X
-
لسؤال: هل يدخل في الآية الأئمة التسعة من ولد الحسين(عليه السلام) وهل حديث الكساء يخرجهم
السلام عليكم
كيف حالكم سادتي أتمنى ان تصل رسالتي وانتم بافضل حال بارك الله فيكم و وفقكم.. اتمنى الجواب على اساس هذه الشروط :
وهي كالاتي :
الاستدلال يكون من الكتاب والسنه الصحيحه ولا فرق ان كانت صحيحه عند اهل السنه او الشيعه وان لا تخرج من الموضوع بحيث ان تناقش ايه ايه دليل دليل حديث حديث حتى لا يتشتت الموضوع ونستفيد منه باذن الله هذه هي الشروط . و السؤال :
البحث في اية التطهير من اهم البحوث حيث اشبع المحققين والباحثين من الشيعه والسنه البحث فيها ومنهم من الف كتبا في هذا الموضوع ولكن موضوعي الذي ساطرحه يختلف نوعا ما وهو بعنوان اخر ماهو الدليل على دخول التسعه من اولاد الحسين رضي الله عنهم في اية التطهير؟؟
او ماهو الدليل على دخولهم في مصطلح اهل البيت المطهرين ؟؟
اخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين عن ام سلمه قالت في بيتي نزلت هذه الايه (( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ))، قالت : فارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال هؤلاء اهل بيتي .
قال الحاكم صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه وقال الذهبي على شرط البخاري ، الجزء الثالث صفحه 146 وقال ايضا السيوطي في الدرالمنثور : واخرج ايضا الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق ام سلمه رضي الله عنها قالت : في بيتي نزلت الايه ..... وفي البيت فاطمه وعلي والحسن والحسين فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ثم قال اللهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، الدر المنثور الجزء 6 صفحة 604 وقال ايضا الابي في شرحه لصحيح مسلم المسمى اكمال اكمال المعلم الجزء 8 صفحه 277 ما نصه : الايه تدل على ان المراد باهل البيت هؤلاء المعظمون ...الى ان يقول وقال الجمهــــــور والمراد من ادخلهم معه المرط لا غير لاحاديث وردت ..... وعلى هذا فاني عندما قلت ان كثير من علماء اهل السنه قالوا بان الايه نزلت في الخمسه هو قول الابي في كتابه اكمال المعلم . فلنذهب الان الى كتب الشيعه و نقوم باخراج حديث الكساء منها : روى الكليني في الكافي بسند صحيح في باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الائمه عليهم السلام واحدا فواحد ما نصه : عن ابي عبدالله عليه السلام والحديث طويل الى ان يقول ........ لكن الله عز وجل انزل في كتابه تصديقا لنبيه صلى الله عليه واله وسلم ..... الايه ..... فكان علي والحسن والحسين وفاطمه عليهم السلام فادخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت ام سلمه ثم قال اللهم ان لكل نبي اهلا وثقلا وهؤلاء اهل بيتي وثقلي ....... مراة العقول الجزء الثالث ص 213 الان بعد ان اخرجنا حديث الكساء من كتب السنه والشيعه باسانيد صحيحه نستنتج ما يلي : 1- ان اية التطهير نزلت في الخمسه فقط 2- ان الرسول عليه الصلاة والسلام جللهم بالكساء وقال اللهم هؤلاء اهل بيتي واخرج ام سلمه من الكساء رضي الله عنها .
3- ان ابا عبدالله رضي الله عنه اخرج التسعه من مصطلح اهل البيت وبين ان الايه نزلت في الخمسه فقط وانها لا تخص التسعه من اولاد الحسين رضي الله عنهم اذا نستنج ان الرسول اراد ان يبين للامه من هم اهل البيت المطهرين ، اراد ان يجعل في اعتقاد كل صحابي وكل مسلم ان هؤلاء هم اهل البيت فقط ، اراد ان يحصر مصطلح اهل البيت المطهرين الشرعي في اهل الكساء لانه خاص بهم ، اراد ان يوضح للامه انه عندما يقول اهل البيت فالمراد بهم هم الخمسه لا غيرهم . وسؤالي هو ماهو الدليل على دخول التسعه في مصطلح اهل البيت؟؟ وماهو الدليل الذي جعلهم من اهل البيت المطهرين ؟؟ واذا كانوا من اهل البيت المطهرين لماذا لم يقل الرسول في حديث الكساء اللهم هؤلاء اهل بيتي ومعهم تسعه من اولاد الحسين !؟
ولماذا اخرج الامام جعفر الصادق التسعه من الايه ومن مصطلح اهل البيت المطهرين ؟؟
والمراد من سؤالي هذا انه لا دليل على دخول التسعه في مصطلح اهل البيت لانه خاص بالخمسه فقط ومرة اخرى اشكر سماحة الشيخ الفاضل .. و الرد على هذه الشبهات : ثانيا اذا ولله الحمد اننا متفقين على ان مصطلح اهل البيت خاص بالخمسه بدليل حديث الكساء وتجليل الرسول عليه الصلاة والسلام لهم وهذا طبعا هو قول جميع علماء الشيعه وجمهور اهل السنة كما نقلت انا وكما نقلت انت مشكورا وهذا مصدرا جديد اعطيتني اياه وقمت باضافته لمصادري البسيطه والقليله فشكرا لك شيخنا الفاضل .
ثالثا اراك شيخنا ادخلت التسعة في مصطلح اهل البيت المطهرين وكان دليلك فقط حديث الثقلين اذا استنتج ان دليلك في دخول التسعة رضي الله عنهم هو حديث الثقلين الصحيح الذي اجمع الشيعه على صحته وجل علماء السنه على صحته ولنا باذن الله وقفات مع دليلك شيخنا وهي كالاتي :
1- كان اعتمادك على دخول التسعه في اهل البيت هو لفظة وعترتي اهل بيتي وللعلم ان الحديث الصحيح في مسلم المقدم على باقي الاحاديث كان به لفظة اهل البيت من غير العتره فهذا دليل على ان المراد باهل البيت هم الخمسه الذين خصص لهم الرسول عليه الصلاة والسلام هذا المصطلح دون غيرهم سواء ان كانو في زمانهم ام في غير زمانهم ومع هذا حتى لو تواترت لفظة وعترتي اهل بيتي اذا نطمئن ان لفظة العتره المراد منها الخمسه فقط وهذا معلوم عند اهل اللغه حيث ان العتره لا تخص فقط الابناء وانما ايضا تخص الاقرباء فيدخل معهم الامام علي رضي الله عنه ونحصر فقط الامام علي دون غيره بلفظة اهل البيت بدليل حديث الكساء اذا كلامك يقوي كلامي شيخنا العزيز.
2- قولك انه لو كانوا موجودين التسعه في زمان الرسول لادخلهم الرسول مع الخمسه يحتاج الى دليل قوي فهذا شيخنا العزيز قول مردود بالادله القويه حيث ان الكل متفق على ان الرسول اخبر ببعض الامور الغيبيه عن طريق اخبار الله سبحانه وتعالى له فلو كان الرسول يريد التسعه من اولاد الحسين لاخبر عن طريق الغيب وقال ايضا تسعه من اولاد الحسين لا ان يحصر الرسول مصطلح اهل البيت في الخمسه فقط حيث انه لو جاء شخص وادعى انه من اهل البيت المراد بهم بالمصطلح الشرعي الذي خصصه الرسول لقلنا له غير صحيح لان الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسه فقط دون غيرهم .
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
3- شيخنا الكريم ان ابن حجر لم ينفرد بهذا الكلام فقد قال السمهودي والمناوي نفس كلامه تقريبا مع اختلاف الالفاظ وتوافق المعنى وكان اعتمادهم على هذا الكلام هو لفظة ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض فهذه اللفطة فيها نظر لانه لا دليل بها على وجود رجل من اهل البيت في كل زمان ومكان ومتاهل منهم لحفظ السنه فالمراد من لفظة لن يفترقا هو ان تراث اهل البيت وسنة اهل البيت التي
ينقلونها عن الرسول موجوده ومحفوطه في كل زمان كما ان القران محفوط وموجود في كل زمان لا انه ان هناك رجلا منهم في كل زمان ومكان وبمعنى اخر بما ان القران موجود اذا سنة اهل البيت موجوده وبما ان القران موجود اذا احاديث اهل البيت موجوده وبما ان القران موجود اذا عقيدة اهل البيت موجوده وبما ان القران موجود اذا فقه اهل البيت موجود وبما ان القران موجود اذا اخلاق اهل البيت موجوده فهذا هو المعنى لهذا الحديث واذا هذا الحديث يقوي قولي ان مصطلح اهل البيت خاص بالخمسه دون غيرهم من اقرباء الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عن اهل بيته الكرام .
4- اما تعليقك شيخي الكريم على كلامي عندنا نقلت قول الامام جعفر الصادق رضي الله عنه فان كلامي صحيح واما قولك ان الامام الصادق كان بصدد تبين حادثة الكساء صحيح فبهذا ايضا يتقوى قولي لان الامام الصادق لم يقل ونحن معهم بل خصص هذا المفهوم للخمسه فقط دون غيرهم بل في قوله تصريح واضح وجلي على ان مصطلح اهل البيت خاص بالخمسه دون غيرهم .
الخلاصه : نقول ان الرسول عليه الصلاة والسلام اراد ان يبين للجميع من الصحابه والمسلمين مصطلح اهل البيت عن طريق تجليل الخمسه بالكساء وهذا والله فعل لا يفعله الا رجل عظيم ورجل كبير ورجل مسدد من قبل الله حيث انه بين لنا من هم ال البيت من هم عترته من هم المراد بهم بحديث الثقلين فعندما ياتي احد من السنه ويقول ان النساء معهم ايضا نقول له قف لو سمحت ان الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسه فقط دون غيرهم وادخال النساء معهم تحتاج الى دليل قوي لادخالهم واذا جاء احد من الشيعه وقال ان التسعه ايضا من اهل البيت المطهرين نقول له قف لو سمحت فانت تحتاج الى دليل قوي لادخالهم فان الرسول بين منهم اهل البيت دليل حديث الكساء ولو اراد ان يدخل الرسول معهم التسعه قال ايضا وتسعه من اولاد الحسين فلله درك يا رسول الله ولله درك يا حبيب الله صلى الله عليك وعلى اهل بيتك الكرام . الوجه الاول : قولك اني زعمت ان حديث الثقلين الذي في مسلم مقدم على باقي الاحاديث !!! فاقول نعم انه مقدم لان صحيح مسلم ثاني اصح الكتب عند اهل السنه بعد البخاري ولكن هناك من اهل العلم من فضله على صحيح البخاري فرحم الله الامام البخاري والامام مسلم وجزاهم الله خيرا عن الاسلام والمسلمين . الوجه الثاني : شيخنا العزيز لم اقل ان ( وعترتي اهل بيتي ) لم تصدر من الرسول فانا قلت لا فرق عندي بينها وبين لفظة ( واهل بيتي ) واليك كلامي شيخنا العزيز في مداخلتي السابقه ( ومع هذا حتى لو تواترت لفظة وعترتي اهل بيتي اذا نطمئن ان لفظة العتره المراد منها الخمسه فقط وهذا معلوم عند اهل اللغه حيث ان العتره لا تخص فقط الابناء وانما ايضا تخص الاقرباء فيدخل معهم الامام علي رضي الله عنه ونحصر فقط الامام علي دون غيره بلفظة اهل البيت بدليل حديث الكساء اذا كلامك يقوي كلامي شيخنا العزيز.) وهذا هو كلامي فتدبر بارك الله فيك .
الوجه الثالث : واما قولك شيخنا الكريم .... فالحق أنه لا دليل عندك على عدم شمول مفهوم أهل البيت لغير أصحاب الكساء .... فاقول : نعم لدي الدليل على هذا الكلام لانه الرسول عندما جللهم بالكساء قال اللهم هؤلاء اهل بيتي ولو اراد الرسول التسعه لقال اللهم هؤلاء اهل بيتي معهم تسعه من اولاد الحسين رضي الله عنه وعنهم .
الوجه الرابع : اما قولك شيخنا الفاضل .... إن محاولتك تخصيص لفظة ( عترتي )الواردة في حديث الثقلين بأصحاب الكساء كما خصصت مفهوم أهل البيت من قبل بهم عليهم الصلاة والسلام دون غيرهم باطلة وغير صحيحة ولا مستندة إلى دليل ...
فاقول نعم هي بدليل وبينت لك سابقا ان مصطلح اهل البيت الشرعي خاص بالخمسه حيث ان الرسول عليه الصلاة والسلام هو من اطلق عليهم هذا المصطلح فيخرج التسعه من هذا المصطلح ويدخلون مجازا لا شرعا في مصطلح اهل البيت .
الوجه الخامس : واما قولك شيخنا الحبيب العزيز .... وقولك أن المراد بـ (لن يفترقا ) : ( أن تراث أهل البيت وسنة أهل البيت التي ينقلونها عن رسول الله موجودة ومحفوظة في كل زمان كما أن القرآن محفوظ وموجود في كل زمان ...الخ ) فهو ترجيح بلا مرجح ، لأنه كما يحتمل هذا يحتمل ما قلناه وما قاله قبلنا البعض من علماء أهل السنة من أن حديث الثقلين يدل على وجود شخص من أهل البيت بذاته مع القرآن الكريم إلى يوم القيامة ، فترجيحك لرأيك -حسب ما يظهر لنا- أنّه بلا مرجح ، فما هو يا ترى الدليل المرجح الذي اعتمدت عليه لترجيحك رأيك على رأينا ؟ ... فاقول بالله عليك هل اعتمدت على الدليل على انه يجب ان يكون هناك رجل من اهل البيت في كل زمان ومكان ام انك اعتمدت على الظن ؟؟؟؟ واقول ايضا ان لفظة ( ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) لها عدة معاني فانت تقول انه يجب ان يكون رجل من اهل البيت في كل زمان ومكان وانا اقول لا طبعا وهذا مستحيل لانه هذه اللفطه يمكن ان تعني ايضا انه بما ان القران محفوط فسنة اهل البيت محفوطة وبما ان القران موجود فسنة اهل البيت موجودة وبما ان القران موجود فعقيدة اهل البيت موجودة وبما ان القران موجود ففقه اهل البيت موجود وبمعنى اخر واضح بما ان القران مجموع وموجود بين ايدي المسلمين فسنة اهل البيت موجوده محفوطه بين ايدي المسلمين .
بعد ان انتهيت من تبين بعض الامور التي غابت عنك شيخنا الكريم ساقوم الان بالرد على الادله الاحاديث التي وضعتها : الحديث الاول الذي عند الصفار : لما نزلت { يوم ندعو كل إناس بإمامهم } قال : فقال المسلمون : يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين ؟ فقال : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ، ولكن سيكون بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذّبون ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ألا ومن والاهم واتبعهم وصدّقهم فهو مني ومعي وسيلقاني ، ألا ومن ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذّبهم فليس مني ولا معي وأنا منه بريء)ساقوم الان باذن الله بمناقشة متن الحديث :
اولا ليس المراد من الايه هم الائمه التسعه واين الدليل على انهم هم الائمه التسعه فقط ؟؟ واين الدليل على دخول الامام علي والحسن والحسين في هذه الايه ؟؟ او اين الدليل على انها نزلت بهم ؟؟
ثانيا لاحظ لفظة ائمة( من اهل بيتي) فلماذا لا تقول ان المراد بهم هم الامام علي والحسن والحسين رضي الله عنهم فقط ؟؟ ولماذا ادخلت التسعه معهم ؟؟ وبأي دليل ادخلتهم شيخنا الفاضل ؟؟
ثالثا لقد اورد المفسرين عدة اقوال في تفسير اية يوم ندعو كل اناس بامامهم ولم يوردوا تفسير واحد ومن التفاسير التي يطمئن لها قلبي هو القول انه المراد من الائمه في هذه الايه هي الكتب التي تزلت على كل امه مثل التوراة والانجيل والقران والدليل تكلمة الايه... فمن اوتي كتابه بيمينه ... ولا يمكنك شيخنا ان تجعل هذه الايه هي خاصه بالائمه لان لفظة الامام لها عدة معاني في القران ولا اريد ان اطيل في بحث هذه الايه لانني سوف اخرج عن موضوعنا .
الحديث الثاني : كتابه الآخر معاني الأخبار صفحة 90 قال : ( حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي الله عنه - قال : حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عليهم السلام قال : سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، من العترة ؟
فقال : أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله صلى الله عليه وآله الحوض )وساقوم ايضا بمناقشة متن هذا الحديث شيخنا العزيز :
اولا هذا الحديث به جريمة عظمى وكبرى الا وهي اخراج الزهراء بالدرجه الاولى من مصطلح اهل البيت واخراجها ايضا بالدرجه الثانيه من حديث الثقلين ‘ احلفك بالله الم يجلل الرسول الزهراء وقال اللهم هؤلاء اهل بيتي ؟ الم تكن الزهراء تحت الكساء ؟ اليست الزهراء من اهل البيت المطهرين ؟ الا تدخل الزهراء في حديث الثقلين ؟؟ وهل كلام الزهراء حجه ام لا ؟؟
فاقول يا شيخنا العزيز هذا الحديث يسقط لانه يخرج الزهراء والزهراء طبعا تدخل في مصطلح اهل البيت بدليل حديث الكساء فتدبر بارك الله فيك الحديث الثالث : والصحيحة التي رواها العلامة الكليني في في الكافي 1/246 قالعلي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : إن الله تبارك وتعالى طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه ، وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا ، لا نفارقه ولا يفارقنا )
وساقوم ايضا بمناقشه متن هذا الحديث شيخنا الكريم :من الذي طهرهم الله وعصمهم في هذا الحديث اليس هم الخمسه فقط ؟ واذا قلت ايضا التسعه يدخلون فاقول لك اين الدليل شيخنا الكريم ؟؟ اليس كلام الامام علي واضح وجلي ان المراد من اهل البيت هم الخمسه فقط ؟ اليس هذا دليل ان هذا الحديث خاص بالخمسه ؟؟ فاذا قلت لا ... فساقول لك اليس الذين طهرهم الله في اية التطهير هم الخمسه ؟؟ فان قلت نعم اذا تقول بمثل ما نقول ان مصطلح اهل البيت خاص بالخمسه دون غيرهم وان قلت لا ؟ قلنا لك شيخنا هات الدليل ؟؟
الحديث الرابع :والصحيحة التي رواها العلامة الصفار في بصائر الدرجات صفحة 385 قال : ( حدثني يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام إنا نجد الشيء من أحاديثنا في أيدي الناس ، قال لي : لعلك لا تدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله أنال وأنال ، ثم أومأ بيده عن يمينه وشماله ومن بين يديه ومن خلفه { وقال : } وإنّا أهل البيت عندنا معاقل العلم وضياء الأمر وفصل ما بين الناس ) .
وساقوم ايضا بمناقشة متن الحديث شيخنا الفاضل :بالله عليك شيخنا هل يصمد هذا الحديث امام الحصر الذي قام به الرسول عندما قال اللهم هؤلاء اهل بيتي ؟؟ هل يخالف الامام الصادق الرسول ويقول انا من اهل البيت والرسول خصص هذا المصطلح بالخمسه ؟؟ فكيف الامام الصادق يقول وانا اهل ابيت والرسول لم يطلق عليه وعلى التسعه رضي الله عنهم هذا المصطلح ؟؟ يمكن ان يقال ان الامام الصادق كان يقصد انه من اهل البيت مجازا وليس شراعا لانه اخذ علومه من اجداده اصحاب الكساء المراد بهم باهل البيت المطهرين .
الحديث الخامس :حسب ما ورد عنه في الرواية الصحيحة التي رواها العلامة الصفار في بصائر الدرجات صفحة 382 قال : ( حدثنا محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن ذريح بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ، فنحن أهل بيته ساقوم ايضا بمناقشة متن هذا الحديث شيخنا الكريم :الامام الصادق هنا بين حديث الثقلين ولكن اسالك من قائل زيادة فنحن اهل بيته ؟؟ هل هو الرسول ام الامام الصادق ؟؟ واذا كان الرسول اين الدليل ؟؟ واذا كان الامام الصادق فاقول كيف الامام الصادق يجتهد امام النص الصريح الواضح الم يقول الرسول في حديث الكساء عن الخمسه اللهم هؤلاء اهل بيتي فلماذا الامام الصادق يدخل نفسه في مصطلح اهل البيت والرسول اخرجه ؟؟
بعد ان انتهينا شيخنا من مناقشة متون الاحاديث انتقل الى مناقشة بعض اقوالك كما وضعتها في مداخلتك : قلت شيخنا ... أما بخصوص ما ادّعيته على الإمام الصادق عليه السلام من أنه حصر مفهوم أهل البيت في أصحاب الكساء ، فليس بصحيح فكما ذكرت لك سابقا أن الإمام عليه السلام إنما كان بصدد رواية حديث الكساء ... اقول نعم الامام الصادق حصر مصطلح اهل ابيت في الخمسه فقط ولم يقل انه معهم والحديث الذي نقلته انا من الكافي الصحيح السند يناقض الحديث الذي نقلته انت الذي يقول به الامام الصادق فنحن اهل بيته !! قلت شيخنا ... أنه قد تبين من كل ما أوردناه أن مفهوم أهل البيت في آية التطهير لا يختص فقط بأصحاب الكساء وإنما يندرج تحته الأئمة التسعة من ولد الحسين عليهم السلام .... اقول لا لم يتبين شيخنا الكريم فقد بينت لك متون الروايات التي نقلتها انت وبينت لك انها لا تصمد امام حديث الكساء الذي خصص مصطلح اهل البيت في الخمسه فقط .
واما سؤالك ... بناء على رأيك أن مفهوم أهل البيت خاص بأصحاب الكساء ، فيا ترى ما هو السبب الذي جعل النبي صلى الله عليه وآله يخص هذا المفهوم بهؤلاء ؟
هل هناك سبب ما ؟ نعم شيخنا السبب هو ان الرسول اراد ان يبين من هم اهل البيت المراد بهم بحديث الثقلين حيث انه لو اتى شخص وادعى انه من اهل البيت فنقول له كلامك مردود فالرسول حصر هذا المصطلح في الخمسه فقط دون غيرهم .
