إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــامـــــــــــــــــة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لسؤال: فهم القرآن يكون من خلال كلام المعصومين (عليهم السلام)
    (( إنَّمَا وَليّكم اللّه وَرَسوله وَالَّذينَ آمَنوا الَّذينَ يقيمونَ الصَّلاَةَ وَيؤتونَ الزَّكَاةَ وَهم رَاكعونَ ))
    بعض أصدقاء الشيعة يقول ان هذه الأية لاتدل على الولاية لانها اية ليس محكمة
    الجواب:
    الأخ عقيل المحترم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نستطيع فهم الآية القرآنية من خلال الروايات التي أشارت الى أنها نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين تصدق بخاتمه على الفقير واتفق الفريقان على أنها نزلت في علي (عليه السلام)، ونحن لسنا من الفريق الذي يقول حسبنا كتاب الله، بل نرجع في فهم الآيات القرآنية الى كلام المعصومين عليهم السلام، فإذا قالوا انها نزلت في علي عليه السلام وأن المقصود من الولاية هي الإمامة فلا معنى للقول بأن الآية ليست محكمة، وإلا لو كان الأمر كما تقولون لم يبق لنا من القرآن آية واحدة نستطيع فهمها فأغلب الآيات اختلف في معناها فهل تصير كل الآيات القرآنية غير محكمة.
    ودمتم برعاية الله

    تعليق


    • السؤال: لا تعارض بين نقل الإمام ورواية عن الصادق (عليه السلام)
      ما هو الرد على هذه الشبهة التي كتبها أحد الوهّابيين:- الإمام الباقر يضعف حديث تصدق أمير المؤمنين بخاتمه علي بن إبراهيم, عن أبيه, ومحمّد بن إسماعيل, عن الفضل بن شاذان جميعاً, عن حمّاد بن عيسى, عن حريز, عن زرارة قال: قال أبوجعفر (عليه السلام): إذا قمت في الصلاة فعليك بالإقبال على صلاتك, فإنّما يحسب لك منها ما أقبلت عليه, ولا تعبث فيها بيدك, ولا برأسك, ولا بلحيتك, ولا تحدّث نفسك... )). والحديث صحيح كلّهم ثقاة الكافى 3 صفحة 300 باب الخشوع فى الصلاه.
      الجواب:
      الأخ أحمد المحترم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أولاً : الرواية المذكورة ليست في صدد بيان صحة أو بطلان الصلاة , وإنّما تنهى عن العبث في أثناء الصلاة تنـزيهاً واعتناء بشأن الصلاة.
      وعلى كلّ حال فالحركة اليسيرة لا تضر بصحة الصلاة , ولذا أفتى الفقهاء من الفريقين بصحة الصلاة مع الحركة اليسيرة , ورووا في ذلك روايات تدل على إباحة العمل اليسير.
      ثانياً : إنّ الحركة اليسيرة غير المقصود بها العبث فضلاً عن كونها قد تكون عبادة كما في المورد لا تضرّ بكمال الصلاة.
      ففي أحكام القرآن للجصّاص قال: وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أخبار في إباحة العمل اليسير فيها, فمنها: أنّه خلع نعليه في الصلاة, ومنها: أنّه مس لحيته, وأنّه أشار بيده, ومنها: حديث ابن عباس أنّه قام على يسار النبي (صلى الله عليه وآله) فأخذ بذؤابته وأداره إلى يمينه, ومنها: أنّه كان يصلي وهو حامل أمامه بنت أبي العاص بن الربيع, فإذا سجد وضعها, وإذا رفع رأسه حملها.
      ثمّ قال: فدلالة الآية ظاهرة في إباحة الصدقة في الصلاة ؛ لأنّه إن كان المراد الركوع كان تقديره (الذين يتصدقون في حال الركوع), فقد دلت على إباحة الصدقة في الحال, وإن كان المراد وهم يصلون, فقد دلت على إباحتها في سائر أحوال الصلاة, فكيفما تصرفت الحال, فالآية دالة على أباحة الصدقة في الصلاة (أحكام القرآن 2: 507).
      ومنه يظهر عدم صحة النقض على رواية الصادق (عليه السلام) بتصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاته ؛ لأنّه ينقض بفعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) سواء كان مراده من النقض بطلان الصلاة, أو معارضة الفعل القليل للتوجه في الصلاة والانقطاع إلى الله, أو معارضته لكمال الصلاة كما تدل عليه رواية الصادق (عليه السلام).
      ومنه يعلم أيضاً أن فعل علي (عليه السلام) لم يكن من العبث, بل كان عبادة في عبادة, وبالتالي فلا تعارض بين رواية الصادق (عليه السلام) وبين روايات تصدق علي (عليه السلام) في صلاته.
      كما يظهر أيضاً عدم إمكان جعل فعل النبي (صلى الله عليه وآله) اليسير في الصلاة من العبث أيضاً, أو مناف لكمال الصلاة ؛ لأنّه بعيد عن ساحتهما معا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام).
      ودمتم في رعاية الله

      تعليق


      • السؤال: الحصر الموجود في الآية وكيفية استفادة الولاية لباقي الأئمة (عليهم السلام)
        السلام عليكم
        قال: لي أحد المخالفين أنّ معنى إنّما في قوله تعالى تفيد الحصر, وهذا يعني إن مَن تجب ولايته في هذه الآية أيّ يقصد آية الولاية هم الله والرسول والذين يؤتون الزكاة وهم راكعون, فكيف نثبت الولاية لباقي الأئمة الأطهار.
        الجواب:
        الأخ سالم المحترم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        لقد فسرت الآية الكريمة بالأئمة الاثنى عشر من آل البيت (عليهم السلام) كما يروي ذلك الشيخ الصدوق بسند صحيح عن سليم بن قيس الهلالي عمّا رآه وسمعه من علي (عليه السلام) من حديث المناشدة وفيه: أنّ الناس سألوا النبي (صلى الله عليه وآله) عن هذه الآية لما نزلت أهي خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عزّ وجلّ نبيّه (صلى الله عليه وآله) أن يعلمهم ولاة أمرهم, وأن يفسرّ لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم, وزكاتهم, وصومهم, وحجّهم (( إلى أن يقول )) فقالا: يا رسول الله هذه الآيات خاصة بعلي؟ قال: بلى فيه وفي أوصيائه إلى يوم القيامة ( كمال الدين وتمام النعمة: 276).
        فإذا سلمنا بهذا وأخذنا بتفسير النبي (صلى الله عليه وآله) للآية بالأئمة (عليهم السلام) جميعاً عرفنا أنّها تعني النصّ على إمامة علي (عليه السلام) والأئمة من ولده, وعرفنا أيضاً معنى الروايات التي وردت بحصول هذا الفعل - التصدق عند الركوع - من بقية الأئمة (عليهم السلام).
        ودمتم في رعاية الله

        تعليق


        • السؤال: لماذا جيء بلفظ الجمع والمراد شخص واحد
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‎:
          يحتج البعض من اهل السنة على أن لفظ الجمع في آية الولاية لايدل على التعظيم وأنه لم يرد في الإمام علي عليه السلام لتعظيمه وإلا لكان الأحق منه بصيغة الجمع لفظ الرسول صلى الله عليه وآله وأشاروا إلى أنه لم يرد في الآيات الشريفة لفظ الجمع للرسول صلى الله عليه وآله ، ولا في أحد بخصوصه فما الرد على هذه الشبهة
          أفيدونا رحمكم الله.
          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          تحياتي مع خالص شكري وامتناني
          الجواب:
          الأخت ياسمين المحترمة
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          نقول لقد أجاب المفسر الزمخشري الذي كتب تفسيره لبيان النكات البلاغية في القرآن الكريم ، قال بخصوص هذا المطلب : ( فإن قلت كيف صحّ أن يكون لعلي رضي الله عنه واللفظ لفظ الجماعة ؟ قلت جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً ليرغب الناس في مثل فعله فينا لو مثل ثوابه ، ولينبه عل أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر ولإحسان وتفقد الفقراء إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها ( الكشاف /624) أما الاعتراض بأن هذا اللفظ لا يدل على التعظيم وإلا لكان الأحق منه بصيغة الجمع لفظ الرسول(صلى الله عليه وآله) .. فهذا غريب فالكلام إنما هو أصل في أصل الجواز لا في كيفيته ، وإذا كان هناك اعتراض فهو ينبغي أن يكون في أصل جواز استعمال الجمع في المفرد فإذا ثبت جوازه لا يحق لنا أن نقول انه ينبغي يأتي الكلام على هذه الكيفية دون هذه ، فهذا من ضيق الخناق في المجادلة وتجاوز الأدب في المولى سبحانه ، فالمولى سبحانه أدرى بكيفية البيان علينا نحن بذل الجهد في معرفة النكتة التي بسببها ورد النزول بهذا الشكل بعد ثبوت جواز ذلك عقلاً واستعمالا ، لا أن نعترض ونتجاوز الأدب وأما دعوى أن لفظ الجمع لم يرد بخصوص الفرد فهذا أمر مردود فهناك جملة من الآيات التي ثبت بلفظ الجمع والمراد منها خص واحد ، فراجع على سبيل المثال تفاسير المسلمين عند قوله تعالى : ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ )) (آل عمران: من الآية173)، وانظر من القائل الذي جاء ذكره بلفظ الناس.
          ودمتم في رعاية الله

          تعليق


          • السؤال: نقاش في صحة رواية التصدق وتواترها
            الإستدلال بروايات التصدق بالخاتم
            سنذكر أولاً جميع الروايات التي وردت مسندة من طرق القوم في هذا الشأن، ونتكلم في أسانيدها ثم ننظر في متونها:
            الرواية الأولى: الصدوق، أخبرني علي بن حاتم، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعد (سعيد) الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبدالله المحمدي، قال: حدثنا كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر في قول الله عز وجل: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا )) (المائدة:55)، قال: إن رهطاً من اليهود أسلموا، منهم: عبدالله بن سلام، وأسد، وثعلبة، وابن خيامين، وابن صوريا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله، إن موسى عليه السلام أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا، فقاموا فأتوا المسجد، فإذا سائل خارج، فقال: يا سائل، أما أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم هذا الخاتم، قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي، قال: على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعاً، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكبر أهل المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب وليكم بعدي، قالوا: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وبعلي بن أبي طالب ولياً، فأنزل الله عز وجل: (( وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُم الغَالِبُونَ )) (المائدة:56) (1).
            أقول: كثير بن عياش، ضعيف(2).
            أما أبو الجارود زياد بن المنذر، فهو زيدي المذهب، والاختلاف فيه بيّن عند القوم، والأكثر على ذمه، والخوئي بعد أن أورد الروايات الذامة فيه على لسان الباقر والصادق ضعّف بعضها واضطرب في أخرى، وخلص إلى القول بأنه ثقة فقط لوقوعه في أسانيد كامل الزيارات، وقد شهد ابن قولويه بوثاقة جميع رواتها، ولشهادة علي بن إبراهيم في تفسيره بوثاقة كل من وقع في إسناده(3).
            أما وثاقة كل من وقع في أسانيد كامل الزيارات فقد أوقفناك على بطلان ذلك، وذكرنا استظهار البعض من أن قول ابن قولويه هذا إنما هو محمول على مشايخه الذين صدر بهم أسانيد روايات كتابه، لا كل من ورد في إسناد الروايات، ويكفيك دليلاً على ذلك روايتنا هذه، فعلي بن حاتم من شيوخ ابن قولويه، وهو وإن كان ثقة في نفسه إلا أنه يروي عن الضعفاء كما ذكرنا، وأما القول في وثاقة كل من وقع في أسانيد تفسير القمي فستقف عليه قريباً إن شاء الله.
            الرواية الثانية: الصدوق، حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبدالرحمن بن محمد الحسني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي، قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد، قال: حدثني أحمد بن التغلبي، قال: حدثني أحمد بن عبد الحميد، قال: حدثني حفص بن منصور العطار، قال: حدثنا أبو سعيد الوراق، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال:...وذكر حديثاً طويلاً فيه قول علي بن أبي طالب لأبي بكر رضي الله عنه قال: أنشدك بالله ألي الولاية من الله مع ولاية رسول الله في آية زكاة الخاتم أم لك؟ قال: بل لك(4).
            أقول: سند هذه الرواية ظلمات بعضها فوق بعض، وحسبنا قول محقق الكتاب فيه: الظاهر هو -أي: التغلبي- أحمد بن عبدالله بن ميمون التغلبي، قال ابن حجر: ثقة زاهد، وأما بقية رجال السند فمهملون أو مجاهيل(5)، وهو كما قال.
            الرواية الثالثة: الصدوق، حدثنا أحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن موسى الدقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المكتب، وعلي بن عبدالله الوراق، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول: قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول قال:...وذكر حديثاً طويلاً جداً في احتجاج الأمير على الصديق رضي الله عنهما، قال فيه: كنت أصلي في المسجد، فجاء سائل فسأل وأنا راكع، فناولته خاتمي من إصبعي، فأنزل الله تبارك وتعالى فِيّ: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55) (6).
            أقول: سند هذه الرواية كسابقتها، فالسناني(7)، والوراق، والمكتب، وتميم بن بهلول، وابن زكريا القطان، وثور بن يزيد جميعهم مجهولون(8)، والبقية تقدمت تراجمهم.
            الرواية الرابعة: الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبدالله في قول الله عز وجل: (( إنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا )) (المائدة:55)، قال: إنما يعني أولى بكم، أي: أحق بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم (الله ورسوله والذين آمنوا) يعني: علياً وأولاده الأئمة إلى يوم القيامة، ثم وصفهم الله عز وجل، فقال: (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55) وكان أمير المؤمنين في صلاة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كساه إياها، وكان النجاشي أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين، فطرح الحلة إليه، وأومأ بيده إليه أن احملها: فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآية وصير نعمة أولاده بنعمته، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة مثله، فيتصدقون وهم راكعون، والسائل الذي سأل أمير المؤمنين من الملائكة، والذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة(9).
            أقول: حسب الرواية هذه أن في سندها ضعفاء ومجاهيل، فمعلى بن محمد مضطرب الحديث والمذهب، ويروي عن الضعفاء(10)، ورغم هذا يقول عنه الخوئي: الظاهر أن الرجل ثقة يعتمد على رواياته، وأما قول النجاشي من اضطرابه في الحديث والمذهب فلا يكون مانعاً من وثاقته، وأما اضطرابه في المذهب فلم يثبت كما ذكره بعضهم، وعلى تقدير الثبوت فهو لا ينافي الوثاقة، وأما اضطرابه في الحديث فمعناه أنه قد يروي ما يعرف، وقد يروي ما ينكر، وهذا أيضاً لا ينافي الوثاقة، وأن روايته عن الضعفاء على ما ذكره ابن الغضائري، فهي على تقدير ثبوتها لا تضر بالعمل بما يرويه عن الثقات، فالظاهر أن الرجل معتمد عليه، والله أعلم.
            أقول: والظاهر أن الخوئي اضطر إلى كل هذا؛ لأن صاحبنا وقع في أسانيد كتاب كامل الزيارات لابن قولويه، وقد عرفت رأيه في ذلك.
            والحسن بن محمد الهاشمي ضعيف(11)، وأبوه(12) وأحمد بن عيسى مجهولان(13).

