* صحيفة أميريكية: مقرن بن عبد العزيز عارض العدوان على اليمن
خلفيات الأوامر الملكية: مقرن لم يستضف ولي عهد الإمارات
نقلت صحيفة "ماكلاتشي" الأمريكية عن محللين سياسيين، أن قرار إعفاء الأمير السعودية مقرن بن عبد العزيز، من ولاية العهد عززته معارضته للعدوان الذي تقوده السعودية في اليمن.

وأشار محللون إلى أن "مقرن" لم يستضف ولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، عندما زار السعودية الأحد الماضي، في خرق كبير للبروتوكول المتعارف عليه في دول الخليج.
ونقلت عن الدكتور "تيودور كاراسيك" المحلل السياسي المقيم في دبي، أن الأمير مقرن لم يوافق على الحملة العسكرية في اليمن، وحاول أن يبقى بعيدا عن التحالف الذي تقوده السعودية، مضيفا أن التغييرات السريعة التي جرت بشأن الخلافة في السعودية كانت ضرورية كمظهر من مظاهر الوحدة.
***
* مأزق آل سعود
أزمة الحكم داخل البيت السعودي
علي عوباني
تغييرات في بنية الحكم السعودي هي الأكبر من نوعها خلال فترة وجيزة، لا تتعدى الأشهر من تاريخ استلام الملك سلمان بن عبد العزيز دفة الحكم. تعديلات حكومية، وإعفاءات، أقرب الى الإقصاءات. أوامر ملكية مفاجئة، وفق مسارين، مسار حكومي هامشي، ومسار سلطوي جوهري، يهدف الى تعديل مآل انتقال السلطة المستقبلي، أوامر ليس لها سوى معنى واحد، خوف الملك سلمان حديث العهد على اهتزاز العرش وعدم تمكنه من تركيز دعائم حكمه بعد، ما يدفعه لاستبعاد أجنحة وازنة في العائلة المالكة (أبناء اخوته غیر الأشقاء) لصالح ابنه وأبناء أشقائه من السدیریین.
في التوقيت، أتى هذا التعديل بعد أربعة اشهر فقط على تولي الملك سلمان الحكم، ما يعني فشلاً ذريعاً في الخيارات التي نحا باتجاهها ببداية عهده، وإلا لما اضطر - لو كانت خياراته صائبة وصحيحة - لإجراء كل هذه التعديلات دفعة واحدة، ولكان لجأ الى المعالجة الموضعية، لكن من الواضح أن المسألة أعمق وأخطر من أي تغيير أو تعديل حكومي، وهي تتصل باستلام مقاليد ومفاتيح الحكم بأكمله والاستئثار به، ولعل ذلك ما اضطره لإصدار كل هذه الأوامر الملكية رزمة واحدة، محدثاً انقلاباً داخل الاسرة الحاكمة. ويعزز ذلك الأمر الملكي الجديد بدمج الديوان الملكي مع ديون ولي العهد، ما يعني بشكل أو بآخر تقويض صلاحيات الاخير وقطع الطريق أمامه للوصول الى سدة العرش.

الاسرة الحاكمة في السعودية
وفي التوقيت ايضاً، أتت هذه التطورات المفاجئة، واللافتة بعد أسبوع فقط من هزيمة آل سعود في اليمن، ما طرح تساؤلات حول الخلفيات الكامنة وراء هكذا تعديل وسبب هذه العجالة، في ظل حرب يقودها نظام الحكم السعودي، آل سعود، وهل تحمل هذه الخطوة دلالات حول تعزيز الجبهة الداخلية السعودية، بمواجهة اعتراضات على النهج "السليماني" الاقصائي الحاكم، ولعدوانه على اليمن. أسئلة تنتظر أجوبة عليها عاجلاً أم آجلاً من داخل أسوار البيت السعودي، وإن كان المغرد المشهور "مجتهد" تحدث قبل أيام من الأوامر الملكية عن ضغوط يتعرض لها الأمير مقرن للتنحي تحت طائلة تنحيته. كما تحدث عمّا يشبه انقلابا يسعى إليه الأمير متعب بن عبد الله لاستعادة كرسي العرش.
في الشكل، سبق الاعلان عن التعديلات الجديدة في بيت الحكم السعودي، مسرحية أمنية هوليودية هزلية، تمثلت بالإعلان عن توقيف 93 "داعشيا"ً، وإحباط مخططات ومؤامرات، وعمليات تفجير وهجوم على السفارة الاميركية، وفي ذلك محاولة، فاضحة لتغليب الجناح الأمني الموالي للملك - أي وزير الداخلية - محمد بن نايف ولي العهد الجديد، ووزير الدفاع محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وإظهار نجاحهما في توفير الاستقرار والامن في المملكة، تمهيداً لخطوة بيان تعيينهما كأولياء للعهد.