واعيد واكرر اسالتي شيخنا الكريم :
1 - ماهو الدليل على دخول التسعه في مصطلح اهل البيت المطهرين؟
2- لماذا الرسول حصر مصطلح اهل البيت في الخمسه فقط ؟
3- لو كان الرسول يريد التسعه معهم لماذا لم يقول وتسعه من اولاد الحسين معهم ؟
الخلاصه : اريد ان ابين شيخنا الحبيب ان حديث الكساء بين من هم اهل البيت فالرسول صلى الله عليه وسلم حصر هذا المصطلح بالخمسه فقط دون غيرهم وعندما جللهم الرسول بالكساء هذا دليل على عظمة الرسول وانه مسدد من قبل الله حتى لا ياتي احد ويقول انا من اهل البيت حتى لا ياتي احد ويقول انا من اهل البيت المراد بهم بحديث الثقلين حتى لا ياتي سني ويدخل النساء في مصطلح اهل البيت وحتى لا ياتي شيعي ويدخل التسعة في مصطلح اهل البيت .
الوجه الاول : ساقوم الان شيخنا الكريم بوضع حديث الكساء مرة اخرى حتى تتبين لك الصورة وتتخيل فعل الرسول عليه الصلاة والسلام لكي يتضح لك قولي وماذا اريد اكثر فاكثر فاصبر فان في الصبر فائده( اخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين عن ام سلمه قالت في بيتي نزلت هذه الايه انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، قالت : فارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال هؤلاء اهل بيتي .
انظر شيخنا وتدبر فان الرسول اطلق مصطلح اهل البيت على ههؤلاء الخمسه فقط وعندما اقول انه اطلق عليهم هذا المصطلح شرعا وليس مجازا فعندما تاتي وتقول ان التسعه منهم فبأي دليل ؟؟
ومن سمح لك شيخنا العزيز ان تاتي باحاديث تخالف هذا الحديث وتدخل التسعه معهم ؟؟
وانظر شيخنا الكريم الى حديث الكساء هذا الذي اخرجه الكليني عن الامام الصادق ( روى الكليني في الكافي بسند صحيح في باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الائمه عليهم السلام واحدا فواحد ما نصه : عن ابي عبدالله عليه السلام والحديث طويل الى ان يقول ........ لكن الله عز وجل انزل في كتابه تصديقا لنبيه صلى الله عليه واله وسلم ..... الايه ..... فكان علي والحسن والحسين وفاطمه عليهم السلام فادخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت ام سلمه ثم قال اللهم ان لكل نبي اهلا وثقلا وهؤلاء اهل بيتي وثقلي ....... مراة العقول الجزء الثالث ص 213 الله اكبر انظر شيخنا الى كلام الامام الصادق وهو يصف الخمسه بانهم هم اهل البيت وانهم هم الثقل الثاني بعد القران فلماذا تترك هذا الحديث الذي يحصر الخمسه فقط وتذهب الى الاحاديث التي تدخل التسعه ؟
الوجه الثاني : لن ارد عليك شيخنا الفاضل بالنسبة لمسالة صحيح مسلم حتى لا يتشتت الحوار ولا يتوسع حرصا مني ان يكون الحوار ممنهج وفق الشروط التي وضعتها انا ووافقت عليها انت ولكن اقول لماذا ظلمتني شيخنا الكريم ولماذا لم تعلق على كلامي هذا لماذا تريد ان تبين للقارئ الكريم انني رفضت الحديث بلفظة ( وعترتي واهل بيتي ) وسانقل لك وللقارئ الكريم كلامي مره اخرى حتى تتبين الصورة والحقيقة التي لم ينتبه لها القارئ وساحسن الظن فيك واقول انت ايضا وهذا هو كلامي ....لو تواترت لفظة وعترتي اهل بيتي اذا نطمئن ان لفظة العتره المراد منها الخمسه فقط وهذا معلوم عند اهل اللغه حيث ان العتره لا تخص فقط الابناء وانما ايضا تخص الاقرباء فيدخل معهم الامام علي رضي الله عنه ونحصر فقط الامام علي دون غيره بلفظة اهل البيت بدليل حديث الكساء اذا كلامك يقوي كلامي شيخنا العزيز...... فهذا هو كلامي يا استاذي الفاضل فانا لا ارفض هذه اللفظه وانما اقر بها فمالك كيف تحكم شيخنا الكريم !!!!!!
الوجه الثالث : قولك شيخنا الكريم .... وقلنا أن النبي صلى الله عليه وآله إنما حصر وقصر مفهوم أهل البيت في من جللهم لأنهم هم المصداق الوحيد لهذا المفهوم حينها ، فيصح له أن يقول أن هؤلاء أهل بيتي ويريد بهم المصاديق الموجودة في زمانه ، ولا إشكال في ذلك من حيث اللغة أو العرف ..... لا هناك اشكال طبعا وهو اليس الرسول مسدد من قبل الله ؟؟ اليس الرسول يعلم بعض الامور الغيبيه ؟؟ الم يكن عالما بمسالة الامامة ؟؟ فلماذا الرسول لم يدخل التسعه مع الخمسه ولو لفظا لانهم غير موجودين وقتها في حديث الكساء حتى يبين للامه من هم اهل البيت ؟
لماذا الرسول لم يبين للامه ان التسعه ايضا من اهل البيت المطهرين حتى لا اختلف انا وانت ؟؟
الوجه الرابع : قولك شيخنا الكريم ...... إن قولي أن المراد بــ ( لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) يراد به عدم الافتراق المادي أعني وجود شخصية واحد من أئمة أهل البيت مع القرآن الكريم ، إنما أيدته بأدلة من الروايات تفيد أن مفهوم أهل البيت أشمل مما تدعيه ، وكانت تلك الروايات مجرد نماذج أتيت بها على عجالة من أمري وعندي غيرها مما يفيد أن مفهوم أهل البيت يشمل غير أصحاب الكساء ، أما أنت فلم تأت بدليل واحد تؤيد به أن المراد بـ ( لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) ) تراث أهل البيت وسنة أهل البيت التي ينقلونها عن رسول الله وأنها موجودة ومحفوظة في كل زمان كما أن القرآن محفوظ وموجود في كل زمان .. فأين دليلك على ترجيح رأيك على رأينا ؟ علما أن رأيي قد وافقني عليه من قبل جماعة من علماء أهل السنة ...... اقول اين هذه الادله التي اتيت بها ؟؟
هل كانت ادلتك معارضه لحديث الكساء ولكلام الرسول صلى الله عليه واله وسلم ام لا ؟؟
واما قولك لفظة ( ولن يفترقا ) يراد به عدم الافتراق المادي .. تحتاج الى دليل لاثباته فكلام الرسول له اكثر من معنى ممكن ان يكون المعنى الاول الذي ذكرته ويمكن ان يكون المعنى الذي ذكرته انا الا وهو بما ان القران موجود فسنة اصحاب الكساء موجوده وبما ان القران موجود فعقيدة اصحاب الكساء موجوده وبما ان القران موجود ففقه اصحاب الكساء موجود وقد اعجبتني كلمتك التي ذكرتها وهي ... ومع وجود مثل هذا الاحتمال يبطل الاستدلال ..... وبما انك قلت مع وجود هذا الاحتمال يبطل الاستدلال فكذلك انا اقول بما ان احتمالي موجود في ان القران وسنة اهل البيت لن يفترقا فيبطل استدلالك على انه في كل زمان ومكان يجب ان يكون هناك امام !!!!!
الوجه الخامس : اما قولك عن الروايه التي تفسر يوم ندعوا كل اناس بامامهم .... بخصوص الرواية الأولى فهي عندنا صحيحة ولا يوجد لها معارض لا من الشرع ولا من العقل فنحن نأخذ بها في تفسير الآية ، واختلاف المفسرين عندكم حول تفسير ...... ساذكرك بكلامك مره اخرى شيخنا الفاضل عندما قلت .... ومع وجود مثل هذا الاحتمال يبطل الاستدلال ... فالامام شيخنا في القران الكريم له اكثر من معنى وقد جاء الامام بمعنى الكتاب والديل قول الله عز وجل .... «و من قبله كتاب موسى إماما و رحمة» انظر شيخنا لقد سمى الله عز وجل التوراة اماما ومع وجود هذا الاحتمال شيخنا العزيز يبطل استدلالك اخي وحبيبي وقرة عيني الشيخ التلميذ !!!
الوجه السادس : اما قولك شيخنا الكريم .... لا جريمة كبرى ولا شيء من ذلك، فالإمام علي عليه السلام فسّر المراد من العترة وأهل البيت في حديث الثقلين لا المراد من أهل البيت في آية التطهير ، وحديث الثقلين هو النص الخاص بالأئمة من العترة الطاهرة الذين يتولون قيادة الأمة من بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، والزهراء عليها السلام ليست واحدة منهم ..... اقول اين الدليل على ان الزهراء لا تدخل بحديث الثقلين ؟؟ ولماذا الحديث هذا يخرجها من مصطلح اهل البيت والرسول ادخلها ؟؟ واين الدليل على ان حديث الثقلين خاص بالائمه دون الزهراء ؟؟ واين الدليل على ان الزهراء ليست واحده منهم ؟؟ وسانقل لك حديث الامام الصادق الذي يطلق على الزهراء ويقول عنها انها الثقل الثاني بعد القران فهذا هو الحديث ... روى الكليني في الكافي بسند صحيح في باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الائمه عليهم السلام واحدا فواحد ما نصه : عن ابي عبدالله عليه السلام والحديث طويل الى ان يقول ........ لكن الله عز وجل انزل في كتابه تصديقا لنبيه صلى الله عليه واله وسلم ..... الايه ..... فكان علي والحسن والحسين وفاطمه عليهم السلام فادخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت ام سلمه ثم قال اللهم ان لكل نبي اهلا وثقلا وهؤلاء اهل بيتي وثقلي ....... مراة العقول الجزء الثالث ص 213 لا اقول الا الله اكبر الرسول يصف الزهراء بالثقل والحديث يقول وعترتي اهل بيتي وهذا الحديث يخرجها من مصلح اهل البيت ويجعلها ليست الثقل الثاني بعد القران !!! واعيد واكرر فان هذا الحديث به جريمة كبرى وعظمى في حق سيدة نساء العالمين رضي الله عنها وحشرنا الله معها .
الوجه السابع : اما قولك شيخنا الكريم .... أما بخصوص الرواية الخامسة فواضح أن القائل (فنحن أهل بيته) هو الإمام الصادق عليه السلام لأن الضمير في لفظة ( بيته ) راجع إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، والرواية أيضاً دليل صريح على أن مفهوم أهل البيت أعم مما تدعيه ، وأن الإمام الصادق عليه السلام داخل تحت هذا المفهوم ، ودعواك أن إدخال الإمام نفسه في مفهوم أهل البيت هو اجتهاد في مقابل النص باطل ، لأن الحصر الموجود في النص الذي تدعي الاجتهاد في قباله إنما للمصاديق الموجودة في زمان النبي صلى الله عليه وآله لا أنها كل المصاديق ، فالنص مزعوم مدعى ودعوى الاجتهاد في قباله من الإمام الصادق كذلك ..... اذا كان القائل هو الامام الصادق فكيف يدخل نفسه في مصطلح اهل البيت والرسول حصره بالخمسه بدليل حديث الكساء ؟؟ !!! وكيف تقول ان الحديث يدل على ان مفهوم اهل البيت اعم ؟؟ والرسول حصر هذا المصطلح ؟؟ واين الدليل ان كلامي باطل عندما قلت ان الامام الصادق ادخله نفسه اجتهادا مقابل النص ؟؟ وهل يكون باطلا لانه كان دليلي حديث الكساء ؟؟ واين الدليل ان الحصر كان في زمن النبي فقط ؟؟ ولماذا الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسه دون غيرهم؟؟؟؟ فتدبر شيخنا الحبيب ولا تتسرع بالاجابه بارك الله فيك !!
الوجه الثامن : واما سؤالك شيخنا الكريم ... ما هي الخصيصة التي امتاز بها علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام التي جعلت من الله عز وجل ورسوله يجعلانهم المصداق الوحيد لمفهوم أهل البيت دون غيرهم من أقرباء النبي صلى الله عليه وآله ؟
فاقول عندما الرسول جللهم بالكساء كان هذا امر الهي وهذا هو الدليل الذي جعلهم هم المصداق الوحيد لمصطلح اهل البيت حيث ان الرسول افعاله حجه ولا يفعل فعل يخالف الاوامر الالهيه فالادعاء ان التسعه معهم يحتاج الى دليل قوي وواضح جدا جدا لا يحتمل التاويل ولا يدخل به الاحتمال شيخنا الكريم . وبهذا انتهيت من الرد على ادلتك شيخنا الحبيب والكريم استاذنا الفاضل الشيخ التلميذ والان ساقوم بمناقشت ردودك على اسالتي ولكي ترى ويرى القارئ الكريم هل وفقت في الاجابه عليها ام لا ؟
اجابتك الاولى: ما جواب سؤالك الأول فلقد ذكرنا لك مجموعة من الأدلة من الروايات ، ومنها حديث الثقلين ، ونقلنا لك من الروايات الصحيحة التي تخص مفهوم العترة وأهل البيت في هذا الحديث بعلي والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين ، ونقلت لك روايات صحيحة عن الإمام الصادق عليه السلام أنه أدخل نفسه في أهل البيت .
اقول : الاستدلال بحديث الثقلين لا يكفي ولا يرد على حديث الكساء بل استدلالك بحديث الثقلين ظني وليس لك دليل به على دخول التسعه مع الخمسه واما مفهوم العتره واهل البيت نعم هو خاص بالخمسه دون غيرهم لانه الرسول هم من اطلق عليهم هذا المصطلح واما رواية ادخال الامام الصادق لنفسه للحديث فقد بيناها وقمنا بالرد عليها فراجع بارك الله فيك .
اجابتك الثانيه : أما جواب سؤالك الثاني فهو : إن النبي صلى الله عليه وآله حصر مفهوم أهل البيت في أصحاب الكساء حتى لا يدخل فيه غيرهم ممن هو موجود في ذلك الوقت من أقربائه أو غيرهم لأنه لا يشملهم .
اقول : اما قولك ان النبي حصر هذا المفهوم في وقته فقط فاقول يا شيخنا الكريم هذا به مغالطه بل الرسول حصر هذا المفهوم في زمانهم وفي غير زمانهم وانت تحتاج الى دليل قوي تبين فيه ان الرسول لم يحصر هذا المصطلح بالخمسه فقط !!! .
اجابتك الثالثه : أما جواب سؤالك الثالث فيظهر من خلال هذا الرد ، وبالتحديد في النقطة ثانيا . اقول : لم تجب ولم تبين شيخنا فقد ابطلنا كل اجابه اجبتنا عليها فراجع بارك الله فيك .
النقطه الاخيره : اما الادله التي اتيت بها من كتب اهل السنه عن الامام المهدي عليه السلام !!!
فاقول : هذه الادله والاحاديث شيخنا كريم تبين ان الامام المهدي مجازا وليس شرعا من اهل بيت الرسول حيث ان الرسول عليه الصلاة والسلام كان بصدد تبيين حقيقة الامام المهدي كان بصدد تبين من هو الامام المهدي كان بصدد تبين ان الامام المهدي نسله يرجع الى اهل البيت لا انه من اهل البيت المطهرين المراد بهم بحديث الكساء فكل الاحاديث التي ذكرتها تبين ان مجازا من اهل البيت وليس شرعا وان قلت انه من اهل البيت شرعا فتحتاج الى دليل الى اثبات كلامك فالرسول اطلق المصطلح الشرعي على الخمسه فقط فقط ولازلت اقول انه لا دليل على دخول التسعه مع اهل البيت المطهرين .
واما قولك شيخنا الحبيب .... وفي هذه الأدلة كفاية لبطلان زعمك الذي انفردت به ولم أجد لك متابعاً عليه – حسب تتبعي – من الأمة ، فهل تسلم أو تكابر .. الله يعلم !!!
فاقول : انا لم انفرد شيخنا بهذا الراي حيث ان العلماء اختلفوا في مصطلح اهل البيت فمنهم من قال النساء فقط ومنهم من قال الخمسه فقط ومنهم من توسع وقال هم كل بني هاشم ومنهم من قال هم ال علي وال عقيل ..... وغيرهم بدليل حديث زيد بن ارقم رضي الله عنه فانا اتبنى الراي الثاني لانه له دليل قوي وصحيح ويبطل كل الادله الاخرى .
واما قولك هل ساسلم ام ااكابر .. فاقول لك شيخنا والله انني هنا ليس من اجل العناد وانما من اجل الحصول على القناعه الشخصيه واليقين فان اتيتني بما هو مقنع قبلته وان اتيتتني بشي لا يقنعني رفضته وشكرا لك شيخنا الحبيب على استمرارك بهذا الحوار الطيب الذي هو ملئ بالعلم من ناحيتك وملئ بالجهل من ناحيتي فانت شيخنا واستاذنا ومعلمنا ونحن طلبتك الصغار الذين نتعلم منك ونستفيد فبارك الله بك شيخنا الكريم . اختم كلامي باساله اتمنى الاجابه عليها :
1- ماهو الدليل القوي والصريح على دخول التسعه رضي الله عنهم في مصطلح اهل البيت الخاص بالخمسه رضي الله عنهم ؟؟
2 لماذا اخرجت شيخنا الكريم الزهراء من حديث الثقلين والرسول ادخلها بمصطلح اهل البيت والامام الصادق بين انها الثقل الثاني بعد القران والدليل الحديث الذي نقلته لك من الكافي ؟؟
3- لماذا يا شيخنا الكريم تترك النص الجلي على ان الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسه وتذهب الى حديث الثقلين الذي هو لا يصمد امام حديث الكساء ؟؟
و شكرا لكم ..
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الجواب:
الأخ الفقير المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- قال الله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )) (الأحزاب:33), يمكن استفادة مفهومين من الآية من ضمن المفاهيم الأخرى يدخلان في موضوع المناقشة:
الأول: مفهوم أهل البيت (عليهم السلام) الذي هو غير النساء لغة وان أمكن أن يدخلن فيه مجازاً, ولا قرينة على دخولهن مجازاً إلا ما يدعى من السياق وروايات نزول الآية وحدها تدحض هذا القول اضافة إلى الانتقال من اسلوب الخطاب التقريعي إلى اسلوب المدح، بل القرآئن المقالية في الآية تدل على خلافه لموقع الضمير المذكر في (عنكم) اضافة إلى قرائن دلالية من مفهوم الآية الدالة على العصمة التي لا تثبت للنساء، وبغض النظر عن القرآئن الحالية التي يدل عليها حديث الكساء.
الثاني: مفهوم العصمة المستفاد من اذهاب جنس الرجس والتأكيد على التطهير, وثبوت العصمة أمر باطني لا يمكن الأطلاع عليه إلا بإخبار من يطلع على الأفئدة، ولا يمكن أن يكون كل أهل البيت بالمعنى اللغوي معصومين لأنه يشمل الأولاد والذرية وهم لا يعدون، كما ربما يدعى من أن نفس الآية هي إخبار عن عصمة كل من يشملهم معنى (أهل البيت) لغة بالإستفادة من الحصر الموجود فيها.
ومن هنا جاءت الحاجة لبيان وتحديد أشخاص هؤلاء المعصومين المطهرين من أهل البيت الذين كانوا سبباً لنزول الآية، فجاء البيان من الصادق المصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما قاله وفعله في حديث الكساء وغيره، وأحاديث أخرى من الأئمة(ع) تأتي في محلها.
2ـ مما تقدم ثبت لنا ومن الآية مجردة أنها خاصة بأهل البيت فقط ولا يدخل فيها النساء ولا الآخرين وانها وبدلالة ألفاظها التي تدل على العصمة ضيقت المراد من أهل بيت سبب نزولها بالمطهرين المعصومين منهم, فالعلاقة الدلالية تبادلية بين مفهوم أهل البيت ومفهوم العصمة (التطهير)، فنفهم أن المراد والمعني من الآية هم اشخاص معينون ينطبق عليهم كونهم من أهل البيت ومعصومين, ومن التركيب بين هذين المفهومين ينتج عندنا مصطلح جديد يمكن أن نسميه مصطلح شرعي منقول من المعنى اللغوي هو (أهل البيت المطهرين)، ولا يبقى إلا تعيين أشخاصهم في الخارج, وكان بعهدة رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأمر منه سبحانه بلا امتراء.
وهنا جاء دور حديث الكساء الذي هو مصداق البيان والأخبار النبوية، ولكن السؤال في أنه هل ينحصر بيان النبي(صلى الله عليه وآله) بحديث الكساء أو ان الحديث أحد أفراد وجزء من البيان والأخبار عن معنى الآية؟ فمن يدعي ان البيان منحصر فقط بحديث الكساء فعليه الدليل, والدليل دل على أن رسول الله بين من هم اهل بيته المعصومون المطهرون في أكثر من موضع لا يظل المتتبع في إيجادها, ولكن قد يدعي مدع أن مدلول حديث الكساء فيه حصر للخمسة لا يمكن أدخال غيرهم فيه وبالتالي يكون مدلوله معارضاً للروايات الأخرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لو سلمنا بوجودها فكيف نحل التناقض المدعى؟ ولابد قبله من إثبات الروايات الأخرى التي تنص على دخول غير الخمسة في أهل البيت(عليهم السلام) .
وهذا ما سنناقشه في النقطة التالية.
3ـ ان دعوى الشيعة بأن سبب نزول ومورد آية التطهير هم الخمسة أصحاب الكساء صحيحة لا غبار عليها بدلالة روايات حديث الكساء، ولكن سبب النزول لا يخصص الوارد وبعبارة أصولية: أن المورد لا يخصص الوارد, فلا تلازم في الانطباق على مصداق بسبب النزول وبين نفيه للمصاديق الأخرى الداخلة في العموم.
وهذا الوهم مما يقع فيه الكثيرون منهم صاحب الإشكال, ودعوى أن البيان الذي احتيج إليه لتعيين أشخاص المطهرين المتمثل بحديث الكساء حاصر للمصاديق بالخمسة فقط دعوى ضعيفة البرهان!
فأولاً: مصطلح اصحاب الكساء وهم الخمسة بلا ريب يختلف عن مصطلح أهل البيت المطهرين المعنين بالآية فاصحاب الكساء أخص، ونحن لا ندعي دخول غير الخمسة في اصحاب الكساء، ولكنا نقول أن أهل البيت المطهرين يشملهم وغيرهم التسعة الباقين, ودعوى المساواة وهم, ناجم عن عدم الدقه في تعيين مدى الحصر المستفاد من حديث الكساء والأخذ بظاهر كلمات العلماء دون الفهم التام لها.
ثانياً: إن حديث الكساء بمنطوقه والقرآئن الحالية الحافة به من فعل الرسول(صلى الله عليه وآله) دالة على الحصر بلا ريب, ولكن ما مدى ومقدار هذا الحصر من جهة الزمان هل هو حصر في الظرف الزماني المعين ولا يشمل بقية الازمان أو هو حصر على طول امتداد الزمان إلى يوم القيامة ؟
ومدعانا أنه حصر محدد بالظرف الزماني المعين وهذا الظرف يحدد مقداره عرف أهل اللغة وليس حصراً على طول الزمان ابداً، وبعبارة أخرى ان سعة هذا الحصر يمكن أن تشمل آخرين لم يكونوا في ظرف زمان الحديث يمكن أن يدخلهم الرسول(صلى الله عليه وآله) أو الأئمة(عليهم السلام) ببيان وأخبار آخر.