            تعليق


            • الرواية الخامسة: الطبرسي، حدثنا أبو الحمد مهدي بن نزار الحسني القايني، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم الفقيه الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد الشعراني، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين البياشاني، قال: حدثني المظفر بن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا السدي بن علي الوراق، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، قال: بينا عبدالله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ أقبل رجل متعمم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول: قال رسول الله إلا قال الرجل: قال رسول الله، فقال ابن عباس: سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه، وقال: يا أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهاتين وإلا فَصُمَّتَا، ورأيته بهاتين وإلا فعميتا، يقول: علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً، فرفع السائل يده إلى السماء، وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً، وكان علي راكعاً، فأومأ بخنصره اليمنى إليه وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
              فلما فرغ النبي من صلاته رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: (( قَالَ رَبِّ اشرَح لِي صَدرِي * وَيَسِّر لِي أَمرِي * وَاحلُل عُقدَةً مِن لِسَانِي * يَفقَهُوا قَولِي * وَاجعَل لِي وَزِيراً مِن أَهلِي * هَارُونَ أَخِي * اشدُد بِهِ أَزرِي * وَأَشرِكهُ فِي أَمرِي )) (طه:32) فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: (( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجعَلُ لَكُمَا سُلطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيكُمَا )) (القصص:35)، اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك، اللهم فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، علياً اشدد به ظهري، قال أبوذر: فوالله ما استتم رسول الله الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل من عند الله، فقال: يا محمد، اقرأ، قال: ما أقرأ؟ قال: اقرأ: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا )) (المائدة:55).(14)
              أقول: آفة هذه الرواية عباية بن ربعي، فهو مجهول عند القوم(15)، وغالٍ وملحد ومتروك الحديث عند أهل السنة، وابن الربيع مجهول الحال عند القوم وهو من البترية(16)، والحماني قال فيه الخوئي: إنه لم تثبت وثاقته(17)، وكذا قال فيه البعض من أهل السنة واتهموه بسرقة الحديث، وبقية السند لم أقف لهم على ترجمة.
              الرواية السادسة: القمي، حدثني أبي، عن صفوان، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده قوم من اليهود فيهم عبدالله بن سلام، إذ نزلت عليه هذه الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فاستقبله سائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، ذاك المصلي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو علي أمير المؤمنين(18).
              قلت: أما والد القمي إبراهيم بن هاشم رغم كل ما قيل فيه، إلا أنه لم يصرح أحد بوثاقته، حتى قال الحلي في ذلك: لم أقف لأحدٍ من أصحابنا على قول في القدح فيه، ولا تعديل بالتنصيص والروايات عنه كثيرة، والأرجح قبول روايته(19).
              وقد استمات الخوئي وغيره(20) في إثبات وثاقته ضاربين عرض الحائط كل الأمور التي تثبت بها الوثاقة أو الحسن، كنص أحد المعصومين، أو نص أحد الأعلام المتقدمين، أو نص أحد الأعلام المتأخرين، أو دعوى الإجماع من قبل الأقدمين، وغيرها من الأصول التي وضعوها في ذلك، وجاءوا بأمور لا تخلو من إشكال، منها: قول القمي نفسه بصحة كل ما ورد في تفسيره، ومنها: وقوعه في إسناد كامل الزيارات.
              ولا شك أن الخوئي وغيره معذورون في ذلك؛ لأن رواياته تبلغ ستة آلاف ومائتين وأربعة عشر مورداً، فعزَّ عليهم إسقاط كل ذلك، ولكن الذي ينبغي أن لا نعذر فيه الخوئي ولا غيره على اجتهادهم في إثبات صحة هذا التفسير، هو تلك المصائب التي ملأ بها القمي تفسيره؛ كالقول بتحريف القرآن(21)، والطعن في الصحابة، وقذف أمهات المؤمنين بالفاحشة.. وغيرها، والروايات في ذلك كثيرة لا يسعنا ذكر شيء منها لعدم مناسبة المقام لذلك.
              ولكن لا بأس من ذكر مثال على هذا الأخير -وهو قذف أمهات المؤمنين بالفاحشة رضي الله عنهن وأرضاهن- روى القمي في تفسير قوله عز وجل: (( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمرَأَةَ نُوحٍ وَاِمرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحتَ عَبدَينِ مِن عِبَادِنَا صَالِحَينِ فَخَانَتَاهُمَا )) (التحريم:10)، عن أبي الحسن قال: والله ما عنى بقوله: فخانتاهما، إلا الفاحشة، وليقيمن الحد على فلانة فيما أتت في طريق البصرة، وكان فلان يحبها، فلما أرادت أن تخرج إلى البصرة قال لها فلان: لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم، فزوجت نفسها من فلان(22).
              ولا شك أنك عرفت من هو فلان، وفي بعض النسخ جاء التصريح باسمه، وهو طلحة(23).
              ولأمثال هذه الرواية وغيرها طعن بعض المحققين(24) من القوم في نسبة التفسير إلى القمي، أو القول أن التفسير ليس للقمي وحده، وإنما هو ملفق مما أملاه القمي على تلميذه أبي الفضل العباس، وما رواه التلميذ بسنده الخاص، عن أبي الجارود، عن الإمام الباقر، وأبوالفضل العباس هذا ليس له ذكر في الأصول الرجالية ولا يعرف من هو، وأبوالجارود مرت ترجمته.
              ومن الذين فصلوا القول في هذا الشيخ جعفر السبحاني، حيث خلص إلى القول: بأنه كيف يمكن الاعتماد على ما ذكر في ديباجة الكتاب(25) لو ثبت كون الديباجة لعلي بن إبراهيم نفسه؟
              وقال: ثم إن الاعتماد على هذا التفسير بعد هذا الاختلاط مشكل جداً، خصوصاً مع ما فيه من الشذوذ في المتون(26).
              ونختم تعليقنا بإيراد هذه الرواية: روى الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: استأذن على أبي جعفر قوم من أهل النواحي من الشيعة، فأذن لهم فدخلوا، فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة، فأجاب وله عشر سنين.(27)
              فهذه الرواية مردودة عقلاً، وإسنادها مكون من علي بن إبراهيم وأبيه فقط، فواضع الرواية أحدهما لا محالة، وهما من تصدرا إسناد روايتنا السابقة.
              الرواية السابعة: العياشي، عن خالد بن يزيد، عن المعمر بن المكي، عن إسحاق بن عبدالله بن محمد بن علي بن الحسن، عن الحسن بن زيد، عن أبيه زيد بن الحسن، عن جده، قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: وقف لعلي بن أبي طالب سائل وهو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه بذلك، فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55)، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(28).
              أقول: العياشي نفسه وإن كان ثقة إلا أنه يروي عن الضعفاء كثيراً(29)، أما تفسيره فجل رواياته محذوفة الأسانيد(30)، وبقية رجال السند غير معروفين وليس لهم ذكر في كتب الرجال، والحسن بن زيد وردت فيه ذموم كثيرة(31).
              الرواية الثامنة: فرات، حدثني الحسين بن سعيد معنعناً، عن أبي جعفر قال:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ذات يوم في مسجد، فمر مسكين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تُصُدِّقَ عليك بشيء؟
              قال: نعم، مررت برجل راكع فأعطاني خاتمه، وأشار بيده فإذا هو علي بن أبي طالب، فنزلت هذه الآية: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو وليكم من بعدي(32).
              الرواية التاسعة: فرات، حدثني جعفر بن أحمد (محمد) معنعناً، عن عبدالله بن عطاء، عن أبي جعفر: نزلت في علي بن أبي طالب: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55) (33).
              الرواية العاشرة: فرات، حدثني الحسين بن سعيد معنعناً، عن جعفر: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55)، نزلت في علي بن أبي طالب(34).
              الرواية الحادية عشرة: فرات، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن الحسين (الحسن) بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن سليمان بن طريف، عن محمد بن مسلم، أن سلاماً الجعفي قال لأبي جعفر: يا ابن رسول الله، حدثني عنك خيثمة عن قول الله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55)، أن الآية نزلت في علي بن أبي طالب، قال: صدق خيثمة(35).
              الرواية الثانية عشرة: فرات، حدثني جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي معنعناً، عن أبي هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية قال: أقبل سائل فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هل سألت أحداً من أصحابي؟ قال: لا، قال: فأت المسجد فاسألهم ثم عد إليَّ فأخبرني، فأتى المسجد فلم يعطه أحد شيئاً، قال: فمر بعلي وهو راكع فناوله يده فأخذ خاتمه، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: هل تعرف هذا الرجل؟ قال: لا، فأرسل معه فإذا هو علي بن أبي طالب، قال: ونزلت هذه الآية: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55) (36).
              الرواية الثالثة عشرة: فرات، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا حبان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55)، نزلت في علي بن أبي طالب خاصة(37).

              تعليق


              • الرواية الرابعة عشرة: فرات، حدثني عبيد بن كثير معنعناً، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55)، أتى عبدالله بن سلام ورهط معه من مسلمي أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهر، فقالوا: يا رسول الله، بيوتنا قاصية ولا متحدث لنا دون هذا المسجد، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة، وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلمونا فشق علينا، فبينا هم يشكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت هذه الآية: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55) فتلا عليهم، فقالوا: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين، وأذن بلال بالصلاة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقاعد، وإذا مسكين يسأل فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، قال: ماذا؟ قال: خاتم من فضة، قال: من أعطاك؟ قال: ذاك الرجل القائم، فإذا هو علي بن أبي طالب، قال: أنى أعطاك؟ قال: أعطانيه وهو راكع، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبَّر عند ذلك يقول: (( وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُم الغَالِبُونَ )) (المائدة:56)(38).
                الرواية الخامسة عشرة: فرات، حدثني أبو علي أحمد بن الحسين الحضرمي معنعناً، عن ابن عباس قال: لما نزلت: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55) جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فإذا سائل فدعاه، فقال: من أعطاك من هذا المسجد؟ قال: ما أعطاني إلا هذا الراكع الساجد -يعني: علياً- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي جعلها فِيَّ وفي أهل بيتي، قال: وكان في خاتم علي الذي أعطاه السائل: سبحان من فخري بأني له عبد(39).
                الرواية السادسة عشرة: فرات، حدثنا جعفر بن أحمد معنعناً، عن علي، قال: نزلت هذه الآية على نبي الله وهو في بيته: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ )) (المائدة:55) إلى قوله: (( وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55)، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد، ثم نادى سائل فسأل، فقال له: أعطاك أحد شيئاً؟ قال: لا. إلا ذاك الراكع أعطاني خاتمه يعني: علياً(40).
                أقول: المرويات السابقة جميعها من تفسير فرات، وقد أوقفناك على قيمته، وحال مؤلفه، هذا فضلاً عن المجاهيل والمهملين فيها، ناهيك عن عنعنتها وانقطاعها.
                فالحسين بن سعيد لا أظنه الأهوازي الثقة كما توهم محقق التفسير في ذكر مشايخه، بل المؤكد أنه ليس هو، فالأهوازي يروي عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث، فهو في طبقة إبراهيم بن هاشم.
                وفرات من أعلام الغيبة الصغرى، ومن معاصري الكليني صاحب الكافي، فكيف يروي عن الأهوازي وهو لم يدركه؟
                وابن عطاء وابن طريف والجعفي والحبري مجاهيل عند القوم(41).
                وإسماعيل بن إبراهيم والأحمسي والحضرمي لم أقف لهم على ترجمة.
                وأبو هاشم لم يرد ذكره في الأصول الرجالية، وقال فيه صاحب المناقب: كان ثقة جليلاً، ولكن ليس في المناقب المطبوع من هذا شيء، كما ذكر الخوئي(42)، والكلبي متروك الحديث.
                وعبيد كذبه كل من ترجم له من الفريقين(43).
                الرواية السابعة عشرة: الطوسي المفيد، عن علي بن محمد الكاتب، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن علي، عن العباس بن عبدالله العنبري، عن عبدالرحمن بن الأسود اليشكري، عن عون بن عبيدالله، عن أبيه، عن جده أبي رافع قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً وهو نائم وحية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فظننت أنه يوحى إليه، فاضطجعت بينه وبين الحية، فقلت: إن كان منها سوء كان إلي دونه، فمكثت هنيئة، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا )) (المائدة:55)، حتى أتى على آخر الآية، ثم قال: الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته، وهنيئاً له بفضل الله الذي آتاه(44).
                أقول: أما الكاتب فقد مرَّ الكلام عنه، والزعفراني مهمل(45)، وكذا حال الثقفي(46)، والعنبري لم أجد من ترجم له عند القوم، وابن الأسود مجهول الحال أيضاً(47).
                الرواية الثامنة عشرة: الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيدالله العدلي، قال: حدثنا الربيع بن يسار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه في حديث طويل قال فيه الأمير رضي الله عنه: هل فيكم أحد آتى الزكاة وهو راكع ونزلت فيه: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55) غيري؟... الرواية(48).
                أقول: أبو المفضل مرَّ الكلام عنه، وكذا الأعمش، ولم أجد ترجمة للعاصمي أو العدلي، وكذا ابن يسار.
                الرواية التاسعة عشرة: النجاشي، محمد بن جعفر، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن يوسف، عن علي بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن إسماعيل بن محمد بن عبدالله بن علي بن الحسين، عن إسماعيل بن الحكم، عن عبدالله بن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن أبي رافع قال: وذكر تمام القصة السابقة(49).
                أقول: أحمد بن يوسف إن كان القصباني فلم يرد فيه توثيق صريح، وإن كان مولى بني تيم الله فمحال أن يرويَ عنه ابن عقدة المولود سنة (249 هـ)، والذي ذكر النجاشي روايته عنه سنة (209هـ)(50)، وإسماعيل بن محمد وابن الحكم مجهولان(51).
                الرواية العشرون: محمد بن سليمان الكوفي، قال: أجاز لي أبو أحمد عبدالرحمن بن أحمد الهمداني، قال: حدثني إبراهيم بن الحسن، قال: حدثنا آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا حبان بن علي، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ )) (المائدة:55) فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، قال: ماذا؟ قال: خاتم من فضة، قال: من أعطاك؟ قال: ذاك الرجل القائم، قال: على أي حال أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع، وإذا هو علي بن أبي طالب، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (52).
                أقول: الهمداني مجهول، وإبراهيم بن الحسن مشترك بين عدة مجاهيل عند الشيعة.
                الرواية الحادية والعشرون: محمد بن سليمان الكوفي (بالسند المتقدم عن عبدالله بن محمد بن إبراهيم) حدثنا عبد ربه بن عبدالله بن عبد ربه العبدي البصري، قال: حدثنا أبو اليسع أيوب بن سليمان الحبطي، قال: حدثنا محمد بن مروان السدي، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن ابن عباس رضي الله عنهما.. فذكر رواية شبيهة بالرواية الرابعة عشرة(53).
                أقول: حسب السند أن فيه مجاهيل، بل إن الإسناد الذي فيه السدي عن السائب الكلبي معدود في سلاسل الكذب الشهيرة!!
                الرواية الثانية والعشرون: محمد بن سليمان الكوفي، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا قيس بن حفص وأحمد بن يزيد، قالا: حدثنا حسين بن حسن، قال: حدثنا أبو مريم، عن المنهال، عن عبيدالله بن محمد بن الحنفية، عن أبيه قال:...فذكر رواية شبيهة بالرواية الثانية عشرة(54).
                أقول: محمد بن الحنفية نفسه ليس له توثيق خاص في كتب الشيعة، وابنه عبيدالله مجهول، والمنهال بن عمرو ضعيف عند أهل السنة، مجهول عند الشيعة.
                الرواية الثالثة والعشرون: الطبري الشيعي قال: حدثني أبو الفرج المعافا، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدثنا القاسم بن هاشم بن يونس النهشلي، قال: حدثنا الحسن بن الحسين، قال: حدثنا معاذ بن مسلم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عامر.. فذكر الرواية الرابعة عشرة(55).
                أقول: عطاء بن السائب مجهول عند الشيعة، ثقة عند السنة، اختلط في آخر عمره، والقاسم النهشلي مجهول، والحسن بن الحسين مشترك بين كثيرين.
                وبعد.. فهذه حال كل الروايات المسندة التي وقفنا عليها من كتب القوم المعتبرة وغير المعتبرة في شأن هذه القصة، وقد رأيت أنه لم يصح منها شيء أصلاً من طرق الشيعة فضلاً عن طرق أهل السنة، رغم كل التهويلات التي استخدمها القوم عند الكلام في هذا الاستدلال من تواتر وصحة القصة في طرق أهل السنة ومن عدم خلو كتبهم منها، ضاربين عرض الحائط بيان الفرق بين الإيعاز وبين التخريج والتحقيق كما ذكرنا، مما يلبس الأمر على القارئ البسيط، مع أن مجرد عزو الحديث إلى كتاب ليس دليلاً على صحته باتفاق المسلمين شيعتهم وسنتهم.
                ولا شك أن الروايات في شأن نزول هذه الآية في تصدق علي بن أبي طالب رضي الله عنه بخاتمه في الصلاة قد أوردها الكثير من علماء أهل السنة، إما لبيان ضعفها، أو من باب إيراد كل ما له شأن بنزول الآية دون اشتراط الصحة، أو إيرادها بأسانيدها مبرئين الذمة بذلك، ولكن لم يصح منها شيء.
                حتى الأميني الذي كان ديدنه الاستماتة في إثبات أحاديث الإمامة حتى لو كانت واهية، كحديث بدء الدعوة الذي مرَّ بك مثلاً، لم يورد في هذه القصة ولا رواية واحدة مناقشاً فيها سندها؛ لعلمه التام بعدم صحة شيء في ذلك، وإنما اكتفى بإيراد من ذكرها من علماء أهل السنة، موهماً قارئه بأن صحة القصة هذه من المسلمات عندهم، دون أن يبين حقيقة قول الكثير ممن ذكرهم في هذه الروايات في بيان عدم صحة شيء منها، وهذه هي الأمانة التي يتبجح بها ويطالبنا بها.
                وعلى أي حال، لا نطيل الكلام في أسانيد روايات هذه القصة، فالمحك أن يدلنا القوم على سند صحيح للقصة من كتب أي من الفريقين، ولننتقل إلى الكلام في متونها.
                الكلام في متون روايات تصدق علي رضي الله عنه بخاتمه وهو راكع:
                من دلائل ضعف هذه القصة والاضطراب البين فيها الاختلاف في رواياتها، ففي روايات: أن نزول هذه الآية إنما كان في بيته صلى الله عليه وسلم.
                وفي أخرى: في مجلسه صلى الله عليه وسلم مع اليهود.
                وأخرى: في مسجده صلى الله عليه وسلم، بل ذكرت بعض الروايات أن نزولها إنما كان في المسجد الحرام، حيث دخل الأمير رضي الله عنه يوماً إلى الكعبة يصلي، فلما ركع أتاه سائل فتصدق عليه بحلقة خاتمه، فأنزل الله الآية(56).
                وكذا الاختلاف في المتصدق به، بين خاتم كما في أكثر الروايات، وبين حلة كما في رواية الكافي، ولم يتردد البعض في القول بأن القصة ربما تكررت، فمرة تصدق بخاتم وأخرى بحلة(57).
                والاختلاف أيضاً في الخاتم، بين كونه من فضة كما في بعض الروايات، وذهب كما في أخرى(58).
                والاختلاف في نقشه أيضاً، بين الملك لله(59)، وبين سبحان من فخري بأني له عبد(60).
                وكذا الاختلاف في الصلاة، بين تطوع الظهر أو فريضته خلف النبي صلى الله عليه وسلم (61).
                وكذا دعاء السائل، بين السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين، هكذا ابتداءً، وبين اللهم أشهدك أني سألت في مسجد رسول الله، كما في أكثر الروايات.
                والاختلاف في وقت نزول الآية، ففي بعض الروايات: أنها نزلت قبل القصة.
                وأخرى: بعد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم.
                والاختلاف في كيفية التصدق بالخاتم، بين نزع علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخاتم بنفسه، وبين نزع السائل له.
                وكذا الاختلاف في وقت تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم لقومه، بين إخبارهم فور نزول الآية، وبين إرجاء ذلك إلى يوم الغدير(62).
                والاختلاف في سؤال السائل، ففي بعض الروايات: أن السائل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم التصدق عليه أولاً.
                وفي أخرى: أن السائل سأل أولاً في مسجد النبي ثم مرَّ به صلى الله عليه وسلم، وسؤال النبي له: هل تصدق عليك بشيء؟(63)
                والتضارب في الروايات كثير ونجتزئ بما أوردناه.
                ونذكر الآن بعض الردود على هذا الاستدلال:
                1) منها: إن دلت هذه الآية على نفي إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، كذلك تدل على سلب الإمامة عن بقية الأئمة الاثني عشر بعين ذلك التقرير، فالدليل يضر الشيعة أكثر من أهل السنة، فهؤلاء لم يؤت أحدهم الزكاة وهو راكع لو كان ذلك شرطاً فيمن يتولى أمر المسلمين.
                2) ومنها: أن صيغة الذين يؤتون الزكاة وهم راكعون صيغة جمع، فكيف يصدق على علي رضي الله عنه وحده، حتى وإن كان ذلك جائزاً في اللغة، وعلى ذلك شواهد من القرآن، ولكن حمله على المفرد دون دليل هو الخلاف، والأميني الذي يبدو أنه لم يجد له مخرجاً أمام ضعف أسانيد هذه الروايات وتهافت الاستدلال بها؛ فقد أسهب في بيان أن في القرآن آيات عدة نزلت بصيغة الجمع وكان المراد بها المفرد(64)، ولا شك أن ما ذكره صحيح ولكن لا يفيد فيما نحن فيه، حيث إن الأمثلة التي أوردها إنما وردت فيها روايات صحيحة خلاف رواياتنا هذه.
                3) ومنها: أن الله تعالى لا يثني على المرء إلا بمحمود، وفعل ذلك في الصلاة ليس بمستحب، ولو كان مستحباً لفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولحض عليه ولكرر علي رضي الله عنه فعله، وإن في الصلاة لشغلاً.

