابات سياسية داخلية لرجب طيب أردوغان، وهو ربط تبين أنه غير دقيق، اذ ان الرجل بدا، كما برهنت نتائج صناديق الاقتراع، أنه ما زال يتمتع بتأييد شعبي قوي، سيشجعه لاحقا للتقدم كمرشح لانتخابات الرئاسة.
اذاً، لماذا الاندفاعة العسكرية الكبرى نحو مدينة حلب وما هي مراميها؟ واذا كان الهدف العسكري الجلي هو التصدي لهجوم القضم الذي يقوم به الجيش السوري منذ شهور، وإعادة إحكام الطوق حول المدينة، واختراقها، فإن المكسب السياسي الوحيد الذي يلوح أمامنا يصير مرتبطا باستحقاقات الانتخابات الرئاسية السورية، خاصة أن أنقرة، منذ الشهور الاولى للأزمة السورية، تركز على فكرة أساسية: التشكيك في شرعية النظام السوري، فكيف إذاً سيحل هذا الاستحقاق، وتقف مكتوفة الأيدي سامحة لهذا النظام نفسه بادعاء تعزيز شرعيته حتى وإن أُقصيت مناطق بأكملها من عملية الاقتراع؟!
ومثلما كان اقتحام حلب في تموز العام 2012 التطبيق الأولي لمفاوضات جنيف الاولى الهادفة الى إضعاف النظام السوري، فإن الاستيلاء على حلب الآن، بعد تعثر «جنيف2»، يصبح مطلباً تركياً ضرورياً وملحاً. مهتمة أنقرة بتبديد الصورة الملتصقة بها بأنها قادرة فقط على التخريب إقليميا، لكنها عاجزة عن تبديل المشهد.
يقول مصدر مطلع على التطورات العسكرية في الشمال السوري لـ«السفير» إن الكثير يمكن فهمه من مسار السلوك التركي اذا أخذ بالاعتبار اهتمام أنقرة الجلي بريف حلب، وريف ادلب وريف اللاذقية وجزء من ريف الحسكة. ففي هذه المناطق الشاسعة والمتاخمة للحدود التركية، خليط «القاعدة» بوجهيها المتنازعين، أي «النصرة» و«داعش»، بالإضافة الى «أحرار الشام»، والحضور الارمني والكردي.
إلا أن المعنى السياسي للاندفاعة التركية الجديدة، لا يمكن أن يغيب. والملاحظ أن الخطاب الأردوغاني بشأن الحرب السورية لم يتبدل، والخطير أنه استمر بما يعكس استمرار الشراكة السعودية ـ القطرية ـ التركية على الرغم من الخلاف الإقليمي الحاد بين هذه الأطراف الثلاثة بشأن النفوذ «الاخواني» مثلما جرى في مصر مثلا.
ويعني ذلك في ما يعنيه، أن الأميركي نجح على ما يبدو في ضبط إيقاع الخلافات بين الدول الثلاث (على غرار ما يجري من محاولات صلح ولو متعثرة بين الدوحة والرياض) بعد زيارة الرئيس الاميركي باراك أوباما الى السعودية في آذار الماضي. وبمعنى آخر، فإن خلافات الدول الثلاث، بإمكانها في المدى المنظور، تحقيق التقاء المصالح على ساحة الدم السوري، يمكن ترجمته بمحاولة انتزاع حلب من قبضة الدولة السورية، وإخراجها سياسيا من المشهد الانتخابي الذي قد يقتصر عندها على العاصمة دمشق ومعظم مناطق حمص واللاذقية وطرطوس، بالإضافة الى السويداء.
واذا صحت التقديرات الرائجة مؤخرا بأن المملكة الأردنية دفعت باتجاه إبعاد خيار فتح الجبهة الجنوبية عن عاتقها، وإطلاق هجوم شامل من الحدود الاردنية باتجاه دمشق لما قد يحمله ذلك من مخاطر على استقرارها الداخلي، فإن فرضية خيار حلب، تصبح أكثر ترجيحاً. ويصبح الرهان على الساحة التركية الخلفية هو الأكثر ترجيحا. وكانت «السفير» قد نقلت منذ يومين عن مسؤول سوري رفيع المستوى قوله إن الهجوم على حلب يهدف الى عرقلة العملية الانتخابية في حزيران المقبل، مشيرة الى ان تحليلات السلطة تستند الى عاملين، الأول هو أن «الوزن السكاني الأكبر في المدينة» يقع تحت سيطرة النظام، والثاني لرمزية حلب التاريخية والاقتصادية والاجتماعية. ونقلت «السفير» عن المصدر قوله إن الإسناد الخلفي اللوجستي لما يجري في حلب، تركي أساساً، ويجسد الرغبة التركية المعلنة في إعاقة هذه الانتخابات.
ويقول المصدر المطلع على تطورات المشهد العسكري إن هناك استماتة تركية من أجل تغيير المشهد في حلب، من خلال الجبهات التي جرت محاولات لاقتحامها:
1ـ من الراموسة لقطع خط الإمداد الغذائي والعسكري من بلدة خناصر الاستراتيجية الى حلب.
2 ـ من الليرمون باتجاه الزهراء وصولا الى مقر المخابرات الجوية، في الأحياء الشمالية الغربية، وهو مقر قال مسؤول سوري حوله إن سقوطه يعني سقوط حلب استراتيجيا.
3 ـ من حلب القديمة الى سوق الزهراوي لمحاولة قطع الطريق على الجيش في قلعة حلب.
4 ـ من بستان الباشا في شمال حلب نحو حي الميدان وسليمان الحلبي.
5 ـ ثكنة هنانو التي تطل على الأحياء الشمالية لحلب وعلى طريق إمداد رئيسي للمعارضة من الشمال السوري والتي تعرضت للهجوم الأكبر في عيد الجلاء.
اللافت كما لاحظ المصدر والخبراء المتابعون للمشهد العسكري، الظهور القوي للقيادات والفصائل الآسيوية، وتحديدا الشيشانية والداغستانية، في قيادة وتنفيذ الهجمات المتتالية التي نفذتها فصائل مختلفة على العاصمة الثانية لسوريا، وهي قيادات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاستخبارات التركية منذ أيام حرب الشيشان الاولى في التسعينيات، ويصير أمراً لافتاً للنظر استحضارها من مختلف الجبهات السورية، للمشاركة في غزوة حلب.