والمثال العرفي عليه هو: لو أن احد الأشخاص خرج أمام الناس وجمع اولاده الثلاثة أو الأربعة بين يديه من دون العدد الكبير من الأطفال في مدرسة معينة وقال هؤلاء أولادي، فان فيه دلالة بلا شك على ان غير هؤلاء الثلاثة أو الأربعة من جميع الحاضرين في ظرف الفعل ليسوا أولاده وهو لا يعني بأنه سوف لا يكون له أولا يرزق بولد أو أولاد آخرين في المستقبل. فلاحظ.
فالحصر في حديث الكساء مقيد بالظرف الزماني الآني لفعل وقول الرسول(صلى الله عليه وآله) ولا يشمل امتداد الزمان وبالتالي يمكن للرسول(صلى الله عليه وآله) وببيان آخر أن يوضح أن هناك آخرين يدخلون في مصطلح أهل البيت المطهرين المشمولين بآية التطهير وهم مصداق من مصاديقها, فتأمل.
ومنه نفهم تصدير الإمام الصادق كلامه بالفعل (كان) الدال على الماضي في ذلك الزمان عندما قال (فكان علي والحسن والحسين وفاطمة....) الحديث، ولا صحة لقول المستشكل أن الصادق(ع) أخرج التسعة الأخرين فلا دلالة في كلامة على أخراجهم إلا إدعاء الحصر في الخمسة فقط وقد أوضحنا عدم صحة ذلك. ثم إن كلام الشخص, خاصة المعصوم, يجمع كله ويقارن بعضه ببعض حتى يفهم المراد منه لا أن يقتصر على بعض كلامه, ومنه يظهر ضعف قول المستشكل (لماذا لم يقل الرسول(صلى الله عليه وآله) في حديث الكساء اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي ومعهم تسعة من أولاد الحسين) فقد بين الرسول (صلى الله عليه وآله) دخول التسعة في أهل البيت المطهرين في نصوص أخرى عديدة، نعم هم لا يدخلون في مصطلح أصحاب الكساء, وهذا البحث يفصل عادة في بحث القرآئن التي تنقسم إلى متصلة ومنفصلة. والحكم واحد فيهما من هذه الجهة.
4ـ بعد أن تبين عدم صحة الحصر على أمتداد الزمان في حديث الكساء وأن دعوى أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) عند بيانه لمصداق آية التطهير حصرهم بالخمسة أصحاب الكساء ليس عليها دليل.
وبعد أن تبين أن معرفة أهل البيت المطهرين بأشخاصهم يحتاج إلى بيان واخبار وأنه منوط بالنبي(صلى الله عليه وآله)، وأنه لامانع عقلي وشرعي من تعدد البيانات وتعدد المصاديق يصح لنا أن نبحث عن أخبار اُخر يمكن أن نعرف منها مصاديق اخرى للمطهرين من أهل البيت (ع) وهذه الاخبار موجودة بكثرة في التراث الحديثي الشيعي على الاقل لا حاجة لذكرها, ويمكن للمراجع أن يطلع عليها في مضانها.
كما انه اذا دل دليل نقلي أو عقلي على شمول آية التطهير للتسعة الآخرين فلا معارضة في البين بينه وبين حديث الكساء وهذا ما أوضحناه على صفحتنا تحت عنوان (الاسئلة العقائدية/ أهل البيت) فراجع.
5ـ من هذا يتبين عدم صحة القول باجماع علماء الشيعة والسنة على ان مصطلح أهل البيت (ع) خاص بالخمسة ، فإن هذه النسبة الى علماء الشيعة بالخصوص مما يضحك الثكلى، فاي عالم منهم اخرج بقية الائمة (ع) فضلاً عن دعوى الاجماع على اخراجهم؟!.
وكذا دعوى قولهم بأن الحصر في حديث الكساء يخرج التسعة (ع) من مصطلح أهل البيت المطهرين او دعوى اجماعهم على مفهوم الحصر باطلاقه المدعى من حديث الكساء.
6ـ لا ينحصر دليلنا على دخول التسعة في أهل البيت بحديث الثقلين فقط فهذه مجازفة في القول, ولكنه من الادلة الواضحة على ذلك لكونه منقولاً لدى الطرفين.
7ـ واما حديث مسلم فلنا وقفة معه :
أ ـ ان دخول التسعة في أهل البيت كما يتم من دلالة (عترتي) يتم أيضا من دلالة (أهل البيت ع) كما أوضحنا سابقا، وعليه فحتى حديث مسلم فيه شمول للتسعة (ع) وان لم يذكر فيه لفظ عترتي وجاء بلفظ أهل البيت فقط.
ب ـ ان صحيح مسلم ليس له اعتبار عندنا فهو ليس من كتبنا ، نعم هو من الصحيح عندهم ومقدم على غيره ، ولذا نلزمهم به ولا يصح منهم أن يلزمونا به.
ج ـ ومع عدم التفاتنا الى ما يدعى لصحيح مسلم فان حديث الثقلين فيه رواية آحاد اذ انه لم يرو الا عن يزيد بن حيان في كل, طرقه فنصه وان كان صحيحاً عندهم لا يرقى الى التواتر حتى نحتج به في العقيدة كما هو الحال بنص حديث الثقلين عند غير مسلم.
د ـ ومع ذلك فان مسلم قد تلاعب في هذا الحديث وقطع من متنه ما فيه دلالة تساعد على فهمه.
فقد حذف منه الجزء الأخير الذي فيه نهي ابن زياد لزيد بن أرقم عن التحديث بحديث الحوض واتهامه له بالخرف والكذب فهو موجود وبنفس السند عند أحمد, فراجع.
هـ ـ ومع ذلك كله فان زيد في نفس الحديث وفي بدايته يعتذر من الذين طلبوا منه الحديث ويرجوهم عذره عما لا يحدثهم به بحجة كبر سنه, ومع ذلك يذكر في الحديث لفظ الثقلين صراحة ثم يذكر القرآن وهو الثقل الاول ويذكر قول النبي (صلى الله عليه وآله) وامره بالتمسك به.
ثم ياتي في المتن قوله (ثم قال: واهل بيتي ...) الحديث (وثم) تدل على التراخي وفيها دلالة على وجود قطع أو حذف في الكلام تجنّب زيد بن أرقم ان يرويه كما نص على ذلك محمد نافع في كتابه (حديث الثقلين بلغة الاردو) عند كلامه على حديث مسلم.
و ـ ان لفظة (ثم قال) وما تدل عليه في متن الحديث دعتنا للبحث والتنقيب عن رواية او روايات اخرى لحديث الثقلين تنقل تمام كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) نجد فيه الفقرة المحذوفة بين دعوته للتمسك بالقرآن وبين تذكيره المسلمين بأهل البيت عندما قال: (اذكركم الله في أهل بيتي) ثلاث مرات ونجد فيه ذكر حوضه (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة وهذا البحث دلنا على رواية او اكثر رواها الخزاز (ت400) في كفاية الاثر بهذا السند:حدثنا محمد بن وهنا بن محمد البصري، قال: حدثنا محمد بن عمر الجعالي، قال: حدثني اسماعيل بن محمد بن شيبة القاضي البصري، قال: حدثني محمد بن احمد بن الحسين، قال: حدثني يحيى بن خلف الراسي عن عبد الرحمن قال: حدثنا يزيد بن الحسن، عن معروف بن خربوذ عن ابي الطفيل عن حذيفة بن أُسيد، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: على منبره: (معاشر الناس، إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض اعرض مابين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وأنا سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الاكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بايديكم فاستمسكوا به لن تضلوا، ولا تبدلوا في عترتي أهل بيتي، فانه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، انتظر من يرد علي منكم وسوف يتأخر اناس دوني فاقول: يارب مني ومن امتي فيقال: يا محمد هل شعرت بما عملوا؟ انهم ما برحوا بعدك على أعقابهم. ثم قال: اوصيكم في عترتي خيرا ـ ثلاثا ـ أو قال: في أهل بيتي، فقام إليه سلمان فقال: يا رسول الله الا تخبرني عن الائمة بعدك؟ أما هم من عترتك؟ فقال: نعم الائمة بعدي من عترتي عدد نقباء بني اسرائيل، تسعة من صلب الحسين (ع) أعطاهم الله علمي وفهمي فلا تعلموهم فانهم اعلم منكم واتبعوهم فانهم مع الحق والحق معهم) (كفاية الاثر: 127).
وفي هذه الرواية ذكر للحوض الذي خاف زيد بن ارقم ان يذكره لتهديد ابن زياد وفيه الفقرة المحذوفة بين الامر بالتمسك بالقرآن وبين التذكير بأهل البيت (ع), وعلي (أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) وفيه أن التسعة من ولد الحسين من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ومن عترته وهم الائمة بعده، فهو يجيب على كل ما أشكل به المدعي، وفي الكتاب اعني (كفاية الاثر) روايات اخرى منها عن عمر فيها نفس الدلالة, فراجع.ي ـ ولا يقول قائل بأن كتاب (كفاية الاثر) لمؤلف شيعي فلا حجة فيه علينا، فإنا نقول بأنا لا نحتج هنا بما تدل عليه الرواية كرواية، بل احتجاجنا بالأساس هو بالمقارنة بين رواية مسلم ورواية الخزاز فان الفارق بين عصريهما أقل من مائة وخمسين سنة ولايوجد احتمال ولو واحد بالالف من ان الخزاز قد وضع وفبرك الرواية حتى يأتي شخص بعد ألف سنة ويقارن بين روايته ورواية مسلم ويستخرج ما سقط في روايته، فان العقل لا يقبل بمثل هكذا احتمال ولا يصدق ادعاء الوضع المتعمد من الخزاز بهذه النسبة الضعيفة فتأمل. فضلا عن وجود روايات اخرى عند الخزاز تدل بنفس الدلالة عند مقارنتها مع رواية مسلم, فراجع.
ط ـ ان من احد الاسباب التي دعتنا الى المقارنة بين رواية مسلم وروايات الخزاز، هو دحض الشبهة التي يتمسك بها المخالفون من عدم وجود امر من النبي (صلى الله عليه وآله) بالتمسك بأهل البيت (ع) كما هو الحال مع القرآن الكريم في رواية مسلم التي لا يصح غيرها حسب مدعاهم كما أورد ذلك ابن تيمية في كتابه منهاج السنة، فان المقارنة تثبت انه قد وقع الحذف والقطع في رواية مسلم إما من قبل زيد نفسه لخوفه او من قبل أحد رواتها المغرضين وان الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أمر بالحقيقة بالتمسك بهما كليهما وقال بأنهما لا يفترقان كما هو نص الروايات الاخرى المتواترة لحديث الثقلين عند غير مسلم.
ع ـ ومن هذا الحديث فضلا عن غيره الكثير, يثبت أيضاً ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد بين ان التسعة هم من أهل البيت (ع) ومن العترة في نفس وقت إعلانه لحديث الثقلين. فالادعاء بانه (صلى الله عليه وآله) لم يذكر ذلك وهم في وهم والادعاء بان الحصر في حديث الكساء يخرج التسعة من أهل البيت وهم آخر.
8ـ واما النظر الذي ابداه من فهمه لجملة (لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) فهو فهم بعيد عن الظاهر المراد, فإن مراد النبي (ص) باللذين لن يفترقا الثقلان اللذان نص عليهما في كلامه وهما القرآن وأهل بيته, أي نفس وجود القرآن ونفس وجود أهل البيت(ع), لا اللازم لهما، فان سيرة أهل البيت (ع) من لوازم وجودهم وهي أيضاً موجودة الى يوم الحوض ولكن بوجود موضوعها وهم نفس أهل البيت (ع), فإن قول النبي (صلى الله عليه وآله) نص في ذلك, والا لو كان مراده ما قاله هذا المستشكل لجاء بألفاظ أخر تدل على سيرتهم وسنتهم.
ثم إن ما ادعاه هذا من الفهم سوف لا يجعلهما ثقلان وانما سيكون هناك ثقل واحد فان سيرتهم وسنتهم لا تخرج عن سنة رسول الله وبالتالي لا تخرج على الأمر بالتزام القرآن فيكونا عند تصريف معنى الكلام واحد.ولا يكون كذلك لو كان يعني (صلى الله عليه وآله) وجوديهما فانهما سيكونان وجودين وان كان لازم ذلك في المآل اتحادهما أيضا. فلاحظ.
وهذا ما فهمه أعلام أهل السنة والا لما ادعوا تارة ان المراد بالثقل الثاني وجود علماء من أهل البيت (ع) يحفظون الدين الى يوم القيامة واخرى أن اجماع العترة لا يكون الا حقاً, فهم في كلا القولين يريدون أعيانهم.
ومع ذلك فان قولك هذا حجة عليك ايضاً وهو دليل للشيعة على غيرهم, فهم المتمسكون فعلاً بسيرة وسنة أهل البيت (ع) ولا يزايد على ذلك الا مبطل.
ولكن الفصل بيننا في المراد هو أحاديث وروايات رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأخرى ومنها الخاصة بالامام المهدي (ع) فان فيها النص على أنة من أهل البيت (ع). فلاحظ.
9ـ نرجع ونقول أن قول الامام الصادق (ع) كان في بيان الربط الموضوعي بين آي القرآن الكريم وبين حديث رسول الله (ص) في بيان من هم أهل البيت وانه لا ينطبق في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا على الخمسة أهل الكساء خاصة لا أنه كان يريد حصر أهل البيت (ع) فيهم على طول الزمان وإلا فان هناك روايات عديدة فيها النص من مولانا الصادق (ع) نفسه على أنه من أهل البيت (ع). فلاحظ.
10ـ ان قولنا بأن جملة (لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) بأنها تدل على وجود فرد معين من أهل البيت (ع) يلازم القرآن الى يوم القيامة ليس من باب الترجيح بلا مرجح بين ظاهرين لمعنى الجملة بل هو من باب التمسك بالظاهر الذي هو حجة عند الكل مقابل التاويل سواء كان قريباً أو بعيداً ، اذ لو وجد هناك في كل كلام ظاهر يمكن الالتزام به لا يتعدى منه الى الفهم والتأويل البعيد الاّ اذا كان هناك مانع لفظي أو شرعي او عقلي من الالتزام بهذا الظاهر, وليس من هذا في البين .
11ـ ان الاستدلال بحديث الصفار ليس لتعيين الائمة الاثني عشر(ع) بأشخاصهم فان هذا لا يتم بالحديث وحده ولكن الاستدلال به يكون على أن هناك أئمة من اهل البيت (ع) يجب اتباعهم وانهم سيكونون في كل زمان وإلا لما تم الاستدلال بالآية اذ لو لم يكونوا في كل زمان لوجد أناس لا إمام لهم واجب الاتباع يدعى من يؤمن به يوم القيامة, ولخلا زمان ما من هذا الامام فتكون في ذلك الحجة للناس على الله ـ اعوذ بالله ـ وليس بالعكس أي الحجة لله على الناس. فلاحظ.
واما التذرع بالتفاسير فهذا خروج عن البحث إذ أن الكلام بعد التسليم بالرواية لا رد الرواية والرجوع الى التفاسير.
12ـ وأما ما اعترض عليه في حديث معاني الأخبار من إخراج الزهراء (ع) فليس له محل في الكلام, لأن من الواضح ان جواب الامام (ع) كان في بيان الائمة (ع) توضيحاً لما أشكل في ذهن السائل مقابل المخالفين ومن الواضح ان الزهراء (ع) ليست بإمام وان كانت حجة وهو بحث آخر. والظاهر أن المستشكل يخلط بين مفهوم الحجة ومفهوم الامام بالمعنى الخاص المتنازع فيه او ان احدهما يلازم الآخر .
إذ من الواضح أن القرآن وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجة ولكن ليسا بإمام بهذا المعنى. فلاحظ.
13ـ وأما رواية سليم: فليس الذين طهرهم الله في آية التطهير الخمسة أصحاب الكساء فقط وانما أهل البيت المعصومون والذين نعرفهم ونشخصهم من النص الصادر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاذا قال أن التسعة يدخلون فيهم فنسلم ولا جدال.
14ـ واما صحيحة الصفار في بصائر الدرجات: فبعد أن وجد ان لا محيص عنها في الدلالة التجأ الى دعوى المعارضة بينها وبين حديث الكساء ، وقد بينا أن لا معارضة الا في فهمه السقيم للحصر ومع ذلك فالظاهر أن صاحبنا لم يطلع في اصول الفقه في باب التعارض على أنواع الجمع العرفي وان التعارض لا يتم اذا كان هناك في الامكان جمع عرفي.
وهل أوضح من الجمع بين قول الصادق (ع) وبين حديث الكساء من أن الخمسة والامام الصادق (ع) على الاقل في هذه الرواية داخلون في مصطلح أهل البيت المطهرين (ع). فلاحظ.
15ـ وفي الصحيحة الأخرى للصفار: وبعد أن أعيته الدلالة ووضوحها أيضاً ، طعن في الفرق في الحجية بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) والصادق (ع) وهذا لا يتم لأن الاستدلال بالرواية من قبلنا يكون بعد التسليم بأن حجية الصادق(ع) من حجية رسول الله (ص) ولا مجال لافتراض الاجتهاد هنا فضلاً عن الاجتهاد مقابل النص, وبالتالي لابد من جعل ما قاله الصادق (ع) نصاً في بيان المراد من أهل البيت (ع) في حديث الثقلين صادراً من مشكاة النبوة, والجمع بين حديث الثقلين وحديث الكساء سهل وواضح.
16ـ واما تكراره للاسئلة ومطالبته بالجواب عنها فلك أن تسرد له الروايات المتواترة على دخول التسعة (ع) في أهل البيت (ع) وهذا هو دليلنا فهناك روايات صادرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأكثر منها صادرة عن أئمتنا (ع). وان رسول الله (ص) لم يحصر أهل البيت (ع) في اصحاب الكساء الخمسة (ع) والحصر في حديث الكساء لم يكن حصراً على طول الزمان.
وبالتالي لا تعارض بين حديث الكساء وغيره من الاحاديث الناصحة على دخولهم (ع) . ثم وإن قلنا فرضاً بالتعارض البدوي فان التعارض لا يتم اذا كان هناك وجه للجمع العرفي، مع أن النص منهم (ع) بدخولهم في أهل البيت (ع) مقدم على ظاهر الحصر في حديث الكساء لو قلنا به ولا نقول. فان النص يقدم على الظاهر عند التعارض.
وان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أدخل الائمة الباقين(ع) في أهل البيت بنصوص أخرى ولا يشترط بأن يكون البيان بقرينة متصلة فان حكمها والمنفصلة واحد، وان كلام الرجل يأخذ كله ولا يأخذ البعض دون البعض.
وأما بقية الكلام فتكرار يعرف جوابه مما مضى. ودمتم في رعاية الله
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
السؤال: تفسير الآية ضمن الآيات المتصلة بها
(( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلَا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولًا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا * وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا )) (الاحزاب:23-34)
نتمنى منكم شرح هذة الاية؟
الجواب:
الأخ كريم المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في (تفسير الميزان/ السيد الطباطبائي - ج 16 - ص 308 - 313):
((قوله تعالى: ((يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ))(الأحزاب: من الآية32) الخ ، الآية تنفى مساواتهن لسائر النساء ان اتقين وترفع منزلتهن على غيرهن ثم تذكر أشياء من النهى والامر متفرعة على كونهن لسن كسائر النساء كما يدل عليه قوله: فلا تخضعن بالقول، وقرن، ولا تبرجن... الخ ، وهي خصال مشتركة بين نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر النساء . فتصدير الكلام بقوله: (( لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيتُنَّ )) ثم تفريع هذه التكاليف المشتركة عليه، يفيد تأكد هذه التكاليف عليهن كأنه قيل: لستن كغيركن فيجب عليكن أن تبالغن في امتثال هذه التكاليف وتحتطن في دين الله أكثر من سائر النساء وتؤيد بل تدل على تأكد تكاليفهن مضاعفة جزائهن خيرا وشرا كما دلت عليها الآية السابقة فان مضاعفة الجزاء لا تنفك عن تأكد التكليف .
وقوله: (( فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ )) بعد ما بين علو منزلتهن ورفعة قدرهن لمكانهن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشرط في ذلك التقوى فبين أن فضيلتهن بالتقوى لا بالاتصال بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم نهاهن عن الخضوع في القول وهو ترقيق الكلام وتليينه مع الرجال بحيث يدعو إلى الريبة وتثير الشهوة فيطمع الذي في قلبه مرض وهو فقدانه قوة الايمان التي تردعه عن الميل إلى الفحشاء .
وقوله: (( وَقُلنَ قَولاً مَعرُوفاً ))(الأحزاب: من الآية32) أي كلاما معمولا مستقيما يعرفه الشرع والعرف الاسلامي وهو القول الذي لا يشير بلحنه إلى أزيد من مدلوله معرى عن الايماء إلى فساد وريبة.
قوله تعالى: (( وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))(الأحزاب:33) من قر يقر إذا ثبت وأصله اقررن حذفت إحدى الرائين أو من قار يقار إذا اجتمع كناية عن ثباتهن في بيوتهن ولزومهن لها، والتبرج الظهور للناس كظهور البروج لناظريها . والجاهلية الأولى الجاهلية قبل البعثة فالمراد الجاهلية القديمة ، وقول بعضهم : ان المراد به زمان ما بين آدم ونوح عليهما السلام ثمان مائة سنة ، وقول آخرين انها ما بين إدريس ونوح ، وقول آخرين زمان داود وسليمان وقول آخرين أنه زمان ولادة إبراهيم ، وقول آخرين انه زمان الفترة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم أقوال لا دليل يدل عليها .
وقوله: ((وَأَقِمنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ))(الأحزاب: من الآية33) أمر بامتثال الأوامر الدينية وقد أفرد الصلاة والزكاة بالذكر من بينها لكونهما ركنين في العبادات والمعاملات ثم جمع الجميع في قوله: (( وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )). وطاعة الله هي امتثال تكاليفه الشرعية وطاعة رسوله فيما يأمر به وينهى بالولاية المجعولة له من عند الله كما قال : (( النَّبِيُّ أَولَى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم )) (الأحزاب: من الآية6).