                تعليق


                • والغريب أن القوم يرون بطلان صلاة أهل السنة بالتكفير (أي: وضع اليمنى على اليسرى في حال القيام)، ويعدون ذلك عملاً يستوجب البطلان(65)، ولا يعدون عمل الأمير رضي الله عنه من انشغاله بالسائل والاستماع إليه والإشارة إليه ونزع الحلة أو الخاتم من يده وإلقائه إليه.. إلى آخر ما ذكرته الروايات، حركات مبطلة للصلاة، رغم أن ذلك أيضاً يتعارض مع ما ذكره القوم في ذلك عنه وعن الأئمة كما في هذه الأمثلة، فضلاً عن معارضته لقولـه عز وجل: (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ )) (الأنفال:3).
                  فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى مصلياً يعبث بلحيته، فقال: أما هذا لو خشع قلبه لخشعت جوارحه(66).
                  وذكروا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان إذا حضر وقت الصلاة تلون وتزلزل، فقيل له: مالك؟ فقال: جاء وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، وأنا في ضعفي فلا أدري أحسن أداء ما حملت أو لا(67).
                  وهو القائل رضي الله عنه كما يروي القوم: طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشتغل قلبه بما تراه عيناه ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه(68). وهذا في غير الصلاة، فكيف لو كان في الصلاة، وكأن القوم يريدون أن يقولوا: إنه رضي الله عنه من الذين يقولون ما لا يفعلون.
                  وعن الصادق قال: إذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع والإقبال على صلاتك، فإن الله يقول: (( الَّذِينَ هُم فِي صَلاتِهِم خَاشِعُونَ )) (المؤمنون:2)(69).
                  وعنه أيضاً قال: إذا استقبلت القبلة فانس الدنيا وما فيها، والخلق وماهم فيه، واستفرغ قلبك عن كل شاغل يشغلك عن الله(70).
                  وقد أورد القوم عن الإمام زين العابدين رحمه الله روايات كثيرة عن صلاته وخشوعه فيها، نذكر منها:
                  أنه كان قائماً يصلي حتى وقف ابنه الباقر وهو طفل إلى بئر في داره بالمدينة بعيدة القعر، فسقط فيها فنظرت إليه أمه فصرخت وأقبلت نحو البئر تستغيث وتقول: يا ابن رسول الله، غرق ولدك محمد، وهو لا ينثني عن صلاته وهو يسمع اضطراب ابنه في قعر البئر، فلما طال عليها ذلك قالت حزناً على ولدها: ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت رسول الله! فأقبل على صلاته ولم يخرج عنها إلا عن كمالها وإتمامها، ثم أقبل عليها وجلس على أرجاء البئر ومد يده إلى قعرها وكانت لا تنال إلا برشا طويل، فأخرج ابنه محمداً على يديه يناغي ويضحك لم يبتل به ثوب ولا جسد بالماء، فقال: هاك ضعيفة الإيمان بالله، فضحكت لسلامة ولدها وبكت لقوله: يا ضعيفة اليقين بالله، فقال: لا تثريب عليك اليوم، لو علمت أني كنت بين يدي جبار لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني، أفمن يرى راحم بعده(71).
                  وعن الثمالي قال: رأيت علي بن الحسين يصلي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه، فلم يسوه حتى فرغ من صلاته، فسألته عن ذلك؟ فقال: ويحك بين يدي من كنت؟ إن العبد لا يقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه(72).
                  وعن الصادق قال: كان أبي يقول: كان علي زين العابدين إذا قام إلى الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شيء إلا ما حركت الريح منه(73).
                  وفي رواية: إن إبليس تمثل لعلي بن الحسين وهو في صلاته في صورة أفعى لها عشرة رؤوس محددة الأنياب منقلبة الأعين، وطلع عليه من الأرض من موضع سجوده، ثم تطاول في قبلته فلم يرعه ذلك، فانخفض إلى الأرض، وقبض على عشر أنامل رجلي علي بن الحسين فجعل يكدمها بأنيابه، فكان لا يكسر طرفه إليه، ولا يحول قدميه عن مقامه(74).
                  وعن الجعفي قال: صلى أبو جعفر ذات يوم فوقع على رأسه شيء فلم ينزعه من رأسه حتى قام إليه جعفر فنزعه من رأسه(75).
                  والروايات في الباب كثيرة جداً، وما أوردناه أقل القليل(76).
                  ولكن انظر كيف توفق بينها وبين فعل علي بن طالب رضي الله عنه من استماعه إلى السائل وانشغاله به؛ حتى لفت نظره إليه من دون بقية المصلين، وفي بعض الروايات أنه كان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم (77)، ولا شك أنه في الصف الأول، ونزع الخاتم من إصبعه وألقاه إليه، أو نزع الحلة كما في الكافي، وهذا أشد، وطرحها إليه و.. و..
                  والكاظم لما سئل: عن الرجل يكون في الصلاة فيستمع الكلام أو غيره فينصت ليسمعه، ما عليه إن فعل ذلك؟
                  قال: هو نقص(78). فكيف بمن فعل كل ما فعل الأمير رضي الله عنه، وهو القائل بزعم القوم: إن وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة عمل، وليس في الصلاة عمل(79).
                  على أي حال، نعود إلى ما كنا فيه من ذكر الردود:
                  4) ومنها: أنه لو قدر أن هذا مشروع في الصلاة لم يختص بالركوع، بل يكون في القيام والقعود أولى منه في الركوع، فلو تصدق المتصدق في حال القيام والقعود أما كان يستحق هذه الموالاة.
                  5) ومنها: أن علياً رضي الله عنه لم يكن ممن تجب عليه الزكاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان فقيراً، والزكاة إنما تجب على من ملك النصاب حولاً، وهو لم يكن من هؤلاء، وفقر أهل البيت غير خافٍ.
                  فقد روى القوم: أن علياً رضي الله عنه قال يوماً لفاطمة رضي الله عنها: يا فاطمة، هل عندك شيء تطعميني؟ قالت: والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح عندي شيء يطعمه بشر، وما كان من شيء أطعمك منذ يومين إلا شيء أؤثرك به على نفسي وعلى الحسن والحسين، قال: أعلى الصبيين ألا أعلمتني فآتيكم بشيء؟ قالت: يا أبا الحسن، إني لأستحيي من إلهي أن أكلفك ما لا تقدر، فخرج فاستقرض ديناراً... الرواية(80).
                  وفي رواية أخرى: دخل صلى الله عليه وسلم على فاطمة ووجدها صفراء من الجوع، فقال: مالي أرى وجهك أصفر؟ قالت: يا رسول الله، الجوع(81).
                  فلا غرابة إذاً أن يقترض صلى الله عليه وسلم من شدة الفاقة ليؤمن قوت نفسه وعياله، وله في ذلك حكايات رواها القوم، منها:
                  ما رواه علي رضي الله عنه من أن يهودياً كان له على رسول الله دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي، ما عندي ما أعطيك، قال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني، فقال: إذاً أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء الآخرة، والغداة(82).
                  وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود على ثلاثين صاعاً من شعير، أخذها رزقاً لعياله(83).
                  وعن الصادق: مات رسول الله وعليه دين(84).
                  كل هذا رغم تشدده في أمر الدين حتى ثبت عنه صلى الله عليه وسلم تركه للصلاة على من كان عليه دين حتى لو كان قليلاً، فهذا رجل مات على عهده صلى الله عليه وسلم وعليه ديناران، فأخبر بذلك فأبى أن يصلي عليه(85).
                  ورجل آخر من الأنصار مات وعليه دين فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: لا تصلوا على صاحبكم حتى يقضي دينه(86).
                  ورووا أنه جعل الدَّين قرين الكفر في الاستعاذة منهما، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أعوذ بالله من الكفر والدين، قيل: يا رسول الله، أيعدل الدين بالكفر؟ فقال: نعم(87).
                  ورووا عن الصادق: قال صلى الله عليه وسلم: الدين راية الله عز وجل في الأرض، فإذا أراد أن يذل عبداً وضعه في عنقه(88).
                  وعن الباقر: كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله، إلا الدين فإنه لا كفارة له إلا أداؤه(89). وغيرها.
                  فما الذي اضطره صلى الله عليه وسلم إلى التدين وموته وهو عليه، رغم كل ما أورده القوم عنه في ذلك؟ فهل من كانت هذه حالهم تجب عليهم الزكاة؟
                  وكذا كان حال علي رضي الله عنه إلى وفاته، فيوم أن تزوج الزهراء رضي الله عنها عيرتها نساء قريش بفقره، فجاءت أباها صلى الله عليه وسلم شاكية: إنك زوجتني فقيراً لا مال له.
                  وفي أخرى: قلن: زوجك رسول الله من عائل لا مال له(90).
                  وهكذا عاش رضي الله عنه، ففي إحدى خطبه قال: والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها(91)؟
                  حتى اضطر أن يبيع متاعه ليوفر ثمن قوت يومه، فعنه رضي الله عنه أنه قال: من يشتري سيفي هذا؟ فوالله لو كان عندي ثمن إزار ما بعته(92).
                  وكان لا يزال رضي الله عنه يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين إلى أن مات مديوناً(93).
                  فعن الباقر قال: قبض علي وعليه دين ثمانمائة ألف درهم(94).
                  وهكذا كان حال أبنائه رضي الله عنهم، فعن الصادق قال: مات الحسن وعليه دين، ومات الحسين وعليه دين(95).
                  بل إن الحسين رضي الله عنه أتعب من جاء بعده، فقد أصيب وعليه دين بضعة وسبعون ألف دينار، فاهتم علي بن الحسين بدين أبيه حتى امتنع من الطعام والشراب والنوم في أكثر أيامه ولياليه(96).
                  ولا نطيل المسألة، ولكن هل ترى على هؤلاء زكاة لمالٍ يبلغ النصاب ويحول عليه الحول، ويفيض عن الحاجة، ويسلم من الدين؟
                  ونختم هذا برواية وضعها القوم في قصتنا هذه، تبين أن فقر علي رضي الله عنه من المسلمات، مختصرها قول البعض: وأي مال لعلي حتى يؤدي منه الزكاة(97)؟
                  6) ومنها: أن الروايات التي ذكرت أن خاتمه رضي الله عنه كان من ذهب(98)، خلاف ما ورد في النهي عن ذلك.
                  فعن الرضا قال: لا تصل في خاتم ذهب(99).
                  وعن الباقر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبع: ذكر منها: التختم بالذهب(100).
                  وعن الصادق قال: قال النبي لعلي: إياك أن تتختم بالذهب(101).
                  وعن علي رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله -ولا أقول: نهاكم- عن التختم بالذهب(102)، فكيف توفق بينها؟
                  7) ومنها: أن إعطاء الخاتم لا يجزئ في الزكاة عند الإمامية، فهم لا يرون زكاة الحلي، وعلى هذا أيضاً الكثير من فقهاء المسلمين(103).
                  8) ومنها: أن الزكاة تؤدى فور وجوبها ولا ينتظر فيها السؤال.
                  وعليه لا يمتدح من لم يخرج الزكاة إلا بعد أن تطلب منه، وإنما يمتدح من أخرجها ابتداء فور وجوبها.
                  9) ومنها: أن هذه الآية بمنزلة قولـه: (( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاركَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ )) (البقرة:43)، وهي تحث على صلاة الجماعة؛ لأن المصلي في الجماعة إنما يكون مدركاً للركعة بإدراك ركوعها، بخلاف الذي لم يدرك إلا السجود فإنه قد فاتته الركعة، أما القيام فلا يشترط فيه الإدراك.
                  10) ومنها: أن الركوع يطلق ويراد به الخضوع، وذلك مثل قوله سبحانه: (( يَا مَريَمُ اقنُتِي لِرَبِّكِ وَاسجُدِي وَاركَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ )) (آل عمران:43) فالمراد بالركوع الخضوع، إذ إن المرأة لا يطلب منها صلاة الجماعة، فالمراد بقوله: (( وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55) أي: خاضعون لله، وليس المراد أنهم يؤتون الزكاة حال الركوع، فتأمل!
                  11) ومنها: أن هذه الآيات إنما نزلت في النهي عن موالاة الكفار والأمر بموالاة المؤمنين، وأن سياق الكلام يدل على ذلك لمن تدبر، وهو قولـه تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاءَ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَ بِالفَتحِ أَو أَمرٍ مِن عِندِهِ فَيُصبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِم نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقسَمُوا بِاللَّهِ جَهدَ أَيمَانِهِم إِنَّهُم لَمَعَكُم حَبِطَت أَعمَالُهُم فَأَصبَحُوا خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دِينِهِ فَسَوفَ يَأتِي اللَّهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَومَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:51-55).
                  فالآيات واضحة كل الوضوح أنها في النهي عن موالاة اليهود والنصارى، وقد وصف الله الذين في قلوبهم مرض بأنهم يوالون الكفار والمنافقين والمرتدين، وبيَّن أنهم لن يضروا الله شيئاً، ثم وصف المؤمنين بما وصفهم به، فهذا السياق العام يوجب لمن قرأه علماً يقينياً لا يمكنه دفعه عن نفسه، وهو أن الآية عامة في كل المؤمنين المتصفين بهذه الصفات لا تختص بواحد بعينه، وهل هؤلاء يرون -أيضاً- أن الولاية عند أهل الكتاب تكون بالمعنى نفسه (الوصاية) فتفسر بها على ذلك في هذه الآيات؟ أي: أن بعضهم وصي على بعض؟ كيف يكون ذلك؟
                  نعوذ بالله من صدأ الأذهان، ورين البهتان، والضلال بعد الإيمان.
                  12) ومنها: أن غاية ما في الآية أن المؤمنين عليهم موالاة الله ورسوله والمؤمنين، فيوالون علياً، ولا ريب أن موالاة علي واجبة على كل مؤمن، كما يجب على كل مؤمن موالاة أمثاله من المؤمنين.
                  قال تعالى: (( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَد صَغَت قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبرِيلُ وَصَالِحُ المُؤمِنِينَ )) (التحريم:4) فبيَّن الله أن كل صالح من المؤمنين مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن الله مولاه وجبرئيل مولاه لا أن يكون صالح المؤمنين متولياً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا متصرفاً فيه.
                  قال تعالى: (( وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ )) (التوبة:71) (104) فجعل كل مؤمن ولياً لكل مؤمن، وذلك لا يوجب أن يكون أميراً عليه معصوماً لا يتولى عليه إلا هو، فكل مؤمن تقي فهو ولي لله والله وليه، كما قال تعالى: (( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا )) (البقرة:257)، وقال: (( وَأُولُو الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ )) (الأحزاب:6).
                  فهذه النصوص كلها ثبتت فيها موالاة المؤمنين بعضهم لبعض، وأن هذا ولي هذا، وهذا ولي هذا، وأنهم أولياء الله، وأن الله وملائكته والمؤمنين أولياء رسوله، كما أن الله ورسوله والملائكة أولياء المؤمنين، وليس في شيء من هذه النصوص أن من كان ولياً للآخر كان أميراً عليه دون غيره وأنه يتصرف فيه دون الناس.
                  13) ومنها: أن الفرق بين الوَلاية (بالفتح)، والوِلاية (بالكسر) معروف، فالوَلاية (بالفتح) ضد العداوة وهي المذكورة في الآية، وليست هي الوِلاية (بالكسر) التي هي الإمارة(105).
                  فالأمير يسمى الوالي ولا يسمى الولي.
                  14) ومنها: أنه لو أراد الولاية التي هي الإمارة لقال: إنما يتولى عليكم الله ورسوله والذين آمنوا، ولم يقل: ومن يتول الله ورسوله، فإنه لا يقال: لمن ولي عليهم، ولا أنه يقال: تولوه، بل يقال: تولى عليهم.
                  15) ومنها: أن الله سبحانه لا يوصف بأنه متول على عباده، وأنه أمير عليهم، ولا يقال: إن الله أمير المؤمنين كما يسمى المتولي مثل علي رضي الله عنه وغيره أمير المؤمنين، بل الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً لا يقال: إنه متولٍ على الناس وأنه أمير عليهم.
                  16) ومنها: أنه ليس كل من تولى عليه إمام عادل يكون من حزب الله ويكون غالباً، فإن أئمة العدل يتولون على المنافقين والكفار، كما كان في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم تحت حكمه ذميون ومنافقون، وكذلك كان تحت ولاية علي رضي الله عنه كفار ومنافقون، والله تعالى يقول: (( وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُم الغَالِبُونَ )) (المائدة:56)، فلو أراد الإمارة لكان المعنى: أن كل من تأمر على الذين آمنوا فإنهم يكونون من حزبه الغالبين، وليس كذلك، وكذلك الكفار والمنافقون تحت أمر الله الذي هو قضاؤه وقدره مع كونه لا يتولاهم بل يبغضهم.
                  17) ومنها: أن كلمة (إنما) تفيد الحصر، والحصر يكون فيما يحتمل اعتقاد الشركة والتردد والنزاع، ولم يكن بالإجماع وقت نزول هذه الآية تردد ونزاع في الإمامة وولاية التصرف، بل كان في النصرة والمحبة.
                  18) ومنها: أن إمامته رضي الله عنه غير مرادة في زمان الخطاب، لأن ذلك عهد النبوة، والإمامة نيابة فلا تتصور إلا بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن زمان الخطاب مراداً تعين أن يكون المراد الزمان المتأخر عن زمن الانتقال ولا حد للتأخير، فليكن ذلك بالنسبة إلى الأمير رضي الله عنه بعد مضي زمان أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
                  لذا وضعوا الكثير من الروايات بلفظ: (بعدي) كما مرَّ بك وسيأتي.
                  19) ومنها: أن الأمر في الآية إن كان محمولاً على الإمارة كما يدعي القوم، فهو دليل على بطلان كل النصوص السابقة، خاصة إذا علمنا أن سورة المائدة التي منها هذه الآية من أواخر ما نزل من القرآن حيث لم ينزل بعدها إلا سورتا التوبة والنصر، والغريب أن قول النبي صلى الله عليه وسلم في رواياتنا هذه يؤكد هذا، فكلها تدل على عدم علمه بخليفته -بزعم القوم- حتى نزول الآية وسؤاله عن هذا المتصدق والهيئة التي تصدق بها.. إلى آخر ما جاء في الروايات لمن تدبرها.
                  والحق أن الردود على هذا الاستدلال كثيرة، وما أوردنا فيه كفاية لمن طلب الحق، ولا بأس بأن نختم كلامنا ببعض الطرائف التي أوردها القوم مما يتصل بموضوعنا:
                  أ- منها: أن الخاتم الذي تصدق به علي رضي الله عنه على السائل كان خاتم سليمان عليه السلام (106).
                  ب- ومنها: أن الخاتم وزنه أربعة مثاقيل، حلقته من فضة، وفصه خمسة مثاقيل وهو من ياقوتة حمراء، وثمنه خراج الشام، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة، وأربعة أحمال من ذهب، وكان الخاتم لمران بن طوق، قتله علي رضي الله عنه وأخذ الخاتم من إصبعه وأتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الغنائم، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الخاتم، فأخذ الخاتم فأقبل وهو في إصبعه وتصدق به على السائل في أثناء ركوعه في أثناء صلاته خلف النبي صلى الله عليه وسلم (107).
                  ج- ومنها: أن التصدق بالخاتم كان ليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة(108).
                  د- ومنها: أن جميع الأئمة تصدقوا وهم راكعون(109).
                  هـ- ومنها: أن السائل الذي سأله كان من الملائكة، والذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة(110).
                  و- ومنها: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصدق بأربعين خاتماً.
                  وفي رواية أخرى: أربعة وعشرين، وهو راكع، لينزل فيه ما نزل في علي بن أبي طالب رضي الله عنه (111