ويقول المصدر إن الأتراك أدركوا أهمية سياسة القضم التي يقوم بها الجيش السوري منذ شهور في محيط حلب، خصوصا منذ استعادة السفيرة، على المدخل الشرقي للمدينة، وصولا الى تحرير مقر «اللواء 80» حتى حي الشيخ نجار وتلة الغالي، ما جعل الجيش يتموضع على بعد كيلومترين فقط من سجن حلب المركزي المحاصر. كما حقق الجيش تقدماً مهماً من خلال دخول قلب المنطقة الصناعية واستعادة منطقة المطاحن نحو معمل الزعتر الحلبي، والزحف الى حي الشيخ سعيد باتجاه منطقة الزيات.
وتشير الاندفاعة «الجهادية» للشيشان والداغستانيين وغيرهم من إسلاميي القوقاز الى إدراك تركي لخطورة الموقف ودخول أنقرة مجددا بزخم أكبر على معادلة التوازنات العسكرية في الحرب السورية. ومن بين من جرى رصد مشاركتهم الفاعلة في هجمات حلب المتتابعة، ألوية وكتائب تركمانية، تركية الولاء بالمطلق، ومنها «كتيبة المنتصر بالله» و«لواء السلطان مراد» و«لواء السلطان محمد الفاتح».
إلا أن الأبرز في التنظيمات والفصائل المشاركة، «جيش المهاجرين والأنصار» بقيادة صلاح الدين الشيشاني، وهو رئيس غرفة العملية العسكرية في حلب، ونائبه أبو أسماء الداغستاني، بالإضافة الى «كتيبة الإمام البخاري» (مقاتلون أوزبك) والتي قتل قائدها في المعارك الأخيرة، ويدعى محمد الطشقندي.
وبالإضافة الى هؤلاء، هناك «جبهة النصرة» ممثلة بجماعة سيف الله الشيشاني الذي قتل منذ شهرين وأعلنت كتيبته «جيش الخلافة»، الولاء للجبهة، بما كان يُعرف عنه بعلاقة قديمة مع الاستخبارات التركية.
ما يجري في حلب وفق هذا المشهد، إعادة توجيه للعملية العسكرية، وفق الهدف السياسي المركزي المنشود الآن، باستهداف الانتخابات السورية لإجهاضها من مراميها، حتى ولو كانت مجرد بارقة أمل في نفق حمام الدم السوري، بعد تعثر مفاوضات «جنيف 2» وجمود مسار الحلول السياسية البديلة، بعد تقدم المشهد الأوكراني على سلّم الاهتمامات الأميركية والروسية.
وبهذا المعنى، فإن المعركة الدائرة الآن على الارض، عنوانها الأساسي، الى جانب كسر هيبة الدولة السورية في حلب وريفها، الرد على قرب اكتمال تأمين المنطقة الوسطى، ووأد العملية الانتخابية والبناء على ذلك لاحقا باستكمال حملة التشكيك بشرعية الحكم، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بكل فتاوى «الجهاديين» ومناورات السياسة ومؤامرات الامن، لضرب الاماكن الآمنة نسبيا كما جرى في حمص قبل يومين، وتفعيل سلاح الهاون على أحياء دمشق، من منطقتي المليحة وجوبر، والاستعانة بين هذه وتلك، بالتجارب الأفغانية والعراقية باللعب على هواجس الناخبين من الانتحاريين، حتى تواصل دورة الدم السوري دورتها.
***
* كيلومتر يفصل الجيش عن سجن حلب

وضع الجيش مسألة تحرير المدينة الصناعية في حلب على رأس أولوياته، بالتزامن مع اقتراب قواته من سجن حلب المحاصر. في وقت تمدّدت فيه المعارك في مختلف مناطق الغوطة الشرقية
باسل ديوب, ليث الخطيب, مرح ماشي
بحلول مساء أمس، سيطرت وحدات من الجيش السوري على «دوّار البريج»، المتاخم للمدينة الصناعية في الشيخ نجار، التي أحكم الجيش إغلاق بوابتها الرئيسية. يأتي ذلك وسط مؤشرات على شنّ الجيش عملية برية ليلية، تمهّد للسيطرة على المدينة الصناعية. فيما شنّ مسلحو «جبهة النصرة» هجوماً مضاداً في محاولة لاستعادة السيطرة على الدوار الاستراتيجي.
وتتواصل المعارك وسط تأكيد مصادر الطرفين أنّ الصباح سيحمل حسماً لمصلحته. وعلى صعيد متصل، استهدف سلاح الجو تجمعات المسلحين في محيط سجن حلب المركزي، تمهيداً لعملية تهدف إلى فك الحصار عنه بالكامل، بعد أن باتت المسافة التي تفصل وحدات الجيش والقوات الحليفة عن أسوار السجن أقل من كيلومتر واحد.
وتزامناً مع عودة المعارك إلى جبهة المدينة الصناعية، تراجعت حدة المعارك على جبهة مبنى المخابرات الجوية في الزهراء. وكان يوم أمس قد شهد تكثيفاً لاستخدام الجيش لطائراته الحربية في محافظة حلب، مستهدفاً «سيارة وآليات مدرعة مزودة برشاشات متوسطة وثقيلة في المدينة وريفها». وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار» إن «حصيلة السيارات والآليات التي دُمِّرت خلال أربع وعشرين ساعة تجاوزت الخمسين».
وشعر بعض سكان المدينة بهزة أرضية خفيفة تبيّن أنها ناتجة من تفجير نفق يربط بين شارع جمال عبد الناصر في الكلاسة بمنطقة باب أنطاكية قرب فرع المرور. وذكر مصدر عسكري لـ«الأخبار» أن وحدة من الجيش فجرت نفقاً بمن فيه من المسلحين بالقرب من باب أنطاكية.
بدء تنفيذ العديد من بنود التسوية في الزبداني في ريف دمشق
في موازاة ذلك، اتسعت دائرة المواجهات في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، لتتمدّد على كل المحاور المحاذية لأطراف العاصمة. ويسعى الجيش إلى تثبيت سيطرته على المحاور التي أحرز تقدماً فيها في حي جوبر. قوات المسلّحين توزّعت على جبهتي جوبر والمليحة، بعدما كانت كلّها ترابط في المليحة. وقال مصدر عسكري رسمي لـ«الأخبار» إن «توسيع دائرة المواجهة البرية مع المسلّحين من شأنه أن يضاعف عملية استنزاف قواهم المادية والبشرية، فضلاً عن تشتيتهم على مساحات شاسعة، الأمر الذي يمهّد لاختراق الغوطة الشرقية من أكثر من محور».
