29/11/2013
* السعودية جسراً بين «القاعـدة» وإسرائيل

ابراهيم الأمين - الاخبار
الشاب نفسه، رفاقه، الأصدقاء من معجبين أو راغبين، قسم من الأهل، وقسم من أهل الحي، وأهل المدينة، وقسم من أهل الطائفة، وقسم من أهل البلد، وقسم من أهل سوريا وفلسطين والأردن، وقسم من أهل العالمين العربي والإسلامي... كل هؤلاء ليسوا فرداً، ولا هم مجموعة صغيرة، وإذا حصل استطلاع للرأي، لا تبعات له، قانونية أو غير قانونية، لكانت النتيجة أن نسبة قد تتجاوز عشرة في المئة يعتبرون ما قام به معين أبو ظهر عملاً بطولياً، ونسبة قد تتجاوز عشرة في المئة إضافية تبرّر للشاب ما قام به، ملقيةً بالمسؤولية على بيئة الضحايا، ونسبة قد تتجاوز عشرين في المئة سترفض إدانة ما قام به، أو ما سيقوم به آخرون، من نفس البيئة والتفكير وأماكن الحياة
الدبلوماسيون، وليس المقصود هنا حَمَلة المنصب كوظيفة بل حَمَلة الصفة كمتحدثين، سيظلّون يقرعون جرس الإنذار، وكأن الأزمة لم تنفجر بعد. لكن الناس، من الضحايا أو المتأثرين عنوة بما حصل، وقسماً كبيراً من المنخرطين في العمل، لن يستمعوا إلى أجراس تقرع، ولا إلى بيانات إدانة، ولا إلى تحليل من هنا أو هناك. هؤلاء، جلّ ما يقولونه اليوم: لنذهب ونضرب بالنار مركز الحكم داخل السعودية ودول الخليج "الفارسي"، أو لنذهب ونفتح النار داخل بلدان هؤلاء، أو إن الوقت حان لإشعار دول الغرب الراعية لهؤلاء، كما لإسرائيل، بأن الثمن يتم تحصيله من عندهم مباشرة.
لمَن يريد الواقعية عليه أن يدرك، أو أن يفهم، أن القاعدة الشعبية لمحور المقاومة، وأن كوادر أساسيين في منظمات وقوى وحكومات، والنافذين في هذا المحور، يقولون بهذا الاعتقاد. والهمس صار وشوشة، ثم تطور إلى كلام مباشر داخل جلسات مغلقة، ولن يمر وقت طويل قبل أن يدبّج في بيانات وعلى لسان مَن يعتلون المنابر.
يعني أن خطة أعداء المقاومة قد نجحت؟
هذا السؤال الكيدي لم يعد ينفع أيضاً في قمع المطالبين بالانتقام، والذين يستعيدون اليوم مسلسلاً من عقود وقرون، يتحدثون عن اضطهاد وقمع متواصلين، ثم يصلون إلى أيامنا هذه، فيعرضون أمامك سيرة نحو نصف مليون عراقي وأكثر من أربعين ألف سوري، ومئات اللبنانيين الذين قتلوا جراء البرنامج الانتحاري المتواصل للمؤمنين بالوهابية وبالجهات التكفيرية.