سلمان يستكمل انقلابه للاستئثار بحكم آل سعود
أبعد من ذلك، وفي الشكل ايضاً، فان الأمر الملكي بتعيين نجل الملك سلمان ولياً لولي العهد، يعبّر في طياته عن ضعف، كونه تضمن رزمة من التبريرات لهذا التعيين، كالت المديح والثناء على محمد بن سلمان وتحدثت عن صفات ومؤهلات وقدرات "اتضحت للجميع من خلال كافة الأعمال والمهام التي أنيطت به"، وصورته على انه: "قادر على النهوض بالمسؤوليات الجسيمة"، بينما لم يمض على تعيينه سوى 4 اشهر، وهي مدة زمنية غير كافية للحكم على "خيره من شره"، فيما لوحظ ان هذه التبريرات لم نجدها في تعيين محمد بن نايف ولياً للعهد، ولم يتم ذكر ميزة واحدة له، مع أنه أكثر خبرة ومع أن الصحف العالمية تطلق عليه لقب "جنرال الحرب على الارهاب".
أما في المضمون، فأسئلة كثيرة تطرح، عن سر هذه التعديلات، وهل هي تعبر عن أزمة حكم حقيقية داخل البيت السعودي، فما الذي يدفع الملك سلمان مثلاً لابعاد الرجل القوي عن وزارة الخارجية بعدما قضى سعود الفيصل فيها أكثر من نصف عمره وعايش الملوك والأمراء، ولم يمسه أي تعديل او أمر ملكي سابق، حيث كان الثابت الوحيد أمام كل التحولات والتعديلات الحكومية، سيما وان ذريعة وضعه الصحي غير مقنعة في نظام ملكي عادة ما يتشبث فيه المسؤولون بكراسيهم حتى الرمق الأخير من حياتهم. ثم هل أن تسريع وتيرة الخطوات المتعلقة بانتقال السلطة والتي ذكرها بيان تعيين ولي ولي العهد صراحة بعبارة "انتقال السلطة وسلاسة تداولها"، تعني بشكل أو بآخر، ان صحة الملك السعودي، ليست على ما يرام، لذا فهو يسعى جاهداً لتعبيد طريق السلطة أمام نجله محمد بأسرع وقت ممكن، عبر اسناد العديد من المهام إليه و"تعويمه" وإظهار "نجاحاته"، وهو ما برز بشكل جوهري لافت في الامر الملكي الذي قضى بتعيينه ولياً لولي العهد وصوره بأنه الرجل الخارق.
هذا ولم تخلُ "مقصلة التعيينات والاقصاءات" الجديدة، من علامات استفهام كبرى حول استئثار رجالات أميركا البارزين في مملكة القهر بحصة الاسد، عبر تبوء الوزارات السيادية، في الداخلية والدفاع، والخارجية، التي أسندت الى عادل الجبير، رجل الغرب في السعودية، وفي ذلك دلالة واضحة على هيمنة واشنطن على قلب الحكم السعودي والتحكم بمفاصله الأساس.
أما بالنسبة لطريقة إخراج هذه التعيينات المفاجئة، فلوحظ أن كلمة سر واحدة حاولت تصوير ما جرى على قاعدة أن الحكم في المملكة أصبح هرماً ودب الشيب فيه، وأنه كان لا بد من "هذه النقلة النوعية" و"تجديد شباب الحكم"، و"تحقيق الاصلاح"، المطلوب اميركياً ولو شكلياً، عبر تسليم الحكم للقيادات الشابة المتمثلة بالجيل الثالث من العائلة الحاكمة. لكن الحقيقة مناقضة لذلك تماماً، وعنوان "تجديد الشباب" الذي يعكس بحد ذاته صراعاً خفياً، ليس سوى شماعة للتغطية على الخلافات داخل البيت السعودي، استخدمت لإقصاء أجنحة وازنة عن الحكم لصالح اجنحة أخرى أكثر التصاقاً وولاءً للملك. فيما تبقى محاولات رأب الصدع داخل العائلة المالكة والمتمثلة بزيارات الملك واولياء عهده للمتضررين الاساسيين من الاجراءات الاخيرة - الامير مقرن بن عبد العزيز والامير سعود الفيصل - تبقى محاولات شكلية وصورية، باعتبار أن ما خلفته الأوامر الملكية الاخيرة من شعور فئات كثيرة داخل "آل سعود" بالاقصاء لا يمكن القفز فوقها ببساطة وسطحية مطلقة، كونها ستعمق اكثر فأكثر مأزق الحكم داخل البيت السعودي.
***
* انقلاب في الرياض بتوقيت واشنطن والعالم في باب المندب...!
محمد صادق الحسيني - صحيفة "البناء"
كما توقعنا وكنا نقول: مع ما بات يُعرف بانقلاب الفجر السعودي بتوقيت واشنطن لأنّ العائلة المالكة عادة ما تكون نائمة في مثل هذه الساعات، غدت السعودية حاملة طائرات أميركية ومستعمرة «كاملة الدسم»، وقبيلة آل سعود تتجه للانقراض شيئاً فشيئاً، كما يعلق متابعون مطلعون على خبايا الفصل الثاني من انقلاب السديريّين على إرث الملك عبد الله.
ويضيفون: عادل الجبير سيكون هو النموذج المطلوب لتركيبة المستعمرة الجديدة.
سجلوا هذا الكلام للتاريخ.
نجاح الإدارة الأميركية في نقل السلطة مما تبقى من الحرس القديم إلى جيل الأبناء والأحفاد من الأسرة الحاكمة في الرياض في ظل عملية إغراقهم في مستنقع اليمن يعتبره المتابعون مقدمة لإخراج الأسرة من المشهد السياسي الإقليمي وحصر دورهم في الدرعية في مقدمة لانقلابات جديدة أكثر دراماتيكية تجعل من الرياض مجرد حاملة طائرات أميركية.