                  تعليق


                  • الجواب:

                    الأخ أبو محمد المحترم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    أولاً: سنقدم مقدمة تحوي بعض القواعد لكي يتوضح جوابنا طبقاً لها:
                    1- أن تصنيف الحديث ينقسم إلى متواتر وآحاد، والمتواتر ما وصلت طرقه إلى حد تواطؤ رواته على الكذب، والآحاد بخلافه، فإذا وصل الحديث إلى حد التواتر وحصل القطع منه فلا يبحث في السند عندئذ ولا يلتفت إلى صحة أو وثاقة أو حسن أو ضعف الأسانيد لأنها من أقسام الخبر الآحاد و تتدرج حجته حسبها، والمتواتر قد عبر ذلك إلى القطع وهو حجة بنفسه.
                    2- أن الشيعة لا يستدلون في العقائد إلا بالقطع واليقين فإذا كان دليلهم نقلياً فيجب أن يثبت بالقطع كالتواتر مثلاً .
                    3- هناك قاعدة في علم الحديث موجودة عند الشيعة والسنة، وهي أن الضعيف ينجبر ضعفه بالضعيف, فكلما كثرت الطرق الضعيفة فسوف تجبر السند، وأن السند الذي يوجد فيه وضاع أو كذاب لا ينجبر بسند فيه وضاع أو كذاب مثله بل يزداد ضعفاً وسقوطاً .
                    4- إن مناقشة أي مذهب أو فرقة يجب أن يكون حسب مبانيها / ومناقشة الشيعة الإمامية في حديثهم يجب أن يكون حسب مبانيهم في علمي الرجال والحديث.
                    ثانياً : الجواب على ما جاء في السؤال كالآتي :
                    أ- ذكر المستشكل نفسه ثلاثة وعشرين طريقاً مختلفاً كان فيما أحصيناه منها على عجالة خمساً عن الإمام الباقر (ع)،ثلاثاً عن الإمام الصادق (ع)، اثنين عن أمير المؤمنين (ع)، اثنين عن أبي ذر (رض)، وواحداً عن عمار بن ياسر (رض) خمساً عن ابن عباس (رض)،ثلاثاً منها ترجع إلى طريق واحد، اثنين عن محمد بن الحنفية بطريق واحد، اثنين عن أبي رافع (رض) بطريق واحد، وواحداً عن ابن عامر .
                    وترك العديد من الطرق نقتصر على ذكر مصادر بعضها على نحو العجالة لحصول الفرق الغرض منها (الكافي 2: 513 ح1), (الخصال: 479ج36), (تحف العقول: 459), (روضة الواعظين :92), (شرح الأخبار 1: 228 و 2: 193 و 2: 346), (الاحتجاج 1: 66), (تفسير العسكري: 463), (تفسير فرات 1: 125 حديثان 1: 126 ), (فضائل أمير المؤمنين لأبن عقدة :188) صارفين النظر عن البحث في أسانيدها على فرق ضعفها المدعى أو ما قد يدعى فيها. فأنها تكفي في إثبات التواتر وحصول القطع بسبب نزول الآية. بخصوص تصدق أمير المؤمنين (ع) بخاتمه وهو راكع، إذ لو كان كل هذا العدد من الطرق المختلفة غير المتحدة بجميع الطبقات لا يكفي لإثبات التواتر فلا أدري كيف سيثبت تواتر العديد من الأحاديث التي أدعي لها التواتر!!هذا بالاختصار على طرق الشيعة الإمامية،أما بإضافة طرق أهل السنة فأنه سيصل إلى ما فوق التواتر، ولا خصوصية لرواة مذهب معين في ذلك.
                    هذا فضلاً عن العشرات من الشواهد الداعمة لسبب النزول المبينة للمعنى نذكر بعض مصادرها على سبيل المثال لا الحصر (الكافي 1: 146 ح11 و 1: 187 ح7 و 1: 189 ح16 و1: 289 ح4 و 1: 427 ح77), ( دعائم الإسلام 1/14، 1/21), (الأمالي 624 ح843),(كمال الدين :238), ( كتاب سليم :198، 296), (شرح الأخبار 1: 104 و 1: 219 و 1: 238), (الاختصاص :277), (أمالي الطوسي :365), (العياشي : 327 ) وتركنا الأكثر .
                    فبعد هذا لا يرد التواتر إلا معاند !!
                    ب- وبغض النظر عن التواتر الثابت الحاصل مما ذكرنا في النقطة السابقة فإن هذا المستشكل أدعى ضعف جميع الطرق التي ذكرها ونفترض أنه سيدعي ضعف الطرق التي أوردناها ولم يذكرها, فأين هو من قاعدة أن الضعيف ينجبر بالضعيف على ما لهذه الطرق المفروض ضعفها من كثرة، فعددها الذي يفوق عدة عشرات الا يكفي في جبران الضعف وليس فيها كذاب وضاع، بل حتى لو كان ودعي الكذب على بعض الرواة فإن الضعف المدعى في الأغلب سوف يجبر بعضها بعضاً.
                    ج- إننا سنغض الطرف عن المناقشة في كل ما ذكره من الجرح والتعديل في رجال أسانيد الروايات التي ذكرها لأنه لا كثير فائدة في البحث فيهم إذا كان أحدهم غير مؤثر في الحكم على كل السند مع وجود راو ٍ واحد ضعيف أو مهمل أو مجهول فيدخل السند كله في قسم ضعيف .
                    ولكن سنناقشه في الأسانيد التي يدور الكلام فيها على راوٍ أو راويين يكون الحكم عليه أو عليهما مؤثراً في صحّة السند أو وثاقته أو حسنه. وسيكون الكلام هنا تنزلاً مع المستشكل على مبناه من الأخذ بالخبر الواحد حجة في العقائد وإلا فقد ذكرنا سابقاً أن هذا غير معتمد عند الإمامية .
                    فقد ذكر تحت رقم (6) رواية علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن أبيه عن صفوان عن أبان بن عثمان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر (ع) والسند كلهم ثقات فأبو حمزة الثمالي صفي علي (ع) وأبان بن عثمان من المجمع على الأخذ منه وصفوان بن يحيى ثقة ثقة وإبراهيم بن هاشم القمي المعروف ناشر حديث الكوفين بقم لا يشك أحد بوثاقته وإن لم ينصوا عليها وإبنه علي بن إبراهيم ثقة صاحب التفسير .
                    فلما لم يجد مطعناً في أحد تشبث بالقشة وبدأ بمناقشة علمائنا في الرجال في توثيقهم لإبراهيم بن هاشم القمي وأنه لم يُذكر له توثيق مع أن المفروض أن تكون المناقشة في المباني الرجالية لدى الشيعة الإمامية، وإبراهيم بن هاشم متفق على توثيقه بل نص علمائنا على أنه أعلى شئناً من التوثيق .
                    قال السيد ابن طاووس في سند فيه إبراهيم بن هاشم رواه الصدوق (ورواة الحديث ثقات بالاتفاق) (فلاح السائل: 158) فالسيد أولاً وثق إبراهيم بن هاشم الواقع في السند, ثم أنه نسب ذلك لاتفاق العلماء . فلاحظ .
                    وذكره ابن داود في القسم الأول من كتابه الخاص بالممدوحين ومن لم يضعفهم الأصحاب .
                    وقال العلامة في حقه: ولم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ولا على تعديله بالتنصيص والروايات عنه كثيرة والأرجح قبول قوله (الخلاصة :49 (9) ).
                    وقال أبو علي الحائري (وإنما قيد بالتنصيص (أي العلامة في الخلاصة) لأن ظاهر الأصحاب تلقيهم روايته بالقبول كما ينبه عليه قولهم أنه أول من نشر حديث الكوفيين بقم). وقال أيضاً: أن العلامة (ره) صحح جملة من طرق الصدوق هو فيها كطريقه إلى عامر بن نعيم وكردويه وياسر الخادم وكثيراً ما يعد إخباره في الصحاح كما في المختلف، بل قال جدي: جماعة من أصحابنا يعدون أخباره من الصحاح. ونقل المحقق البحراني عن بعض معاصريه ـ والظاهر من طريقته أنه خالي (ره) ـ توثيقه عن جماعته وقواه لأن إعتماد جل أئمة الحديث من القميين على حديثه لا يتأتى مع عدم علمهم بثقته مع أنهم كانوا يقدحون بأدنى شيء كما أنهم غمزوا في أحمد بن محمد بن خالد مع ثقته وجلالته بأنه يروي عن الضعفاء ويعتمد المجاهيل مع أن ولده الثقة الجليل اعتمد في نقل الأخبار جلها عنه وإعتمد ثقة الإسلام عليه مع قرب عهده به في أكثر أخباره، قلت: وكذا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد ين يحيى وغيرهم من الأجلاء، وكذا كونه شيخ الإجازة، وكذا رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه وعدم إستثنائه، وعن والد شيخنا البهائي (ره): إني لأستحي أن لا أعد حديثه صحيحا (منتهى المقال 1: 214).
                    ومثل هذا القول وأوسع منه ما قاله المامقاني في تنقيح المقال (5: 72( 621) ).
                    ومن ذاك ما نقله عن السيد الداماد في الرواشح: والصحيح الصريح عندي أن الطريق من جهته صحيح فأمره أجل وحاله أعظم من أن يعدل ويتوثق بمعدل وموثق غيره بل غيره يتعدل ويتوثق بتعديله وتوثيقه إياه كيف وأعاظم أشياخنا الفخام كرئيس المحدثين والصدوق والمفيد وشيخ الطائفة ونظائرهم ومن طبقتهم ودرجتهم ورتبتهم ومرتبتهم من الأقدمين والأحدثين شأنهم أجل وخطبهم أكبر من أن يظن بأحد منهم قد إحتاج إلى تنصيص ناص وتوثيق موثق وهو شيخ الشيوخ وقطب الأشياخ ووتد الأوتاد وسند الأسانيد فهو أحق وأجدر بأن يستغني عن ذلك (تنقيح المقال : 86) .
                    إضافة إلى توثيق السيد الخوئي إياه الذي اعترف به هذا المستشكل وغيره من علمائنا الكثير، فبعد ذلك لا فائدة في محاولة الإستماتة في رد كلمات علمائنا في توثيقة مع أن المفروض أن يكون الكلام حسب مباني الإمامية وأعلامهم في الرجال.
                    والعجب من هذا المستشكل أنه نسى أو تناسى أنه على رغم ما ذكره العلماء في توثيقه إلا أنه لا اختلاف في مدحه وحسنه ونصهم على أن رواياته مقبولة معتبرة،فبعد اعتبار وقبول رواياته لا مجال لمحاولة رد رواية أبنه في تفسيره عنه, وهل التوثيق إلا من أجل هذا!
                    والأعجب من ذلك أنه حاول تضعيف الرجل لنقله روايات يعتقد هو بطلانها حسب مذهبه بعد أن لم يفهم مدلولها وفقهها الذي بينه علمائنا في كتبهم وهذا من أعجب أساليب الجرح والتعديل أن يعرض روايات الرجل على ما يعتقده من مذهب فإذا لم توافقه جرح الرجل ورماه بالضعف ورواية المناكير. فتأمل .
                    وأما الكلام على تفسير القمي فقد أوردنا بحثاً على صفحتنا تحت عنوان (الأسئلة العقائدية / علم الرجال/ بحث حول وثاقة رجال تفسير القمي ) فراجع .
                    وذكر تحت رقم (11) رواية فرات الكوفي: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن الحسين (الحسن) بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ثعلبة بن ميمون عن سليمان بن طريف عن محمد بن مسلم أن سلاماً الجعفي قال لأبي جعفر (ع) .... الرواية .
                    وحاول تضعيفها كما فعل في كل الروايات التي أوردها حيث طعن على فرات الكوفي وتفسيره بما لم نجده هنا حيث قال: (قد أوقفناك على قيمته وحال مؤلفة) وحكم على سليمان بن طريف وسلام الجعفي بالجهالة وإسماعيل بن إبراهيم بعدم وجود ترجمة له . وستعرف قيمة ما ذكر .
                    فأما تفسير فرات فهو من التفاسير الروائية القديمة أسندت معظم رواياته إلى إلإمامين الباقر والصادق (ع)،أورد عنه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل والمجلسي في البحار والحر العاملي في إثبات الهداة. وذكر طرقه إليه (خاتمة الرسائل 30: 159، الفائدة الرابعة) . وتوجد منه عدة نسخ تاريخ أحدها بين أوائل القرن التاسع إلى أوائل القرن الحادي عشر وهي ملخصة غير كاملة ونسخة أخرى أستنسخت على نسخة تاريخها 1083 هـ .
                    والمطبوع الموجود الآن هو على نسخة في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف كتبت في بداية القرن الرابع عشر راويها أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني عن أبي قاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العلوي الحسني أو الحسيني عن فرات( مقدمة تفسير فرات) .
                    وأما راوي التفسير فرات الكوفي فقد ورد في أسانيد الصدوق وتفسير القمي وفضل زيارة الحسين لأبن الشجري ونقل عنه الحاكم الحسكاني كما ذكرنا.
                    ويظهر من مضمون روايته أنه إمامي المذهب خلافاً لما ذكره محقق الكتاب اعتماداً على إستحسانات واهية من أنه زيدي المذهب .
                    قال عنه المجلسي: وتفسير فرات وإن لم يتعرض الأصحاب لمؤلفه بمدح ولا قدح ولكن كون أخباره موافقة لما وصل إلينا من الأحاديث المعتبرة وحسن الضبط في نقلها مما يعطي الوثوق بمؤلفه وحسن الظن به (البحار 1: 37) .
                    ونقل الخوانساري عن بعض المحققين في حواشيه على (منهج المقال) قوله: له كتاب تفسير القرآن وهو يروي عن الحسين بن سعيد من مشايخ الشيخ أبي الحسن علي بن بابويه وقد روى عنه الصدوق بواسطة ونقل في تفسيره أحاديث كثيرة في كتبه وهذا التفسير يتضمن ما يدل على حسن اعتقاده وجودة انتقاءه ووفور علمه وحسن حاله ومضمونه موافق للكتب المعتمدة (روضات الجنان 5: 353)
                    وقال المامقاني: أن أقل ما يفيده كونه من مشايخ علي بن بابويه وإكثار الصدوق (ره) الرواية عنه وكذا رواية الشيخ الحر (ره) والفاضل المجلسي (ره) عنه هو كون الرجل في أعلى درجات الحسن بعد إستفادة كونه إمامياً من الأخبار التي رواها والعلم عند الله تعالى (تنقيح المقال 2: 3) .
                    ومما نقلنا يظهر لك إعتماد علمائنا على الكتاب أولاً والتصريح بحسن حال مؤلفه فرات الكوفي .
                    وأما إسماعيل بن إبراهيم فهو إسماعيل (بن إسحاق) بن إبراهيم فيكفي في حسنه أنه أحد مشايخ فرات الكوفي لما تقرر عندهم من تحسين مشايخ المشهورين بالرواية وأصحاب الأجازة . ومحمد بن الحسن بن أبي الخطاب ثقة وأحمد بن محمد بن أبي نصر ثقة، وثعلبة بن ميمون ثقة, وسليمان بن طريف عده الشيخ في أصحاب الصادق (ع) وهو يكفي في حسنه خاصة مع رواية الثقات عنه كثعلبة في هذا السند ومحمد بن سلم ثقة وسلام الجعفي وهو سلام بن المستنير الجعفي الكوفي الذي يروي عنه إبن محبوب بالواسطة وروايته عنه ولو بالواسطة يكشف عن وثاقته أولاً أقل عن حسنه (تنقيح المقال 2: 43 الطبقة الحجرية) فالرواية حسنة على أقل تقدير .
                    وذكر تحت رقم (17) رواية الطوسي في أماليه عن المفيد وهي رواية أبي رافع المشهورة المروية عند الخاصة والعامة ولها طرق عديدة فقد ذكر نفسه طريقاً آخر إليها برواية النجاشي في فهرسته تحت رقم (19).
                    فرواية الطوسي بسنده عن عون بن عبيد الله عن عبيد الله عن أبي رافع ورواية النجاشي عن عبد الله بن عبيد الله أخو عون عن أبيه عبيد الله عن جده أبو رافع، والمستشكل لم يتكلم على السند إلى هنا في الروايتين وإنما تكلم على ما بعدهم من الرجال . ولكنه نسى طريقاً ثالثاً ذكره إبن طاووس نقلاً عن تفسير ابن الجحام الثقة وهذا السند يرجع إلى عون بن عبيد الله كما في سند الطوسي . والراوي عن عون عند ابن الحجام هو محمد بن عبيد الله عن أخيه عون، ومن محمد هذا يفترق طريق ابن أبي شيبة الذي رواه الطبراني في الكبير(1: 321) عن طريق ابن حجام بل مجموع الطرق عن محمد بن عبيد الله هذا أربع ثلاث منها في كتب أهل السنة والأول عند الشيعة وهو طريق ابن الحجام وإن يحتمل الإتحاد في بعضها لما وقع من تصحيف في الأسانيد .
                    وعلى كل فإن عبد الرحمن بن الأسود الكندي اليشكري الراوي عن عون في سند الطوسي تابعه محمد بن عبيد الله عن عون وافترق الطريق من محمد هذا على أربع طرق، مخول عن عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن عبيد الله وحصين عن هارون بن سعيد عن محمد بن عبيد الله ويحيى بن الحسن بن الفرات عن علي بن الهاشم بن البريد عن محمد بن عبيد الله وإسماعيل بن إسحاق الراشدي عن يحيى بن هاشم المغاني عن محمد بن عبيد الله, وإذا قلنا بإتحاد الطريق الرابع والثالث لوجود التصحيف فالطرق عن محمد بن عبيد الله ثلاثة .
                    وبالنتيجة فإن أغلب من تكلم عليهم في هذه الطرق لهم متابعون فضلاً عن كفاية تعدد الطرق في إستفاضة الحديث وحسنه .
                    إلى هنا ظهر ان عندنا ثلاث روايات،أحداها صحيحة وهي رواية علي بن إبراهيم في تفسيره، واثنتان حسنتان وهما رواية فرات الكوفي والرواية المعروفة المشهورة عن أبي رافع, وهذا يكفي للتمسك بالحديث تنزلاً منا على مبنى القوم، وإلا فإننا قد أشرنا إلى عدم الحاجة الى مثل هذا التصحيح في النقطتين السابقتين، وللمستدل أن يعكس الاستدلال ويبدأ من النقطة الثالثة ثم ينتهي بالأولى . أي يترقى من تصحيح أحد الطرق إلى إثبات التواتر .
                    ومما قدمنا يظهر ما في قول المستشكل (وبعد فهذه حال كل الروايات المسندة التي وقفنا عليها من كتب القوم - إلى قوله - وقد رأيت أنه لم يصح منها شيء أصلاً من طرق الشيعة فضلاً عن طرق أهل السنة) .
                    فأولاً: أنه لم يذكر كل الطرق وقد أشرنا إلى مصادر العديد منها .
                    وثانياً: وقد رأيت أنه قد صح طريق واحد منها وحسن طريقان على الأقل مع أنا قد أغضينا الطرف عن مناقشته عما جاء من أخطاء واشتباهات في الجرح والتعديل لبقية الأسانيد روماً للاختصار .
                    ثالثاً: أن الكلام في طرق الشيعة لا في طرق السنة،وإلا لذكرنا له ما يمكن تصحيحه على مبانيهم مثل رواية ابن أبي حاتم في تفسيره والطبري في تفسيره وغيرها .
                    وأما قوله: (رغم كل التهويلات التي استخدمها القوم عند الكلام في هذا الاستدلال من تواتر وصحة القصة في طرق أهل السنة .... الخ).
                    فلا ندري هل الكلام في روايات أهل السنة وعدم صحتها وعدم تواترها فهذا مما لم يتحدث عنه وإلا لكان من السهل علينا إثبات تواترها عندهم فضلاً عن صحة بعض طرقها .
                    وإن كان الكلام في روايات الشيعة فما في هذه العبارة لا علاقة له بها أو هو من الخلط وسبق القلم.
                    وعلى كل فقد أثبتنا تواتر الحديث عند الشيعة فقط فضلاً عن بقية الطرق عند المذاهب الأخرى، ولو جمعنا كل الطرق عند كل المذاهب لا صبح الحديث فوق التواتر بمراتب، وكلامنا هنا عن الطرق المستقلة لا على عموم التخريج في الكتب كما يحاول أن يوهمه هذا المستشكل.
                    ومن السماجة الإدعاء بأن الكثير من علماء أهل السنة قد ذكروا حادثة التصدق لبيان ضعفها أو يراد كل ما له شأن بنزول الآية، ولو كان الكلام في طرقهم لبينا له العدد الوفير من علمائه الذين أخرجوها مسنده بل اعتمدوا على أسانيدها ولم يعلقوا بشيء عليها مع أن إيراد كل ما له شأن بالنزول مع ذكر الأسانيد كافٍ في الباب ولعل ما في جملته الأخير من قوله (أو إيرادها بأسانيدها مبرئين الذمة بذلك) ما يبن لك حال علمائه،وأما قوله (لكن لم يصح منها شيء) فهو على عهدته وقد بينا ما فيه .
                    وأما أن الأميني لم يناقش في الأسانيد، فلأن الأمر مفروغ منه عند العلماء لا يتحمل المناقشة، وإن كان بعض من ينتسب لهم يحاول تكذيب الحادثة كأمثال ابن تيمية وأما طلبه السند الصحيح من كتبنا، فقد دللناه عليه,فهل يا ترى سيكتفي أم يبقى يلج في عناده؟!
                    وأما السند الصحيح من كتبهم، فله مكانه الخاص به .
                    ثالثاً: الكلام على ما استشكه في متون الروايات:
                    أ‌- أن ما ذكره من اختلاف واضطراب المتون ليس بشيء، إذ من الواضح أن التواتر الثابت لمجموعة من التفاصيل يغني عن الإلتفات إلى الإختلاف في التفاصيل الأخرى، فقد حصل التواتر بوقوع التصدق من شخص الإمام علي (ع) في حالة الركوع لسائل سئل في المسجد ولم يعطه أحد شيئاً فنزلت الآية تخبر النبي (ص) عن ذلك وتثبت صفة الولاية لله ورسوله وللمتصدق. وهذا يكفي في رد كل التخرصات مع أن في التفاصيل كلاماً كثيراً مع هذا المستشكل تركناه كرهاً للتطويل ولعدم الحاجة إليه .
                    ب‌- ما ذكره من الإشكالات على استدلال الشيعة بالآية :
                    فهي اشكالات مكررة من أسلافه قد أجاب عليها علمائنا بالتفصيل وأجبنا عليها كلها على صفحتنا تحت عنوان (الأسئلة العقائدية / آية الولاية) خاصة الجواب الخاص بالرد على الآلوسي .
                    ودمتم في رعاية الله

                    تعليق


                    • السؤال: إقتران آية الولاية بحديث الولاية
                      هل تقترن اية الولاية (( انما وليكم الله ... )) بحديث الولاية؟
                      الجواب:
                      الأخ المستبصر الفلسطيني المحترم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      إذا كان المراد بالاقتران التقارن الزماني, فمن المعلوم أن آية الولاية نزلت في زمان يختلف عن زمان صدور حديث : (( من كنت مولاه فهذا علي مولاه )) الذي صدر عن النبي (صلى الله عليه وآله) بعد نزول آية التبليغ بعد انتهاء النبي (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع .
                      وأما إذا كان المراد الاقتران بالمعنى فهذا شيء صحيح فآية الولاية وحديث الولاية, بل كل الأحاديث التي جاءت تذكر ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام), مثل (( يا علي أنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي )) ( أخرجه ـ المستدرك 3: 144 وصرّح بصحته, ووافقه الذهبي عليه ), نقول : كل هذه الأحاديث تؤكد حقيقة واحدة لا غير وهي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو ولي المؤمنين والمتصرف بشؤونهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
                      ودمتم في رعاية الله

