إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــامـــــــــــــــــة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في هذه الحادثة الخطيرة حقائق مهمة وكبيرة:


    الأولى:

    أنهم جاؤوا الى النبي صلى الله عليه وآله الى المدينة.. وهذا يعني أنهم بعد فتح مكة وخضوعهم وإعلانهم الإسلام تحت السيف، وعتق النبي صلى الله عليه وآله لرقابهم، وما فعلوه في حرب حنين.. جاؤوا الى (محمد) في عاصمته يطالبونه بالإعتراف العملي باستقلالهم السياسي.. وهي وقاحةٌ ما فوقها وقاحة! !

    صلى الله عليه وآله وقالوا له صلى الله عليه وآله (يا محمد) كما رأيت في صحيح الحاكم على شرط مسلم! وكما في سنن أبي داود: 1|611 ولكن رواية الترمذي جعلتها (يارسول الله)!

    وقد مر مايدل على أن الحادثة كانت في المدينة ففي مسند أحمد: 3|82

    عن أبي سعيد الخدري قال: كنا جلوساً ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، قال: فقمنا معه فانقطعت نعله، فتخلف عليها علي يخصفها، فمضى رسول صلى الله عليه وسلم ثمتَ ومضينا معه، ثم قام ينتظره وقمنا معه، فقال: إن منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله! ! فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر فقال: لا، ولكنه خاصف النعل! قال فجئنا نبشره قال: وكأنه قد سمعه. انتهى. وقال عنه في مجمع الزوائد: 9|133 (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة، وهو ثقة). انتهى.


    الثانية:

    أنهم اعتبروا أن فتح مكة (ودخولهم) في الإسلام لا يعني خضوعهم للنبي صلى الله عليه وآله وذوبانهم في الأمة الإسلامية، بل هو تحالف مع النبي صلى الله عليه وآله ضد أعداء دولته من القبائل التي لم تدخل تحت سيطرتها، والى حد ما ضد الروم والفرس. فهو تحالف الند للند، وإن كان تم بفتح مكة بقوة السيف! !

    وقد عملوا بزعمهم بهذا التحالف، فحاربوا معه صلى الله عليه وآله في حنين، فعليه الآن أن يعترف بكيانهم القرشي المستقل! وقد اختاروا أول مطلب لهم أو علامة على ذلك: أن يعيد هؤلاء الفارين اليه من أبنائهم وعبيدهم! يعيدهم من دولته الى دولتهم! !






    الثالثة:

    أن القرشيين الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وآله ـ ماعدا بني هاشم ـ وافقوهم على ذلك! فهذا أبو بكر بن أبي قحافة التيمي، وعمر بن الخطاب العدوي يؤيدان مطلب قريش مئة بالمئة! !

    وتتفاوت الروايات هنا في التصريح في موافقة أبي بكر وعمر على مطلب قريش فبعضها كما رأيت في رواية الحاكم الصحيحة ينص على أن أبا بكر قال (صدقوا يا رسول الله!) وقال عمر مثل قوله: صدقوا يارسول الله ردهم اليهم! !

    وبعضها لا تذكر تصديقهما لمطلب قريش وشهادتهما بأنه حق، بل تقتصر على سؤالهما إن كانا هما الذين سيبعثهما الله ورسوله لتأديب قريش! كما في رواية الترمذي المتقدمة، وكما في مستدرك الحاكم: 3|122، وكما في مجمع الزوائد: 9|134 و: 5|186، وقال (رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح).

    وقد غير بعض الرواة القرشيين (الأذكياء) اسم الشيخين الى (ناس) رسول الله صلى الله عليه وسلم!! وكذا في كنز العمال: 10|473 وقال الهندي عن مصادره: أبو داود وابن جرير وصححه، ق ض).

    وبعضهم حذفوا اسم أبي بكر وعمر كلياً من الحادثة! كما رأيت في سنن أبي داود، وكما في كنز العمال: 11|613، حيث رواه بعدة روايات عن أحمد، وعن مصادر متعددة، وليس فيه ذكر لأبي بكر وعمر!


    الرابعة:

    يتساءل الباحث ما هي العلاقة التي كانت تربط أبا بكر وعمر بسهيل بن عمرو، ولماذا أيدا مطلب قريش المفضوح؟!

    ويتساءل: مادام النبي صلى الله عليه وآله فهم خطة القرشيين وغضب ورفض مطلبهم وهددهم بالحرب ثانية، بل وعدهم بها.. فلماذا استشار أبا بكر وعمر في الموضوع؟!

    على أي حال، إن أقل ما تدل عليه النصوص: أن زعامة قريش كانت متمثلةً في ذلك الوقت بهؤلاء الأربعة، الذين جمعتهم هذه الحادثة وهم:




    رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وآله.

    وسهيل بن عمرو العامري، زعيم المشركين بالأمس وزعيم قريش اليوم.

    وأبو بكر التيمي وعمر العدوي، الممثلان لقبيلتين صغيرتين لا وزن لهما في قريش، ولكن لشخصيتيهما وزناً مهماً لصحبتهما للنبي صلى الله عليه وآله وقد أيدا مطلب سهيل!

    ولا بد للباحث أن يفترض علاقةً واتفاقاً مسبقاً بين وفد قريش وبين الشيخين، بل يفهم من بعض الروايات أن سهيلاً ووفد قريش نزلوا في المدينة في ضيافة عمر، ثم جاء وأبو بكر معهم الى النبي صلى الله عليه وآله لمساعدتهم على مطلبهم.


    الخامسة:

    تضمن الموقف النبوي من الحادثة أربعة عناصر:

    الأول، الغضب النبوي من تفكير قريش الكافر ووقاحتها، وقد ذكرته الروايات ولم تصفه بالتفصيل.

    الثاني، يأس النبي صلى الله عليه وآله من أن تصلح قريش ويحسن إسلامها، بل يأسه من أن تترك قريش تعقيد بني عمها إسحاق وفرعنتهم، وتخضع للحق، إلا بقوة السيف!!

    ففي عدد من روايات الحادثة كما في الحاكم: 2|125 (فقال: ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا) أي على الإسلام! وكذا رواه أبو داود : 1|611، والبيهقي في سننه: 9|229، وكنز العمال: 10|473! وهو تصريح بأنهم لم يسلموا ، ولن يسلموا إلا تحت السيف!!

    الثالث، تهديدهم بسيف الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام الذي ترتعد منه فرائصهم، لأنهم ذاقوا منه الأمرين، فقد قتل مجموع المسلمين في حروبهم مع قريش نصف أبطالها، وقتل علي وحده نصفهم أو أكثر!

    ونلاحظ هنا أن النبي صلى الله عليه وآله كنَّى عن ذلك الشخص الذي سيبعثه الله على قريش فيضرب أعناقهم على الدين، بأنه أنا أو رجل مني (مجمع الزوائد: 9|133) ثم سماه عندما سأله أبو بكر وعمر عنه فقال (أنا أو خاصف النعل ـ كنز العمال: 7|326 وغرضه من التكنية ثم التسمية، أن لا تتصور قريش أن المسألة بعيدة فتطمع في مشروعها!


    بل ينبغي أن تحتمل أن الأمر قد يصدر غداً الى علي بغزو مكة وقتل فراعنة قريش!

    وغرضه صلى الله عليه وآله من تعبير (مني) أن يبين مكانة علي عليه السلام، وأن تعلم قريش أنه مؤمنٌ وأنه هاشمي من ذلك الفرع الذي ما زالت تحسده، وتموت منه غيضاً! !