على المقلب الآخر فان يمن عبد الملك الحوثي لن يعود إلى ما قبل 21 أيلول 2014 ولو اجتمع العالم كله ضده وهو قادر على الصمود وحده ولو بلغ ما بلغ، هكذا يؤكد متابعون لتطورات الحرب على اليمن.
يمن علي عبد الله صالح المتقاطعة مصالحه موقتاً مع يمن الحوثيين صلب لا ينكسر أمام ضغوط السعوديين ولن يعود صنيعة بيد الرياض، كما يؤكد رجل مقرّب منه يجوب العواصم العربية شارحاً مستقبل اليمن الجديد.
يمن علي سالم البيض بات مشتتاً ولن يستطيع إعادة بناء حراكه الذي تقطعت أوصاله بسبب التطورات الميدانية المتسارعة جنوباً ولو أغدقت الرياض ملياراتها عليه، كما يؤكد ناشط كان على صلة وثيقة بالرجل.
يمن الإصلاح والإخوان وآل الأحمر لن يعود إلى ما كان عليه قبل ثورة 21 أيلول 2014 ولو دامت حرب الرياض بعاصفة حزمها أو بإعادة أملها مئة عام كما يؤكد مصدر إصلاحي كان جزءاً من حزب الإصلاح إلى وقت قريب.
يمن علي ناصر محمد وسائر القوى التي لا تزال مواقفها في الظلّ تنتظر تطورات الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية ليس لديها مستقبل من دون حسم أمرها بين يمن الحوثيين وأنصار الله وأصدقائهم الإقليميين أو يمن الإصلاح وآل الأحمر وحلفائهم الإقليميين، كما يؤكد مصدر وثيق الصلة بفصائل القوى المستقلة.
هي الثورة وقوانينها وسننها التي لا تتغيّر، تصدق في اليمن كما صدقت في طهران والقاهرة وفيتنام وكلّ عواصم الدنيا الأخرى من قبل.
ثمة من لا يريد أن يقرّ ويذعن ويعترف بأنّ ما حصل يوم الحادي والعشرين من أيلول 2014 إنما كان ثورة إسلامية وطنية يمنية صرفة بالتمام والكمال.
وان هذا هو السبب الرئيسي للحرب الحالية المفتوحة من جانب السعودية على اليمن كانت ستحصل بتحالف أو من دون تحالف.
كيف لا وهي الرياض نفسها التي صرفت المليارات باعتراف قادتها وجيّشت العالم كله وحرضته ضد ثورة إسلامية بعيدة عنها نسبياً حصلت قبل ثلاثة عقود ونيف على يد أمة أخرى، فكانت حرب الثماني سنوات العراقية الإيرانية المفروضة الشهيرة، فكيف بها الآن مع ثورة من نفس السنخ وهذه المرة على يد عرب أقحاح لا تبعد حدودهم سوى ثمانمئة كيلومتر عن مكة المكرمة التي يحكمون، وزد على ذلك فان التاريخ القريب يقول أن حدود هذا البلد العربي التاريخية كانت على مشارف الطائف إلى حين العام 1934…!؟
لهذا ولغيره من تحولات الإقليم والمعادلة الدولية التي تتراجع موازينها لغير صالح حامي الرياض ومسعفها الأساس والمتبرع الرئيس لوجستيا واستخباراتياً واستراتيجياً لمثل هذه الحروب – كما هو معلن – أي الولايات المتحدة الأميركية وعلى رغم كل مواقفه الظاهرية المعلنة للدفاع عن العائلة الحاكمة في الرياض وسائر حكام الخليج، يعيش حالة إعادة انتشار لقواته وإعادة تموضع استعداداً للإبحار بعيداً باتجاه المحيط الهادئ تاركاً حلفائه في مهب رياح فصول الثورة والتغيير الأربعة.
العارفون بخفايا وبواطن الحرب التي تدور رحاها اليوم على أرض اليمن المظلوم والمستنزف والجريح يؤكدون ما يلي:
* أميركا المصممة على البقاء على ظهر أساطيلها وعدم النزول إلى اليابسة للقتال نيابة عن أحد والمركزة في أولوياتها على المحيط الهادئ، لن تقدم للرياض أو عواصم الخليج أكثر مما قدمته، بل يزيدون على ذلك بأنها خدعتهم ودفعت بهم دفعاً لخوض هذه الحرب بائعة «جيوبوليتيك مجازي» لهم مقابل التركيز على توافقات مبدئية مع طهران في إطار النووي لمنع زحف نفوذها وتمدده ومحاولة إعادة المارد الإيراني إلى داخل قمقمه لعله ينفجر داخلياً كعلاج أخير للتخلص من كابوس انتشار «ثقافة المقاومة» التي أشاعتها هذه الثورة العالمية الأبعاد.