                      تعليق


                      • السؤال: جواب على ما قاله الآلوسي في تفسيره روح المعاني
                        قال محمود الآلوسي في تفسير روح المعاني:
                        * تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق قراءة الآية (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ ))
                        ثم إنه سبحانه لما قال: (( لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاء )) (المائدة:51) وعلله بما علله، ذكر عقب ذلك من هو حقيق بالموالاة بطريق القصر، فقال عز وجل: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءامَنُوا )) فكأنه قيل: لا تتخذوا أولئك أولياء لأن بعضهم أولياء بعض وليسوا بأوليائكم إنما أولياؤكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون فاختصوهم بالموالاة ولا تتخطوهم إلى الغير، وأفرد الولي مع تعدده ليفيد كما قيل: أن الولاية لله تعالى بالأصالة وللرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين بالتبع، فيكون التقدير إنما وليكم الله سبحانه وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا، فيكون في الكلام أصل وتبع لا أن وليكم مفرد استعمل استعمال الجمع كما ظن صاحب (( الفرائد ))؛ فاعترض بأن ما ذكر بعيد عن قاعدة الكلام لما فيه من جعل ما لا يستوي الواحد والجمع جمعاً، ثم قال: ويمكن أن يقال: التقدير إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا أولياؤكم فحذف الخبر لدلالة السابق عليه، وفائدة الفصل في الخبر هي التنبيه على أن كونهم أولياء بعد كونه سبحانه ولياً، ثم بجعله إياهم أولياء، ففي الحقيقة هو الولي انتهى.
                        ولا يخفى على المتأمل أن المآل متحد والمورد واحد، ومما تقرر يعلم أن قول الحلبـي ويحتمل وجهاً آخر وهو أن ولياً زنة فعيل، وقد نص أهل اللسان أنه يقع للواحد والاثنين والجمع تذكيراً وتأنيثاً بلفظ واحد ـ كصديق ـ غير واقع موقعه لأن الكلام في سر بياني وهو نكتة العدول من لفظ إلى لفظ، ولا يرد على ما قدمنا أنه لو كان التقدير كذلك لنا في حصر الولاية في الله تعالى ثم إثباتها للرسول صلى الله عليه وسلم / وللمؤمنين، لأن الحصر باعتبار أنه سبحانه الولي أصالة وحقيقة، وولاية غيره إنما هي بالإسناد إليه عز شأنه.
                        (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاوةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاوةَ )) بدل من الموصول الأول، أو صفة له باعتبار إجرائه مجرى الأسماء لأن الموصول وصلة إلى وصف المعارف بالجمل والوصف لا يوصف إلا بالتأويل، ويجوز أن يعتبر منصوباً على المدح، ومرفوعاً عليه أيضاً، وفي قراءة عبد الله (( - و - الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَواةَ )) بالواو (( وَهُم رَاكِعُونَ )) حال من فاعل الفعلين أي يعملون ما ذكر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهم خاشعون ومتواضعون لله تعالى.
                        وقيل: هو حال مخصوصة بإيتاء الزكاة، والركوع ركوع الصلاة، والمراد بيان كمال رغبتهم في الإحسان ومسارعتهم إليه.
                        وغالب الأخباريين على أنها نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه، فقد أخرج الحاكم وابن مردويه وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بإسناد متصل قال: (( أقبل ابن سلام ونفر من قومه آمنوا بالنبـي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس وأن قومنا لما رأونا آمنا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وصدقناه رفضونا وآلوا على نفوسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا فشق ذلك علينا، فقال لهم النبـي صلى الله عليه وسلم: إنما وليكم الله ورسوله، ثم إنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: نعم خاتم من فضة، فقال: من أعطاكه؟ فقال: ذلك القائم، وأومأ إلى علي كرم الله تعالى وجهه، فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: على أي حال أعطاك؟ فقال: وهو راكع، فكبر النبـي صلى الله عليه وسلم ثم تلا هذه الآية ))
                        فأنشأ حسان رضي الله تعالى عنه يقول:

                        أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي ***** وكل بطيء في الهدى ومسارع
                        أيذهب مدحيك المحبر ضائعا ***** وما المدح في جنب الإله بضائع
                        فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا ***** زكاة فدتك النفس يا خير راكع
                        فأنزل فيك الله خير ولاية ****** وأثبتها أثنا كتاب الشرائع

                        واستدل الشيعة بها على إمامته كرم الله تعالى وجهه، ووجه الاستدلال بها عندهم أنها بالإجماع أنها نزلت فيه كرم الله تعالى وجهه، وكلمة (( إِنَّمَا )) تفيد الحصر، ولفظ الولي بمعنى المتولي للأمور والمستحق للتصرف فيها، وظاهر أن المراد هنا التصرف العام المساوي للإمامة بقرينة ضم ولايته كرم الله تعالى وجهه بولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فثبتت إمامته وانتفت إمامة غيره وإلا لبطل الحصر، ولا إشكال في التعبير عن الواحد بالجمع، فقد جاء في غير ما موضع؛ وذكر علماء العربية أنه يكون لفائدتين: تعظيم الفاعل وأن من أتى بذلك الفعل عظيم الشأن بمنزلة جماعة كقوله تعالى: (( إِنَّ إِبراهِيمَ كَانَ أُمَّةً )) (النحل:120) ليرغب الناس في الإتيان بمثل فعله، وتعظيم الفعل أيضاً حتى أن فعله سجية لكل مؤمن، وهذه نكتة سرية تعتبر في كل مكان بما يليق به.
                        وقد أجاب أهل السنة عن ذلك بوجوه:
                        الأول: النقض بأن هذا الدليل كما يدل بزعمهم على نفي إمامة الأئمة المتقدمين كذلك يدل على سلب الإمامة عن الأئمة المتأخرين كالسبطين رضي الله تعالى عنهما وباقي الاثني عشر رضي الله تعالى عنهم أجمعين بعين ذلك التقرير، فالدليل يضر الشيعة أكثر مما يضر أهل السنة كما لا يخفى، ولا يمكن أن يقال: الحصر إضافي بالنسبة إلى من تقدمه لأنا نقول: إن حصر ولاية من استجمع / تلك الصفات لا يفيد إلا إذا كان حقيقياً، بل لا يصح لعدم استجماعها فيمن تأخر عنه كرم الله تعالى وجهه، وإن أجابوا عن النقض بأن المراد حصر الولاية في الأمير كرم الله تعالى وجهه في بعض الأوقات أعني وقت إِمامته لا وقت إمامة السبطين ومن بعدهم رضي الله تعالى عنهم قلنا: فمرحباً بالوفاق إذ مذهبنا أيضاً أن الولاية العامة كانت له وقت كونه إماماً لا قبله وهو زمان خلافة الثلاثة، ولا بعده وهو زمان خلافة من ذكر. فإن قالوا: إن الأمير كرم الله تعالى وجهه لو لم يكن صاحب ولاية عامة في عهد الخلفاء يلزمه نقص بخلاف وقت خلافة أشباله الكرام رضي الله تعالى عنهم فإنه لما لم يكن حياً لم تصر إمامة غيره موجبة لنقص شرفه الكامل لأن الموت رافع لجميع الأحكام الدنيوية يقال: هذا فرار وانتقال إلى استدلال آخر ليس مفهوماً من الآية إذ مبناه على مقدمتين: الأولى: أن كون صاحب الولاية العامة في ولاية الآخر ـ ولو في وقت من الأوقات ـ غير مستقل بالولاية نقص له، والثانية: أن صاحب الولاية العامة لا يلحقه نقص مّا بأي وجه وأي وقت كان، وكلتاهما لا يفهمان من الآية أصلاً كما لا يخفى على ذي فهم، على أن هذا الاستدلال منقوض بالسبطين زمن ولاية الأمير كرم الله تعالى وجهه، بل وبالأمير أيضاً في عهد النبـي صلى الله عليه وسلم،
                        والثاني: أنا لا نسلم الإجماع على نزولها في الأمير كرم الله تعالى وجهه، فقد اختلف علماء التفسير في ذلك، فروى أبو بكر النقاش صاحب (( التفسير المشهور )) عن محمد الباقر رضي الله تعالى عنه أنها نزلت في المهاجرين والأنصار، وقال قائل: نحن سمعنا أنها نزلت في عليّ كرم الله تعالى وجهه، فقال: هو منهم يعني أنه كرم الله تعالى وجهه داخل أيضاً في المهاجرين والأنصار ومن جملتهم.
                        وأخرج أبو نعيم في (( الحلية )) عن عبد الملك بن أبـي سليمان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبـي حاتم عن الباقر رضي الله تعالى عنه أيضاً نحو ذلك، وهذه الرواية أوفق بصيغ الجمع في الآية، وروى جمع من المفسرين عن عكرمة أنها نزلت في شأن أبـي بكر رضي الله تعالى عنه،
                        والثالث: أنا لا نسلم أن المراد بالولي المتولي للأمور والمستحق للتصرف فيها تصرفاً عاماً، بل المراد به الناصر لأن الكلام في تقوية قلوب المؤمنين وتسليها وإزالة الخوف عنها من المرتدين وهو أقوى قرينة على ما ذكره، ولا يأباه الضم كما لا يخفى على من فتح الله تعالى عين بصيرته، ومن أنصف نفسه علم أن قوله تعالى فيما بعد: (( يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُم هُزُواً وَلَعِباً مّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَـابَ مِن قَبلِكُم وَالكُفَّارَ أَولِيَاء )) (المائدة:57) آب عن حمل الولي على ما يساوي الإمام الأعظم لأن أحداً لم يتخذ اليهود والنصارى والكفار أئمة لنفسه وهم أيضاً لم يتخذ بعضهم بعضاً إماماً، وإنما اتخذوا أنصاراً وأحباباً، وكلمة (( إِنَّمَا )) المفيدة للحصر تقتضي ذلك المعنى أيضاً لأن الحصر يكون فيما يحتمل اعتقاد الشركة والتردد والنزاع، ولم يكن بالإجماع وقت نزول هذه الآية تردد ونزاع في الإمامة وولاية التصرف؛ بل كان في النصرة والمحبة، والرابع: أنه لو سلم أن المراد ما ذكروه فلفظ الجمع عام، أو مساو له ـ كما ذكره المرتضى في (( الذريعة )).
                        وابن المطهر في (( النهاية )) ـ والعبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب كما اتفق عليه الفريقان، فمفاد الآية حينئذٍ حصر الولاية العامة لرجال متعددين يدخل فيهم الأمير كرم الله تعالى وجهه، وحمل العام على الخاص خلاف الأصل لا يصح ارتكابه بغير ضرورة ولا ضرورة.
                        فإن قالوا: الضرورة متحققة ههنا إذ التصدق على السائل في حال الركوع لم يقع من أحد غير الأمير كرم الله تعالى وجهه قلنا: ليست الآية نصاً في كون التصدق واقعاً في حال ركوع الصلاة لجواز أن يكون / الركوع بمعنى التخشع والتذلل لا بالمعنى المعروف في عرف أهل الشرع كما في قوله:
                        لا تهين الفقير علك أن ***** (تركع) يوماً والدهر قد رفعه
                        وقد استعمل بهذا المعنى في القرآن أيضاً كما قيل في قوله سبحانه: (( وَاركَعِى مَعَ الراكِعِينَ )) (آل عمران:43) إذ ليس في صلاة من قبلنا من أهل الشرائع ركوع هو أحد الأركان بالإجماع، وكذا في قوله تعالى: (( وَخَرَّ رَاكِعاً )) (ص:24)
                        وقوله عز وجل: (( وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركَعُوا لاَ يَركَعُونَ )) (المرسلات:48) على ما بينه بعض الفضلاء، وليس حمل الركوع في الآية على غير معناه الشرعي بأبعد من حمل الزكاة المقرونة بالصلاة على مثل ذلك التصدق، وهو لازم على مدعي الإمامية قطعاً.
                        وقال بعض منا أهل السنة: إن حمل الركوع على معناه الشرعي وجعل الجملة حالاً من فاعل (( يُؤتُونَ )) يوجب قصوراً بيناً في مفهوم (( يُقِيمُونَ الصَّلَواةَ )) إذ المدح والفضيلة في الصلاة كونها خالية عما لا يتعلق بها من الحركات سواء كانت كثيرة أو قليلة، غاية الأمر أن الكثيرة مفسدة للصلاة دون القليلة ولكن تؤثر قصوراً في معنى إقامة الصلاة ألبتة، فلا ينبغي حمل كلام الله تعالى الجليل على ذلك انتهى.
                        وبلغني أنه قيل لابن الجوزي رحمه الله تعالى: كيف تَصَدَّقَ علي كرم الله تعالى وجهه بالخاتم وهو في الصلاة والظن فيه ـ بل العلم الجازم ـ أن له كرم الله تعالى وجهه شغلاً شاغلاً فيها عن الالتفات إلى ما لا يتعلق بها، وقد حكى مما يؤيد ذلك كثير؟ فأنشأ يقول:
                        يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته ***** عن النديم ولا يلهو عن الناس
                        أطاعه سكره حتى تمكن من ***** فعل الصحاة فهذا واحد الناس

                        وأجاب الشيخ إبراهيم الكردي قدس سره عن أصل الاستدلال بأن الدليل قائم في غير محل النزاع، وهو كون علي كرم الله تعالى وجه إماماً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير فصل لأن ولاية (( الَّذِينَ ءَامَنُوا )) على زعم الإمامية غير مرادة في زمان الخطاب، لأن ذلك عهد النبوة، والإمامة نيابة فلا تتصور إلا بعد انتقال النبـي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن زمان الخطاب مراداً تعين أن يكون المراد الزمان المتأخر عن زمن الانتقال ولا حدّ للتأخير فليكن ذلك بالنسبة إلى الأمير كرم الله تعالى وجهه بعد مضي زمان الأئمة الثلاثة فلم يحصل مدعى الإمامية، ومن العجائب أن صاحب (( إظهار الحق )) قد بلغ سعيه الغاية القصوى في تصحيح الاستدلال بزعمه، ولم يأت بأكثر مما يضحك الثكلى وتفزع من سماعه الموتى، فقال: إن الأمر بمحبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يكون بطريق الوجوب لا محالة، فالأمر بمحبة المؤمنين المتصفين بما ذكر من الصفات وولايتهم أيضاً كذلك إذ الحكم في كلام واحد يكون موضعه متحداً أو متعدداً أو متعاطفاً لا يمكن أن يكون بعضه واجباً وبعضه مندوباً وإلا لزم استعمال اللفظ بمعنيين، فإذا كانت محبة أولئك المؤمنين وولايتهم واجبة وجوب محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم امتنع أن يراد منهم كافة المسلمين وكل الأمة باعتبار أن من شأنهم الاتصاف بتلك الصفات لأن معرفة كل منهم ليحب ويوالي مما لا يمكن لأحد من المكلفين بوجه من الوجوه، وأيضاً قد تكون معاداة المؤمنين لسبب من الأسباب مباحة بل واجبة فتعين أن يراد منهم البعض، وهو علي المرتضى كرم الله تعالى وجهه انتهى.
                        ويرد عليه أنه مع تسليم المقدمات أين اللزوم بين الدليل والمدعى؟ وكيف استنتاج المتعين من المطلق، وأيضاً لا يخفى على من له أدنى تأمل أن موالاة المؤمنين من جهة الإيمان أمر عام بلا قيد ولا جهة، وترجع إلى موالاة / إيمانهم في الحقيقة، والبغض لسبب غير ضار فيها، وأيضاً ماذا يقول في قوله سبحانه: (( وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَـاتُ بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ )) (التوبة:71) الآية، وأيضاً ماذا يجاب عن معاداة الكفار وكيف الأمر فيها وهم أضعاف المؤمنين؟ ومتى كفت الملاحظة الإجمالية هناك فلتكف هنا، وأنت تعلم أن ملاحظة الكثرة بعنوان الوحدة مما لا شك في وقوعها فضلاً عن إمكانها، والرجوع إلى علم الوضع يهدي لذلك، والمحذور كون الموالاة الثلاثة في مرتبة واحدة وليس فليس إذ الأولى: أصل. والثانية: تبع. والثالثة: تبع التبع، فالمحمول مختلف، ومثله الموضوع إذ الموالاة من الأمور العامة وكالعوارض المشككة، والعطف موجب للتشريك في الحكم لا في جهته، فالموجود في الخارج الواجب والجوهر والعرض مع أن نسبة الوجود إلى كل غير نسبته إلى الآخر، والجهة مختلفة بلا ريب، وهذا قوله سبحانه: (( قل هَـذِهِ سَبِيلِي أَدعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) (يوسف:108) مع أن الدعوة واجبة على الرسول صلى الله عليه وسلم مندوبة في غيره، ولهذا قال الأصوليون: القران في النظم لا يوجب القران في الحكم، وعدوا هذا النوع من الاستدلال من المسالك المردودة، ثم إنه أجاب عن حديث عدم وقوع التردد مع اقتضاء (( إِنَّمَا )) له بأنه يظهر من بعض أحاديث أهل السنة أن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم التمسوا من حضرة النبـي صلى الله عليه وسلم الاستخلاف، فقد روى الترمذي عن حذيفة
                        (( أنهم قالوا: يا رسول الله لو استخلفت؟ قال: لو استخلفت عليكم فعصيتموه عذبتم ولكن ما حدثكم حذيفة فصدقوه وما أقرأكم عبد الله فاقرأوه )) وأيضاً استفسروا منه عليه الصلاة والسلام عمن يكون إماماً بعده صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج أحمد عن علي كرم الله تعالى وجهه قال: (( قيل: يا رسول الله من نؤمر بعدك؟