والسؤال عن تجنّب ردّ الفعل لم يعد ينفع في قمع مشاعر غضب تستند إلى أسئلة مضادة: ما ذنبنا إنْ نجحنا حيث فشلوا هم؟ ما ذنبنا أن حكوماتهم وملوكهم والأمراء، كما قادتهم والمعبّرون عنهم، قد باعوا واشتروا وأوصلوا جمهورهم إلى هذا المستوى من الإحباط واليأس، حتى يترجم الأمر على شكل انتحار فردي أو جماعي؟ وما ذنبنا إن اخترنا قيادة لم تهرب من الميدان، ولم تتجاهل حقائق الدنيا وعلوم العصر، ولم تبذّر مقدّراتها حيث لا يجب، ولم تنخرط عن انفعال في حرب هنا أو مغامرة هناك؟ وما ذنبنا إنْ وُجدنا قبالة إسرائيل وألحقنا بها الهزيمة؟ وما ذنبنا إنْ رفعنا العقل إلى مستوى أعلى من القلب، تماماً كما هو موضعهما في جسم الإنسان؟ وما ذنبنا إنْ أجرينا المراجعة وخرجنا عن ولاء قائد فاسد، أو حكومة جائرة، أو مرجع غير عادل، واختبرنا مَن أثبتت الأيام أنه الأكثر إخلاصاً وحكمة وشجاعة وبأساً؟
اليوم، لا يجرؤ رجل دين في رأسه عقل وازن على أن يقبل بهذا الانتحار، ولا يجرؤ صاحب موقف إنساني صحيح على الموافقة على أن يذهب أولاده أو إخوته إلى هذا الجنون الدموي، ولا يجرؤ قائد سياسي تلفّه الحكمة على أن يغطي هذا الصنف من الموت العشوائي. لكن علينا أن نقرّ بأن الأزمة في العقل الجمعي للحركيين من أهل السنّة في العالم العربي، باتت في مستوى يفرض على الجمهور اللصيق والقريب والحاضن أن يرفع الصوت، موافقةً أو رفضاً، ولو كان للحالتين الكلفة والثمن، لكن دفن الرأس في الرمال وصمت القبور لم يعودا ينفعان في درء أخطار مواجهة، ستطيح كل شيء. على أنّ الجديد الذي يجب على هذا الجمهور أن يعرفه هو أنّ مَن هم في المقلب الآخر يعرفون أنهم سيدفعون الثمن باهظاً في مثل هذه المعركة، وربما أكبر بكثير ممّا كانو يعتقدون، لكن، وكما في علم المنطق، فإنّ المقدمات والمؤشرات والعناصر العلمية تقول إن الموافقين أو الصامتين على العقل التكفيري، سيمارسون انتحاراً جماعياً يودي بهم في نار لا تبقي ولا تَذَر.
بعد نحو عام على الدخول المباشر والقوي لحزب الله في الحرب الدائرة على أرض سوريا، تضاعفت مرات عدة نسبة المؤيدين لهذا التدخل، وبأضعاف مضاعفة نسبة المتفهّمين للأسباب التي تقف خلف هذا القرار. ولم يعد الأمر يقتصر على مؤيدي المقاومة وجمهورها اللصيق، بل تجاوزه إلى حالة باتت منتشرة في الشارعين العربي والإسلامي. وأظهرت مداولات دبلوماسية، عربية وغربية، جرت خلال الشهر الفائت بشأن الأزمة السورية، أن قوى وجهات عالمية برّرت لحزب الله تدخله. وصل الأمر بدول رافضة ومعادية مثل تركيا ودول خليجية إلى المطالبة بأن يضع حزب الله سقفاً لتدخله. يطلب هؤلاء من الحزب اليوم ألا يتوجّه صوب الشمال، ولا صوب الجنوب في سوريا، وأن يقف حيث هو اليوم. بل إن المفاجأة الأكبر في قول معارضين ـــ نعم، معارضين سوريين حقيقيين ـــ إنهم يريدون من حزب الله البقاء في سوريا ولو إلى حين. ربما هم يفكرون في اللجوء إليه للضغط على النظام أو لخشيتهم المتفاقمة من التيارات التكفيرية، أو حاجة بعضهم إلى عنصر قوة في معركة الأقليات القاسية.
في سوريا، اليوم، استعدادات ميدانية لمعارك أكثر قسوة وأكثر استراتيجية من تلك التي مرّت خلال الأسابيع القليلة الماضية، والوقائع على الأرض تشير الى أن المجموعات المسلحة، بما فيها القوة المرتبطة بـ«القاعدة»، في وضع يائس، وفقدت زمام المبادرة، وتراجعت القدرة عندها على التحكّم والسيطرة، وفقدت الحضن الشعبي الذي كان موجوداً قبل عشرين شهراً، لا بل إن حالة الإعياء لدى هؤلاء وتراجع الثقة بالنفس، يدفعان بغالبية المقاتلين في صفوفهم إلى الفرار من أرض المعركة بأسرع ممّا يتوقع الآخرون.