* أميركا اليائسة تماماً من إمكانية تحقيق أي انجاز محسوس أو ملموس في حربها على محور المقاومة قد تكون وجدت بأن الملاذ الأخير لنجاة استراتيجيتها هو جر إيران «المشاغبة» دولياً إلى حرب إقليمية مفتوحة مع منظومة خليجية باتت أقرب ما تكون إلى «حاملة طائرات أميركية» تستطيع تحمل نتائج مثل هذه الحرب من الآن إلى حين تكون واشنطن قد رتبت أوراقها الداخلية والخارجية مع نهاية عام 2016 حيث استحقاق انتخابات الرئاسة الأميركية وتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود مع منتدى شانغهاي مع ما يترتب عليه من طموحات المارد الصيني العملاق والصاعد الروسي الطامح والنسرين المتأهبين لاقتناص حصتيهما من النظام العالمي الجديد أي الهند وإيران.
استناداً إلى ما تقدم فإن معركة «استقلال القرار اليمني» كما يلخص أهل اليمن أسباب الحرب المندلعة ضدهم، ستدور رحاها من الآن فصاعداً على المتغيرات التالية:
أولا - كم يستطيع السيد عبد الملك الحوثي أن يبقى صامداً وممسكاً بقرار يمن ما بعد 21 أيلول ومعه أكثرية «يمنات» الداخل العسكرية والأمنية والقبائلية والمناطقية والاجتماعية والسياسية الآنفة الذكر، معدلها يمن مستقل عن التجاذبات الإقليمية والدولية؟
ثانيا - كم يتمكن نظام الحكم في الرياض من الاستمرار والصمود بوجه الحالة الداخلية المتململة والمنهكة من استمرار التحشيد لحرب خارجية هي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة الحديث، لا سيما في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتفلتة والمنفضة عما أطلق عليه تحالفاً دولياً تزعم الرياض أنها تقوده فعلاً في حربها سواء في إطار عاصفة الحزم أو إعادة الأمل!؟
ثالثا - كم تستطيع التناقضات الأميركية الداخلية والأميركية الخارجية المرتبطة بالعلاقات الأميركية «الإسرائيلية» أن تصمد وتبقى متماسكة بوجه تحولات الحرب غير المتوقعة التداعيات والمفتوحة على مصاريعها وتبقى موحدة خلف الرياض إلى نهاية السيناريو الأميركي المفترض أو المتاح أمام واشنطن للدفاع عن أمن حلفائها من دون تعريض مصالحها القومية العليا للخطر!؟
رابعا - كم تتمكن قوى محور المقاومة وفي مقدمها طهران البقاء مستنفرة ومتأهبة للدفاع عن اليمن الجديد بما لا يتعارض مع مجموع أو محصلة استراتيجية المحور المتمركزة ضد العدو الصهيوني الرابض فوق فلسطين المحتلة!؟
أخيراً وليس آخراً ثمة من يسأل ويتساءل:
ماذا عن احتمال تطور الأحداث والوقائع على خلفية حرب منع «استقلال القرار اليمني» إلى مواجهة أميركية إيرانية بحرية غير معلومة النتائج!؟
الأنباء الواردة من المياه الإقليمية اليمنية قرب سواحل باب المندب تفيد بأن السفن الحربية الإيرانية تراوح مكانها في المياه الدولية قبالة شواطئ عدن متأهبة للتدخل لمصلحة حلفائها وأصدقائها اليمنيين في حال حدوث أي تطور غير مرتقب يمكن أن يخل بالمعادلة الداخلية اليمنية التي تبلورت ما بعد ثورة الحادي والعشرين من أيلول وذلك في إطار الحرب المفتوحة من قبل ما بات يعرف بالتحالف الدولي ضد أنصار الله.
في هذه الأثناء فإن مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان يقول: إن منع السعودية للطائرات الإيرانية من إيصال مساعدات ومعونات طبية لليمنيين وإعادة جرحى الحرب بعد معالجتهم في طهران، وحمل مزيد من الجرحى اليمنيين الذين من هناك لن يبقى من دون رد من طهران، يؤكد ما ذهبنا إليه من احتمال دخول مسرح الحرب على اليمن فصولاً جديدة لا يعرف أحداً أبعادها وآفاقها.
فهل باتت كل ملفات المنطقة الساخنة والملتهبة أصلاً معرضة للانفجار على صفيح اليمن المظلوم والمستنزف والمستضعف؟
وهل بات مصير العالم كله رهن باتجاه الرياح قبالة سواحل باب المندب؟
ثمة من يحسم الأمر بالقول: إن مفتاح الإجابة على كل هذه الأسئلة لا يزال في الصندوق الأسود المخبأ في مكمن أسرار السيد عبد الملك الحوثي والذي لم يقرر بعد الإفراج عنه على رغم خطبتين ناريتين بعد العدوان.
بحر الرجل عميق وزاده كثير على ما يبدو وقدرته على الصمت الناطق أحياناً أكثر فعلاً من قدرته على الكلام الفاصل على رغم بلاغته وفصاحة لسانه.
قد يكون الأمر متعلقاً بحرب عالمية ثالثة يحاول منع وقوعها، كما يقول بعض المقربين منه والذين يعملون رسلاً بينه وبين أطراف محور المقاومة.
هي اليمن إن صلحت صلح العالم وإن اضطربت اضطرب العالم، ومن لم يؤمن بعد عليه أن يقرأ التاريخ القديم والحديث من جديد ويطيل النظر في خريطة البحار ومضائقها ويتأمل جيداً عند نقطة التقاء أمواج الحرب والسلام.