قوله تعالى: (( إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))(الأحزاب: من الآية33) كلمة (انما) تدل على حصر الإرادة في اذهاب الرجس والتطهير وكلمة أهل البيت سواء كان لمجرد الاختصاص أو مدحا أو نداء يدل على اختصاص إذهاب الرجس والتطهير بالمخاطبين بقوله : (عنكم) ، ففي الآية في الحقيقة قصران قصر الإرادة في اذهاب الرجس والتطهير وقصر اذهاب الرجس والتطهير في أهل البيت.
وليس المراد بأهل البيت نساء النبي خاصة لمكان الخطاب الذي في قوله : (عنكم) ولم يقل : عنكن فاما أن يكون الخطاب لهن ولغيرهن كما قيل : ان المراد بأهل البيت أهل البيت الحرام وهم المتقون لقوله تعالى : (( إِن أَولِيَاؤُهُ إِلَّا المُتَّقُونَ )) (لأنفال: من الآية34) أو أهل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم الذين يصدق عليهم عرفا أهل بيته من أزواجه وأقربائه وهم آل عباس وآل عقيل وآل جعفر وآل على أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأزواجه ، ولعل هذا هو المراد مما نسب إلى عكرمة وعروة انها في أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة . أو يكون الخطاب لغيرهن كما قيل : انهم أقرباء النبي من آل عباس وآل عقيل وآل جعفر وآل على .
وعلى أي حال فالمراد باذهاب الرجس والتطهير مجرد التقوى الديني بالاجتناب عن النواهي وامتثال الأوامر فيكون المعنى أن الله لا ينتفع بتوجيه هذه التكاليف إليكم وانما يريد اذهاب الرجس عنكم وتطهيركم على حد قوله : (( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجعَلَ عَلَيكُم مِن حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُم وَلِيُتِمَّ نِعمَتَهُ )) (المائدة: من الآية6)، وهذا المعنى لا يلائم شيئا من معاني أهل البيت السابقة لمنافاته البينة للاختصاص المفهوم من أهل البيت لعمومه لعامة المسلمين المكلفين بأحكام الدين .
وان كان المراد باذهاب الرجس والتطهير التقوى الشديد البالغ ويكون المعنى : أن هذا التشديد في التكاليف المتوجهة إليكن أزواج النبي وتضعيف الثواب والعقاب ليس لينتفع الله سبحانه به بل ليذهب عنكم الرجس ويطهركم ويكون من تعميم الخطاب لهن ولغيرهن بعد تخصيصه بهن ، فهذا المعنى لا يلائم كون الخطاب خاصا بغيرهن وهو ظاهر ولا عموم الخطاب لهن ولغيرهن فان الغير لا يشاركهن في تشديد التكليف وتضعيف الثواب والعقاب .
لا يقال : لم لا يجوز أن يكون الخطاب على هذا التقدير متوجها إليهن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتكليفه شديد تكليفهن .
لأنه يقال : انه صلى الله عليه وآله وسلم مؤيد بعصمة من الله وهي موهبة الهية غير مكتسبة بالعمل فلا معنى لجعل تشديد التكليف وتضعيف الجزاء بالنسبة إليه مقدمة أو سببا لحصول التقوى الشديد له امتنانا عليه على ما يعطيه سياق الآية ولذلك لم يصرح بكون الخطاب متوجها إليهن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط أحد من المفسرين وانما احتملناه لتصحيح قول من قال : ان الآية خاصة بأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وان كان المراد اذهاب الرجس والتطهير بإرادته تعالى ذلك مطلقا لا بتوجيه مطلق التكليف ولا بتوجيه التكليف الشديد بل إرادة مطلقة لاذهاب الرجس والتطهير لأهل البيت خاصة بما هم أهل البيت كان هذا المعنى منافيا لتقييد كرامتهن بالتقوى سواء كان المراد بالإرادة الإرادة التشريعية أو التكوينية .
وبهذا الذي تقدم يتأيد ما ورد في أسباب النزول أن الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى وفاطمة والحسنين عليهم السلام خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم . وهي روايات جمة تزيد على سبعين حديثا يربو ما ورد منها من طرق أهل السنة على ما ورد منها من طرق الشيعة فقد روتها أهل السنة بطرق كثيرة عن أم سلمة وعائشة وأبى سعيد الخدري وسعد ووائلة بن الأسقع وأبى الحمراء وابن عباس وثوبان مولى النبي وعبد الله بن جعفر وعلى والحسن بن علي عليهما السلام في قريب من أربعين طريقا .
وروتها الشيعة عن علي والسجاد والباقر والصادق والرضا عليهم السلام وأم سلمة وأبي ذر وأبى ليلى وأبى الأسود الدؤلي وعمرو بن ميمون الأودي وسعد بن أبي وقاص في بضع وثلاثين طريقا .
فان قيل : ان الروايات انما تدل على شمول الآية لعلى وفاطمة والحسنين عليهم السلام ولا ينافي ذلك شمولها لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يفيده وقوع الآية في سياق خطابهن . قلنا : ان كثيرا من هذه الروايات وخاصة ما رويت عن أم سلمة - وفى بيتها نزلت الآية - تصرح باختصاصها بهم وعدم شمولها لأزواج النبي وسيجئ الروايات وفيها الصحاح .
فان قيل : هذا مدفوع بنص الكتاب على شمولها لهن كوقوع الآية في سياق خطابهن . قلنا : انما الشأن كل الشأن في اتصال الآية بما قبلها من الآيات فهذه الأحاديث على كثرتها البالغة ناصة في نزول الآية وحدها ، ولم يرد حتى في رواية واحدة نزول هذه هذه الآية في ضمن آيات نساء النبي ولا ذكره أحد حتى القائل باختصاص الآية بأزواج النبي كما ينسب إلى عكرمة وعروة ، فالآية لم تكن بحسب النزول جزء من آيات نساء النبي ولا متصلة بها وانما وضعت بينها اما بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عند التأليف بعد الرحلة ، ويؤيده أن آية (( وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) (الأحزاب: من الآية33) على انسجامها واتصالها لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها ، فموقع آية التطهير من آية (( وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) كموقع آية (( اليَومَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا )) (المائدة: من الآية3) من آية محرمات الاكل من سورة المائدة ، وقد تقدم الكلام في ذلك في الجزء الخامس من الكتاب . وبالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة وهم النبي وعلى وفاطمة والحسنان عليهم الصلاة والسلام لا يطلق على غيرهم ، ولو كان من أقربائه الأقربين وان صح بحسب العرف العام اطلاقه عليهم .
والرجس - بالكسر فالسكون - صفة من الرجاسة وهي القذارة ، والقذارة هيئة في الشئ توجب التجنب والتنفر منها ، وتكون بحسب ظاهر الشئ كرجاسة الخنزير ، قال تعالى : (( أَو لَحمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ )) الانعام : 145) ، وبحسب باطنه - وهو الرجاسة والقذارة المعنوية - كالشرك والكفر وأثر العمل السيئ ، قال تعالى : (( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَتهُم رِجساً إِلَى رِجسِهِم وَمَاتُوا وَهُم كَافِرُونَ )) (التوبة:125) ،وقال : (( مَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ لِلإِسلامِ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُ يَجعَل صَدرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجعَلُ اللَّهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ )) (الأنعام:125) . وأيا ما كان فهو ادراك نفساني وأثر شعوري من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيئ واذهاب الرجس - واللام فيه للجنس - إزالة كل هيئة خبيثة في النفس تخطئ حق الاعتقاد والعمل فتنطبق على العصمة الإلهية التي هي صورة علمية نفسانية تحفظ الانسان من باطل الاعتقاد وسيئ العمل .
على أنك عرفت أن إرادة التقوى أو التشديد في التكاليف لا تلائم اختصاص الخطاب في الآية بأهل البيت، وعرفت أيضا أن إرادة ذلك لا تناسب مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العصمة .
فمن المتعين حمل اذهاب الرجس في الآية على العصمة ويكون المراد بالتطهير في قوله : (( ويطهركم تطهيرا )) - وقد أكد بالمصدر - إزالة أثر الرجس بايراد ما يقابله بعد اذهاب أصله ، ومن المعلوم أن ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحق فتطهيرهم هو تجهيزهم بادراك الحق في الاعتقاد والعمل ، ويكون المراد بالإرادة أيضا غير الإرادة التشريعية لما عرفت أن الإرادة التشريعية التي هي توجيه التكاليف إلى المكلف لا تلائم المقام أصلا .
والمعنى: أن الله سبحانه تستمر ارادته أن يخصكم بموهبة العصمة باذهاب الاعتقاد الباطل وأثر العمل السيئ عنكم أهل البيت وايراد ما يزيل أثر ذلك عليكم وهي العصمة.
قوله تعالى : (( وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً )) (الأحزاب:34) ظاهر السياق أن المراد بالذكر ما يقابل النسيان إذ هو المناسب لسياق التأكيد والتشديد الذي في الآيات فيكون بمنزلة الوصية بعد الوصية بامتثال ما وجه إليهن من التكاليف ،
وفى قوله: (( فِي بُيُوتِكُنَّ )) تأكيد آخر .
والمعنى: واحفظن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة وليكن منكن في بال حتى لا تغفلن ولا تتخطين مما خط لكم من المسير .
وأما قول بعضهم: ان المراد واشكرن الله إذ صيركن في بيوت يتلى فيهن القرآن والسنة فبعيد من السياق وخاصة بالنظر إلى قوله في ذيل الآية : (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً )).
ودمتم في رعاية الله
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
السؤال: رد على إشكالات بعض الوهابية على الآية
بطلان استدلال الشيعة بحديث الكساء على إمامة علي وعصمة آل البيت
ومن الأدلة التي يستدلون بها على الإمامة: آية التطهير، وآية التطهير هي قوله تبارك وتعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) يقولون: إن أهل البيت هم: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، بدلالة حديث الكساء.
حديث الكساء ترويه أم المؤمنين عائشة ، وهذا الحديث يخرجه الإمام مسلم .
عائشة تروي: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءه علي فأدخله في عباءته –أي: في كسائه- ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاءه الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جللهم-أي: غطاهم-صلوات الله وسلامه عليه بالكساء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) فقالوا: هذا الحديث يفسر الآية وهي قول الله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) .
ثم الاستدلال الآخر وهو: أن إذهاب الرجس والتطهير، أي: العصمة، فيكونون بذلك معصومين، ويكون علي رضي الله عنه معصوماً، وكذا الحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين، فإذا كان الأمر كذلك فهم إذاً أولى بالإمامة من غيرهم، ثم أخرجوا فاطمة رضي الله عنها وقالوا: إن الإمامة في علي والحسن والحسين، ثم في أولاد الحسين كما هو معلوم عند الكثيرين.
هذه الآية هل هي فعلاً في علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أو في غيرهم؟
كما قلنا في قول الله تبارك وتعالى: (( إنَّمَا وَليّكم اللَّه وَرَسوله وَالَّذينَ آمَنوا الَّذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ وَيؤتونَ الزَّكَاةَ وَهم رَاكعونَ )) (المائدة:55) ثم اقرءوا ما قبل هذه الآية، تدبروا القرآن، فنحن لا نريد أكثر من ذلك، أفليس الله تبارك وتعالى يقول: (( أََفلا يَتَدَبَّرونَ القرآنَ أَم عَلَى قلوب أَقفالهَا )) (محمد:24)؟ ويقول: (( أََفلا يَتَدَبَّرونَ القرآنَ وَلَو كَانَ من عند غَير اللَّه لَوَجَدوا يه اختلافاً كَثيراً )) (النساء:82)؟ إن هذا الخطاب من الله جل وعلا ليس متوجهاً فقط ء ?لى أناس معنيين هم الذين يحق لهم أن يتدبروا القرآن، بل إن الله تعالى يطلب من جميع المسلمين -بل ومن غير المسلمين- أن يتدبروا القرآن، ويتعرفوا على الله جل وعلا من خلال هذا القرآن، فإنهم إذا قرءوا القرآن وتدبروه وعرفوه حق المعرفة وعرفوا قدره ومكانته لن يجدوا بداً من الانصياع إليه واتباعه والإقرار بكماله وحسن رصه، وغير ذلك من الأمور.
كذلك الأمر هنا، نحن لا نريد منكم أكثر من أن تتدبروا القرآن -أنا أعنيكم يا عوام الشيعة- دعوا علماءكم جانباً، ارجعوا إلى كتاب ربكم جل وعلا واقرءوه، وافتحوا هذا القرآن الكريم، على سورة الأحزاب، فعندما نفتح الآن على سورة الأحزاب في الجزء الثاني والعشرين سنجد أن الله تبارك وتعالى يقول: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا وَزينَتَهَا َفتَعَالَينَ أمَتّعكنَّ وَأسَرّحكنَّ سَرَاحاً جَميلاً * وَإن كنتنَّ تردنَ اللَّهَ وَرَسولَه وَالدَّارَ الآخرَةَ فإنَّ اللَّهَ أعَدَّ للمحسنَات منكنَّ أَجراً عَظيماً * يَا نسَاءَ النَّبيّ مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة مبَيّنَة يضَاعَف لَهَا العَذَاب ضعَين وَكَانَ ذَلكَ عَلَى اللَّه يَسيراً * وَمَن يَقنت منكنَّ للَّه وَرَسوله وَتَعمَل صَالحاً نؤتهَا أَجرَهَا مَرَّتَين وَأَعتَدنَا لَهَا رزقاً كَريماً * يَا نسَاءَ النَّبيّ لَستنَّ كَأَحَد من النّسَاء إن اتَّقَيتنَّ فلا تَخضَعنَ بالقَول فيَطمَعَ الَّذي في قَلبه مَرَضٌ وَقلنَ قَولاً مَعروفاً * وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرّجَ الجَاهليَّة الأولَى وَأَقمنَ الصَّلاةَ وَآتينَ الزَّكَاةَ وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً * وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ من آيَات اللَّه وَالحكمَة إنَّ اللَّهَ كَانَ لَطفياً خَبيراً )) (الأحزاب:28-34) نجد أن كل الآيات متناسقة، آيات في نساء النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله: (( يَا نسَاءَ النبيّ )) , (( يَا نسَاءَ النبيّ )) , (( وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ )) ثم قال: (( وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً * وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ )) (الأحزاب:33-34) فنجد الآيات في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف لأحد أن يدعي بعد ذلك أن هذه الآية، بل هذا المقطع من الآية؛ لأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) ليست آية إنما هي جزء من آية: (( وَقَرنَ في بيوتكنَّ )) تلكم الآية، فكيف تقبلون في كلام الله جل وعلا أن يكون الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا )) (الأحزاب:28) ثم يقول: (( يَا نسَاءَ النَّبيّ مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة مبَيّنَة )) (الأحزاب:30) .. (( يَا نسَاءَ النَّبيّ لَستنَّ كَأَحَد من النّسَاء * وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرّجَ الجَاهليَّة الأولَى وَأَقمنَ الصَّلاةَ وَآتينَ الزَّكَاةَ وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:32-33) يا علي.. يا فاطمة .. يا حسين، ثم يعود مرة ثانية: (( وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ )) (الأحزاب:34) ما الذي أدخل علياً والحسن الحسين وفاطمة في خطاب موجه لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما مناسبة هذه الفقرة بين هذه الآيات؟ لا توجد مناسبة؛ ماذا علينا أن نفعل؟ هل نطعن في كلام الله أو نطعن في الذين فهموا هذا الفهم وادعوا دعوى غير صحيحة؛ لأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33)؟ نقول: هذه دعوى باطلة، ف! هذه في نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذلك كان مجاهد رحمه الله تعالى -مجاهد بن جبر- يقول: (هي في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء باهلته). أي: في هذه الآية.
* من هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
القصد هذه الآية هي في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث الكساء لعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وبهذا نجمع بين الأمرين، أن علياً وفاطمة، والحسن والحسين من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل حديث الكساء، وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والدليل: الآيات المذكورة سابقاً، وغيرهم يدخل أيضاً في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كالفضل بن العباس، والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه لما منعهما من الزكاة أن يكونا عاملين عليها وقال: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) ! ويدخل كذلك في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آل جعفر وآل عقيل وآل العباس بحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه وأرضاه، فقصر هذه الآية على علي والحسن والحسين وفاطمة لا يستقيم معه نص الآية؛ ولذلك نقول: إن هذا القول مردود.
* حل إشكال ورد شبهة:
هنا إشكال وهو: إذا كان الأمر كذلك وهي في نساء النبي صلى الله عليه وسلم فما مفهوم: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم )) (الأحزاب:33) ولم يقل: عنكن؟ وهذا هو الذي يدندنون عليه، لماذا قال: عنكم، ولم يقل: عنكن؟ وهذه قد ذكر أهل العلم لها معانف كثيرة منها:
أولاً: -وهو أصح هذه الأقوال-: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم داخل معهن، وذلك أن الخطاب كان للنساء، ثم لما تكلم على البيت دخل سيد البيت وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا دخل صلوات الله وسلامه عليه مع النساء في الخطاب فطبيعي جداً أن تلغى نون النسوة وتأتي بدلها ميم الجمع: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت )) (الأحزاب:33) أي: يا نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومعكن سيدكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتصح أيضاً لما قال الله تبارك وتعالى لما قال عن امرأة إبراهيم: (( رَحمَة اللَّه وَبَرَكَاته عَلَيكم أَهلَ البَيت )) (هود:73) وهي امرأة إبراهيم، لم جاء بميم الجمع هنا: (عليكم) ولم يقل: (عليكن)، ولا (عليكف) أيضاً، وإنما (عليكم)؟ يريد أهل البيت، يريد مراعاة اللفظ، واللفظ (أهل).
وعلى كل حال إن نون النسوة هنا لم يؤت بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل معهن.
*عدم دلالة آية التطهير على عصمة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كذلك بالنسبة للتطهير: الله سبحانه يريد أن يذهب الرجس، ويريد أن يطهر سبحانه وتعالى، فهل هم مطهرون خلقة أو يريد الله الآن أن يطهرهم؟ القوم يدعون أنهم مطهرون خلقة، أي: خلقوا مطهرون، فإذا كانوا خلقوا مطهرين فما معنى قوله وتعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) بعد أوامر ونواهف قال: يريد أن يذهب عنكم الرجس أي: طهركم وأذهب عنكم الرجس، إذاً: ما معنى حديث الكساء، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جللهم بالكساء ثم قال: اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) لماذا يدعو وبماذا؟ يدعو بإذهاب الرجس الذي هو أصلاً ذاهب عنه! م؛ لأنهم مطهرون خلقة؟! فكيف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطلب من الله أن يذهب عنهم الرجس؟ تحصيل حاصل لا ينبغي أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إذاً: هذه الآية لا تدل على العصمة، كيف تدل على العصمة وعلي رضي الله عنه يقول: ( (وإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن من أن يقع مني ذلك)) يقول ذلك في الكافي الجزء الثامن صفحة: (293)، ويقول للحسن ابنه: ( ( ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (576)، وقال له أيضاً: ( ( فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء وتتورط الظناء )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (577)، وقال له كذلك: ( ( فإن أشكل عليك من ذلك-يعني: أمر-فاحمله على جهالتك به، فإنك أول ما خلقت جاهلاً ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحير فيه رأيك، و! يضل فيه بصرك )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (578).
وهذا من يسمونه بالشهيد الثاني: زين الدين بن علي العاملي، يقول: ( ( فإن كثيراً منهم ما كانوا يعتقدون بعصمتهم لخفائها عليهم، بل كانوا يعتقدون أنهم علماء أبرار )). وهذا في حقائق الإيمان صفحة: (151).
* معنى الرجس:
يقول الله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) ما هو الرجس؟ الرجس: قال أهل اللغة: هو القذر.. الذنب .. الإثم .. الفسق .. الشك ..الشرك .. الشيطان، كل هذا يدخل في مسمى الرجس.
وردت كلمة الرجس في القرآن في مواضع عدة، فقد وردت في قول الله تعالى: (( يَا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوا إنَّمَا الخَمر وَالمَيسر وَالأَنصَاب وَالأَزلام رجسٌ من عَمَل الشَّيطَان )) (المائدة:90) وقال تعالى: (( كَذَلكَ يَجعَل اللَّه الرّجسَ عَلَى الَّذينَ لا يؤمنونَ )) (الأنعام:125) وقال سبحانه وتعالى: (( قل لا أَجد في مَا أوحيَ إلَيَّ محَرَّماً عَلَى طَاعم يَطعَمه إلاَّ أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَماً مَسوحاً أَو لَحمَ خنزير َإنَّه رجسٌ أَو سقاً أهلَّ لغَير اللَّه به )) (الأنعام:145)، وكذلك يقول سبحانه وتعالى على الكفار من اليهود: (( قَالَ قَد وَقَعَ عَلَيكم من رَبّكم رجسٌ وَغَضَبٌ أَتجَادلونَني في أَسمَاء سَمَّيتموهَا أَنتم وَآبَاؤكم مَا نَزَّلَ اللَّه بهَا من سلطَان فَانتَظروا إنّي مَعَكم من المنتَظرينَ )) (الأعراف:71) ويقول تعالى: (( سَيَحفلونَ باللَّه لَكم إذَا انقَلَبتم إلَيهم لتعرضوا عَنهم فأَعرضوا عَنهم إنَّهم رجسٌ )) (التوبة:95) وجاءت آيات أخرى تبين معنى الرجس، وهو: الإثم.. الذنب.. القذر.. الشك.. الشيطان.. الشرك، وما شابهها من ! المعاني؛ ولذلك جاء عن جعفر الصادق رضي الله عنه ورحمه أنه قال: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) قال: هو الشك, وقال الباقر: (الرجس: هو الشك، والله)
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الجواب:
الأخ بو عقيل المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الشبهات المطروحة ليست جديدة وقد تقولها عثمان الخميس في كتاب (حقبة من التاريخ) منذ سنين ونحن نجيب عليها بالإضافة لما أجبنا عنها سابقاً. ما ذنب الشيعة والأحاديث الصحيحة صريحة في هذا المعنى المتنازع عليه بأن أهل البيت (عليهم السلام) هم علي وفاطمة والحسن والحسين بالإضافة إلى سيد البيت النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله) فهذه رواية عائشة في مسلم التي حكت فعل النبي (صلى الله عليه وآله) بأصحاب الكساء ثم تلاوته لآية التطهير من سورة الأحزاب، تعاضدها النصوص الصحيحة التي رواها أئمة السنن والآثار حين نقلوا قول النبي(صلى الله عليه وآله) وبطرق مختلفة: ((اللهمّ هؤلاء أهل بيتي))، حين جللهم بالكساء وحين قرأ آية التطهير عليهم خاصة.. وهذا اللفظ منه (صلى الله عليه وآله) يفيد الحصر وتعيين المذكورين فقط بأنهم أهل البيت دون غيرهم، وقد نصَّ العلماء بأن تعريف الجزأين يفيد الحصر (انظر الاتقان في علوم القرآن للسيوطي: 583).