وفي سياق مختلف، علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن اشتباكاً دار قبل بضعة أيام بين مسلّحين من بلدة مسرابا، في عمق الغوطة الشرقية، من جهة، ومسلّحي «جيش الإسلام» من جهة أخرى، في منطقة قريبة من دوما. وأدى الاشتباك إلى مقتل اثنين من مسلّحي البلدة. وقالت المصادر إن سبب الاشتباك كان «خروج وفد من أهالي مسرابا، برفقة عشرات المسلّحين فيها، إلى دوما لمطالبة زعماء «جيش الإسلام» بالموافقة على عقد تسوية مع الجيش في بلدتهم وعدم إفشالها إذا تمّت». إلا أن مسلّحي «جيش الإسلام» أطلقوا النار على الوفد، ليتطور الأمر إلى مواجهة.
تسوية الزبداني
على صعيد آخر، تتواصل الجهود لإنجاح التسوية في بلدة الزبداني (شمالي غربي دمشق). مصادر من البلدة قالت لـ«الأخبار» إن الاتفاق على بنود التسوية تمّ، وبدأ بتنفيذ العديد منها، فقد بلغ عدد المسلّحين الذين تقدموا لتسوية أوضاعهم في البلدة أكثر من 400، فيما سلّم «الجيش الحر» أسلحة ثقيلة للجيش السوري. ويوم أمس جرت اتصالات للبحث في إعلان نجاح التسوية، بين عدّة أطراف، هي لجنة المصالحة داخل الزبداني، ولجنة المصالحة خارجها، إضافة إلى وزارة المصالحة الوطنية والجيش. ومن المتوقع أن يُعلَن انتهاء تنفيذ الخطوات الأولية للتسوية خلال اليومين المقبلين. ويقول قيادي في «الجيش الحر» لـ«الأخبار» إن «كل المسلّحين وافقوا على التسوية، باستثناء مجموعة صغيرة غير مؤثرة تتبع لجبهة النصرة. طلبنا منها الخروج من الزبداني، وستخرج خلال أيام». إلا أن مصادر رسمية قالت إن الجيش لن يرضى بتسوية لا يسلم بموجبها مقاتلو المعارضة أسلحتهم.
صواريخ على اللاذقية
في غضون ذلك، تستمر المعارك في ريف اللاذقية، وبدأت قوات الجيش عملية عسكرية في قرية النبعين جنوب بلدة كسب الحدودية، بالتزامن مع استهداف مدفعية الجيش مواقع تمركز المسلحين في منطقة عين الدلبة ضمن الريف الشمالي كذلك تتواصل الاشتباكات ضمن أراضي قرية السمرا الحدودية. مستودعات الذخيرة في قرية ربيعة الخارجة عن سيطرة الدولة، كانت هدف سلاح الجو، إضافة إلى استهداف تجمعات المسلحين في كسب. وتحدّثت وكالة «سانا» عن مقتل 39 مسلحاً معظمهم من جنسيات غير سورية في عين الدلبة. وبحسب الوكالة من بين القتلى اللبناني عبد الله الكاتبي ومحمود عارف وماهر رضوان وصبري المجبور. وفي إطار ما سمته صفحات المعارضة إصابات دقيقة حققها مسلحو «الجيش الحر» في مقر «القوى البحرية» و«الدفاع الوطني»، سقط صاروخا «غراد» على منطقة بساتين الريحان الشعبية، الواقعة شرق مدينة اللاذقية، من دون تحقيق إصابات.
* خارجية سوريا توجه رسالة لبان كي مون ورئيس مجلس الأمن حول استهداف الإرهابيين الأحياء السكنية

أكدت وزارة الخارجية في رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن أن السياسة الممنهجة للمجموعات الإرهابية فى استهداف المدنيين فى سورية لم تكن لتتفاقم لولا الدعم المادى والعسكري واللوجستي والسياسي الكبير الذى تتلقاه من بلدان فى المنطقة وخارجها وهو ما يدفعها إلى الاستهتار بالضوابط الأخلاقية والقوانين ويكرس قناعة لديها بانها ستبقى بمنأى عن المحاسبة على أفعالها في ظل إزدواجية المعايير التي تمارسها بعض الدول في تعاملها مع التزاماتها بمكافحة الإرهاب الدولي.
وجاء في الرسالة التي تلقت سانا نسخة منها يستمر الإرهاب الذي يستهدف سورية شعبا ودولة في التصاعد حيث بلغ مؤخرا حدودا غير مسبوقة في الاستهداف المتعمد للأحياء السكنية وللمدارس والمستشفيات والبنى التحتية ودور العبادة الإسلامية والمسيحية بقذائف الهاون العشوائية والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والتي أودت خلال الأيام القليلة الماضية بحياة مئات من المدنيين الأبرياء جلهم من الأطفال والنساء بهدف إرهاب الشعب السوري في محاولة واهمة من معتنقي الوهابية والفكر التكفيري وداعميهم من دول وأطراف إقليمية وأخرى من خارج المنطقة لإعادة المجتمع السوري إلى عصور الجاهلية والظلام.
وقالت الخارجية إنه وفي إطار هذا الإجرام المنظم ارتكبت المجموعات الإرهابية المسلحة مجازر مروعة استهدفت المدارس في مدينة دمشق بقذائف صاروخية أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات من طلبة المدارس من الأطفال الأبرياء حيث أدت قذائف الهاون التي أطلقتها المجموعات الإرهابية المسلحة على معهد بدر الدين الحسني للعلوم الشرعية في حي الشاغور يوم أمس الثلاثاء 29 نيسان إلى استشهاد 14 طالبا وإصابة 86 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة كما قامت المجموعات الإرهابية بعد ظهر ذات اليوم بإطلاق عدة قذائف هاون على مركز الإقامة المؤقت في إحدى المدارس بمنطقة عدرا البلد ما أدى إلى استشهاد ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و14 سنة واحد المواطنين وإصابة 19 آخرين موضحة أن المركز يضم العديد من الأسر التي تم تهجيرها من منازلها بفعل الاعتداءات الإرهابية للمجموعات المسلحة وقد سبق ذلك ارتكاب المجموعات الإرهابية المسلحة مجزرة أخرى عندما استهدفت مدرسة المنار بقذائف الهاون ما أدى إلى استشهاد طفلين وجرح 60 آخرين عدد منهم إصابته خطيرة.