خلفيات الأوامر الملكية: مقرن لم يستضف ولي عهد الإمارات
نقلت صحيفة "ماكلاتشي" الأمريكية عن محللين سياسيين، أن قرار إعفاء الأمير السعودية مقرن بن عبد العزيز، من ولاية العهد عززته معارضته للعدوان الذي تقوده السعودية في اليمن.

وأشار محللون إلى أن "مقرن" لم يستضف ولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، عندما زار السعودية الأحد الماضي، في خرق كبير للبروتوكول المتعارف عليه في دول الخليج.
ونقلت عن الدكتور "تيودور كاراسيك" المحلل السياسي المقيم في دبي، أن الأمير مقرن لم يوافق على الحملة العسكرية في اليمن، وحاول أن يبقى بعيدا عن التحالف الذي تقوده السعودية، مضيفا أن التغييرات السريعة التي جرت بشأن الخلافة في السعودية كانت ضرورية كمظهر من مظاهر الوحدة.
***
* مأزق آل سعود
أزمة الحكم داخل البيت السعودي
علي عوباني
تغييرات في بنية الحكم السعودي هي الأكبر من نوعها خلال فترة وجيزة، لا تتعدى الأشهر من تاريخ استلام الملك سلمان بن عبد العزيز دفة الحكم. تعديلات حكومية، وإعفاءات، أقرب الى الإقصاءات. أوامر ملكية مفاجئة، وفق مسارين، مسار حكومي هامشي، ومسار سلطوي جوهري، يهدف الى تعديل مآل انتقال السلطة المستقبلي، أوامر ليس لها سوى معنى واحد، خوف الملك سلمان حديث العهد على اهتزاز العرش وعدم تمكنه من تركيز دعائم حكمه بعد، ما يدفعه لاستبعاد أجنحة وازنة في العائلة المالكة (أبناء اخوته غیر الأشقاء) لصالح ابنه وأبناء أشقائه من السدیریین.
في التوقيت، أتى هذا التعديل بعد أربعة اشهر فقط على تولي الملك سلمان الحكم، ما يعني فشلاً ذريعاً في الخيارات التي نحا باتجاهها ببداية عهده، وإلا لما اضطر - لو كانت خياراته صائبة وصحيحة - لإجراء كل هذه التعديلات دفعة واحدة، ولكان لجأ الى المعالجة الموضعية، لكن من الواضح أن المسألة أعمق وأخطر من أي تغيير أو تعديل حكومي، وهي تتصل باستلام مقاليد ومفاتيح الحكم بأكمله والاستئثار به، ولعل ذلك ما اضطره لإصدار كل هذه الأوامر الملكية رزمة واحدة، محدثاً انقلاباً داخل الاسرة الحاكمة. ويعزز ذلك الأمر الملكي الجديد بدمج الديوان الملكي مع ديون ولي العهد، ما يعني بشكل أو بآخر تقويض صلاحيات الاخير وقطع الطريق أمامه للوصول الى سدة العرش.

الاسرة الحاكمة في السعودية
وفي التوقيت ايضاً، أتت هذه التطورات المفاجئة، واللافتة بعد أسبوع فقط من هزيمة آل سعود في اليمن، ما طرح تساؤلات حول الخلفيات الكامنة وراء هكذا تعديل وسبب هذه العجالة، في ظل حرب يقودها نظام الحكم السعودي، آل سعود، وهل تحمل هذه الخطوة دلالات حول تعزيز الجبهة الداخلية السعودية، بمواجهة اعتراضات على النهج "السليماني" الاقصائي الحاكم، ولعدوانه على اليمن. أسئلة تنتظر أجوبة عليها عاجلاً أم آجلاً من داخل أسوار البيت السعودي، وإن كان المغرد المشهور "مجتهد" تحدث قبل أيام من الأوامر الملكية عن ضغوط يتعرض لها الأمير مقرن للتنحي تحت طائلة تنحيته. كما تحدث عمّا يشبه انقلابا يسعى إليه الأمير متعب بن عبد الله لاستعادة كرسي العرش.
في الشكل، سبق الاعلان عن التعديلات الجديدة في بيت الحكم السعودي، مسرحية أمنية هوليودية هزلية، تمثلت بالإعلان عن توقيف 93 "داعشيا"ً، وإحباط مخططات ومؤامرات، وعمليات تفجير وهجوم على السفارة الاميركية، وفي ذلك محاولة، فاضحة لتغليب الجناح الأمني الموالي للملك - أي وزير الداخلية - محمد بن نايف ولي العهد الجديد، ووزير الدفاع محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وإظهار نجاحهما في توفير الاستقرار والامن في المملكة، تمهيداً لخطوة بيان تعيينهما كأولياء للعهد.