وقد صرّح جمع من علماء أهل السنة بهذا المعنى أيضاً أي بأنّ المراد بأهل البيت هم أصحاب الكساء دون غيرهم، وفي هذا يقول الحاكم النيسابوري في كتابه (المستدرك على الصحيحين)، بعد أن ذكر جملة من الأخبار والروايات الصحيحة الصريحة في أن أهل البيت هم خصوص أصحاب الكساء فقط، وأنهم أيضاً المرادون بمصطلح (آل محمد) دون غيرهم. قال بعد إيرادة لحديث كيفية الصلاة على أهل البيت: ((وإنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعاً هم)) (المستدرك على الصحيحين 3: 160).
وفي هذا المعنى أيضاً يقول الآلوسي صاحب التفسير: ((وأخبار إدخاله (صلى الله عليه وآله) عليّاً وفاطمة وابنيهما أرضي الله تعالى عنهم، تحت الكساء، وقوله عليه الصلاة والسلام: (اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي) ودعائه لهم، وعدم إدخال أمّ سلمة أكثر من أن تحصى، وهي مخصصه لعموم أهل البيت بأي معنى كان البيت، فالمراد بهم من شملهم الكساء ولا يدخل فيهم أزواجه(صلى الله عليه وآله))). (تفسير روح المعاني للآلوسي ج12 ص18).
وأما الاحتجاج بوحدة السياق، وأنّ هذه الآية الكريمة وردت ضمن آيات جاءت تتحدث عن نساء النبي(صلى الله عليه وآله)، فيكون المراد بانهن المقصودات بهذه الآية الكريمة بالاضافة إلى النبي(صلى الله عليه وآله) لمحل التذكير في الضمائر الذي يستفاد منه الشمول للذكر والأنثى، فنقول:
إنَّ من الضروري للاستدلال بوحدة السياق لهذه الآيات، بل وللاستدلال بها في كل آيات القرآن الكريم اثبات نزول الآيات المستدل بها دفعة واحدة، وفي مناسبة واحدة، ليكون بعضها قرينة على البعض الآخر، وأما احتمال تعدد الكلام في مناسبات مختلفة، فهو ينسف الاستدلال بوحدة السياق، ولا يمكن اثبات المدّعى في هذا المقام وفي كل مقام .. ومن المعلوم أن ترتيب الآيات القرآنية في المصحف الشريف لم يكن بحسب التسلسل الزمني لنزولها، فرب آية مدنية وضعت بين آيات مكية وبالعكس .. وهذا الأمر يمكن ملاحظته بأدنى مراجعة لأسباب نزول الآيات التي ذكرها العلماء في الكتب الخاصة بهذا الشأن.
وفي مقامنا: من العسير جداً اثبات نزول آية التطهير (وهي الآية 33 من سورة الأحزاب) مع الآيات الواردة في نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، بل هناك من الأدلة ما يشير إلى نزول آية التطهير قبل آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله): قال السيوطي في (الدر المنثور 5: 199): أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لما دخل علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها جاء النبي (صلى الله عليه وآله) إلى بابها يقول: (السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته الصلاة رحمكم الله، (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33), أنا حرب لما حاربتم، وسلم لما سالمتم).
فإذا علمنا أن زواج فاطمة من علي (عليهما السلام) كان بعد رجوع النبي (صلى الله عليه وآله) من غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، ـ كما يروي ذلك أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين ص30)، أو على رأس اثنين وعشرين شهراً من الهجرة ـ بحسب رواية الطبري في (تاريخه 2: 117) ـ وعلمنا أيضاً أن نزول الآيات المرتبطة بنساء النبي (صلى الله عليه وآله) كان بعد زواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمجموعة منهن ـ بل ذهب بعض المفسرين إلى كونهن تسعة عند نزول هذه الآيات (الدر المنثوره: 199) ـ ولم يختلّف أحد في وجود (حفصة) آنذاك، وأنّها من جملة النساء اللآتي خيّرهنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الدنيا والآخرة .. وقد صرّح الطبري وغيره أن زواج النبي(صلى الله عليه وآله) من حفصة كان في السنة الثالثة من الهجرة قبل الخروج إلى أحد ، أي أن التأريخ متأخر عن زواج فاطمة (عليها السلام) بما يقارب السنة الواحدة أو يزيد عليها.. يتبين لنا من ملاحظة هذين الأمرين أي من تاريخ زواج علي من فاطمة (عليهما السلام) وتاريخ زواج النبي(صلى الله عليه وآله) من حفصة، أنه لا يمكن المصير أو القول بأن آية التطهير قد نزلت دفعت واحدة مع آيات نساء النبي(صلى الله عليه وآله).
وهذا الأشكال الوارد على وحدة السياق لهذه الآية مع تلك الآيات إن ثبت على نحو الجزم، فهو مانع من الاستدلال به في المقام وان لم يثبت على نحو الجزم فلا أقل من كونه احتمالاً مانعاً من تمامية الاستدلال بوحدة السياق في المقام.
وأيضاً يوجد هناك أمران آخران يمنعان من الاستدلال بوحدة السياق لهذه الآيات الكريمات:
الأول: وهو عدم وحدة الخطاب بينها، أي بين آيات النساء وآية التطهير، فالملاحظ أن المولى سبحانه أرجع الإرادة في آيات النساء إليهن لا إليه ـ عز وجل ـ ، إذ قال تعالى: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا ... وَإن كنتنَّ تردنَ اللَّهَ وَرَسولَه... مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة )) (الأحزاب:28-29-30) وبينما في آية التطهير كان الخطاب يحكي عن تعلّق الإرادة الإلهية ذاتها بالتطهير وإذهاب الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام) فقد قال تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33).
الثاني: ان آيات النساء وردت في سياق الزجر والتحذير، بينما آية التطهير ـ بالاتفاق ـ قد وردت في سياق المدح والتفضيل.. وشتان بين السياقين إذا اعتبرنا إن المخاطب في كلا الموردين واحد وليس متعدداً.
وبشكل عام لكي يتم الاحتجاج بوحدة السياق بين آيات ما في القرآن الكريم فهذا الأمر يحتاج إلى شيئين: الأول: الوحدة في النزول، الثاني: الوحدة في الخطاب.. وهما مفقودان في المقام.
وأما دعوى أن مجاهد بن جبر كان يقول: ((هي في نساء النبي(صلى الله عليه وآله) ومن شاء باهلته)). فالصحيح أن هذا الرأي هو لعكرمه مولى ابن عباس كان يجاهر به وينادي به في الأسواق، وهو ـ أي عكرمه ـ معروف بانحرافه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل بيته لأنه كان يرى رأي الخوارج والنصب ظاهر من كلماته وألفاظه في هذه المسألة، وإلا أي شيء يستدعي أجراء المباهلة لغرض بيان تفسير آية من آيات القرآن انها نزلت في فلان دون فلان سوى النصب والعداء الذي كانت تجاهر به الخوارج تجاه أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصةًً وأهل البيت عامةً وبالذات رأي نجدة الحروري ـ والذي كان عكرمة يرى رأيه ـ الذي يعد أشد الآراء بغضاً لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالإضافة إلى تكفير جميع المسلمين من غير الخوارج، وقد اشتهر عن عكرمة أيضاً كذبه ووضعه للحديث لذا وصفه يحيى بن سعيد الأنصاري بأنّه كذاب. (انظر ترجمة عكرمة في ميزان الأعتدال للذهبي والمعارف لابن قتيبة). فمن المعيب بل من الاجحاف الركون إلى هذا الرأي الصادر عن هذا الكذاب الناصبي وترك تلك النصوص الصريحة المستفيضة الصادرة عن النبي(صلى الله عليه وآله) في تفسير آية التطهير بالخمسة أصحاب الكساء دون غيرهم مع أن في قوله - أي عكرمة - دلالة على أن كافة المسلمين كانوا على خلاف في ذلك ولذلك كان يقول: ليس ما تذهبون إليه.. ثم يطلب المباهلة.
ودعوى عود ضمير الجمع ((عنكم.. يطهركم)) إلى ما يشمل الذكور ـ النبي(صلى الله عليه وآله) ـ بالإضافة للزوجات وانه جاء على لسان الخطاب مع زوجة إبراهيم (عليه السلام) في قوله تعالى: (( أتعجبين من أمر الله، رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت )) (هود:73).
نقول: ان استفهام الملائكة من تعجب سارة (زوجة إبراهيم (عليه السلام) ) إنما كان لقرابتها منه (عليه السلام) ولاصطفائها، وهذا المعنى يتطابق مع الواقع الخارجي لسارة ـ لكونها ابنة عم إبراهيم (عليه السلام) ـ وأيضاً مع المدلول اللغوي لكلمة (أهل بيت الرجل) التي نصَّ اللغويون على أن المراد منها أخصّ الناس به ـ أي بالرجل الذي نسبوا على أنهم من أهل بيته ـ، ولا شك أن الارتباط مع الرجل بوشيجة النسب أخص منه في وشيجة السبب ـ كالزواج وغيره ـ، وعلى هذا يكون الخطاب في الآية 73 من (سورة هود) شاهد على أن المراد بأهل البيت (عليهم السلام) في آية التطهير (33 من سورة الأحزاب) هم المرتبطون بالنبي (صلى الله عليه وآله) من حيث النسب لا من حيث السبب كما هو الشأن في سارة زوجة إبراهيم (عليه السلام) المرتبطة بإبراهيم (عليه السلام) من حيث النسب والسبب معاً لا بالسبب وحده.
ولو سلم شمول آية التطهير لزوجات النبي(صلى الله عليه وآله) بالاستناد إلى عموم اللفظ. نقول: قد خصص هذا العموم بالأحاديث الصحيحة المتضافرة من السنّة الشريفة بأنّ المراد بـ (أهل البيت) في الآية الكريمة هم الخمسة أصحاب الكساء دون غيرهم.. فلا يتم مطلوب المناهض لهذا الرأي على أية حال.
وأيضاً الاستدلال بأنّ (أهل البيت) يشمل آل جعفر وآل عقيل وآل العباس - كما رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم – فهذا لا يعدو أن يكون رأياً لزيد رآه لا يقوى على مناهضة الأحاديث الصحيحة الصريحة الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) التي فسرت أهل البيت بالخمسة أصحاب الكساء دون غيرهم.
وهذا الرأي لزيد يمكن الاستدلال به على نفي المراد بأهل البيت نساؤه (صلى الله عليه وآله) فإنّ لزيد بن أرقم في هذه المسألة روايتان، في واحدة منها ينفي أن يكون المراد بأهل بيته (صلى الله عليه وآله) نسائه، وفي الثانية يثبت فيها أنّ أهل بيته هم من حرم الصدقة بعده بالاضافة إلى اثباته بأنّ نسائه من أهل بيته، وقد يبدو التعارض والتناقض بين الروايتين ، ومن هنا قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: ((وأمّا قوله في الرواية الأخرى: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة. قال: وفي الرواية الأخرى: فقلنا مَن أهل بيته نساؤه؟ قال: لا. فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: نساؤه لسن من أهل بيته، فتتأول الرواية الأولى أنهنّ من أهل بيته الذين يساكنون ويعولهم... ولايدخلن فيمن حرم الصدقة)) (صحيح مسلم بشرح النووي 15: 180)، فالملاحظ من هذا الشرح أن الرواية المعروفة والمشهورة عن زيد أن نسائه لسن من أهل بيته, ولكن لورودها في صحيح مسلم على خلاف المعروف والمشهور - كما أشار النووي في شرحه - احتاجت إلى التأويل.
وقد فصل زيد بين أهل البيت بمعنيين: بين من يسكن معه في بيت واحد ويعولهم, وبين من حرم الصدقة بعده, فالمراد بأهل البيت في الحديث - الذي يرويه زيد - هم مَن حرم الصدقة بعده، وهو المعنى الذي أراد بيانه ونصّ عليه شارح مسلم النووي.. ومن المعلوم أن نسائه (صلى الله عليه وآله) لا تحرم عليهن الصدقة بالإجماع، فإذن هنَّ لسن المرادات من مفهوم ((اهل البيت)) الوارد في حديث الثـقلين وكذلك في آية التطهير، بل في كل الأحاديث الواردة في هذا الشأن. وأما القول بأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً ))(الأحزاب: من الآية33) بعد أوامر ونواه، فهذا الأمر قد تبين حاله من الأجوبة السابقة بان آية التطهير لم يكن نزولها مع آيات النساء والمشتملة على تلك الأوامر والنواهي، وهو الأمر الذي اعتبرناه مؤشراً واضحاً على اختلاف السياقين وان سياق (آية التطهير) هو سياق المدح والثناء وهو الذي فهمه كل العلماء والمحدّثين فأوردوا الأحاديث التي وردت فيها هذه الآية بحق أهل البيت (عليهم السلام) في باب مناقبهم وفضائلهم . فتدبر.
وكذلك الأتيان بلفظة ((يريد)) في الآية لا تدل على وقوع المراد في المستقبل فقط، إذ يمكن أن يؤتى بصيغة الأستقبال ويراد بها الماضي والحال كما في قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد الشَّيطَان أَن يوقعَ بَينَكم العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمر وَالمَيسر )) (المائدة:91), مع أن الشيطان قد أوقع العداوة في الماضي بسبب الخمر فلا تدل الآية على ارادة الوقوع في المستقبل فقط مع أن اللفظ جاء بصيغة الاستقبال. وأيضاً قوله تعالى: (( يريد اللَّه أَن يخََّفف عَنكم )) (النساء:28), فالارادة فيه للحال لا للاستقبال مع أن الصيغة صيغة استقبال.. وهكذا غيرها من الموارد المذكورة في القرآن الكريم. فراجع ثمة.
وكذلك كونه (صلى الله عليه واله) دعا لهم بإذهاب الرجس والتطهير ـ كما في بعض نصوص هذه الروايات ـ لايدل على ان الرجس كان ثابتاً عندهم والنبي (صلى الله عليه وآله) يطلب إذهابه، بل نقول ان لسانه (صلى الله عليه وآله) هنا يجري مجرى قول القائل: أذهب الله عنكم كل مرض.. مع أنه لم يكن حاصلاً له أي مرض.
وما نقل عن الشهيد الثاني في كتابه (حقائق الإيمان) بخفاء معنى العصمة عن كثير من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ليس دليلاً على عدم الدليل، فقد يخفى فهم الدليل على بعض ويدركه البعض الآخر وإلا لما دعا المولى سبحانه إلى التدبر والتفكر في آيات الله وسؤال أهل الذكر ووصف قوماً بالراسخين في العلم دون غيرهم!. وأما قولهم: إن عليّاً (عليه السلام) نفى عن نفسه العصمة كما هو الوارد في (نهج البلاغة) أنه قال: (وإني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ، ولا آمن من أن يقع مني ذلك...).
نقول: هذا النص الوارد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة فيه استثناء يدل على العصمة ولكن غالب المستشهدين به يقتطعونه لغرض التلبيس على العوام، فقد قال (عليه السلام) بالنص - كما في النسخة المحققة والتي علّق عليها الشيخ محمد عبده المصري - : (فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلى إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني)(2: 201).
قال الشيخ محمد عبده في تعليقته: يقول: لا آمن من الخطأ في أفعالي، إلا إذا كان يسر الله لنفسي فعلاً هو أشد ملكاً مني، فقد كفاني الله ذلك الفعل فأكون على أمن من الخطأ فيه. (انتهى).
نقول: فهل كفى الله عز وجل أمير المؤمنين (عليه السلام) من نفسه ما هو أملك به منه، ويسّر له فعلاً هو أشد ملكاً منه ينتصر به على نفسه ويأمن الخطأ في فعله كما هو مراد الاستثناء في كلامه (عليه السلام) الذي يغض عنه الطرف المغرضون عمداً وتعمية ؟!
وفي الجواب نقول: فليرجع هؤلاء إلى (نهج البلاغة) نفسه الذي استشهدوا بهذه العبارة منه وليستمعوا إلى أقوال أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الجانب وليلاحظوا العبارات التي يعبّر بها (عليه السلام) عن نفسه بما يفيد نفس معنى العصمة الذي يقول به الإمامية له (عليه السلام).
قال (عليه السلام): (واني لعلى بيّنة من ربي، ومنهاج من نبّي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطاً) (1:189).
ويقول (عليه السلام) في كلام له وقد جمع الناس وحضّهم على الجهاد فسكتوا ملياً: (..لقد حملتكم على الطريق الواضح التي لا يهلك عليها إلا هالك، من استقام فإلى الجنة، ومن زلَّ فإلى النار)(1: 233).
ويقول (عليه السلام) في كلام له لبعض أصحابه: (فإن ترتفع عنا وعنهم محن البلوى، أحملهم من الحق على محضّه): (2: 64).
ويقول (عليه السلام): (ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد(صلى الله عليه وآله) إنّي لم أردّ على الله ولا على رسوله ساعة قط) (2: 171).
ويقول (عليه السلام) في خطبته المسماة بـ (القاصعة) التي ذكر فيها قربه من النبي(صلى الله عليه وآله) وملازمته إياه منذ الصغر: (وكان ـ أي النبي(ص)) يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل) (2: 157).
ويقول (عليه السلام) في كلام له ينبه فيه على فضيلته لقبول قوله وأمره ونهيه: (فو الذّي لا إله إلا هو إني لعلى جادة الحق وإنهم لعلى مزلة الباطل) (2: 172).
ويقول(عليه السلام) في حق أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله): (انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم، واتّبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، ولا يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، لا تسبقوهم فتضلّوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا) (1: 189).
وهكذا نجد غير هذه الكلمات والنصوص الصادرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في (نهج البلاغة) وهي تدل بشكل واضح على عصمته وعصمة أهل بيته الكرام (عليهم السلام).
وأيضاً نقول عن الشبهة الأخرى: بأنه تحمل أقواله (عليه السلام) في وصيته لابن الحسن (عليه السلام) على اللسان المعروف في الخطاب: (إياك أعني واسمعي يا جارة) , وقد ورد هذا الخطاب من الله لنبيّه (صلى الله عليه وآله) في موارد كثيرة في القرآن مع الجزم بعصمة النبي(صلى الله عليه وآله) وعدم تصور اشتماله بالمضمون المخاطب به كمثل قوله تعالى: (( لَئن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلكَ )) (الزمر:65), فإننا نجزم بأنَّ النبي(صلى الله عليه وآله) لا يشرك ولا يمكن أن نتصور منه الشرك وإلا لما جعل نبيا وقد سبق من الله سبحانه أن عهد النبوة أو الإمامة لا يناله ظالم كما في قوله تعالى: (( لا يَنَال عَهدي الظَّالمينَ ))(البقرة:124), والشرك يعد ظلماً عظيماً لقوله تعالى: ((إنَّ الشّركَ لَظلمٌ عَظيمٌ)) (لقمان:13) , فإن كان الأمر كذلك فلا يمكن أن تصل النوبة إلى تقليد عهد النبوة أو الإمامة لرجل سبق في علم الله انه سيكون من الظالمين، وإنما الخطاب المتصور في (الآية 65 من سورة الزمر) إنما هو لمغيرة وليس له (صلى الله عليه وآله) وقد ورد على الطريقة المعروفة التي اشرنا اليها في الخطاب، وكذلك يفهم كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع ابنه الحسن (عليه السلام) بل هكذا ينبغي أن تفهم كلماتهم وادعيتهم (عليهم السلام) التي يوجد فيها الطلب بالمغفرة للذنوب وما أشبه ذلك، وذلك بعد ثبوت الأدلة على عصمتهم كآية التطهير وحديث الثقلين وحديث السفينة وأحاديث أخرى صحيحة.
وأما ما جاء في بيان كلمة (الرجس) والمراد منها فإننا لم نفهم محل التعليق عليه فإنهم قد ذكروا معاني متعددة للرجس بحسب ما جاء في اللغة فيكون الحال ـ بهذا اللحاظ ـ أنّه سبحانه قد أذهب كل هذه الأمور التي يشتمل عليها معنى الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام)، فما ذكروه هو عليهم لا لهم.
فإنَّ لفظ (الرجس) ـ الذي هو متعلق التطهير ـ قد ورد في الآية مطلقاً محلى بألف ولام الجنس ، فالآية الشريفة إذن هي تعلن نفي ماهية الرجس بنحو العام الاستيعابي لكل ما هو داخل تحت هذا الأسم عن أهل البيت المذكورين في الآية.. وأوضح منه في افادة العموم، قوله عز وجل (( ويطهركم تطهيراً ))، وهذا لا يحصل برفع بعض الأقذار دون بعض، وإنما يتحقق ـ أي التطهير ـ برفع جميع الاقذار ودفعه عن المحل.. فالآية تدل على نفي عموم الخبائث والنقائص والقبائح عن أهل البيت ظاهراً وباطناً وبجميع المراتب.. وهذا المعنى أيضاً يمكن استفادته بملاحظة آيات اخرى وردت في القرآن الكريم، فإننا عندما نلاحظ قوله تعالى: (( وَأَمَّا الَّذينَ في قلوبهم مَرَضٌ فزَادَتهم رجساً إلَى رجسهم ))(التوبة:125), يتبين لنا أنَّ للرجس مراتب وأنّه من الأمور المتفاوته أي بمعنى أنه ليس بمرتبة واحدة وإلا لا تصح الزيادة في الآية الكريمة آنفاً (وزادتهم)، وكذلك نستفيد أن للرجس ظاهر وباطن، إذ بحسب تفسير الرجس بالأثم نستفيد دلالة ذلك كما في قوله تعالى: (( وَذَروا ظَاهرَ الأثم وَبَاطنَه )) (الأنعام:120), وهذا كله قد أذهبه الله عز وجل ـ بدلالة آية التطهيرـ عن أهل البيت (عليهم السلام).
وما ذكروه عن تفسير الإمام الباقر (عليه السلام) للرجس بالشرك فإننا نفهم هذا التفسير بعد ملاحظة شمول معنى الرجس للذنوب والمعاصي والشكوك وهو بحسب ما جاء في كلمات أهل اللغة من باب تفسير اللفظ بأبرز مصاديقه لا أنه يحصر مفهوم الرجس بهذا المصداق كيف والقرآن الكريم يعطي هذا المفهوم تلك المصاديق الكثيرة كما هو واضح من الآيات الكريمة التي أوردوا هم بعضها.
ولمزيد الاطلاع على ردود اخرى حول الشبهات الواردة راجع كتاب (رد اباطيل عثمان الخميس) على آية التطهير وحديث الكساء لكاتبه حسن بن عبد الله بن علي .