    فلو أنه صلى الله عليه وآله قال لهم: إن علياً سيقاتل قريشاً على تأويل القرآن بعد ربع قرن، كما قاتلتها أنا على تنزيله بالأمس، لطمعت قريش وقالت: إذن عندنا فرصة ربع قرن من الزمان، ولكل حادثٍ حديث!

    بل روى في مجمع الزوائد حديثاً قال عنه: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح: أن علياً عليه السلام كان يعلن في زمان النبي صلى الله عليه وآله تهديده لقريش، ولكل من يفكر بالردة، بأنه سوف يقاتلهم الى آخر نفس، وهو عملٌ وقائي بتوجيه النبي صلى الله عليه وآله لمنع قريش أن تفكر بالردة! قال في مجمع الزوائد: 9|134

    وعن ابن عباس أن علياً كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقول: أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله تعالى. والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت. لا والله.. إني لأخوه، ووليه، وابن عمه، ووارثه، فمن أحق به مني ؟!

    ـ وروى في نفس المكان حديثاً آخر ينص على أن النبي صلى الله عليه وآله هدد قريشاً بعلي عليه السلام بعد فتح مكة مباشرةً، قال: وعن عبد الرحمن بن عوف قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة انصرف الى الطائف فحاصرها سبع عشرة أو ثمان عشرة لم يفتتحها، ثم أوغل روحةً أو غدوةً، ثم نزل ثم هجَّرَ فقال:

    يا أيها الناس إني فرطٌ لكم وأوصيكم بعترتى خيراً، وإن موعدكم الحوض. والذي نفسي بيده ليقيموا الصلاة، وليؤتوا الزكاة، أو لأبعثن اليهم رجلاً مني، أو لنفسي، فليضربن أعناق مقاتليهم، وليسبين ذراريهم.

    قال فرأى الناس أنه أبو بكر أو عمر، وأخذ بيد علي فقال: هذا هو. رواه أبو يعلى وفيه طلحة بن جبر، وثقه ابن معين في رواية، وضعفه الجوزجاني، وبقية رجاله ثقات.






    الرابع:

    أن النبي صلى الله عليه وآله حكم بكفر أصحاب هذا الطلب، ولعمري إن مجرد طلبهم كافٍ لإثبات ذلك. ويؤكده الغضب النبوي وقوله صلى الله عليه وآله (ما أراكم تنتهون يا معشر قريش) وقوله بأن الله سيبعث عليهم رجلاً يضرب أعناقهم على الدين، مما يدل على أنهم ليسوا عليه. بل لا يسكتون عنه إلا تحت السيف! !

    ولكن الفقهاء يريدون دليلاً أكثر لمساً، وقد أعطاهم إياه النبي صلى الله عليه وآله فأبى أن يرد عليهم عبيدهم المملوكين، وأخبرهم أنه أعتقهم فصاروا عتقاء الله تعالى!

    فلو كان هؤلاء الطلقاء مسلمين، وكانت ملكيتهم محترمة، فكيف يجوز للنبي صلى الله عليه وآله أن يعتدي على ملكيتهم، وهو أتقى الأتقياء، وهو القائل: لايحل مال امرىَ مسلم إلا بطيب نفسه.. والقائل: إن أموالكم ودماءكم عليكم حرام.. الخ.


    أثر هذه الحادثة على قريش

    الظاهر أن هذه الحادثة كانت آخر محاولات قريش لانتزاع اعتراف النبي صلى الله عليه وآله باستقلالها السياسي، ولو بصيغة التحالف معه صلى الله عليه وآله، أو بصيغة الحكم الذاتي تحت لواء دولته! فهل سكتت قريش بعد هذه الحادثة؟

    الذين يقرؤون التاريخ المكتوب بحبر الخلافة القرشية، والإسلام المفصل بمقصات رواتها.. يقولون: من المؤكد أن قريشاً تابت بعد هذه الحادثة، وأسلم زعماؤها وأتباعهم وحسن إسلامهم، وتصدقوا وأعتقوا وحجوا، وأكثروا من الصوم والحج والصلاة!

    ولكن النبي صلى الله عليه وآله قال (ما أراكم تنتهون يا معشر قريش)! ! وطبيعة قريش، وطينة زعامتها تؤكد أنهم واصلوا العمل على كل الجبهات الممكنة! !

    نعم.. لقد رأت قريش أن حديدة النبي صلى الله عليه وآله حامية، وأن التفكير بالإستقلال السياسي عنه صلى الله عليه وآله تفكيرٌ خاطىَ، وأن محمداً لا يقعقع له بالشنان، فهو من علياء هاشم وذروة شجعانها، ومعه ابن عمه قَتَّال قريشٍ ومجندل أبطالها، ومعه الأوس والخزرج، الذين تجرؤوا لأول مرة في تاريخهم على حرب قريش..




    لقد تراجع عند قريش منطق الإستقلال السياسي عن محمد صلى الله عليه وآله، وتأكد عندها المنطق القائل إن دولة محمد شملت كل المنطقة، وهي تتحفز لمقارعة الروم والفرس، وقد وعد محمد المسلمين بذلك وتطلعوا اليه.. فلا معنى لأن تطالبه قريش بحكم مكة ومن أطاعها من قبائل العرب!

    إنه لا بد من التأقلم مع الوضع الجديد، والعمل الجاد بالسياسة وبالعنف المنظم، لكي ترث قريش كل دولة محمد! صلى الله عليه وآله

    فمحمد من قريش، وقريش أولى بسلطان ابنها، ولا كلام للأنصار اليمانية، ولا لغيرهم من القبائل.

    أما مسألة بني هاشم الذين يسميهم محمد صلى الله عليه وآله العترة والقربى، وتنزل عليه فيهم آيات القرآن، ويصدر فيهم الأحاديث، ويجعل لهم خمس ميزانية الدولة.. فلا بد من معالجة أمرهم بأي طريقة ممكنة!

    نعم.. هذا ما وصلت اليه قريش التي أعتقها النبي صلى الله عليه وآله من القتل والرق!

    وهذا ماجازته به في حياته صلى الله عليه وآله !

    وقد ساعدها عليه من ساعدها من أصحابه! !

    تعليق


    • آية المودة "سؤال وجواب " مركز الابحاث العقائدية



      آية المودّة :

      ( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )
      ثابتة في حقّ أهل البيت :
      السؤال: يقول البعض : بأنّ الأحاديث الواردة في آية المودّة على أنّها في آل بيت محمّد (صلى الله عليه وآله) كلّها موضوعة ، والسبب أنّ آية المودّة في سورة الشورى وهي مكّية ، وأنّ الإمام علي وفاطمة (عليهما السلام) قد تزوّجا بعد وقعة بدر ، أي كانوا في المدينة ، فما هو ردّكم عليه ؟ ولكم جزيل الشكر .
      الجواب : لاشكّ ولا شبهة في ورود الأخبار المأثورة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) على أنّ آية المودّة نازلة في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) بشهادة المصادر المتواترة (1) .
      وأمّا وجودها في سورة مكّية فلا يضرّ بالمعنى وكم له نظير من ورود آيات مكّية في سور مدنية وبالعكس بعدما ثبت عند الكثير من العلماء والمفسّرين أنّ هذه الآية مع ثلاث آيات بعدها قد نزلت في المدينة المنوّرة (2) .
      فتحصّل أنّ نسبة الوضع لهذه الأحاديث ممّا لا ينبغي فرضها ، فضلاً عن صدورها عن أحد .