على الضفة الأخرى، تقف مجموعة من الهرمين، جسدياً وفكرياً وأخلاقياً، ويبرز من بين صفوفهم كل الفاقدين لروح الإنسان العاقل، ويسيطر الجنون على عقولهم، حتى وصل الأمر بدولة مثل السعودية أساساً، والإمارات العربية والأردن في درجة ثانية، إلى القبول بدور الجسر اللوجستي والأمني والمالي والروحي والفكري بين إسرائيل والجماعات التكفيرية، ما دام العدو واحداً للثلاثة: إيران، سوريا وحزب الله.
ما لا يريد كثيرون سماعه أو معرفته هو الحقيقة الجديدة المتمثلة في دخول إسرائيل كطرف مباشر في «لعبة الانتحار» المفتوحة في وجه إيران وسوريا وحزب الله، وتترجم إسرائيل مشاركتها في توفير كمية كبيرة من المعلومات الأمنية الحساسة، ومن أعمال المراقبة والتنصّت، واختيار الأهداف، وفي تولّي توفير مدربين على طريقة «المستعربين»، بدعم من كل استخبارات الغرب والعرب من حلفائهم.
إسرائيل، المحبطة جراء «القرار الأميركي» من المواجهة المباشرة، تعاني أزمة العجز عن المبادرة، وهي تواجه فشلها المباشر وغير المباشر بلعبة خطيرة، ومجازفة تعتقد أنها لن تضبط متلبّسة وهي تقوم بها. لكن ثمّة عيوناً ترى جيداً، وتعرف كيف تميّز بين قدرة فلان وخبرته، وبين قدرة إسرائيل وخبرتها، وعندما يحين موعد المقاصّة، لن يكون الرد مقتصراً على الأدوات والمموّل فقط، بل على كل مَن تظهره المعطيات شريكاً في الجريمة.
***
* لا أمن ولا أمان وفلسطين محاصرة
أنور رجا لـ’العهد’: القضية الفلسطينية حيّة مهما تكالبت قوى الشر.. والحلّ بتعزيز مفهوم الكفاح المسلح وحركات التحرر
محمد حرشي
في مثلِ هذا اليومِ، من عام 1977، أقرت الجمعيةُ العامةُ للأممِ المتحدةِ يوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني من كل عام يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، واليوم بعد أكثر من 6 عقود على إحتلال أراضي فلسطين والتنكيل بشعبها وتهجيرهم، تقف قضية هذا الشعب المحقّة مرة جديدة أمام مفترق طرق قد يكون حاسماً إلى حدّ كبير في استشراف مستقبلها.
فالمسار الذي انتهجته المقاومة الفلسطينية منذ عشرات السنين وإن نجح في زعزعة أمن كيان يحلم العدو بتثبيته، ورسّخ في ضمائر أحرار العالم قضية شعب أبى التخلي عن حقوقه وقدم من أجل ذلك آلاف الشهداء والأسرى قرابين، غير أن المؤامرة أوسع... والتجار كثر... والقضية باعتبارها وعداً آلهياً بانتصار المظلوم على الظالم تتطلب المزيد.. وعلى ما جاء في الآية الكريمة: " إن اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، فإن المطلوب واقعاً في هذه الأيام مراجعة فلسطينية - فلسطينية لما أنجز خلال السنوات الماضية على صعيد استعادة الحقوق والبناء عليها لتحديد سياسات مستقبلية موحّدة وواضحة المعالم تضخّ الدم إلى قضية يعرف أصحابها أنها لن تموت ولن تنطفئ...