ودمتم في رعاية الله
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
تعليق على الجواب (1)
الاخوة في مركز الابحاث نسأل الله لكم الهداية وأود أن أخبركم انني من المتابعين الجادين لهذا المركز على أصل الى الحق الذي يرضاه الله لي ويبرئ ذمتى عند الله يوم القيامة غير أني لم استسغ كثير من الافكار التي تحومون حولها خصوصا العصمة والنص وغير ذلك ويعلم الله أنني لست متحاملا على هذا المذهب بقدر ما قررت في نفسي بأني لو وجدت ما يريحني من حيرتي لسلكت ذلك السبيل عن قناعة ورضى
ايها الاخوة كماقلت لكم لماذا هذه المقدمات الكبيرة كالعصمة والنص وغير ذلك وأنتم لم تأتونا بنص جلي على العصمة لا في القرآن ولا في السنة وأنما كله استنباط كما أن التطهير وأذهاب الرجس يدل على العصمة فلم لا يقول الله علي معصوم ويريج الناس في هذا الامر الذي عددتموه أصلا من أصول المذهب فمتى كانت الطهارة تعني العصمة أترى أن قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرم وتزكيهم بها هل يعني هذا تجعلهم معصومين واني اعلم انكم ستفلسفون هذه الايه وتجدون مخرجا ولكن كل ما أريد أن أقوله أن الاصول لا بد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة والا صار الدين مجرد ألغاز وطلاسم لا تفهم ألا بنصوص أخرى وتلك الاخرى تحتاج الى أخرى وهكذا تتسلسل النصوص الى أن يأتي النص القاطع في الحكم من هنا اقتضت الحكمة الالهية أن تأتي النصوص الكلية والاصول في الاسلام ظاهرة محكمة يفهما كل الناس وأنما يحتاج الى الفقه والاجتهاد في مسائل فرعية وقضايا لا يبنى عليها ايمان ولا كفر .
ولذا أيها الاخوة تأملت كثيرا في أصول مذهبكم وأصول مذهب السنة فوجدت أن الاصول في السنة كلها مقبولة عقلا وشرعا والادلة عليها سهلة وواضحة في القرآن والسنة يصل اليها كل أحد بخلاف أصولكم التي لا تصح ألا بمقدمات خارج الدليل بحادة الى دليل آخر وذلك باطراد ويعلم الله أنني مع كثر اطلاعي وقراتي في كتبكم ومراجعكم لم أجد دليلا واحدا خاصة من القران مستقلا بذاته بل بحاجة الى نص من السنة ولقد رجعت الى احد الكتب المعتبرة وهو منهاج الكرامة لابن المطهر الحلي وقرات ما كتبه في البراهين الدالة على امامة علي من القران الكريم وقد أورد المصنف أكثر من ثلاثين برهاناعلى حد قوله من القران الكريم والغريب أني لم أجد برهانا من تلك البرهين الا في اخبار من كتب الثعلبي وأبي نعيم فأين القرأن وهو قد حدد أنها من القران لكن لم أجد شيئا منها من القران
فأقول ايها الاخوة لماذا الاتكاء على أمور محتملة وجعلها من أصول الدين دعوني أصارحكم بما يدور في راسي الان بعيدا عن النصوص ولنات الى الواقع الذي عاشه علي وغيره ودعونا نتأمل أهكذا يكون المعصوم ؟
1- تولى علي الخلافة بعد مقتل عثمان وكانت الامة واحدة موحدة مجتمعة على امامها فصارت الامة ثلاثه أقسام مع علي قسم بايعه وقاتل معه وقسم رقض مبايعته وهم أهل الشام وقسم لا معه ولا عليه وهم اكثر السابقين الاولين وهنا يرد تساؤل : كيف ساغ لاكثر الناس أن يتخلفوا عن البيعة لامام معصوم وقد بايعوا من لم يكن معصوما قبله ولماذا لم يحتج عليهم علي بأنه معصوم واجب البيعة
2- المهم نحن نعلم أن عليا كاد أن يحسم الامر لصالحه في صفين لولا الحيلة الذكية من معاويه ومن معه في رفع المصاحف والدعوة الى التحكيم هنالك توقف القتال وأدى التحكيم الى ما أدى اليه من عدم حصول المصلحة منه بل تفرق الناس على علي وبايعوا معاوية خليفة بعد ان اتفق الحكمان على عزل كل من علي ومعاوية وترك الامر شوري بين المسلمين والسؤال هنا
جرى الصلح بموافقة علي ام لا فان كان الاول فما هكذا يكون عمل المعصوم الذي لا يخطئ بل كان الحزم من علي أن يكمل المعركة ويحسم الامر لا أن يجر على نفسه من المتاعب والخسارة ماجره وقف المعركة وقصة التحكيم فأنه من المعلوم أنة منذ ذلك الوقت [التحكيم ] بدأ امر علي في الصعف وأمر معاوية في القوة حتى انتهى الامر بخروج مصر واليمن والمدينة ومكة وغيرها من أمر على وصارت في أمر معاوية
أما أن كان الثاني أي ان الصلح تم بدون رضاه وانه اكره على ذلك فهذابلغ في الحجة عليكم في أن أصحاب على الذين حاربوا معه كانوا لا يعلمون له عصمة والا لما جادلوه في الامر واكرهوه على التحكيم بل كانوا اشد تحمسا للحرب معه كونهم يعلمون أنهم يقاتلون مع معصوم .
فكيف تفسرون لنا موقف علي من الصلح وبأي حق ساغ لعلي أن يجعل الامر في الصلح لابي موسى وهو الذي عزله بعد ذلك عن الخلافة حتى يكون الامر شورى بين المسلمين أكان أبو موسى موثوقا من علي فكيف ساغ له عزل المعصوم وان كان غير ذلك فلماذا اختاره على على غيره .
ارأيتم ايها الاخوة كيف ان الامر لا يستفيم بالقول بعصمة عليى وانما الامر بغير ذلك اقرب الى الصواب والفهم وهو الواقع الذي حدث فاهل السنة ينظرون الى علي أنه كان احق بالامر من غيره آنذاك ولكنه بلي بقوم لا يطيعونه في الغالب وجروه الى بعض الامور التي كان يرى ان الصواب في خلافها ومع ذلك اجتهد في كل اموره وسياجره الله عليها على كل حال فما كان في مقدوره في اصلاح امر الامة اكثر من ذلك رضي الله عنه وارضاه
أما عندالشيعة فلا يمكن ان يفهم موقف على من تلك الاحداث كما بينا الا ان يكون المعصوم مقهورا حتى من اصحابه لا تفيده عصمته ولا تفيد اصحابه بل يامرون بخلافها وهو لا يمانع ولا يملك من أمر نفسه شيئا مع معرفته بالحق ولكمه يسلك معهم حيث يريدون بخلاف الحق الدي يعلمه فاي عصمة هذه وما أفادت الامة من المصالح خاصة وان الائمة الثلاثه السابقين مع كونهم ليسوا معصومين لكن حال الامة معهم اصلح واقوى الجهاد ماض والاسلام عزيز والناس يدخلون فيه افواجا والامة متحدة في كل شؤنها على خليفتها بعكس الامر ايام علي فكيف صلحت امور الناس واستقامت مع غير المعصومين واضطربت واختلفت مع المعصوم فاذا كان الامر كذلك كان امر الامة بلا معصوم افضل واقوم
واخيرا قد تقولون ما اعتدنا عليه دائما من أن كل تلك الامور التي جرت كان علي يعلمها ويرضاها لانها مما كتبه الله عليه وعلى الامة كما تقولون في الحسين بن على بأنه كان يعلم أنه سيقتل ولكنه نفد المشيئة فنقول : ان الله لا يرضى الا بالطاعة ولا يرضى بالمعصية فان كان وقف القتال في صفين والرضا بالتحكيم مما يرضاه الله فقد فعل علي الصواب ولم تنفعه عصمته هنا وكان ذلك حجة لمعاوية ومن معه ممن قاتل عليا وأن كان ذلك مما لا يرضى به الله بل كان يرضى الحسم وخلافة على فقد ترك علي ما يرضى الله بعد أن قهره اصحابه على رايهم الاخر وما ذلك شان المعصوم
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الجواب:
الأخ علي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: نشكرك على هذا الاهتمام بالموقع ونسأل الله أن يهديك إلى صراطه المستقيم والحق الذي يرضاه.
ثانياً: نراك قد أوردت تعليقك تحت موضوع آية التطهير, مع أنك لم تتطرق إلى ما مذكور من بحث حولها والإجابة على الإشكالات الواردة هناك إلا بالإشارة من بعيد, إلى أنها استنباط أو تفلسف, وإن الطهارة لا تعني العصمة بدلالة آية الصدق. وسيأتي بعض الجواب على ما قلته بالتسلسل.
ولكن إذا كان ما نقوله استنباط أفلا يحتاج إلى جواب ! ثم من أين لك أن الإستنباط ليس بحجة؟ أليس ما يفعله العلماء كلهم سوى الاستنباط.
إن الاستنباط قسمان: استنباط صحيح وثبتت حجية مقدماته فهو حجة, واستنباط خاطيء وأن مقدماته ليست بحجة فهو ليس بحجة. والمعلوم أن النقاش العلمي يكون في إثبات حجية وصحة الاستنباط من عدمه لا في أصل الاستنباط, فما هذا إلا من الخطأ في فهم المنهج العلمي والشرعي إذا لم نقل من الغفلة والشبهة.
وعلى كل فإنا نراك لم تناقش في الأدلة التي أقامها العلماء على اثبات العصمة وهي المعول في البحث العلمي وتركتها جانباً, واقتصرت على ذكر بعض ما تصورته من النقوض الجزئية لرد القول بالعصمة, وهذه النقوض لا تصمد عن كونها أوهام دائرة الآن في الساحة على الإنترنيت لا تصمد أمام البحث. وسنبين ما فيها لاحقاً.
ومن هنا تبين لنا أن المشكلة عندك ليست في الأدلة! إذ لم تناقشها إلا لماماً, وإنما المشكلة هي في المنهج المتبع أو عدم إدراك كليات وقواعد المنهج اللازم اتباعه في البحث العلمي عموماً والبحث العلمي في علم الكلام أو كل علوم الشريعة خصوصاً, وقد تستنكر ذلك الآن وترفضه! ولكن سنوضح لك ذلك بما يسعنا من وقت. ولنبدأ من بداية كلامك بالتسلسل:
ثالثاً: بعد المقدمة التي ذكرتها في سطر ونصف تقريباً قلت: ((غير اني لم استسغ كثيراً من الأفكار التي تحومون حولها)).
فنقول: إننا سنأخذ كلامك على المعنى المفهوم من ظاهر الألفاظ التي ذكرتها التي يتعامل ويتعاطى بها أصحاب اللغة العربية, نقول هذا إذ لعلك لا تقصد بالحرف المعنى الذي سوف نفهمه من ظاهر اللفظ وإنما ذكرته من جهة المسامحة في التعبير وهي منتشرة كثيراً عند الكتاب, ولكن نحن لا نعلم الغيب وإنما نأخذ بظاهر الكلام.
فأنت تقول: ((إني لم استسغ)), فمتى كان الدليل العلمي يقيم بالاستساغة أو عدمها, أو التفاعل, أو الحبّ, أو الرغبة, وما إلى ذلك؟! إن حجية الدليل تتم بسلامة مقدماته مادة وصورة فإذا أورثت القطع فهو المطلوب, أو ترجع بالنهاية إلى دليل قطعي كما في الحجج الظنية في الفروع, ونحن لا نطرح في موقعنا أفكاراً مجردة للترف العلمي, وإنما نطرح أدلة علمية قطعية تكفي للحجية في باب العقائد وأصول الدين والشريعة, فلاحظ, خاصة ما نطرحه في باب النص على الإمامة والتي من لوازمها العصمة, فإن هذه المسألة مما لا يتسامح بها في الدين والعقيدة.
ثم قلت: ((التي تحومون حولها)), فنحن لا نحوم حول هذه المسائل, بل نستدل عليها مباشرة من دون تعريض ونثبتها بالقطع بكل صراحة ووضوح.
رابعاً: قلت: ((ويعلم الله أنني لست متحاملاً على هذا المذهب...الخ)), فهذا هو الانصاف والحيادية وهو المطلوب من كل أحد يريد السلامة لدينه ويخاف يوم المعاد ويوم لا تنفع الأشهاد, ونشد على يدك في ذلك, ولكن هل استطعت أن تخرج عن ميلك إلى جانب معين وتلتزم الحياد في كل مسألة؟ سنرى فيما يأتي!
خامساً: قلت: ((أيها الأخوة كما قلت لكم لماذا هذه المقدمات الكبيرة كالعصمة والنص)), نحن لا نقدم مقدمات! فليس الأمر هو مقالة صحفية حتى نقدم لها مقدمات تهيئ ذهن القارئ, وإنما هي الأدلة إذا صحت لزم المطلوب وتمت الحجة.
سادساً: قولك: ((وانتم لم تاتونا بنص جلي على العصمة لا في القرآن ولا في السنة وإنما كله استنباط)), هنا لابد من أن نبين بعض القواعد والمباني المستخدمة في الإستدلال كما وعدناك والمبحوث بعضها في علم الكلام وعلوم القرآن وأكثرها في علم أصول الفقه:
من الواضح أنك حصرت موضوع كلامك على الدليل النقلي ولم تتطرق إلى الدليل العقلي, إذ قولك: ((بنص جلي...الخ)) يدل على ذلك, ونحن نحبّ أن ننبهك إلى وجود أدلة عقلية عندنا على وجوب الإمامة ولزوم عصمة الإمام, ولا تتم الحجة عندك إلا بالبحث فيها وردها أو قبولها, ولكن بما أنك لم تذكر شيئاً منها فاننا سنعطف عنان القلم إلى القواعد المستخدمة في الاستدلال من الدليل النقلي, فقول:
إن الدليل النقلي يأخذ من القرآن ومن السنة بأقسامها من القول والفعل والتقرير, والظاهر من كلامك أنك ترى حجيتها معاً, فقولك: (( لا في القرآن ولا في السنة)) يدل على ذلك! على العكس من بعض المتشدقين هذه الأيام الذين يطالبون بالدليل من القرآن ويعزلون السنة عن حجيتها ودلالتها, ولذا فنحن سوف نترك الرد عليهم لعدم الدعوى عليه هنا.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
ثم إن الدليل النقلي ينقسم من حيث الصدور إلى: قطعي الصدور, وظني الصدور. وقطعي الصدور كالقرآن والسنة المتواترة, والظني الصدور كالخبر الواحد.
وينقسم أيضاً من حيث الدلالة إلى: نص قطعي الدلالة, وظاهر ظني الدلالة. والقطعي الصدور حجة بذاته لقطعيته, والظني الصدور لابد أن يرجع إلى دليل قطعي يدل على حجيته, كما في الخبر الواحد الذي قامت الأدلة القطعية على حجية الموثق أو الصحيح على الاختلاف بين المدارس الفقهية.
والنص القطعي حجة لقطعيته أيضا, والظاهر حجة أيضاً وإن كان ظناً لمّا قامت الأدلة القطعية على حجيته كاتفاق أهل اللغة وسيرة العقلاء وأهل الدين, وهو واضح من جهة تعامل الفقهاء والعلماء, بل كل الناس مع ظواهر القرآن وظواهر السنة.
وعليه فالدليل القطعي التام الدلالة يجب أن يكون قطعي الصدور ونص في المطلوب, ولا يكون قطعياً إذا كان ظنيّاً من أحد الجهتين سواء كان ظني الصدور أم ظاهر في الدلالة, ولكن هذا حكم القطع, ولا يعني عدم حجية الدليل المظنون من جهة الصدور أو الدلالة مطلقاً, وهناك عبارة مشهورة تبين مقدار حجية الظن وهي: (ان الظن لا يورث علماً ولكن يوجب عملاً), أي يجب العمل به في الفروع والفقه ولا يجب الأخذ به في العقائد, ولكن هذا المبنى خالف فيه البعض خاصة أهل الحديث سابقاً والوهابية لاحقاً, فانهم يتمسكون بالخبر الصحيح في العقائد مع أنه ظني الصدور وفي أغلب الأحيان ظني الدلالة أيضاً.
وأما الشيعة الإمامية فأنهم في العقائد لا يقبلون إلا الدليل القطعي صدوراً ودلالة, نعم يعملون بالظنون المعتبرة في الفروع, والدليل القطعي في أصول الدين عندهم أعم من الدليل العقلي والدليل النقلي, المهم أنه يجب أن يورث القطع, وهم يدّعون وجود الأدلة القطعية على عقائدهم من كلا النوعين عقلاً ونقلاً.
والدليل النقلي من السنة عندهم ربما يكون قطعيّاً صدوراً لأنه نص متواتر ويسمونه متواتراً لفظيّاً ربما يكون متواتراً معناً ومضموناً ويسمونه المتواتر المعنوي, والمتواتر اللفظي ربما يكون نص في الدلالة لا يحتاج إلى استدلال فيطلق عليه الدليل الجلي, على بعض الاصطلاحات مقابل ما يحتاج إلى استدلال فيسمى النص الخفي, وهو حجة أيضاً إذا تم الاستدلال. فلا تتوهم اقتصار الدليل المقبول على النص الجلي! وأيضاً إن الظواهر المتعددة إذا تعددت ووصلت حداً يورث القطع دخلت في الدليل القطعي.
فما قلته من ((لم تأتونا بنص جلي على العصمة....الخ)), إن كنت تريد النص الجلي باصطلاحنا؟ فقد ذكر علمائنا عدة نصوص جلية على الإمامة والعصمة, ذكر بعضها المرتضى في (الشافي), فراجع, هذا أولاً. وثانياً: أننا لم نقصر الدليل على الجلي وإنما الخفي أيضاً دليل تام عندنا بعد الاستدلال, وهذا كثير في كلامنا.
وإن كنت تريد أن تأسس لقاعدة عندك وهي أنه لابد في أصول الدين من نص واضح صريح في المطلوب غير ظاهر ولا يحتاج إلى استدلال, فيجب عليك أولاً أن تأسس لهذه القاعدة وتستدل عليها ثم تطالب الآخرين بها, وأما إذا لم تقم الدليل عليها أو ثبت بطلانها فلا تستطيع أن تحصر الدليل على عقائدك بها, وأمامك أقوال علماء المسلمين في الكلام والقرآن والفقه وأصوله كلها تنقض هذه القاعدة, بل أن التمسك بها والاقتصار على النصوص في المطلوب يؤدي إلى ضياع معظم عقائد المسلمين, بل ذهاب علم الكلام وتفسير القرآن من أساسه فضلاً عن الفقه.
والقرآن نفسه يدحض كلامك! فالقرآن حمال أوجه, استدلت به كل فرق المسلمين منزهٍ ومشبه قدري وجهمي, واستدل به الإمامية والمعتزلة والأشاعرة والخوارج والكرامية وغيرهم, فأين النصوص الظاهرة المدعاة عند كل هذه الفرق؟
ومن الذي اقتصر عليها من هذه الفرق, حتى تطالب الشيعة هم وحدهم بها؟! مع أن الشيعة لديهم من النصوص الظاهرة الواضحة ما هو مسطور في كتبهم, ولا يخدش في ذلك إنكار منكر أو ادعاء مدع بعدم نصيتها ووضوحها, كما لا يضر الأمر البديهي إذا أنكر شخص ما بداهته, فإن هذا لا ينبع إلا عن عناد أو غفلة أو شبهة.
ومما قدمنا يظهر ما في كلامك: ((ان الأصول لابد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة)) من خلط!! فإن النص غير الظاهر, إلا إذا كنت تريد من (الظاهر) الوضوح والصراحة فيرجع إلى كلامك الأول, وقد اجبنا عليه وانه دعوى غير مثبته لا غير. ونحن نعلم منبت هذه الدعوى, فإنها انتشرت وسادت في السنين المتأخرة على الإنترنيت لما دخله أناس غير متخصصين بعلم الكلام سطحيين في التفكير, وقفوا عاجزين أمام أدلة الشيعة الإمامية, فلم يجدوا إلا المطالبة بالنصوص على إمامة علي (عليه السلام) باسمه من القرآن, ووسعوا طلبهم بالمطالبة بوجود نص من القرآن على الإمامة والعصمة, وغفلوا لما كانوا غير مطلعين على أن علماء الكلام اشترطوا في الدليل ما يورث العلم وهو الدليل القطعي من أي طريق كان وبأي نحو أتى, ولكن الغرض لم يكن الاستدلال والعلم ومعرفة الحق وإنما محاولة إحراج الشيعة! ولذا عندما أورد الشيعة النصوص القرآنية الصريحة في الإمامة, بدأوا بالخدشة فيها والمناقشة والتأويل وتحريف الظاهر بما كان يفعله من كان قبلهم من الفرق, ولكن كما قلنا أن هذا لا يؤثر في الدليل من حيث االدلالة في نفسه.
ومن الظريف أنهم أخذوا يطالبون بالنص الواضح من الشيعة مع أنّهم يتمسكون بالظني الظاهري في العقائد كما في الخبر الصحيح عندهم!!
وأظرف من هذا أنهم أخذوا يطالبون بآيات من القرآن تذكر بعض الألفاظ المصطلحة كالعصمة, وغفلوا أن المراد في العقائد هو المعاني والمفاهيم لا الألفاظ البحتة والمصطلحات الكلامية!!
فإذا استدل الشيعة بآية العهد مثلاً: (( لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) (البقرة:124), قالوا: ان العهد ليس الإمامة.
وإذا استدلوا بآية التطهير: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33), قالوا: لم ترد كلمة العصمة في هذه الآية.
وغفلوا عن الدلالة والمعنى! وهذا مما يضحك الثكلى, وهو مرض نابع من كثرة ما يلهجون بالظواهر اجتمع مع جمود فكر وتبلد ذهن أدى إلى هذا التحجر على الالفاظ وعدم عبورهم إلى ما وراء الأذن إلى العقل والقلب, فلعمري بماذا أبتلينا!!
سابعاً: قولك: ((وإنما كله استنباط كما أن التطهير واذهاب الرجس يدل على العصمة فلم لا يقول الله علي معصوم ويريح الناس في هذا الأمر)), فقد بيّنا ما يتعلق بالاستنباط, وانه من الطرق الشرعية لإثبات مسائل الدين, وهو حجة إذا كان صحيحاً بإتفاق علماء المسلمين, والكلام فيه إذا كان هناك كلام يكون في بيان خطأ الاستنباط. فكان الأجدى بك أن تبين أن التطهير واذهاب الرجس لا يدل على العصمة كما فعل الكثير قبلك وأجبناهم!