      ____________

      1- أُنظر : الدرّ المنثور 6 / 7 ، شواهد التنزيل 2 / 189 ، الصواعق المحرقة 2 / 489 ، تفسير الكبير 9 / 595 ، مجمع الزوائد 7 / 103 ، ذخائر العقبى : 25 ، ينابيع المودّة 3 / 137 ، وغيرها من المصادر .
      2- أُنظر : روح المعاني 13 / 11 ، الجامع لأحكام القرآن 16 / 1 .
      الصفحة 70
      **********

      تعليق


      • ( عبد الله . الكويت . 28 سنة .خرّيج ثانوية )
        تدلّ على مودّة أهل البيت :
        السؤال: ليس المقصود من القربى في آية المودّة هم : علي وفاطمة وابناهما ، وإنّما المقصود منها التودّد إلى الله تعالى بالطاعة والتقرّب ، أي : لا أسألكم عليه أجراً إلاّ أن تودّوه وتحبّوه تعالى بالتقرّب إليه .
        الجواب : إنّ مستند هذا القول هو رواية منسوبة إلى ابن عباس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " قل لا أسألكم عليه أجراً على ما جئتكم به من البينات والهدى ، إلاّ أن تتقرّبوا إلى الله بطاعته " (1) .
        ويرد على هذا القول عدّة أُمور منها :
        1-إنّ الرواية التي يستند إليها ضعيفة السند ، كما صرّح بذلك ابن حجر العسقلاني في " فتح الباري " (2) .
        2-لم يرد في لغة العرب استعمال لفظ القربى بمعنى التقرّب .
        3-إنّ التقرّب إلى الله تعالى هو محتوى ومضمون الرسالة نفسها ، فكيف يطلب النبيّ (صلى الله عليه وآله) التقرّب إلى الله تعالى ، لأجل التقرّب إلى الله تعالى ، وهذا أمر لا يعقل ولا يرتضيه الذوق السليم ، لأنّه يؤدّي إلى أن يكون الأجر والمأجور عليه واحد .
        هذا وقد تكاثرت الروايات من طرق الفريقين على وجوب موالاة أهل البيت (عليهم السلام) ومحبّتهم ، ونزول آية المودّة فيهم (عليهم السلام) .
        **********

        تعليق


        • ( محمّد قاسم . لبنان )

          ____________

          1- أُنظر : فتح الباري 8 / 434 .
          2- نفس المصدر السابق .
          الصفحة 71
          حكمة طلب الأجر للقربى فيها :
          السؤال: يقال في آية المودّة : إنّه لا يناسب النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يطلب أجراً على الرسالة في مودّة قرباه ، فما هو الردّ ؟ وشكراً لكم .
          الجواب : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) عندما يطلب المودّة لأقربائه ، ويجعلها أجراً على رسالته لا يعني بذلك جميع أقربائه ، لأنّ ذلك ينافي صريح القرآن ، إذ كيف يطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) مودّة من لعنه الله في كتابه كأبي لهب وإنّما يطلب المودّة لجماعة خاصّة ، وأفراد معيّنين من أقربائه ، والذين بهم يتمّ حفظ الرسالة الإسلامية ، والنبوّة المحمّدية ، ومنهم يؤخذ الدين الصحيح ، وبهم النجاة من الاختلاف والانحراف ، وهم الأئمّة المعصومون (عليهم السلام) من أهل البيت .
          ثمّ إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) عندما يطلب الأجر ، فهو بالحقيقة عائد إلى المسلمين لا إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ولا إلى أهل بيته (عليهم السلام) ، لأنّهم لم يكونوا بحاجة إلى هذه المودّة بالقدر الذي يفيد سائر الأُمّة في الحفاظ على مبادئ الدين ، وكتاب الله المبين، وسيرة سيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله) .
          ( ... البحرين ... )
          كيف تدلّ على الإمامة :
          السؤال: هناك موضوع يختلج في ذهني وهو : إنّ آية المودّة في القربى كيف تدلّ على الإمامة ؟
          وبعبارة أُخرى : علمنا من الآية بأنّ مودّة ومحبّة ذوي القربى وهم أهل البيت (عليهم السلام) فرض وواجب كبقية الواجبات ، ولكن من أين لنا أن نستنتج بأنّهم أئمّة وقادة ؟ فإنّ المحبّة قد لا تستلزم وجوب الطاعة لهم ؟
          الجواب : إنّ الروايات قد بيّنت أنّ المودّة ليست واجبة لجميع قرابة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فعن ابن عباس قال: لمّا نزلت : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (1)

          ____________

          1- الشورى : 23 .
          الصفحة 72
          قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودّتهم ؟ قال : " علي وفاطمة وابناهما " (1) .
          وفي رواية أُخرى عن ابن عباس أيضاً قال : " علي وفاطمة وولدهما " .
          فالآية مع ضميمة الروايات المفسّرة لها أوجبت مودّة هؤلاء علي وفاطمة وولدهما (عليهم السلام) وحيث إنّ هذا التوادّ على نحو الإطلاق من غير تحديد بوقت أو صفة فلابدّ أن يكون المؤمن دائماً موادّاً لأهل البيت (عليهم السلام) .
          والمودّة المطلقة تستلزم وجوب الاتباع والاقتداء وإلاّ لم يكن لها معنىً ، لأنّه لو انفكت الموادّة في مورد واحد لكان ذلك خلاف ما تقدّم من الوجوب مطلقاً ، وهذا يستلزم الاتباع والاقتداء .
          ************

          تعليق


          • ( موسى ... ... )
            هي مسألة عقائدية :
            السؤال: كيف تحكمون بأنّ المستفاد من آية المودّة أنّها لتحكيم أمر العقيدة ، وترسيخ الدين ، والحال أنّ الظاهر من الآية هي مجرد إظهار الودّ والمحبّة ؟
            الجواب : مضافاً إلى وجود دليل عقلي في المقام ، وهو أنّ التخصيص الثابت استناداً إلى الأخبار الصحيحة والمتواترة بحقّ أهل البيت (عليهم السلام) في هذا الموضوع ، يدلّ بكلّ وضوح على أنّ هناك سبب خاصّ ، وهو تعظيم أمر الدين وتركيز قواعده، وإلاّ فلا دليل لاختصاص المودّة لقرابة دون قرابة .
            مضافاً إلى هذا كلّه ، يمكننا معرفة الجواب من القرآن الكريم ، فقد وردت عدّة آيات تصرّح بأنّ الأجر المطلوب للنبيّ (صلى الله عليه وآله) هو استمرارية وبقاء الدين (2) .

            ____________

            1- ذخائر العقبى : 25 ، مجمع الزوائد 7 / 103 ، المعجم الكبير 11 / 351 ، شواهد التنزيل 2 / 191 و 194 ، الدرّ المنثور 6 / 7 ، ينابيع المودّة 2 / 325 و 453 و 3 / 137 .
            2- يوسف : 104 ، الفرقان : 57 ، سبأ : 47 ، ص : 86 ، الأنعام : 90 .
            الصفحة 73
            ثمّ بمقارنة هذه الآيات بآية المودّة نعرف بأنّ المودّة المفروضة والمطلوبة هي في الواقع لضمان حياة هذا الدين ، وصونه عن الانحراف والضياع ، وبهذا نستنتج بأنّ المودّة المذكورة هي مسألة العقيدة لا غير .