"الشعب الفلسطيني رسّخ قضيته في الوجدان العالمي وتحدى أفكاراً صهيونيةً نازيةً عملت بشكل ممنهج على مسح الهوية الفلسطينية من التاريخ.. بعد الجغرافيا"، إنجاز سجّله المسؤول الاعلامي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة أنور رجا لصالح محور المقاومة، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من كل تعقيدات القضية الفلسطينية والمجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين فإنها باتت حقيقة حاضرة لدى الكثيرين.
ويؤكد القيادي الفلسطيني أن الشعب الفلسطيني لازال يتعرض لظلم كبير نتيجة السياسات الأميركية والأوروبية والدعم اللامحدود لإجرامه وأمنه، ويأخذ على العالم أنه مازال يرى عند حديثه عن فلسطين مجرد مشكلة إنسانية أو إقتصادية يرزح تحت وطأتها الفلسطينيون، ويشدد على أن القضية أكبر من ذلك بكثير، محذراً من مشاريع "الربيع العربي" التي هي برأيه "سايس بيكو" جديد يرمي لتقسيم المجتمعات ومذهبة الدين وتكريس الطائفية البغيضة في المشرق العربي لتفكيك دوله وسلخها عن مؤازرة القضية الفلسطينية.
رجا ومن موقعه المقاوم، أكد في المقابل أن تحالف قوى الممانعة في المنطقة والمتمثّل بإيران وسوريا وحزب الله مع سائر القوى والفصائل الفلسطينية المقاومة، بات أكثر تجذراً ووسّع من دعمه للقضية الفلسطينية ميدانياً عسكرياً ولوجستياً، وإعلامياً. وحول ما إذا كانت الأزمة في سوريا قد أضعفت هذا المحور يقول إن سوريا تنزف من أجل فلسطين ولذلك فإن جرحها هو جرح فلسطيني وخط دفاع أول عن المقاومة الفلسطينية.
"التضامن مع فلسطين يكون عبر الوقوف إلى جانب حق العودة المقدس إليها لا من خلال طمس ذلك الحق والتخلي عنه"، يشدد رجا، مشيراً في هذا الإطار إلى ما يواجه الفلسطينيين في مخيمات الشتات من عزل كما في لبنان والأردن، وتشريد كالحال في سوريا من خلال الإجتياحات البربرية بقرار صهيوني للعصابات المسلحة إلى المخيمات الفلسطينية.
وعن موضوع المفاوضات مع الإحتلال، يعتبر رجا أن "فتح ثغرة في الفكر الفلسطيني والخوض فيها يتيح تفكيك القضية الفلسطينية بأبعادها الجذرية، ففلسطين غير قابلة للقسمة ولا المساومة وهي حق تاريخي للفلسطينيين من أرضها إلى نهرها".
تدعيم مفهوم الكفاح المسلح وحركات التحرر الوطنية هو الحل بنظر المسؤول الاعلامي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، والتضامن مع الأراضي المقدسة ليس مسألة إعلامياً فحسب، بل أيضاً وأيضاً تضامناً مع الجذور التاريخية للشعب الفلسطيني وحقوقه، والإقرار بأن العالم ارتكب خطأ تاريخياً آن الأوان لتصحيحه.
وفيما يشدد رجا على أنه مهما تعقدت الظروف وتكالبت قوى الشر ومهما كان الوضع الفلسطيني والعربي مخترقاً فإن قضية الفلسطينيين ستبقى حيّة في نفوس الشرفاء، يأسف لأنه وعلى الرغم من كل الجوانب المضيئة للمقاومة فإن الجسم العربي ينخره الخراب، ما يتطلب جهوداً إستثنائية لإعادة فلسطين إلى رأس سلّم أولويات العرب والمسلمين. ويختم المقاوم الفلسطيني بالتذكير بأن لا أمن ولا أمان في المنطقة والشعب الفلسطيني محاصر وأن الحقيقة الفلسطينية بعمقها الإسلامي المقاوم ستنتصر..