وأشارت الخارجية في رسالتها إلى أنه لوحظ مؤخرا أن هناك نمطا ممنهجا يقوم على استهداف كل من المشافي والمدارس في تزامن واضح بهدف إجبار الطواقم الطبية على إخلاء المشافي المستهدفة لافتعال ضغط على المشافي الأخرى وخلق حالة من الهلع والفوضى تهدف للتأثير على قدرات الكوادر الطبية في تقديم الخدمات الإسعافية للمصابين وتستمر المجموعات الإرهابية باستهداف أحياء معينة في مدينة دمشق وريفها بشكل يومي بقذائف الهاون العشوائية ومن ذلك استهداف منطقتي العباسيين والزبلطاني يوم أمس 29 الجاري بتسع قذائف هاون ما أدى إلى إصابة ثمانية مواطنين واستهداف مدينة جرمانا السكنية بعدد من قذائف الهاون ما أدى إلى استشهاد ستة مواطنين بينهم ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10 و14 سنة وامرأة وإصابة 32 آخرين وإلحاق أضرار كبيرة بالممتلكات.
وبينت وزارة الخارجية والمغتربين أنه وفي مدينة حلب وتحت سمع وبصر فريق الأمم المتحدة الذي كان يزور المدينة مؤخرا استهدفت العصابات الإرهابية عددا من أحياء المدينة السكنية بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية وطلقات القنص ما أدى إلى استشهاد عشرات المواطنين الآمنين 20 منهم كانوا ينتظرون الدور لشراء الخبز من أحد الأفران كما تواصل العصابات الإرهابية تنفيذ أعمالها الإرهابية بحق تراث المدينة وابنيتها التاريخية إذ تم تفجير عدة أنفاق حفرتها هذه المجموعات وفخختها بمئات الأطنان من المتفجرات تحت عدد من الأبنية التاريخية والأثرية وفجرت محطة تحويل الكهرباء بهدف حرمان المواطنين من الخدمات الأساسية التي توفرها الحكومة السورية لهم.
وقالت الوزارة إنه لمن المستهجن أن هذه المجموعات الإرهابية لم تكتف في مدينة حلب باستخدام الأسلحة القاتلة التي تزودها بها دول مثل قطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بل تعمد إلى استخدام صواريخ محلية الصنع تهدف إلى إحداث أكبر تخريب ممكن وأقصى درجة من الأذى ومن ذلك ما يسمى بـ “مدفع جهنم” الذي يتم فيه قذف اسطوانات الغاز المنزلي المحشوة بالكرات الحديدية والمسامير والقطع المعدنية الحادة ومواد شديدة الانفجار على الأحياء السكنية والتي لا يقتصر أذاها على قتل الأبرياء والتدمير الكبير للبنى التحتية بل تترك أعدادا كبيرة من المدنيين وأغلبهم من الأطفال وقد بترت أطرافهم أو تعرضوا لأذيات مستدامة.
وأضافت الخارجية والمغتربين إن مدينة حمص لم تسلم من إجرام هذه المجموعات عبر الاستهداف اليومي للأحياء السكنية بقذائف الهاون فقد قامت المجموعات الإرهابية بمجزرة مروعة يوم أمس 29-4-2014 بتفجيرين بواسطة سيارتين مفخختين في حي سكني ما أسفر عن استشهاد 40 مواطنا معظمهم من الأطفال والنساء وإصابة 116 آخرين بطريقة تطابق الأسلوب الذي يتبعه تنظيم القاعدة بالقيام بتفجيرات متتابعة بهدف إلحاق الأذى بأكبر عدد ممكن من المدنيين والطواقم الطبية المسعفة.
وأكدت في رسالتها أن هذه الاعتداءات المذكورة أعلاه ما هي إلا أمثلة عن الحقد والإرهاب الذي يطال الأحياء السكنية والمدنيين في جميع المدن السورية من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة بهدف ترويع المدنيين وعرقلة الحياة اليومية للمواطن السوري ومنع الطلبة من الذهاب إلى مدارسهم ومتابعة تحصيلهم العلمي مبينة أن هذه السياسة الممنهجة للمجموعات الإرهابية في استهداف المدنيين لم تكن لتتفاقم لولا الدعم المادي والعسكري واللوجستي والسياسي الكبير الذي تتلقاه من بلدان في المنطقة وخارجها وهو ما يدفعها إلى استهتار بالضوابط الأخلاقية والقوانين ويكرس قناعة لديها بانها ستبقى بمنأى عن المحاسبة عن أفعالها في ظل إزدواجية المعايير التي تمارسها بعض الدول في تعاملها مع التزاماتها بمكافحة الإرهاب الدولي.
وقالت الخارجية إن حكومة الجمهورية العربية السورية إذا تضع أمامكم هذه الحقائق فانها تلفت الانتباه إلى تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين السوريين خلال الفترة الحالية لأسباب سياسية واضحة وتتطلع إلى قيام الأمين العام ومجلس الأمن بإدانة هذه الأعمال الإجرامية بشكل لا لبس فيه مؤكدة أن استمرار بعض الدول في المنطقة وخارجها بتقديم الدعم المباشر والعلني للإرهاب في سورية من خلال توفير التمويل والتسليح والتدريب والإيواء للمجموعات الإرهابية المسلحة هو المسؤول عن سفك دماء السوريين الأبرياء ويشكل انتهاكا فاضحا لقرارات مجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب.
وطالبت وزارة الخارجية والمغتربين في ختام رسالتها مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات المناسبة والفورية بحق الدول الراعية للمجموعات الإرهابية في سورية تنفيذا لقراراته ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
***
* تشوركين: الدول الغربية تنوي إعداد مشروع قرار حول سورية تحت الفصل السابع

أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين يوم الأربعاء 30 أبريل/نيسان أن الدول الغربية تنوي إعداد مشروع قرار حول سورية في مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع.
وقال تشوركين للصحفيين في أعقاب جلسة مجلس الأمن حول الوضع الانساني في سورية: “هم يقولون إنهم سيعدون مشروع قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”.