            ***********

            تعليق


            • ( عبد الله . باكستان . 30 سنة )
              الاستثناء فيها منقطع لا متّصل :
              السؤال: قال ابن منظور في باب " ودد " : " لأنّ المودّة في القربى ليست بأجر "(1)، بناء على أنّ الاستثناء هنا منقطع ، فما هو الجواب ؟
              الجواب : لفهم الجواب نشير إلى عدّة نقاط :
              1-ينبغي تقديم مقدّمة عن ظهور الاستثناء ودلالاته عند استعماله فنقول : قال العلاّمة التستري : " الظاهر أنّ دعوى الاختلاف اختلاق من الناصب الذي ليس له خلاق ، لما تقرّر عند المحقّقين من أهل العربية والأُصول : أنّ الاستثناء المنقطع مجاز واقع على خلاف الأصل ، وأنّه لا يحمل على المنقطع إلاّ لتعذّر المتّصل ، بل ربّما عدلوا عن ظاهر اللفظ الذي هو المتبادر إلى الذهن مخالفين له لفرض الحمل على المتّصل الذي هو الظاهر من الاستثناء ، كما صرّح به الشارح العضدي حيث قال : واعلم أنّ الحقّ أنّ المتّصل أظهر ، فلا يكون مشتركاً لفظاً ولا للمشترك معنى بل حقيقة فيه ومجاز في المنقطع ، ولذلك لم يحمله علماء الأمصار على المنفصل إلاّ عند تعذّر المتّصل ، حتّى عدلوا للحمل على المتّصل عن الظاهر وخالفوه ... فيرتكبون الإضمار وهو خلاف الظاهر ليصير متّصلاً ، ولو كان في المنقطع ظاهراً لم يرتكبوا مخالفة

              تعليق


              • 1- لسان العرب 3 / 454 .
                الصفحة 74
                ظاهرٍ حذراً عنه " (1) .
                ثمّ قال السيّد المرعشي النجفي معلّقاً : " إنّ المستثنى إن لم يكن داخلاً في المذكور كان استثناؤه عنه لغواً غير صالح لأن يذكر في كلام العقلاء ، فالمستثنى عند انقطاع الاستثناء أيضاً داخل في المذكور بنحو من الدخول ، وليس الاستثناء إلاّ إخراج ما لولاه لدخل ، ومعلوم أنّ الإخراج فرع الدخول بالضرورة العقلية ، والبداهة الأوّلية ... والذي هو الفارق بين المتّصل والمنقطع من الاستثناء بعد اشتراكهما في دخول المستثنى في المستثنى منه ، دخوله فيه على نحو الحقيقة في المتّصل ، وبنحو من أنحاء الدخول غير الدخول على نحو الحقيقة في المنقطع .
                فتحصّل : أنّ مصحّح الاستثناء دخول المستثنى في المستثنى منه بنحوٍ من الدخول ، وإلاّ فلا يسوغ في قانون المحاورات العرفية استثناؤه عنه ، فلابدّ لمن يريد فهم مفاد الآية الكريمة : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (2) بحسب المحاورات العرفية أن يحاول التفهّم والتفحّص عن مصحّح استثناء المودّة في القربى عن أجر الرسالة (3) .
                فتبيّن ممّا قدّمنا :
                أ إنّ الأصل في الاستثناء هو الحمل على المتّصل مهما أمكن ، ولو بارتكاب مخالفة ظاهر أو ما شابه ، وإلاّ فإنّه منقطع .
                ب وعلى التسليم بأنّ الاستثناء هنا منقطع يتمّ به المطلوب أيضاً ، حيث إنّ الاستثناء لا يصحّ إلاّ لوجود علاقة بين المستثنى والمستثنى منه ولو بنحو من الدخول ، كأن يكون من توابعه ، أو من شأنه وليس داخلاً حقيقة كما سنوضّحه لاحقاً .

                ____________

                1- إحقاق الحقّ 3 / 21 .
                2- الشورى : 23 .
                3- إحقاق الحقّ 3 / 20 .
                الصفحة 75
                2-لننقل الكلام الآن في البحث عن سبب صرفهم الآية عن ظاهرها ، والاستثناء عن ظاهره أيضاً ، وهو كونه متّصلاً وجعله منقطعاً فنقول : إنّهم فعلوا ذلك للأسباب التالية :
                أ لقولهم : بأنّ المودّة ليست بأجر ، لأنّها ليست أجراً دنيوياً مادّياً ، فلا يصحّ إدخالها في جملة الأجور التي تقدّم مقابل أيّ شيء ، لاسيّما تبليغ الرسالة .
                ب عدم جواز سؤال النبيّ (صلى الله عليه وآله) الناس أن يكافؤوه ويشكروه ، وينتظر منهم الأجر على ما قدّمه لهم من نصح وهداية ، وتبليغ رسالة ربّه لهم ، لأنّ ذلك ينافي الإخلاص ، وانتظار الأجر والثواب من الله تعالى .
                ج مخالفة هذه الآية لآيات أُخَر كثيرة تذكر حوار الأنبياء والرسل ، وكذلك نبيّنا (صلى الله عليه وآله) نفسه مع قومه، كما حكى سبحانه عنهم : { وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ } (1)، وقوله : { وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ } (2)، وقوله : { يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } (3)، وقوله : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } (4) وغيرها من الآيات ، فهذه أهمّ ما يمكن أن يتسبّب في قولهم بالاستثناء المنقطع .
                وللجواب عن هذه الأُمور نقول :
                أ يجوز أن تكون المودّة والمحبّة لأهل البيت (عليهم السلام) أجراً للنبيّ(صلى الله عليه وآله) لعدّة أسباب :
                1-كونه ظاهر الآية ، وكذلك كونه ظاهر الاستثناء ، كما بيّنا في المقدّمة ، من وجوب البناء على كونه متّصلاً ، إلاّ إذا استحال ذلك ، وعلى أقلّ تقدير

                ____________

                1- الشعراء : 108 .
                2- هود : 29 .
                3- هود : 51 .
                4- الأنعام : 90 .
                الصفحة 76
                كون المتّصل أظهر من المنقطع ، أو أنّه حقيقة والمنقطع مجاز ، فما شئت فعبّر ، فظاهر القرآن جعل المودّة أجراً .
                2-كون الأجر غير محصور بالأجر المادّي ، وإنّما يشمل المعنوي أيضاً ، لأنّه عمل اختياري ذو قيمة محترمة ، ومعتدّ بها شرعاً وعقلاً وعرفاً ، فتدخل المودّة في مصاديق عنوان الأجر .
                فالمحبّة لله ولرسوله ولأهل البيت وللمؤمنين عموماً ثابتة ، ومأمور بها شرعاً، كقوله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } (1)، وقوله : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (2)، فبيّن سبحانه وتعالى في هذه الآية: بأنّ محبّتنا لله وللرسول لها أجر، هو مبادلتنا الحبّ مع غفران الذنوب ، وهذا يدلّ على قيمة هذا العمل واحترامه والأمر به .
                3-كون الروايات ، والكثير من المتقدّمين والمتأخّرين ينصّون عند تفسير آية المودّة على جعل المودّة أجراً بصراحة ووضوح ، وهذا يدلّ على صحّة كون المودّة أجراً .
                4-كون المودّة والمحبّة أنسب أجرٍ يقدّمه المهتدي لهاديه ، مع نفعه العظيم لنفس المكلّف ، فإنّ المحبّة تستلزم الاتباع المطلق والولاية المطلقة ، ومحبّة أولياء الله الكاملين ، وتستلزم أيضاً محبّة الطرف الثاني له ، والشفاعة له والحشر معه ، فمن أحبّ قوماً حشر معهم .
                5-كون المحبّة والمودّة لأهل البيت (عليهم السلام) عمل يستطيع كلّ مكلّف فعله ، لقدرة الجميع عليها ، فيناسب جعلها أجراً لعدم اختصاصها بشخص دون شخص ، وبلا فرق بين صغير وكبير ، رجل وامرأة ، صحيح ومريض ،