                        تعليق


                        • قال: إن تؤمروا أبا بكر رضي الله تعالى عنه تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة، وإن تؤمروا عمر رضي الله تعالى عنه تجدوه قوياً أميناً لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا علياً ـ ولا أراكم فاعلين ـ تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الصراط المستقيم )) وهذا الالتماس والاستفسار يقتضي كل منهما وقوع التردد في حضوره صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية، فلم يبطل مدلول (( إِنَّمَا )) انتهى، وفيه أن محض السؤال والاستفسار لا يقتضي وقوع التردد، نعم لو كانوا شاوروا في هذا الأمر ونازع بعضهم بعضاً بعدما سمعوا من النبـي صلى الله عليه وسلم جواب ما سألوه لتحقق المدلول، وليس فليس، ومجرد السؤال والاستفسار غير مقتض ـ لإنما ـ ولا من مقاماته بل هو من مقامات ـ إن ـ والفرق مثل الصبح ظاهر، وأيضاً لو سلمنا التردد، ولكن كيف العلم بأنه بعد الآية أو قبلها منفصلاً أو متصلاً سبباً للنزول أو اتفاقياً، ولا بد من إثبات القبلية والاتصال والسببية، وأين ذلك؟ والاحتمال غير مسموع ولا كاف في الاستدلال. وبعد هذا كله الحديث الثاني ينافي الحصر صريحاً لأنه صلى الله عليه وسلم في مقام السؤال عن المستحق للخلافة ذكر الشيخين، فإن كانت الآية متقدمة لزم مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن أو بالعكس لزم التكذيب، والنسخ لا يعقل في الأخبار على ما قرر، ومع ذا تقدم كل على الآخر مجهول فسقط العمل.
                          فإن قالوا: الحديث خبر الواحد وهو غير مقبول في باب الإمامة قلنا: وكذلك لا يقبل في إثبات التردد والنزاع الموقوف عليه التمسك بالآية، والحديث الأول يفيد أن ترك الاستخلاف أصلح فتركه ـ كما تفهمه الآية بزعمهم ـ تركه، وهم لا يجوزونه فتأمل، وذكر الطبرسي في (( مجمع البيان )) وجهاً آخر غير ما ذكره صاحب (( إظهار الحق )) في (( أن الولاية مختصة، وهو أنه سبحانه قال: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ )) فخاطب جميع المؤمنين، ودخل في الخطاب / النبـي صلى الله عليه وسلم وغيره، ثم قال تعالى: (( وَرَسُولُهُ )) فأخرج نبيه عليه الصلاة والسلام من جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته، ثم قال جل وعلا: (( وَالَّذِينَ ءامَنُوا )) فوجب أن يكون الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية، وإلا لزم أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه، وأن يكون كل واحد من المؤمنين ولي نفسه وذلك محال )) انتهى.
                          وأنت تعلم أن المراد ولاية بعض المؤمنين بعضاً لا أن يكون كل واحد منهم ولي نفسه، وكيف يتوهم من قولك مثلاً: أيها الناس لا تغتابوا الناس إنه نهي لكل واحد من الناس أن يغتاب نفسه، وفي الخبر أيضاً " صوموا يوم يصوم الناس " ولا يختلج في القلب أنه أمر لكل أحد أن يصوم يوم يصوم الناس، ومثل ذلك كثير في كلامهم، وما قدمناه في سبب النزول ظاهر في أن المخاطب بذلك ابن سلام وأصحابه، وعليه لا إشكال إلا أن ذلك لا يعتبر مخصصاً كما لا يخفى، فالآية على كل حال لا تدل على خلافة الأمير كرم الله تعالى وجهه على الوجه الذي تزعمه الإمامية، وهو ظاهر لمن تولى الله تعالى حفظ ذهنه عن غبار العصبية." ما جواب هذا التفسير؟