* السعودية جسراً بين «القاعـدة» وإسرائيل

ابراهيم الأمين - الاخبار
الشاب نفسه، رفاقه، الأصدقاء من معجبين أو راغبين، قسم من الأهل، وقسم من أهل الحي، وأهل المدينة، وقسم من أهل الطائفة، وقسم من أهل البلد، وقسم من أهل سوريا وفلسطين والأردن، وقسم من أهل العالمين العربي والإسلامي... كل هؤلاء ليسوا فرداً، ولا هم مجموعة صغيرة، وإذا حصل استطلاع للرأي، لا تبعات له، قانونية أو غير قانونية، لكانت النتيجة أن نسبة قد تتجاوز عشرة في المئة يعتبرون ما قام به معين أبو ظهر عملاً بطولياً، ونسبة قد تتجاوز عشرة في المئة إضافية تبرّر للشاب ما قام به، ملقيةً بالمسؤولية على بيئة الضحايا، ونسبة قد تتجاوز عشرين في المئة سترفض إدانة ما قام به، أو ما سيقوم به آخرون، من نفس البيئة والتفكير وأماكن الحياة
الدبلوماسيون، وليس المقصود هنا حَمَلة المنصب كوظيفة بل حَمَلة الصفة كمتحدثين، سيظلّون يقرعون جرس الإنذار، وكأن الأزمة لم تنفجر بعد. لكن الناس، من الضحايا أو المتأثرين عنوة بما حصل، وقسماً كبيراً من المنخرطين في العمل، لن يستمعوا إلى أجراس تقرع، ولا إلى بيانات إدانة، ولا إلى تحليل من هنا أو هناك. هؤلاء، جلّ ما يقولونه اليوم: لنذهب ونضرب بالنار مركز الحكم داخل السعودية ودول الخليج "الفارسي"، أو لنذهب ونفتح النار داخل بلدان هؤلاء، أو إن الوقت حان لإشعار دول الغرب الراعية لهؤلاء، كما لإسرائيل، بأن الثمن يتم تحصيله من عندهم مباشرة.
لمَن يريد الواقعية عليه أن يدرك، أو أن يفهم، أن القاعدة الشعبية لمحور المقاومة، وأن كوادر أساسيين في منظمات وقوى وحكومات، والنافذين في هذا المحور، يقولون بهذا الاعتقاد. والهمس صار وشوشة، ثم تطور إلى كلام مباشر داخل جلسات مغلقة، ولن يمر وقت طويل قبل أن يدبّج في بيانات وعلى لسان مَن يعتلون المنابر.
يعني أن خطة أعداء المقاومة قد نجحت؟
هذا السؤال الكيدي لم يعد ينفع أيضاً في قمع المطالبين بالانتقام، والذين يستعيدون اليوم مسلسلاً من عقود وقرون، يتحدثون عن اضطهاد وقمع متواصلين، ثم يصلون إلى أيامنا هذه، فيعرضون أمامك سيرة نحو نصف مليون عراقي وأكثر من أربعين ألف سوري، ومئات اللبنانيين الذين قتلوا جراء البرنامج الانتحاري المتواصل للمؤمنين بالوهابية وبالجهات التكفيرية.