                ____________

                1- التوبة : 71 .
                2- آل عمران : 31 .
                الصفحة 77
                مطيع وعاصٍ ، غني وفقير ، وبلا استثناء أو تخلّف ، فتبيّن : أنّ توهّمهم بأنّ المودّة لا تكون أجراً واضح البطلان .
                ب قد يجاب عن هذه النقطة ، وهذا الإشكال بأُمور منها :
                1-إنّ طلب الجزاء والشكر من قبل المحسن ، من الذين أحسن إليهم ليس مستحيلاً ولا معيباً ، بل هو أمر وارد وعقلائي وعرفي ، بل وقرآني ، فقد حكى القرآن الكريم ذلك عن الله تعالى ، إذ قال : { إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } (1) ، وقوله تعالى : { لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } (2) ، وراجع الآيات التالية أيضاً : يونس : 60 ، ويوسف : 28 ، وإبراهيم : 37 ، والنمل : 73 ، وياسين : 25 73، وغافر : 61 .
                وكذلك ما يؤخذ من أجور ، مثل الطبيب والخليفة والقاضي ، ومعلّم القرآن وغيرها من الأعمال القريبة والتعبّدية ، ولا ينافي أخذهم الأجر الدنيوي لمعاشهم، مع طلبهم الثواب منه سبحانه .
                2-قد ثبت طلب النبيّ (صلى الله عليه وآله) لبعض الأُمور والمنافع له كما هو الحال هنا ولم ينكره أحد ، كطلبه من أُمّته الصلاة والسلام عليه ، وكذلك لمن يسمع الأذان ، أو يؤذّن أو يقيم أن يسأل له (صلى الله عليه وآله) الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود ، وكذلك طلب من الناس محبّته ومحبّة أهل بيته ، وعدم أذيته أو أحد من أهل بيته في كثير من الأحاديث المستفيضة ، فهذا كهذا سيّان .
                3-في هذا الطلب بيان من النبيّ (صلى الله عليه وآله) على أهمّية أهل بيته (عليهم السلام) ، والاهتمام بهم ومحبّتهم والإحسان إليهم ، وأنّ ذلك يريحه ويفرحه ، ويكون وفاءً حقيقياً له ، وشكرهم وامتنانهم لهذا البيت الطاهر على ما قدّمه وضحّى وصبر من أجلهم .

                ____________

                1- البقرة : 243 .
                2- الفتح : 9 .
                الصفحة 78
                4-إنّ كون طلب الأجر هنا لا ينافي الإخلاص ، لأنّه جاء بأمر من الله تعالى، فإنّه أمر نبيّه (صلى الله عليه وآله) أن يطلب الأجر على الرسالة بمودّة أهل بيته .
                ج أمّا ادعاء التعارض بين ظاهر هذه الآية والآيات الكريمة الأُخرى التي تنفي سؤال الأنبياء والرسل الأجر من الناس على أداء وتبليغ رسالة ربّهم ودينهم ، فنقول : يمكن تصنيف الآيات الواردة في موضوع الأجر إلى أربعة أصناف ، وهي :
                الأوّل : أمره سبحانه بأن يخاطبهم بأنّه لا يطلب منهم أجراً ، قال سبحانه : { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } (1) .
                الثاني : ما يشعر بأنّه طلب منهم أجراً يرجع نفعه إليهم دون النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فيقول سبحانه : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ }(2) .
                الثالث : ما يعرف أجره بقوله : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً } (3) ، فكان اتخاذ السبيل إلى الله هو أجر الرسالة .
                الرابع : ما يجعل مودّة القربى أجراً للرسالة ، فيقول : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (4) .
                فتبيّن من مجموع هذه الآيات : بأنّه هناك أجر دنيوي وأُخروي ، وما تجمع على نفيه جميع هذه الآيات هو الأجر الدنيوي ، فيبقى الأجر الأُخروي ، فنستطيع فهمه على الاتصال كما يلي :
                إنّ الأجر المطلوب من الناس للنبيّ (صلى الله عليه وآله) مطلوب من أُناس يريدون أن يتقرّبوا إلى الله تعالى ، ويتّخذوا له سبيلاً ، فبهذه المودّة يثبت لهم ما يريدون ، وكذلك فإنّه بالتالي يكون التزامهم بالمودّة وإرادتهم سبيل الله تعالى ، يكون نفعه عائد

                ____________

                1- الأنعام : 90 .
                2- سبأ : 47 .
                3- الفرقان : 57 .
                4- الشورى : 23
                الصفحة 79
                إليهم أوّلاً ، ومن ثمّ يعود أجره وثوابه للنبيّ (صلى الله عليه وآله)، لأنّ الدالّ على الخير كفاعله، فهو السبب والدليل لجميع القربات ، فيرجع الأجر بالتالي له (صلى الله عليه وآله) أيضاً ، وبالتالي نستطيع إثبات أنّ المودّة أجر دون أيّ مانع ، أو تصادم أو تعارض .
                وكلّ ذلك على القول بأنّ الاستثناء هنا متّصل ، وأمّا على القول بالانقطاع ، فثبوت ذلك أسهل وأوضح دون أيّ مشكلة ، بل أكثر علمائنا أكّدوا على وجوب كون الاستثناء هنا منقطعاً ، لأنّه بذلك يثبت المدّعى بسهولة ويسر ووضوح ، فنقول لبيان ذلك :
                قال الشيخ السبحاني : " إنّ مودّة ذي القربى وإن تجلّت بصورة الأجر ، حيث استثنيت من نفي الأجر لكنّه أجر صوري ، وليس أجراً واقعياً ، فالأجر الواقعي عبارة عمّا إذا عاد نفعه إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ولكنّه في المقام يرجع إلى المحبّ قبل رجوعه إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وذلك لأنّ مودّة ذي القربى تجرّ المحبّ إلى أن ينهج سبيلهم في الحياة ، ويجعلهم أسوة في دينه ودنياه ، ومن الواضح أنّ المحبّ بهذا المعنى ينتهي لصالح المحبّ ... .
                إنّ طلب المودّة من الناس أشبه بقول طبيب لمريضه بعدما فحصه وكتب له وصفة : لا أُريد منك أجراً إلاّ العمل بهذه الوصفة ، فإنّ عمل المريض بوصفة الطبيب وإن خرجت بهذه العبارة بصورة الأجر ، ولكنّه ليس أجراً واقعياً يعود نفعه إلى الطبيب ، بل يعود نفعه إلى نفس المريض الذي طلب منه الأجر .
                وعلى ذلك فلابدّ من حمل الاستثناء على الاستثناء المنقطع ، فكأنّ يقول : قل لا أسألكم عليه أجراً ، وإنّما أسألكم مودّة ذي القربى ، وليس الاستثناء المنقطع أمراً غريباً في القرآن ، بل له نظائر مثل قوله تعالى : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاَّ سَلاَمًا } (1) .
                وعلى ذلك جرى شيخ الشيعة المفيد في تفسير الآية ، حيث طرح السؤال