ووصف تشوركين هذه الخطوة بأنها تأتي في وقت غير مناسب، وأنه يجب بدلا من ذلك التركيز على التسوية السياسية للوضع في سورية. يذكر أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ينص على امكانية فرض عقوبات واستخدام القوة العسكرية ضد الدول التي لا ترضخ للقرار المتخذ تحت هذا الفصل.
***
* صادقُ هذا الزمان!

مريم ابراهيم – فلسطين
بانوراما الشرق الاوسط
أردت أن أقول فيه كلمة حق في وجه من يرجمونه بألفاظ و أفعال هو منها براء ، لكني تراجعت و قلت لنفسي لن يصدقني ولن يكترث لقولي أناس امتلأت نفوسهم بالحقد و عميت عيونهم عن رؤية الصواب وطفح كيانهم بطائفية مقيتة تسيل من مساماتهم كما يسيل اللعاب من فم كائن أثخنه المرض .
ثم فكرت …….. لعلي أقوم باستدراج هؤلاء – و هؤلاء هم الكثيرون من أبناء لغتي و ديانتي – باستخدام المنطق و الحكمة و التعقل إلى رؤية حقيقة هذا القائد المخلص الشجاع الأمين ، لكني تراجعت مرة أخرى لأني تذكرت بأن أناس هذا الزمان ما عاد يسيّرهم المنطق و العقل ، بل أصبحوا يسيرون خلف الأهواء و المصالح و العواطف و خلف أحزاب طائفية و سياسية كالإمعة- قال (ص):لا يكن أحدكم إمعة ….”- و خلف الدعاية الكاذبة ، و لقد انقسم أبناء البلد الواحد إلى فرق متنافرة متناحرة كل فريق يهيم في واد ،يعادي إخوة له في اللغة و الدين و الوطن.
ثم خطرت لي فكرة … قلت سأتحاشى ذكر إسمه بصريح الكلمة ، و أكتفي بعرض خصاله أمام الملأ، و لتكن تلك الخصال هي من يقود إلى معرفة شخصه ، فإن عرفه هؤلاء من خصاله تكون الرسالة قد وصلت ، و تكون المهمة قد نجحت .
سيكون بمثابة اختبار ذاتي يقوم به كل شخص منفردا ، ثم يحكم على نفسه بنفسه ، و يعلم إلى أي فئة من الفئتين ينتمي .
أسطر هنا بعضا من خصاله :
- هو قائد عربي مسلم ، نعيش – لحسن حظنا- الآن في عصره .
- يلقب بصادق هذا العصر بشهادة من أعدائه قبل أصدقاءه.
- جعل من القدس – بؤرة الصراع العربي الغربي- قبلة جهاده و ربط توقيته بتوقيتها في إشارة عميقة، و لم يزح ناظريه عنها يوما .
- اتبع قوله تعالى ” و أعدوا لهم ما استطعتم….” بالعمل لا بالشعارات!!!
- يرهب أعداء الأمة و يحسبون له ألف حساب ، يذهلهم بحكمته و بأسه ، و لا يغيب عن دراساتهم و تحليلاتهم.
- قاد انتصارا على المحتل لأرضه فحررها و أخرجهم منها خروج الذليل برغم عدتهم و عتادهم ، فأسقط نظرية الجيش الذي لا يهزم و هيبة الدولة النووية !!
- ابنه كان في ساحات الجهاد مثل غيره ، و عندما استشهد رفض أن يعامل جثمانه بقيمة أعلى من جثمان غيره من الشهداء في مساومات العدو و كان من أقواله بعد استشهاد ابنه: ” الآن أستطيع أن أنظر في عيون آباء و أمهات الشهداء دون خجل”.
- تشن عليه منذ سنوات – للدقة منذ لحظة انتصاره على الإسرائيلي – حرب إعلامية و غير إعلامية شرسة ، مدعومة بمال نفطي لتشويهه ووصمه بالطائفية ، و لكن الحقيقة أنه ما سمعت منه أذن و لا رأت منه عين أي كلمة أو فعل يدل على ذلك بل بالعكس كان دائما يدعو للوحدة الإسلامية ، و يحذر من خطر الفتنة ، و الحق يقال بأن متهميه أنفسهم هم الغارقون في مستنقع الطائفية ، و لا نسمع هذه اللغة البغيضة الا من أفواههم .
- هوجم في عقر داره ممن يدعون انتمائهم الى الإسلام ! ووصلت الى درجة تفجيرات انتحارية في رجال و نساء و أطفال- اثنتان من تلك التفجيرات كانت بأمكنة فيها أطفال أيتام – و مع ذلك عض على جراحه و كتم أساه و أبى أن ينزلق إلى ما أرادوه له من الفتنة و الاقتتال و ارتفع بحكمته و حُلُمه عن كل ذلك و ظل معتصما بحبل الله وحده .
- المأخذ أو الإشكالية الوحيدة التي حاربوه و حاصروه بها ، و التي كانت حجتهم في الهجوم عليه هو ادعائهم بأنه دعم ” ديكتاتورا ” ضد إرادة شعب ، لكن الحقيقة التي رأيناها بأم أعيننا أنه في بداية الأحداث صمت و تروى حتى تيقن بأن يدا خفية – هي ذات اليد التي تنخر في جسد الأمة العربية منذ عقود- تتسلل إلى تلك الدولة العربية بنية مبيتة لتفتيتها و إضعافها و القضاء على جيشها لتلحقها بشقيقاتها من بعض الدول العربية ، فتقسمها و تزرع فيها فتنة كما فعلت في سابقاتها فيقضى بذلك عليها ، ثم لتتسلل منها بعد ذلك إلى الهدف الأكبر لها و هو القضاء على آخر الحصون المقاومة الحرة الشريفة. هنا فقط تحرك ذلك القائد ليحمي ذلك الحصن العربي المقاوم الأخير !
لم و لن يخفى على أحد شخص هذا القائد ، و لكن هنالك فئتان و معرفتان !!
فئة ستعرفه لأن الله أنار قلبها و فتح على فؤادها فرأت الحق و أقرت به و اتبعته.
أما الفئة الثانية و هي التي تثير الحفيظة فهي أيضا ستعرفه و لكن بقلب امتلأ بالحقد و الجهل ، و النكران.