سلمان يستكمل انقلابه للاستئثار بحكم آل سعود
أبعد من ذلك، وفي الشكل ايضاً، فان الأمر الملكي بتعيين نجل الملك سلمان ولياً لولي العهد، يعبّر في طياته عن ضعف، كونه تضمن رزمة من التبريرات لهذا التعيين، كالت المديح والثناء على محمد بن سلمان وتحدثت عن صفات ومؤهلات وقدرات "اتضحت للجميع من خلال كافة الأعمال والمهام التي أنيطت به"، وصورته على انه: "قادر على النهوض بالمسؤوليات الجسيمة"، بينما لم يمض على تعيينه سوى 4 اشهر، وهي مدة زمنية غير كافية للحكم على "خيره من شره"، فيما لوحظ ان هذه التبريرات لم نجدها في تعيين محمد بن نايف ولياً للعهد، ولم يتم ذكر ميزة واحدة له، مع أنه أكثر خبرة ومع أن الصحف العالمية تطلق عليه لقب "جنرال الحرب على الارهاب".
أما في المضمون، فأسئلة كثيرة تطرح، عن سر هذه التعديلات، وهل هي تعبر عن أزمة حكم حقيقية داخل البيت السعودي، فما الذي يدفع الملك سلمان مثلاً لابعاد الرجل القوي عن وزارة الخارجية بعدما قضى سعود الفيصل فيها أكثر من نصف عمره وعايش الملوك والأمراء، ولم يمسه أي تعديل او أمر ملكي سابق، حيث كان الثابت الوحيد أمام كل التحولات والتعديلات الحكومية، سيما وان ذريعة وضعه الصحي غير مقنعة في نظام ملكي عادة ما يتشبث فيه المسؤولون بكراسيهم حتى الرمق الأخير من حياتهم. ثم هل أن تسريع وتيرة الخطوات المتعلقة بانتقال السلطة والتي ذكرها بيان تعيين ولي ولي العهد صراحة بعبارة "انتقال السلطة وسلاسة تداولها"، تعني بشكل أو بآخر، ان صحة الملك السعودي، ليست على ما يرام، لذا فهو يسعى جاهداً لتعبيد طريق السلطة أمام نجله محمد بأسرع وقت ممكن، عبر اسناد العديد من المهام إليه و"تعويمه" وإظهار "نجاحاته"، وهو ما برز بشكل جوهري لافت في الامر الملكي الذي قضى بتعيينه ولياً لولي العهد وصوره بأنه الرجل الخارق.
هذا ولم تخلُ "مقصلة التعيينات والاقصاءات" الجديدة، من علامات استفهام كبرى حول استئثار رجالات أميركا البارزين في مملكة القهر بحصة الاسد، عبر تبوء الوزارات السيادية، في الداخلية والدفاع، والخارجية، التي أسندت الى عادل الجبير، رجل الغرب في السعودية، وفي ذلك دلالة واضحة على هيمنة واشنطن على قلب الحكم السعودي والتحكم بمفاصله الأساس.
أما بالنسبة لطريقة إخراج هذه التعيينات المفاجئة، فلوحظ أن كلمة سر واحدة حاولت تصوير ما جرى على قاعدة أن الحكم في المملكة أصبح هرماً ودب الشيب فيه، وأنه كان لا بد من "هذه النقلة النوعية" و"تجديد شباب الحكم"، و"تحقيق الاصلاح"، المطلوب اميركياً ولو شكلياً، عبر تسليم الحكم للقيادات الشابة المتمثلة بالجيل الثالث من العائلة الحاكمة. لكن الحقيقة مناقضة لذلك تماماً، وعنوان "تجديد الشباب" الذي يعكس بحد ذاته صراعاً خفياً، ليس سوى شماعة للتغطية على الخلافات داخل البيت السعودي، استخدمت لإقصاء أجنحة وازنة عن الحكم لصالح اجنحة أخرى أكثر التصاقاً وولاءً للملك. فيما تبقى محاولات رأب الصدع داخل العائلة المالكة والمتمثلة بزيارات الملك واولياء عهده للمتضررين الاساسيين من الاجراءات الاخيرة - الامير مقرن بن عبد العزيز والامير سعود الفيصل - تبقى محاولات شكلية وصورية، باعتبار أن ما خلفته الأوامر الملكية الاخيرة من شعور فئات كثيرة داخل "آل سعود" بالاقصاء لا يمكن القفز فوقها ببساطة وسطحية مطلقة، كونها ستعمق اكثر فأكثر مأزق الحكم داخل البيت السعودي.
***
* انقلاب في الرياض بتوقيت واشنطن والعالم في باب المندب...!
محمد صادق الحسيني - صحيفة "البناء"
كما توقعنا وكنا نقول: مع ما بات يُعرف بانقلاب الفجر السعودي بتوقيت واشنطن لأنّ العائلة المالكة عادة ما تكون نائمة في مثل هذه الساعات، غدت السعودية حاملة طائرات أميركية ومستعمرة «كاملة الدسم»، وقبيلة آل سعود تتجه للانقراض شيئاً فشيئاً، كما يعلق متابعون مطلعون على خبايا الفصل الثاني من انقلاب السديريّين على إرث الملك عبد الله.
ويضيفون: عادل الجبير سيكون هو النموذج المطلوب لتركيبة المستعمرة الجديدة.
سجلوا هذا الكلام للتاريخ.
نجاح الإدارة الأميركية في نقل السلطة مما تبقى من الحرس القديم إلى جيل الأبناء والأحفاد من الأسرة الحاكمة في الرياض في ظل عملية إغراقهم في مستنقع اليمن يعتبره المتابعون مقدمة لإخراج الأسرة من المشهد السياسي الإقليمي وحصر دورهم في الدرعية في مقدمة لانقلابات جديدة أكثر دراماتيكية تجعل من الرياض مجرد حاملة طائرات أميركية.