                ____________

                1- مريم : 62 .
                الصفحة 80
                (1) وقال : " ... والاستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة ، لكنّه استثناء منقطع ، ومعناه : قل لا أسألكم عليه أجراً ، لكن ألزمكم المودّة في القربى وأسألكموها " (2) .
                وقال السيّد المرعشي النجفي : " والذي لا ينكره ذو نظر سليم ، وفهم مستقيم غير منحرف عن جادّة الإنصاف ، أنّه بعد قيام القرائن الخارجية على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لا يطالب من الناس أجراً لرسالته ، لكون تحمّله لأعباء الرسالة خالصاً لوجه الله الكريم ومرضاته ، إنّ المصحّح لاستثناء المودّة في القربى عن أجر الرسالة دخولها في أجر الرسالة شأناً كما بيّننا آنفاً في الاستثناء المنقطع وأنّ المودّة في قربى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجر لرسالته ، لولا أنّ الرسالة لا تقبل الأجر من الناس ، فتبيّن إنّ مفاد الآية : أنّ أجر الرسالة لولا كون مقام الرسالة أجل من أن يؤدّي الشاكرون ما يحاذيها من العوض ، وكون مقام النبيّ (صلى الله عليه وآله) أرفع من سؤال الأجر على تحمّل الرسالة ، وأسنى من تنزيل شأن الرسالة إلى حيث يقابلها الناس بشيء ممّا يقدرون عليه من الأعواض والأبدال ، وبنى الأمر على ما هو عليه طريقة العقلاء من مطالبة الأعواض بإزاء المنافع الواصلة منهم إلى الناس ، لا يكون ممّا طلبه النبيّ(صلى الله عليه وآله) بإزاء رسالته إلاّ المودّة في قرباه ، وقد أمره الله بهذه المطالبة تنبيهاً لجماعة المسلمين على أمرين :
                1-إنّ الاهتمام بالمودّة في قربى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشدّ عند الله من سائر الحسنات طرّاً ، بحيث كانت هي التي تنبغي مطالبتها أجراً للرسالة .
                2-بيان شدّة محبّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لقرباه ، بحيث لو بنى على مطالبته من الناس أجراً على رسالته لم يطلب منهم أجراً إلاّ المودّة في قرباه ، والإحسان إليهم ... " (3)

                ____________

                1- أهل البيت : 146 .
                2- تصحيح اعتقادات الإمامية : 141 .
                3- إحقاق الحقّ 3 / 21 .
                الصفحة 81الصفحة 82

                تعليق


                • آية الولاي "سؤال وجواب " مركز الابحاث العقائدي


                  ( حميد . عمان ... )
                  دلالتها على إمامة أمير المؤمنين :
                  السؤال: هل تدلّ آية الولاية على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟
                  الجواب : قال تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } (1) .
                  ذهب المفسّرون والعلماء من الفريقين إلى أنّها نزلت في حقّ الإمام علي (عليه السلام) حينما تصدّق بخاتمه في أثناء الصلاة (2) .
                  ودلالة الآية الكريمة على ولاية الإمام علي (عليه السلام) واضحة ، بعد أن قرنها الله تعالى بولايته ، وولاية الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ومعلوم أنّ ولايتهما عامّة ، والرسول أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فكذلك ولاية الإمام علي (عليه السلام) بحكم المقارنة .

                  ***********

                  تعليق


                  • ( منير .السعودية ... )
                    تعليق على الجواب السابق وجوابه :

                    السؤال: ولكن هناك من يقول : إنّ قوله تعالى : { وَهُمْ رَاكِعُونَ } إنّما هي صفة ، أي أنّهم يصلّون ، وأيضاً هم يركعون ، أي أنّها تكرار للجملة ، فحين ذكر أنّهم يصلّون ذكر أنّهم يصلّون مرّة أُخرى بقوله : { وَهُمْ رَاكِعُونَ } ، لأنّه يعبّر عن الصلاة تارة بالركوع ، وهذا يدعو للاستغراب ، فكيف أرد عليه بالردّ الشافي ؟ ولكم جزيل الشكر .

                    ____________

                    1- المائدة : 55 .
                    2- أُنظر : شواهد التنزيل 1 / 219 ح 227 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 357 ، أنساب الأشراف : 150 ح 151 .
                    الصفحة 83
                    الجواب : إنّ آية الولاية من الآيات الصريحة والواضحة الدلالة على إمامة من آتى الزكاة في حال الركوع ، وقد ذكرت روايات كثيرة من الفريقين أنّ سبب نزول الآية هو تصدّق الإمام علي (عليه السلام) بخاتمه على الفقير ، في حال الركوع أثناء صلاته .
                    إذاً فهي دالّة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ولكن هذا ما يغيظ نفوساً ضعيفة الإيمان ، تحمل في طيّاتها حالة البغض والحقد لعلي وآله (عليهم السلام) ، فأخذوا يبثّون الشبهة تلو الشبهة ، حول هذه الآية وأمثالها ، ومن تلك الشبه هي هذه الشبهة التي ذكرتموها ، من فصل إيتاء الزكاة من حال الركوع .
                    ولعلّ أوّل من قال بها من القدماء هو أبو علي الجبائي ، كما ذكرها عنه تلميذه القاضي عبد الجبّار في كتاب " المغني " (1) .
                    وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة ، ومنهم الشريف المرتضى في كتابه " الشافي في الإمامة " بقوله : " ليس يجوز حمل الآية على ما تأوّلها شيخك أبو علي ، من جعله إيتاء الزكاة منفصلاً من حال الركوع ، ولابدّ على مقتضى اللسان واللغة من أن يكون الركوع حالاً لإيتاء الزكاة ، والذي يدلّ على ذلك أنّ المفهوم من قول أحدنا : الكريم المستحقّ للمدح الذي يجود بماله وهو ضاحك ، وفلان يغشى إخوانه وهو راكب ، معنى الحال دون غيرها ، حتّى إنّ قوله هذا يجري مجرى قوله : إنّه يجود بماله في حال ضحكه ، ويغشى إخوانه في حال ركوبه .
                    ويدلّ أيضاً عليه أنّا متى حملنا قوله تعالى : { يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } (2) على خلاف الحال ، وجعلنا المراد بها أنّهم يؤتون الزكاة ، ومن وصفهم أنّهم

                    ____________

                    1- المغني 20 / القسم الأوّل / 137 .
                    2- المائدة : 55 .
                    الصفحة 84
                    راكعون ، من غير تعلّق لأحد الأمرين بالآخر ، كنّا حاملين الكلام على معنى التكرار ، لأنّه قد أفاد تعالى بوصفه لهم بأنّهم يقيمون الصلاة ، وصفهم بأنّهم راكعون ، لأنّ الصلاة مشتملة على الركوع وغيره ، وإذا تأوّلناها على الوجه الذي اخترناه ، استفدنا بها معنى زائداً ، وزيادة الفائدة بكلام الحكيم أولى " (1) .

                    **************

                    تعليق


                    • ( منار أحمد . السعودية . 26 سنة . طالب )
                      احتجّ بها الإمام علي :

                      السؤال: أُودّ أن أحصل على ردّ شافي على من يقول : إذا كنتم تحتجّون بآية الولاية { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ... } على إمامة علي (عليه السلام) ، فلماذا لم يحتجّ بها الإمام علي ؟
                      الجواب : في الجواب نشير إلى مطالب :
                      أوّلاً : إنّ الأدلّة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرة عقلاً ونقلاً تكاد لا تحصى ، وقد أُلّفت كتب مستقلّة في هذا المجال .
                      ولكنّ الأمر الذي ينبغي الإشارة إليه ، هو أنّ الإمام (عليه السلام) لم يكن ملزماً لا عقلاً ولا شرعاً بالاحتجاج والمناشدة بكافّة هذه الأدلّة ، بل بالمقدار الذي يلقي الحجّة على الناس ، وهذا هو الذي حدث بعد ما علمنا من احتجاجه (عليه السلام) بحديث الغدير ، وعدم رضوخ القوم لهذا الحقّ الصريح ، وبعده هل يبقى مجال لاحتمال تأثير أمثال آية الولاية في نفوسهم ؟!
                      ثانياً : لنفرض أنّ الاحتجاج بهذه الآية لم يصل إلينا ، فهل هذا دليل على عدم صدوره منه (عليه السلام) ؟ مع أنّ المتيقّن هو : عدم وصول أخبار وآثار كثيرة من لدن الصدر الأوّل إلينا ، خصوصاً ما كان منها يصطدم مع مصالح الخلفاء ، فإنّهم أخفوا الكثير من فضائل ومناقب أهل البيت (عليهم السلام)، فما ظهر منها فهو غيض من