ثم إن المطلوب في العقائد هو الإيمان بالمفاهيم والمعاني المرتبطة بها وما تدل عليه من مصاديق واقعية لا الإيمان بالألفاظ والاعتقاد بها, ومن ثم ان المطلوب منا الاعتقاد بمفهوم ومعنى العصمة لا لفظ العصمة, فإن المسلم غير العربي مثلاً لا يسأل يوم القيامة عن لفظة العصمة وإنما يسأل عن ما اعتقده من مفهوم العصمة بأي طريقة وصل إليه, المهم هو عقد القلب على المعنى والمفهوم المراد منه, فإذا كانت هناك ألفاظ وتراكيب لغوية تدل على مفهوم ومعنى معين, وضع له اصطلاح من الاصطلاحات كالعصمة مثلاً من قبل العلماء, كانت الغاية الأساس هو المفهوم لا الاصطلاح, ويكون البحث في الأدلة التي تدل على هذا المفهوم والمعنى, فإذا ثبت وجب الاعتقاد به, وهذا ليس من الاستنباط في شيء! وإنما هو فهم للمعنى الظاهر, وللاستنباط معنى آخر مذكور في الفقه وأصوله ويتضح ذلك - أي أنه فهم للمعنى - بما يلي :
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
العصمة لغة: هي المنع, كما يقال: ماء معصوم, وجاء في القرآن بهذا المعنى, قال تعالى: (( وَاللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) (المائدة:67), أي يمنعك. وفي الاصطلاح: المنع من ارتكاب الذنوب والآثام والفواحش والرذائل بل كل أنواع الرجس, فهو يعود إلى المعنى اللغوي استخدمه العلماء في الدلالة على خلو هذا الإنسان وتطهره مما عددنا آنفاً.
فإذا وردت آية في القرآن مثلاً تدل على خلو أشخاص معينين من جميع أنواع الرجس وأنهم مطهرون بأعلى درجات التطهير, ثبت هذا المفهوم والمعنى لهم, وثبت وصفهم بهذا المعنى الاصطلاحي عند العلماء, فمن الغفلة حينئذٍ المطالبة بورود نص باللفظ الاصطلاحي المعني في القرآن, بل لرب قائل يقول لك: لا نريد منك الإيمان باللفظ فلا مشاحة بالاصطلاحات ولكن نريد منك الإيمان بالمفهوم والمعنى واثباته لمن ثبت له!!
فقولك: ((لم لا يقول الله علي معصوم ويريح الناس؟)), فيه أولاً: تحكم على الله وحجر على لغة القرآن بما تشتهي أنفسكم, ولسان حالكم يقول: أننا لا نؤمن بالعصمة إلا بهذا اللفظ. وثانياً يكون الجواب: أنه قد جاءت تلك العقيدة التي تطالبون بها في القرآن بما يوصل المعنى المراد من دون شبهة, فإذهاب جميع أنواع الرجس وأعلى درجات التطهير عصمة بلا ريب, وهل لها معنى آخر يا ترى؟! ودعك عن المعاني المدعاة على لسان القوم كما سنذكرها لاحقاً.
ثامناً: قولك: ((الذي عددتموه أصلاً من أصول المذهب)), إن الذي عددناه أصلاً من أصول المذهب هو الإمامة ووجوب وجود إمام, وأما كونه معصوماً فهو لازم لهذا المنصب له أدلته الخاصة, فالعصمة مسألة من مسائل الإمامة لاحقةٌ بها وليست هي الأصل الذي عدّ من الأصول.
تاسعاً: قولك: ((فمتى كانت الطهارة تعني العصمة)), إن الطهارة لا تعني العصمة, ولكن الطهارة بأعلى درجاتها, ومن كل الآثام والرذائل والفواحش, تعني العصمة الاصطلاحية المدعاة.
والتحقيق: ان هناك خلطاً بين الطهارة كتشريع المرادة من مثل الوضوء, وبين تحقق الطهارة المعنوية والابتعاد عن الرذائل والذنوب, وإن كانت الطهارة كتشريع لها أثر تكويني في الطهارة المعنوية.
والكلام في تحقق الطهارة المعنوية: وهي لها عرض عريض من أدنى المراتب إلى أعلاها, فهي مشككة, فإذا قلنا مثلاً: أن هذا الشخص طاهر عن الكذب أبدا, يعني أنه معصوم من الكذب. وهكذا كلما زاد في التطهر عن بقية الذنوب والفواحش والرذائل يكون معصوماً بدرجة أعلى, حتى أن العدالة لإمام الجماعة أو للقاضي نوع من العصمة, حتى إذا تطهر عن أنواع الشرك الخفي وصل إلى درجة العصمة في الإيمان مثلاً, وهكذا إذا أرتفع عنه النسيان والغفلة والخطاء في التطبيق وصل إلى مرحلة أعلى, فالطهارة وإن كان مفهومها غير مفهوم العصمة ولكنها تعني الحصول على العصمة بمرتبة ما, فلاحظ .
ومن هنا تبين لك ما في المعاني التي يذكرها القوم لبعض الآيات وخلطهم بين رتب الطهارة, بل بين الطهارة كارادة تشريعية, والطهارة كارادة تكوينية, وتفصيله تجده على موقعنا فلا نكرر.
فما ذكرت من الآية: (( خُذ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُم وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) (التوبة:103), فيها الطهارة كارادة تشريعية ولو ثبتوا عليها دائماً لحصلت لهم رتبة من العصمة بقدرها.
وقولك: ((إني أعلم أنكم ستفلسفون هذه الآية)), فهل تجد فيما ذكرنا نوع فلسفة؟ أو هو فهم صحيح مطلوب منا عندما أمرنا بالتدبر في القرآن؟
عاشراً: قولك: ((لابد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة)), وإن كنا ذكرنا ما فيه سابقاً, ولكن هنا نود أن نلفت انتباهك إلى ما غفلت عنه! فإن جميع المسلمين قاطبة يثبتون العصمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) على اختلافهم في مراتبها, وأقلها العصمة في التبليغ والعصمة عن الكبائر, فهل يا ترى تستطيع أن تردهم بعقيدتهم وتقول لهم: (لابد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة) من القرآن؟! ولم لا يقول الله (محمد معصوم في التبليغ ويريح الناس)؟! ونحن هنا نوكل الجواب للمسلمين, فما يقولونه لك فنحن نقوله, وإذا استدلوا عليك بالآية (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى )) (النجم:3-4), فنرجو أن لا تعتبرها نص ظاهر واضح في الدلالة, فليس فيها لفظة العصمة كما تريد, ولا هي خلت من النقاش والاستنباط, أو على قولك التفلسف في كلام علماء المسلمين!!
ومع ذلك فاننا نرى أن كلامك أخذ بالسير باتجاه وحيد وحصر الدليل من خلال القرآن, خاصة قولك: ((لم لا يقول الله....الخ))! وإلا قد كنا أرضيناك وذكرنا لك النصوص من الروايات التي عندنا بلفظ العصمة.
الحادي عشر: قولك: ((والا صار الدين مجرد ألغاز وطلاسم لا تفهم إلا بنصوص أخرى...الخ).
لابد أنك لا تقصد من كون الدين طلاسم المعنى الحرفي, إذ أن الدين مفاهيم اعتقادية وأحكام شرعية لا تصبح طلاسم إلا إذا كانت مبهمة, لا أن الأدلة عليها غير واضحة مثلاً, فالظاهر أن مرادك أن الأدلة التي تقام على مفاهيم الدين إذا كانت غير واضحة أصبحت طلاسم بمعنى ألغاز تحتاج إلى حل, ولكن الأدلة لا تكون هكذا إلا إذا كانت غامضة معبراًعنها بالرموز, وهذا ما يدعيه أصحاب التفسير الباطن, ونحن لا ندعيه ونرفضه رفضاً باتاً, وإن كان البعض يتهمنا به تعميماً علينا لما عند بعض الفرق المنسوبة للشيعة, أو لعدم فهم ٍ منه لسياقات أدلتنا.
واما أن الأدلة اللفظية المحتاجة إلى تفسير وتوضيح أو المفاهيم التي تحتاج إلى استدلال أو الأحكام التي تستنبط أستنباطاً فليست هي من الألغاز, بل ان ديدن البشرية في التعامل مع النصوص في كافة العلوم على الشرح والتفسير والاستدلال, ولا يوجد دين ولا عقيدة ولا ايدلوجية في العالم تورد جميع المعاني الجزئية في نصوص وأدلة لفظية مبسوطة.
وهذا القرآن أمامك فهو كتاب هداية جاءت الآيات فيه على شكل قواعد ومعاني كلية في أغلبها, ولم يأت بالتفصيل لكل شيء, وإلا لما انتهت آياته بالملايين, بل أن من مرتكزات المسلمين أن القرآن يحتاج إلى مبين ومفسر, وأول من فسره وبينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنص القرآن الذي أمرنا بإتباع سنته وما بينه, وتفصيل البحث هنا يطول مذكور في علوم القرآن.
ومن مرتكزاتهم وجود المحكم والمتشابه والعام والخاص والمطلق والمقيد فيه, بل من مرتكزاتهم أنه يجب التعامل معه بكل ما يشمله معنى التدبر الوارد فيه من مصاديق, وغير ذلك من الشواهد ما لو أردنا إيراده لطال بنا الأمر.
والأمر بالتدبر يشمل مقارنة الآيات مع بعضها وفهم القرآن فهماً كلياً لا جزئياً, بل يشمل الاستعانة بنصوص السنة ولغة العرب وأساليبها, ولا يرجع الأمر إلى الاستعانة بالنصوص على النصوص إلى غير نهاية كما تدعي! بل هو الاستعانة والتعرف على القرائن المختلفة وهو فعل طبيعي عند كل البشر, ثم إن في السنة ما يكفي للوقوف على المعنى المراد وهو حجة, فلا يستمر الامر إلى ما لا نهاية حتى تدعي المشابهة للألغاز والطلاسم, فالسنة شارحة للقرآن لا تفرق حجيتها عن حجيته, فلاحظ.
ودعواك: ((أن تأتي النصوص الكلية والأصول في الإسلام ظاهرة محكمة...الخ)) حسبما تقصده من معنى وضوحها, ليس لها مورد واحد على اطلاقه في القرآن, وإلا لما أختلف المسلمون في أبرز مسائل التوحيد بين مجسم ومشبهة ومنزه, وكلهم يستدلون بآيات القرآن.
فقل لي بربك أتدعي مثلاً أن الآية (( عَلَى العَرشِ استَوَى )) (طه:5) أو (( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) (القيامة:23) نص ظاهر في القرآن؟ وإلا كيف تفعل بقوله تعالى: (( لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) (الشورى:11)؟! وإذا حاولت أن تجمع بين هذه وهذه فهذا الذي فررت منه وقلت أنه ألغاز وطلاسم.
إنّ القرآن حمال أوجه كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما أمر ابن عباس بمناظرة الخوارج بالسنة لا بالقرآن.
ومع ذلك فنحن لا ندعي عدم وضوح القرآن بحسب الظاهر وانه غير حجة ـ معاذ الله ـ, وإنما نقول: ان فيه علوماً واستدلالات تشمل كل العلوم, لا يعرفها على وجهها إلا الراسخون في العلم. كما لا ننكر وجود درجة من الوضوح في آياته تكفي للاستدلال والحجية في العقائد بما تكفي بإلزام المكلف بها يوم القيامة.
بل الذي ننكره وجود ما تدّعون وتقصدون من الوضوح, فإنكم تطالبون بنصوص توضح كل ما يخطر في أذهانكم, أو نصوص لا يوجد من لا يفهم معناها ولا يوجد من يخالفها كما تزعمون! فان مثل هكذا نصوص لا توجد في الدنيا! فما من نص مهما كان أحكامه إلا وتجد من يتأول أو يخالف فيه.
ونحن لا ننكر وجود آيات محكمة, فهي موجودة بنص القرآن, ولكن ننكر عدم وجود من يخالف فيها لشبهة ما أو لعصبية, وهذا لا يخدش في احكامها ووضوحها ودلالتها وحجيتها, فالأمر كما قلنا في البديهي أنه لا يخدش فيه إن أنكره منكر.
فليس النص الواضح بالتشهي وإنما بمقدار وضوح الدلالة عند أهل اللسان بما يكفي في الحجية, فقوله تعالى: (( وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )) (السجدة:24) نص واضح ظاهر محكم في الدالة على الإمامة وإن أنكرته كما هو الحال في قوله تعالى: (( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الأمر منكم )) (النساء:59) وإن جادلت في مصداق أولي الأمر.
وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) نص واضح ظاهر محكم جلي على الولاية والإمامة وإن أنكره منكر, أو أوردت عليه الشبهة لمدة ألف وأربعمائة سنة, ولا يخدش في وضوحه ودلالته إدعائك أنه يحتاج إلى استنباط أو إلى مقدمات من خارج, فإن ما تدعيه من الاحتياج إلى استنباط ليس إلا رد الشبهات عنه لا كونه استنباطاً بالحقيقة, وإن توهم ذلك بعد بُعد الزمان.
ونحن لا نستطيع أن نورد لك كل ما ندعيه لأن الأمر سيطول, ولكن لو بدأت معنا من البداية ونقحت المنهج المتبع لديك وحددت القواعد والأصول فيه لجاريناك فيه بالتدريج والأمر في بدايته لو أردت.
ثم إن قولك: ((النصوص الكلية والأصول)) ينقض كلامك! فما هو مرادك من الكلية؟ وما هو مرادك من الأصول؟ هل هما بمعنى واحد عندك, وهو القواعد الكلية مثلاً, أو تريد بالكلية أمهات المطالب وبالأصول أصول الدين مثلاً؟ وهلا سقت على ما تريد أمثلة.
وقولك: ((يفهمها كل الناس)), ليس على إطلاقه, بل المراد يفهمها أهل اللغة مستقيمي السليقة غير مسبوقين بالشبهة, وهذا واضح لا كل الناس على إطلاقهم عاميهم وخاصهم.
ويظهر في قولك: ((إنما يحتاج إلى الفقه والاجتهاد في المسائل الفرعية...الخ)), خلطك بين معنى الاستنباط المصطلح في الفقه والأصول, وبين الاستدلال في العقائد.
الثاني عشر: قولك: ((ولذا أيها الأخوة تأملت كثيراً في أصول مذهبكم وأصول مذهب السنة فوجدت أن الاصول في السنة كلها مقبولة عقلاً وشرعاً والأدلة عليها محكمة....الخ)). هذا هو الذي أردنا تنبيهك عليه من عدم الحيادية!! وإلا ماذا تسمي إرسال الدعوى بدون دليل؟! فهلا ذكرت الأمثلة لتوضح ذلك؟
ومثل ذلك قولك: ((بخلاف أصولكم التي لا تصح إلا بمقدمات خارج الدليل بحاجة إلى دليل آخر وذلك بأطراد)), فهلا مثلت لذلك مثالاً؟
ولنذكر نحن لك المثال: فان أبرز العقائد المختلف عليها بيننا هو أصل الإمامة والحاكمية بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), فهلا بينت لنا ما هو الدليل الواضح على اعتقاد أهل السنة بالشورى أو بيعة أهل الحلّ والعقد أو بيعة الواحد أو الاستيلاء بالقوة على السلطة من القرآن كما تدعي؟ أليس ما نذكره نحن من الآيات في الإمامة أقوى وأوضح وأحكم وأكثر مما تدعونه في الشورى! بل لا يوجد أي استدلال ببيعه أهل الحل والعقد وعددهم وشروطهم مثلاً, فهلا أنصفت!!
وقولك: ((ويعلم الله أنني مع كثرة اطلاعي وقراءتي في كتبكم ومراجعكم)), لا نستطيع أن نصدقه!! إذ على الأقل كان يظهر في كلامك إدراك ولو بسيط لأصولنا ومنهجنا في العقائد, وهذا ما لم نجد منه شيئاً في ما قلته, بل بالعكس وجدنا عدم فهم بل عدم معرفة واطلاع عليها!
الثالث عشر: ((قولك لم أجد دليلاً واحداً خاصة من القرآن مستقلاً بذاته...)), دعوى لا نريد أن ندخل في تفاصيلها الآن, وإلا كان لابد من تحديد المراد من إستقلالية الدليل في القرآن أولاً, وهل يوجد مثل ذلك عند المقابل؟ ثم هل يوجد مثل هذا الدليل عند الشيعة أو لا؟
ولكن نريد أن نعرف لماذا القرآن والقرآن فقط؟ فهل هذا تطبيق لمقولة ((حسبنا كتاب الله)), أم ماذا؟! وإذا فرضنا وفرض المحال ليس محال أنه لا يوجد في القرآن دليل على عقيدة ما ووجد ذلك الدليل في السنة, فهل نسقط هذه العقيدة ونرمي السنة وراء ظهورنا؟ هذه أسئلة نحتاج إلى جواب فيها منك لكي تحدد لنا منهجك, إذ في ذلك مفارقة لم يلتفت إليها مدعيها أو لا يريد الإلتفات إليها لما فيه نقض غرضه من اللجاج مع الشيعة.
الرابع عشر: قولك عند كلامك عن كتاب العلامة الحلي ابن المطهر: ((أورد المصنف أكثر من ثلاثين برهاناً على حد قوله من القرآن الكريم والغريب اني لم أجد برهاناً من تلك البراهين إلا في اخبار من كتب الثعلبي وابن نعيم فأين هذا القرآن)), بالله عليك! ألم يستدل ابن المطهر الحلي مثلاً بالآية: (( إنّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55) على الإمامة؟ وهل احتاج إلى غير القرآن في تحديد معنى الولاية في (وليكم) بأنه الدال على الإمامة؟ وهل استدل بغير (إنما) في الآية على الحصر؟ وهل استدل على تحديد صفة الولي بعد النبي(صلى الله عليه وآله) بغير قوله في الآية: (( وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) ؟.
ولا أظنك إلا ستنتفض وتقول: انه لم يحدد المراد بهذا المصداق وانه علي (عليه السلام) إلا من السنة, ونسيت أنه أولاً ذكر لمورد النزول - وكل آية في القرآن فيها مورد للنزول وهو غير خارج عن القرآن - ثم انه تحديد للمصداق الخارجي لفاعل التصدق لا لصفات الإمام التي تكفل القرآن بذكرها ولا لمفهوم ومعنى الإمامة الكلي فانه معلوم من الآية.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
وهو المراد الأصلي من ذكره في أصول الدين, فلا تغفل.
وأما ايراده الروايات من طريق أهل السنة كالثعلبي وأبو نعيم فما هو إلا للإلزام لا غير, وإلا فنحن لا نحتاج إلى تلك الروايات فإن عندنا ما يغنينا عنها.
الخامس عشر: قولك: ((فأقول أيها الأخوة لماذا الأتكاء على أمور محتملة وجعلها من أصول الدين)), نحن لا نعتقد بأمور محتملة, فإن العلم والقطع شرط عندنا في العقيدة, ولو كنت اطلعت على كتب الشيعة كما تقول لعرفت ما نشترط في صحة العقيدة.
وربما تقول: انها محتلمة عندي. فهلا احتملت أيضاً عدم فهمك للأدلة أو عدم استقصائك لها أو إنك لا تؤمن بها لوجود شبه في مقابلها عندك؟
السادس عشر: هنا ذكرت عدة نقاط زعمت أنها من الواقع, وحاولت أن تجعلها نقوضاً على القول بالعصمة, ونحن سنجيبك عليها كما وعدناك:
1- هذه النقطة فيها عدة أمور: فيها قولك: ((تولي علي الخلافة بعد مقتل عثمان وكانت الأمة واحدة موحدة مجتمعة على إمامها)), إن كنت تقصد أنها كانت موحدة قبل تولي الإمام (عليه السلام) مباشرة, فمن يا ترى قتل عثمان؟! أليس الصحابة اشتركوا في قتله وقتله أهل مصر والعراق!
وإن كنت تقصد أنها اجتمعت على خلافة من كان قبله, فهذا محض إدعاء, فلا هم أجتمعوا في بيعة أبي بكر يوم السقيفة التي خالف فيها الأنصار وتخلف عنها بنو هاشم وعلى رأسهم علي (عليه السلام), ولا أجتمعوا على بيعة عمر وإنما ولاه أبو بكر عنوة وعلى كره من المسلمين حتى عاتبه عبد الرحمن بن عوف على ذلك, ولا اجتمعوا يوم الشورى حينما جمعها عمر بين ستة دون المسلمين وأمرهم بقتل من خالف وكانت على مكيدة منه ومن عبد الرحمن وكره من علي (عليه السلام), ولم يجتمع من بيده البيعة من الأنصار والمهاجرين ومعهم من جاء من مصر والعراق على بيعة سوى بيعة علي (عليه السلام) العامة في المسجد, فراجع السيرة والتاريخ ثم تكلم!
وإن كنت تقصد أن الأمة كانت مجتمعة بعد بيعتهم للثلاثة المتقدمين وفي زمن حكمهم, فلعمري هذا لا يعطي الحجية لولاية أحد! فان أخذ البيعة بالإكراه من الآخرين حتى يستتب الأمر لمن أستبد به مناقض لشرع الله والإسلام, وستكون حجة لكل متغلب بعدهم, وهو ما دعاه معاوية بعد أن قاتل الحسن (عليه السلام) واستخدم كل وسيلة لإجباره على الهدنة وهذا ما حصل.
ومن هذا يظهر ما في قولك: ((فصارت الأمة ثلاثة أقسام مع علي...)) من كذب على الواقع والحقيقة! فمتى أصبحت الأمة ثلاثة أقسام؟!! هل في البيعة لعلي (عليه السلام) في المسجد؟ أم بعد أن عصى معاوية ولم يبايع للخليفة الحق كما هو رأي إجماع المسلمين؟ فاستقلال معاوية في الشام بعدم البيعة لا يجعله ومن معه قسم من الأمة لها حرية في أن تنقض البيعة بعد أن بايع أهل الحل والعقد حسب مباني أهل السنة, أم أصبحوا ثلاث فرق بعد خروج أم المؤمنين عائشة مع طلحة والزبير إلى البصرة؟ فهل يا ترى يحق لأم المؤمنين الخروج على الخليفة الشرعي؟ أو هل يحق لطلحة والزبير نقض البيعة؟ وهل يصبحوا عند ذلك فرقة يعتد برأيها وخلافها؟.
نعم, ان من كانوا ظاهراً من المسلمين انقسموا في خلافة علي (عليه السلام) على الباطل وخلافاً للحق وطمعاً في الدنيا, ولكن هذا لا يعطي الحجية بحيث يبنى عليه في إتخاذ موقف في العقائد وهو غايتنا, فلاحظ.
فقولك: ((قسم بايعه وقاتل معه)), فهم المجمعون على بيعته من أهل الحل والعقد.
وقولك: ((وقسم رفض مبايعته)), وهم أهل الشام, ولا يحق لهم ذلك في الدين بُعيد انعقاد البيعة الشرعية, فهم فساق عصاة خارجون على الإمام.