على المقلب الآخر فان يمن عبد الملك الحوثي لن يعود إلى ما قبل 21 أيلول 2014 ولو اجتمع العالم كله ضده وهو قادر على الصمود وحده ولو بلغ ما بلغ، هكذا يؤكد متابعون لتطورات الحرب على اليمن.
يمن علي عبد الله صالح المتقاطعة مصالحه موقتاً مع يمن الحوثيين صلب لا ينكسر أمام ضغوط السعوديين ولن يعود صنيعة بيد الرياض، كما يؤكد رجل مقرّب منه يجوب العواصم العربية شارحاً مستقبل اليمن الجديد.
يمن علي سالم البيض بات مشتتاً ولن يستطيع إعادة بناء حراكه الذي تقطعت أوصاله بسبب التطورات الميدانية المتسارعة جنوباً ولو أغدقت الرياض ملياراتها عليه، كما يؤكد ناشط كان على صلة وثيقة بالرجل.
يمن الإصلاح والإخوان وآل الأحمر لن يعود إلى ما كان عليه قبل ثورة 21 أيلول 2014 ولو دامت حرب الرياض بعاصفة حزمها أو بإعادة أملها مئة عام كما يؤكد مصدر إصلاحي كان جزءاً من حزب الإصلاح إلى وقت قريب.
يمن علي ناصر محمد وسائر القوى التي لا تزال مواقفها في الظلّ تنتظر تطورات الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية ليس لديها مستقبل من دون حسم أمرها بين يمن الحوثيين وأنصار الله وأصدقائهم الإقليميين أو يمن الإصلاح وآل الأحمر وحلفائهم الإقليميين، كما يؤكد مصدر وثيق الصلة بفصائل القوى المستقلة.
هي الثورة وقوانينها وسننها التي لا تتغيّر، تصدق في اليمن كما صدقت في طهران والقاهرة وفيتنام وكلّ عواصم الدنيا الأخرى من قبل.
ثمة من لا يريد أن يقرّ ويذعن ويعترف بأنّ ما حصل يوم الحادي والعشرين من أيلول 2014 إنما كان ثورة إسلامية وطنية يمنية صرفة بالتمام والكمال.
وان هذا هو السبب الرئيسي للحرب الحالية المفتوحة من جانب السعودية على اليمن كانت ستحصل بتحالف أو من دون تحالف.
كيف لا وهي الرياض نفسها التي صرفت المليارات باعتراف قادتها وجيّشت العالم كله وحرضته ضد ثورة إسلامية بعيدة عنها نسبياً حصلت قبل ثلاثة عقود ونيف على يد أمة أخرى، فكانت حرب الثماني سنوات العراقية الإيرانية المفروضة الشهيرة، فكيف بها الآن مع ثورة من نفس السنخ وهذه المرة على يد عرب أقحاح لا تبعد حدودهم سوى ثمانمئة كيلومتر عن مكة المكرمة التي يحكمون، وزد على ذلك فان التاريخ القريب يقول أن حدود هذا البلد العربي التاريخية كانت على مشارف الطائف إلى حين العام 1934…!؟
لهذا ولغيره من تحولات الإقليم والمعادلة الدولية التي تتراجع موازينها لغير صالح حامي الرياض ومسعفها الأساس والمتبرع الرئيس لوجستيا واستخباراتياً واستراتيجياً لمثل هذه الحروب – كما هو معلن – أي الولايات المتحدة الأميركية وعلى رغم كل مواقفه الظاهرية المعلنة للدفاع عن العائلة الحاكمة في الرياض وسائر حكام الخليج، يعيش حالة إعادة انتشار لقواته وإعادة تموضع استعداداً للإبحار بعيداً باتجاه المحيط الهادئ تاركاً حلفائه في مهب رياح فصول الثورة والتغيير الأربعة.
العارفون بخفايا وبواطن الحرب التي تدور رحاها اليوم على أرض اليمن المظلوم والمستنزف والجريح يؤكدون ما يلي:
* أميركا المصممة على البقاء على ظهر أساطيلها وعدم النزول إلى اليابسة للقتال نيابة عن أحد والمركزة في أولوياتها على المحيط الهادئ، لن تقدم للرياض أو عواصم الخليج أكثر مما قدمته، بل يزيدون على ذلك بأنها خدعتهم ودفعت بهم دفعاً لخوض هذه الحرب بائعة «جيوبوليتيك مجازي» لهم مقابل التركيز على توافقات مبدئية مع طهران في إطار النووي لمنع زحف نفوذها وتمدده ومحاولة إعادة المارد الإيراني إلى داخل قمقمه لعله ينفجر داخلياً كعلاج أخير للتخلص من كابوس انتشار «ثقافة المقاومة» التي أشاعتها هذه الثورة العالمية الأبعاد.