                      ____________

                      1- الشافي في الإمامة 2 / 236 .
                      الصفحة 85
                      فيض .
                      ثالثاً : ثمّ لنفرض مرّة أُخرى ، أنّ الإمام (عليه السلام) لم يحتجّ بها واقعاً ، فهل هذا يدلّ بالالتزام على عدم دلالة الآية على إمامته (عليه السلام) ؟ إذ لا توجد ملازمة بين المسألتين .
                      رابعاً : هذه الشبهة هي في الأصل من الفخر الرازي في تفسيره للآية ، حيث قال : " فلو كانت هذه الآية دالّة على إمامته لاحتجّ بها في محفل من المحافل ، وليس للقوم أن يقولوا : إنّه تركه للتقية ، فإنّهم ينقلون عنه أنّه تمسّك يوم الشورى بخبر الغدير ... " (1) .
                      فنقول ردّاً عليه : بأنّ الاحتجاج بالآية ورد في مصادر الشيعة (2) ، وقد أشار إلى بعض الحديث جمع من مصادر أهل السنّة (3) .

                      *************

                      تعليق


                      • ( آمنة .البحرين ... )
                        رواية صحيحة تحكي واقعة التصدّق :

                        السؤال: ما هي قصّة تصدّق الإمام علي (عليه السلام) بالخاتم ؟
                        الجواب : إنّ تصدّق الإمام علي (عليه السلام) بالخاتم ، موضع اتفاق الشيعة وأهل السنّة ، وسنروي لك رواية صحيحة من طرق أهل السنّة تحكي واقعة التصدّق :
                        روى الحاكم الحسكاني بسند صحيح عن ابن عباس : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى يوماً بأصحابه صلاة الظهر ، وانصرف هو وأصحابه ، فلم يبق في المسجد غير علي قائماً ، يصلّي بين الظهر والعصر ، إذ دخل المسجد فقير من فقراء المسلمين ، فلم ير في المسجد أحداً خلا علياً ، فأقبل نحوه فقال : يا ولي الله بالذي تصلّي له ، أن تتصدّق عليّ بما أمكنك ، وله خاتم عقيق يماني أحمر ، كان يلبسه في

                        ____________

                        1- التفسير الكبير 4 / 385 .
                        2- الاحتجاج 1 / 202 ، أمالي الشيخ الطوسي : 549 ، الخصال : 580 .
                        3- أُنظر : المناقب للخوارزمي : 313 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 432 .
                        الصفحة 86
                        الصلاة في يمينه ، فمدّ يده فوضعها على ظهره ، وأشار إلى السائل بنزعه ، فنزعه ودعا له ، ومضى ، وهبط جبرائيل ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعلي : فقد باهى الله بك ملائكته اليوم ، اقرأ : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ... } (1) .

                        *************

                        تعليق


                        • ( عبد الله. البحرين . 20 سنة . طالب جامعة )
                          في مصادر الشيعة والسنّة :
                          السؤال: أرجو منكم الإجابة على هذا السؤال ، ولكم جزيل الشكر .
                          أُريد أدلّة من كتبنا المعتبرة ، على أنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد تصدّق بالخاتم ، ثمّ أدلّة من كتب إخواننا أهل السنّة .
                          الجواب : إنّ الكثير من مصادرنا ذكرت حديث التصدّق بالخاتم ، فراجع الكافي والاحتجاج والخصال وغيرها من المصادر (2) .
                          وبعض هذه الأحاديث في غاية الاعتبار من حيث السند ، كالتي وردت في " تفسير القمّي " ، وإن كانت استفاضتها تغنينا عن البحث في إسنادها .
                          وأما المصادر السنّية في الموضوع فقد تجاوزت العشرات ، بل المئات في المقام (3) .
                          حتّى بعض علمائهم كالتفتازاني (4) والقوشجي (5) والقاضي الإيجي (6) والجرجاني (7) وغيرهم يصرّحون : بأنّ آية الولاية نزلت في حقّ علي (عليه السلام) حين أعطى السائل خاتمه ، وهو راكع .

                          ____________

                          1- شواهد التنزيل 1 / 212 .
                          2- أُنظر : الكافي 1 / 288 ، الاحتجاج 1 / 161 ، الخصال : 580 ، الأمالي للشيخ الصدوق : 186 ح 193 ، تفسير القمّي 1 /170 .
                          3- أُنظر : شواهد التنزيل 1 / 219 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 357 ، أنساب الأشراف : 150 ح 151 ، التفسير الكبير 4 / 383 ، الدرّ المنثور 2 / 293 ، أحكام القرآن 2 / 557 ، مجمع الزوائد 7 / 17 ، كنز العمّال 13 / 107 ح 36354 .
                          4- شرح المقاصد 5 / 270 .
                          5- شرح تجريد العقائد : 368 .
                          6- المواقف : 405 .
                          7- شرح المواقف 8 / 360 .
                          الصفحة 87
                          *********

                          تعليق


                          • ( حميد عبد الشهيد .البحرين ... )
                            تصدّق علي بالخاتم أثناء الصلاة عبادة :

                            السؤال: سؤالي هو : نحو تصدّق الإمام علي بالخاتم ، وهو يصلّي ، والمعروف على أنّ الإمام إذا صلّى لا تجلس روحه في الأرض ، ولكن تسبّح في ملكوت الله ، فكيف إذاً كانت حالة الإمام يوم أجاب دعوة الفقير ؟ لابدّ أنّ هناك يداً خفية في ذلك الوقت ، يوم كان الإمام يصلّي من حيث إجابة السائل .
                            وبودّي أنّ توضّحوا لي ماذا حدث ؟ هل توجد اجتهادات في حقيقة المسألة ؟ لأنّ ما يقال : إنّه كان في وقت عبادة ، والتصدّق عبادة هو كلام صحيح لا خلاف عليه ، لكن هذا الجواب لا يغنيني ، شاكرين لكم .
                            الجواب : للجواب على سؤالك نشير إلى عدّة نقاط :
                            1-لو كان لهذا الإشكال أدنى مجال ، لما عدّت هذه القضية عند الله ورسوله وسائر المؤمنين من مناقب علي (عليه السلام) .
                            2-هذا الالتفات من أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن إلى أمر دنيوي ، وإنّما كان عبادة في ضمن عبادة .
                            3-المعروف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه جمع في صفاته بين الأضداد ، حتّى إنّه لما سئل ابن الجوزي الحنبلي المتعصّب الذي ردّ الكثير من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن نفس هذا الأشكال الذي ذكرتموه أجاب ببيتين :

                            يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته عن النديم ولا يلهو عن الناس أطاعَهُ سكرُهُ حتّى تمكّن من فعل الصُحاةِ فهذا واحد الناس



                            كما نقله عنه الآلوسي في " روح المعاني " (1) .
                            الصفحة 88
                            **