وقولك: ((وقسم لا معه ولا عليه وهم اكثر السابقين الأولين)), فهذا كذب صريح! فياليتك ذكرت هؤلاء السابقين الذين لم يبايعوا؟ فان من تخلف عنه هم سعد بن أبي وقاص وأسامه بن زيد ومحمد بن سلمة مع عدة آخرين, وهم ليسوا بكثير وإنما وصفوهم بالعدة, ولاهم بأكثر السابقين الأولين, فلماذا هذا التعامي والادعاء الكاذب على حقائق التاريخ؟
إن مبنى نقضك يتركز على قولك: ((كيف ساغ لأكثر الناس أن يتخلفوا عن البيعة))! وقد بينا لك عدم صحة ذلك, وإنما هي دعوى كاذبة لا تكون حجة لمدعيها يوم القيامة.
وقولك: ((ان يتخلفوا عن البيعة لإمام معصوم وقد بايعوا من لم يكن معصوماً قبله)), قد بينا ما فيه, فهم أولاً قد بايعوا بالإجماع إلا معاوية الذي استقل في الشام وأهل الشام تبعوه عن عمى لا يدرون شيئاً.
وثانياً: قد بينا كيفية مبايعة من كان قبله وهو غير معصوم.
وثالثاً: إن من كان يعتقد ويعرف أن الإمام (عليه السلام) معصوم وهو الأحق بالخلافة لم يبايع السابقين إلا بعد الإكراه كإمامهم علي (عليه السلام), ولم يتخلوا قاطبة عن بيعة علي (عليه السلام) وهم خلص أصحابه, والذي ندعي نحن الشيعة أنهم سلفنا, وأما الجمع الغفير من المسلمين غيرهم فقد بايعوه بيعة عامة لما يظنون من أنها تعطي الحجية لمن يبايعون ليكون خليفة, فلم يكن لهم أحسن من علي (عليه السلام) بعد مقتل عثمان, ونحن لا ندعي أن كل من بايع علياً(عليه السلام) فهو من الشيعة, فلاحظ ولا تتعجل.
وأمّا قولك: ((ولماذا لم يحتج عليهم علي بأنه معصوم واجب البيعة), فمن اعجب العجب!! وكيف يحتج بالعصمة وهم رفضوا الأوضح والأصرح منها وهو تولية النبي(صلى الله عليه وآله) له يوم الغدير؟! ثم من قال لك أنه لم يحتج بالعصمة؟ ومؤداها في كلامه وهو كثير في احتجاجاته عليهم, بل أن فاطمة (عليها السلام) ذكرته لهم في خطبتها ونوهت به حسب مفاهيم القوم يوم ذاك.
2- يرحمك الله على قولك: ((لولا الحيلة الذكية من معاوية ومن معه في رفع المصاحف)), ولكن ننبهك أنها لم تنطل على علي (عليه السلام) وقد حذرهم منها وبيّن لهم أنها خدعة كما هو منصوص في كتب التاريخ, وان من انخدع بها هم ضعفاء العقول والإيمان من أهل الكوفة بقيادة الأشعث, وأما توقف القتال فقد كان بالإكراه منهم لعلي (عليه السلام) حتى أنهم هددوا بتسليمه الى معاوية وأحاطوا بخيمته إن لم يرجع الأشتر, وقد كان فتح الله عليه ووصل الى فسطاط معاوية واستعد معاوية للهرب, وإن الأشتر رفض الرجوع وقال أمهلوني ساعة للنصر النهائي, فأجابه علي (عليه السلام): أيهما أحب إليك أن ترجع بالنصر أو ترجع بقتل إمامك! وأمامك كتب التاريخ فانصفنا وأنصف نفسك.
ثم إن الإمام (عليه السلام) لم يوافق على التحكيم بعد أن لم يوافق على إنهاء القتال, ولكنهم أجبروه على القبول, بل رفضوا مرشحه للتحكيم وهو ابن عباس وأصروا على إختيار أبي موسى الأشعري تصوراً منهم بأنه منتهى في النزاهة والحيادية! وأنه خالف علياً (عليه السلام) واعتزله في القتال. فيالِ سذاجتهم وغبائهم مقابل دهاء معاوية واختياره لعمرو بن العاص الغادر, ثم رجعوا يتلاومون بعد التحكيم. ولم يبايعوا معاوية كما أدعيت! وإنما بايعه أهل الشام بالخلافة على باب اللّد, وقد نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على وجوب قتل الثاني الذي يبايع بالخلافة كما في الصحيح عندكم وعلي (عليه السلام) لم يزل خليفة حينذاك.
والحكمان وان اتفقا على عزل علي (عليه السلام) ومعاوية, ولكن العزل وقع من أبي موسى فقط وغدر به عمرو بن العاص, وقد كان عملهما معاً خلاف القرآن, لأن علي (عليه السلام) اشترط عليهما أن يحكما بالقرآن لا بغيره, فلاحظ.
ومن هنا يتضح ما في قولك: ((جرى الصلح بموافقة علي أم لا؟)), من مجانبة للحقيقة, فإنه (عليه السلام) لم يوافق على الصلح, بل أجبر عليه أولاً, ثم إنه شرط عليهما عدم الخروج عن القرآن ثانياً.
ومن المضحك القول بأن عمل المعصوم يجب أن لا يخضع للإكراه والإجبار والإضطرار! فهل راجعت سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو الأنبياء السابقين قبل أن تحكم؟!! ثم أي حزم تريد من علي (عليه السلام) بقولك: ((بل كان الحزم من علي أن يكمل معركته)) بعد أن هدد بالقتل أو التسليم لعدوه وانقسم الجيش ووقعت الفتنة؟!
فهل العصمة تنتقض بالعمل الإختياري أو بالعمل الإضطراري والإكراه؟ راجع تعريف العصمة لو كان عندك وهم في ذلك؟ وهل خالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) العصمة عندما صالح المشركين في الحديبية أو لا ؟ وأين كان حزم رسول الله (صلى الله عليه وآله) - نعوذ بالله - على فرضك؟ والأمثلة أكثر من أن تحصى.
وهل ضعف جانب الحق لقوة أهل الضلال يخدش العصمة؟ فعلى هذا لم يبق نبيّ معصوم, لأن أكثرهم وصلوا إلى جانب من الضعف في الموازين الدنيوية حتى قتلوا, والقرآن ينص على إستضعافهم بآيات عديدة فهل راجعتها؟
ثم من قال لك اننا ندعي أن أصحاب علي (عليه السلام) الذين بايعوه بالخلافة وقاتلوا معه كانوا يعتقدون بالعصمة, وهل يعقل مثل هكذا إدعاء بعد وضوح خلافهم في صفين في قصة التحكيم ورفع المصاحف! فما فرعته من ثانياً ليس به بالغ الحجة علينا إلا في ذهنك ووهمك!
وإذا كان معظم أصحابه لا يعلمون شيئاً عن عصمته بل عن إمامته الإلهية سوى أنه خليفة بايعه المسلمين, فما هي الحجة علينا في ذلك؟ بل أن أكثر المسلمين الآن لا يعتقدون بعصمة النبي(صلى الله عليه وآله) إلا في التبليغ؟ فما هي الحجة علينا من إعتقادهم بعد أن كانوا مخطئين؟
وما ذكرنا يتضح أن علياً (عليه السلام) لم يوافق على الصلح وإنما أجبر ولم يوافق على أبي موسى الأشعري, بل كان يعرفة بالخيانة والغفلة وقد نبه أصحابه على ذلك ولكنهم أصروا عليه, ويظهر أيضاً أن رأي علي (عليه السلام) من البداية كان هو الصواب وانه يتكلم عن علم ودراية بما سدده الله من العصمة, وحاله حال الأنبياء المعصومين عند عصيان أممهم ليس عليهم إلا إقامة الحجة وبذل الجهد معهم ما استطاعوا, وليس في الأمر اجتهاد أو إجالة فكر وتصويب رأي.
وظهر أيضاً وضوح موقف الشيعة في فهم تلك الأحداث حسب مبناهم بعصمة الإمام (عليه السلام), وأنه لا إشكال في أن يكون الإمام أو النبي (صلى الله عليه وآله) مقهوراً, وهي سنة من سنن الله, وان العصمة لطف من الله للأمة يكون في تصرفات الإمام يحصلون عليه لو أطاعوا إمامهم, وليس القول بثبوت العصمة للإمام يلزم منه القول بوجوب وقوع الطاعة من قبل المكلفين بالجبر, وإنما معرفتهم بالعصمة وترتيب أثرها عنهم يكون بالإختيار حاله حال ما وضعه الله من العقل في نفوسنا إذا استخدمناه فلحنا وإذا عزلناه سقطنا, وليس لقائل أن ينفي وجود العقل لما يجده من إعراض الناس عنه.
وأما ما دعيته على علي (عليه السلام) من أنه: ((لا يمانع ولا يمتلك من أمر نفسه شيئاً مع معرفته بالحق ولكنه يسلك معهم حيث يريدون بخلاف الحق الذي يعلمه)), ليس بصحيح بأن خطأه وبطلانه مما قدمنا.
وقولك: ((وان الأئمة الثلاثة السابقين مع كونهم ليسوا معصومين لكن حال الأمة معهم أصلح وأقوى...)) غير صحيح أيضاً! بل كان أمر الأمة إلى سفال بعد أن انقلبت بعد وفاة نبيها وما جرى في زمن علي (عليه السلام) إلى زماننا مما جنته أيديهم لما عملوا بآرائهم واختيارهم مقابل اختيار الله, وهل كان يصل حال المسلمين لما وصل إليه الآن لو لا ما فعلوا من غصب الخلافة! وقد اخبرتهم فاطمة الزهراء (عليها السلام) بذلك في خطبتها المشهورة, فراجع.
ونشوء الدول وبقائها وقوتها لأمد محدود ليس راجعاً لعصمة الإمام, وإنما صلاح الدين والاستقامة على الطريق ومن ثم صلاح الدنيا مرتبط بعصمة الإمام والرئيس, ولم يكن حال الأمة قبل المعصوم أفضل وأقوم, وإنما كان ينقص عندهم الدين من أطرافه وتحرّف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريعته شيئاً فشيئاً حتى ثار المسلمون على عثمان, ولولا ما مهد له ولمعاوية من كان قبله لما وصل الأمر إلى هذا الحال من الفتنة, فجهد المعصوم لرد المسلمين إلى طريق الحق ما إستطاع ولكن سنة الله قد مضت في الأولين والآخرين.
3- فيما قلته أخيراً: ((قد تقولون ما اعتدنا عليه دائما من أن كل تلك الأمور التي جرت على علي كان يعلمها ويرضاها لأنها مما كتبه الله عليه وعلى الأمة)), فهو صحيح, من جهة أنه (عليه السلام) يعلمها مما علمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره به, وهذا ليس ببعيد وعندنا عليه أدلة كثيرة, بل بعضها في روايات أهل السنة. وأما إنه يرضاها فليس معناه أنه يوافق عليها, وإنما معناه أنه راضٍ بقضاء الله مسلم لأمره صابر على ما يبتلى به, لا أن رأيه كان مطابقاً لما حصل كيف وبعضها كان فيه معصية لله من قبل الأمة, فكيف يرضى بها ونحن نقول بعصمته؟! فتأمل. ولا تتقول علينا ما لا نقوله!! والأمر ينطبق تماماً على ما فعله الحسين (عليه السلام) فهو راضٍ بالقضاء الذي يعلمه الله قبل خلق الخلق وهو لا يريد شيئاً ولا يشاء إلا ما شاء الله. فما توهمته ليس في محله.
نعم, إن الله لا يرضى إلا بالطاعة, ومن قال لك إن المعصومين لم يرضوا بالطاعة؟! أو لم يجروا عليها طيلة حياتهم؟ بل من قال لك أنهم رضوا بالمعصية؟ فان وقف القتال في صفين بعد أن أجبر عليه وأكره غير خارج عن رضى الله وليس هو معصية كما كان حال الصلح مع قريش يوم الحديبية من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله), فما أضطر إليه المعصوم ليس بمعصية وهو رضا الله من جهته, وأما من جهتة الأمة فهو معصية يحل بها عليهم غضب الله.
وكيف لم تنفع علي (عليه السلام) عصمته هنا!! وهو قد بين للأمة الخطأ فيما تفعل وحاول جاهداً منعهم من النكوص والمعصية مبيناً لهم الصواب في الرأي, ولم يمض معهم في خطوة ولو صغيرة إلا بعد أن يجبروه, فكان لا يتخذ رأياً كلياً عاماً وإنما يتدرج معهم مرحلة مرحلة حتى إذا أجبروه أنتقل إلى مرحلة أخرى محاولاً تفادي الخطأ فيها وهكذا, مبيناً لهم أن رضا الله كان في قتال البغاة وأنهم أضر على دين الله وأكثر مفسدة من مفسدة القتال.
ولا نعرف كيف أصبحت المعصية والمكر حجة لمعاوية حيث قلت: ((وكان ذلك حجة لمعاوية ومن معه ممن قاتل عليّاً))؟!! نعم, إن الباطل يحتج بكل شيء, وكلامنا في الحجة الشرعية المرضية عند الله وهي كانت مع علي (عليه السلام).
ثم لو فرضنا أن عليّاً (عليه السلام) فعل ما تراه أنت صواباً ولم يوافق على التحكيم مجبراً, أليس كانوا قد قتلوه أو سلموه وأصبح حاله حال عثمان بعد أن أجمع المسلمون على قتله وليس له حجة, كيف؟! وبما فعله علي (عليه السلام) استمرت الحجة وبان الحق ووضح إلى هذا اليوم.
ودمتم برعاية الله
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
السؤال: آية التطهير خاصة لا تشمل أزواج النبي (صلى الله عليه واله) على كل الوجوه
السلام عليكم
ابعث تحياتي لكم واقدم لكم جزيل الشكر لجهودكم الكثيرة التي تبذلونها ولاسيما على موقعكم في الانترنت.
جاء في كتاب الكافي المجلد الاول صفحه 287 باب (ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة عليهم السلام واحدا فواحد) الحديث رقم واحد (صحيح الاسناد):
عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير: قال، إن الامام الصادق (عليه السلام) (بعدما نَقَلَ حديث الثقلين عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) قال: فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يبيّن من اهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان ولكن الله عزوجل أنزله في كتابه تصديقاً لنبيه (صلى الله عليه وآله) (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )) فان علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت ام سلمة ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت: أم سلمة ألست من اهلك? فقال: إنك الى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي.
1- ماذا يقصد الامام الصادق (عليه السلام) بقوله: (لكن الله عزوجل أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه)?
هل يقصد بأنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) دعا الله عزوجل بأن يذهب عن أهل البيت الرجس، ثم انزل الله عزوجل هذه الآية تأييداً لرسوله (صلى الله عليه وآله) أم نزلت الآية أولاً ثم دعا الرسول هذا الدّعاء?
2- ما هو معنى كلام الرسول (صلى الله عليه وآله) الى ام سلمة: (انت الى خير) أو (على خير)?
لأن هذا الحديث يوجد في سنن الترمذي وباقي كتب السنة ولكن لم توجد فيه عبارة: (ولكن هؤلاء أهلي وثقلي)? بل جاء فيه فقط: (أنت على مكانك وأنت على خير). وانا لم افهم معنى هذه العبارة هل تكون المعنى:
يا أم سلمة انتي من أهل البيت ولا حاجة بمجيئك تحت الكساء (كما ورد في بعض كتب السنة) ولا تحتاجي أن أدعو لكي? أو تكون المعنى:
انتي لا تكوني من أهل البيت بل انكي على المنهج الصحيح والى خير. (كما ورد هذا المعنى في كتب الشيعة وبعض السنة).
وإنّ حديث الكساء مع روايته بالفاظ اخرى مثل: (انت من أزواج النبي ولكن هؤلاء أهل بيتي) أو قول أم سلمة: (وا... ما انعم رسول الله) أو عبارة:
(فجذبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من يدي وقال انك على خير) أو عبارة: (فَوددت أنه قال نَعَم، فكان احبّ اليّ ممّا تطلع عليه الشمس واغرب) ومثل هذه العبارات، لا تمتلك السند الصحيح عند أهل السنة ولا تعتَبَر عندهم وليست من الاحاديث التي يمكن الاستدلال بها عليهم.
3- إن المفسرين من أهل السنة، لا ينكرون حديث الكساء بل يقولون بأن هذا الحديث لا يحصر أهل البيت في (علي وفاطمة والحسن والحسين). مثلاً: طاهر ابن عاشور (وهو من العلماء السنة الذين عرفوا بعدم التعصب، حتى انه حلّل زواج المتعة طبق الفقه الشيعي وطبقاً للآية من سورة النساء) يقول في كتابه التفسيري: التحرير والتنويل، في تفسير الآية: (وقد تلفق الشيعة حديث الكساء، فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أنّ ازواج النبي (صلى الله عليه وآله) لسن من أهل البيت وهذه مصادمة للقرأن بجعل هذه الآية حشوا بين ما خوطب به أزواج النبي وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف (يعني كلمة أهل البيت) على أهل الكساء اذ ليس في قوله هؤلاء أهل بيتي صيغة القصر هو كقوله تعالى (إن هؤلاء ضيفي) ليس معناه ليس لي ضيفاً غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها. ويظهر ان هذا التوهم من زمن عصر التابعين وأن منشأ قرائة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها. ويدل لذلك ما رواه المفسرين عن عكرمة أنه قال: من شاء بأهلية أنها نزلت في ازواج النبي (صلى الله عليه وآله) وأنه قال أيضاً: ليس بالذي تذهبون اليه إنما هو نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وانه كان يصرخ بذلك في السوق.
وحديث عمر بن أبي سلمة (الذي رواه الترمذي) صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء وانها نزلت في بيت أم سلمة. وأما ما وقع من قول عمر بن أبي سلمة أن أم سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله?... فقال: أنت على مكانك وأنت على خير. فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة لأن النبي (صلى الله عليه وآله) انما أراد ما سألته من الحاصل لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها فليست هي بحاجة الى الحاقها بهم، فالدعاء لها بأن يذهب الله عنها الرجس ويطهرها دعاء بتحصيل أم حصل وهو مناف بآداب الدعاء كما حررّه شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبي (صلى الله عليه وآله) تعليما لها. وقد وقع في بعض الروايات أنه قال لافم سلمة: إنك من ازواج النبي. وهذا اوضح في المراد بقوله انك على خير ولا استجاب الله دعاءه كان النبي (صلى الله عليه وآله) يطلق أهل البيت على فاطمة وعلي وابنيهما، فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يمر بباب فاطمة ستة اشهر اذا خرج الى صلاة الفجر يقول: (الصلاة يا أهل البيت) إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا.
(قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
من أين نستطيع أن نعرف (على اساس مصادر اهل السنة) بأن أهل البيت (عليهم السلام) منحصرين في خمسة اصحاب الكساء?
4- بالنسبة الى تفسير عكرمة للآية على إن الآية نزلت في نساء النبي:
نحن نردّ عليه بأنه كذّاب وانه من الخوارج، اما علينا أن نعرف بأن عكرمة لم يخص نساء النبي بكونهم اهل البيت فقط بل يقول بأن الآية نزلت في نساء النبي ويقول بدخول علي وعائلته تحت عنوان أهل البيت بدليل حديث الكساء وهذا لا ينافي كون الآية نازلة في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) ومن جهة اخرى: ان عكرمة نقل احاديث كثيرة في فضائل أهل البيت (عليهم السلام) (وانا شاهدت الكثيرة منها في كتب السنة) ومن جهة افخرى إنهف كانَ من الافراد الموثقين عند الامام الباقر (عليه السلام) (كما ورد هذا الامر في كتاب التفسير والمفسرون للشيخ معرفت) حيث يقول:
ويبدو من روايات اصحابنا الامامية كونه (يعني عكرمةء من المنقطعين الى ابواب آل البيت العصمة، وفقا لتعاليم تلقاها من مولاه ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ فقد روى محمد بن يعقوب الكليني باسناده الى ابي بصير، قال: كنا عند الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وعنده حمران، اذ دخل عليه مولى له، فقال: جعلت فداك، هذا عكرمة في الموت، وكان يرى راي الخوارج، وكان منقطعاً الى أبي جعفر (عليه السلام). فقال لنا أبوجعفر: انظروني حتى ارجع اليكم، فقلنا: نعم فما لبث ان رجع، فقال: اما انّي لو ادركت عكرمة، قبل أن تقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها، ولكنّي ادركته وقد وقعت النفس موقعها: قلت: جعلت فداك، وماذا الكلام? قال: هو ـ والله ـ ما انتم عليه، فلقّنوا موتاكم عند الموت شهادة ان لا اله الا الله والاقرار بالولاية.
في هذه الرواية مواضع للنظر والامعان: اولا دخول مولى أبي جعفر بذلك الخبر المفاجئ، منقطعاً الى أبي جعفر، يؤيّد كون الرجل من خاصة اصحابه، ولم يكن يدخل على غيره، دخوله على الامام (عليه السلام).
واما قوله: وكان يرى رأي الخوارج، فهو من كلام الراوي، حدسا بشأنه، حسبما املت عليه الحكايات الشائعة عنه... الى آخر كلامه الذي يدافع فيه عن عكرمة بشدة ويأتي ايضاً بكلمات العلامة الشوشتري حول الدفاع عن عكرمة والشوشتري هو الذي كان يخالف المجلسي حول عكرمة.
اذا كان عكرمة ممتاز بهذا الشخصية وهذه المنزلة عند الأئمة، فلا نستطيع أن نصفه بالكذاب ونسمّيه بالخارجي بل علينا أن نقبله بعنوان راوي، قال بنزول الآية في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وروى عن ابن عباس ما يؤيّد رأيه.
وقول عكرمة بكونه حاضر للمباهلة مع مَن لا يعتقد بنزول الآية في نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، موجود في كتب أهل السنة باسناد صحيح
- اقتباس
- تعليق
تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
أنشئ بواسطة مروان1400, 03-04-2018, 09:07 PM
|
ردود 13
2,137 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة مروان1400
11-06-2020, 12:38 AM
|
||
الشيخ السني د.العزاوي بأمر الله بويع علي بالغدير فشك الحارث فقذفه الله بحجارة فنزلت سَأَلَ سَآئِلُۢ بِعَذَابٖ وَاقِعٖ
بواسطة وهج الإيمان
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
|
استجابة 1
76 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة وهج الإيمان
13-06-2025, 09:53 PM
|
||
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-08-2019, 08:51 AM
|
ردود 2
343 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة وهج الإيمان
اليوم, 01:11 AM
|
تعليق