والسؤال عن تجنّب ردّ الفعل لم يعد ينفع في قمع مشاعر غضب تستند إلى أسئلة مضادة: ما ذنبنا إنْ نجحنا حيث فشلوا هم؟ ما ذنبنا أن حكوماتهم وملوكهم والأمراء، كما قادتهم والمعبّرون عنهم، قد باعوا واشتروا وأوصلوا جمهورهم إلى هذا المستوى من الإحباط واليأس، حتى يترجم الأمر على شكل انتحار فردي أو جماعي؟ وما ذنبنا إن اخترنا قيادة لم تهرب من الميدان، ولم تتجاهل حقائق الدنيا وعلوم العصر، ولم تبذّر مقدّراتها حيث لا يجب، ولم تنخرط عن انفعال في حرب هنا أو مغامرة هناك؟ وما ذنبنا إنْ وُجدنا قبالة إسرائيل وألحقنا بها الهزيمة؟ وما ذنبنا إنْ رفعنا العقل إلى مستوى أعلى من القلب، تماماً كما هو موضعهما في جسم الإنسان؟ وما ذنبنا إنْ أجرينا المراجعة وخرجنا عن ولاء قائد فاسد، أو حكومة جائرة، أو مرجع غير عادل، واختبرنا مَن أثبتت الأيام أنه الأكثر إخلاصاً وحكمة وشجاعة وبأساً؟
اليوم، لا يجرؤ رجل دين في رأسه عقل وازن على أن يقبل بهذا الانتحار، ولا يجرؤ صاحب موقف إنساني صحيح على الموافقة على أن يذهب أولاده أو إخوته إلى هذا الجنون الدموي، ولا يجرؤ قائد سياسي تلفّه الحكمة على أن يغطي هذا الصنف من الموت العشوائي. لكن علينا أن نقرّ بأن الأزمة في العقل الجمعي للحركيين من أهل السنّة في العالم العربي، باتت في مستوى يفرض على الجمهور اللصيق والقريب والحاضن أن يرفع الصوت، موافقةً أو رفضاً، ولو كان للحالتين الكلفة والثمن، لكن دفن الرأس في الرمال وصمت القبور لم يعودا ينفعان في درء أخطار مواجهة، ستطيح كل شيء. على أنّ الجديد الذي يجب على هذا الجمهور أن يعرفه هو أنّ مَن هم في المقلب الآخر يعرفون أنهم سيدفعون الثمن باهظاً في مثل هذه المعركة، وربما أكبر بكثير ممّا كانو يعتقدون، لكن، وكما في علم المنطق، فإنّ المقدمات والمؤشرات والعناصر العلمية تقول إن الموافقين أو الصامتين على العقل التكفيري، سيمارسون انتحاراً جماعياً يودي بهم في نار لا تبقي ولا تَذَر.
بعد نحو عام على الدخول المباشر والقوي لحزب الله في الحرب الدائرة على أرض سوريا، تضاعفت مرات عدة نسبة المؤيدين لهذا التدخل، وبأضعاف مضاعفة نسبة المتفهّمين للأسباب التي تقف خلف هذا القرار. ولم يعد الأمر يقتصر على مؤيدي المقاومة وجمهورها اللصيق، بل تجاوزه إلى حالة باتت منتشرة في الشارعين العربي والإسلامي. وأظهرت مداولات دبلوماسية، عربية وغربية، جرت خلال الشهر الفائت بشأن الأزمة السورية، أن قوى وجهات عالمية برّرت لحزب الله تدخله. وصل الأمر بدول رافضة ومعادية مثل تركيا ودول خليجية إلى المطالبة بأن يضع حزب الله سقفاً لتدخله. يطلب هؤلاء من الحزب اليوم ألا يتوجّه صوب الشمال، ولا صوب الجنوب في سوريا، وأن يقف حيث هو اليوم. بل إن المفاجأة الأكبر في قول معارضين ـــ نعم، معارضين سوريين حقيقيين ـــ إنهم يريدون من حزب الله البقاء في سوريا ولو إلى حين. ربما هم يفكرون في اللجوء إليه للضغط على النظام أو لخشيتهم المتفاقمة من التيارات التكفيرية، أو حاجة بعضهم إلى عنصر قوة في معركة الأقليات القاسية.
في سوريا، اليوم، استعدادات ميدانية لمعارك أكثر قسوة وأكثر استراتيجية من تلك التي مرّت خلال الأسابيع القليلة الماضية، والوقائع على الأرض تشير الى أن المجموعات المسلحة، بما فيها القوة المرتبطة بـ«القاعدة»، في وضع يائس، وفقدت زمام المبادرة، وتراجعت القدرة عندها على التحكّم والسيطرة، وفقدت الحضن الشعبي الذي كان موجوداً قبل عشرين شهراً، لا بل إن حالة الإعياء لدى هؤلاء وتراجع الثقة بالنفس، يدفعان بغالبية المقاتلين في صفوفهم إلى الفرار من أرض المعركة بأسرع ممّا يتوقع الآخرون.