لمن وجد نفسه من الفئة الثانية أقول :
حين تدلك تلك الخصال الحميدة النادرة على شخص واحد فقط لا غير، فأنت تعترف و تقر بأن هذا الشخص هو سيد هذه الخصال الوحيد و سيد رجال هذا العصر و خيرة الزعماء ، و اعترافك هذا يستلزم منك أن تقف وقفة شجاعة في مواجهة نفسك و تسألها عن منشأ أفكارها الحقيقي و عن الأسباب التي قادتها الى الإنحراف عن طريق الحق ، عليك أن تراجع موقفك و فكرك ، عليك أن تحاسب نفسك و تسألها قبل أن يأتي عليك يوم تُسأل فيه و لا تَسأل .
***
1/5/2014
* هجوم تركي ـ خليجي لاستكمال غزو حلب

خليل حرب/السفير
لم تبلغ اندفاعة الهجوم التركي على حلب، منتهاها. أغراضها العسكرية لم تتحقق بعد، لكن الأكثر أهمية أن الهدف السياسي لم يُنجز حتى الآن، ما يثير مخاوف من ان موجات المسلحين، المتعددي الولاءات والانتماءات والمجتمعين بخيط المصالح العليا لتركيا، لن تتوقف قريبا على المدينة المنكوبة بالموت منذ أكثر من 600 يوم.
وهي ليست المرة الاولى التي تترابط فيها التطورات الميدانية، أو تتحرك فيها خطوط الجبهات، مع الرهانات السياسية، بل يتكاملان أحيانا، مثلما جرى خلال جولات التفاوض في جنيف الاول والثاني. وبهذا المعنى، فإن السؤال يصبح مشروعاً عن الهدف من سلسلة الهجمات التي تشهدها حلب بشكل لافت ودموي خلال الأسابيع الماضية.
ماذا لتركيا في حلب؟ ولماذا، برغم الأكلاف العالية في صفوف المسلحين المهاجمين ـ والمدنيين طبعاً ـ هذه الرغبة الحثيثة في محاولة الاستيلاء عليها في هذا التوقيت؟ صحيح أن الهجمة التركية على سوريا، لم تتبدل منذ بدايات الحرب، سوى من خلال ما تتطلبه المعركة ذاتها، إلا ان الصحيح ايضا أن ما بدا وكأنه انكفاء في نهاية العام 2013، اتضح أنه مؤقت، ومرتبط على ما يبدو بثلاثة أمور أساسية: اولا تعثر حسابات البيدر السوري، وثانيا حسابات الحكومة الأردوغانية داخليا، وثالثا مراجعة الحسابات الاقليمية وتبدلاتها.
ويبدو أن تزامن موعد الهجومين الكبيرين، على حلب وكسب (في ريف اللاذقية)، مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية التركية، دفع الكثيرين وقتها الى ربطهما بحسابات سياسية داخلية لرجب طيب أردوغان، وهو ربط تبين أنه غير دقيق، اذ ان الرجل بدا، كما برهنت نتائج صناديق الاقتراع، أنه ما زال يتمتع بتأييد شعبي قوي، سيشجعه لاحقا للتقدم كمرشح لانتخابات الرئاسة.
اذاً، لماذا الاندفاعة العسكرية الكبرى نحو مدينة حلب وما هي مراميها؟ واذا كان الهدف العسكري الجلي هو التصدي لهجوم القضم الذي يقوم به الجيش السوري منذ شهور، وإعادة إحكام الطوق حول المدينة، واختراقها، فإن المكسب السياسي الوحيد الذي يلوح أمامنا يصير مرتبطا باستحقاقات الانتخابات الرئاسية السورية، خاصة أن أنقرة، منذ الشهور الاولى للأزمة السورية، تركز على فكرة أساسية: التشكيك في شرعية النظام السوري، فكيف إذاً سيحل هذا الاستحقاق، وتقف مكتوفة الأيدي سامحة لهذا النظام نفسه بادعاء تعزيز شرعيته حتى وإن أُقصيت مناطق بأكملها من عملية الاقتراع؟!
ومثلما كان اقتحام حلب في تموز العام 2012 التطبيق الأولي لمفاوضات جنيف الاولى الهادفة الى إضعاف النظام السوري، فإن الاستيلاء على حلب الآن، بعد تعثر «جنيف2»، يصبح مطلباً تركياً ضرورياً وملحاً. مهتمة أنقرة بتبديد الصورة الملتصقة بها بأنها قادرة فقط على التخريب إقليميا، لكنها عاجزة عن تبديل المشهد.
يقول مصدر مطلع على التطورات العسكرية في الشمال السوري لـ«السفير» إن الكثير يمكن فهمه من مسار السلوك التركي اذا أخذ بالاعتبار اهتمام أنقرة الجلي بريف حلب، وريف ادلب وريف اللاذقية وجزء من ريف الحسكة. ففي هذه المناطق الشاسعة والمتاخمة للحدود التركية، خليط «القاعدة» بوجهيها المتنازعين، أي «النصرة» و«داعش»، بالإضافة الى «أحرار الشام»، والحضور الارمني والكردي.
إلا أن المعنى السياسي للاندفاعة التركية الجديدة، لا يمكن أن يغيب. والملاحظ أن الخطاب الأردوغاني بشأن الحرب السورية لم يتبدل، والخطير أنه استمر بما يعكس استمرار الشراكة السعودية ـ القطرية ـ التركية على الرغم من الخلاف الإقليمي الحاد بين هذه الأطراف الثلاثة بشأن النفوذ «الاخواني» مثلما جرى في مصر مثلا.
ويعني ذلك في ما يعنيه، أن الأميركي نجح على ما يبدو في ضبط إيقاع الخلافات بين الدول الثلاث (على غرار ما يجري من محاولات صلح ولو متعثرة بين الدوحة والرياض) بعد زيارة الرئيس الاميركي باراك أوباما الى السعودية في آذار الماضي. وبمعنى آخر، فإن خلافات الدول الثلاث، بإمكانها في المدى المنظور، تحقيق التقاء المصالح على ساحة الدم السوري، يمكن ترجمته بمحاولة انتزاع حلب من قبضة الدولة السورية، وإخراجها سياسيا من المشهد الانتخابي الذي قد يقتصر عندها على العاصمة دمشق ومعظم مناطق حمص واللاذقية وطرطوس، بالإضافة الى السويداء.