                            تعليق


                            • ( عثمان خليل . سنّي ... )
                              في مصادر أهل السنّة :
                              السؤال: أشكركم على الردّ على رسالتي السابقة ، أمّا بعد :
                              بعد نقاشي مع بعض الإخوة من الشيعة ، علمت أنّ الآية { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } (1)، هي من الأدلّة التي يستدلّ بها الشيعة على إمامة علي (رضي الله عنه) ، وأنا عندي بعض الملاحظات على هذا الدليل :
                              1-هل بالإمكان أن تزوّدوني بالمصادر التي تذكر أنّ الآية نزلت في علي ، على شرط أن تكون من كتب أهل السنّة ، وأن يكون سند الروايات صحيحاً ؟
                              2-هناك بعض الأُمور التي تثبت عدم نزولها في علي (رضي الله عنه) ، وهي :
                              أوّلاً : الآية جاءت في صيغة الجمع { الَّذِينَ آمَنُواْ } ، فكيف تكون في علي ؟
                              ثانياً : يقول الله تعالى : { يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } ، وأنتم تقولون : تصدّق علي بالخاتم ، وكما تعلمون هناك فرق بين الزكاة والصدقة ، وهذا يبطل ما ذهبتم إليه في شأن نزول الآية .
                              ثالثاً : { إِنَّمَا } أداة حصر كما تعلمون ، فلو سلّمنا أنّ الآية نزلت في علي ، فإنّ هذا يعني أنّ الولاية حصرت في الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وعلي (رضي الله عنه) فقط ، وهذا ينفي إمامة باقي الأئمّة الذين تعتقدون بإمامتهم ، لذلك فإنّ استدلالكم بهذه الآية يخالف عقائدكم فضلاً عن عقائدنا ، وهذا أيضاً يبطل استدلالكم بالآية .
                              وأخيراً : أرجو أن يتّسع صدركم لهذه الأسئلة ، وجزاكم الله خيراً .

                              ____________

                              1- المائدة : 55 .
                              الصفحة 89
                              الجواب : إنّ هذه الآية بضميمة شأن نزولها من الأدلّة القاطعة على إمامة علي (عليه السلام)، وأمّا الكلام على الملاحظات التي أبديتها فهو كما يلي :
                              1-إنّ المصادر التي ذكرت هذا الموضوع كثيرة جدّاً عند الفريقين ، بحيث يصبح الموضوع متواتراً والتواتر آية اليقين والعلم والإحاطة بجميع هذه الموارد غير يسيرة ، فلنكتف بالمقدار الأقلّ من كتب العامّة (1) .
                              والجدير بالذكر أنّ بعض العلماء من العامّة ينقل إجماع المفسّرين في المقام على هذا الموضوع (2) ، ثمّ هل يبقى شكّ وريب في نزول هذه الآية في حقّ الإمام (عليه السلام) بعد هذا ؟!
                              2-إنّ الأُمور التي ذكرت أو قد تذكر هي أُمور وهمية ، وليس لها قيمة علمية ، لأنّ المشكوك يجب أن يفسّر على ضوء المقطوع والمتيقّن ، فإنّ شأن نزول الآية ممّا لاشكّ فيه .
                              وأمّا الجواب عن الموارد التي أشرت إليها ، فهي كما يلي :
                              أوّلاً : هذا المقام من الموارد التي يجوز فيها إطلاق صيغة الجمع وإرادة المفرد لأجل التفخيم والتعظيم .

                              ____________

                              1- أُنظر : شواهد التنزيل 1 / 219 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 357 ، أنساب الأشراف : 150 ح 151 ، التفسير الكبير 4 / 383 ، الدرّ المنثور 2 / 293 ، أحكام القرآن 2 / 557 ، مجمع الزوائد 7 / 17 ، كنز العمّال 13 / 107 ح 36354 ، تفسير الثعالبي 2 / 396 ، جامع البيان 6 / 389 ، الجامع لأحكام القرآن 6 / 221 ، شرح نهج البلاغة 13 / 277 ، مناقب الخوارزمي : 200 و 265 ، ذخائر العقبى : 102 ، ينابيع المودة 2 / 192 ، المعجم الأوسط 6 / 218 ، زاد المسير 2 / 292 ، تفسير القرآن العظيم 2 / 73 ، البداية والنهاية 7 / 397 ، جواهر المطالب 1 / 219 و 270 ، نظم درر السمطين : 86 ، أسباب نزول الآيات : 133 ، فتح القدير 2 / 53 ، روح المعاني 3 / 334 ، نور الأبصار : 118 ، الرياض النضرة 4 / 179 ، ومئات المصادر الأُخرى .
                              2- المواقف في علم الكلام : 405 ، شرح المواقف 8 / 360 ، شرح المقاصد 5 / 270 .
                              الصفحة 90
                              وفي رأي الزمخشري صاحب " الكشّاف " وهو من وجوه مفسّري العامّة أنّ المقصود من نزول الآية بصيغة الجمع كان لترغيب الآخرين ، ليتبعوا علياً (عليه السلام) في هذا الأمر ، ويتعلّموا منه (عليه السلام) (1) .
                              هذا بالإضافة إلى أنّ القرآن فيه خطابات كثيرة ، استخدم فيها لفظ الجمع وأراد المفرد .
                              ثانياً : إطلاق { الزَّكَاةَ } على الصدقة المندوبة أمر سائغ وشائع عند أهل الاصطلاح ، فقد يطلق على الزكاة بأنّها صدقة واجبة ، وأُخرى يطلق على الصدقة المستحبّة بأنّها زكاة .
                              وعلى أيّ حال ، فإنّ المقصود في الآية بقرينة إعطائها في حال الركوع هو الصدقة المندوبة والمستحبّة .
                              ثالثاً : إنّ ولاية وإمامة باقي الأئمّة (عليهم السلام) ثبتت بأدلّة قطعية أُخرى مذكورة في محلّها .
                              وأمّا مفاد { إِنَّمَا } في المقام هو حصر إضافي ، أي حصر بالنسبة للموجودين في حياة الإمام علي (عليه السلام) .
                              ثمّ إنّ هذه الولاية انتقلت بعد استشهاده إلى الأئمّة الأحد عشر من ولده (عليهم السلام) ، فلا ننفي الحصر في الآية ، ولكن نحصرها في حقّ من كان في زمن أمير المؤمنين (عليه السلام) .

                              ****************

                              تعليق


                              • ( علي . أمريكا . 27 سنة . طالب )
                                { إِنَّمَا } فيها أداة حصر :

                                السؤال: الإخوة المسؤولين عن الموقع المحترمين
                                لدي سؤال أرجو مساعدتي في الإجابة عليه ، وجزاكم الله خير الجزاء :
                                إنّ آية الولاية التي جاءت في القران الكريم ، جاءت مقيّدة بأداة { إِنَّمَا } ، والسؤال هو : هل أداة إنّما تستخدم أحياناً لأغراض أُخرى عدا الحصر ؟ وما هي هذه الأغراض ؟

                                ____________

                                1- الكشّاف 1 : 624 .
                                الصفحة 91
                                الجواب : { إِنَّمَا } أداة حصر على ما يظهر من تصريح أهل اللغة ، بل عن بعضهم أنّه لم يظهر مخالف فيه ، وعن آخر دعوى إجماع النحاة عليه ، وهو المنقول عن أئمّة التفسير ويقتضيه التبادر حيث لا إشكال في ظهورها في انحصار المتقدّم بالمتأخّر .
                                قال العلاّمة الطباطبائي (قدس سره) : " إنّ القصر في قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ... } (1) لقصر الإفراد ، كأنّ المخاطبين يظنّون أنّ الولاية عامّة للمذكورين في الآية وغيرهم ، فأفرد المذكورين للقصر ، ويمكن بوجه أن يُحمل على قصر القلب (2) .
                                وعلى كلّ حال فالأداة { إِنَّمَا } أداة حصر هنا بل دائماً كما ذكرنا آنفاً عندما تكون متكوّنة من ( إنَّ ) المشبّهة بالفعل و( ما ) الكافّة ، وهي تفيد قصر صفة على الموصوف أو العكس .

                                ____________

                                1- المائدة : 55 .
                                2- الميزان في تفسير القرآن 6 / 14 .
                                الصفحة 92

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X