على الضفة الأخرى، تقف مجموعة من الهرمين، جسدياً وفكرياً وأخلاقياً، ويبرز من بين صفوفهم كل الفاقدين لروح الإنسان العاقل، ويسيطر الجنون على عقولهم، حتى وصل الأمر بدولة مثل السعودية أساساً، والإمارات العربية والأردن في درجة ثانية، إلى القبول بدور الجسر اللوجستي والأمني والمالي والروحي والفكري بين إسرائيل والجماعات التكفيرية، ما دام العدو واحداً للثلاثة: إيران، سوريا وحزب الله.
ما لا يريد كثيرون سماعه أو معرفته هو الحقيقة الجديدة المتمثلة في دخول إسرائيل كطرف مباشر في «لعبة الانتحار» المفتوحة في وجه إيران وسوريا وحزب الله، وتترجم إسرائيل مشاركتها في توفير كمية كبيرة من المعلومات الأمنية الحساسة، ومن أعمال المراقبة والتنصّت، واختيار الأهداف، وفي تولّي توفير مدربين على طريقة «المستعربين»، بدعم من كل استخبارات الغرب والعرب من حلفائهم.
إسرائيل، المحبطة جراء «القرار الأميركي» من المواجهة المباشرة، تعاني أزمة العجز عن المبادرة، وهي تواجه فشلها المباشر وغير المباشر بلعبة خطيرة، ومجازفة تعتقد أنها لن تضبط متلبّسة وهي تقوم بها. لكن ثمّة عيوناً ترى جيداً، وتعرف كيف تميّز بين قدرة فلان وخبرته، وبين قدرة إسرائيل وخبرتها، وعندما يحين موعد المقاصّة، لن يكون الرد مقتصراً على الأدوات والمموّل فقط، بل على كل مَن تظهره المعطيات شريكاً في الجريمة.
***
* لا أمن ولا أمان وفلسطين محاصرة
أنور رجا لـ’العهد’: القضية الفلسطينية حيّة مهما تكالبت قوى الشر.. والحلّ بتعزيز مفهوم الكفاح المسلح وحركات التحرر
محمد حرشي
في مثلِ هذا اليومِ، من عام 1977، أقرت الجمعيةُ العامةُ للأممِ المتحدةِ يوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني من كل عام يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، واليوم بعد أكثر من 6 عقود على إحتلال أراضي فلسطين والتنكيل بشعبها وتهجيرهم، تقف قضية هذا الشعب المحقّة مرة جديدة أمام مفترق طرق قد يكون حاسماً إلى حدّ كبير في استشراف مستقبلها.
فالمسار الذي انتهجته المقاومة الفلسطينية منذ عشرات السنين وإن نجح في زعزعة أمن كيان يحلم العدو بتثبيته، ورسّخ في ضمائر أحرار العالم قضية شعب أبى التخلي عن حقوقه وقدم من أجل ذلك آلاف الشهداء والأسرى قرابين، غير أن المؤامرة أوسع... والتجار كثر... والقضية باعتبارها وعداً آلهياً بانتصار المظلوم على الظالم تتطلب المزيد.. وعلى ما جاء في الآية الكريمة: " إن اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، فإن المطلوب واقعاً في هذه الأيام مراجعة فلسطينية - فلسطينية لما أنجز خلال السنوات الماضية على صعيد استعادة الحقوق والبناء عليها لتحديد سياسات مستقبلية موحّدة وواضحة المعالم تضخّ الدم إلى قضية يعرف أصحابها أنها لن تموت ولن تنطفئ...