واذا صحت التقديرات الرائجة مؤخرا بأن المملكة الأردنية دفعت باتجاه إبعاد خيار فتح الجبهة الجنوبية عن عاتقها، وإطلاق هجوم شامل من الحدود الاردنية باتجاه دمشق لما قد يحمله ذلك من مخاطر على استقرارها الداخلي، فإن فرضية خيار حلب، تصبح أكثر ترجيحاً. ويصبح الرهان على الساحة التركية الخلفية هو الأكثر ترجيحا. وكانت «السفير» قد نقلت منذ يومين عن مسؤول سوري رفيع المستوى قوله إن الهجوم على حلب يهدف الى عرقلة العملية الانتخابية في حزيران المقبل، مشيرة الى ان تحليلات السلطة تستند الى عاملين، الأول هو أن «الوزن السكاني الأكبر في المدينة» يقع تحت سيطرة النظام، والثاني لرمزية حلب التاريخية والاقتصادية والاجتماعية. ونقلت «السفير» عن المصدر قوله إن الإسناد الخلفي اللوجستي لما يجري في حلب، تركي أساساً، ويجسد الرغبة التركية المعلنة في إعاقة هذه الانتخابات.
ويقول المصدر المطلع على تطورات المشهد العسكري إن هناك استماتة تركية من أجل تغيير المشهد في حلب، من خلال الجبهات التي جرت محاولات لاقتحامها:
1ـ من الراموسة لقطع خط الإمداد الغذائي والعسكري من بلدة خناصر الاستراتيجية الى حلب.
2 ـ من الليرمون باتجاه الزهراء وصولا الى مقر المخابرات الجوية، في الأحياء الشمالية الغربية، وهو مقر قال مسؤول سوري حوله إن سقوطه يعني سقوط حلب استراتيجيا.
3 ـ من حلب القديمة الى سوق الزهراوي لمحاولة قطع الطريق على الجيش في قلعة حلب.
4 ـ من بستان الباشا في شمال حلب نحو حي الميدان وسليمان الحلبي.
5 ـ ثكنة هنانو التي تطل على الأحياء الشمالية لحلب وعلى طريق إمداد رئيسي للمعارضة من الشمال السوري والتي تعرضت للهجوم الأكبر في عيد الجلاء.
اللافت كما لاحظ المصدر والخبراء المتابعون للمشهد العسكري، الظهور القوي للقيادات والفصائل الآسيوية، وتحديدا الشيشانية والداغستانية، في قيادة وتنفيذ الهجمات المتتالية التي نفذتها فصائل مختلفة على العاصمة الثانية لسوريا، وهي قيادات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاستخبارات التركية منذ أيام حرب الشيشان الاولى في التسعينيات، ويصير أمراً لافتاً للنظر استحضارها من مختلف الجبهات السورية، للمشاركة في غزوة حلب.
ويقول المصدر إن الأتراك أدركوا أهمية سياسة القضم التي يقوم بها الجيش السوري منذ شهور في محيط حلب، خصوصا منذ استعادة السفيرة، على المدخل الشرقي للمدينة، وصولا الى تحرير مقر «اللواء 80» حتى حي الشيخ نجار وتلة الغالي، ما جعل الجيش يتموضع على بعد كيلومترين فقط من سجن حلب المركزي المحاصر. كما حقق الجيش تقدماً مهماً من خلال دخول قلب المنطقة الصناعية واستعادة منطقة المطاحن نحو معمل الزعتر الحلبي، والزحف الى حي الشيخ سعيد باتجاه منطقة الزيات.
وتشير الاندفاعة «الجهادية» للشيشان والداغستانيين وغيرهم من إسلاميي القوقاز الى إدراك تركي لخطورة الموقف ودخول أنقرة مجددا بزخم أكبر على معادلة التوازنات العسكرية في الحرب السورية. ومن بين من جرى رصد مشاركتهم الفاعلة في هجمات حلب المتتابعة، ألوية وكتائب تركمانية، تركية الولاء بالمطلق، ومنها «كتيبة المنتصر بالله» و«لواء السلطان مراد» و«لواء السلطان محمد الفاتح».
إلا أن الأبرز في التنظيمات والفصائل المشاركة، «جيش المهاجرين والأنصار» بقيادة صلاح الدين الشيشاني، وهو رئيس غرفة العملية العسكرية في حلب، ونائبه أبو أسماء الداغستاني، بالإضافة الى «كتيبة الإمام البخاري» (مقاتلون أوزبك) والتي قتل قائدها في المعارك الأخيرة، ويدعى محمد الطشقندي.
وبالإضافة الى هؤلاء، هناك «جبهة النصرة» ممثلة بجماعة سيف الله الشيشاني الذي قتل منذ شهرين وأعلنت كتيبته «جيش الخلافة»، الولاء للجبهة، بما كان يُعرف عنه بعلاقة قديمة مع الاستخبارات التركية.
ما يجري في حلب وفق هذا المشهد، إعادة توجيه للعملية العسكرية، وفق الهدف السياسي المركزي المنشود الآن، باستهداف الانتخابات السورية لإجهاضها من مراميها، حتى ولو كانت مجرد بارقة أمل في نفق حمام الدم السوري، بعد تعثر مفاوضات «جنيف 2» وجمود مسار الحلول السياسية البديلة، بعد تقدم المشهد الأوكراني على سلّم الاهتمامات الأميركية والروسية.
وبهذا المعنى، فإن المعركة الدائرة الآن على الارض، عنوانها الأساسي، الى جانب كسر هيبة الدولة السورية في حلب وريفها، الرد على قرب اكتمال تأمين المنطقة الوسطى، ووأد العملية الانتخابية والبناء على ذلك لاحقا باستكمال حملة التشكيك بشرعية الحكم، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بكل فتاوى «الجهاديين» ومناورات السياسة ومؤامرات الامن، لضرب الاماكن الآمنة نسبيا كما جرى في حمص قبل يومين، وتفعيل سلاح الهاون على أحياء دمشق، من منطقتي المليحة وجوبر، والاستعانة بين هذه وتلك، بالتجارب الأفغانية والعراقية باللعب على هواجس الناخبين من الانتحاريين، حتى تواصل دورة الدم السوري دورتها.