                          تعليق


                          • الجواب:
                            الأخ ماجد المحترم
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            أولاً: قال: ثم انه سبحانه لما قال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاء بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللّهَ لاَ يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ )) (المائدة:51)، وعلله بما علله إلى قوله: (فاختصوهم بالموالاة ولا تتخطوهم الى الغير) وحاول فيه أن يدعي وحدة السياق وأن لم يصرح به ولكن ظاهر عبارته ذلك من ربطه بين هذه الآية والآيات التي سبقتها الناهية عن ولاية اليهود والنصارى وهو هنا لم يفسر الولاية في هذه الآية وإنما أورد نفس معناها في الآية السابقة عليها وقد ذكر هناك أن المراد النهي عن ولاية النصرة لليهود، والنصارى وما فعل ذلك الا لكي لا يلزم بما سوف يرد عليه مما سنذكره محاولاً التخلص من القصر الظاهر من لفظة (إنما) المنافي لولاية النصرة بهذه التعمية في العبارة.
                            ومحاولة الاستدلال بوحدة السياق ذكرها قبله الكثير من علماء أهل السنة منهم التفتازاني في شرح المقاصد وابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة وأشار إليها أكثر من فسر هذه الآية منهم.
                            وقد أجاب علماؤنا عن ذلك قديماً ولكن الآلوسي غض الطرف عن أجوبتهم لما يريد من غاية وإلا لو كان من أهل التحقيق لأوردها ثم ذكر ما يمكن أن يجيب عليها، لا طرح كلامه تبعاً وتقليداً لسلفه كأنه آخر ما قيل ولا معقب عليه.
                            وأما ما يرد على أدعاهم بوحدة السياق فأمور:
                            1- أن سبب النزول كما هو الصحيح يرد وحدة السياق.
                            2- عدم وجود وحدة السياق بين الآية المقصودة وهذه الآية لبعدها أولاً ولفصلها بآية الارتداد. ثانياً: وهذا ظاهر واضح لما قرأ الآيات من قوله: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )), إلى الآيات الثلاثة بعدها فأنها مترابطة المعنى مفصولة عما بعدها.
                            3- وجود كثير من الآيات في القرآن أولها في شيء ووسطها في شيء وآخرها في شيء، بل مجيء آية لها معنى خاص في وسط آيات متحدة المعنى لا علاقة لها بهن. فإذا تعارض الدليل مع السياق قدم الدليل لاتفاق الجميع على أن الآيات لم تترتب على سبب النزول.
                            4- ان الولاية في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاء )), ليست بمعنى النصرة لأن هذا المعنى لا يلائم قوله تعالى: (( بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ )), ولا قوله: (( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم )), لأنه لا يتم معناهما إلا إذا كانت الولاية فيها بمعنى المحبة فان ولاية المحبة هي التي تجعل اليهود أولياء بعضهم لبعض لا النصرة، وهي التي تجعل من يحبهم كأنه منهم وجداناً لا ولاية الحلف والنصرة.
                            5- لا يصح جعل النبي (صلى الله عليه وآله) ولياً للمؤمنين كما في الآية بمعنى النصرة بل اما أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين جميعاً ينصرون دين الله، أو أن الناس ينصرون رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأنه المبلغ بالدين والرسول عن الله، أو أن الله ينصر رسوله والمؤمنين. وأما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكون ناصراً للمؤمنين فليس يصح ولم يرد فيه آية من القرآن، ومنه يظهر أن الولاية هنا ولاية التصرف لا ولاية النصرة.
                            6- أن القول بأن الولاية في الآية هي ولاية النصرة تبعاً للسياق المفترض من أن النهي في الآية الأولى منصب على ولاية النصرة لليهود والنصارى لا يجتمع مع أداة الحصر (إنما) ولا مع الضمير (كما) في وليكم, لأن ولاية النصرة عامة، وقوله (وليكم) يحتاج إلى آخرين مخاطبين غير من ثبتت له الولاية ولا يمكن أن يخاطب المؤمنون كلهم بلفظة (وليكم) فثبت أن من ثبتت له الولاية بعض المؤمنين لا كلهم.
                            7- أن القول بأن الولاية في الآية تعني الأولى بالأمر لا ينافي السياق ولا يتعارض مع المناسبة المدعاة بين الآيات لأن ولاية الأمر تشمل ولاية النصرة والمحبة وغيرها فثبتت المناسبة.
                            8- أن جعل المقصود من قوله (الذين آمنوا) عموم المسلمين، وبالتالي جعل الحصر المستفاد من (انما) خاص بالله ورسوله والمؤمنين جميعاً دون اليهود والنصارى والمنافقين والذين في قلوبهم مرض ويكون المعنى كما قال: (لا تتخذوا اولئك أولياء لأن بعضهم أولياء بعض وليسوا بأوليائكم إنما أولياؤكم الله ورسوله (ص) والمؤمنون فاختصوهم بالمولاة ولا تتخطوهم الى الغير...)، مناف ومعارض بالجملة الحالية في قوله تعالى: (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )), وسيأتي بيانه.
                            ثانياً: قوله: وأفراد الولي مع تعدده ليفيد كما قيل: أن الولاية لله تعالى بالأصالة.... إلى قوله: لأن الحصر باعتبار أنه سبحانه الولي بالأصالة وحقيقة وولاية غيره إنما هي الإسناد إليه عز شانه).
                            والجواب عليه:
                            1- أنتقل الآلوسي هنا إلى تعليل الأفراد في لفظة وليكم وكأنه قد فرغ من معناها فيما حاول الإشارة إليه بأنها بمعنى الولاية الواردة في آية النهي عن ولاية اليهود مع أنه لم يورد لفظاً صريحاً على معناها هنا والتحقيق أن معنى الولاية في الآية (الأولى بالأمر) لما ثبت في اللغة من أن الولي من كان أولى بالأمر في كل شيء ولا يمكن أن يراد بها هنا النصرة أو المحبة لمكان أداة الحصر (إنما) فلو كان المراد بها النصرة والمحبة لناقض الحصر لأنهما نابتتان لجميع المسلمين فلا مورد لمجيء (انما) هنا ومن هنا حاولوا تفسير: (( وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )), بأنها تشمل جميع المؤمنين وسيأتي بيان الخطل في ذلك.
                            2- أن لفظة (وليكم) جاءت في الآية مفردة واثبتها الله لنفسه أولاً ثم أنبتها لرسوله (صلى الله عليه وآله) بالعطف ثانياً ثم للذين آمنوا الموصوفون بالصفة المذكورة ثالثاً: فدل أن ما ثبت للذين آمنوا هو نظير ما ثبت لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وأن المعنى المراد الثابت للجميع واحد هذا هو الظاهر من اللفظ.
                            نعم، يثبت من دليلين عقليين: الأول أن الولاية لله بالأصالة والثاني أنه لا يجتمع وليان عرضاً في وقت واحد أن الولاية الثابتة هنا طويلة وانها بالأصالة لله ثم لرسوله ثم لمن صفته كذا من المؤمنين بالتبع.
                            3- أن أفراد لفظة (وليكم) فيها أشارة إلى ان المراد من (الذين آمنوا) واحد في كل عصر وهذه وسابقتها نكته بيانية مهمة يحتاجها بيان المعنى الزائد في الآية.
                            وأما ما نقله من أن النكتة في أفراد الولاية هي لبيان أنها بالأصالة لله ثم للرسول (صلى الله عليه وآله) والذين آمنوا بالتبع ليس على استقامته إذ أن استفادة ذلك كما قدمنا من دليل خارج من الآية ويتم حتى لو جاءت الولاية بالجمع مع ما في قوله (وأفرد الولي مع تعدده) من مصادرة على المطلوب، فإن افراد الولي في (وليكم) يشير إلى أنه واحد كما قدمنا وقوله (مع تعدده) أول الكلام ويحتاج إلى إثبات كما سيأتي.
                            ومن هذا يظهر أنه لا يحتاج إلى تقدير في الكلام كما نقله عن صاحب الفرائد لأن المعنى على ما قدما تام بدون تقدير ولكنهم أضطروا إليه لما صرفوا المعنى إلى الجميع. فلاحظ.
                            ويظهر أيضاً صحة المنافاة المدعاة لو كان التقدير على الجمع (أي أوليائكم) لأداة الحصر (إنما)، فأنه لا يظهر من الأداة حصر الولاية في الله أصالة ثم أنها للرسول والذين آمنوا بالتبع وإنما يظهر منها الحصر بالله وبمن عطف عليه النبي (صلى الله عليه وآله) والذين آمنوا بالتساوي نعم قلنا يظهر من دليل خارج أنها بالأصالة لله وبالتبع لغيره، فالتقدير اللغوي بأن الولاية للجميع ينافي وضع (إنما) للحصر لغةً فلاحظ.
                            4- قد تقدم أن الولاية في الآية ثابتة بمعنى واحد للكل ولا يمكن أن يكون المراد من ولاية الله ولاية النصرة، فبالتالي لو كان المراد من الذين آمنوا جميع المؤمنين كان معنى الولاية الثابتة في حقهم غير معناها بالنسبة لله إذ لا تخرج الولاية بالنسبة إليهم عن معنى النصرة أو المحبة وهي غير ولاية الله كما قدمنا، مع أنا نلاحظ من السياق أشراك الجميع بالعطف على هذا المعنى الواحد من الولاية الذي جاء على المفرد فلو كانت الولاية تثبت للجميع وهي بمعنى آخر لاحتاج إلى أن تذكر ولاية أخرى في المقام رفعاً للالتباس كما قال تعالى: (( قُل أُذُنُ خَيرٍ لَّكُم يُؤمِنُ بِاللّهِ وَيُؤمِنُ لِلمُؤمِنِينَ )) (التوبة:61). فكرر الإيمان وفرقه بين الله بتعديته بالباء وبين المؤمنين بتعديته باللام.
                            ثالثاً: قوله: (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ )), بدل من الوصول الأول..... إلى قوله: (( وهم خاشعون )) ومتواضعون لله تعالى، وقيل هو حال مخصوصة بإيتاء الزكاة والركوع ركوع الصلاة والمراد بيان كمال رغبتهم في الإحسان ومسارعتهم إليه).
                            والجواب عليه:
                            1- ان اعراب الجملة في الآية (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ )) على أنها بدل أو صفة لا يؤثر في الإستدلال، والتعبير عنها في رواياتنا بأن الله سبحانه وصفه(ع) بكذا أو قول علمائنا وبعض علماء السنة بأن الله وصف الذين آمنوا بكذا، قد يراد به النعت المعروف في النحو وقد يراد به البيان والتفسير فلا ينافي أن يكون بدلا.
                            وعلى كل حال فإن المعنى يكون أن الذين أمنوا من صفتهم أقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في حال الركوع.
                            2- لقد أعترف الآلوسي هنا أن جملة (( وهم راكعون )) حال من جملة (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ )) أي يؤتون الزكاة وهم في حال الركوع، لا كما فعل معظم أسلافه في محاولة لصرفها عن علي (ع) بجعل الجملة (( وهم راكعون )) معطوفة على الجملة السابقة التي هي صلة الموصول، فإن الواو هنا حالية وليس عاطفة كما هو ظاهر اللغة العربية ـ فإن المفهوم من قول القائل (فلا يغشى أخوانه وهو راكب) معنى الحال أي أنه يغشى حال ركوبه وكذلك لو قال (لقيت فلانا وهو يأكل) كان معناه لقائه حال الأكل.
                            3- ولكنه حاول صرفها عن علي (ع) بطريق آخر بأن قال كما قاله القوشجي قبله أن المراد من الركوع ليس الركوع المعروف وهو الانحناء وإنما معناه الخشوع والتواضع فيكون المعنى على قوله أنهم يأتون الزكاة وهم خاشعون متواضعون، وهذا خلاف ظاهر اللفظ أيضاً.
                            لأن المعروف في العربية أن الركوع هو التطأطؤ المخصوص والانحناء وهو معناه حقيقة وإنما شبه به الخضوع والخشوع على نحو المجاز، فقد أنشد لبيد:
                            أخبر أخبار القرون التي مضت ***** أدب كأني كلما قمت راكع
                            فالحمل على الحقيقة أولى ولا يحمل على المجاز إلا بقرينة كما قال الشاعر:
                            لا تهن الكريم علك ان تركع ***** يوماً والدهر قد رفعه
                            فإنه أراد به علك أن تخضع يوماً بقرينة لا تهن الكريم والدهر قد رفعه.
                            وقد قال صاحب العين الفراهيدي كل شيء ينكب لوجهه فيمس ركبته الأرض أولا يمس بعد أن يطأطئ رأسه فهو راكع وغيرها من أقوال أصحاب اللغة.
                            وكذلك يفهم من الركوع في الحقيقة الشرعية التطأطؤ المخصوص في الصلاة دون التواضع والخشوع فالحمل على الحقيقة الشرعية أولى من حمله على التواضع والخشوع كما سلف من أنه جاء لبيان حال اعطاء الزكاة وهو في الركوع وليس هناك داع لحمله على خلافها سوى العصبية.
                            فظهر مما ذكرنا أن جعله معنى الركوع هو الخشوع والتواضع ليس له وجه أصلاً وتضعيفه القول بأن معناه الانحناء والتطأطؤ المخصوص بقوله (قيل) ليس له وجه أيضاً، بل أن الظاهر والدليل مع هذا المعنى الأخير، وقد دلت الروايات على أن من أتى الزكاة وهو بحال الركوع هو علي (ع) ليس غيره كما سيأتي فما حاول من نسبة هذا القيل إلى الجمع بقوله: (والمراد بيان كمال رغبتهم في الاحسان ومسارعتهم إليه) ليس في محله كذلك، وسيأتي من كلامه الآتي ما يدحض هذه المحاولة للتعميم بعد أن يعترف بأن الآية نزلت عندما تصدق علي (ع) بخاتمه وهو راكع فروايات النزول تدحض ما حاول نسبته إلى الجمع فالسائل واحد والتصدق واحد، فلاحظ.
                            رابعاً: قوله: (وغالب الأخباريين على أنها نزلت في علي كرم الله وجهه فقد أخرج الحاكم... الخ).
                            والجواب عليه:
                            1- هذا أعتراف منه بنزول الآية بحق علي (ع)، وأن حاول التقليل من ذلك بقوله (غالب الإخباريين) ولم ينص كما نص غيره من متكلميهم كالقوشجي بأن الاجماع أنعقد على أنها نزلت في علي (ع), وقد أتفق المفسرون على ذلك ولكن الآلوسي هنا لم يتبعه في قوله كما فعل سابقاً!!