* أميركا اليائسة تماماً من إمكانية تحقيق أي انجاز محسوس أو ملموس في حربها على محور المقاومة قد تكون وجدت بأن الملاذ الأخير لنجاة استراتيجيتها هو جر إيران «المشاغبة» دولياً إلى حرب إقليمية مفتوحة مع منظومة خليجية باتت أقرب ما تكون إلى «حاملة طائرات أميركية» تستطيع تحمل نتائج مثل هذه الحرب من الآن إلى حين تكون واشنطن قد رتبت أوراقها الداخلية والخارجية مع نهاية عام 2016 حيث استحقاق انتخابات الرئاسة الأميركية وتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود مع منتدى شانغهاي مع ما يترتب عليه من طموحات المارد الصيني العملاق والصاعد الروسي الطامح والنسرين المتأهبين لاقتناص حصتيهما من النظام العالمي الجديد أي الهند وإيران.
استناداً إلى ما تقدم فإن معركة «استقلال القرار اليمني» كما يلخص أهل اليمن أسباب الحرب المندلعة ضدهم، ستدور رحاها من الآن فصاعداً على المتغيرات التالية:
أولا - كم يستطيع السيد عبد الملك الحوثي أن يبقى صامداً وممسكاً بقرار يمن ما بعد 21 أيلول ومعه أكثرية «يمنات» الداخل العسكرية والأمنية والقبائلية والمناطقية والاجتماعية والسياسية الآنفة الذكر، معدلها يمن مستقل عن التجاذبات الإقليمية والدولية؟
ثانيا - كم يتمكن نظام الحكم في الرياض من الاستمرار والصمود بوجه الحالة الداخلية المتململة والمنهكة من استمرار التحشيد لحرب خارجية هي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة الحديث، لا سيما في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتفلتة والمنفضة عما أطلق عليه تحالفاً دولياً تزعم الرياض أنها تقوده فعلاً في حربها سواء في إطار عاصفة الحزم أو إعادة الأمل!؟
ثالثا - كم تستطيع التناقضات الأميركية الداخلية والأميركية الخارجية المرتبطة بالعلاقات الأميركية «الإسرائيلية» أن تصمد وتبقى متماسكة بوجه تحولات الحرب غير المتوقعة التداعيات والمفتوحة على مصاريعها وتبقى موحدة خلف الرياض إلى نهاية السيناريو الأميركي المفترض أو المتاح أمام واشنطن للدفاع عن أمن حلفائها من دون تعريض مصالحها القومية العليا للخطر!؟
رابعا - كم تتمكن قوى محور المقاومة وفي مقدمها طهران البقاء مستنفرة ومتأهبة للدفاع عن اليمن الجديد بما لا يتعارض مع مجموع أو محصلة استراتيجية المحور المتمركزة ضد العدو الصهيوني الرابض فوق فلسطين المحتلة!؟
أخيراً وليس آخراً ثمة من يسأل ويتساءل:
ماذا عن احتمال تطور الأحداث والوقائع على خلفية حرب منع «استقلال القرار اليمني» إلى مواجهة أميركية إيرانية بحرية غير معلومة النتائج!؟
الأنباء الواردة من المياه الإقليمية اليمنية قرب سواحل باب المندب تفيد بأن السفن الحربية الإيرانية تراوح مكانها في المياه الدولية قبالة شواطئ عدن متأهبة للتدخل لمصلحة حلفائها وأصدقائها اليمنيين في حال حدوث أي تطور غير مرتقب يمكن أن يخل بالمعادلة الداخلية اليمنية التي تبلورت ما بعد ثورة الحادي والعشرين من أيلول وذلك في إطار الحرب المفتوحة من قبل ما بات يعرف بالتحالف الدولي ضد أنصار الله.
في هذه الأثناء فإن مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان يقول: إن منع السعودية للطائرات الإيرانية من إيصال مساعدات ومعونات طبية لليمنيين وإعادة جرحى الحرب بعد معالجتهم في طهران، وحمل مزيد من الجرحى اليمنيين الذين من هناك لن يبقى من دون رد من طهران، يؤكد ما ذهبنا إليه من احتمال دخول مسرح الحرب على اليمن فصولاً جديدة لا يعرف أحداً أبعادها وآفاقها.
فهل باتت كل ملفات المنطقة الساخنة والملتهبة أصلاً معرضة للانفجار على صفيح اليمن المظلوم والمستنزف والمستضعف؟
وهل بات مصير العالم كله رهن باتجاه الرياح قبالة سواحل باب المندب؟
ثمة من يحسم الأمر بالقول: إن مفتاح الإجابة على كل هذه الأسئلة لا يزال في الصندوق الأسود المخبأ في مكمن أسرار السيد عبد الملك الحوثي والذي لم يقرر بعد الإفراج عنه على رغم خطبتين ناريتين بعد العدوان.
بحر الرجل عميق وزاده كثير على ما يبدو وقدرته على الصمت الناطق أحياناً أكثر فعلاً من قدرته على الكلام الفاصل على رغم بلاغته وفصاحة لسانه.
قد يكون الأمر متعلقاً بحرب عالمية ثالثة يحاول منع وقوعها، كما يقول بعض المقربين منه والذين يعملون رسلاً بينه وبين أطراف محور المقاومة.
هي اليمن إن صلحت صلح العالم وإن اضطربت اضطرب العالم، ومن لم يؤمن بعد عليه أن يقرأ التاريخ القديم والحديث من جديد ويطيل النظر في خريطة البحار ومضائقها ويتأمل جيداً عند نقطة التقاء أمواج الحرب والسلام.
تعليق