"الشعب الفلسطيني رسّخ قضيته في الوجدان العالمي وتحدى أفكاراً صهيونيةً نازيةً عملت بشكل ممنهج على مسح الهوية الفلسطينية من التاريخ.. بعد الجغرافيا"، إنجاز سجّله المسؤول الاعلامي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة أنور رجا لصالح محور المقاومة، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من كل تعقيدات القضية الفلسطينية والمجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين فإنها باتت حقيقة حاضرة لدى الكثيرين.
ويؤكد القيادي الفلسطيني أن الشعب الفلسطيني لازال يتعرض لظلم كبير نتيجة السياسات الأميركية والأوروبية والدعم اللامحدود لإجرامه وأمنه، ويأخذ على العالم أنه مازال يرى عند حديثه عن فلسطين مجرد مشكلة إنسانية أو إقتصادية يرزح تحت وطأتها الفلسطينيون، ويشدد على أن القضية أكبر من ذلك بكثير، محذراً من مشاريع "الربيع العربي" التي هي برأيه "سايس بيكو" جديد يرمي لتقسيم المجتمعات ومذهبة الدين وتكريس الطائفية البغيضة في المشرق العربي لتفكيك دوله وسلخها عن مؤازرة القضية الفلسطينية.
رجا ومن موقعه المقاوم، أكد في المقابل أن تحالف قوى الممانعة في المنطقة والمتمثّل بإيران وسوريا وحزب الله مع سائر القوى والفصائل الفلسطينية المقاومة، بات أكثر تجذراً ووسّع من دعمه للقضية الفلسطينية ميدانياً عسكرياً ولوجستياً، وإعلامياً. وحول ما إذا كانت الأزمة في سوريا قد أضعفت هذا المحور يقول إن سوريا تنزف من أجل فلسطين ولذلك فإن جرحها هو جرح فلسطيني وخط دفاع أول عن المقاومة الفلسطينية.
"التضامن مع فلسطين يكون عبر الوقوف إلى جانب حق العودة المقدس إليها لا من خلال طمس ذلك الحق والتخلي عنه"، يشدد رجا، مشيراً في هذا الإطار إلى ما يواجه الفلسطينيين في مخيمات الشتات من عزل كما في لبنان والأردن، وتشريد كالحال في سوريا من خلال الإجتياحات البربرية بقرار صهيوني للعصابات المسلحة إلى المخيمات الفلسطينية.
وعن موضوع المفاوضات مع الإحتلال، يعتبر رجا أن "فتح ثغرة في الفكر الفلسطيني والخوض فيها يتيح تفكيك القضية الفلسطينية بأبعادها الجذرية، ففلسطين غير قابلة للقسمة ولا المساومة وهي حق تاريخي للفلسطينيين من أرضها إلى نهرها".
تدعيم مفهوم الكفاح المسلح وحركات التحرر الوطنية هو الحل بنظر المسؤول الاعلامي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، والتضامن مع الأراضي المقدسة ليس مسألة إعلامياً فحسب، بل أيضاً وأيضاً تضامناً مع الجذور التاريخية للشعب الفلسطيني وحقوقه، والإقرار بأن العالم ارتكب خطأ تاريخياً آن الأوان لتصحيحه.
وفيما يشدد رجا على أنه مهما تعقدت الظروف وتكالبت قوى الشر ومهما كان الوضع الفلسطيني والعربي مخترقاً فإن قضية الفلسطينيين ستبقى حيّة في نفوس الشرفاء، يأسف لأنه وعلى الرغم من كل الجوانب المضيئة للمقاومة فإن الجسم العربي ينخره الخراب، ما يتطلب جهوداً إستثنائية لإعادة فلسطين إلى رأس سلّم أولويات العرب والمسلمين. ويختم المقاوم الفلسطيني بالتذكير بأن لا أمن ولا أمان في المنطقة والشعب الفلسطيني محاصر وأن الحقيقة الفلسطينية بعمقها الإسلامي المقاوم ستنتصر..
تعليق