                            2- ثم انه أقتصر على رواية واحدة وهي التي فيها مجيء عبد الله بن سلام إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يذكر الروايات الاخر الكثيرة والتي فيها من الصحيح العديد وكلها تدل على أن سبب النزول هو علي (ع).
                            3- ولا نطيل بذكر الأسانيد وتصحيحها بل اثبات تواترها في أن الآية نزلت بحق عليه (ع) بل نحيلك إلى صفحتنا تحت عنوان (الأسئلة العقائدية / آية الولاية).
                            4- ومما ذكرنا يظهر لك أن المعني بـ (( وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) هو علي بن أبي طالب (ع) لا جمع من المؤمنين، ومن عطفها على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يثبت له نفس معنى الولاية الثابت له (صلى الله عليه وآله) وهو نفس المعنى منها الثابت لله سبحانه وتعالى، ومن الحصر الموجود في آية بدلالة (إنما) يثبت أنها خاصة بالله ورسوله وعلي (ع) دون غيرهم فلا يمكن أن يراد بمعنى الولاية النصرة أو المحبة لأنها عامة لجميع المؤمنين.
                            وبالتالي يثبت ما نقله الآلوسي من استدلال الشيعة بهذه الآية على الولاية دون نقاش حيث قال: (واستدل الشيعة بها على امامته كرم الله وجهة.... إلى قوله: وهذه نكتة سرية تعتبر في كل مكان بما يليق به).
                            ويسقط كل ما حاول الإجابة عليه من طريق أهل السنة كما سيأتي
                            خامساً: قوله: (وقد أجاب أهل السنة عن ذلك بوجوه الأول:...الخ).
                            والجواب عليه:
                            1- أن هذا الكلام من تقرير استدلال الشيعة والجواب عليه قد أخذه من عبد العزيز الدهلوي في التحفة الأثني عشرية وهو مذكور في مختصر التحفة الأثني عشرية لمحمود شكري الآلوسي عند كلامه حول الآية، وقد أجاب عليه علمائنا ومنهم السيد أمير محمد القزويني في كتابه الآلوسي والتشيع.
                            2- وأصل هذا الإشكال ورد عند القوشجي في شرح التجريد عندما أعترض على اختصاصها بعلي (ع) وقال بأنها ليست في حقه للجمع وللحصر وهم (أي شيعة) لا يقولون به، أي لا يقولون بحصر الولاية في علي (ع) فقط دون أولاده.
                            3- أن الشيعة يستدلون على ولاية علي (ع) من هذه الآية بهذا التقرير: أن الآية حصرت بظاهر اللفظ الولاية بالله سبحانه وتعالى وعطفت عليه الرسول والذين آمنوا، ولا بد من أن يكون الذين امنوا بعض المؤمنين لا كلهم، لوضوح أن الذين أمنوا غير الذين ذكروا بضمير (كم) المضاف في (وليكم) وإلا لأصبح كل مؤمن ولي نفسه ولبطل الحصر وكان المضاف هو المضاف إليه وهو مستحيل، وأن معنى الولاية غير معنى النصرة للحصر المذكور فأن ولاية النصرة شاملة لكل المؤمنين كما في قوله (( المُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ )).
                            وبعبارة أخرى: أن الله خاطب المؤمنين بأن وليكم ولا ولي غيره هو الله سبحانه وتعالى فدخل في المخاطبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم أخرجه بالعطف فثبتت له الولاية أيضاً ثم عطف الذين آمنوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فثبتت لهم الولاية كذلك ولا يمكن أن يكون الذين آمنوا نفس المخاطبين أولاً لما ذكرناه.
                            ثم انهم يقولون: أنه قد ثبت بالاجماع أن الصفة المذكورة للذين أمنوا وهي (( وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) قد وقعت بالفعل الخارجي من علي (ع) وحده لا سواه فثبت أن المراد من (الذين آمنوا) هو علي (ع) لا غيره بنص الروايات وفعل وحال النبي (ص) المنقول فيها، فانه خرج بعد نزول الآية يبحث عن هذا المتصدق في حال الركوع ولم يكن إلا علي (ع).
                            واعطاء حكم كلي والاخبار بمعرف جمعي بلفظ الجمع ولا يكون المصداق الخارجي إلا واحد، معروف في اللغة وهو ابلغ وأتم بياناً للمراد وهو معروف في آيات القرآن الكريم وعليه أكثر من شاهد.
                            وهم بهذا يستدلون على أن المراد بـ (الذين آمنوا) هو علي (ع) مما وقع في الخارج وليس من ظاهر لفظ الآية كما هو الظاهر من تقرير عبد العزيز الدهلوي والآلوسي لدليلهم، فلاحظ.
                            4- أن الآية جاءت بالأخبار عن واقع خارجي وليس بالإنشاء لحكم شرعي، فلا يدخل بها كل من تصدق وهو راكع بعد أن علم بالآية وكان علمه بها دافعه للتصدق وبعبارة أخرى كما يقول بعض علمائنا أنها جاءت على شكل قضية خارجية محددة الموضوع لا قضية حقيقة مقدرة الموضوع كما يذكرون في علم المنطق.
                            ومن هنا كان فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما خرج يبحث عن التصدق حال الركوع ليبينه للمسلمين وكما هو ظاهر أيضاً من الفعل المضارع (يؤتون) الدال على الوقوع في الحال. فتكون الآية دالة على ولاية علي (ع) وأولاده (عليهم السلام) بنحو الاختصاص لا التخصيص، فلاحظ.
                            5- أن الولاية الحقيقة هي لله سبحانه وتعالى فقط لأنه الحاكم والمالك الحق وهذا واضح، ولكن ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله) تكون بالطول والتبع والنيابة فكذلك ولاية الذين آمنوا، فان ولايتهم طولية لا عرضية، فولاية علي (ع) ثابتة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطول، أي أن له حق الطاعة من قبل المؤمنين ولكن لوجود رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو الأولى بالطاعة وأن كانت طاعة علي (ع) ثابتة أيضاً ويدل على ذلك قصة اصطفاء علي (ع) لجارية من سبي اليمن وشكاية بعضهم ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله) وجوابه بأنه له من الحق أكثر من ذلك.
                            6- ومن هنا نقول إذا كانت ولاية الأئمة (ع) من أولاد علي (ع) ثابتة بالطول وبالنيابة عن ولايته (ع) ومترتبة عليها في ذاتها وتأتي بعدها في الزمن فلا يضر الحصر فيها، وإنما يضر الحصر إذا كانت الولاية بالعرض وفي نفس وقت وزمن حياة الولي أو كانت على نحو الشركة أو المعارضة أو سابقة بالزمن كما يدعيه أهل السنة لخلفائهم.
                            فإن حصر الولاية إذا ثبت لأشخاص بالطول لا يمكن أن يدخل معهم غيرهم بالعرض وفي زمنهم بما هو ثابت من معنى الإمامة وما يثبته العقل الفطري لها من عدم جواز الشركة وتعدد الأئمة في وقت واحد.
                            فحصر الولاية بالله ورسوله وعلي (ع) يدفع أي احتمال لوجود إمام آخر يتخلل وقته بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (ع) لأنه منفي بالحصر، وهو أي الحصر يثبت ولاية علي (ع) بعد رسول الله بلا فصل كما يثبت عدم ولاية غيره معه.
                            7- ومن هنا يتضح أن الحصر لو كان حقيقياً فهو لا يضر بإمامة الأئمة (ع) لوجوه:
                            أ- ما ذكرناه من أن ولايتهم مترتبة طولاً.
                            ب- لوجود أدلة أخرى على امامتهم بعد أبيهم بالترتيب زمناً.
                            ج- لما تبين من أن الآية سيقت مساق الأخبار لا الشريع فهي تدل على ولايتهم بالاختصاص لا بالتخصيص.
                            د- أن لفظ الجمع عند ذلك يشملهم ولا يعارضه اختصاص أمير المؤمنين بالتصدق حال الركوع في وقته وثبوت ذلك الفعل الخارجي منه بالروايات، لان حصر واختصاص الولاية به عند ذلك يكون بما وقع خارجاً وما أشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا بما دل عليه اللفظ.
                            و ـ وجود الروايات عندنا بان الأئمة (ع) كلهم يتصدقون حال الركوع عندما يصلون إلى حد الإمامة.
                            وكذلك لا يضر لو كان الحصر أضافياً لوجوه:
                            أـ أنه حصر اضافي لما يحتمل أن يقع فيه الترديد بالإضافة إلى الثلاثة الذين تقدموا عليه.
                            ب ـ يصح الحصر عند ذلك في زمن حياة علي (ع) فقط كما ثبت من معنى الولاية عرفاً وعقلاً واستحالة عدم وجودها وتعددها على طول الزمان إلى يوم القيامة.
                            ج ـ وكذلك يصح الحصر في تلك الصفات (( يأتون الزكاة وهم راكعون )) في الحال والآن أو في زمن حياته لموقع الفعل المضارع يؤتون الدال على الحال.
                            د ـ بل لعل الحصر لابد أن يكون إضافياً أما لقصر الأفراد أو القلب أو التعيين لما هو مركوز في العقول من عدم خلو الأرض من إمام الى يوم القيامة وكذلك وجود أئمة سبقوا نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) من زمن آدم لم يتصدقوا حال الركوع.
                            ولكن الحصر سواء كان أضافياً أو حقيقياً فهو ينفي إمامة الثلاثة المتقدمين وهذا كاف في الاستدلال.
                            8- ان بعض علمائنا عندما يقولون أن الحصر أضافي يريدون به أنه حصر أضافي لمن كان في زمن حياة علي (ع) ومن يدعي أن له الولاية والإمامة مقابله بالعرض، لأن العامة يقولون أنه حصر إضافة لولايته في وقت من الأوقات لا على التعيين حتى يصدق على الوقت الذي تولى فيه خلافة المسلمين بعد عثمان، لأن هذا القول ينافي حصر الولاية في الآية بالله ورسوله ومن تصدق وهو راكع وهو علي (ع) وترتب هذه الولاية بالطول وهو واضح إذ سوف يدخل بالولاية من هو خارج الحصر، فلاحظ.
                            كما أن ولاية السبطين في حياته لا تعارض ولايته لما قلنا من أنا الولاية طولية كما أن ولايته (ع) لا تعارض ولاية رسول الله بل أن ولاية رسول الله لا تعارض ولاية الله.
                            9- أما أنه (ع) سوف يلزمه النقص حال ولاية الثلاثة فهو واضح لأن ولايتهم ستكون عرضية ومعارضة لولايته واما أن لا يلزمه النقص بولاية سبطيه فلأن ولايتهما طولية نابعة من ولايته ثم أن هذا المعنى غير خارج من الآية بل هو داخل في معنى الولاية وطوليتها لأن حصر الولاية بالثلاثة يفهم منه معارضة ولاية غيرهم معهم بالعرض ولا يعارض ولاية، من يتبعهم بالطول والنيابة ثم أن ولاية أولاده نابعة من ولايته فكيف يكون فيها نقص عليه وهل ولاية ولي العهد لأي ملك في زمن حياة الملك نقص عليه، ما هذا إلا توهم جاهل!!
                            سادساً: قوله الثاني: انا لا نسلم الإجماع على نزولها في الأمير.....)

                            تعليق


                            • تعليق


                              • السؤال: الدليل على كون الولاية بمعنى الإمامة
                                السلام عليكم
                                ما الدليل على أن الولاية المذكورة في آية الولاية بمعنى الإمامة وليست بمعنى النصرة؟
                                الجواب:
                                الأخ عبد الوكيل المحترم
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                لو كانت الولاية بمعنى النصرة لما صح حصرها بأداة الحصر (إنما) بعد الله ورسوله بالذين آمنو المتصفين بكونهم: (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55).
                                أي طائفة خاصة من المؤمنين، إذ الولاية بهذا المعنى تشمل جميع المؤمنين كما قال الله تعالى: (( وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ )) فعلمنا من قرينة حصر الولاية (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) بمعنى آخر غير النصرة، وإلا لم تكن فائدة م الحصر..
                                فظهر أن المقصود من الولاية في قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) من يكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما قال تعالى بحق النبي (صلى لله عليه وآله ): (( النَّبِيُّ أَولَى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم )) (الأحزاب:6).
                                أي أحق بتدبيرهم وتصريفهم وأن طاعته عليهم واجبة ، فإذا ثبت ذلك لغير النبي كعلي (عليه السلام) وهو الذي أتى بالزكاة راكعاً باتفاق جميع المسلمين، فلابد أن يكون هو الولي الأولى بالمؤمنين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ) . وليست ولايته سوى الإمامة، لأن الإمامة هي الرئاسة العامة في أمور الدين والدينا، وذلك هو مفاد كون الولي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فتأمل .
                                ودمتم في رعاية الله

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:34 PM
                                استجابة 1
                                102 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
                                استجابة 1
                                73 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 04-10-2023, 10:03 AM
                                ردود 2
                                156 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 29-06-2022, 06:45 AM
                                استجابة 1
                                111 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 04-08-2021, 02:31 AM
                                استجابة 1
                                84 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                يعمل...
                                X