***
* كيلومتر يفصل الجيش عن سجن حلب

وضع الجيش مسألة تحرير المدينة الصناعية في حلب على رأس أولوياته، بالتزامن مع اقتراب قواته من سجن حلب المحاصر. في وقت تمدّدت فيه المعارك في مختلف مناطق الغوطة الشرقية
باسل ديوب, ليث الخطيب, مرح ماشي
بحلول مساء أمس، سيطرت وحدات من الجيش السوري على «دوّار البريج»، المتاخم للمدينة الصناعية في الشيخ نجار، التي أحكم الجيش إغلاق بوابتها الرئيسية. يأتي ذلك وسط مؤشرات على شنّ الجيش عملية برية ليلية، تمهّد للسيطرة على المدينة الصناعية. فيما شنّ مسلحو «جبهة النصرة» هجوماً مضاداً في محاولة لاستعادة السيطرة على الدوار الاستراتيجي.
وتتواصل المعارك وسط تأكيد مصادر الطرفين أنّ الصباح سيحمل حسماً لمصلحته. وعلى صعيد متصل، استهدف سلاح الجو تجمعات المسلحين في محيط سجن حلب المركزي، تمهيداً لعملية تهدف إلى فك الحصار عنه بالكامل، بعد أن باتت المسافة التي تفصل وحدات الجيش والقوات الحليفة عن أسوار السجن أقل من كيلومتر واحد.
وتزامناً مع عودة المعارك إلى جبهة المدينة الصناعية، تراجعت حدة المعارك على جبهة مبنى المخابرات الجوية في الزهراء. وكان يوم أمس قد شهد تكثيفاً لاستخدام الجيش لطائراته الحربية في محافظة حلب، مستهدفاً «سيارة وآليات مدرعة مزودة برشاشات متوسطة وثقيلة في المدينة وريفها». وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار» إن «حصيلة السيارات والآليات التي دُمِّرت خلال أربع وعشرين ساعة تجاوزت الخمسين».
وشعر بعض سكان المدينة بهزة أرضية خفيفة تبيّن أنها ناتجة من تفجير نفق يربط بين شارع جمال عبد الناصر في الكلاسة بمنطقة باب أنطاكية قرب فرع المرور. وذكر مصدر عسكري لـ«الأخبار» أن وحدة من الجيش فجرت نفقاً بمن فيه من المسلحين بالقرب من باب أنطاكية.
بدء تنفيذ العديد من بنود التسوية في الزبداني في ريف دمشق
في موازاة ذلك، اتسعت دائرة المواجهات في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، لتتمدّد على كل المحاور المحاذية لأطراف العاصمة. ويسعى الجيش إلى تثبيت سيطرته على المحاور التي أحرز تقدماً فيها في حي جوبر. قوات المسلّحين توزّعت على جبهتي جوبر والمليحة، بعدما كانت كلّها ترابط في المليحة. وقال مصدر عسكري رسمي لـ«الأخبار» إن «توسيع دائرة المواجهة البرية مع المسلّحين من شأنه أن يضاعف عملية استنزاف قواهم المادية والبشرية، فضلاً عن تشتيتهم على مساحات شاسعة، الأمر الذي يمهّد لاختراق الغوطة الشرقية من أكثر من محور».
وفي سياق مختلف، علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن اشتباكاً دار قبل بضعة أيام بين مسلّحين من بلدة مسرابا، في عمق الغوطة الشرقية، من جهة، ومسلّحي «جيش الإسلام» من جهة أخرى، في منطقة قريبة من دوما. وأدى الاشتباك إلى مقتل اثنين من مسلّحي البلدة. وقالت المصادر إن سبب الاشتباك كان «خروج وفد من أهالي مسرابا، برفقة عشرات المسلّحين فيها، إلى دوما لمطالبة زعماء «جيش الإسلام» بالموافقة على عقد تسوية مع الجيش في بلدتهم وعدم إفشالها إذا تمّت». إلا أن مسلّحي «جيش الإسلام» أطلقوا النار على الوفد، ليتطور الأمر إلى مواجهة.
تسوية الزبداني
على صعيد آخر، تتواصل الجهود لإنجاح التسوية في بلدة الزبداني (شمالي غربي دمشق). مصادر من البلدة قالت لـ«الأخبار» إن الاتفاق على بنود التسوية تمّ، وبدأ بتنفيذ العديد منها، فقد بلغ عدد المسلّحين الذين تقدموا لتسوية أوضاعهم في البلدة أكثر من 400، فيما سلّم «الجيش الحر» أسلحة ثقيلة للجيش السوري. ويوم أمس جرت اتصالات للبحث في إعلان نجاح التسوية، بين عدّة أطراف، هي لجنة المصالحة داخل الزبداني، ولجنة المصالحة خارجها، إضافة إلى وزارة المصالحة الوطنية والجيش. ومن المتوقع أن يُعلَن انتهاء تنفيذ الخطوات الأولية للتسوية خلال اليومين المقبلين. ويقول قيادي في «الجيش الحر» لـ«الأخبار» إن «كل المسلّحين وافقوا على التسوية، باستثناء مجموعة صغيرة غير مؤثرة تتبع لجبهة النصرة. طلبنا منها الخروج من الزبداني، وستخرج خلال أيام». إلا أن مصادر رسمية قالت إن الجيش لن يرضى بتسوية لا يسلم بموجبها مقاتلو المعارضة أسلحتهم.
صواريخ على اللاذقية
في غضون ذلك، تستمر المعارك في ريف اللاذقية، وبدأت قوات الجيش عملية عسكرية في قرية النبعين جنوب بلدة كسب الحدودية، بالتزامن مع استهداف مدفعية الجيش مواقع تمركز المسلحين في منطقة عين الدلبة ضمن الريف الشمالي كذلك تتواصل الاشتباكات ضمن أراضي قرية السمرا الحدودية. مستودعات الذخيرة في قرية ربيعة الخارجة عن سيطرة الدولة، كانت هدف سلاح الجو، إضافة إلى استهداف تجمعات المسلحين في كسب. وتحدّثت وكالة «سانا» عن مقتل 39 مسلحاً معظمهم من جنسيات غير سورية في عين الدلبة. وبحسب الوكالة من بين القتلى اللبناني عبد الله الكاتبي ومحمود عارف وماهر رضوان وصبري المجبور. وفي إطار ما سمته صفحات المعارضة إصابات دقيقة حققها مسلحو «الجيش الحر» في مقر «القوى البحرية» و«الدفاع الوطني»، سقط صاروخا «غراد» على منطقة بساتين الريحان الشعبية، الواقعة شرق مدينة اللاذقية، من دون تحقيق إصابات.
تعليق